أنت في زمان ومثلك كثير صفاء ونقاء وفي المقابل غشّ وكدر ، فما ذنب الزّمان يا صلاح؟
الغدر أو الأمان يأتيان من الجهة التي يقف عليها الإنسان ، فالإنسان هو الغدر وهو الأمان:
ويروغ منك كما يروغُ الثعلبُ
من قصيدة للإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه
مطلعها:
إلى قوله:
لا تأمنِ الدهرَ الصَّروفَ فإنه=لا زال قِدْماً للرجالِ يُهذِّبُ
وكذلك الأيام في غُصّاتِها=مضضٌ يَذِلُّ لها الأعزُ الأنجبُ
فعليك تقوى الله فالْزمْها تفزْ=إن التقي هو البهيُّ الأهيبُ
واعمل لطاعته تنلْ منه الرضا=إن المطيع لربه لَمُقَرَّبُ
فاقنع ففي بعض القناعة راحةٌ=واليأسُ مما فات فهو المطلبُ
وإذا طمعْتَ كُسِيتَ ثوبَ مَذَلَّةٍ=فلقد كُسِيَ ثوبَ المذلَّةِ أَشْعَبُ
والْقَ عدوَّك بالتحيةِ لا تكن=منه زمانَك خائفاً تترقبُ
و احذره يوماً إنْ أتى لك باسماً=فالليثُ يبدو نابُه إذ يغضبُ
إنَّ الحقودَ وإنْ تقادمَ عهدُه=فالحقدُ باقٍ في الصدورِ مُغَيَّبُ
وإذا الصديقُ رأيتَه مُتَمَلِّقاً=فهو العدوُّ وحقُّه يُتَجَنَّبُ
لا خير في وُدِّ امرِئٍ متملّقٍ=حلْوِ اللسانِ وقلبُهُ يتلَهَّبُ
بلقاك يحلف أنه بك واثقٌ=وإذا توارى عنك فهو العقربُ
يعطيك من طرف اللسان حلاوة=ويروغ منك كما يروغُ الثعلبُ
واختر قرينَك واصطفيه تفاخراً=إن القرينَ إلى المقارَنِ يُنسَبُ
وقوله:
ودعِ الكذوبَ فلا يكنْ لك صاحباً=إن الكذوب لبئسَ خلاًًّ يُصْحَبُ
وذرِ الحسودَ ولو صفا لك مرةً=أبعدْه عن رؤياك لا يُستَجْلَبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ=ثرثارةً في كلِّ نادٍ تخطبُ
واحفظ لسانَك واحترز من لفظه=فالمرءُ يسلمُ باللسان ويَعطَبُ
وقوله:
وإذا أصابك في زمانك شدةٌ=وأصابَك الخطبُ الكريهُ الأصعبُ
فادْعُ لربك إنه أدنى لِمَن=يدعوه من حبلِ الوريد وأقربُ
كن ما استطعتَ عن الأنام بمعزلٍ=إن الكثير من الورى لا يُصحبُ