عرض مشاركة واحدة
قديم 05-27-2010, 04:16 PM   #87
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


السودانيون ..أساتذتنا الكبار(1-2)
المكلااليوم / الخرطوم : كتب / متعب بازياد2010/5/26

ربما رأى الكاتب السعودي الرائع نجيب الزامل من الخصال الحميدة لدى من عاشرهم أو تعامل معهم من الحضارم مادعاه إلى الكتابة يوما (الجضارم أساتذتي الكبار) وقد احدث ذلك المقال صدى لم يقتصر على الجزيرة والخليج بل بلغ مداه إلى جزائر الهند البعيدة عابرا المحيط الهندي..إلا إن مالمسته خلال إقامتي المتقطعة في الخرطوم أن هذه النواحي الشاسعة من القارة السمراء كانت في الظل عن ذلك الصدى وابعد منه عن وثائقي قناة العربية (هجرة الحضارم ) .



صحيحاً القول إن العلائق التجارية كانت حاضرة في هجرة الحضارم واستيطانهم للسودان كما هي حاضرة وبقوة في هجرتهم شرقاً أو إلى جوارهم من بلاد الحرمين والخليج العربي . لكن الصحيح أيضا أن علاقتهم بالسودان على وجه التحديد كانت متميزة –أخذا وعطاء- على خلاف سائر هجراتهم الأخرى على ما اعتقد بعلمي المحدود جداً.

فان كان للدكتور الزامل شئ من الموضوعية حول أستاذيتهم هناك فهي أستاذية محكومة بظروف بيئة محددة وخصال خلقية محببة . وحتى لا أطيل في المقدمة أو يذهب بي الاسترسال إلى وجهة لا اقصدها . أحاول هنا تقصي علاقة الحضارم بالسودان التي أجد بها مايمكن أن يميزها عن سائر علاقات الحضارم بمهاجرهم الأخرى.

في البداية كان لقاء المهاجرين

كان أول تواصل للسودان مع الحضارم –على حد علمي- مطلع القرن العشرين المنصرم والطريف أن هذا التواصل لم يكن بين حضرموت والسودان مباشرة, بل بين مهاجري الحضارم والسودان. حيث كان الحضارم المهاجرين في مدينة بتافيا الاندنوسية يبحثون عن من يعلم أبنائهم هناك من خلال مدرسة أقامها الميسورين منهم لتعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية حتى يحافظوا على هويتهم ويربطون أبنائهم –المولدين- بلغتهم ودينهم وتاريخ موطنهم الأصلي في حضرموت .فوقع اختيارهم على الشيخ السوداني احمد السوركتي الذي يبدوا إنهم تعرفوا عليه من خلال رحلاتهم إلى بلاد الحجاز وترددهم لأداء فريضة الحج .

فكان لقدوم الشيخ السوركتي وإدارته للمدرسة العربية الحضرمية في بتافيا كبير الأثر على تنشئة جيل متسلح بعلوم العربية ومتشرب للروح القومية العربية وعبر تأثير هذه النهضة الثقافية المحيط الهندي إلى الوطن الأم في حضرموت بواسطة المهاجرين العائدين إليها. حتى أن حركة الأمير الكثيري (بن عبدات) وتمرده ضد النفوذ البريطاني في حضرموت لم يكن بمنى عن هذه الروح الوطنية وكثير من حلفاء بن عبدات في التمرد كانوا متأثرين أو منادين بالأفكار التحررية لجماعة الإرشاد الحضرمية في اندنوسيا التي كان أبوها الروحي الشيخ السوداني احمد السوركتي .وقد نقل لنا الدكتور محمد سعيد القدال في كتابة الموسوم(القدال باشا معلم سوداني في حضرموت) إن قائد التمرد على الانجليز في بلدة( الغرفة) قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية (عبيد صالح بن عبدات ) كان لايخفي اعجابة واعتزازه بفضل الشيخ السوركتي على الحضارم.

بعثة القدال باشا

كانت بعثة الشيخ القدال باشا إلى حضرموت عام 1939م بداية لنهضة التعليم في حضرموت في العصر الحديث. حيث أوكل إليه السلطان صالح بن غالب القعيطي نظارة المعارف في السلطنة وهو بدوره استقدم بعثات تعليمية سودانية من خيرة المعلمين خلقا وعلما .قاد بهذه الكوكبة من السودانيين العصاميين نهضة علمية كبيرة في زمن قياسي ولم يهمل تدريب الكادر المحلي من المعلمين على قلة عددهم بل لقد أدرك بحنكته فن معاملة النفس البشرية لمرؤوسيه وربط معهم علاقات زمالة وأواصر أخوة حتى يتسنى له القرب منهم فيتقبلون الأفكار التحديثية التي يحملها والخطة الطموحة التي ينوي تنفيذها فاضفاء جو من الحميمية بين الكادر السوداني الوافد والمعلم الحضرمي وقد انشد في أول لقاء تعارفي جمعه بالمعلمين الحضارم في غرفة (نقابة) المعلمين:

ياحضرمي هاذي يدي فامدد يدا فالخير في جمع الأيادي

لقد أدرك الحضارم مدى القيمة الحقيقية التي أضافها القدال للتعليم وعاشوا تباشير النهضة التعليمية واقعا ملموسا من خلال انتشار المدارس و ابتعاث نوابغ الطلاب الحضارم للدراسة في المؤسسات التعليمية المرموقة في السودان آنذاك - بخت الرضاء و حنتوب ووادي سيدن وثانوية بورسودان الثانوية وجامعة الخرطوم- كما كان السلطان العالم المثقف يرمق هذه النهضة ويزداد إعجابا بربانها ... وبعد عشر سنوات من العطاء المتدفق في مجال التعليم كان على هذا السوداني العصامي أن يحقق رغبة السلطان في تولي رئاسة حكومة حضرموت التي أدارها بكل حكمة واقتدار حتى حان موعد تقاعده وإحالته إلى المعاش سنة 1957م فيعود إلى السودان تسبقه أنباء نجاحاته في خدمة احد أقطار الوطن العربي الكبير تاركاً خلفه جيل فريد من الحضارم الذين الحقوا بلادهم بركب النهضة العربية الحديثة متقدمين على بقية جيرانهم في الإقليم .


تعليقات القراء
عدد التعليقات : 13

نقعي مغترب (جده) 5/27/2010 اولا اشكر الدكتور متعب بازياد على هذا المقال الاكثر من رائع- جميل جدا يادكتور - وصراحة اضم صوتي مع صوت الاخ (حضرمي متابع )حين قال ان الدكتور متعب يزل الغبار عن علاقه الحضارم بالسودان وصدق حين قال ان الحديث كان دائما عن هجرة الحضارم بشرق اسيا والخليج وقل من يتحدث عن علاقه الحضارم بااخوه السودانيين .

ولا اعتقد ان الدكتور متعب هو اول من كتب عن علاقه الحضارم بالسودان فاكيد من سبقه في الحديث عن هذا الموضوع ,ولقد كان للصفوه العلميه من الاساتذه السودانيين الاول اثره الواضح على الاجيال السابقه من المتعلمين الحضارم الذين كان لهم السبق في نشر الدين الاسلامي في اصقاع المعموره من شرقها الى غربها الذين سبقوا اقرانهم من المناطق المجاوره لحضرموت (اقصد بهم المناطق الاخرى من اليمن و الخليج) كما لاحد ينكر دور الحضارم في التجاره وتعامل الخلوق في كل مجالات الحياه,والى اليوم لازالت السودان الشقيق يتحفنا بالاساتذه الجهابذه في العلم الذين يتفانو في تقديم كل ماعندهم من حصيله علميه لابناء حضرموت .

اذكر اني يوم كنت في قاعة المحاضرات في كليه التربيه المكلا وكان الدكتور (بابكر الخضر )يتحدث عن احدى الخلفاء في الدوله العباسيه على ما اعتقد وعن مأثر هذا الخليفه ومن عير شعور انفعل الدكتور بابكر فاذا به يركل الكرسي امامه وقال وهو متاثر متمثلاًبهذا البيت الشعري هولاء ابائي فجأني بمثلهم ****متى جامعتنا ياجرير المجامع مره اخره شكراً دكتور متعب على الموضوع الجميل ربنا يوفقك والحمد لله رب العالمين

عبدالله بن عثمان (تريم) 5/27/2010 مقالك يادكتور متعب مقال العظماء وقد جسدت عمق وقوة العلاقة التأريخية بين حضرموت والسودان وفي انتظار مقالاتك القيمة

ابن غيل باوزير (مصر) 5/27/2010 كل ماقاله وكتبه المبدع متعب جزء بسيط من دلك التاريخ الجميل والمدرسه الوسطى بغيل باوزير والعلاقه بين السودانيين المدرسين والجيل الحضرمي الدى تخرج على ايديهم وبعدها ادار البلاد بحكمه واقتدار فى مامضى من زمنا الماضى خير دليل على دلك شكرا للاخ متعب

محمد بلكسر (رخيه الحصن) 5/27/2010 نشكر الاستاذ متعب بازياد على الطرح الجميل ونتمنى ان يعون قريبا لارض الوطن بارفع الشهادات لخدمة الوطن والحق

ابو مطــــــــــــــــيع (العــــــــــرقه) 5/27/2010 شكرا لك اخي متعب على ذلك المقال وتدوينه للمعرفه حيث يستفيد منه الكثير.

مكلاوي..ماليزيا (ماليزيا) 5/26/2010 عظيم هو تاريخ حضرموت والحضارمه الكرام. والأعظم لو أننا الحضارمه نسير على ركب الكرام الأوائل. اللّهم بارك في حضرموت وأهلها وقنا شر حسادنا..قولو آمين..

حضرمي متابع (حضرموت) 5/26/2010 كل الشكر و التقدير للدكتور المبدع متعب بازياد على مقاله هذا و نحن بانتظار المقال الثاني المكمل لهذا المقال في البداية هذا المقال يعد سبقا علميا و تاريخيا و توثيقيا للدكتور متعب بازياد و حتى نكون واضحين و صريحين و حقانيين يجب الاشارة لهذا و يجب اعطاء الحق لحقه، فالدكتور متعب بازياد يزيل الغبار عن علاقة لم يتحدث عنها أحد و سيكون له الفضل في كونه أول من أشار لعلاقة الحضارم بالسودان و تحدث عنها بهذا النسق التاريخي التوثيقي العلمي المتسلسل فكلما تحدث الناس عن الحضارم و هجراتهم و علاقاتهم بدأوها بشرق اسيا و الخليج و ذكروا هجرتهم الى شرق افريقيا و السواحل الا أن هجرة الحضارم للسودان و علاقتهم الخاصة بأهلها قل من تحدث عنها احيانا بل و غاب من أشار اليها و اعطاها حقها و مكانتها الكثير في احيانا اخرى هذا م احببت قوله و الاشارة اليه فيه هذا المقال و لي كلام اقوله عند نشر المقال الثاني المكمل

عبدالقادر بن شهاب (مصر - القاهرة) 5/26/2010 الف شكر للدكتور متعب بازيد على هذا المقال التاريخي الرائع والذي بدوره يوثق العلاقة بين اليمن ( حضرموت ) والسودان

سالم غانم (المكلا) 5/26/2010 شكراً للأخ متعب على هذه الإضاءات التاريخية المفيدة والجميلة ولعلها تكون باعثاً للباحثين من البلدين في بحث تاريخ هذه العلاقات وتأصيلها ، ونتمنى له المزيد من العطاء والتقدم العلمي

حد من حوره (المكلا) 5/26/2010 فعلا لما قال الاستاذ المصري بيرم التونسي عام 1987م في ثانوية القطن، حرام يسمونك اهلك متعب وانت مبدع.

ياحث (غريب) 5/26/2010 شكرا جزيلا للدكنور متعب على المقال الرائع والتحليل السلس الرقيق والسرد التاريخي الشيق فعلاقة حضرموت بالسودان قديمه جدا تداخلت فيها الثقافه والعلم والروابط الاجتماعيه قبل التجارة فامثال الفدال باشا لن تنساه الذاكرة الحضرميه على الاطلاق

بلخير بن مبارك بازياد (حضرموت ) 5/26/2010 كل الشكر للاخ متعب بازياد على التوثيق التاريخي للعلاقه الحضرميه السودانيه . املنا ان يزدهر التعاون بين اليمن والسودان في مجال التعليم لما للسودان من باع طويل في هذا المجال لكم كل الشكر والتقدير

saeed bahfi (المكلا) 5/26/2010 نشكر الدكتور متعب على نشر مثل هذه المقالات التأريخية والتعرف على الحضارات الأخرى للأستفاده منها وربطها بما كان موجودا كما يدل ذلك على البعد التاريخي للحضارم
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح