عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2006, 02:50 AM   #3
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي

فمن جهة التركيب الاستدلالي لما تفوه به البابا عن الإسلام نجد في بعض تلك الظلال أداة سياسية محضة موجهة ضد الآخرين a purely political weapon on the others حيث نرى أنه إذا كان البناء السياسي لأمة يؤثر في ثقافتها، وهو بدوره يتأثر بتلك الثقافة، أدركنا أن البابا بنديكتوس زعيم الفاتيكان كان قد حمل في لهجة خطابه الموجه إلى الألمان ما يعبر بشكل أو آخر - في تحامله على الإسلام -عن رؤية (أوروبية) للمؤسسة الثقافية في الغرب، سبق أن دعا إليها المثقفون الأوروبيون عشية انعتاق أوروبا من براثن الحرب العالمية الثانية بتبنيهم وجهة نظر خاصة حول مفهوم الوحدة الأوروبية التي رأوا أنها لا تقوم إلا على وحدة الثقافة الأوروبية حيث يرون أن ثمة عنصراً مشتركاً في ثقافة البلاد الأوروبية كان ت.س. اليوت T.S. Eliot الشاعر الأمريكي الأصل قد جمّله بقوله : «لا دين بغير ثقافة ولا ثقافة بغير دين» وانتهى في المحصلة إلى أن القوة الرئيسية في خلق ثقافة مشتركة بين شعوب لكل منها ثقافته المميزة هي الدين.. ويرى أن الثقافة الأوروبية المشتركة هي المسيحية التي تقوم على تراث عريض من المدنيات القديمة لليونان والرومان والعبرانيين.

واستطاع اليوت من خلال ذلك أن يحدد الكيان الروحي لأوروبا.. وهذا ما وقف عليه البابا في محاضرته حيث إن للعالم الغربي وحدته في هذا التراث الذي يصب في الدين المسيحي، فكان حديثه على أن الكنيسة إنما تستقى أو تستمد وجودها من الظروف الدينية نفسها لهيكل نظام المعابد اليونانية القديمة (رغم إدراكه أنها كانت مؤسسة وثنية) غير أنه يسلّم بمسحة يهودية.. ثم عطف حديثه على أن الإسلام يكاد أن يعطل مصالح الغرب بإدخال عنصر طارئ كتركيا المسلمة إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.. وما كان حتى ليكترث للنسبة المسيحية في تركيا! فكأنما كان هذا التحامل موجها ضد الشرق وحيثما وجد الإسلام.

وهكذا يشعر البابا كما تشعر أوروبا أنها مدفوعة إلى القضاء على كل ثقافة حولها، أو إعادة تشكيلها من جديد!.. وعلى هذا الأساس نجد كلمة «ثقافة »في الغرب أصبحت مرادفة لكلمة «ديمقراطية» التي يسوقونها وتطرح على الأنظمة العربية والإسلامية.

ومن جهة أخرى نجد أن ما صرح به البابا لا يختلف عما أسموه في الغرب بـ «حرية التعبير» التي فسرها عدم استعداد رئيس الحكومة الدانماركية للاعتذار حيال الرسوم الكاريكاتيرية التي أريد منها الإساءة إلى نبي الإسلام.. وهي هنا تعبر عن فكر منهك لدى الكنيسة الكاثوليكية (التي لم يعد لها من وجود فعلي في الغرب) من أن الإسلام قد عاد يزحف بقوة ليصبح قوة حقيقة أمام تردي الكنيسة الكاثوليكية وحتى البروتستانتية والهوة التي سقط فيها الغرب المسيحي فيما يرتكبه من جرائم احتلال وحرب وانتهاكات لكل مبادئ الشرف في العالم.

*
  رد مع اقتباس