عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2004, 12:40 AM   #1
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي السـحـاب والمطر في الشعـر الشـعبي ( 3 ) ..!!!

.
أرتبط الشعر الشعبي في حضرموت بالحروب القبلية الداخلية والصراع على الحكم بين السلطنات المتناحرة في القرون الماضية وظل الربط بين الحرب والسحاب والبرق والرعد متلازمًـا في الشعر الشعبي الحضرمي بعكس ما نقرأه في الشعر العربي الفصيح والذي تلازم فيه ذكر السحاب والمطر والغيث بالجود والكرم كما قال الشاعر القديم:



وقول آخر:

نديٌ بنان الكف في كل شتوةٍ= يجف بها ضرع الغيوم الدوافق
فحين تشيم المجدبون بوراقًا= تمنوا نداه غيث تلك البوارق

وقول المتنبي في ممدوحه:


نتواصل مع موضوع السحاب والمطر والرعد والبرق وما يحمله من معاني واشارات في صور شتى من الشعر الشعبي .

فإذا كانت الحرب هي نتائج تفكير غريزي وحشي لجأ إليه الإنسان في فرض قوته وهيمنته على أخوه الإنسان فإن هذه النتائج اصبحت لها أدوات واساليب واختراعات كانت بدءًا من صنع السهام والحراب الحجرية مرورا باكتشاف الحديد وصنع عدة الحرب من معدن الحديد حتى ظهر اختراع الباروت والمواد الشديدة الانفجار من الديناميت وغيرها من اسلحة الدمار الشامل الحديثة.
وقد صاحبت هذه الوسائل والاساليب والاختراعات حروب تشن بعدة طرق قد تؤدي الى تحقيق اهدافها دون إراقة قطرة دم كالحروب النفسية والتي تستخدم فيها الدعاية ضد الخصم حتى ينهار من الداخل وفي العصر الحديث استخدمت الإذاعات والقنوات الفضائية والصحافة وبث الإشاعات والمنشورات كاساليب دعائية ضد الخصم أما في القديم فقد لجأت وسائل الدعاية الى الشعراء لبث روح المقاومة وغرس شعور التفوق والشجاعة في صفوف القبيلة بالمدح والمبالغة في وصف القوة للرجال والجيوش وبالمقابل هناك اللجؤ الى تحطيم معنويات الخصم بقدر الإمكان ومحاولة وصفه بالجبن او العجزوالقصور او عدم التكافؤ وهذا ما لجأ إليه الشعراء الشعبيون في حضرموت عبر تاريخ نظم القصائد الشعبية وكان في استعارة الظواهر الكونية من سحاب ورعد وبرق وصواعق وسيول واعاصير ملتجأ لجميع الشعراء في الإستعارات وتلازم هذه الظواهر مع وصف الحرب ونتائج الظلم ورياح الانتصارات. وهناك النماذج الكثيرة منها قصيدة الشاعر اليافعي عبدالله بن صالح النقيب التي بعثها الى الشاعر سعيد بن عبدالحق ويبدو بوضوح ما ذهبنا اليه من اللجؤ الى استعارات السحب والبرق والرعد ليكون متلازما مع وصف الحرب والانتصار المزعوم كما يقول فيها:
قله يقول السعيدي غيثنا طرّح= فوق المدينه تهنا نخلها وذبور
ماهو كما غيثكم كل لغب يلفح = يرعد ويبرق وتاليه ارتكزن عكور

فرد عليه الشاعر سعيد بن عبدالحق بقوله:

لا حت بروق الجو في الليل لي جوّح= وحن رعد الجميله فوق راس القور
رغاي من فوق بحجم والمزن تطرح= فتكت سيوله وروى ذبره المعمور
وانته الحذر في شبام العاليه تمرح= إلا الذي في الضنك قد ظهر وامظهور
هذا جوابك وتذكر غيثكم يطرح = وغيثنا بعد رعده ارتكزن اعكور
كله من الريح ذي منه المزن تلقح= يوم اشتعف صار غيث القبوله منحور

أما الشاعر ربيّع بن سليم باذليخ فقد هاجر من بلدته تريم الى جاوا فرارًا من الظلم الاجتماعي والفوضى والاضطراب الذي ساد مدينته تريم أبان حكم عائلة بن غرامه اليافعية والتي اشتهر حكمها بالقسوة والبطش بالرعية حتى بلغ هذا الظلم مبلغًا جعل الناس يستـنجدون بآل عبدالله من آل كثير لرفع الظلم وتحرير مدينة تريم من هذه العائلة اليافعية الظالمة وساعد قدوم القائد عبود بن سالم الكثيري بجيشه وحصاره لقوات عبدالقوي بن غرامه في تريم على نشوب معركة حاسمة كان النصر فيها لآل كثير وبلغت اخبار انتصارات آل كثير إلى جاوه فنظم الشاعر الشعبي ربيع بن سليم قصيدته العصماء والتي تعد من عيون الشعر الشعبي الحضرمي وقد أمتازت بقوة ربط الشاعر بين الظواهر الكونية من سحب وبروق وصواعق وسيول كنتائج رجاء للخير من الخيرين وبشيرًا للظفر والنصر إلاّ إنها هي علامات العذاب وبشائر لإندحار رموز الظلم والطغيان الحاكمة يقول ربيع بن سليم:

بروق الظفر والنصر في الأفق لملمت = وثجت على الغنــّـا خواصب مزونها
ورعد الهنا قاصف يزوع الشوامخ= وزلزل ديار الظلم واهدم حصونها
وسالت سيولاً هائله تملي الفضا= محت أثرت الظلمه وخابت ظنونها

ولكن كيف يكون مصير ديار الظلم امام هذا الغضب الرباني والذي سلط هذه الظواهر الكونية كعلامات انذار لهؤلاء الظلمة العتاه والذين ظنوا انفسهم بمنجيين من العذاب يقول الشاعر ربيع بن سليم

وصارت ديار الظلم عبرة لمن يرى = كأن لم يكن فيها عرب يسكنونها
خلت خاويه تبكي على من سكن بها= ويستوحش الفض الغضب من سكونها
وظلاّ غراب البين ينعى على اهلها= وباتت طيور البوم تندب فنونها

وينتهي الشاعربحقيقة تؤكد أن هذه هي نتائج الظلم والجور وعواقبه الوخيمه التي تحيق بأهله وتهدم اساسات وديانه و بنيانه وتردي بأهله إلى مهاوي سحيقه يقول الشاعر ربيع بن سليم:

فمالي أرى الموزع خرب اصل ساسه= واجتث الشجرة ويبست غصونها
ولكنهم بالظلم والجور والهوى = رموا في مهاويها ولم يحذرونها

أن طول الغيم والإنتظار دون نزول الأمطار هو بمثابة النذير السيء لعله عقبى لأيام حبلى بالأسى والمأسي وهذه ما عبر عنه الشاعر الغنائي حسين ابوبكر المحضار حين استعار من السحب نذير لهبوب العواصف المقبلة وقدوم للمجهول فيقول


وحتى لا تغيم الإطالة في الموضوع على القراء القليلين الصبر نتوقف على أمل اللقاء معكم في تواصل دائم.



.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 04-25-2004 الساعة 12:56 AM
  رد مع اقتباس