[أبو صلاح]

على العموم يشمئز الحضارم من توصف احدهم بأنه فارسي أكثر من اي جنسية أخرى ولعل ذلك يعود من نفرة الحضارم منذ زمان موغل في القدم عن سماعهم عن طريق الأخبار والاساطير والحكايات عن الطبقية المقيتة المفرطة التي تتميز بها مجتمعات الفرس التي بلغ فيها الإستغلال والإمتهان لأدمية الإنسان مبلغاً غاية في التعقيد والفروق الطبقية الهائلة بين أفراد الشعب .
ولأن الفرس لم يعرفوا في الغالب الديانات التوحيدية السماوية فكانوا أهل شرك ووثنية وعبودية للأفراد مفرطة للغاية قلما لها مثيل إلا في شعوب تماثلهم عرقيا وثقافيا.
وظلت حضرموت في تاريخها القديم قبل الإسلام لاتعرف الفرس كحكام او في تعاملهم التجاري الذي كان واسعاً مع مصر وشعوب أخرى منهم اليونان وغيرهم ..
وهذا بخلاف الأخوة من اليمن الذين استنجدوا بهم لطرد الأحباش النصارى الموحدين ،ثم لم ينقطع حكمهم لليمن حتى ظهور الإسلام ووجود بعض الدويلات اليمنية في مناطق مختلفة متعاصرة له علاقات مذهبية بهم أو بطوائف مرتبطة بالتشيع للدولة الفاطمية وغيره الذين حاولوا مرات عديدة لغزو حضرموت كما بينه تاريخ حضرموت في العصر الإسلامي الوسيط كالصليحية والقرامطة وغيرهم .
وفي كل الأحوال إن الصراع بين الحضارة العربية والفارسية ؛ صراعٌ متجذرٌ ، ضاربٌ في القِدم منذ مئات السنين ، لم تنطفئ ناره ، ولم يخبو حتى هذه اللحظة أُواره ، بل ما زال لهيبه في أوج اشتعاله ولم تسفر محاولاتهم القيمة واللاحقة سوى الهيمنة على العرب عبر احتلال العراق واليمن بإستمرار والحمد لله أن ظلت حضرموت متماسكة وبعيدة عنهم وارجو من الله ذلك .
والحمد لله أن الإسلام الحق على السنة ومبتغى دين الله لايكره ولايحقر المسلم للغته وعرقه ولونه وذا ما تعامل به المسلمون الاوائل مع غيرهم من شعوب العجم ومنهم الفرس الذين برزوا عند أهل السنة وهم كثيرون كسلمان الفارسي رضي الله عنه ومن أيمة الفقه أبا حنيفة وسيبويه من أئمة اللغة العربية ، إ وأما الإصرار على دين الطبقية والتراتب الإجتماعي باسم محبة أهل البيت فهو من دين الأقدمين ، وإن ألبستموه ثوب زورٍ دعوتموه التشيع لآل البيت ، فنحن حينئذ بُرآءٌ منكم ، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ...
هكذا كانت حضرموت وستظل بعيدة عن ثقافة الفرس ودينها الطبقي القديم .