عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-2011, 04:12 PM   #2
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي





في أواخر سنة 1939م تأسس جيش البادية الحضرمي في البدء كانت نواة هذه القوة خمسون جندياً ، وفي عام 1940م لم يكن عدد القوة مستقرا عند حد معين فكان رجال البادية بين زيادة قليلة في الالتحاق ونقصان أحيانا لمغادرتهم معسكر القوة . وفي عام 1941م بلغ عددهم سبعين رجلاً وفي عام 1943م تراوح عددهم بين ثمانين وتسعين رجلا . وبدأ العدد يرتفع في عام 1944م إلى ثلاثمائة جندي، وسبعين من غير النظاميين، ومائة احتياطي .

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


كانت هناك ضوابط ولوائح داخلية تحدد بصرامة فئة المواطن المسموح له بالإلتحاق بجيش البادية ، وقد حددت المادة الخامسة من القانون الخاص بجيش البادية بصرامة نوعية المواطنين المسوح لهم بالانخراط في هذا الجيش:

(( المقصود من جيش البادية أن يحتوي على ممثلين من كل القبائل الرحالة والشبيهة بالرحالة، ولهذا السبب تقررت درجة معروفة للقبائل. والقائد مسؤول أن يراعي التمسك بها وان لا يحيد عنها إلا بالتفويض الواضح من المستشار المقيم. وأيضا من واجب قائد الجيش أن يقدم اقتراحات لتبديل الدرجة المعروفة إذا يجد أن روح القوة التمثيلي يمكن أن يكون بدرجة أوسع بفضل ما يقترحه من تبديل )).

عند اشهار بدء فتح باب التسجيل في الجيش ، ساورت الشكوك والربية بعض القبائل ، ولم تخفي بعض القبائل معارضتها لهذه الفكرة فمنهم من امتنع من ارسال أولادهم بحجة أن من يسجل في هذا الجيش أنه يعمل مع الكفار وأنهم سيكفروا لأنهم يعملون عند الكفار ، ومنهم عنادا وحبا في المعارضة ك ( بيت علي من الحموم ) . في المقابل كان حلفاء ( بيت علي ) من ( بيت قرزات ) أول القبائل التي سجلت أفرادها في جيش البادية بمنطقة غيل بن يمين ، ثم بعد ذلك توالت القبائل في إرسال أبنائها للتسجيل جيش البادية الحضرمي . لاسيما وأن المرتب كان مجزيا - ثلاثون روبية - في ظروف كظروف تلك الفترة ، حيث كان الفقر والمجاعة تعصف بحضرموت ، ناهيك عن الميزات التي كان يتمتع بها الجندي ، والظهور في المجتمع البدوي والحضري بمكانة تبعث فيه روح الزهو بين الناس ، وهذا الذي كان له أثر كبير في تشجيع بقية شباب رجال القبائل من البدو للانضمام والتسجيل ضمن أفراد الجيش البدوي .

لقد كانت سياسة إنجرامس في تكوين بنية هذا الجيش تعتمد على التوازن القبلي بحيث ضم هذا الجيش أكبر قدر لممثلين من القبائل الحضرمية ، وقد أشارت المادة (101) إلى أن :

(( جميع التسجيلات في جيش البادية الحضرمية سوف تجري حسب نظام الدرجة المقررة فيما يختص بكل قبيلة للتسجيل في جيش البادية الحضرمية. ويجب أن لا تزداد هذه الدرجة بأي حال من الأحوال بدون التفويض الواضح من المستشار المقيم ، ووضعت معايير محددة وشروط يجب توفرها في المتقدم. فقد كانت الأولوية في القبول لأبناء المقادمة والرؤساء، ويجب أن يكون المتقدم أمياً، ويكون القبول لأصحاب المظهر البدوي الحفاة العراة الذين يقتصر لبسهم على الصبيغة فقط ، ويصبغون أجسامهم بالنيلة ، ولا يحلقون شعر رأسهم ولا لحاهم. ويبدو أن الهدف من ذلك هو قبولهم على فطرتهم ليسهل تشكيلهم وفقا للأهداف المحددة لهذا الجيش )) .

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


في المقابل حرص إنجرامس على أن لا يكون قائد جيش البادية الحضرمي من البريطانيين ، بالرغم أنه كان معجبا بتجربة جلوب باشا في الأردن، إلا أنه فضل أن يكون قادة جيش البادية الحضرمي من الجيش العربي في الأردن . فطلب من جلوب باشا أن يعيره عددا من الضباط العرب ، كان من أبرزهم : عبد الله سليمان السعدون العراقي ، وبركات طراد الخريشا، وعبد الهادي حماد العتيببي ، وأصبح عبد لله سليمان السعدون قائداً لجيش البادية الحضرمي ، ومساعداً للمستشار المقيم لشؤون البادية ، كما أصبح - وبموجب قانون محاكم القبائل - قاضياً ووسيطاً بين القبائل البدوية. وقد استمر الأردنيون قادة لجيش البادية إلى قبيل الاستقلال، حيث عين ضابط حضرمي لهذا الجيش، وهو عمر سالم الجوهي .

تنحصر مهام قوة جيش البادية في التمركز في مناطق البادية الحضرمية . فقد أشارت المادة الثانية من قانون جيش البادية إلى ذلك بان:

(( ليس المقصود من القوة العمل في المدن أو القرى أو المناطق الأخرى التي تقع مباشرة تحت إشراف حكومة المكلا أو سيؤن أو في المناطق الآهلة الواقعة تحت نظام الحكم الذاتي من قبل المناصب والرؤساء الآخرين أو المناطق الآهلة بالقبائل الحضر ..)) .


اختلفت الآراء في سبب تسمية حصن ليون أو حصن ( ليجون ) كأول مركز بني لجيش البادية ، يقع حصن ( ليون ) في منطقة غيل بن يمين ، و ليجون ( Legion ) كلمة انجليزية تعني فيلق أو حشد عسكري ، أما كلمة ليون ( Lion ) كلمة انجليزية ومعناها الأسد ، وعلى مدخل المعسكر كان هناك تمثال حجري يمثل الأسد البريطاني ومن المعروف أن القوات البريطانية كانت تتخذ من الأسد شعارا ورمزا يعبر عن قوة الامبراطورية البريطانية .


تمثال من الحجر موجود في المتحف العسكري بعدن


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



ولعل في اختيار منطقة غيل بين يمين اهداف استراتيجية مهمة حددت بعناية ، فهي تقع في المنطقة الخاضعة لنفوذ قبيلة الحموم المشاكسة ، التي دائما ما تعلن تمردها على الدولة القعيطية ، وعن السبب الذي دفع إنجرامس لبناء هذا المركز في هذه المنطقة، يقول:

(( لحفظهم في بيئة قبلية، ومن أجل أن لا تفسدهم أسواق المدن في ساحل ووادي حضرموت ))

ومنطقة غيل بن يمين هي في الأساس ضمن سلطة السلطان الكثيري ، إلا أن البدو من ( بيت على ) عارضوا بناء الحصن لأنهم لا يريدون أن يروا أي شيء للحكومة في مناطق نفوذهم القبلي . وقد جردت لهم حملة لإإخضاعهم بواسطة الجيش النظامي في بداية عام 1940م . وفي عام 1943م أصبحت المكلا هي المركز الرئيس لجيش البادية ، حيث أعيد ترميم وإصلاح حصن ثومي القديم في شرق ديس المكلا ، وبجانبه بنيت الثكنات العسكرية. كما بني في ذلك المكان مستشفى صغير يقدم خدماته أيضا إلى بقية الوحدات العسكرية الأخرى.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وبعد أن تم بناء حصن ليجون عام 1939م، تم بناء حصن بير العسكر قرب شبوة عام 1942م، وفي عام 1944م بنيت لهذا الجيش مراكز وحصون في قرن في ريدة المعارة ، و في حرو التي تقع في طريق مهم يصل غيل بن يمين من الغرب، كما أصبح حصن العر القديم في منطقة المناهيل في الطريق إلى قبر نبي الله هود مركزاً آخر لقوة منه، وتبعته حصون أخرى في العبر فبلاد الصيعر ونجيدين في منطقة الدين، ومولى مطر في منطقة سيبان، وجدمة في منطقة العكبري ، وتشكيل قوة من الهجانة تنحصر مهامها في دوريات تجوب رملة السبعتين غرب حضرموت..

كانت الاهداف المعلنة حين انشأ جيش البادية حصر نشاط جيش البادية بشكل أساسي في مناطق البدو فقط ، إلا أن الظروف التي كانت سائدة في بعض مناطق الحضر جعلت من انجرامس يمد نشاط الجيش إلى المناطق التي تقع تحت الإشراف المباشر لحكومتي السلطنتين . ففي عام 1941م سير إنجرامس دوريات لجيش البادية في وادي حضرموت ، لحماية الطرق حول سيؤن . وقد نظر آل كثير ومعهم السادة آل الكاف إلى هذا النشاة شك وإرتياب ، كما سبب وجودهم في الغرف عام 1943م القلق للكثيريين، فطلبوا من السلطات البريطانية في عدن أن تسحبهم فرد عليهم الضابط السياسي فلنشر:

(( أن محتويات خطابكم قد ابلغ تلغرافيا إلى المستشار المقيم الذي هو الشخص الذي يملك أمر تحركات الجيوش... أن خطابكم لم يكن قرين استشارة حيث لكونه يشتمل على جملة معاني يحتمل أن يساء فهمه )).

لم تكن قيودا أو حدود لصلاحيات إنجرامس في تحريك جيش البادية الحضرمي ، التي تأتي حسبما تقتضيه مصلحة بريطانيا في حضرموت وتنفيذا لسياستها .
بالرغم أن المادة الثالثة تشير إلى انه :

(( بينما القوة مسلحة ومجهزة بمعداتها ومدربة تدريبا كاملا كجنود فليس المقصود من ذلك أساسا أن تعمل كقوة مقاتلة أو مهاجمة غير أن أهم واجباتها هو تسديد المنازعات القبيلة واجتناب النزاع القبلي مستعملة مظهر القوة عند اللزوم. ولهذا السبب فالكثير من تدريبها سياسي )) .

بالرغم أن التجهيزات العسكرية لجيش البادية كان متواضعة ، وكانت قوة الجيش تتكون من ثلاث وحدات هي : الهجانة ، والمشاة ، وراكبي السيارات . حيث لا تتعدى ملكية الجيش عن بسيارتين نقل ، وجهاز لاسلكي، واثني عشر جملاً ، وست بنادق برن ، وخمسين بندقية للجنود ، وفي عام 1941م زود الجيش بـ 110 بندقية لعشرة جنود أساسيين، تمت إضافتهم بحسب الخطة الموضوعة، ومائة احتياطي. وفي السنوات اللاحقة زود ببعض الأسلحة الخفيفة مثل بازوكة عيار 2 إنش و3 إنش، وسيارات لاند لوفر. إلا أن هذه القوة كانت مدربة تدريباً عسكرياً جيداً من حيث الضبط والربط العسكري، مقارنة مع غيرها من القوات الموجودة في المنطقة.

لم يستخدم جيش البادية كأداة قمع ولم يشترك في أي حرب ، بل اقتصر دوره بشكل أساسي على تسوية المنازعات بالعرف القبلي بين القبائل بعضها مع بعض، وبين القبائل والحكومة. ولم يتجاوز عدد من قتل من أفراد هذا الجيش العشرة أو الأحد عشر فردا. كما أن ضحاياه من القتلى أيضا قليل واحد . وقد اضطر في بعض الأحيان إلى استخدام القوة لحماية منتسبيه أو لمساعدة وانقاد بعض أفراد الجيش النظامي .

وأول حادثة استخدم فيها جيش البادية القوة هي ضد أفراد من بيت علي من قبيلة الحموم. فقد قامت مجموعة صغيرة من بيت علي بالهجوم على حصن تابع للجيش النظامي في غيل بن يمين، وعندما سمعت قيادة الجيش بإطلاق النار، جهزت القوة وأسرعت لنجدة جنود الجيش النظامي، وتمت ملاحقة هذه المجموعة من البدو وطردهم إلى خارج المنطقة، ويتم ذلك لأول مرة، وقتل بدوي في هذه الحادثة.

والحادثة الثانية حدثت في نوفمبر عام 1942م عندما قام شخصان من بيت على وهما عامر بن سعيد، وعبد الله بن عوض بالكسح بقتل جنديين من جيش البادية بهدف سرقة بندقيتيهما. وقد تمكنت فرقة من جيش البادية من ملاحقتهما وقتلهما وتم استرجاع البندقيتين.

والحادثة الثالثة عندما كمن مجموعة من بيت علي لثلاث سيارات محملة مواد بناء لحصن ليجون، في سهل حرو، فقتلوا خمسة من حراس القافلة اليافعيين وجرحوا آخرين، فتحركت نجدة من جيش البادية من غيل بن يمين بقيادة حسن باحاج، وأتوهم من الخلف فقتلوا 25 شخصا من بيت علي، وانسحب من بقي منهم على قيد الحياة.

وكان جيش البادية يقوم بدوريات مستمرة في مناطق البادية والمناطق الحدودية.
وهناك دوريات فصلية تفتيشية تخرج من المركز الرئيس بالمكلا تمر بمراكز جيش البادية كافة. وقد رافقت دورين إنجرامس إحدى تلك الدوريات عام 1943م قطعت خلالها خمسمائة ميل على ظهر جمل، وكان غذاؤها وغذاء الدورية الوحيد التمر والسمك المجفف. وكان الهدف من تلك الدوريات زيارة مراكز الجيش في تلك المناطق البدوية النائية، وإشعار البدو بوجود زيارات منتظمة من لدن الحكومة، ولتمتين الروابط بين البدو والحكومة، ولجمع المعلومات ( للاستخبارات ) عما يجري في البادية.




.
التوقيع :
  رد مع اقتباس