عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-2010, 09:57 AM   #15
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

المقامة الثانية (( عجائب البحر )) للشيخ عبدالله معروف باجمال


ولد الشيخ عبدالله معروف باجمال بمدينة شبام سنة 1210هـ وأخذ علومه عن شيوخ عصره ، وكان يحب السفر بالبحر ، ثم أخذ علم التصوف وتزهد في آخر عمره ، توفى سنة 1297هـ وترك ديوان شعر فيه قصائد أخوانية وهزلية ومقامتين الأولى (( مقامة عجائب البحر )) يقول فيها :

(( الحمد الله الذي جعل التأدم بالسمك مغناطيس الفاقات ، وطاووساً صادحاً على موائد أولي النعم والرفهات ، وتاجا مكللاً تزهو نضائد درره على كثبان الرز المركى في رياض الأصحن المجليات ، هام بحبه أقوام وحرموا على أعينهم لذيذ المنام ، فظفروا وبلغوا الغايات وأنف منه آخرون إذا وسوس لهم الملعون فرجموا بحجارة البعد لما عندهم من التخليطات ، وصدق الفريق الثالث وسلموا لأهله فهطلت عليهم سحائب المسرات ، وأمنوا السلب إذا أمسكوا عن الثلب ، فكانوا لأهل الشأن أودًا وخلان في جميع الأزمان والأوقات . أحمده وهو أهل الحمد والثناء وأشكره إذا أعطاني مما فهمت بذكره غاية المنى وصلى الله على سيدنا محمد إمام العباد والزهاد وعلى آله العدول وصحبه القادة المثول وسلم تسليما كثيرا في الآزال والآماد.

أما بعد فقد أتفق في بعض السنين ، وحينا من الأحايين ، أن دعيت لزيارة بعض المساكن ، فقمنا في جملة من الأخوان حتى وافينا المكان . فلم نزل بالمنزل الأغر والربع المنور ، إذا أنا بشخصين يتساران ، وفارسين يعتركان ، وحبرين يتباحثان. فسألت بعض الحاضرين ، فيم ذا التذاكر والتعاضد والتناصر والتظاهر والتوازر ؟ فقال : دون والدنو علّك تدنو.

فقبلت الأرض بين يديهما ، وزجرت سمعي أن يصغي إليهما ، ولم أزل ممتطيا مركوب الأطراق ، مرخاة على حجب الهيبة والاشفاق ، أعلل نفسي بالشراب من بحرهما الدفاق ، والترشف من سواكب غيثهما المعذاق ، حتى أتضح لي السبيل ، ولم يحتج النهار الى دليل ، فإذا هما يتذاكران في الكتاب المسمى (( مجلب المسرة والفيد في غوامض أسرار الصيد )) ، وينشران في شأنه ما شنف السمع ، وأزدهر به المربع والرّبع ، فغلبتني حينئد الدهشة والحيرة ، ورجعت باللوم على نفسي الحقيرة ، لإضاعة انفاسها الخطيرة ، وجعلت أقول لها : نفسي قبح الله الجهل ومن أتخذه مجالسه ، ووزيره ومؤانسه ، وما كان عاقبته إلا الندم ، حين ظفر أهل الطلب بالمغنم ، ثم أني أعرضت عن اللوم اشتغالا بالإملاء وجواهر الأقاويل التي تتلى ، ثم افتتحا في ذكر الغوص والتكاوير ، والمغادف والمغادير ، والأقطاب والمنازك ، والمناصب والمدارك ، وقشار البحر وما فيه من لجة ، واقتناص الصيد وما يكون من صنجة ، ونشرا في غبة ، فوة والرأس ، وضبة وروكب ، والشحر وغيرها ما انعش المقعدين وبلبل خواطر العاشقين ، وفيض أدمع المحبين .

وأخذا أيضا في تفضيل الصيد بعضه على بعض ، ومن الملك فيهم والوزير ، ومن المحروس منهم والأمير ، ومن هو صاحب الناموس والرئاسة ، والهدى والسياسة ، وما جبلت القلوب على محبته ، وما يحسن اجتنابه ، لكره منظره وخسته ، وفي طبائعها على اختلاف الفصول ، وما يلائم طبع الشباب والكهول .

ثم بحثا في الشّوي في السنبوق ، أيجوز مع شدّة الجوع وغلبة الفاقة ليكون أقرب لجلب القوة وصفاء القريحة ويكون شدة الفاقة قيد أم لا ؟؟
ثم قال أحدهما للآخر :بحقي عليك إلا ما أخبرتني بأعجب ما رأيت أيام الصيادة ، لأجتني ثمرات الإفادة ؟؟
فاندفع قائلا : خرجت في بعض السنين اصطاد / مؤملا تحصيل المراد ، للعطف على الأولاد ، فلما أرسيت خيامي ، لبلوغ مرامي ، سمعت في البحر ضجة الأصوات وارتجاز وعجّات ، وإذا بالجيوش وراياته قد تصدرت الصفوف ، ودقت دونها الخانات والدفوف ، وقائلا يقول :
وسعوا وفسحوا للملك رحمكم الله ، هذا ملك البحر ، قد أقبل وهو صاحب التاج المكلل ، ذو الجلدة الغبراء ، والعلفة الكبرى ، والمنظر الهائل والفرع الطائل ، فنصبت له كراسي الحكم في النادي ، ووفد عليه حاضر البحر والبادي ، والمصادق والمعادي ، وأمر المنادي أن ينادي :

(( هذا يوم العدل والانتصار ، ممن بغى وجار ))


لنا تواصل مع هذه المقامة قريبا إن شاء الله تعالى .



.
التوقيع :
  رد مع اقتباس