عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2014, 11:44 PM   #554
نديم
مشرف عذب الكلام
 
الصورة الرمزية نديم

افتراضي

لابد من اليمن.. وإن طال الزمن !
الخميس 20 فبراير 2014 الساعة 08:10
حول الكاتب

أحمد عبد الرحمن العرفج
لفتة إنسانية لمواليد السعودية


اليَمن؛ لَيس مُجرّد قِطْعَة جُغرَافيّة مِن مسَاحة الأرض، بَل هو مسَاحة مِن جُغرافيا القَلب، وخَارطة الوجدَان، التي تَربط العَرَب بأصُولِهم، ويَكفي أنَّ الأثَر النَّبوي يَقول: (الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)..!
وفِي هَذه الأيَّام كَثُر الجَدَل حَول اليَمن، والانتسَاب لَه، لذا أُذكّر هُنَا أنَّ العَرَب -كَما يَقول المُؤرِّخون- تَرجع أصُولها إلَى اليَمن، وكَم تَمنّيتُ أنْ أكُون مِن أبنَاء اليَمن السَّعيد، الذي سَعدتُ بزيَارته، وتَعلَّمت مِن عُلمَائه وشُعرَائه وأُدبَائه..!
ومُنذ فَترة، وأنَا أُحدّث نَفسي بالكِتَابة عَن الشَّاعر اليَمني الكَبير "عبدالله البردوني" -رَحمه الله-، ذَلك الشَّاعِر الكَفيف الذي أذهَل المُبصرين، وحَيّر القَارئين والقَارئات بشِعره النَّادر، وبأسلُوبه السَّاحِر، وهَا هي الفُرصَة تَأتي لأقول عبَارة؛ آمُل أنْ تَتفكّروا فِيها جيدا.. أقول: اسألُوا أنفسكم: مَاذا لَو كَان البَردوني شَاعِراً مِصريًّا؛ ولَيس يَمانيًّا؟! فَقط تَخيّلوا هَذه الفَرضيّة، وتَفضّلوا بالإجَابَة عَن السُّؤال..!
إنَّ "البَردوني" شَاعر عَاش الألَم في اليَمن، ونَقَل لَنَا ذَلك الألَم، وعَاصر المُعَانَاة، وصَوّر لَنَا تِلك المُعَانَاة لنَعتصر مَعه حُزنا، فهو يَقول عَن نَفسه:
مُوَاطِن بِلاَ وَطَنْ
لأَنَّهُ مِنَ اليَمَنْ
ثُمَّ يُعرّج عَلى تَناقُضَات اليَمن، فيَقول في قَصيدته "الغَزو مِن الدَّاخِل":
فَظِيعٌ جَهْلُ مَا يَجْرِي
وَأَفْظَعُ مِنْهُ أَنْ تَدْرِي
وَهَلْ تَدْرِينَ يَا صَنْعَا
مَن المُسْتَعْمِرُ السِّرِّي؟
غُزَاةٌ لاَ أُشَاهِدُهُمْ
وَسَيْفُ الغَزْوِ فِي صَدْرِي
فَقَدْ يَأْتُونَ تبْغاً فِي
سَجَائِرَ لَوْنُهَا يُغْرِي
وَفِي سِرْوَالِ أُسْتَاذٍ
وَتَحْتَ عمَامَةَ المُقْرِي
وَفِي أَقْرَاصِ مَنْعِ الحَمْلِ
وفِي أُنْبُوبَةِ الحِبْرِ
ويَقول في مَقطع آخَر مِن نَفس القَصيدة:
يَمَانِيُّونَ فِي المَنْفَى
وَمَنْفِيُّونَ فِي اليَمَنِ
جَنُوبِيُّونَ فِي صَنْعَا
شَمَالِيّونَ فِي عَدَنِ
وَمِنْ مُسْتَعْمِرٍ غَازٍ
إِلى مُسْتَعْمِرٍ وَطَنِي
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذا هو شَاعرنا "عبدالله البردوني" -رَحمه الله-، فأهلاً بِهِ وسَهلاً، فنَحنُ مِن اليَمن، وإلَى اليَمن، فمِنه تَعلّمنا حُب الوَطن، وإن تَحوَّل إلَى كَفنٍ..!!!
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس