عرض مشاركة واحدة
قديم 08-21-2015, 09:41 AM   #2
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار
( مختصرات في حلقات)
الحلقةالثانية
2
- ومنذ سقوط الدولة الحميرية وحتى دخول حضرموت في الإسلام لم تكن هناك دولة مركزية يجمع عليها كل الحضارم

-----------------------------------------------------------------------
ذكرت أنه لم تكن هناك سلطة مركزية أو دولة يجتمع تحت رايتها كل الحضارمة في الفترة التي سبقت دخولهم الإسلام ؛ وإنما كيانات عشائرية وقبلية متنافسة ومتفرقة وزعت في القرى والمدن والوديان أغلبها ترجع إلى قبائل كندية وحضرمية مختلفة فيما بينها .
وتعد كندة من أكبر القبائل العربية في الجاهلية والإسلام وهي قبيلة من قبائل حضرموت نشأت في مملكة حضرموت. لعبت هذه القبيلة دورا مهما في الحرب السبأية- الحضرمية وبعد فوز السبأيين في الحرب استقر قسم من القبيلة في حضرموت وقسم منها رجع إلى مأرب بعد استيلاء حمير على مأرب, توجه الكنديون إلى البحرين القديمة (حاليا منطقة الأحساء والقطيف في السعودية و جزيرة البحرين) لكنهم رجعوا مرة أخرى إلى حضرموت موطنهم الأول و من خلال ما أورده بعض المؤرخين بأن بداية نزوح هذه القبائل جنوباً كانت من اليوم الذي خسر فيه هؤلاء معركتهم الضارية في "شعب جبلة" ضد القيسيين (بني عبد القيس )والتي انتهت بأسر وقتل أميرهم معاوية بن الجون الحاكم آنذاك على اليمامة والبحرين.
وقد حسب أبو الفرج الأصفهاني (المتوفي سنة 356هـ/967م) بأن هذه الواقعة حدثت قبل ظهور الإسلام بتسع وخمسين سنة وقبل ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم بتسعة عشر سنة وبينما يذكر أبو الحسن الهمدانى أنها سنة 360هـ/971م) بأن تعداد الكنديين الذين عادوا إلى مواطنهم الأصلية بعد تلك المعركة الحاسمة لا يقل عن ثلاثين ألف نسمة.
ومن ضمن الأسباب التي قيلت لهذه الهجرة الجماعية
المنازعات المتبادلة بين "ملوك" كندة، والمنافسات بين بطونها وفخوذها والتي استغلها وأجج نارها الأمراء الغساسنة واللخميون، ومن خلفهم الدولتان العظميان في ذلك العصر- الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية.
عندما رجع الكنديون من (بني عمرو بن معاوية ) الذي ينتمي أليهم -الأشعث بن قيس الكندي - إلى حضرموت في القرن الرابع الميلادي, كانت حمير في أعلى قوتها بعد استيلائها على مأرب (آخر دولة منافسة لها في الجنوب العربي). كان لكندة عداء قديم مع حضرميو الجنوب لذا سكنوا في حضرموت الشمالية وأعطوا سلطة على حضرموت بأكملها من قبل الحميريون. أعتبر بعض المؤرخون قبيلة كندة جزءا من تحالف قبيلة حمير
خاصة في المناطق الغربية من حضرموت.
ولاشك أن هناك علاقات وطيدة كانت متميزة ومصالح مشتركة بين الدولة الكندية التي قامت خلال القرن الخامس الميلادي (425 م ) في نجد وشمال شبه الجزيرة العربية ودولة التتابعة الحميرية التي كانت على عداء مع العدنانيين .
وأما بقية القبائل الكندية التي ظلت في حضرموت ولم تهاجر إلى شمال الجزيرة العربية والبحرين فهم وأتباعهم على الهجرة نحو حضرموت أعداد كبيرة من بطون وفخوذ كندية مثل "السكون" و السكاسك "و"الصدف" (الذي يربط بعض الرواة أصلها بقبيلة "حضرموت"). وحيث أن كل هذه البطون كانت تنتسب في أصلها إلى أولاد وأحفاد "الأشرس" كما هو ظاهر من الأسماء التي أطلقت عليها، فإنها أصبحت معروفة جمعاً في التاريخ بـ " بني الأشرس" ويجدر بنا أن نذكر أن "سكون" و "سكسك" كانا ابنان للأشرس بينما "صدف"، الذي يعرفه التاريخ باسمه الحقيقي أيضاً وهو عمرو- كان حفيداً لحفيد السكون. أما قبيلة " تجيب" فهي تنحدر من أبناء عدي وسعد، وهما ابنان آخران للأشرس أما قبيلة " تجيب" فهي تنحدر من أبناء عدي وسعد، وهما ابنان آخران للأشرس، والغريب عن أمرهما بأنهما ينتسبان في التاريخ لأمهما المشهورة" تجيب بنت ثوبان"!. وكما أن الرواة يصفون مجموعة الفخوذ والبطون المذكورة معاً بتسمية "بني الأشرس" فإنهم يطلقون تسمية بني معاوية علي القبائل التي عادت إلى حضرموت. بعد معركة شعب جبلة، التي ذكر عنها- (أي بني معاوية)- غالبية الرواة، بما فيهم الهمداني، بأنها قدمت للعرب ما لا يقل عن سبعين "ملكا". ولقب "الملك" هذا في مفهوم يومنا يعادل "شيخ" أو"أمير" قبيلة أو مجموعة لها. وما زالت بعض الأسر الحضرمية مثل آل بن محفوظ وآل باجمال وآل بازرعة وآل باكثير وآل بارباع تفتخر بانتسابها إلى هؤلاء "الملوك" ، كما يجب أن يضاف إلى هذه القائمة للأسر الكندية في حضرموت أسر كثيرة أخرى .
وأما قبيلة حضرموت التي يرجع أسم المكان بأسمها ، وتنتسب إليها مملكة حضرموت القديمة والحضارة والمدن من ألاف السنين قبل الميلاد التي لاتزال قائمة حتى هذا اليوم ، يذكر صاحب كتاب "المحبر" الأخباري النسابة محمد ابن حبيب الهاشمي (المتوفي سنة 245هـ/860م) بأن عودة بني معاوية إلى حضرموت- لم تكن خالية من الصراعات أو المخاطر- وكما كان يتوقع، أخلت بالتوازن الدقيق للتحالفات السياسية المتواجدة عادة في المجتمعات القبلية كما كان الحال في حضرموت خلال تلك الفترة،فيسبب هذا علي الاختلاط والتعايش جنباً إلى جنب والصراعات والحروب القبلية.
وكانت قبيلة حضرموت وفخوذها والتي كانت صاحبة الشأن وساكنة في الضواحي الشرقية والوسطى لوادي حضرموت متخذة من مدينة شبام مركزا لممارسة نفوذها السياسي.
فمن المؤكد أن قبيلة حضرموت لم ترتاح لعودة هؤلاء الكنديين لتقوية سواعد منافسيها من بطون كندة القاطنة بجوارها، لم تطمئن فخوذ بني الأشرس الكندية أيضاً لعودة هؤلاء المنافسين على المساكن والموارد والزعامة السياسية وإن كان نسبهم يجمعهم بهم، وذلك لأن بني معاوية كانوا يعتبرون أنفسهم ليس أقل منزلة من "ملوك" وأصحاب الصدارة والرياسة لإمبراطورية قبلية كانت تشمل في يومها غالبية مساحة الجزيرة العربية. إضافة إلى ذلك قبيلة" المهرة " التي تسكن شرقي الشحر وكانت هناك كذلك فروع لمجموعة قبائل همدان بما فيها "ذي الجراب" التي كانت تعيش في مودة مع قبائل حضرموت و "الجعفيون" من سكان وادي جردان .
هكذا كان المشهد للكيانات القبلية المختلفة في حضرموت قبيل دخولهم الإسلام ،ويتضح هذا المشهد في صورة رؤساء الوفود التي ذهبت تعلن إسلامها للرسول صلى الله عليه وسلم في العام التاسع من الهجرة عام الوفود ؛فقد كانت متفرقة وغير موحدة بل أن البعض من قبيلة واحدة لها أكثر من زعيم وممثل استقبله الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة كما جاء ذلك في أخبار الوفود التي قدمت من حضرموت وهكذا كل أجزاء الجزيرة العربية أيضا. ومنذ العام التاسع من الهجرة تكون حضرموت انطوت تحت راية الدولة الإسلامية التي عاصمتها المدينة النبوية المنورة، وخلعت حضرموت عن نفسها ثوب التفرق واللادولة ،غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بعماله ومعلميه أليهم بحسب توزيعهم الجغرافي وثقلهم القبلي قي حضرموت
من هؤلاء زياد بن لبيد رضي الله عنه ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على حضرموت بناء على طلب وائل بن حجر عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث معه رجالاً إلى قومه يدعونهم إلى الإسلام، فأمر معاوية أن يكتب: «من محمّد رسول اللَّه إلى الأقيال من حضرموت أي الوجهاء والمقادمة -، وبعث النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم إليهم زياد بن لبيد.
كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل حضرموت المهاجر بن أبي أمية واستعمله على صدقات كندة والصدف كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عكاشة بن ثور عاملاً له على السكاسك والسكون وبني معاوية من كندة ويذكر الإمام الذهبي رحمه الله أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قدم الشحر رافعاً صوته بالتهليل والتكبير وكان يتردد بين مخلافي الجند وحضرموت .
إلى الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى
  رد مع اقتباس