عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2012, 01:42 AM   #18
وادي عمر
مشرف سقيفة الحوار السياسي
 
الصورة الرمزية وادي عمر

في استعادة حرية جنوب اليمن ضمانة لأمن الخليج والجزيرة العربية

31/01/2012

في استعادة حرية جنوب اليمن ضمانة لأمن الخليج والجزيرة العربية


لقد أثبتت أحداث الشرق الأوسط الساخنة خلال العقدين الأخيرين بأن الإدارة الخائبة للعديد من الملفات الإقليمية الحساسة قد خلقت أوضاعا بائسة في العديد من المواقف , ففي حالة الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب, والتي كان من نتيجتها تحلل وتلاشي جمهورية جنوب اليمن في 22 مايو عام 1990 بعد عقود من الإستقلال منذ عام 1967 بعد التخلص من الإستعمار البريطاني فإن تلك الوحدة كعادة كل الوحدات الإندماجية العربية أقيمت على عجل وفي ظل ظروف دولية وإقليمية مرتبكة ومع بداية تشكيل محاور سياسية إقليمية كانت تدار بعقلية تآمرية محض , فشمال اليمن, وقتذاك, وتحت ظل سلطة الرئيس السابق علي عبد الله صالح كان مرتبطا بمحور ما كان يسمى "مجلس التعاون العربي" بقيادة عراق صدام حسين وعضوية الأردن ومصر واليمن وهو مجلس إتضحت نواياه الستراتيجية منذ أن تأسس عام 1989 لانه أريد منه أن يكون غطاء لتمرير ملف إحتلال العراق لدولة الكويت وضمها وإلغاء وجودها السياسي ولكن إنسحاب أكبر ضلع فيه وهو مصر أفشل المؤامرة وأنهى عمل ذلك المجلس البائس بعد الغزو العراقي للكويت في 2/8/1990 والذي أفرز للأسف موقفا رسميا يمنيا مساندا للعدوان الصدامي وهو موقف لم يكن يتناسب أبدا مع موقف أهل وشعب جنوب اليمن الرافضين جذريا لذلك الإحتلال الغاشم, ما خلق حالة إنقسام واضحة مع الأيام الأولى لتلك الوحدة القسرية المستعجلة, وأخل بموازين القوى الإقليمية والدولية, وخلق فتنة قومية خرقاء, خصوصا وإن نظام علي عبد الله صالح كان من المعجبين جدا بالنظام العراقي السابق الذي حاول تقليده حتى على مستوى بناء وتركيبة السلطة! كما نعلم , وقد دفع الشعب اليمني الثمن غاليا نتيجة لتلك الحماقة حيث تضررت مصالحهم الإقتصادية وأشتعلت أزمة إقتصادية عنيفة لم يكن لها مبرر كما أصيبت العلاقات القومية الوثيقة بين شعب الجنوب العربي و شعب الخليج العربي بالضرر النفسي الفادح ما ترك أبعد الآثار وأفدح النتائج ودق المسمار الأول في نعش تلك الوحدة المستعجلة التي حطمت أسس الدولة العصرية والحضارية التي كانت في الجنوب العربي, رغم قلة الإمكانيات, بسبب حالة الحرب الباردة القائمة وقتذاك.
على كل حال بسبب تلك الأوضاع إهتز السلام الإقليمي بعد غياب جمهورية الجنوب, وتفرد عسكر الشمال بالموقف, إضافة إلى تراكم العديد من الملفات الداخلية الأخرى المتعلقة بالهيمنة والاستحواذ و الاستئثار وسوء إدارة السلطة والتفرد في اتخاذ القرارات المصيرية, ما أشعل حرب صيف عام 1994 التحررية والتي وقف النظام العراقي البائد بكل قوة مع سلطة علي عبد الله صالح لإجهاضها و تدميرها لكن من دون أن ينجح في ااستئصال جذوتها النضالية التي لن تنطفئ أبدا, بل ستزداد اشتعالا في قلوب وأفئدة أبناء الجنوب العربي, وهم يتهيأون اليوم لتصحيح التاريخ وتعديل الجغرافيا.
لقد انتقمت الفاشية البعثية والعشائرية المتخلفة من أهل الجنوب العربي شر انتقام, وأمعنت في تمزيق وتدمير كل الدعوات الجنوبية المخلصة لتصحيح الأخطاء وتعديل المواقف , وفرضت الوحدة القسرية على شعب حر ومتحضر متمسك برؤيته الحضارية وبعلاقاته الحميمية مع شعب الخليج والجزيرة العربية, وبما يرفض الأحلاف والمحاور , ودفع الجنوبيون ثمن ممانعة ومقاومة الفاشية السلطوية المتخندقة قوميا من دمائهم وأرزاقهم ومارسوا النضال الجماهيري السلمي, وطالبوا بحقهم المصيري في استعادة دولتهم التي أغتيلت في غفلة من التاريخ, وفي ليل بهيم وفي ظروف ملتبسة ومتداخلة , وأعتقد جازما بأن أمن الخليج العربي والجزيرة العربية بات مرتبطا بشكل واضح بحتمية استعادة حرية شعب الجنوب العربي, والتخلص من أسر وقيود تلك الوحدة الفاشلة بعد تبدل معطيات إدارة الصراع في اليمن , فساحة الجنوب العربي اليوم بحاجة إلى متغيرات داخلية كبرى أهمها التخلص من إفرازات الفاشية السلطوية المندحرة كالتخلص من العصابات الأصولية والإرهابية المتخلفة ك¯ "القاعدة" وأشباهها, والتي هي في النهاية نبتة غريبة بالكامل عن تربية وتربة أهل الجنوب العربي المتحضرين المسالمين الساعين إلى الخير والمشاركين في نشر التحضر والإسلام الحنيف المسالم في العالم ومحاربين للفتنة والإرهاب والتسلط.
لاشك في أن عودة الحرية لشعب جنوب اليمن سيساهم أبعد مساهمة في تعزيز الأمن والسلام في الخليج والجزيرة العربية , فخبرة العقود الماضية ومعاناة فترة التسلط الفاشي العسكري القبلي المتخلف قد عززت من جهاز المناعة الوطنية لشعب الجنوب العربي , لانكوص عن خيار التحرير الوطني وبناء السلام الإقليمي.. فذلك خيار المتحضرين.
كاتب عراقي
[email protected]
  رد مع اقتباس