عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2011, 03:14 PM   #2
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الباحث عبدالناصر المودع لـ"المصدر أونلاين": سيطرة الأقارب على الدولة والثروة في اليمن أكثر من مصر وتونس
قال إن على المشترك مواصلة التظاهر لأن قوته هي التي ستحقق مطالبه لا أخلاقه


المصدر أونلاين ـ حاوره / علي الفقيه

يرى الباحث والمحلل السياسي عبد الناصر المودع أن النظام الحاكم في اليمن لا يختلف بتاتا عن نظيريه الساقطين في تونس ومصر من حيث استيلاء الأقارب والموالين على السلطة والثروة وتحكمهم في مصائر الشعوب، ويكاد يجزم بأن النظام في بلادنا إذا لم يسارع الى اتخاذ خطوات إصلاح حقيقية وجادة فإنه يتجه نحو حتفه وإن كان يفضل الحديث عن نموذج يمني للتغيير يختلف عن مصر وتونس.



يرفض تسمية ما ورد في خطاب الرئيس أمام مجلسي النواب والشورى مبادرة لكنه يرى أن فيها ما يمكن البناء عليه إذا ما توفرت القناعة لدى النظام وواصلت المعارضة ضغطها على الرئيس وحزبه لتوفير ضمانات عملية لتحويل تلك النقاط الى خطوات عملية.



ومع تأكيد المودع على أن مشروع التوريث في الوطن العربي ومنها اليمن سقط إلا أنه يتفق مع طرح قيادات في المعارضة الداعي الى إبعاد الأقارب والأصهار من المناصب القيادية في السلكين المدني والعسكري وإعادة الإعتبار للمعايير الموضوعية في تولي المناصب الرسمية بدلا من معايير القرابة والولاء.



يتحدث المودع في هذا الحوار مع "المصدر أونلاين" عن استحقاقات المرحلة القادمة في اليمن والعوامل المحلية والدولية الدافعة نحو تغيير اكتملت مقوماته..




* تحدث الرئيس أمام مجلسي النواب والشورى عن الأزمة التي تمر بها البلاد وقدم مبادرة وعروضاً لحلها فهل ترى أن تلك المبادرة كفيلة بإخراج البلد من الأزمة القائمة؟

- ما طرحه الرئيس في خطابه لا يمكننا أن نطلق عليها مبادرة والخطاب عبارة عن تنفيس للاحتقان، وليست مبادرة مكتملة وكان الهدف منها سحب القضايا التي تشعل الموقف في الوقت الحالي مثل قضية الانتخابات وقضية التعديلات الدستورية والقضية الأساسية المتعلقة بالتوريث والتمديد.



* لكنه سماها مبادرة...

- المبادرة تحتاج الى تفصيل أكثر، ولذلك كل نقطة من النقاط التي طرحها الرئيس تحتاج إلى تفسير: القضية الأولى ما يعنيه بتجميد التعديلات، حتى قضية توقيف الانتخابات وردت بشكل ضمني وإلى متى وماذا يعني أنه لن يرشح نفسه وما هي الإجراءات التي سترافق هذا التعهد أنه لن يرشح نفسه في 2013م ولا يسعى لتوريث ابنه لأن أكثر من تجربة وعد فيها أنه لن يرشح نفسه.



* تقصد أن عدم وجود الضمانات لتنفيذ هذه التعهدات يجعلها خطاباً لا ينم عن جدية الرئيس؟

- على المعارضة أن تسعى إلى إيجاد هذه التعهدات لأنه في العمل السياسي لن يكتفي أحد في التعامل مع خطاب ألقي أمام مجلس النواب والشورى في الوقت الذي كان مقاطعاً من قبل أحزاب المعارضة، ولنا تجربة سابقة كافية ولا أتوقع من أحزاب المعارضة أن تتعامل معها كمبادرة كافية ولكنها عبارة عن بداية عودة للحوار، هذا ما شددت عليه أحزاب اللقاء المشترك وأيضاً حتى العالم الخارجي تعامل مع الخطاب بأنه دعوة للعودة للحوار على أساس تجميد القضايا التي أوقفت الحوار.



* من وجهة نظرك ما هي الضمانات التي على المعارضة أن تسعى للحصول عليها من قبل الرئيس؟

- المعارضة بدأت تتحدث على أكثر من صعيد، أنه ولتأكيد مصداقية عدم التوريث أن على الرئيس أن يزيح من هم معنيون بالتوريث من المواقع القيادية التي يشغلونها في السلكين المدني والعسكري حتى تطمئن المعارضة الى أن مشروع التوريث انتهى.



* التقارير الدولية ترشح اليمن أنه البلد رقم 3 على قائمة البلدان المرشحة للانفجار على غرار ما حدث في مصر وتونس، فهل تعتقد أن هناك فرصة في اليمن لتكرار تلك التجربتين أم أن التغيير في اليمن يمكن أن يحدث بطريقة أخرى؟

- ما هو حاصل الآن في اليمن هو من تداعيات الزلزال التونسي والتسونامي المصري الذي أعقبه، فيما يمكن تسميته بداية ربيع الوطن العربي بل الشرق الأوسط بكامله بما في ذلك إيران، وهذا الواقع جاء متأخراً كثيراً لأن هذه المنطقة من ضمن المناطق القلائل على مستوى العالم التي لم يطلها التغيير، وطوال الحرب الباردة ظلت الأنظمة في المنطقة العربية والشرق الأوسطيه تعتاش على التنافس بين الكتلتين، وكان كل نظام سياسي يعتمد على كتلة لتحميه من تأثير الكتلة الأخرى وبالتالي فإن حالة الحرب الباردة حمت الأنظمة في الدول العربية والشرق الأوسطية من التغيير، لأنه كان كل طرف يعتبر أن أي ضغط على حلفائه يجير لصالح الطرف الآخر، وبعد انتهاء الحرب الباردة بدأ مناخ جديد يتطلب واقعاً سياسياً جديداً في هذه الدول وبدأت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وهي الدول المنتصرة والوحيدة التي تدير الشأن الدولي، بدأت تضغط نحو الإصلاح السياسي في هذه المنطقة، أتت أحداث مثل حرب الخليج وغزو الكويت وأتت قضية السلام كمعوق لأن هناك تطوراً لدى الطبقة السياسية في الغرب بأن من الأفضل أن يوجد السلام من قبل هذه الأنظمة المستبدة وبعد ذلك يتم الضغط باتجاه الإصلاح السياسي، هذه المعادلة فهمتها الأنظمة بما فيها الأنظمة التي تصالحت مع إسرائيل مثل مصر وعملت بشكل ضمني على أن لا تحقق السلام لأنها شعرت أن احتياج الغرب لها مرتبط بعدم تحقيق السلام.

وتحقيق السلام معناه أن هذه الأنظمة تعتبر مكشوفة أمام الغرب وسيطالبها بالإصلاح. وبهذا المنحى توقفت الإصلاحات لعدة أسباب: الأول السلام مع إسرائيل وهذا أدى إلى أن هذه الأنظمة لم تسع إلى إصلاحات وفضلت أن تبقى على لا حالة سلم ولا حالة حرب بغرض خدمة بقائها في السلطة.



العامل الثاني فزاعة الأصولية التي تم استخدامها وخطاب الأصوليين المتطرف في قضايا كثيرة ساهم في تحقيق هذه الفزاعة. فعلى سبيل المثال بعد انتخابات الجزائر سنة 91م اعتقد الغرب أن التحول الديمقراطي سيكون لصالح القوى الأصولية الإسلامية لهذا عملت على الضغط على الحكومة.



العامل الثالث وفي بداية الألفية دخل عامل جديد وهو عامل الإرهاب يعد 11 سبتمبر ووصل إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية تيار قوي يرى أن الأصولية سببها النظم الاستبدادية حتى وإن كانت هذه النظم نظماً علمانية.



وتحرك هذا التيار من أجل إحداث تغيير داخل المجتمعات العربية والإسلامية تجلى في أوضح صورة في غزو العراق وكان الهدف الأساسي من غزو العراق من قبل هذا التيار أن يحدث زلزالاً في المنطقة وإنشاء نموذج لدولة ديمقراطية في المنطقة تؤدي إلى إضعاف النظم الاستبدادية بل ويؤدي إلى انهيارها في نهاية المطاف.



أدركت النظم الاستبدادية هذه الخطوة الأمريكية فاضطر بعضها أن يتعاون مع الأمريكان في غزو العراق ولكنهم بعد غزو العراق عملوا جميعاً -رغم اختلافاتهم السياسية ورغم تحالف بعضهم مع الولايات المتحدة- على إفشال المشروع الأمريكي الديمقراطي في العراق، وعندما تورط الأمريكان في العراق بسبب هذا التدخل وبسبب سوء إدارة الأمريكان للشأن العراقي أصبحت الأنظمة في موقف أقوى في مواجهة الضغوط الأمريكية، لأن الولايات المتحدة أصبحت غير ميالة للضغط على هذه الأنظمة للتحول إلى الديموقراطية خاصة وأن النموذج العراقي أوضح لجزء من الطبقة السياسية التي كانت معارضة أو مترددة في غزو العراق بأن أي تفكيك للنظم الاستبدادية في الشرق الأوسط سيؤدي إلى الفوضى والنزاعات، وبمجيء الإدارة الأمريكية، أي نهاية عهد بوش وبداية عهد أوباما وصلت الأنظمة العربية إلى قناعة ولأول مرة، وهذه هي النقطة الأساسية التي أحب أن أركز عليها، لأول مرة وقبل الثورة التونسية وصلت الأنظمة العربية إلى حالة يقين شبه مطلق بل شعرت الأمان المطلق بأنها لم تعد مهددة بخلاف الحرب الباردة حين كانت تهدد من خلال القوى المتصارعة مثل الاتحاد السوفيتي وحلفائه والأمريكان، بعد الحرب الباردة هددت من خلال الضغط الغربي بإدخال الإصلاحات، بعد 11 سبتمبر هددت من خلال الاندفاعة البوشية في فترته الأولى، بعد هذا وصلت إلى حالة من اليقين والأمان والاطمئنان إلى أن هناك لن يحدث شيء، العالم الخارجي قد تم تحييده، والعالم الداخلي قد تم ضبطه والسيطرة عليه.



وبدأت تتصرف بعقلية الفائز الذي لا يخشى شيئاً، بدأ التبجح بالثروة والسلطة من قبل الأقليات الحاكمة يأخذ شكلاً غير مسبوق، وبدأ التعامل مع الدساتير وكأنها لائحة داخلية يتحكم بها القائد حسب مزاجه وبالصورة التي يريدها وبالطريقة التي يخرجها، يعني ما قاله سلطان البركاني من قلع العداد هذا كان ذروة الاطئمنان، يعني لا داعي لأن يكون هناك أي مبررات سياسية لإخراج عملية التمديد بالطريقة التي أتى بها المؤتمر، هذا الاطمئنان الكامل أوقعهم في مشكلة، ومن ثم جاءت الثورة التونسية فزعزعت كل هذا الاطمئنان وهزت كل هذا اليقين وجعلتهم في مواجهة خطر لم يعهدوه من قبل.



الخطر الأمريكي تم احتواؤه لأنه لا يمكن أن تأتي الديمقراطية عن طريق الدبابة الأمريكية وتحالف مع هذا الرأي الأنظمة الاستبدادية والمعارضة حقها مع مثقفيها، وكانت أقلية فقط التي أيدت الديمقراطية أن تأتي من خلال الخارج بينما تحالف معظمهم كيان المجتمع مع النظم الاستبدادية على رفض التغيير من الخارج، لكن الثورة التونسية وما تبعها من الثورة المصرية أتى بتهديد جديد غير مسبوق للأنظمة، هذا التهديد ترافق مع استدعاء -في الدول الغربية- للأفكار التقليدية التي تسود المجتمعات وبالتحديد الطبقة السياسية في الغرب والولايات المتحدة من أن الديمقراطية هي قدر كل الشعوب، وأن من مصلحتنا أن نطيح بأي نظام استبدادي مهما كان حليفاً لنا، لأن النظام الاستبدادي لا يخلق الاستقرار ولا المصلحة الدائمة لنا.



الآن أمريكا وخاصة بعد الثورة المصرية استثمرت هذا الواقع وبدلا من أنها كانت قد خسرت ترليونات الدولارات وآلاف الجنود بين قتلى وجرحى في حربها في العراق جاء لهم ما كانوا يخططون له وما كانوا يتمنون حدوثه مجاناً، وكان من الطبيعي أو يبدو -حتى الآن- أن تبدأ الولايات المتحدة والغرب باستراتيجية جديدة تتماشى مع هذا الواقع مفادها أن إحداث الإصلاح أصبح ضرورة، وهذا لا يعني إنهاء الأنظمة الاستبدادية بين عشية وضحاها لكن بداية إصلاحات حقيقية تؤدي إلى إقامة نظم ديمقراطية وإنهاء النظم الاستبدادية، هذا ما أستطيع أن أفهمه من التوجه الغربي في هذه اللحظة.



* هل تعتقد أن هذه الرغبة الخارجية توافقت زمنيا مع لحظة ظهر فيها جيل متحرر من كل المخاوف ولديه رغبة شديدة في إحداث التغيير؟

- هذا التحرك ما كان له أن ينجح لو لم يكن هناك حرية وثورة اتصالات ولو لم ينهار بن علي بتلك السرعة لأصبح حدثاً عادياً، لم يحدث في تونس أن هب الشعب محققاً معنى الثورة الكاملة الكاسحة، لكن الاحتقان السياسي هناك وصل الى مستوى كبير، وكما قلت التبجح في الاستيلاء على السلطة والثروة وصل مداه في هذه الدول وهي نماذج مكررة من بعضها، هذا الأمر دفع بالشباب ومن الفئات الجديدة إلى الاحتجاج لكن كان من الممكن قمعها لو لم تكن هناك وسائل إعلام ولو لم يكن الغرب قد بدأ يتردد في دعم هذه الأنظمة إلى ما لا نهاية في أن تقمع شعوبها، لم يكن هناك مبررات كافية للغرب في أن يدعم بن علي ليسحق الثورة بشكل عنيف وكامل، لكن لصدفة تاريخية ما انهار نظام بن علي، بعدها خلق انهيار حكم بن علي واقعاً ذهنياً جديداً ليس واقعاً مادياً، الواقع المادي لا زال. عندما نزل الشباب في 25 يناير في مصر نزلوا ونفس قوة حسني مبارك ونفس جيشه وقوات الأمن المركزي هي نفسها لم يتغير شيء هناك، الذي تغير هو الإحساس بأن هناك فرصة، وبسبب سوء إدارة نظام مبارك للاحتجاجات أدى إلى انهيار نظام مبارك، هذه الحالة خلقت أيضاً واقعاً ذهنياً جديداً لدى غيرها من الشعوب التي تأثرت بالكتلوج المصري والكتلوج التونسي وبعد فترة ربما تظهر عدة كتلوجات، هذا الواقع هو الشعور أنه بالإمكان الإطاحة بهذه النظم في شهر مهما يمتلك الواحد منها من إمكانيات.



* لكن كيف تفسر أن هذا التحرك القوي والمثمر جاء من جيل جديد كان عازفا عن السياسة وغير منضو في إطار الأحزاب التقليدية؟

- يصعب القول إن الذي قام بهذه الحركات هم فقط، ولكن يمكن أن يكونوا هم من أشعلها. الشباب استخدموا تقنيات الانترنت وطرق التواصل فيما بينهم ويعتبرون مهمشين من قبل الحكومات ومن قبل حتى المعارضة التي لم تكن تستمع لهم حتى تشعر أن معظمهم غير مسيس، ولكن بعد ذلك الذي استغلها وحركها هي القوى الأخرى داخل المجتمعات التي تستخدم الفعل السياسي، حالياً في مصر من بعد أن أشعلها الشباب صار ينظمها القوى المنظمة وتحديداً الإخوان المسلمين وبعض القوى الأخرى، وأيضاً من داخل مؤسسة السلطة نفسها تداعت ولم تعد في جانب النظام كما كانت، هذه التي حسمت الموقف بالإضافة إلى العامل الخارجي المهم جداً في الثورة المصرية وكان الدور الأمريكي واضحاً مع الشارع وأعطى رسائل لصالح المحتجين وضد مصلحة النظام بأنه تخلى عن هذا النظام وأنه أراد تغييره ووصل إلى حد ما يشبه التصريح الكامل بأنه يريد التغيير ، والتغيير معناه أن يتنحى الرئيس مبارك لكن القول بأنها تمت فقط من قبل الشباب بدون القوى السياسية.. الشباب لا يقوم وحدهم بالتغيير، والذي يقوم بالتغيير هو قوى التغيير وقوى العالم الخارجي والقوى السياسية التي تحدث عملية التغيير.



* الطريقة التي تم بها التغيير في تونس ومصر، هل ملائمة لأن يتم تكرارها في اليمن؟

- لا يمكن القول بأن هناك طرقاً ملائمة وطرقاً غير ملائمة.. الهزات الشعبية هي هزات شعبية لا يمكن أن تكون وفق الكتلوج التونسي أو المصري لأنه إذا حدث تغيير في اليمن فسيكون هناك كتلوج يمني، ولا يمكن القول بأن النظام في اليمن سينهار بالشكل الذي انهار عليه في تونس، ربما يصمد ربما يمتلك أدوات جديدة وهو بالفعل يمتلك أدوات غير التي كانت بيد النظام في تونس أو في مصر، والسلوك البشري سلوك لا يمكن التنبؤ به، إذا كنا نحن أنفسنا لا نتنبأ بسلوك أنفسنا، فما بالك بأن نتحدث عن مجتمع وعن بشر؟ لكن الذي حدث في تونس ومصر مصدر إلهام وهو مصدر إحساس ولا أعرف أن يكون صح أو خطأ بأن الأمر أشبه بمباراة قد تم حسمها، فهناك مباراة معروفة نتيجتها مسبقاً أنا وأنت وغيري اعتقدنا أنه في اليوم الثالث أن المظاهرات تضغط على حسني مبارك وأن عليه أن يستقيل ويرحل لأننا شعرنا أن المسألة صارت محسومة، هذا الاعتقاد يجعل الذي في محل الدفاع عن النظام يتفكك لأنه يشعر أنه يحارب في معركة محسومة نتيجتها وهي الهزيمة بينما تجعل المهاجم يشعر بأنه في مباراة قد عرف أنه حقق النصر وهذا يؤدي أحياناً إلى سرعة حدوث الثورة.. في تونس استغرقت الثورة حوالي 28 يوماً، وفي مصر في خلال 4 أو 5 أيام وهي الأقوى والأكبر في أدوات النظام بدأ النظام يتداعى ويتهالك ولهذا لا نستطيع أن نتوقع حدوث ثورة سريعة في اليمن، لكن الإحساس النفسي هو عامل مهم، والعامل الخارجي هو عامل مهم لأن المتظاهرين في الشارع يعتقدون أن العالم الخارجي قد رفع يده عن الدعم الذي كان يقدمه للنظام في السابق وهذا يقوي موقفهم في الإطاحة بأي نظام يريدونه.



* هل تعتقد أن خصوصيات يمنية من قبيل انتشار السلاح والتركيبة القبلية وسيطرة أقارب الرئيس على الجيش والأمن يقلل من فرص حدوث التغيير السلمي في اليمن؟

- طبعا، لنتصور الأمر بسيناريوهين عندما نتكلم عن سيناريوهين أقصد صور ذهنية مش توقع: السيناريو الأول أن انتشار السلاح وظهور القوى القبلية هذه العوامل تعمل على تقليل العنف، هذا أحد السيناريوهين لأن هناك توازن القوى وتوازن القوى هو أعظم حام للاستقرار في معظم المناطق حتى على مستوى الدول، إحساسي أنك تملك سلاحاً وأنا أملك سلاحاً، الدخول في لعبة السلاح معناه انتحار أيضاً كون الناس قبائل متوازنة قادرة على أن تضبط إيقاع عملها، وعمل خصمها ممكن يؤدي إلى عنف أقل وتوازن، أيضا سيطرة الأقارب على المؤسسة العسكرية والأمنية وفق هذا السيناريو قد يكون أسهل لأنها تخلق أقلية معزولة داخل هذا الجهاز وتشعر بأنه من حقه أن يغير هذا الواقع داخل هذه المؤسسة نفسها.



السيناريو الآخر، هو السيناريو المدمر، أن انتشار السلاح، انتشار القوى القبلية وتركيبة الجيش والأمن، هذه قد تكون عوامل مدمرة ومعيقة لإحداث التغيير وقد تخلق واقعاً معقداً ومدمراً، لا يستطيع أحد أن يقول إن هناك سيناريو واحد من هذه السيناريوهات سيتحقق.



وعلى كلٍ، كل الثورات كانت من قبل ضرباً في المجهول بمعنى أنه لم يكن يعرف من أشعل الثورة، ولكنهم من يخططون للواقع الذي يريدونه. الثورات تأتي في الغالب مفاجآت في أوضاع لم يكن مخططاً لها من قبل، من أشعلها وفي إيران؟ الذي أشعل الثورة كانوا القوى اليسارية والشيوعية ضد الشاه، وفي المراحل الأخيرة استثمرها رجال الدين والخميني ولأسباب ما صارت ثورة دينية ولأسباب ما تم استبعاد من قاموا بالثورة.



في اليمن مثلها مثل غيرها لو حدثت ثورة لا يمكن القول بأن هناك خطة يمكن اتباعها وأن نتحرك باتجاهها، وتبقى كل الأمور مفتوحة على احتمالات كثيرة.



* هناك من يفسر دعوة الرئيس لأن يدافع كل واحد عن نفسه أنها دعوة للمستفيدين من النظام والفاسدين والنافذين بأن على كل واحد أن يدافع عن نفسه وعن مصالحه وأن هذه الدعوة هي لحث كل هذه القوى على الدفاع عن مصيرها؟ كيف تقرؤها أنت؟

- من حيث المبدأ الدفاع عن النفس لا يحتاج الى موجه وكل الناس عندهم غريزة واستعداد أن يدافعوا عن أنفسهم في حالة تعرضهم للخطر، هذا من حيث القراءة الحرفية لهذا الكلام.. القراءة السياسية من قبل أطراف كثيرة بأنها دعوة لمراكز القوى ولفئات ما داخل المجتمع بأن هبوا وحاربوا قوى التغيير.



أقول إن سوء إدارة الأزمة هو الذي عجل بسرعة سقوط النظام المصري وأيضا التونسي، وأعتقد أن النظام في اليمن إذا أدار الأزمة بشكل سيء -وأقصد سيء فيما يتعلق بمصلحته- أنه يعمل خطوات وإجراءات تؤدي إلى خسائر لا إلى مكاسب.. وكنت قبل يومين في ميدان التحرير ووجدت ما سموا بالمعتصمين، والاعتصام عادة يتم من المعارضة ولا يأتي من المؤيد للنظام، هذا من المفارقة، وجدت دعوات بين المعتصمين أنهم لن يبرحوا مكانهم حتى يقبل اللقاء المشترك بمبادرة الرئيس وهذا طلب غريب بل مضحك، إذا كانت السلطة في اليمن ستدير الأزمة إذا واجهتها على نموذج ما حدث في التحرير فأنا أعتقد أنها بداية غير موفقة وبداية سيئة.



* الرئيس عبر في خطابه عن استعداده لتقديم التنازلات لصالح الوطن وقال إنه لن يكابر وسيقول للمشترك لبيك.. ألا تقرأ في هذا الخطاب ما يدل على أنه يتجه نحو مرحلة انتقال سلمي للسلطة؟

- طبعاً الكل يتمنى ذلك على الأقل من هم خارج السلطة بأن يكون هناك تغيير سلمي وهادئ وسلس وبأقل كلفة ممكنة لكن التاريخ لم يحدثنا بأن هناك نظم سياسية في عشية وضحاها تخلوا عن امتيازات وسلطات هائلة وموقع بهذه السهولة وبهذه البساطة، لهذا لا أتوقع بأن المعارضة في اليمن ستكون ساذجة سياسياً بحيث تتعامل مع الأمر بهذا الشكل وقد قلت في البداية بأنها تعمل على اشتراطات إجرائية وبمراقبة خارجية وضمانات لترجمة هذا الخطاب أو ما سمي بالمبادرة إلى واقع عملي، غير هذا فلا يمكن أن يحدث ببساطة لأنه لم يحدث في التاريخ أن تنازل حاكم عن امتيازاته.



* هل تعتقد أن فترة سنتين ونصف المتبقية للرئيس في السلطة كافية لترتيبات الانتقال السلمي للسلطة دون مخاطر؟

- عن نقل السلطة سلميا.. القضية ليست متعلقة فقط بالرئيس، أي نظام سياسي هو مكون من طبقة مستفيدة من بقاء هذا الوضع، الرئيس هو رمز لهذه الطبقة التي لديها مصالح متشابكة، حتى لو افترضنا أن الرئيس عنده هذه الإرادة الكافية هل سيكون عنده القدرة الكافية لجعل الطبقة هذه تقبل وتتنازل بسهولة وبدون أن تدخل معركة؟ أنا أشك .. أما قضية باقي سنتين أو سنتين ونصف فهي ليست قضية، الزمن لن يمثل مشكلة لو كان هناك توافق داخل طبقة نخبة الحكم ونخبة المعارضة على إحداث التغيير السلس والهادي.



لكن القضية: هل قد وصلت نخبة الحكم إلى قناعة بأن استمرارها في الحكم هو أكثر خطأ من تخليها عن الحكم؟ هذا سؤال أساسي، عندما تصل إلى هذه القناعة وقناعة حقيقية وتبدأ بعملية التفاوض الجاد فيما بينها ومع خصومها لعملية إحداث التغيير وهذا يبدو أنه -على الأقل وفق المعطيات الحالية - غير وارد حتى الآن.



* هل ترى أن على المشترك مواصلة برنامجه الاحتجاجي ومواصلة تحريك الشارع حتى يتمكن من الحصول على الضمانات لتنفيذ ما ورد في خطاب الرئيس؟

- طبعاً، في السياسة قوتك هي التي تحقق لك مطالبك وليست أخلاقياتك ولا قوة الحجة التي تمتلكها، بمعنى أن المشترك الذي يمتلك أدوات ضغط حقيقية على أرض الواقع سيحصل على ما يريد ويتعامل مع المؤتمر كند أو كطرف للحوار، لهذا أعتقد أن المشترك لن يتخلى بهذه السهولة عن الأدوات التي استطاع أن يكسبها خلال الشهر الماضي وهو الشارع، وهذا لا يعني أنه سيحرك الشارع بالطريقة التي حركت في السابق حتى الآن ولا بد أن يقوي اتصاله بالشارع حتى يستدعيه في أي لحظة وأن يرسل رسائل للشارع بأن المعركة لا زالت وأن ما حدث هو الجولة الأولى من الصراع، ويتم الإعلان عن جولات أخرى وبهذا سيضمن أن يتجاوب معه الطرف الآخر ومن الطبيعي أن يتصرف المشترك بهذا الشكل.



* ظل المشترك طوال السنوات الماضية يهدد باللجوء للشارع .. هل ترى أنه استطاع أن يحرك الشارع بالمستوى الذي كان يهدد به النظام؟

- طبعاً حتى الآن وبحسب قراءتي كمحلل لا أنتمي للمشترك ولا المؤتمر أجد أن المشترك تصرف بذكاء وبحكمة وبدهاء سياسي خاصة حين بدأ من المديريات وبدأ من الصعود من الأسفل، لأنه في بداية رفض المشترك للتعديلات الدستورية سمعنا عن هبة شعبية وتوقع الجميع أن المشترك بصدد القيام بمسيرة كبيرة في العاصمة وكان يبدو هذا خطأ سياسي لو تم بهذا الشكل، لأنك تستنزف كل أوراقك دفعة واحدة وفي وقت واحد إذا خسرتها خسرت، وخسرت جولة من الحرب، لكن المشترك تصرف بدهاء وبذكاء حين بدأ بعملية احتجاج صغيرة على مستوى المديريات كلفتها أقل، تأثيرها أكثر لأنها تصل إلى ناس لم يتعودوا على الاحتجاجات السياسية من قبل لأن الاحتجاجات تأتي في العواصم والمدن، أيضاً أعطى لهذه الفئات المترددة وغير المسيسة فرصة في الحضور والمشاركة، لهذا أعتقد أن المشترك أجاد في هذه الجولة ولو سألتني عن تقييمي للجولة الأولى من الصراع فإن المشرك هو الكاسب فيها.. كسب في النقاط.



* لكن الحزب الحاكم هو الآخر أقام مهرجانات في المحافظات ونظم مهرجاناً في العاصمة متزامناً مع مهرجان المشترك وبالتالي ليس المشترك وحده من يستطيع تحريك الشارع!

- في النظم الاستبدادية أو أي نظام غير ديمقراطي.. أي نظام حاكم يستطيع أن يحشد الملايين حتى يوم إعلان وفاته، ليست العملية صعبة أن السلطة التي تملك المال وتملك وسائل الترغيب والترهيب أن تحشد الملايين وهذه في علم السياسة ليس لها أي قيمة عملية، القيمة العملية للمحتجين وإصرارهم حتى ولو كانوا نسبة واحد إلى عشرة، بمعنى لو أن المؤتمر أخرج مليون متظاهر وأخرج المشترك مائة ألف متظاهر، في التقييم السياسي فإن المئة ألف متظاهر المستعدين للمواصلة إلى نهاية المطاف أقوى من المليون حق السلطة، أضرب لك مثال شاوشيسكو يوم رحيله.. الثورة حدثت يوم احتشد الملايين لتأيده وبدأت الثورة وهو يخطب في الملايين الذين حشدهم ولم تمض ساعات حتى أعدم..



ملايين السلطة ليس لها معنى مقابل آلاف المحتجين وما يحدث في ميدان التحرير في مصر أن المحتجين عشرات وربما مئات الآلاف وهم لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة من عدد سكان مصر البالغ ثمانين مليون لكن هم الذين يصنعون التغيير، والنظام الحاكم المصري يمكن إلى الآن لا يزال يستطيع أن يخرج الملايين من المؤيدين وهو لا زال يمتلك فعلاً ملايين الناس المستفيدين من هذا النظام السياسي لكن هل لها معنى سياسي.



* هل ترى أن الخطاب الرسمي سواء خطابات المسؤولين أو أداء الإعلام الرسمي يسير في نفس السياق الذي جاء فيه خطاب الرئيس الذي بدا أقرب للتهدئة؟

- خطاب الرئيس كان خطاب تهدئة كان خطاباً تنفيساً، كان خطاباً استباقياً للأسوأ، وحتى على المستوى الشعبي أو المستوى الشخصي بأنه يوم الخميس لن يكون هناك مشاكل أو فوضى أن لا يوازيه خطاب من قبل بقية أطراف السلطة السياسية هذا مفهوم من وجهة نظرهم أن أي خطاب تهدئة في هذا الوضع سيفهم منه أنهم في حالة ضعف وموقع القابل بالهزيمة قبل دخول المعركة حسب افتراضهم، في نفس الوقت الخطاب التصعيدي من قبل أطراف في السلطة سيقرأ من قبل المعارضة بأن خطاب الرئيس لم يأت بجديد وأنه خطاب لا يوحي بالجدية التي أرادها.



* نعرف أن من أسباب سقوط نظامي مصر وتونس هو سيطرة الأقارب والأصهار والموالين على الثروة والسلطة وعبثهم بالمال العام.. هل وصل الأمر في اليمن الى ما وصل إليه في هذين البلدين؟

- هي نماذج متكررة في مصر واليمن وتونس وفي الأنظمة الملكية، وما هو في اليمن أكثر مما هو حاصل في البلدان التي ذكرت من حيث سيطرة الأقارب على الدولة والثروة وتحول الوظيفة العامة والمال العام إلى وسيلة يتصرف بها الحاكم لأسباب سياسية فقط.. الوظيفة لمن هو قادر على العمل ولكن تمنح لسبب سياسي وكذلك الثروة العامة ولا توزع لأسباب تنموية ولكن لأسباب سياسية بحتة في الغالب بهذا الشكل.



* هل ترى أننا في اليمن أمام فرصة حدوث إصلاحات أم أننا سنجد أنفسنا بحاجة لتغيير جذري يخلق واقعاً جديداً؟- الأمن للمجتمع هو الإصلاحات وأنا مع الإصلاحات وأتمنى الإصلاحات لكن تمنياتنا وأمنياتنا شيء وما يحدث في الواقع شيء آخر.



وكما قلت من يمتلك السياسة والامتيازات الضخمة لا يمكن أن يتوقع منه أن يقبل بالتخلي عنها بسهولة وبدون صراع وبدون ضغط حقيقي يشعره بأن مخاطر ببقائه في هذا الوضع أسوأ من مخاطر تجنبه لهذا، فالاحتمالات واردة، وهناك فرصة وعلينا أن نجعلها فرصة بالعمل لأن الدروس في مصر وفي تونس كافية لدى الطبقة الحاكمة بأن لا تؤجل الإصلاح وعليها أن تقرأها قراءة جيدة وتستفيد منها وتكون عبرة لها لأنه كما لاحظنا في مصر كان الشعب المصري مستعداً أن يصبر على مبارك وأولاده عشر سنوات مقابل إصلاحات حقيقية بعد هذه الفترة، الآن مبارك مستعد يخرج من السلطة خلال ستة أشهر لكن لم يعد الشعب المصري مستعداً أن يمنحهم فرصة.. أرى أن أي نظام لا يختلف عن النظام الآخر لكن الأنظمة ترى عكس ذلك.



* عندما يسقط النظام يذهب المحللون والمتعاطفون إلى القول بأن الرئيس كان غافلا عن الفساد الذي يمارسه معاونوه وأركان حكمه، ولو أسقطنا ذلك على وضعنا هنا في اليمن هل تعتقد أن هذا الكلام لا يزال مقبولا؟

- حجة عدم المعرفة أصبحت مضحكة خاصة في أنظمة تراقب الناس وتعرف أتفه الأمور التي لا يعرفها سواها وعندما يأتي الحديث عن الفساد الواضح والمكشوف تدعي أنها لا تعرف أو أنهم يضحكون عليها، خاصة أن الوضع في اليمن يختلف عن تونس، تونس كان هناك صحافة وحرية تعبير محدودة جداً ولم يكن يسمح لها بالتطرق إلى مشاكل البلد، لكن في اليمن عندنا مساحة حرية تعبير أفضل والصحافة تتحدث عن كل هذه الممارسات وعن الفساد وعن الثروة والسلطة والأقارب والأنساب يعرفها رجل الشارع فما بالك بأجهزة الرقابة والمحاسبة هذا عذر في غير محله تماماً.



* كيف تقيم دور النخب ومنظمات المجتمع المدني في عملية التغيير وما توقعك للدور الذي يمكن أن تلعبه في اليمن؟

- عندما تقول النخب قد تقصد بها النخب المستفيدة من الوضع والنخب غير المستفيدة من الوضع.. في تونس ومصر النخب حتى التي كانت مستفيدة جزئياً من الوضع بسبب احتكار السلطة والثروة احتكاراً عائلياً، وهذه النخب التي هي في السلطة ولكنها ليست من العائلة لا تشعر بأنها تنتمي لهذه الأنظمة التي لا تحكم من خلال حكم النخبة كما كان حاصلاً في دول استبدادية في دول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايون هذه الدول سقطت من قبل النخبة، والنخبة لها جذور مختلفة ومتنوعة عرقية وطائفية وجهوية وطبقية بينما العائلة والأنساب قد تكون واحدة وليست متوزعة على بقية فئات المجتمع، ولهذا تجد هذه الطبقات أو الفئات أول ما يشعرون أن النظام يترنح يعبرون عن مواقفهم الحقيقية الرافضة لهذا النظام وقد يخفي بعضهم الحقيقية ويحاول يظهر عدم انتمائه إلى النظام، ولهذا من أسقط بن علي وبالتحديد أسقطته النخبة التي شعرت أنه همشها لصالح الأسرة، أسقطه الجيش، النخبة البيروقراطية، ونخبة الحزب، والذين يشعرون بأنه همشهم لصالح الأسرة والأنساب التي من المفترض أن ليست لهم علاقة بالسلطة لهذا تخلوا عنه وأسقط النظام.



* ماذا عن المجتمع المدني خاصة أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أصدر الأسبوع الماضي بياناً دعا فيه الى التغيير السلمي قبل حدوث الانفجار وهو موقف قوي؟

- المجتمع المدني الحقيقي الذي ليس من الأسرة والأنساب عندما يشعر بأن النظام مترنح يبدأ.. اتحاد الأدباء كان في الماضي مسيطراً عليه من التيار اليساري ومؤخرا وإلى حد ما تم السيطرة عليه من قوى محسوبة على السلطة أو مهادنة للسلطة أو على الأقل غير معارضة، جزء منها وجزء ما زالوا يعبروا عنها، وموقفه الأخير يعبر عن موقف قوى مماثلة تبرز في لحظة الترنح.



* هل يمكننا القول إن مشروع التوريث في اليمن سقط؟

- بعد سقوط مشروع التوريث في مصر أصبح التوريث في الجمهوريات مسألة صعبة، ولا أقول بالمطلق أنه سقط لأنه ربما لا يزال لدى أنظمة في بعض البلدان قدرة على تنفيذه، لكن النموذج المصري وسقوط التوريث هناك جهل، مسألة التوريث شبه مستحيلة وفي ما يتعلق باليمن الرئيس في خطابه تعهد بأن لا توريث، وهو ما أيدته الولايات المتحدة الأمريكية وطالبت ببرهان عملي، بمعنى أن العودة لمشروع التوريث سيكون انتحاراً سياسياً للطبقة الحاكمة وفقاً للمعطيات الحالية، ربما يراهنون أن هذه الثورات ستخفق وستواجه مشاكل وهو وارد وربما يراهنون على استخدام رعب الفراغ والدمار من أجل تمرير التوريث في بيئة مستقرة، لكن أعتقد أن مسألة التوريث في اليمن أصبح شبه مستحيل.



* ظل النظام في بلادنا يستعمل القاعدة فزاعة للأمريكان حتى يحافظ على دعمهم لبقائه في السلطة وأن أي محاولة للتغيير في اليمن سيخلف فراغاً يمكن القاعدة من التحرك في اليمن بشطل أفضل.. هل تعتقد أن هذه الفزاعة لا تزال سارية المفعول؟

- إلى ما قبل الثورة التونسية، والتركيز الغربي والإقليمي على اليمن منصب على كيف يوقفون تهديد تنظيم القاعدة، وحتى في هذه الفترة كانوا يدركون أن توقيف تهديد تنظيم القاعدة يتطلب وجود حكومة قوية مستقرة لها قاعدة شعبية، كانوا يدركون أن النظام الضعيف والهش والمتصارع مع قوى داخل المجتمع كبيرة هو البيئة الحاضنة والتي تعمل على تقوية القاعدة، بعد الثورتين التونسية والمصرية أصبح اليقين أكبر أن الاستقرار في اليمن أصعب إن لم يحدث الإصلاح، في اللحظة الراهنة إصلاح النظام السياسي واستيعاب أكبر عدد ممكن من الناس والأفراد داخله هو الضمان الحقيقي لتقليص خطر القاعدة والقضاء عليه في المستقبل، لهذا فزاعة القاعدة لم تنته وممكن تستخدم بشكل من الأشكال حتى لتذكير الآخرين بأنه ركزوا على القاعدة وليس على الإصلاح، لكن أعتقد أن الأوضاع المتفجرة ليست مساعدة على العودة الى التركيز على القاعدة وغض الطرف عن الإصلاحات، لأن الجميع بات يدرك أن مكافحتها مرتبط بالاستقرار وبالشرعية وهم أنفسهم يقولون بأن اليمن لن تستقر إلا من خلال المصالحة واستيعاب النظام لكل القوى.



* بالنسبة للحوثيين والحراك في الجنوب أين موقعهم من كل ما يدور بين المشترك والحاكم؟

- أولا لا بد من التفريق بين الحراك والحوثيين فبرأيي كلما ازدادت قوة المشترك وأصبح يمثل قوة حقيقية للتغير كلما سحب البساط من أيدي الحراكيين الذين لا يعتبرون الانفصال أجندتهم الأولى والأخيرة، لأن هناك قوى تتبنى الانفصال كأحد الخيارات ولديهم مطالب أخرى معقولة، وعندما يشعرون أن المشترك موجود في الشارع وأنه يلبي لهم جزء من هذه المطالب ربما ينظمون بشكل من الأشكال إلى المشترك على حساب الحراك.



أما الحوثيون فهم يستفيدون من أخطاء النظام ومن احتكار السلطة والثروة وأجندتهم مختلفة عن أجندة المشترك ورغبتهم في أن يحكموا منطقة واسعة في شمال اليمن. المشترك ليس بينه وبينهم أرضية مشتركة في هذه الناحية ومع ذلك هناك جزء داخل جماعة الحوثي كان انتماؤهم للحوثيين نابعاً من نوع من التهميش والإهمال من قبل الحكومة ويمكن هذه الفئة إذا رأت أن المشترك حامل التغيير يمكن أن تؤيد المشترك.



* ماهي الصورة فيما لو حدث التغيير في اليمن لأن الناس عادة يفكرون لو حدث التغيير ما القادم، أو لسنا مستعدين لتبديل فلان بفلان؟

- وفي حالة إذا حدث التغيير فالأمر لن يكون وفقا للصورة الرائجة عند الناس بأنه لو غادر الرئيس فإنه سيحل محله س أو ص من الناس وهذه الصورة غير صحيحة وهو اختزال غير واقعي، لأنه حتى لو حل س أو ص محل الرئيس الظروف التي سيحل فيها لن تكون مثل الظروف التي أتى فيها الرئيس بمعنى أنه لن يستطيع تحويل السلطة إلى سلطة شبيهة بسلطة الرئيس علي عبدالله، هذا هو افتراض كما أنه لن يكون من المحتمل أن من سيحل محل المؤتمر هو الإصلاح أو الاشتراكي ...الخ، في حالة التغيير ستختلط الأوراق كلها وصحيح أن القوى القديمة سيكون لها وجود لكن ستظهر قوى جديدة، أيضاً الشيء المهم هو العالم الخارجي الذي سيعمل على ضبط إيقاع التغيير فلن يكون هناك تغيير بالطريقة الخمينية، لأنه ليس عندهم استعداد لخلق حكومات تسبب لهم مشاكل واضطرابات، أو معادية لهم، هم سيكونون بالتأكيد جزء مهم في عملية التغيير وسيدفعون باتجاه إيجاد دولة مؤسسات وسلطة مقيدة وتوازن في السلطات، وهذا لا يعني أن الصورة ستكون وردية لأن مراحل التغيير من أصعب المراحل التي تمر بها البشرية، لكن الأهم أن تكون البداية الجديدة في الطريق الصح لا أن يأتي شخص ليحل بعائلته محل الشخص السابق، أو يأتي حزب ليسيطر على مجمل الصورة، ولو تخيلت معي أن يأتي الإصلاح أو الاشتراكي ليسيطر على السلطة فإن ذلك سيجعله يستعدي فئات أكثر من التي كانت تعادي علي عبدالله صالح، حتى الأطراف الدولية لن تسمح بذلك، وبالتالي فإن الإعداد لمرحلة التغيير لا بد أن يبنى على أسس صحيحة وأيضا علينا أن نخلق حالة وعي بأن مرحلة التغيير صعبة وأن الأوضاع لن تكون وردية في أول يوم من أيام العهد الجديد.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح