عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2015, 06:08 PM   #4
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الرابعة

الظروف التي مرت بها حضرموت بعد سلسلة من التمردات القبلية في وقت مبكر من تاريخها


كان للإسلام فضل عظيم في إيقاف هذا النزيف من الحروب القبلية والتمردات الذي استمر ردحا طويلا من الزمن , وقد لاحظنا في ماتقدم ذكره أن هذه الوفود عندما قدمت لإعلان إسلامها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كل منهم بوفده , ولم تأت متحدة في وفد واحد لما بينها من عداوات , وقد أزال النبي صلى الله عليه وسلم هذه العداوات التي بينهم ،ومالبثت أن عادت بعد وفاته وتسلم الصديق رضي الله عنه الخلافة . انتهت حروب الردة بحضرموت واستتب بها الأمن وبذلك عادت جميع قبائل حضرموت إلى دائرة الإسلام وعاد ولاؤها إلى خليفة المسلمين سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه , وذلك قبل أن يحول الحول إلى السنة الثانية عشرة هجرية الموافق 633م تقريبا , وبقيت حضرموت في طاعة الخلافة ما يقرب من مائة وخمس وعشرين سنة تقريبا بعد أن رسخ الصحابة الإسلام وتعاليمه في نفوس القبائل الحضرمية.
ومما تجدر الإشارة أليه أنه تلت هذه الفترة من حروب الردة دعوة الخلفاء الراشدين خاصة الشيخان ومن بعدهم لأهل حضرموت واليمن وغيرهم للجهاد في سبيل الله والأنظمام إلى جيش الفتح الإسلامي في الشام والعراق ومصر وغيرها من الأمصار،فكان الرد أن عبأت حضرموت نفسها في جيش الإسلام وقذفت بآلاف من فرسانها وقوادها وذوي الرأي فيها في جيش الإسلام , فكان لهذا الأمر أثراً سلبياً على حضرموت , إذ خلت حضرموت من سكانها , واستقر كثير من المجاهدين في جيوش الإسلام بالبلاد التي فتحت , منهم بمدينة الكوفة ومدن الشام ومصر والحجاز وشمال أفريقيا فيما بعد واختطوا لهم أحياء سميت بأسماء قبائلهم مثل حي حضرموت وحي كندة وحي السكون .
ومن نتائج ذلك كان الفراغ السكاني ،ويتحدث المؤرخون عن الهجرات الخارجية التي حدثت وأكبرها كما أسلفنا ذكره أثناء الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين تلبية للواجب،ففرغت حضرموت من القوى الفاعلة في المجتمع من الشباب ورؤساء العشائر الحضرمية والكندية ،وأنقص شعب حضرموت أيضاًالضربات والإبادة الجماعية التي حدثت لكثير من رجال حضرموت الاشداء من كندة وحضرموت اثناء حروب الردة عام 11 هـ وبعدها، حتى كادت تخلو البلد من قرى ومدن ووديان من سكانها ولم يبقى فيها إلا من قعدت بهم هممهم عن القتال أو مشاركة الفتح الإسلامي .
ثم تلتها من أحداث للثورة الأباظية التي قادها من حضرموت القاضي عبد الله بن يحيى الكندي الذي أطلق عليه أتباعه "طالب الحق "عام 129 هـ
وكانت أقساها وأذلها حملة معن بن زائدة الشيباني عام 140 هـ.
وعلى هذا فالأولى كانت في بداية عهد الخلافة الراشدة والثانية في نهاية الدولة الأموية والثالثة في بداية الدولة العباسية .
ولم تعبأ بحضرموت الدولتان الأموية والعباسية , ولم يعينوا عليها أميرا مستقلا كما في الصدر الأول وعصر الخلفاء الراشدين , بل ربطت في طليعة عهد الدولتين بأمير صنعاء اليمني , وقد انتشر في حضرموت في هذه الحقبة ظلم الولاة للرعية و الجهل والفقر والفاقة والتوحش, كما نقل من بعض الكتاب والرحالين العرب من مؤرخي القرن الرابع الهجري يصفون به حالة حضرموت أو بعضاً من مناطقها كالمهرة وبعض البوادي والسواحل التي نزلوا فيها .
ووصلت حضرموت نتيجة لذلك بدعتا الخوارج والإمامة التي قدمت مع طلائع ثوار الأباظية من البصرة بالعراق ،ومن خرج فاراً من بطش الدولة العباسية من الإمامية فكانت حضرموت مأوى لهم و جاءت إلى حضرموت مع هذه الظروف جماعات قبلية ناقلة من البدو والأعراب وغيرهم من اليمن والبصرة وعمان ونجد ،واستقرت في حضرموت أو أطرافها في الأراضي الواسعة التي هجرها كثيراً من السكان الحضارمة بعد حروب الردة والقتل الذي حدث لهم أو لتلبية الجهاد في سبيل الله والهجرة مع جيوش الفتح الإسلامي - الذي تقدم ذكره - ومن أشد الظروف إلاماً ماوقع من قتل وبطش ونكبات وتشريد للحضارم بعد هذه التمردات من قبل الولاة اليمنيون الذين كانت تعينهم الدولة الأموية والغباسية على حضرموت نذكر من ذلك باختصار شديد :
1- حملة عسكرية أتت حضرموت بقيادة عبد الملك بن عطية السعدي ، أرسل شعيبًا البارقي على رأس جيش إلى حضرموت، فأوقع بالإباضية الذين كانوا بها. إلا أن قسوته تجاوزت الحدود، فقد قتل صبيانهم وبقر بطون نسائهم وأتلف أموالهم وأخرب ونهب قراهم. وأُخمدت ثورة الإباضية بحضرموت سنة 130هـ (747م).
2- حملة معن بن زائدة الشيباني إلى حضرموت قتل أهلها قتلًا فاحشًا، وقد استعمل على بعض مخاليفه، ومنها حضرموت، بعض أقربائه. وكان بعض قرابته فسقه ظالمين، فقتل الحضارم أحد أقرباءه ورد بالقتل في الحضارم حتى وصف بأنه كان فظيعًا حتى بلغ عدد القتلى خمسة عشر ألفًا كما يذكر بعض المؤرخين وذلك لأن الحضارم حاربوه وقاوموه
وظلت حضرموت حتى نهاية حكم الخلافة العباسية وبعد سقوطها تتواصل عليها حملات من اليمن لبعض حكامها طمعاً في الاستيلاء عليها منهم من أتى من صنعاء أو زبيد بتهامة أو إب أو تعز كالزياديون والقرامطة والصليحيون وبني رسول والمكارمة وغيرهم جاء من ظفار كالحبوضي على مذهب الاباضية ضم حضرموت إلى سلطنته هناك من ملل ونحل مختلفة
ومما تجدر الإشارة أليه أن هذه الحملات العسكرية جوبهت بشدة وتم أفشالها وإن كانت بعضاً من بعض الجماعات القبلية التي استقرت في حضرموت حضرموت طرفا أو عاملاً مساعداً لها .



حلقات حصرياً يكتبها ويعدها من مراجع مختلفة على سقيفة الشبامي (سقيفة التاريخ والتراث ) وصفحة تاريخ وتراث حضرموت على الفيس بوك
الباحث في تاريخ حضرموت الأستاذ أبو صلاح حسين صالح بن عيسى بن سلمان

https://www.facebook.com/pages/%D8%A...4484213?ref=hl

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 08-31-2015 الساعة 04:50 PM
  رد مع اقتباس