عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2009, 10:29 PM   #1
الحضرمي التريمي
حال متالّق

افتراضي العصبية القبلية والطائفية والحزبية دمار أسرع في خراب المجتمع

العصبية القبلية والطائفية والحزبية دمار أسرع في خراب المجتمع

لم يفلح أي مجتمع من المجتمعات في تاريخ المسلمين أتخذ من العصبية القبلية والطائفية مبدأ له في الحكم 0
اعلم أن الله سبحانه ركب في طبائع البشر الخير والشر، كما قال تعالى: " وهديناه النجدين " ، وقال: " فألهمها فجورها وتقواها " . والشر أقرب على العصبية ، إلا من وفقه الله إلى الخير .
جاء في الترمذي عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول كنا في غزاة قال سفيان يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال المهاجري ياللمهاجرين وقال الأنصاري ياللأنصار فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوى الجاهلية قالوا رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها منتنة فسمع ذلك عبد الله بن أبي ابن سلول فقال أوقد فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وقال غير عمرو فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله والله لا تنقلب حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ففعل قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح .والحديث يصححه الشيخ الألباني رحمه الله0
فكان الخلل الذي أدرك مجتمعات المسلمين فيما سبق وخربها بعد أن كانت عمار أتى أغلبه أو قل جله من هذا الباب، فمن دواعي زوال ملك بني أمية وبني العباس وغيرهم من الملوك والسلاطين كما في كتب التاريخ والأثر تحولهم إلى العصبية والطائفية والحزبية الممقوتة والملك العضوض كما يقال0
لأن من أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض. فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه امتدت يده ألي أخذه ألا أن يصده وازع كما قال:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم
ويحدثنا التاريخ عن أنواع من العصبية راحت ضحيتها أرواح مؤمنة بين اليمانية و المضرية، واليمانية والنزارية وافتخرت نزار على اليمن، وافتخرت اليمن على نزار، وأدْلى كل فريق بماله من المناقب، وتحزبت الناس وتفرقت، وثارت العصبية في البدو والحضر فنتج بذلك أمور منها خراب الملك والعمران في الشام والأندلس والعراق واليمن وغيرها من البلدان0
وقد دفعت حضرموت وكندة ضريبتها حين أختارت العصبية أكثر من مرة ولعل حروب الردة وامتناع كندة عن دفعها للزكاة أكبر مثال لما جنته العصبية القبلية على أهلها ناهيك عن غيرها من الحوادث التي هي عبرة لمن يعتبر0
والخوارج والرفض والطائفية والمذهبية صنف من صنوف العصبية والحزبية قائم أثره إلى اليوم في كل مكان 0
قال ابن الأثير في الكامل في التاريخ ( 000فألقى النار في عدة أماكن من الكرخ، [ قلت في العراق ] فاحترق حريقاً عظيماً، وكان عدة من احترق فيه سبعة عشر ألف إنسان، وثلاثمائة دكان، وكثير من الدور، وثلاثة وثلاثين مسجداً، ومن الأموال ما لا يحصى.) أنتهى
ومن هذا تفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم" دعوها فإنها منتنة " أي العصبية الجاهلية التي يدعو بها أقوام لتكون بدلا من قواعد الشرع والدين
وأساساً لحكم المسلمين دون شرع الله 0
فكانت وبال على دعاتها في بلادنا خاصة بمزيداً من الظلم والقتل والثارات التي لاتنتهي ، والقلاقل في كل مكان0
وكذلك الحزبية الحديثة بصورها المختلفة من دينية وسياسية حصدت في الأمس القريب العشرات من الأنفس والأموال وغيره في عدن وصنعاء وتعز وحضرموت0
وما جعل الله في قلوب عباده من الشفقة والنعرة على ذوي أرحامهم وأقربائهم موجودة في الطبائع البشرية، وبها يكون التعاضد والتناصر وهو مايؤكده حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :" تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " بمعنى، أن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنعرة وما فوق ذلك مستغنى عنه، إذ النسب أمر وهمي لا حقيقة له، ونفعه إنما هو في هذه الوصلة والا التحام. فإذا كان ظاهراً واضحاً حمل النفوس على طبيعتها من النعرة كما قلناه.وأما خلاف ذلك من الظلم وسفك الدماء وغمط الحق والاعتداء على الآخرين بما في ذلك أنسابهم فهي العصيية المنهي عنها بنص الحديث0
قال تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( الحجرات :13)
فالمقياس هو تقوى الله في القربى عند الله فالحسب لا أثر له كما تلاحظ في كرم الإنسان وشرفه عند الله فلا عبرة بالنسب في ألفخركما يظن الطائفيون والعنصريون لأنه ليس لسعي أحد ولا قدرة لأحد أن يعطي نفسه نسباً وهو مع هذا ليس من كسب الإنسان نفسه0
وقد خطب الرسول صلى الله عليه وسلم الناس يوم فتح مكة فقال : يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبية الجاهلية وتعاضمها بآبآئها فالناس رجلان : بر وتقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ، والناس بنو آدم وخلق آدم من تراب ثم تلا الرسول - صلى الله عليه وسلم – آية الحجرات (السابقة ..
وأخيرا نقول خاب وخسر من يراهن على بناء الدول الحديثة والمجتمعات المتقدمة ذات التنمية البشرية والنظم المتكاملة التي يعيش الناس فيها في أمن واستقرار على أرواحهم وأموالهم وهو ينحي دين الله وشرعه ويرفع من شأن العصبية القبلية والطائفية والحزبية 0
فتخاذل القوم فيما بينهم جميعاً على أتباع الحق ونصرته لا على أساس قبلي أو حزبي أو طائفي من أمارات شؤمهم ودلائل شقائهم والله المستعان.
  رد مع اقتباس