عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2010, 05:05 PM   #1
من السادة
مشرف سقيفة المناسبات
 
الصورة الرمزية من السادة

افتراضي ‏بركان آيسلندا.. الدلالات والعِبر‏ / العلامة الحداد

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
‏بركان آيسلندا.. الدلالات والعِبر‏
د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي‏


الآيات الكونية كثيرة ، ككثرة البشر والشجر، وتتكرر آناء الليل وأطراف النهار، وهي ناطقة بلسان حالها قائلة: إن للكون مدبراً يتصرف فيه بحكمة، تعجز العقول عن إدراكها، يتصرف سبحانه فيه كيف يشاء ومتى يشاء، لا يُسأل عما يَفعل، و لا رادّ لأمره ولا معقّب لحكمه، وهو اللطيف الخبير.

وفي كل شيء له آيةٌ تدل على أنه الواحد

وقد تعب العلماء وأنفقوا الساعات الكثيرة، والمليارات الوفيرة، ليعرفوا سر انفجار الكون، وهو من فضول العلم الذي لا ينفع، لأن الجهل به لا يضر، ولو أنهم فعلوا ذلك أو أكثر منه لحماية كوكب الأرض من عبث قاطنيه به وإفسادهم فيه، واكتشاف مخبآته ومخزون خيراته، وتلافي فواجعه المدمرة ؛ لكان خيراً لهم.

ها هي الكوارث تلو الكوارث تحدث في الآفاق، وتعم الطباق، بلا مقدمات تُذكر ولا استكشافات تُؤثر، مع تقدم علم الأرصاد في استشراف التنبؤات، إلا أن علماءه لم يكتشفوا هذه الكارثة التي زادت الطين بِلة في تأخر عجلة الاقتصاد العالمي، بعد زلزاله المدمر الذي أرق كل فرد في العالم أجمع، وكأننا لسنا في عالم فضاؤه مستباح بالأقمار الصناعية التي تكتشف ما في الأعماق! فلماذا لم تكتشف هذا البركان الذي لم يبدُ منه إلا دخانه، فكيف لو تطاير حَممُه؟! كيف سيكون وقعه وأثره؟ مع دعائنا جميعاً: اللهم سلم سلم. لماذا لم تكتشفه لـتُعِد شركات الطيران لنزلائها الفنادق غير المكلفة، ولروادها الأسعار المناسبة، حتى تبقي لهم شيئاً من متاع يتزودون به إلى حين؟

حقاً إن العلم لم يصل ليكتشف مخبآت الكون قبل حدوثها، بينما بعض الحيوانات تستشعر الزلازل والبراكين فتحمي نفسها بالفرار قبل خراب الديار، ونعلم من ذلك صدق قوله سبحانه: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}.

لقد سألتني سيدة من لندن عبر الفضاء في إحدى حلقات برنامج «نفحات» قبل أسابيع عن مصير أبنائنا إذا توقفت التكنولوجيا، فاستغربت سؤالها؛ لأنه يستبق الأحداث، وقد كان السلف يكرهون المسائل قبل وقوعها، ويقولون: إن المسألة إذا وقعت أعان الله تعالى عليها، إلا أني لم أحِر جواباً أن قلت: إن الله تعالى سيهيئ لهم أسباب الحياة، فلكل زمان دولة ورجال. و أرى أن ذلك اليوم الذي يتباعد فيه هذا العالم المتقارب، إلى أرجاء بعيدة المنال، تنقطع فيه أعناق المُطِيّ، ووسائل الاتصال الفضائي؛ لا أراه بعيداً، وهذه الكارثة التي تقطعت فيها سُبُل المشارق عن المغارب أقرب دليل على ذلك، ومع ما فيها من مرارة الخسران، وتعطل الإنسان في أرجاء الأوطان إلا أنها تعطي البشرية درساً إيمانياً؛ تبصرها فيه بقوة المليك المقتدر، الذي أخبرنا في محكم كتابه، أنه سيأتي يوم تُرج فيه الأرض رجاً، وتُبس فيه الجبال بَساً، فتكون هباءً مُنبثاً، ويكون الناس فيه {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}

فهل ترى أيها القارئ الكريم أن ذلك اليوم بعيد؟ لا أظنك ترى ذلك وأنت ترى الأرض قد ازينت و أخرجت ثمراتها وأنبتت من كل زوج بهيج، ولعل قول الله تعالى: {حَتى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازينَتْ وَظَن أَهْلُهَا أَنهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} يصدق على دنيانا اليوم، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
  رد مع اقتباس