.
المثل : (( باعك بيـعـة التـمبــاك ))
التمبـاك : نبتة معروفة شائعة الاستعمال دخلت زراعتها وتعاطيها في حضرموت قبل قرنين من الزمان وتشتهر منطقة ( غيل باوزير )
بزراعة التمباك الحمّي والذي يتميز برائحته وطعمه وجودته ، وشهرته . وتحتاج زراعته الى عناية شديدة ومتابعة جيده حتى تنمو أوراق الاشجار ثم تقلع من الأرض وتعلق للتعرض للشمس للتجفيف ،
ثم تحزم وتعبأ وتباع مجففة ، ويقوم المستهلك باستعمال التمباك بطريقتين :
الأولى : يكسر حزمة التمباك الحمي إلى قطع صغيرة و يستعمل للتدخين بواسطة (( الرشبة )) أو (( المداعه )) كما يقال لها في عدن ... أو كما تعرف ب ( الشيشة .. النارجيله )) .
والطريقة الثانية : يسحق ويخلط مع الرماد حسب الاستعمال ويمضغ وتسمى في حضرموت وليبيا بالمضغة ، وهناك ما يعرف با ( لنشوق ) وهو التمباك الذي يصنع يدويا بتجفيف أوراق التبغ وخلطها
بالماء والعطرون (بيكربونات الصوديوم) لتكوين عجينة جافة نوعا ما توضع داخل الفم لفترة تتراوح بين دقائق وساعات وتجدد عدة مرات أثناء اليوم . وهذا النوع يستعمل في السودان وجيزان
ومناطق مختلفة في اليمن . أما في حضرموت فإن المضغة الحضرمية هي خليط من التمباك ورماد الحطب.توضع في شذق الرجل. وهي شائعة بين الرجال فقط .
قصــة المثل: (( باعني بيعـة التمباك )) :
يعتبر التمباك من السلع الرخيصة جدا في حضرموت لانحصار استعماله وسط طبقات معينة في المجتمع الحضرمي.
وكانت كثير من الطبقات الاجتماعية في حضرموت تترفع عن تعاطي (( المضغة )) . وهناك روايات تروى حول قصة المثل منها ما كتبه صاحبنا (( المعتزل )) مسرور .
روى أن أحد الشباب خرج في رحلة صيد دامت لعدة أيام استنفذ خلالها مخزونه من التمباك ( المرمّد ) وكادت الخرمة تذهب بعقله وصادف أن قابله أحد العارفين بجميع أحواله
الشخصية فعرض عليه تقديم ( مضغة ) تمباك له مقابل تنازله عن حب حبيبته ... رفض صاحبنا العرض في البداية وأمام ضغط الخرمة ووجع الراس قرر التنازل عن حب حبيبته
مقابل ارضاء شيطان الخرمة .
دارت الأيام ووصل خبر مافعله صاحبنا الى حبيبته فأنقطعت عن التواصل معه أو الخروج لملاقاته وعندما أحس بغيابها خرج باحثا عنها في المواقع التي يلتقون فيها عادة وقال
مرتجلا الأبيات التالية :
ياطير ياذي مع حيد العيينه بديت =سلم على سول قلبي وأعطني اليوم بيت
وقل له اني من اللحم السمين ابتريت =لا الكي ينفع من اصواب المحبه كويت
ولما سمعت حبيبته ماقاله ردت عليه قائلة :
يهناك في الجمل ياذي بعت في واشتريت =والقيت لي بيعة التمباك ريتك غليت
قد كنت في طاعتك لا ناموا أهلي سريت =ولا نبح كلب ولاّ طير ميّح بديت
قطعت علاقته معه وعرفت أن من باع حبها من أجل ( مضغة ) تمباك لا تساوي شيئا في الميزان سيكون على استعداد لبيعها في سوق النخاسة ان استلزمه الأمر حتى ولو كانت حليلته ...
و أصبح المثل يضرب لمن يتخلى عن مبادئه وقيمه أو يترك خلانه وأصدقائه ويتنكر لهم ولعلاقته بهم مقابل متعة زائلة أو زائفة وما أكثر من يتخلون عن أحبابهم في زمننا الردىء.
وهكذا انتهت القصة التي رواها صاحبنا (( مسرور )) ويبدو ايضا أن (( مسرور )) سلك مسلك صاحب قصته وباع السقيفة واصحابه (( بيعة التمباك ))...!!
ولكن لا ينتظر عضوة من اعضاء السقيفة تقول فيه شعرا لأنه لا يوجد أحدا في طاعة أحد يسري من أجله لانامت الأعين .... ، ولكن سيجد في السقيفة نباح كلاب وطيور جوارح تميح وتبدي عليه الجو ...
قد كنت في طاعتك لا ناموا أهلي سريت =ولا نبح كلب ولاّ طير ميّح بديت
....