عرض مشاركة واحدة
قديم 04-20-2010, 12:46 AM   #66
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الأستاذ عبد القادر أحمد عبد الله باكثير في الحلقة الأولى من مذكراته عن بدايات الكفاح المسلح بحضرموت سالم تومه شخصية فذة ومحلل سياسي وبارع في حل شفرة البرقيات ومخترع نظرية المثلث القائم الزاوية

المكلا اليوم / فهيم باخريبة2010/4/19

التقينا بالأستاذ عبد القادر أحمد عبد الله باكثير فهو من مواليد سيؤن حضرموت 1939/1/19م, وقد تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة النهضة العلمية في سيؤن وتخرج منها عام 1954م ثم حصل على شهادة الثقافة العامة من مدرسة البادري بعدن بالانتساب, ثم دبلوم من المعهد الصحي بالمكلا بامتياز في عام 1962م كمساعد طبيب والتحق بالخدمات الصحية الكثيرية بسيؤن حتى يوم الاستقلال 1967م وهناك أعمال خاصة وخيرية واجتماعية قام بها مدونه في كتابه بالجزء الأول من مذكرات عن مراحل النضال والتحرير حضرموت 1960 - 1967م.



تعرف على المناضل محمود مدحي عندما جاءني إلى المستشفى وطلبه إلى التحاق بحركة القوميين العرب فانضم إلى أول حلقة فيها المناضل محمود صقران وسالم تومه وسالم عبد الرحمن السقاف وكان الأخ سالم تومه يزودنا بكتب ساطع ألحصري وغيره من السياسيين ويطلب منا قراءتها وتلخيصها واستيعابها وكلها سياسية, فإلى حصيلة اللقاء في السطور التالية:-


توجيهات بخط علي البيض


كيف بدأت بالحياة السياسية في سيئون ؟

من الناحية السياسية والفكرية والتنظيمية ارتباطنا بالأخ المناضل سالم محمد تومه فهو شخصية فذة وعبقرية وكان يحلل لنا المواقف السياسية والوطنية والعربية وعنده قدره عجيبة على التحليل وكانت كل توقعاته التي يقولها لنا تتحقق كأنه يقرأ المستقبل من خلال الفراسة الثاقبة وخاصة بعد حرب وهزيمة حزيران 1967م مع الإسرائيليين فقد قال لنا الآن الإستعمار سيبسط نفوذه وقواعده على الدول العربية بما فيها الخليج وسيستولي على منشئات النفط وقد تحقق ذلك بالفعل كما أن براعته في حل الشفرة للبرقيات التي يتبادلها المستشار البريطاني ووالي عدن التي أقوم بتحضير لها نسخ من بيوت أعضاء التنظيم الذين يعملون بأجهزة اللاسلكي التابعة لجيش البادية الحضرمي وكان رائعاً في حلها واستفادة الجبهة القومية كثيراً منها في عدن وفي حضرموت كانت له صلة قوية جداً مع أعضاء من القيادة العامة منهم قحطان وفيصل عبد اللطيف وعلي عبد العليم وغيرهم من القيادات،

واذكر في عام 1965م جاءني إلى بيت الوالد في حافة مسجد قيدان بسيؤن ليلاً وقال لي عندي لك مهمة ولم أذكرها لأحد غيرك لأنني واثق منك فهل ستقوم بتنفيذها معي فقلت مستعد أن شاء الله فقال حصلنا على عشر قنابل يدوية وثلاثين مسدس فرنسي من القيادة العامة بعدن وطلبوا منا نقلها إلى حضرموت فما رأيك فهل عندك وسيلة سليمة لنقلها وبعد أن فكرت قليلاً أعطيته فكرتي فرحب بها وقال لي والله أنك رجل المهمات الصعبة وهناك موقف آخر للأخ سالم تومه رحمة الله عليه أثناء وجوده في السجن بالمنصورة بعدن كان يطلب مني كتب علمية هندسية بواسطة أشخاص لا أعرفهم ولكن بمجرد أن يقولوا يطلبها سالم تومه لا أتردد في شرائها وإرسالها له وكذلك يفعل نفس الشيء مع الأخ علي الصبان والناس عرفوا الأخ سالم تومه أنه مهندس بارع بالفطرة والبديهة وبالدهاء فقد أخترع نظرية المثلث القائم الزاوية أن مساحة المربع الناشئ على الضلع المقابل للزاوية القائمة تساوي مساحة مجموع المربعين المنشئين على الضلعيين القائمين وقد تم مناقشة أطروحته هذه في كلية التربية بعدن قسم الرياضيات ولكن الحكومة في ذلك الوقت أهملت هذه النظرية مع علم المسئولين في الدولة بها بل وتحاملت عليه كثيراً بإبقائه في السجن وعدم الاستفادة من خبرته وعبقريته وان كان فيثاغورث قد أتبثها بغير طريقته هذه وقد خسر الوطن والأمة جميعاً الاستفادة من عبقريته كما خسر الوطن رتلاً آخر من العباقرة الأفذاذ لا مجال لذكرهم الآن وقد مكث الأخ سالم تومه في السجن 12 عاماً ولم يفرج عنه إلا بعد زوال عبد الفتاح إسماعيل وهذه أمور ذكرتها لأول مرة ولم أشير إليها في مذكراتي بالتفصيل.



عبدالقادر باكثير في تعز


هل ممكن الحديث عن بداية الجبهة القومية وكيفية انفصالها عن جبهة التحرير باعتباركم شاهد على الأحداث ؟

بعد القرار التاريخي الذي عبر عنه بيان الجبهة القومية في 14 أكتوبر 1966م وإقراره رسميا بواسطة المؤتمر الثالث للجبهة القومية المنعقد في حُمر في قعطبه في الفترة من 29 نوفمبر وحتى الثالث من ديسمبر عام 1966م بانفصال الجبهة القومية عن جبهة التحرير، والعمل باستقلالية تامة في المنطقة، إنتقلت مرحلة الكفاح المسلح إلى مرحلة جديدة من العمل الهادف إلى تحرير المنطقة تحريراً كاملا من الاستعمار البريطاني وأعوانه من السلاطين والأمراء والشيوخ والمستوزرين، وإقامة حكم شعبي ديمقراطي يحقق لشعبنا في اليمن الجنوبي حريته وتقدمه بالاعتماد على القوى الذاتية بدرجة أساسية، والمساعدات غير المشروطة التي يمكن أن يقدمها الأشقاء والأصدقاء لتحقيق هذا الهدف النبيل.

وهكذا أخذت القيادات السياسية للجبهة القومية في مناطق الجنوب اليمني المختلفة تعد العدة لتكثيف النضال والكفاح، والانتقال به إلى مرحلة متقدمة تضمن تحقيق أهداف المرحلة الجديدة.



علي العامري وعبدالقادر باكثير في صالة تعز


وبعد عودة المشاركين في المؤتمر العام الثالث عن منطقة حضرموت في ديسمبر 1966م عقدت الشعبة التنظيمية اجتماعاً في المكلا كرس في معظمه لمناقشة قرارات ووثائق المؤتمر ووضع الخطط الكفيلة بتنفيذ تلك القرارات على ضوء دراسة دقيقة لإمكانيات التنظيم في حضرموت والظروف القائمة وقتئذ، وإنزال القرارات والخطط إلى المراتب الأدنى في التنظيم من روابط تنظيمية وخلايا قيادية وخلايا وحلقات؛ والبدء بالعمل المكثف لتهيئة الجماهير في منطقة حضرموت وتنظيم المناصرين والأصدقاء.

وقد شهدت الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 1966م والأولى من عام 1967م عملاً تنظيميا وسياسيا وجماهيريا مكثفا بالاستفادة من نتائج الانتصارات والإنجازات التي تحققت على ساحة المنطقة، ولعل أهمها وأبرزها القضاء على حزب رابطة الجنوب أثر تعرضه لمظاهرتين للطلاب؛ الأولى في سيئون يوم السبت 1966/9/10م والثانية في المكلا يوم الاثنين 1966/9/12م بإطلاق النار ورمي القنابل اليدوية على الطلاب وقتل طالب وجرح أكثر من ستين طالبا في الحادثتين وبترت ساق أحدهم وبترت يد آخر.


مظاهرة شعبية في سيون


ولأن المرحلة النضالية الجديدة تحتاج مزيدا من العمل السياسي وربط الجماهير بالثورة وتوحيد كافة الجهود لتحقيق هدف مرحلة التحرير الوطني ركزت القيادة السياسية بوجه خاص على توحيد كافة القوى الوطنية في المنطقة، وربطها بالثورة بإعتبارها جزءاً من حركة النضال الشعبي في كافة المناطق في جنوب اليمن.

وبما إن القيادة السياسية لتنظيم الجبهة القومية في منطقة حضرموت ترى في تفتيت القوى الوطنية وسلبية البعض منها خطرا على الحركة الوطنية؛ وحسما للخلافات الدائرة بين هذه القوى الوطنية ونجاح الإستعمار والسلاطين في تغذيتها؛ قررت القيادة السياسية للجبهة القومية في منطقة حضرموت بذل محاولة جديدة لتوحيد كافة القوى الوطنية في منظمة واحدة بعد أن نجحت في الحصول على تجاوب العديد من الهيئآت والأندية والنقابات في مؤتمر الوحدة الوطنية المنعقد في المكتبة السلطانية بالمكلا "المكتبة الشعبية" حالياً في 14 ذي القعدة 1385هـ الموافق 6 مارس 1966م ومؤتمر الهيئآت الشعبية في الشحر المنعقد في: 1966/9/23م ومؤتمر الهيئات الشعبية المنعقد في سيئون في: 1966/3/25م وما صدر عن هذه المؤتمرات الشعبية من قرارات وطنية أربكت القوى الاستعمارية والسلطانية في المنطقة والتي مثلت نقلة نوعية في العمل الجماهيري وما يمكن أن يمثله من زخم ثوري لصالح ثورة التحرر الوطني، وتأييدها للكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لإخراج المستعمر من بلادنا، والتسليم بحقوقنا الوطنية؛ وعلى رأسها حق هذا الشعب في إقامة سلطته الوطنية الشعبية على كافة أراضيه.



مظاهرات الطلبة في سيئون


كيف تم الإعداد ببدء الكفاح المسلح في حضرموت ؟

"إن ما أخذ بالقوة لايمكن أن يسترد إلا بالقوة" تلك هي النتيجة التي توصلت إليها الحركة الوطنية بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به الكثير من التنظيمات والهيئات السياسية في المنطقة التي جرّبت النضال السياسي كطريق وحيد لتحقيق الاستقلال، فلم يكد العقد الخامس من هذا القرن يشرف على نهايته حتى كانت قناعة الجماهير اليمنية الوطنية المخلصة بأن معركتها في اليمن المحتل هي أولا وأخيراً معركة كفاح مسلح يقرر فيها منطق الثورة والقوة النتيجة النهائية لأن الاستعمار البريطاني لا يمكن أن يتخلى بسهولة عن هذه المنطقة الإستراتيجية التي تتمركز فيها المصالح الأساسية والاقتصادية والعسكرية.

لقد وعى فرع حركة القوميين العرب الذي تأسس في عدن في نهاية 1959م هذه الحقيقة، وبدأ في إعداد العدة للمواجهة مع الاستعمار البريطاني وأعوانه من خلال تهيئة الجماهير للثورة وحمل السلاح في وجه المحتل الغاصب, وقد كان اتجاه فرع الحركة بهذا الشأن في الكُتيٍّب الذي أصدرته الحركة في أكتوبر 1959م تحت عنوان "إتحاد الأمارات المزيف مؤامرات على الوحدة العربية" الوضوح الذي ما بعده وضوح.



إقتحام المتظاهرون دار الظابط السياسي في سيئون


فقد حملت العناصر الأولى من أبناء حضرموت التي شكلت نواة الحركة في حضرموت عام 1960م مسؤلية هذا الإعداد منذ اللحظات الأولى من خلال التهيئة لكوادر الحركة وطريقة تربيتها وتثقيفها، مع إعطاء اهتمام خاص بالتنظيم في محيط القبائل وحملة السلاح ليكونوا نواة جيش التحرير الذي سيتحمل مسؤلية الكفاح المسلح في المنطقة عند مايحين أوانه، لاسيما وإن الظروف قد تجبرنا على الاعتماد على إمكانياتنا الذاتية في هذه المواجهة المنظمة الجديدة, ومعروف إن حركة القوميين العرب هي واحدة من أهم الفصائل التي كونت الجبهة القومية في 14 أكتوبر 1963م.

وما إن انفجرت الشرارة الأولى لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جبال ردفان حتى بدأت فروع الجبهة في كل جزء من الجنوب اليمني تعد نفسها لبدء الكفاح المسلح في منطقتها عند ما تنضج الظروف الموضوعية والذاتية.

وهكذا بدأت الإستعدادات من خلال تدريب الأعضاء على استخدام الأسلحة المتنوعة من مسدسات ورشاشات وقنابل يدوية ومتفجرات ومدافع البازوكا والهاون.. إلخ.

كما بدأت الفروع في شراء السلاح وخزنه في مخازن أمينة استعداداَ للمعركة القادمة, ولقد قام فرع حضرموت بالفعل بجلب كميات كثيرة من الأسلحة من عدن وغيرها من المناطق الأخرى، بالإضافة إلى الأسلحة الشخصية التي يمتلكها شباب التنظيم ومناصروه من أبناء القبائل المسلحة الذين أعلنوا عن استعدادهم الكامل لاستخدام أسلحتهم وذخيرتهم الشخصية لهذا العمل الوطني العظيم.



إقتحام المتظاهرون دار الظابط السياسي في سيئون

وخلال الفترة التي تلت بدء الثورة وحتى نهاية عام 1966م كانت الجبهة القومية قد خزنت بالفعل كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في منطقة حجر، والشرج بالمكلا، ووادي عمد، وسيئون وغيرها من البلدان استعداداً لليوم الذي تصل فيه شرارة الثورة المسلحة إلى هذه المنطقة.

والواقع إنه خلال السنوات 64 و65 و66م كانت الكثير من عناصر الجبهة القومية وأصدقائها ومناصريها يتساءلون عن سبب تأخير الكفاح المسلح في منطقة حضرموت، ولما ذا أحجمت القيادة السياسية حتى ذلك الوقت عن اتخاذ قرار بشأن بدء الكفاح المسلح في المنطقة ؟, وقد وصل الحرص والحماس ببعضهم إلى أن يطلب تجميد نفسه عن العمل إذا كانت الحال ستستمر على ما هي عليه.

والحقيقة إن عددا كبيرا من شباب التنظيم ورجال القبائل قد هيأوا أنفسهم لهذه المهمة العظيمة، وأخذوا يفقدون صبرهم دون أن يعرفوا الأسباب والمعيقات الحقيقية؛ فالاستعداد والجاهزية يخلقان شيئا من القلق لدى بعض الشباب الذين هيئوا انسفهم لهذا العمل، وظلوا كمن ينتظر الذي يأتي ولا يأتي.


بدء الكفاح المسلح في المنطقة

أما بالنسبة للقطاع المدني فقد أتسع مع الوقت واستطاع من خلال العمل السياسي الجماهيري المكثف من ربط الجماهير بالثورة، وتهيئة الظروف التي أدت إلى انتصارها كما رأينا في الفصول السابقة عند ما تناولنا دور المنظمات والنقابات والأحزاب والجمعيات والأندية بالبحث.

وهكذا استطاع تنظيم الجبهة القومية أن يقود الجماهير اليمنية في حضرموت بكافة فئاتها وعشائرها وقبائلها؛ ويتجاوز مأزق الطبيعة الطائفية والقبلية، فلا امتيازات أو فضائل لفرد على آخر إلا بمقدار ما يقدمه من عمل في سبيل تحقيق أهداف الثورة, فالعمل النضالي هو المعيار الوحيد ليترقى عضو الجبهة القومية من مرتبة تنظيمية إلى أخرى، وهنا يكمن السر في نجاح الجبهة القومية في حضرموت وانتصارها في كافة المعارك التي خاضتها خلال السنوات الماضية ضد الانهزاميين والرجعيين والمتخاذلين والعملاء والسلاطين والاستعمار.



مظاهرة إكتسحت دار المندوب البريطاني في سيئون عام 1965م

اجتماع الشعبة التنظيمية لمنطقة حضرموت

وما كادت القيادة السياسية في المنطقة تشعر بنضج الظروف الذاتية والموضوعية؛ بدأت في تنفيذ الخطوات العملية لبدء الكفاح المسلح بعد التفاهم مع القيادة السياسية العليا في عدن حول النضال المسلح في منطقة حضرموت، وتحديد نوعية الكفاح المسلح والأهداف التي ينبغي أن توجه إليها أسلحة الجبهة القومية وعلى رأسها دار الاستشارة البريطانية والضباط الإنجليز حتى يمكن جرهم إلى ساحة المعركة، وهو ما حدث بالفعل وما أكبر صدق توقعاتنا.

ففي عصر يوم الإثنين الأول من يناير 1967م إجتمعت الشعبة التنظيمية لمنطقة حضرموت في أحد بيوت أعضائها في حارة العبيد بالمكلا لتتدارس ومناقشة أمر هذا الكفاح المسلح في حضرموت، وقد حضر الإجتماع أعضاء القيادة العامة والشعبة التنظيمية في منطقة حضرموت التالية أسماؤهم:

1- خالد محمد عبد العزيز عضو القيادة العامة منطقة حضرموت.

2- علي سالم البيض عضو القيادة العامة منطقة حضرموت.

3- فيصل علي العطاس عضو القيادة العامة منطقة حضرموت.

4- عبد الباري قاسم المسئول التنظيمي لمنطقة حضرموت المكلف من قبل القيادة العامة.

5- عباس حسين العيدروس عضو الشعبة التنظيمية.

6- سعيد عمر العكبري عضو الشعبة التنظيمية.

7- خالد أبوبكر باراس عضو الشعبة التنظيمية.

8- سالم علي الكندي عضو الشعبة التنظيمية.

9- محمد محفوظ باحشوان عضو الشعبة التنظيمية.

10- سالم محمد تومه منطقة داخل حضرموت.

11- صالح سالم الصيعري منطقة داخل حضرموت.

12- يسلم محفوظ ديان منطقة داخل حضرموت.

13- محمود سالم صقران منطقة داخل حضرموت.

توجه العكبري والعطاس إلى مناطقهم

وبعد مناقشات ومداولات للأفكار المقدمة حول ضرورة بدء الكفاح المسلح في منطقة حضرموت ودراسة الأهداف المتوقعة للعمل المسلح تم الاتفاق على مايلي:

1- أن يبدأ الكفاح المسلح في المكلا بعملية كبيرة ومؤثرة يوم الاثنين 1967/5/15م حيث وصل إلى عِلم تنظيم الجبهة أن مدير فرع البنك الشرقي المحدود بالمكلا سيقيم حفل عشاء في مساء هذا اليوم يحضره المستشار البريطاني والضباط السياسيون في المستشارية والسكرتير الحربي البريطاني، وهذه فرصة عظيمة لتنفيذ عملية كبيرة جداً، بحيث يقوم الفدائيين باصطيادهم جميعا عند نزولهم على الدرج المكشوف بمنـزل مدير البنك الواقع في الطابق الثاني.

2- أن يتوجه الأخ فيصل العطاس يوم: 1967/5/2م إلى منطقته في وادي عمد ويبدأ في تجهيز أعضاء الجبهة القومية ومناضليها وأنصارها من أبناء القبائل في منطقتي عمد ودوعن، استعداداً لتحريك هذه القوات ضد مواقع الحكم السلاطيني وإسقاطها عندما تتم الاستعدادات في جميع المناطق لإسقاط السلطات.




من مظاهرات الطلبة بسيئون


3- أن يتوجه الأخ سعيد عمر العكبري يوم: 1967/5/2م أيضا إلى منطقته "منطقة العكابرة" حول المكلا وضواحيها، ويبدأ هو الآخر في تجهيز المناضلين من الأعضاء والأنصار من قبائل العكابرة والمحمديين وغيرهم؛ استعداداً للمرحلة النضالية القادمة.

4- أن يتوجه الأخوين: علي سالم البيض وعبد الباري قاسم إلى عدن لشرح خطة بدء الكفاح المسلح مع القيادة العامة في عدن، وحثهم على إرسال دعم سريع يشتمل على إرسال بعض الفدائيين المتمرسين وعلى رأسهم الحاج صالح باقيس أبن المنطقة الذي يعرف ظروفها وتضاريسها جيداً لمساعدة الفدائيين في المنطقة في أول عملياتهم الفدائية الكبيرة، وكذا إرسال كميات من الأسلحة ولاسيما قذائف البازوكا والرشاشات وأصابع الديناميت والقنابل اليدوية.

توجه البيض وعبدالباري قاسم إلى عدن

أن أمر سفر الأخوين البيض وعبد الباري قاسم كان قد أقر أصلا في الاجتماع الموسع الذي عقد للروابط التنظيمية في حضرموت في شرج باسالم قبل ذلك لرفع وجهة نظر التنظيم في منطقة حضرموت حول مجريات الأحداث في المنطقة؛ والموقف من جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل.

5- تكليف الأخ خالد باراس بصفته مسئولا عن الرابطة التنظيمية للقطاع الفدائي بإنزال القرار التاريخي بمد الكفاح المسلح إلى حضرموت على الفدائيين، ووضع الخطة التفصيلية للعملية الفدائية المقررة، وتحديد عدد من الأفكار القابلة للتنفيذ ريثما يصل القادة الفدائيين من عدن؛ والتشاور معهم فيما يتعلق بالتنفيذ، وتحديد الأدوار لكل المشاركين في العملية.

6- أن يقوم أعضاء الشعبة الآخرون لاسيما ممثلوا حضرموت الداخل سالم تومه ويسلم ديان ومحمود صقران بإنزال هذه القرارات على الروابط التنظيمية التي يتحملون مسئوليتها ومناقشتها، وإعداد أعضاء التنظيم ومناصريهم وأصدقائهم للمرحلة القادمة، ودراسة إمكانيات مد الكفاح إلى مناطق أخرى خارج المكلا لاسيما والشعبة التنظيمية تتوقع أن يقوم الإنجليز بإرسال وحدات من قواتهم إلى أكثر من منطقة في حضرموت بعد نجاح العملية الاولى.



تم إحراق سيارات ومعدات في دار الإستشارية بسيون


تشكيل ثلاث مجموعات من الفدائيين لتنفيذ العملية الأولى

ولسبب لا ندريه ألغيت حفلة العشاء المقررة في بيت مدير البنك، وطار المستشار البريطاني فجأة إلى عدن, كثير من المعلومات التي نتلقاها عن تحركات الإنجليز ينقلها إلينا أعضاء الجبهة القومية الذين يعملون في دار الاستشارة البريطانية في كل من المكلا وسيئون، فمنها البرقيات الصادرة والواردة إلى عدن ومنها, وقد برع بعض الأعضاء مثل الأخ سالم محمد تومه في فك الشفرة التي يستخدمها الإنجليز والتي كثيراً ما تتغير، الأمر الذي ساعدنا على كشف كثير من الخطط, وإبلاغ المركز في عدن بفحوى الكثير من التحركات والتوجهات الإنجليزية.

وبما أن التنظيم كان قد حدد بدء الكفاح المسلح فلا بد إذن من خطة بديلة للبداية تكون هي الأخرى في مستوى حجم الخطة السابقة, وهكذا كان القرار بتنفيذ الخطة التالية: تشكيل ثلاث مجموعات من الفدائيين تقوم كل منهما بمهمة محدودة ضمن عملية مشتركة متكاملة، بحيث تتوجه المجموعة الأولى إلى محطة الكهرباء في المكلا، وتتوجه الثانية إلى قرب مقر قائد جيش البادية.

فيما تتجه الثالثة إلى مقر السكرتير الحربي البريطاني المستر هيلمان, وفي تمام الساعة التاسعة إلا عشر دقائق من مساء الاثنين الخامس عشر من مايو 1967م تقوم المجموعة الأولى باقتحام محطة الكهرباء وإطفاء الأنوار عن المكلا وما جاورها، فيما تقوم المجموعتان الثانية والثالثة بمهاجمة مقر قائد جيش البادية في الديس؛ وبيت السكرتير الحربي خارج سدة المكلا ورمي دار السينما الأهلية بالبازوكا والرشاشات، ولكن نتيجة لعدم دقة ساعة قائد الفريق الأول كما يبدو لم يستطع هذا الفريق القيام بمهمته، الأمر الذي جعل المجموعة الرئيسية المهاجمة لبيت السكرتير الحربي بإطلاق قذيفة بازوكا وسيل من الرشاشات على البيت، ثم انسحبت الفرق الثلاث بسلام تحت وابل من الرصاص الذي تم تبادله مع فرقة الحراس في باحوش في الجبل المشرف على دار الاستشارة البريطانية.



الإحتفال بعيد الإستقلال في ساحة النصر بسيئون


وبالرغم من أن هذه العملية الأولى لم تحدث أية وفيات في صفوف الإنجليز أو فرقة الحراسة في باحوش؛ إلا أن وقعها كان كبيرا جدا لاسيما وإن القذائف قد انطلقت من ورى جدار دار السينما الوطنية والدار مكتظة بالجماهير التي كانت تشاهد فيلماً أمريكياً في تلك الليلة، ولم يتبق على نهايته سوى عشر دقائق محدودة, كانت العملية الفدائية حديث كل مواطن في المكلا وضواحيها.

المكلا اليوم | تفاصيل الخبر
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح