عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2014, 02:05 PM   #38
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


سياسة الكيل بمكيالين


هنا حضرموت / مراد باخريصة

السبت 15 فبراير 2014



مراد باخريصة

إن من عجائب الزمن وغرائب اليمن أن يعيش المواطن اليمني في هذا البلد لايدري كيف تمشي الأمور؟ وعلى من يطبق النظام؟ وهل يوجد فعلاً نظام يمشي على الكل ويحكم الجميع؟ أم أن هناك امتيازات خاصة لقوم دون قوم ومحافظات دون أخرى وقبائل دون قبائل وأشخاص دون أشخاص.

هناك تلون غريب في المواقف وتعامل عجيب في الأحداث مع أناس دون أناس وتناقض صريح إزاء الموقف الواحد بين منطقة ومنطقة.

فبينما يتهجم الحوثيون ويتمددون ويسمح لهم بامتلاك السلاح الثقيل وإحازة الترسانة العسكرية الضخمة والقوة الحربية الهائلة ويترك لهم الحبل على الغارب وتقف الدولة بكل مؤسساتها وقواتها تجاههم موقف المتفرج ولايسئلون عما يفعلون ولايحاسبون عما يقومون به من خروقات هوجاء وتصرفات خطيرة محلياً وإقليمياً ودولياً.

إلا أن موقف الدولة في المقابل قوي شديد ورهيب عنيد مع أطراف أخرى فهي تقف ضد القاعدة موقف الحازم المحارب وتحمل لهم عصاها الغليظة وتضربهم في كل مكان بكل عنف وقوة وتطاردهم على كل جبل وفي كل سهل ومنعطف مطاردة دقيقة وتتعاون مع الغرب والشرق لقصفهم وضربهم والقضاء عليهم ولو بمجرد الشبهة.

نستغرب موقفها المتناقض من موقفها القوي وبأسها الشديد تجاه هؤلاء بينما تقف ذليلة كسيرة حقيرة صغيرة أمام الحوثيين وأمام تحركاتهم وترصد قاداتهم وضبط أعمالهم الإجرامية وأفعالهم الماكرة فأين الإنصاف في المواقف؟ وأين العدل في الأحكام؟ وأين التصرفات السوية والنظرة العادلة؟ ولكنه الظلم في الحكم والجور في النظرة والمحاباة والمجاملة على حساب الدين والبلد والناس.

من المواقف العرجاء المتناقضة لهذه الدولة المريضة أن نراها تنظر بعين العمى ونظرة التجاهل إلى المخربين الذين يخربون طاقتها النووية ويستهدفون أبراجها الكهربائية ويفجرون أنابيبها النفطية ويتحكمون في طرقها وممراتها الدولية ويمنعون فرقها الهندسية من مجرد إصلاح الاختلالات والخراب الذي قام به المخربون ولكن هذا نراه في الشمال فقط ومع القبائل المتنفذة هناك ولهم سنوات طويلة على هذا المنوال بل لا يكاد يمر أحياناً يوماً واحد دون أن يفجروا أنبوباً أو يسقطوا برجاً أو يحتجزوا فريقاً ومع هذا فالدولة تقف معهم موقفاً بارداً وتتعامل معهم بطريقة عفوية وتجاملهم مجاملة غريبة وتتودد لهم تودداً مضحكاً وترسل لهم الوساطة تلو الوساطة.

لكن الغريب والعجيب والمضحك المبكي أنه حينما قامت بعض القبائل هنا في حضرموت بفعل بعض الأفعال البسيطة للضغط على الدولة بعد دعوتها مسبقاً إلى وقف النهب وإيقاف مسلسل السرقة للثروات والنفط فقامت الدولة بالتلويح بالضرب بيد من حديد وجاء وزير الدفاع نفسه إلى مواقع الشركات النفطية وأطلق من هناك تصريحاته النارية وتهديداته الحارقة التي تصف الجموع التي تخالف الدولة وتشتبك معها بأنها مجاميع إرهابية وأن الثروة ثروة الجميع وليست ثروة أحد وكأن التوزيع لهذه الثروة منذ البداية كان توزيعاً عادلاً.

فياترى لماذا لا يطلق هذه التهديدات الجوفاء على العابثين بالمحطات الغازية والكهربائية في مأرب وصنعاء ومفجري الأنابيب الذين يفجرونها في كل صباح ومساء؟

لماذا مفجروا الأنابيب في مأرب يداهنون وفي حضرموت يهددون؟ ولماذا لأولئك يتوددون وعلى هؤلاء يستأسدون ولأشد العبارات وأقوى التهديدات يطلقون؟

إن هذه التهديدات إن كان مهدداً حقاً فليوجهها إلى من أدمنوا القتل واستمرأوا العبث واحتلوا محافظات ومديريات بأكملها وقتلوا المئات وجرحوا الآلاف وهجروا وشردوا عشرات الآلاف والدولة ساكتة واقفة لم تحرك ساكناً.

بل وصرح الوزير نفسه في تلك الأحداث بأنه محايد إن لم يكن في الواقع موالي ومداهن ولكنه الحياد الذميم المساوي بين الجلاد والضحية بل والواقف مع الجلاد ضد الضحية.

عليه أن يهدد المعتدين على الكهرباء والمصالح الحيوية في الشمال فهم أولى بالتهديدات وبالتحرك الفعلي لكف أذاهم وإيقاف إجرامهم وعبثهم أما قبائل حضرموت وعموم أبنائها فإن ضررهم ومخالفتهم للنظام ووقوفهم ضده لم تصل إلى واحد في المائة مما يفعله أولئك.

فليسحب تهديداته وليراجع مواقفه وليوقف هذه السياسة القذرة سياسية الكيل بمكالين وليعتذر اعتذاراً صريحاً عن الأسلوب الفج القبيح الذي تكلم به وليسارعوا إلى تلبية مطالب أبناء حضرموت ويوافقوا على ما أجمعت عليه قبائلها في وادي نحب قبل أن ينفرط العقد وتتطور الأحداث وتنعكس الأمور انعكاساً سلبياً على الجميع بسبب هذا التناقض والتراخي الذي أفقد في الدولة الأمل وحكّم فيها سوء الظن وفتح عليها باب الاتهامات من جميع المنافذ والمداخل.

يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.

من المواقف الفجة المتناقضة التي نراها في بلدنا ونشاهدها بأعيننا ونسمعها بآذاننا الموقف المتناقض مع الشعب في المناداة في الإعلام بالسلام والتبشير بالحوار والتحبب إلى الناس بالكلام المعسول والحوارات الفارغة وتشكيل اللجان المتابعة بينما يراها الناس في الواقع تظلم وتقتل وتبطش وتعتدي وتفعل أعمالاً إجرامية وتقوم بمذابح رهيبة مخيفة تدل على نفسية حاقدة وقلوب غليظة ونفوس عدوانية قبيحة لا تعرف معنى السلام ولا تريد الأمان ولا تتكلم بمنطق العقل والحوار وإنما تتكلم بمنطق الإجرام والقوة.

ولا أدل على ذلك من الأعمال المتواصلة والمذابح المستمرة ضد أهلنا وإخواننا في الضالع ولحج التي يشيب لهولها الولدان وتتقزز من رؤيتها العينان وتتفجر من سماع أخبارها الآذان وتشمئز النفوس منها كل الاشمئزاز وتعلم أن من يمارس هذا الإجرام هناك فلا مانع لديه من ممارسته هنا ومن يضرب هناك فلنتوقع أن يضرب هنا نسأل الله السلامة والعافية.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس