عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2013, 01:35 AM   #26
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


يس نعمان وخطاب اليمننة فى شكله الجديد

5/2/2013 انور سلطان


(1)
نقف هنا عند بعض ماجاء فى حديث يس سعيد نعمان لصحيفة الخليج الاماراتية.
الجنوب "مكون" جيوسياسى لليمن.


يقول يس نعمان: " علينا أن ننظر إلى المسألة من زاوية أن الجنوب والشمال مكونان جيوسياسيان، لا الجنوب جزء من الشمال ولا الشمال جزء من الجنوب، هذه حقيقة تاريخية، الذي يربط بين الاثنين هو الانتماء إلى يمن واحد " اهـ.

ما الفرق بين القول ان الجنوب شطر او مكون طالما كان هناك رابط لا ينفصم؟ فما هى اليمننة سوى ربط تعسفى للجنوب العربى بما يسميه الشمال؟
(هناك موضوع بعنوان "مفهوم اليمننة " كان فى الاساس ردا على اعادة نشر مقال قديم للمرحوم عبدالرزاق باذيب الذى دافع عن اليمننة قديما التى فرضتها الجبهة والحزب بالقوة والعنف فيما بعد).
يكرر هذا الكلام فى رد آخر له بقوله : " المشكلة تكمن في أن هناك حقيقية تاريخية تؤكد أننا مكونان جيوسياسيان لليمن جنوباً وشمالاً، وبالتالي فإن الحامل لهذين المكونين هو دولة اتحادية ".

اذن المبرر من هذا القول هو الوصول لمشروع الدولة الفدرالية الذى يتبناه الحزب.
اين الشعب وارادته؟


لقد استبدل مصطلح الشطر بمصطلح "مكون" جيوسياسى لليمن. هل هناك اختلاف فى النظرة للجنوب العربى؟ عوضا عن شطرين يمكن ان يندمجا هما مكونان جيوسياسيان ينبغى ان يكونا دولة فدرالية.
ولايكون قوله بعدئذ: هذا ليس جزءا من ذاك، الا خداعا سياسيا. فلا فرق بين القول ان الجنوب مكون جيوسياسى يربطه بالمكون الاخر الهوية اليمنية وبين القول انه احد شطري اليمن. اذن الجنوب جزء لا يتجزأ من شئ اسمه اليمن (وهذا ما عكسته رؤية الحزب التى قدمها مؤخرا). هذا القول ليس الا تلاعب بالالفاظ.

هذا الهراء المراد به تفريغ الخطاب السياسى الجنوبى من مضمونه.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فماهو اليمن المقصود؟ السياسى ام الجغرافى؟ اذا كان الجغرافى فلماذ ليست عسير ولا نجران ولا عمان ولا الامارات ولا الربع الخالى الى حدود الاحساء ونجد مكونات جيوسياسية لليمن، لماذا حصره فى (ج ع ى) والجنوب العربى؟

واذا كان السياسى، فمن يحدد اليمن السياسى؟ ومن يفرض ان هذه البقعة ضمن هذه الحدود هى اليمن السياسى ويحدد مكوناتها الجيوسياسية؟ من اعطى نعمان وحزبه الحق فى اعتبار الجنوب العربى مكون جيوسياسى لشئ اكبر منه وهو جزء منه وليس دولة مستقلة وشعب مستقل مثل اى شعب على وجه الارض؟ من اعطى نعمان وحزبه اسقاط الجنوب العربى كوحدة جغرافية سياسية قائمة بنفسها مثل اى دولة اخرى واعتبارها مجرد مكون لكل اكبر منها؟
اليس هذا تزييفا للتاريخ او بالاحرى اعادة تزييف التاريخ بطريقة جديدة؟ هل هناك هذا التقابل التاريخى عبر التاريخ وان ما يسميه اليمن كان متحدا على شكل موكنين؟ اليست هذه مقولة ايدلوجية جديدة تنتصر لموقف مسبق بل مشروع مسبق مفصل تفصيلا؟ وبالتالى يمكن فهم قوله عندما قال: "لكن في ما يخص الدولة، فإن الذي يربط بين الاثنين هو المشروع السياسي، ما لم يتفق الطرفان على المشروع السياسي الذي يجعلهما يعيشان في إطار الدولة تحت هذه الهوية فإن المشكلة ستظل قائمة " اهـ .

اذن المسألة انتصار لليمننة، ويجب البقاء تحتها والا ستظل المشكلة قائمة.
اين ارادة الشعب الجنوبى مرة اخرى ؟


ان القول لابد من الاتفاق تحت هذه الهوية، يجتث من الاساس الاردة الشعبية الجنوبية (هذا يؤكد طبيعة المقولة الايدلوجية التى تبناها توا، فلا ارادة حرة مع الايدلوجيا) وهذا هو الهدف الاساسى من يمننة الجنوب العربى، فالشعب الجنوبى ليس له من الامر شئ انما الامر لالهة اليمننة واوثانها.

لا يوجد شئ اسمه شعب جنوبى وهوية جنوبية سياسية مستقلة ولا ارادة شعبية، بل مكون جيوسياسى محتوم المصير، والا نشأت مشكلة مالم يتم الاتفاق على الشكل الصحيح للمصير المشترك للمكونين (الوحدة الفدرالية). فلا استقلال ولا يحزنون. الم يحسم الحزب هنا وامينه العام مصير الشعب مرة اخرى ويفرضوا رؤيتهم ومشروعهم؟

بعد هذا لا نستغرب من اعتبارالثورة الجنوبية مزاجا لا تبنى عليه مشاريع (اى لا ينبغى ان يُلتفت اليه، وهذا هروب مستهتر بمجرد الانكار) وبالتالى عدم الاعتراف بممثل للشعب فى الجنوب لانه لايوجد شعب بل مكون (جنوب)، ثم يتساءل عن جذر المشكلة (وتمخض حزبه بالاجابة وانجب فأرا).
(2)
مايجرى فى الجنوب مزاج محتقن.

ان مطلب التحرير والاستقلال المعلن يستند الى وعى وشعور عميقين بالهوية المستقلة، واردة واعية هدفها اعادة الاعتبار للشعب الجنوبى كشعب مثل باقى شعوب العالم، ووعى ايضا بضرورة استقلال الجنوب العربى لمستقبله والاهم وجوده. لكن هذه القناعة الراسخة يعتبرها يس نعمان مزاجا، ومايقوله هو بعيدا تماما عن المزاج.

لكن متى تعامل الحزب مع الشعب الجنوبى باحترام؟
قال: "المزاج في الجنوب اليوم معقد، لكن هل نستطيع أن نبني مشروعاً سياسياً على مزاج متحول أو متقلب؟ نحن ننتظر أن يتحول هذا المزاج إلى حالة سياسية، لكن للأسف لم يتحول بعد، لذلك اذا تحول إلى حالة سياسية فالمسألة ستختلف" اهـ.

هل ما ياتى وفق رؤيته حالة سياسية وما يخالفها ويناقضها مزاجا لا يعول عليه؟
ماذا يقصد بالتحول الى حالة سياسية ؟ اليس لعبا بالكلام للهروب من الواقع؟
وهل كانت الثورة فى صنعاء مزاجا ام حالة سياسية، ام ان اختطافها حالة سياسية؟


متى كانت ارادت الشعوب مزاجا وخصوصا عندما تدفع فى سبيلها اغلى الاثمان؟ هذه هى حقيقة تفكير وعقلية الحزب الاشتراكى وامين عقليته العام. انها امتداد لعقلية ضمير الشعب والمعبر عن الشعب، فالشعب قاصر لا يستطيع ان يعبر عن ضميره ولا شعوره وليس له ارادة بل يحتاج الى حزب (له مشاريعة التى تمثل حالة سياسية) يتبنى ماينفع الشعب ولا يترك الشعب لمزاجه.

(3)
لا يوجد ممثل للشعب الجنوبى ولا ينبغى ان يكون له ممثل.

قال : "كنت أتمنى لو يتم الحديث عن تمثيل مشاريع سياسية، يعني كل واحد يحمل مشروعاً سياسياً يدعي أنه يخدم الجنوب يحضر به، لكن عندما يدعي أنه يمثل الجنوب والآخر يدعي أنه يمثل الشمال، أمر غير مقبول" اهـ .

لا يفرق يس نعمان بين الحالة فيما يسميه "الشمال" والحالة فى الجنوب العربى، فالقوى والاحزاب السياسية فى (ج ع ى) هى قوى واحزاب فى دولة احتفظت بدولتها وكرستها على حساب الدولة الجنوبية باحتلالها وبالتالى تمثل نفسها وانصارها وليس الشعب فيما يسميه "الشمال"، بينما الحالة فى الجنوب ثورة شعبية يخوضها شعب تحت الاحتلال، والقوى التى حركت الشارع والشعب وانبثقت منه ومن بين صفوفه هى وحدها التى تمثله بالضرورة.

لو تبنت الدول الاستعمارية منطق نعمان لما استطاع شعب تقرير مصيره ونيل استقلاله. ولكن مالم يدركه نعمان ان قضايا الشعوب معروفة وانه لا يمكن الالتفاف عليها وتمييعها بهذه الحيلة. ان اسقاط القوى التى تمثل شعبا محتلا هو اسقاط للشعب ولقضيته، لانه لا يمكن للشعب ان يمثل نفسه عن بكرة ابيه ولكن تمثله القوى التى تحمل قضيته وتعبر عنها (ما استغربه كيف يلومون صالح فى التلاعب وهم يمارسون نفس التلاعب).

يمكن الاختلاف على الممثل الوحيد للشعب والذى يحمل حصرا قضيته المعروفة لكن لا يمكن الاختلاف على القضية ذاتها ولا على التعبير عنها من مختلف القوى التى تحملها، لايمكن الاختلاف على القضية لانها معروفة وبالتالى معروفة القوى التى قادتها وتقودها والتى انبثقت من بين الجماهير التى تهتف بقضيتها، وهذه القوى الثورية لا تعبر عن رؤية حزب بل عن ارادة شعب، ولا يمكن مقارنة قوى ثورية فى دولة تحت احتلال بقوى واحزاب سياسية فى دولة مستقلة، فالاولى تعبر عن الشعب وارادته لانها تقوده وتقود ثورته، اما الثانية تعبر عن مشاريعها السياسية وليس الشعب.

وشتان بين الامرين ولاوجه للمقارنة اطلاقا فلم تعتبر الاحزاب فى صنعاء انها تعبر عن "الشمال" لانها كذلك والقول انه لايحق لاحد ان يدعى تمثيل الجنوب كما لايحق لاحد ان يدعى تمثيل الشمال هو افتعال مقارنة غير موجوده اساسا لتبرير اسقاط اى ممثل للشعب الجنوبى وبالتالى يعطى لحزبه (ولاحزاب دولة الاحتلال) الحق فى تقديم رؤيته لحل القضية الجنوبية كما يفهمها (لقد اصبح الاشتراكى جزءا من منظومة الاحتلال لسببين، الاول: انه يتماهى مع صنعاء فى عدم الاعتراف بالشعب الجنوبى كشعب، والثاني: ان امره بيد صنعاء نتيجة تحول اكثرية قاعدته الشعبية الى (ج ع ى) فلم يعد حزبا جنوبيا او ذى غلبة جنوبية، ولم يرد ان يكون كذلك منذ نشأته بل حزب لكل اليمن كما يدعى، وبالتالى لا يمثل الشعب الجنوبى من قبل ومن بعد).

كلام يس نعمان محاولة للتمييع قضية الشعب الجنوبى المعروفة اولا بجعل ان ماهو معروف عبارة عن مزاج محتقن (سحب البساط من تحت الشعب)، وثانيا بتحويلها من قضية واحدة وهدف واحدا لشعب واحد الى قضايا حزبية متعددة، بتحويلها من ثورة شعب الى مشاريع احزاب، كل ذلك خدمة لليمننة التى عبر عنها بتعبير جديد بعد استهلاك التعبير القديم.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس