عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2012, 09:37 AM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي الحكايات الشعبية في تراث حضرموت

الحكايات الشعبية في تراث حضرموت
الحكايات الشعبية من أهم وأقدم الموضوعات التي ابتدعها الخيال الشعبي معبراً بها عن أحاسيسه وتخيلاته وإدراكه للحياة خارج ذاته وداخلها ،كما أنها تتسم بأنها غنية بالمقولات الفكرية وأسلوب النظرة التأملية التي يرى بها الإنسان وجوده والوجود المحيط به ،سواء كان ذلك من واقع الحياة ،أو مما يتخيله فوق الحياة والواقع الذي يعيشه ،ولربما كانت بعض حكاياتنا شخصياتها أو أبطالها حقيقية لأتمت للخيال أخفاها أصحابها لظروف سياسية أو دينية مرّ بها الحضارمة المتجذرون في تراب وطين حضرموت .
وهذا التصور أو المفهوم أنساني موجود في تاريخ وتراث جميع الشعوب تعبر عنه مفردات لغاتهم ولهجاتها المختلفة .
وهذا ماعبرت عنه أيضاً الموسوعة العربية في تعريفها عن مفهوم الحكايات الشعبية حين قالت : " الحكاية الشعبية folk-tale/conte شكل من أشكال التعبير الشفوي، تسرد سلسلة من الأحداث المتخيلة، وتفترض وجود راوٍ يقوم بقص هذه الأحداث. فالحكاية تنتمي إلى الأدب السردي وإلى عالم الخيال والمتخيل، وتتميز أحداثها بحيوية خاصة. والحدث فيها مختلق إلا أنه مروي بوضوح يمكن فهمه بسهولة، يتوضع في شرط بعيد زمنياً من دون تحديد، وهذا لايمنع من وجود بعض الحكايات التي تتضمن شخصيات وأحداثاً تاريخية وأخرى حقيقية، عندها يكون الهدف منها أخلاقياً كما في حكايات فولتير "انتهى
والحكاية تعتبر من أهم مصادر المرويات ،وتتناقل شفهياً من جيل إلى جيل ،وقد يسميها أهلنا قديماً في تراثهم الحزايا ومفردها [حزية ] وقد تبدأ بمقدمة متعارف عليها حين تقول الجدة لأطفالها :حزباحزيلكم ثم تسترسل في كلامها على ضوء نور القمر فوق الدكة أو التكة كما يلفظها البعض .....
فالمهم أن الحكاية تسمع وتكرر ومن ثم تحفظ بقدر ماتعيها الذاكرة ،ولهذا تجد الباحث لايهتم بما هو مكتوب ومدون بقدر ماهو مسموع ومروي شفهيا .
أن حكاية أو حزية [ياخشيبة نودي نودي ......وين قسمي من الكعكة والكعكة في التيحة .....والتيحة بغت اقليد ....والاقليد عند النجار ...الخ
-التيحة هنا مقصودهم الغرفة الصغيرة جدا تكا تكون مترين في مترين بمثابة الخزينة هذه الأيام أما الأقليد فهو المفتاح المصنوع من الخشب أو عود الأثل يصنعه النجار-
والحكاية في شكل موال ملحن تعرض توحيد الربوبية للأطفال إذ تنتهي إلى أن الله هو المنزل للمطر ،وهو الصانع والقادر بأسلوب فني رائع
وفي نفس الوقت تأتي حزايا وحكايات تصور أهل القبور والأضرحة والولي وحياة أهل البرزخ يمثلها أشخاص مختارون بعناية كما في حكايات مختلفة منها الحجام الذي خرج للتربة ليحجم لبعض الميتين ،وهنا يأتي الخيال وبعض مفردات عقائد التصوف التي انتشرت في جيل أو أجيال من أهل حضرموت .
،وحكاية حزية البنت فاطمة مع غنمها ،ياغصين البان ياغصين البان ......شيني أختش فاطمة ضوت من الرعي حوشانه نقحتها كبت الضانة ...... وذلك الرجل الذي قلد صوت البنت من سماعه المتكرر للأخت التي تنادي أختها لتفتح لها الباب لكنها فطنت أن الصوت ليس لأختها وإنما لرجل متنكر ليغدر بها في خلوتها ،لتصور الحكاية وغيرها من الحكايات الأخرى اختلال الأمن والقيم الأخلاقية في القرى والأرياف في وقت من الأوقات في حضرموت .
وأنا أعلم أنني أستطيع بعون الله أن أصنف مجلداً ضخماً لسرد مئات الحكايات ومدلولاتها الفكرية والعقدية والاقتصادية المختلفة التي نشأت في قرى ووديان وشعاب وسهول ومدن حضرموت ؛ولا أدعي السبق في هذا فقد يكتب بعض الأخوة عن الحزايا موضوعاً مستقلاً يفرد فيه بعضها أو كتاباً ،لكنها بالتأكيد ليست كلها فيما أعلم ،على أنني هنا اقتصر دوري فقط فيما اعلمه على بعض من التأصيل والتقعيد ولست بصدد الحصر وسرد الحكايات الشعبية والحزايا التي تعد من الفلوكور أو التراث الشعبي الحضرمي والله الموفق .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 12-23-2012 الساعة 10:17 AM
  رد مع اقتباس