عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2015, 07:26 AM   #5
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار
الحلقة الخامسة

حضرموت عزّ الأمن فيها بين القرن السابع والثامن الهجري إحتلال أجنبي لها وتطاحن قبلي باستمرار

لم تفلح الحملات المتكررة لبعض الدويلات اليمنية التي نشأت في العصر الإسلامي الوسيط ولأطماعها المتكررة في مد سيطرتها إلى بعض مناطق حضرموت في الساحل أو الداخل رغم المحاولات المتكررة لها منذ أن كانت اليمن قد انفصلت عن الحكم العباسي والخلافة السنية ونشأت دولة زيدية متشيعة في صعدة ، ودارت بين الإمام الهادي (يحيى بن الحسين بن القاسم أول إمام في اليمن) ودويلات قبلية ومذهبية وطائفية متعددة أخرى وغيرهم من ذوي السلطة السياسية في اليمن معارك عديدة، و اصطدامات دموية جرت بينه وبين حكام هذه الدويلات المختلفة .
وكانت حالة حضرموت بين 402 - 662 هـ (750 - 1010 م) وأوضاعها السياسية في خلال هذه الفترة التاريخية ، مجزأة إلى مناطق عشائرية ولا توجد دولة جامعة تجمعهم و يتحكم في كل منطقة منها رئيس عشائري من ذوي القوة والمَنْعَة. وكانت مناطق النفوذ لكل واحد منهم مجرد قرى صغيرة ومدن فقط خاضعة ، ومناطق قبلية محدودة، ولم يكن أحداً منهم من ذوي الشوكة والنفوذ الواسعين، ومنهم من كان «يعدّل»[عدّل المدينة الفلانية تعني حيث تُذكر في التواريخ الحضرمية أن حاكمها جعلها وثيقةً على الوفاء لحاكم آخر بالسمع والطاعة أو عدم الاعتداء. ] بلاده للحكام الأجانب.- وهذه الطريقة تبعها من أتى بعدهم حتى في العصر الحديث حين قامت السلطنات الكثيرية واليافعية وسيأتي ذلك لاحقاُ –ومما تجدر الإشارة أليه وله تعلقاً بموضوعنا أيضا أن الدولة الشيعية الفاطمية[ العبيدية ] التي حكمت في مصر وأمتد نفوذها عبر حكم الصليحيين الشيعة الإسماعيلية في اليمن(439 ـ458 هـ) (1047 - 1065 م) يقال إن ملك الصليحيين أمتد إلى حضرموت ساحلها وداخلها ،ولعله كان بواسطة واحد أو أكثر من هذه التجمعات القبلية ذات النفوذ في حضرموت خلال تلك الفترة .
ثم خلف الفاطميون على حكم مصر الأيوبيون [الدولة الأيوبية الحكم الأيوبي 569- 626 هـ /1173-1229م ]و أرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه توران شاه إلى اليمن عام 569هـ/ 1173م .وكان سببه أن الفوضى العشائرية استبدت باليمن، فاستنجد أهلها بالأيوبيين الذين قدموا بعد ذلك إلى حضرموت في حملات تكررت وكان من نتائجها أيضاً القضاء على ثلا ث إمارات أو أكثر في اهم المدن الحضرمية، إحداها كانت إمارة الحضارمة آل قحطان ويرى باحنان وآخرون أنهم من كندة ، وأول أُمراء هذه الإمارة هو قحطان بن العوام بن أحمد القحطاني وقيل أن بداية حكمها في النصف الثاني من القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي).
ومن سلاطين هذه الإمارة السلطان عبد الله بن راشد بن شَجَعْنَة القحطاني الحضرمي التريمي وهو الأمير المشهور الذي يُنسب وادي حضرموت الرئيسي إليه، فيقال له إلى اليوم "وادي ابن راشد" وكان هذا فقيهًا وعادلًا، وكان مولده بتريم سنة 553 هـ (1158 م). وقد تُوفي سنة616 هـ (1219 م) ومركز الدولة مدينة تريم وأمتد حكمه إلى مابعد العقاد . ومما تجب الإشارة أليه أن الجيش الأيوبي كما يذكر بعض ممن كتب في تاريخ حضرموت وعسكره من الغز(الأكراد ) وجيش بن مهدي اليمني بنو حرام ونهد وقبائل يمنية أخرى من عساكر بعض السلاطين من بني أيوب والموالي الرسولين القادمون من اليمن والحبوظي من ظفار وغيره ويعدون أهم أقطاب الصراع القبلي الذين عاشوا في حضرموت فساداً وتدميراً وخراباً لنخلها وأرضها وقتلا لأعيان وعلماء وفقهاء مدينة تريم وانتقلت إلى حضرموت وهي من بدايات مقدمات صراع القبائل الناقلة فيما بينها بعد القرن الثامن الهجري على الحكم في أجزاء مختلفة من حضرموت . [والحديث عنها في الحلقات القادمة بأذن الله تعالى ]
وأمّا الإمارة الحضرمية الثانية إمارة بني الدغَّار، ومركزها شبام،والذي أنشأ هذه السلطنة الدغار بن أحمد بن النعمان في عام 460هـ الموافق 1067م وهم ابن عمومة آل راشد سلاطين تريم , ومن أشهر سلاطينهم أبو الرشيد بن راشد الذي اعتقله عثمان الزنجيلي وأرسله إلى عدن , ومن ألمع سلاطين آل الدغار السلطان عبد الباقي بن أحمد الذي حرر حضرموت من الغز , وأرجع أبناء عمومته آل راشد إلى سلطنتهم بتريم , وتم القضاء على سلطنة آل الدغار عام 605هـ الموافق عام 1208م على يد قبيلة نهد .
و أما الثالثة إمارة آل فارس، ومركزها مدينة الشحر. , وأول من عرف من سلاطين هذه السلطنة السلطان عبد الباقي بن فارس المتوفي عام 547هـ الموافق 1152م , ومن أشهر سلاطين هذه الدولة السلطان فارس بن إقبال الكندي الذي ينتهي نسبه إلى كندة وقد يسمي بعض المؤرخين هذه السلطنة باسمه والسلطان فهد بن راشد الذي قاتل الغز بالشحر وهزمهم ووقع في يده أسرى وغنائم منهم , وبقيت سلطنة آل إقبال إلى أن غزا حضرموت ابن مهدي وسيطر عليها وقضي على هذه السلطنات الثلاث في عهدها الأخير وذلك عام 617هـ الموافق عام 1220م.
وقد مكثت حضرموت تتخبَّط في ظلام الفوضى والتطاحن القبلي كما تعرضت لغارات القبائل مدة من الزمن، وكلما أستقر بها الوضع السياسي ما أن ان تلبث الفوضى تعود من أليها من جديد تصارع الأقدار، وكأن لم يكن لأهلها إلا الاقتتال فيما بينهم والاقتتال مع الآخرين. وليس ذلك بمستغرب من حكام عشائريين ينظم علاقاتهم الداخلية والخارجية قول عشائري مأثور وهو (من عَزَّ بَزَّ).
يتبع في الحلقة القادمة بأذن الله تعالى

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 09-01-2015 الساعة 04:36 PM
  رد مع اقتباس