عرض مشاركة واحدة
قديم 08-16-2011, 04:35 AM   #3
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الحراك الجنوبي.. حقيقة تاريخية وحتمية حضارية 8/15/2011 سالم بن دغار
في البداية دعونا أولاً نجيب على السؤال الآتي: لماذا الحراك الجنوبي؟!

لا يستطيع أن ينكر أي محلل سياسي أو راصد وطني أن الحراك الجنوبي قد جاء كردة فعل حتمية فُرضت على أبناء الجنوب بعد أن شعر السواد الأعظم منهم بالاغتراب في مجتمعاتهم نتيجة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الاقصائية وفرض نظام الجمهورية العربية اليمنية لثقافته بعد الحرب الظالمة على الجنوب وأرضه وإنسانه في صيف 1994م، وهي الحرب التي مكّنت المحتل من إحكام قبضته على البلاد والعباد ليمارس بعدها صنوف الإذلال والقهر والتنكيل بأبناء الجنوب، مشرداً الآلاف إلى خارج الوطن، مسرحاً مئات الآلاف منهم عن وظائفهم، عسكريين ومدنيين،

مستولياً على الأراضي والتصرف بها بوصفها غنائم حرب كعادة أهل القرون الوسطى، مدمراً مؤسسات القطاع العام وبيعها لذوي القربى والنافذين بثمن بخس، مسيطراً القطاعات النفطية وتقسيمها إلى بلوكات وزعت على أسرته وأبناء عمومته وقبيلته، مسيطراً رأس النظام على نصيب الأسد منها وإنشاء مواني خاصة به، وقد سعى المحتل إلى تجريد أبناء الجنوب من الخدمات الإنسانية التي كانوا يتمتعون بها من صحة وتعليم وعدالة في توزيع الوظيفة العامة وغيرها الكثير،

كما عمل على تهميش الشباب وعدم إعطائهم فرصة الحياة الكريمة والعمل الشريف من خلال إسناد الكثير من فرص العمل في الجهاز المدني في محافظات الجنوب إلى موظفين منقولين من الجمهورية العربية اليمنية مع الهيمنة المطلقة على الأجهزة الأمنية والعسكرية في الأمن العام والقوات المسلحة اللهم من حضور محدود وصوري غير مؤثر ويشرعن للمحتل تواجده وسطوته وسيطرته. ومما زاد شعور مواطني الجنوب بالاغتراب والغبن ارتفاع حالة البطالة بين الشباب وازدياد رقعة الفقر بين شرائح واسعة من أبناء الجنوب لكسر إرادتهم بالقوة تارة وبالتجويع تارة أخرى.

لكل ذلك ومن أجل مواجهته ومقاومته جاء الحراك الشعبي الجنوبي ليكون رداً حضارياً وحقيقة تاريخية حتمية لإيقاف هذه الممارسات وليصبح الحراك الحامل والرافعة الحقيقية لقضية الجنوب ومعبراً عن رفض أبنائه لكافة أشكال الاحتلال اليمين ومدافعاً عن شموخ وكبرياء كل أبناء الجنوب الوطنيين من المهرة حتى باب المندب متخذاً أشكالاً متعددة وأساليب نضال متنوعة في تعبيره عن قضيته وحقوقه المسلوبة، ولعل المتابعين والمهتمين بالشأن الجنوبي قد توصلوا إلى حقيقة قطعية بأن أبناء الجنوب من خلال حراكهم السلمي قد استطاعوا إيصال قضيتهم العادلة وبمستوٍ راقٍ وحضاري متطور وهم يخرجون بمئات الآلاف في جميع المحافظات بمسيراتهم السلمية وحناجرهم التي تصدح بأصواتهم الصاخبة

وشعاراتهم الدالة والمنادية بحقهم في استعادة دولتهم الجنوبية وبصدور عارية تواجه أبشع واعتى أنواع الأسلحة القتالية الحارقة لصدرهم البريئة وجماجمهم الصغيرة في مناظر تقشعر منها الأبدان وتسقط القلوب ويندي لها جبين الأحرار والشرفاء وتتحرك لها كل المشاعر الإنسانية وتكشف عن وحشية وجبروت قوى الاحتلال وما يمارسه من بطش وصلف ضد أبناء الجنوب الذين يمارسون حقهم الإنساني في التعبير عن مطالبهم بطرق سلمية، ليقدموا أكثر من ألف شهيد وشهيدة وآلاف الجرحي والمصابين ومئات الآلاف من المعتقلين الذين لازال الكثير منهم يقبع في زنازين الاحتلال وخلف القضبان وعلى رأسهم الزعيم المناضل الجسور حسن أحمد باعوم.

وعلى الرغم من المستوى الرفيع الذي وصل إليه الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية على الصعيدين الداخلي والخارجي إلا أن هذا لا ينفي وجود صراعات وتباينات واختلافات في وجهات النظر ولعل بعضها يمت بصلة إلى تقاطع المصالح وبقايا أزمات نفسية من الماضي الموروث للحزب الاشتراكي اليمني ومع أهمية ذلك إلا أن الشرفاء من أبناء الجنوب لا يقيمون لها أي وزن ولا يحسبون لها أي حساب واضعين صوب أعينهم وأحاسيسهم هدفاً واحداً وهو التحرير الكامل واستعادة دولتهم وما دون ذلك فهو خلف ظهورهم وبعيداً عن أبصارهم

تاركين للتاريخ والزمن والضمير الإنساني حسابهم وليس بوارد لدينا النبش في تصدعات مكونات الحراك لأن الزمن وقوة وتصعيد الحراك لا تقبل تذويبها والقضاء عليها تماماً وربما هي ظاهرة صحية تعود بالنفع على مكونات الحراك جميعها والبقاء للشرفاء من أبناء الجنوب كهولاً وشباباً وصبية الذين عقدوا العزم على المضي قدماً نحو هدفهم السامي والمشروع الوطني في التحرير واستعادة الدولة الجنوبية غير عابئين بالقلة القليلة من المرتزقة الذين تجردوا من إنسانيتهم وظلت مصالحهم الضيقة والمريضة فوق مصالح الجنوب وحقوق شعبه الأبي والزمن وحده كفيل بتعريتها وكشف نواياها الشيطانية فالزخم الثوري الشعبي وعدالة القضية التي يحملها السواد الأعظم من أبناء الجنوب ستكون الصخرة الصماء التي ستتحطم عليها كل مشاريع ومصالح ومنافع تلك القلة المريضة والحاقدة الذين سيكون مصيرهم الخزي والعار وسيرمون بعوراتهم في مزبلة التاريخ.

لقد أصبح سلاح أبناء الجنوب الشرفاء الوحيد لتحقيق هدفهم المنشود هو تلك الدماء الزكية لآلاف الشهداء وصيحات وأنات الأمهات والثكالى التي أصبحت الغذاء الذي لا يفارق أبناء الجنوب في صبحهم مسائهم حتى يتحقق النصر بقيام دولة الجنوب العربي الحرة على كامل التراب الوطني من المهرة حتى باب المندب.

وأمام كل ذلك وما يقتضيه الواجب الوطني والأدبي والأخلاقي والإنساني لدماء الشهداء وصيحات وأنات الأمهات والثكالى وما يعمل ويفعل بأرض الجنوب وتحويل بعض المحافظات إلى ساحات حرب لتصفية حسابات أطراف الصراع السياسي والاجتماعي والجهوي والقبلي لأبناء الجمهورية العربية اليمنية ينتابني شعور قوي بأن الكثير من رجال وشباب الجنوب قد بدأت تتبلور لديهم وتختمر فكرة الانتقال بالنضال السلمي إلى الكفاح المسلح للدفاع عن النفس والعرض وتحقيق الهدف الذي من أجله استشهد الآلاف منهم لقناعتهم بعجز قيادات الحراك السلمي بكل مكوناته بالداخل والخارج عن إيجاد تصور بالانتقال بالحراك السلمي نحو الكفاح المسلح لاعتبارات عديدة لعل أبرزها الدعم السياسي والمالي لدول الجوار والإقليم العربي والمجتمع الدولي.

وأمام هذا العجز كان لابد من التفكير في البدائل التي تمكن أبناء الجنوب من الوفاء بالتزاماتهم وتعهداتهم للشهداء والجرحى والمعتقلين وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو تحرير الأرض والاستقلال وبناء دولة الجنوب العربي الحرة وقد يجدون أنفسهم مكرهين على استخدام وسائل عدة للحصول على التمويل الضروري لإعداد أنفسهم كلما دعت الضرورة إلى ذلك وعلى الجميع تحمل تبعات ذلك من قادة الحراك أو أصحاب رأس المال وغيرهم من شرائح وطبقات المجتمع وبعد أن يصبح ذلك أمراً واقعياً فالخيار متروك للجميع إما أن ينخرطوا مع كافة الشباب وشجعان الجنوب والمساعدة في التنظيم والإعداد والتموين وضبط إيقاعات الحركة الكفاحية أو أن يتخلفوا ويظلوا في مواقعهم وليكن ما يكون ويتحملون تبعات عجزهم ولا أرى لوماً أو تثريباً على شباب وشجعان الجنوب كيفما عملوا وفعلوا والغاية تبرر الوسيلة، ولعل ما يحدث في بعض البلدان العربية التواقة إلى الحرية عبرة للجميع ومبرراً كافياً لا لبس فيه.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح