عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2012, 01:53 AM   #80
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


بعض مآثر البجاحة القبلية والحياء المدني! (2–2)

أحمد شوقي أحمد

على اعتبار أن علي عبدالله صالح الأحمر، قد أصبح مِثل مرمى الجمرات، والوسادة القطنية التي نضربها ليلاً نهاراً، فاسمحوا لي أن أستخدمه كمثال للإسقاط على ما أريدُ قوله..
قلت في الجزء السابق من المقالة، إن من أهم ما ورثته العقلية القبيلة الجوع والأنفة وضمور الوازع، وإذا ما أخذنا هذه الكلمات الثلاث ووضعناها في الخلاط، فإن العصير سيصبح اسمه: البجاحة!


يتصرف علي عبدالله صالح كقبيلي حقيقي، فهو تلقائي، بسيط، نزِق، كريم “يبذل من حق العائلة الكريمة طبعاً!”، محارب ومبندِق، متعصب للأهل والقبيلة، صاحب وساطات، متحايل، ولا يخجل.. يهمني من هذا الكلام كله الكلمة الأخيرة، خصوصاً وأنها كانت صفة مهمة لقبيلي آخر هو العقيد معمر القذافي، الذي لم يكن يخجل بالمرَّة، فمن الممكن أن يتحدث بأي شيء يعلمه أو لا يعلمه، دون أن يُصاب بالحرج، ومن الممكن أن يرتدي أي شيء، وأن يتصرف بأي طريقة تحلو له، وهكذا هو علي عبدالله صالح، وإن كان عقل الأخير أرشد من المجنون الليبي!

أسهل حاجة بالنسبة لعلي عبدالله صالح أن يلطمك ثم يخطب عن التسامح والسلام، يمكنك أن تموت جوعاً بينما يحدثك عن التنمية والازدهار والرخاء! وسيقمع الاحتجاجات وينتهك الحقوق ويخالف القانون ثم يتنطع بالديمقراطية وسيادة القانون! بل ويتسول ثم يُعاير متسولي المعارضة..!

لكن علي عبدالله صالح معه حق في كل ما فعله، لأن من يخاطبهم ويحاربهم هم خصوم من نفس الطينة! وهم الرقم الصحيح، فالـ 20 مليوناً بكل ضخامتهم ليسوا سوى الأصفار الستة عديمة القيمة أمام الـ (2) التي تمثل طرفي المُعادلة: قبيلة الدولة، ودولة القبيلة!

ولذا؛ فالبجاحة الأقوى في حالتنا اتخذت – للأسف – شكلاً يُسمى “القبيلة” باعتبارها شكل البجاحة الأقوى بموازاة الأشكال الأخرى كالوطنية والتديُّن والنضال والثورية... الخ، مع فارق أن شكل البجاحة الأول التهم الأشكال الأخرى رغم أنه مُفرغٌ تماماً من المعاني الأخلاقية، حتى الظاهريّ منها!

وإذن: ستجدهُم يمنون عليك بأن القبيلة ثارت وناصرت ثورة سبتمبر، مع أنها – عملياً – هيَ التي حاربتها من الداخل: عبر سرقة مؤن جنود الجيش في حصار السبعين، ومن الخارج: بالقتال مع الملكية، أو بشكل أدق مع أموال الملكية! وستجدهم يتعالون عليك بكون القبيلة تعبر عن أصالة اليمن وعن هويته وتميزه واستقلاله،

مع أنَّها أصبَحت (عبر بعض زعمائها) أبرز عناوين الارتهان والعمالة للخارج.. وإجمالي مناقب القبيلة: أسقطت الثورة في 1967، وأسقطت الجيش في 1968، وأسقطت الدولة في 1977، وأسقطت الوحدة في 1994، وأسقطت ثورة الشباب في إبريل 2011م.. ثم تبجحت علينا بأنها ناصرت ثورة سبتمبر، ودافعت عنها في حصار السبعين، مثلما دافعت عن الدولة وعن الوحدة وعن ثورة الشباب، فأيُّ هراءٍ هذا الذي نعيشه؟

ولهذا لا تستغربوا أن يتلفظ “رئيس لجنة حقوق الإنسان” في مجلس النواب، و«الشيخ الليبرالي» بألفاظ “عنصرية” بحق رئيس الوزراء وأن يهدد مسئولين في الحكومة.. فالعقلية القبلية لا تعترف بحقوق الإنسان ولا بالليبرالية وإن تبجحت بهما، فهي تستغلهما كما تستغل الأخلاق في خداع الجمهور الساذج! وكما استغلّ صالح كل القيم السياسية والمفاهيم العظيمة في تجذير التخلف!

إن الشائف الابن لم يأتِ بجديد، هو يكرر فقط ما فعله والده حين اعتدى على الدكتور حسن مكي وزير الخارجية الأسبق، ويكرر فقط ما فعله خصمه حميد الأحمر الذي هدد وتوعد العديدين ليس بدءاً من عبدالحبيب سالم (على ذمة أبو النصر) وليس انتهاءً بعلي الشاطر وتوكل كرمان (على ذمة السامعي)! وهؤلاء جميعاً – صالح والشائف والأحمر والراعي وأمثالهم – يكررون وعي القبيلة وروحها العصبوية والعصابية التي تمتهن الغير وتتعالى عليه..!

وبموازاة هذا يأتي الحياء المدني.. وهو إن شئتم شكل من أشكال البجاحة المقابلة، باعتباره خذلاناًً للقضية، وقلة حياء من الضمير!

قُوى مدنية داخل البلد ممثلة بأحزاب وهيئات ومنظمات ومؤسسات وكلام كثير.. لا تجد لها أي مواقف صلبة في مواجهة مثل هذه الممارسات والانتهاكات.. صحيح أن مذهب الشاتم أخو مذهب المشتوم، لكن يجب أن يكون لما يُسمى بالمجتمع المدني موقف حقيقي وشجاع ومواجِه بأشرس أشكال المواجهة لمثل هذه الممارسات والإساءات والمزايدات..

وهذه المواقف ضرورية لأن المرحلة القادمة ستكون أصعب بكثير، خصوصاً مع تطور شكل البجاحة، من بجاحة صريحة إلى بجاحة لبقة؛ قد تأتي على هيئة جُرع سعرية، وقوانين سخيفة، وتسويات رخيصة، وإقصاءات، وتحريض طائفي، وتهميش للشركاء، واستهتار بالناس، وضحك عليهم وعلى أوجاعهم....

والأيام الماضية والقادمة حبلى بمثل هذا!
أشكال البجاحة كثيرة، لكن سمتها الرئيسية والمُهمة عدم إحساس أحد منا بخيبته الخاصة؛ بجهله، ورداءته ، علينا أن نعترف بأنه ينقصنا الكثير وعلينا معالجة الخطأ واستكمال النقص.. ليس عيباً ما دمنا قد اعترفنا، لكن الأنفة، والكِبر، والتعالي على الواقع لن يوصلنا إلى نتيجة..


أعرف أن كلامي مُر، لكن لا بُد من قوله!

[email protected]

في الثلاثاء 17 يوليو-تموز 2012 12:01:21 ص

تجد هذا المقال في الجمهورية نت
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح