عرض مشاركة واحدة
قديم 06-16-2010, 10:00 AM   #13
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي


التعليم في مهجر الحضارمة الإندونيسي


بالرغم من أن الأمية كانت منتشرة في حضرموت، ولكن حضرموت حينها تعد حالها من أحسن الاحوال ، إذا ما قورنت ببقية مناطق الجنوب والجزيرة العربية والخليج ، حيث كانت في حضرموت حركة تعليمية مبكرة ساهمت في ظهور اجيال من العلماء والفقهاء والادباء ، خاصة بين طبقة ابناء السادة العلويين والمشائخ الذين نالوا حظهم من التعليم الديني في الكتاتيب (( المعلامة )) او الزوايا المنتشرة في المدن الحضرمية ، ولم يطل القرن التاسع عشر الميلادي على حضرموت وإلا قد شهدت حضرموت تطورا كبيرا في أداء مستوى الكتاتيب التعليمي ، وظهرت الأربطة التعليمية التي جمع لها تبرعات من تريم وسنغفورة وجاوة ، وأوقف الميسورين من الحضارمة المهاجرين الاموال لهذه الكتاتيب والأربطة الدينية في تريم وسيئون وغيل باوزير وعينات وغيرها من المدن الأخرى ، وفي هذه الأربطة كان الطالب يقيم مجانا ، ويقدم له المأوى والتعليم والأكل دون مقابل ويتلقى علوم الدين واللغة العربية والأدب والمنطق وقليل من الرياضيات .

ومن هذه الاربطة تخرج الالوف من العلماء من ابناء حضرموت واليمن والملايو وزنجبار والصومال وغيرها من الاقاليم . وهذا الازدهار العلمي الذي شهدته حضرموت أثر ايجابا على المهاجرين الحضارمة في جاوه وبدأ الحضارمة يدركون أهمية التعليم لابناءهم في المهجر فمنهم من أرسل ابناءه الى حضرموت للتحصيل العلمي الديني ، ومنهم من أخذته الغيرة في الدعوة الى فتح المدارس في المهجر حتى لايضيع الجيل الجديد من ابناءهم في مجاهل الأمية.

بدأ الحضارمة بالاهتمام بالتعليم في جاوه عن طريق اقامة حلقات العلم والتي تتم في المساجد القريبة من تجمعاتهم السكنية ، ثم انتقل الوضع ان استحدثت توسعات في مساجدهم باضافة ملحقات بها خاصة لحلقات التعليم تسمى بلغة الملايو (( لأنقر )) ، حيث اوكلت لأمام كل مسجد ملحق به (( لأنقر )) مهمة القيام بتعليم الصبية الصغار ، والاهتمام بالمسجد واقامة الشعائر الدينية . وكانت مناهج هذه الحلقات ومحتوياتها هي نفسها الموجودة في حلقات التعليم في حضرموت .

إلا ان اقبال الاطفال الحضارمة على التعليم في المهجر الاندونيسي كان ضعيفا جدا ، يقول الاستاذ صلاح البكري (( أما الاطفال الذين ولدوا في جزر الهند الشرقية في القرن التاسع عشر فقد كانت هناك نسبة ضئيلة ممن التحق منهم بالتعليم ففي عام 1885م على سبيل المثال في باتافيا كان إجمالي عدد الاطفال الحضارمة 569 طفلا لم يلتحق بالتعليم منهم سوى 40 تلميذا فقط وكذلك الحال في مدينة سورابايا التي كان فيها عدد الاطفال الحضارمة 461 لم يلتحق بالتعليم منهم سوى 100 طفل تقريبا (1).

بالرغم من ان الاغلبية الساحقة من المهاجرين الحضارمة في اندونيسيا كان اهتمامهم منصب على الاعمال التجارية وجمع الاموال وعدم الاهتمام بالمسألة التعليمية لأولادهم ، إلا ان الجزر الاندونيسية لم تكن خالية من العلماء الحضارمة فقد كان هناك عدد لا بأس به من العلماء المهاجرين من حضرموت او من ابناء المهاجرين ، وكان اغلبهم من السادة العلويين وكانت مهمة هؤلاء العلماء تولي أمر الخطابة في المساجد والقيام بالوعظ والارشاد ونشر الدين الاسلامي .

في مطلع القرن العشرين أدرك حضارمة المهجر الاندونيسي اهمية التعليم الحديث فوجدوا انفسهم مقارنة مع بقية الجاليات الأخرى المقيمة في اندونيسيا بانهم متخلفون في الجانب العلمي الحديث ، وهذا الذي دفعهم في التفكير بجدية بالقيام بنهضة علمية حضرمية في مهجرهم الاندونيسي ، حتى يردمون الفجوة بينهم وبين من حواليهم من هولنديين وصينيين ويابنيين وغيرهم من الأعراق الاخرى ، فما كان من السادة العلويين الا وان شمروا السواعد سنة 1903م واسسوا جمعية خير في باتافيا مهمتها النظر في ما يصلح شأن الحضارمة ومستقبلهم ويرفع مستوياتهم التعليمية بين الجاليات الأخرى وفي عام 1905م تولت هذه الجمعية الخيرية القيام جمع التبرعات لإنشاء مدرسة للتعليم ، تعد حينها مدرسة حديثة نموذجية وقد تم استقدام شيوخ لها من غير الحضارمة منهم الشيخ احمد السوركتي (( السوداني )) والشيخ محمد الطيب (( المغربي )) والشيخ محمد عبدالحميد (( السوداني )) وتم التعاقد مع هؤلاء المشائخ عام 1911م حيث كانوا يتولون التدريس في مكة المكرمة وكان مشهو لهم بالعلم والاخلاق .

تدافع ابناء الحضارمة في المهجر الاندونيسي على هذه المدرسة وبدأت الفصول تزدحم بالطلاب مما دفع بالمسؤلين في الجمعية الخيرية الى فتح ثلاثة مدارس اخرى ، وأمام الطلب الزائد للتعليم وازدياد معدلات القبول للطلاب الجدد اضطرت ادارة الجمعية لاستقدام مزيد من المدرسين السودانيين منهم الشيخ أحمد العاقب الانصاري ، والشيخ ابوالفضل محمد السوركتي ، والشيخ حامد الانصاري ، والشيخ محمد نور (2).

بعد هذا النجاح في التجربة التعليمية الحضرمية الحديثة توجهت النهضة التعليمية في التوسع لتغطي المدن الاندونيسية الاخرى فقد تم افتتاح عدة مدارس منها :

1- مدرسة الجمعية العربية بالصولو
2- ومدرسة الجمعية الخيرية بسورابايا
3- مدرسة شمائل الهدى في بكالونان
4- المدرسة العربية الحديثة في باليمبانغ.

وبعد ظهور الحركة الارشادية في جاوة فقد شهد المهجر الحضرمي طفرة تعليمية كبيرة ، فقد تم فتح عدد كثير من المدارس التابعة لحركة الاصلاح والارشاد ، حتى بلغت خمسين مدرسة قبل الربع الاول من القرن العشرين يدرس في هذه المدارس نحو الف طالب.



---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ الارشاد ص14 صلاح البكري
(2) نفس المصدر السابق.
التوقيع :
  رد مع اقتباس