عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-2011, 09:21 PM   #3
شيخ الحبشي
حال جديد

افتراضي

الحلقة الثانية من ترجمة الإمام أحمد بن زين الحبشي
. قال المترجم له (( ومما قرأته وطالعته كله أو بعضه كتاب المنهاج للنووي وشرح المحلي عليه وشرح ابن قاضي شهبه وشرح المراغي وتحفة ابن حجر ونهاية الرملي كلها هذه شروح عليه ومنها الروضة وشرح المهذب وتصحيح التنبيه وشرح مسلم والإرشاد في علم الحديث كلها للنووي , وإرشاد الغاوي لابن المقري وشرح الإرشاد لابن أبى شريف والفتح والإمداد لابن حجر والتمشية للمؤلف والإعانة للنزيلي وحواشي أخر عليه وعلى اصله الحاوي والروض لابن المقرئ أيضا وشرحه الاسنى لزكرياء وحاشية الاسنى لبا مخرمة وحاشية الفتح لمصنفه ابن حجر ومختصرات بافضل وشروحهما والوسيط والخلاصة للزركشي والمهمات للاسنوي ومجمع البحرين وكتاب على تصحيح التنبيه له،وفتاوى ابن حجر الكبرى وفتاوى لأبى مخرمة وأبي حميش وأبي شكيل والسمهودي وابن ظهير وأبي قضام وابن مطير وابن عبسين وابن زياد وغير ما ذكرت من الفتاوى الفقهيات مما لم اذكره )اهـ قلت وغيرها مما لا يسعني أن اذكرها في هذا المختصر وإلا فأصول سفينته الشيء الكثير .
وأما لبسه عن الإمام الحداد قال عنه المترجم له(1) :" لقد لبست منه الخرقة الفخرية الفقرية مراراً كثيرة لبست منه القبع نحو ست مرات وثلاثة قمصان وعمائم وطواقي كثيرة وتلقنت منه الذكرلا اله إلا الله وصافحني وأذن لي في التدريس وفي إلباس الخرقة وفي التحكيم وقد قال سيدي عبدالله الحداد : لقينا وأخذنا عن خلق كثير من أهل حضرموت واليمن وأهل الحرمين الشريفين يزيدون على المائة من بين عالم وعارف وأخ صالح لا يسمح الزمان اليوم بوجود واحد منهم . " اهـ
وأما الإمام العارف بالله أحمد بن عمر الهندوان فقد جالسه المترجم له وتردد إليه كثيراً وانتفع به في طريق الله وقد عده من مشايخه .
وقد أخذ المترجم له عن السيد محمد بن أبي بكر شليه باعلوي من علماء الحرم قال : كاتبت السيد محمد المذكور إلى مكة كتابين أجاب عليهما و حدثني في أحدهما بحديث الأولية عن النبي صلى الله عليه وسلم (( الراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) كما حدثه به مشائخه منهم البابلي وغيره .
وأخذ أيضا مكاتبة عن العالم المحدث محمد بن محمد بن سليمان( 2 )واخذ مكاتبة عن الفقيه العلامة حسن بن علي العجمي الحنفي المكي (3 ) واستجازه في حديث الأولية المذكور بالخصوص فأجابه وأجازه في الحديث المذكور وفي كل مروياته وجميع الأحاديث المسلسلة بالأئمة الحنفية والصوفية و أجازه في رواية الكتب الستة الصحاح والسنن والمسانيدوهذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صلي على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم سلام الله تعالى ورحمته وبركاته على سيدنا ومولانا السيد العلامة السند الفهامة صفي الدين أحمد بن زين العابدين الحبشي حفظهما الله وأدام النفع بهما آمين وبعد فقد وصل كتابكم الكريم وحصل لي مزيد الفرح وذكرتم أن مطلوبكم خصوص الإجازة في الحديث المسلسل بالأولية وهو ما أخبرتكم به خصوصا وأجزت لكم رواية جميع الأحاديث المسلسلة بأئمتنا الحنفية وسادتنا الصوفية وروايةالكتب الستة الصحاح والسنن والمسانيد وجميع ما يجوز لي وعني روايته ، وقد أخذت عن خلق كثير ما بين سماع وإجازة ثم عدد إشياخه وبعض أشياخهم ومقروءاته من الكتب عليهم وأطال إلى أن قال كل ذلك لاغتنام صالح دعواتكم فالله الله لاتنسوني ووصوا بالدعاء لي كل من أخذ عنكم والتمسوا لي من أصحابكم واسألوه لي من والدكم وشيوخكم واستمدوا لي من أجدادكم عند ضرائحهم المشرفة نفع الله بهم . قال سيدنا أحمد وصلت هذه الرسالة يوم الثلاثاءفي النصف الأخيرمن شهر ربيع أول سنة (1092 هـ ) .
واجتمع بالحبيب عمر العطاس وقال و جدنا أنَّ السر عنده ، وبابنه الحبيب الحسين والشيخ العلرف بالله علي بن عبدالله باراس ببلدة الخريبة في أول زيارة له والشيخ محمد بامشموس بقرية القرين بدوعن ، واجتمع بالحبيب أحمد بن هاشم الحبشي والحبيب عيسى بن محمد الحبشي وكانا يحترمانه ويعظمانه ويستشيرا نه في بعض أمرهما مع صغر سنه لأن الحبيب أحمد بن هاشم سنه مقارب للإمام الحدا د والحبيب عيسى أكبر منهما ،وقد أخذ عن جماعة ممن أخذ عن سيدي الحبيب الشيخ أحمد الحبشي (صاحب الشعب )كابنه الحبيب نور الدين الحسن بن أحمد صاحب الشعب ، وكابن ابنه الحبيب جمال الدين محمد بن الحسين بن أحمد الحبشي ،وعمه الحبيب عيدروس بن علوي بن أحمد ،ووالده الحبيب زين بن علوي ، وقد قال الإمام الحداد أن اليد في هذا الشأن يعني طريق القوم للسيد أحمد بن زين منّا ومن جده الشيخ أحمد الحبشي ومن والده السيد زين . واجتمع بالسيد الخاشع المتواضع الحبيب شيخان بن السيد العلرف الحسين بن الشيخ أبي بكر بن سالم والحبيب علي بن الحبيب سالم بن أحمد بن الشيخ الحسين بن أبي بكر بن سالم . نفعنا الله بهم .
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وأما الآخذون عنه فهم كثير منهم أولاده السابقي الذكر, ومنهم الحبيب محمد بن زين بن سميط وأخيه الحبيب عمر بن زين بن سميط , والحبيب عمر بن عبدالرحمن البار والحبيب أحمد بن علي بن الحسين بن عمر العطاس والحبيب أبوبكر بن حسن بن عبدالله العطاس وأخيه الحبيب علي بن حسن العطاس وسنه أربع عشر سنة والحبيب شيخ بن عبدالله بن محمد بن حسين بن أحمد الحبشي والحبيب يوسف بن عبدالله الحسني والشيخ عبدالله بن عثمان العمودي والشيخ الحسين بن أبي بكر بانافع ... وغيرهم .
ذكر بعض أخلاقه وأوصافه :
كان المترجم له عالماً عابداً ورعاً زاهداً تقياً محسناً مخلصاً متواضعاً قانعاً بالكلية عن الأغراض الدنيوية وله همة علية للمقامات العلوية وله نفس أبية لم تلتف إلى الأمور السفلية لم يأل في طلب المعالي جهدا ولم يدرك لمنتهاه حدا ، هذا وهواتف العناية تناديه، وبشائر السعادة قد حلت بناديه، شأنه الإعراض عن الأغراض حتى مضى لسبيله , ولم يلتفت لقال الزمان وقيله , صرف قلبه عن الدنيا صرفا , ولم يعرها يوما من الدهر طرفا , وكان كثير العبادة قوي المجاهدة حافظاً لأوقاته حريصاً على عمارة ساعاته , ما من وقت ولا ساعة إلا وقد شغله بشي من أعمال البر والطاعة من صلاة أو قراءة قرآن أو قراءة علم ومذاكرته أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو دعوة إلى الله , وكان شديد التواضع، لين الجانب، مخفوظ الجناح، حسن الخلق مع القريب والبعيد، بلغ في ذلك مبلغ عجيباً , عظيم الإنكاء دائم الافتقار معترفاً بالتقصير على دوام الأوقات مع شهود المنة لله والشكر له على ما أعطى ومنح من الفضل متحققاً بحقيقة قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه سيد الاستغفار ((أبؤ لك بنعمـــــتك علي وأبؤ بذنبي ))
وكان سخياً جواداً مفضالاً لايبالي بما أعطى ولا لمن أعطى لعمد الاحتفال ،فما يفتح له بشيء منها إلا وأخرجه في الحال مواسياً للفقراء والمساكين محسناإلى الغرباء والمنقطعين ،ومواصلاً للأصحاب والأقربين وكل ذلك إبتغاء وجه الله رب العالمين وكان حريصاً على كتمان ذلك بأقصى غايات الإمكان .
احترامه لشيخه وثناء شيخه عليه :
الحق أنى ما سمعت بإنطراح مريد انطرح على شيخه مثل إنطراح الإمام أحمد بن زين على شيخه الإمام الحداد فلقد سلم له كل قياده , و كان في كل شي يشهد شيخه ويأخذه حجةً في كل شي كان يقول: (( الذي نعتقده وندين الله به أن شيخنا الإمام عبدالله وارث أحوال جميع الأولياء السابقين واللاحقين وجميع الصديقين وكافة المقربين والأقطاب الكاملين رأينا ذلك عياناً وكشفاً وبياناً ورأينا في غيره من الأولياء تصديقاً واعتقاداً حقق الله لنا الرجاء فيه في خير وعافية وحفظ وصيانة وعاقبة حسنة والله لا يؤاخذنا بإساتنا الأدب معه والتقاعد عن عالي طريقته المثلى )) و كان يقول : (( لو خرجت مع سيدي عبدالله إلى المقابر وقال لهم قوموا من قبوركم أحياءاً وأنا انظر لم يزد ذلك في اعتقادي له شيئا )) وذلك لما رأى في كل وقت وحين من إحيائه موتى الجهل والغفلة بنور العلم والحكمة وما قدر الإحياء الصوري عند الإحياء المعنوي ؟ !
وكان الإمام الحداد يحبه ويثني عليه كثيراً , كتب إليه من بلدة تريم إلى الغرفة (( القلب مغتبط بوجودكم في هذا الزمان على ذلك الحال من الإقبال على الله تعالى وعلى طاعته ودعوة العباد إليه وتدريس العلوم النافعة وما يجري في ذلك المجرى )) اهـ وكان الإمام الحداد يصفه بأوصاف لا يسمح بها لغيره في صدور مكاتباته من ذلك: (السيد , القدوة , والشيخ والحبيب الأجل الأفضل الأعز الأكرم الأفخم الولي في الله شهاب الدين الثاقب العارف بالله العلامة المتقن الأوحد الأمجد الوفي الصفي الفقيه الصوفي الجليل الحفيل المنيف الفاضل النجيب الصدر الهمام المعتمد المتحقق بحقائق أهل الوفاء ) إلى غير ذلك من الأوصاف وحسبك أنها من سيدنا الإمام عبدالله الحداد المنصف المحقق وقد قال فيه شعرا :
أعلى له الرب الكريم مـنارا أما الحبيب السيد البر الذي
وبفعله من غير مـــا إنكارا أقامه داع إليه بقولـــــــــه
وينيله من قربه اوطــــــارا فالله يبقيه ويرفع قـــــدره
وسعادة لا تنتهي لقصــارا ويزيده علما ومعرفة بـــه

بعض أراءه الفقهية :ـ
لقد تضلع الإمام أحمد بن زين من الفقه الشافعي كثيرا حتى قال له الإمام الحداد أرجو أن تكون في العلم الظاهر كالإمام الشافعي ، وقد قرأ كتبا كثيرة في علم الفقه وأصوله ، وقد كانت له بعض الآراء الفقهية منها :-
قال رضي الله عنه أجد في نفسي شيئاً من قولهم في كراهية السواك للصائم بعد الزوال ، والاحتباء عند الخطبة في الجمعة ، وعدم الإكثار من الثناء على أهل البيت النبوي في كتب أهل الكلام ، وكنت أنكر ذلك من قديم ولكني لا أنكر ذلك على أحد غير أني لا أستحسنه أهـ .
- تعلم الفقه كمال للمتقي وزيادة له في سلوكه إلى ريه وسلم له إلى فهم حقائق الدين ولكنه ضرورة على من ليس كذلك من أهل الورع والدين والتقوى .
- وقال كلام العلماء في جواب المؤذن أن يقطع ما هو فيه لأجل إجابته ينبغي أن يقيد ذلك للسالك لأنه ربما يكون في وضيفة وقلبه حاضر مع الله فيها ويخشى إن التفت إلى إجابة المؤذن ذهب عنه حضوره فيها فينبغي أن يبقى على حالته التي سوعد فيها الحضور إذا كان ذا قلب وقد ذكروا ما يقاس ذلك عليه بالأولى .
- وقال عند الكلام على حكاية الأقوال واختلاف العلماء في ساعة الجمعة متى هي ؟ : كلامهم هذا كله صحيح والقصد من ذلك أن يعمل العبد على جميع الأقوال ويكون راجيا كونها في جميع اليوم ، فقال له قائل ما الذي نأخذ به منها فقال له خذ بها كلها واعمل لله في جميع نهارك وكن كما كلب أهل الكهف حتى تصيب ، لما لم يرجع عنهم بعد الطرد منهم صار ثامنهم وأعقبه ذلك دخول الجنة .
- وقال الجهر بالأذكار في المساجد ونحوها على الاجتماع منهم إنما ذلك مشروع للعامة الذين تغلب عليهم الغفلة والتكاسل مع الوحدة وأما المستيقظون السالكون إلى الله فغنيمتهم العبادة في الخلوة فلا يحتاجون إلى التنشيط .
- وقال التفاريع الفقهية النادرة التي في الكتب المطولة لا ينبغي اعتمادها والوقوف عندها واتخاذها حجة لأنها ليست من أصول الأربعة ،إنما هي مفهومة من كلام صحيح العلماء ، وربما لو طولبوا فيها ـ أعني الذين استخرجوا التفريع من كلامهم بدليل في ذلك من الأصول عند أهل التقليد المحض ولا يدرون بذلك لأن نظرهم مقصور على قول متبوعهم المقلَد لا غير ،ولا يعلمون أخطأٌ ذلك أم صواب .
- وقال رضي الله عنه عن قول الفقهاء في السواك لكل تحرم لا ينبغي الأخذ به ، لأن علة السواك إنما هي التنظيف للفم وإزالة القلح عنه ولا معنى للتكرير وقد حصلت الفائدة ، والإكثار منه قد يورث وجعاً في الحلق وغيار اللثة ، فمن هذا الوجه لا ينبغي أن ينكر على من لا يكثر الاستياك ويحمل على العذر ، ولا على من أكثر فيه بنية صالحة لأن صاحب النية سالم من الضرورة . وقد قال بعضهم بأفضلية الخلال على السواك .
1\ انظر الموارد الروية شرح الوصية للمترجم له .
2\ الروداني المغربي (1037 ـ1094 هـ ) صاحب كتاب (جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد ) في الحديث .
3\ توفي (1049 ـ1113 هـ )
  رد مع اقتباس