عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2012, 01:27 AM   #5
وادي عمر
مشرف سقيفة الحوار السياسي
 
الصورة الرمزية وادي عمر


حضرمية في الديار الفرنسية (2-4) 8/5/2012 المكلا اليوم / كتب: م. عبدالرحمن بن محمد باهرمز
من الحرم المكي إلى الشانزليزيه
لم استطع صبراً حتى الغد فقادتني قدماي إلى المطعم مساءً، اتخذت مقعدي في مكان الصباح، وما أن رآني النادل حتى تهلل وجهه وبادرني بالتحية، فقلت له: هل تسمح لي ببعض الحديث؟ رجوته أن يدلني على من يعرف شيئا عن الحاج باعبود،.فأطرق قليلاً ثم قال: حسناً سأدلك على صديق الحاج، انتظر.
قدّم لي كوباً من النسكافيه، وظللت أتأمل المطعم وزبائنه، وبينما أنا على تلك الحالة، أقبل النادل ليخبرني بأن صديق الحاج باعبود بانتظاري في المقهى المجاور.
قدمني النادل للسيد جاك رينيه بقوله: السيد عبدالرحمن من بلد الحاج مبارك، ثم انصرف.
تبادلنا عبارات المجاملة التقليدية، ثم بادرته:
- ما حكاية الحاج مبارك؟
ابتسم السيد جاك، واعتدل في جلسته، ثم قال:
- حكايته حكاية!, مبارك صديق نبيل جداً، عرفته منذ الشباب، عندما أتى إلى باريس، تقابلنا صدفة في محطة المترو، كان لا يجيد الفرنسية، واستعان بي كي أدله على بانسيون يقضي فيه ليلته. أحببته منذ الوهلة الأولى، قرأت في ملامحه شخصية نبيلة، وشهامة، وصدق.
تسألني كيف وصل هذا الحضرمي إلى باريس، وصار له فيها هذا المطعم الذي يرتاده زبائن من جنسيات عديدة؟
حكى لي أنه كان يعمل بحاراً بين عدن وجيبوتي، وارتحل على باخرة إلى مكة لأداء الحج، وكانت تراوده فكرة السفر إلى أوربا، ومن جدة استقل باخرة إلى مصر ثم فرنسا.
صرنا صديقين، وساعدته في أن يبدأ حياته بما كان معه من نقود ليست كثيرة، فعمل أميناً للمال في المتجر الذي يملكه أبي، في الشانزليزيه.
كان أبرز مايميزه أخلاقه العالية وأمانته، فأحبه أبي، ومنحه غرفة في بيتنا وعامله معاملة الابن،. وكان حريصاً على عدم الإسراف والتبذير، وكان مسلماً في بساطة واعتدال، وكنا نحترم شعائره التي كان يمارسها بهدوء.
عرفنا منه أنه من بلد اسمه حضرموت يقع على بحر العرب، وأن تلك البلاد لها تاريخ وحضارة، وأن أهلها يفتخرون بأمانتهم، والحقيقة أن مبارك كان سفيراً لحضرموت في باريس، بسلوكه الهادئ.
أحسست بزهو وهو يتحدث عن الحاج باعبود بهذه الطريقة، فسألته: وماذا عن زواجه؟ والمطعم؟
ابتسم السيد جاك ثم قال: لم تكن لمبارك مغامرات عاطفية أو نزق لكنه كان يحدثني عن رغبته في الاقتران بفرنسية وتحدثنا عن الاختلاف الديني فأوضح لي أن دينكم يجيز له التزوج بالمسيحية، وقد فاجأني يوماً بأن له علاقة بفتاة من ضواحي باريس، هي السيدة كاتي أم ابنته الوحيدة ليليان النائبة السابقة في البرلمان الفرنسي عن الحزب الاشتراكي.
استقل بشقة خاصة مع زوجته، وساعده أبي ففتح بوفيه لإعداد الوجبات السريعة، حتى تحسن وضعه، ففتح هذا المطعم.. بدأه بالأكلات الفرنسية والأوربية، وبعد أن اطمأن إلى وضع مالي جيد، فاجأني برغبته في أن يضيف إلى قائمة الطلبات أكلات عربية وحضرمية على وجه الخصوص.
كان لديه حنين إلى بلده، وكان في أماسي نهاية الأسبوع يدندن لنا بألحان شجية من تراثكم الجميل، وكان صوته حسناً، وكانت أمي تعتبره ابناً لها، وتوطدت العلاقة أكثر بعد زواجه وإنجابه ابنته الوحيدة.
في البداية لم يكن الإقبال جيداً على الأكلات الحضرمية، لكن الحاج مبارك لم يحزن، بل طلب مني أن أحضر له مجموعة من الشباب والشابات ليدربهم على بعض الرقصات الشعبية من بلده، يشد بها الزبائن إلى الأكلات الجديدة، وقد عجبت من عشقه للتراث الشعبي وقدرته على تدريب المجموعة التي بدأت بتقديم رقصات من تراثكم نهاية كل أسبوع مقابل تناول وجبة حضرمية، حيث نالت الرقصات الإعجاب وجذبت الزبائن وروّجت للمطعم وأكلاته الجديدة.
كان مبارك في تلك الليلة في غاية الانشراح، وقد صاحبَ بعض الرقصات بالعزف على الناي العربي والإيقاع الإفريقي، وأذكر أنني سألته عن فنونكم وحدثني عنها بفرح شديد، ورقص بحركاته الخفيفة رقصات رائعة منها، وذكرَ لي أسماءها وكتبت عنها مقالاً في الصحافة.
ثم قال لي جاك: ذكّرني بأسمائها؟
فقلت له: الزربادي؟
فقال: لا .
قلت: العدّة؟
فقال: لا.
قلت: الدحيفة؟
فقال: أووووه الدهيفة الدهيفة!!
في الحلقة الثالثة تفاصيل أخرى عن الحاج باعبود في باريس.
[email protected]
مشاهدات حضرمية في الديار الفرنسية (1-4)
التوقيع :
[SIZE="4"]
[COLOR="DarkGreen"]
وادي عمر كنز المنى

والمسرة باطوف عاعشبة عشية وبكرة باعيش في قربة اذا سرحت ماسية

يااهل وادي الخير وادي الوفاء

طابت مراعية
[/COLOR
]
[/SIZE
]
  رد مع اقتباس