عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2012, 12:16 PM   #11
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

أول لقاء مع قبيلة بدوية حضرمية

كانت تلك علامة واضحة لأغلب الزوار من الباحثين والسائحين والمغامرين الأوربيين على اهتمامهم باكتشاف المجتمع الحضرمي من الداخل ،وأنتقل ( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان)إلى اللقاء بمكونات المجتمع الحضرمي المختلفة ،وهنا أثار منظر ذلك السهل الشاسع في أحد المنخفضات التي تقع بين الجبال على الطريق المؤدي إلى مدينة الشحر و تنمو في تربته الطينية الأعشاب. وترعى فيه الأغنام والخراف والحمير والجمال منتشرة بعيدا عن بعضها البعض. وتجلس الرواعي " البدويات " فوق قمة تراقب رعي هذه الحيوانات حيث المرعى ، وعلى مسافة غير بعيدة من المقر الرئيسي للبدو الرحل في هذه الأماكن أو تجمعهم في هذه المنطقة التي تعرف بريدة الشحر [والريدة مكان هضبي مرتفع عن مستوى سطح البحر بمئات الأمتار مستو يتخذه البدو مكان لأستقرارهم فوق هضاب حضرموت سواء كان في شمال حضرموت أو جنوبها ] وقد لاحظ مكان تجمعهم أي البدو في ريدة الشحر على يمين الطريق المؤدية إلى الشحر قال: (000. فاتجهنا نحوهم نحمل آلات التصوير ونحن نتوجس خيفة. ولم يلحظونا, كما أن كلاب الحراسة الشرسة التي تنتشر في الجزيرة العربية والتي تجعل المرور بمعسكر للبدو أمرا مستحيلا لا وجود لها هنا, وغيابها هذا كان لافا للنظر ) ولم تكن للبدو في هذ ه الهضبة من حضرموت كلاباً للحراسة وبيوتاً من الشعر والخيام كبدو الصحراء الذين سبق للزائر رؤيتها في أماكن أخرى من صحراء نجد أو الدهناء أو النفود قال : (ويبدو أن البدو في حضرموت ليس لهم خيام, إنما يسكنون في كهوف أو منازل أو كواخ, أو يعيشون كما في هذه الحالة بلا مأوى. فيشيدون كوخا على مساحة خمسة أقدام, حيث ينصبون أربعة أعمدة طولها حوالي ثلاثة أقدام ويعرشونها بأعمدة أخرى يغطونها بحشائش جافة طويلة. لا يمنع هذا الكوخ الشمس كثيرا. توجد منها هنا عشرة أكواخ متناثرة. بعضها أكثر بدائية, عبارة عن أعشاب مغطاة بخرق بالية وليس بها غلا بعض الظل)
ويروي الكولنيل دانيال وصديقه فوسمان أنه ذهب أليهم وهو يحمل كاميرا للتصوير فكانت ردود أفعالهم عند اللقاء إ ثار بعض الصخب,
لكنهم لم يتضايقوا أو ينفروا من رؤية هولاء النصارى الحمر بينهم بل أبدوا تفهماً وترحيباً بهم واستعدادا للرد على أسئلتهم بفطرتهم البدوية السخية المتسامحة ولم يفتهم ملاحظة النساء والأطفال الذين كانوا قد تجمعوا حين وصولهم لإشباع فضولهم قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة 000وأجابوا على أسئلتنا بشيء من الفضول. وجلس النسوة والأطفال وبعض الشيوخ العجزة تحت ظل الأكواخ البائسة. ويرقد الأطفال في مهد مصنوع بطريقة عملية . ويبدون في داخله مثل المحار الذي له أرجل. حيث يرقد الطفل في الجزء الأسفل بينما يحميه الانحدار الأعلى من الشمس والريح, وتحمل الأم هذا المهد في ترحالها وتجعل الجانب المفتوح في واجهتها. ويرقد الطفل فوق زعف منسوج أو جلد. وفي حالة الجلد يوضع فيه ثقب بعرض بوصة لخروج الفضلات. )
وقد أثار أنتباههم توجس الأمهات كثيرا من العين الشريرة قال : ( فكان علينا ألا نبدى اهتماما' ملفتا بأطفالهن )
ومن اجل كسر الحاجز النفسي والدخول بشكل مباشر معهم ،وكسبهم بشكل مادي وعاطفي قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوزعنا بعض قطع النقود على الأطفال والشيوخ, وبعدما تبادلنا معهم الحديث أخذ توجس الآخرين يتلاشى. ورأت إحدى النساء ضرسا ذهبيا في فم أحدنا, فكان علينا أن نسلم أفواهنا لكشف دقيق. وانفجرت صيحات الضحك وتبعها مرح طاغ.
ثم أخذوا يكتشفون العديد من الأشياء الغريبة عن الأفرنج. فبعد أن فحصت المرأة التي في المقدمة أفواهنا, ذهبت أبعد من ذلك. أخذت تفك بأصابعها القوية الداكنة الجزء الأعلى من كم ذارعي. كانوا كلهم ينظرون في ترقب. واندهشوا عندما وجدوا أن الجزء المغطى من بشرتي أيضاً أبيض. وانفجر الجميع بالضحك, وتواصلت عملية الفحص. ثم انتزعت المرأة قميصي من البنطلون, وعندما ظهرت بطني أيضا بيضاء, انفجرت صيحة طويلة: "آله" تعبيرا عن ذهولهم. واستمرت اليد الداكنة تمسح بإعجاب ذلك الجزء من جسدي.)

كان هذا ما أراد المؤلف أن يصوره عن مجتمع البدو وعن قساوة الطبيعة والمعيشة التي جعلت من النساء يثيرهن لون بشرته البيضاء التي تبدو لهن ملفته للنظر وتثير الدهشة والاستغراب فأخذن يتحسسن بشرته بأيديهن الداكنة الخشنة كما قال بل ذهب لأكثر من ذلك وقال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وعندما أرادت المرأة أن تواصل فحصها لجسدي, أكدت لها أنه كله من نفس اللون. فقالت: "هل فعلتم هذا بالصابون"؟. فقد سمعوا أن الإفرنج معتادون على غسل أجسادهم بالصابون. فقلت لها "لا إن الله خلقنا هكذا". فقالت: "لا شك أنكم تعيشون في منازل ولذلك فإن الشمس لا تحيل أجسامكن داكنة كما تفعل بنا, ولا شك أنكم تعيشون على اللبن". فقلت لها: "لا , إننا نأكل نفس الأشياء التي تأكلونها". فقالت: "ابقوا معنا وسوف نرقص ونصفق لكم الليلة". وأخذت سائلتنا المرحة ترقص وتصفق, فكان ذلك مصدر تسلية كبرى للنساء الأخريات. فقلت لها: "يسعدنا جدا أن نبقى, لكن ليس لدينا وقت, فعلينا أن نمضي بعيداً. "فقالت" لا , ابق هنا, وسوف نعطيك زوجة". فلم أتمالك من فحص النساء غير الجميلات اللائي أحطن بي. وقرأت المرأة أفكاري. فقالت: "لا, الفتيات الجميلات في المرعى وسوف يعدن بعد المغيب".)
وعندما ظهرت له اثناء هذا الاجتماع بالنسوة الوقوف على تفاصيل دقيقة من مجتمع النساء البدوي قال : (000رغم ما في حياة المرأة البدوية من بؤس وبدائية, إلا أنها تبذل جهداً كبيرا لتبدو جميلة.) ولم يزد الكولونيل" دانيال فان در ميولين في شرحه بعد هذه المقابلة بنساء البدو إلا أن قال :( 000 أما بالنسبة لذوقنا فإن النتيجة في الغالب قبيحة, إن لم تكن مفزعة.)
سنواصل معه الرحلة حتى نقف على الكثير من المحطات التي يفرق بيننا وبينها أكثر من واحد وثمانون عاماً حين كانت البداوة تمثل جزء كبيراً لايستهان به من مجتمع حضرموت قبل أن يتم استقرارهم وتوطين الكثير منهم ودخول التعليم والحياة المدنية أليهم وفوق هذا وذاك تعلمهم الكثير من الشعائر الدينية التي كانت تغيب عنهم 0
  رد مع اقتباس