عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2010, 07:30 AM   #1
من السادة
مشرف سقيفة المناسبات
 
الصورة الرمزية من السادة

العلامة / د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد // الزكاة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


العلامة / د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي


يحرص كثير من الناس على إخراج زكاة أموالهم في رمضان، لنيل عظيم الأجر من الواهب سبحانه، ودعاء خالص مقبول من الصائمين الآخذين، وهو من الحرص المحمود؛ لأنه تسابق للخيرات ومسارعة للقُربات، في شهر تكثر فيه النفقات، وتزداد فيه مؤن العائلات،{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، كما أن الزكاة في رمضان تجعل القدر الواجب منضبطاً بربع العُشر؛ لكونها معتبرة بالحول القمري، فتعيد الناس إلى تاريخهم التليد المجيد الذي يكاد ينسى.

إلا أنه ينبغي أن يعلم أن الزكاة من القُربات التي لم يحدد لها الشارع يوماً أو شهراً بعينه على العموم، بل على الخصوص، فلكل مال حوله، ولكل مُزك موسمه؛ لأن الأموال تتدفق في مختلف الأوقات، والمستحقون تتجدد حاجاتهم في مختلف الساعات، وقد جعل الله تعالى لهم حقاً في أموال الأغنياء؛ لتكون طُهرة لنفوسهم ونماءً لأموالهم، وكسباً لقلوب إخوانهم، وهي فوق ذلك حق اجتماعي سبقت إليه الشريعة الإسلامية لتتحقق به معاني الإخوة الإيمانية والوحدة الإسلامية التي ربطت أواصر المسلمين، فإن التكافل المادي أبرز مظاهر الإخاء؛ لأنه يحقق اجتماع القلوب، ويصون الأموال.

ويحتاج كثير من الناس في هذه الفريضة الإسلامية الاجتماعية لمعرفة بعض الأحكام، ومنها: اختلاط مفهوم الزكاة بأنواع القُرُبات الأخرى، فكثير من الناس يريد أن تكون زكاته تفطير الصائمين، أو كفالة اليتامى، أو إقامة المشروعات الخيرية للمحتاجين.. إلا أنه لا يجوز أن تزاحم هذه القُرُبات أصناف مستحقي الزكاة الذين اختصهم الله تعالى بها، وذكرهم بالعد والحد في آية الصدقات {إِنمَا الصدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فلم يرض فيها بحكم نبي ولا غيره، حتى حكم فيها بنفسه، فجزأها ثمانية أجزاء، كما ورد في الحديث، فعلى المزكي أن يحرص على إيصال زكاته لمستحقيها حتى تبرأ ذمته، أما النوافل الأخرى فهي بحسب التيسير والتخيير.

يتعلل كثير من الناس بأن عليه ديوناً، أو أن الأسهم كاسدة، فيريد الفرار من أداء فريضة الزكاة، والحق أن الدين لا يمنع من الزكاة إلا إذا لم يكن للدين وفاءٌ من ممتلكاته الأخرى الفاضلة عن حاجاته الأساسية، التي تباع عند الإفلاس، فلو كان للمزكي وفاء لديونه من ممتلكاته الأخرى، أو من راتبه المنتظم فإن ما لديه من مال زكوي يجب أن يزكى جميعه، وكذا الأسهم التجارية يجب أن تزكى بحسب سعرها السوقي ولو كانت بائرة، ما دامت تبلغ مع نقوده وحساباته نصاباً؛ لتعلق حق الفقراء فيها، ولعلها تنمو ويبارك بها الله تعالى، بسببها يخطئ كثير من الناس في وضع الزكاة في غير مواضعها، إذ يصرفونها للوجاهة أو لصلة الرحم، مع علمهم بعدم استحقاقهم، لكونهم ليسوا في مستواهم، وهذا ليس مراداً من الزكاة، فالرحم توصل بسائر أنواع البر، إلا أنها لا تزاحم المستحقين للزكاة إلا بشرط استحقاقهم لها شرعاً، كثير من الناس يظل يقسط الزكاة بعد وجوبها للمستحقين وهو يظن أنه يحسن صنعاً، ولا يدري أنه يؤخر أداء الفريضة بعد وجوبها، فهو وإن كان حريصاً على نفع الفقير، لكن ينبغي أن يحرص على أداء فرضه أولاً، ولو أنه قدم الزكاة للحول القادم بعد بلوغها نصاباً بطريقة التقسيط المذكور لكان حسناً، أما بعد وجوبها فلا.

فينبغي أن تعلم هذه المسائل وتشاع والله ولي التوفيق.
التوقيع :
كلما تعلقت بغير الله أذاقك الله الذل على يديه لا ليعذبك ولا ليحرمك __بل رحمة منه لتعود إليه__
أخيكم المحب في الله
  رد مع اقتباس