عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2004, 11:48 AM   #1
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي السحاب والمطر في الشعر الشعبي ..!!

.

المطر ونزوله يعتبر مفتاح لحياة الأرض بالنبات وبحياة النبات يكون الخير في الزرع والمرعى وما يجود بالخير للناس . مصداقا لقوله تعالى ( وجعلنا من الماء كل شئ حي).
وبلاد العرب بلاد صحراوية بيئتها قاسية ولهذا يعد نزول المطر أمرًا هامًا وضروريا. والعربي يفرح كثيرا شأنه شأن كل شعوب الأرض بنزول المطر فتجده يترقب نزول المطر بكل شوق وتلهف وإذا نزلت الأمطار طرب لنزولها وابتهج لها وحركت جوارحه ووجدانه رذاذ المطر وجادت قريحته في وصف السحاب والمطر والرعد والبرق وما يبسطه على الأرض من معنى للحياة وقد أجاد العرب في وصف السحاب والمطر والغيث وانحدار السيول وتدافعها وهذا ما نقرأه في شعرهم قديما وحديثا وجاءت اشعارهم مليئة في وصف السحاب والبرق والمطر والسيول بدءًا بمعلقة الشاعر الجاهلي امرئ القيس في قوله:

اصاح ترى برقًا أريك وميضه= كلمع اليدين في حبيّ مكلل
يضئ سناه أو مصابيح راهب = أمال السليط في الذبال المفتل
قعدت له وصحبتي بين ضارج = وبين العذيب بعد ما متأمل
وأضحى يسح الماء فوق كتيفة = يكب على الأذقان دوح الكنهبل
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة= ولا أجمأ إلاّ مشيدًا بجندلِ

ولم تقتصر صورة وصف السحاب والمطر والبرق وتدفق السيول الجارفة على الشعر العربي الجاهلي
بل استمرت تلك الصورة ترسم بالكلمات الرقيقة والمعبرة والتي أوحت للشعراء فصيحهم وعاميهم
بنقلها عبر العصور والدهور بقيت محفوظة في الذاكرة العربية نطرب لسماعها ونشتاق في أن نلمسها ونراها كواقع حي بكل شوق ورجاء تخلطها الدعوات والإبتهالات الى الله بأن يغيث البلاد والعباد ويجعلها سقيا خير ورحمة لا سقيى عذاب وهلاك.

وشبام شأنها شأن المدن والوديان الحضرمية التي تعتمد على مياه السيول والأمطار في ري الأراضي وزيادة المخزون الجوفي من المياه للإستفادة منها في الري بواسطة الآبار الجوفية
وقد استغل الشبامية مياه السيول المتدفقة منذ زمن بعيد وقاموا ببناء سد في فوهة الوادي المتجه من الغرب الى شبام - الموزع - للتحكم في دفع السيل وتصريف إتجاهه نحو الساقية وهي قناة أقاموها بغرض الاستفادة من المياه في عملية الري وكسر حدة اندفاع الماء حتى لا يلحق الأضرار بالمدينة التي تقع على دمنة مرتفعة.

وبمناسبة نزول الأمطار وتدفق السيول في بعض أودية حضرموت مما نتج عنه من حصار السيول
لمدينة شبام . هذه مقتطفات وجولة مع الشاعر الشبامي الشيخ عبدالله بن معروف باجمال في وصفه
للسحاب والمطر والغيث كما جاء في أشعاره.
يصف الشيخ باجمال السحاب والرعد والمطر والبرق مع التفاؤل بنيل المطلوب ويقول في قصيدة له:

وصفت طهوب الخير عطر خيامها= على كل واد ما توطا وما علا
والبسها الترقيب أشرف حلةٍ = ونالت من الترديف حظا مكملا
وطوقها التبريز خير قلايد= من التبر فاستحلت بذا ايما جلا
ولله صوت الرعد في مبسم= إذا ما تبدا عارضًا متهللا
وشاقك أثر الرعد منهل ودقه= فما طاهب إلا وتلقاه مسبلا
وتعجيل جناة النعيم عقيب ذا = إذا فاح عطري الشنان ونقلا
وأهدا إلى عكبان أسنى هدية= من الكوثر العذب المروق منهلا
وتتحف روس الواد يين سرية= وتبدو بعكبان الخليفة أولا
ولا عتب أن خص الوزيران قبله= وان يلحقاه كان ذلك اجملا
وخونب فلا تنساه فهو أخو وفاء= إذا ما دعا لبّا المنادي معجلا
ويهوض فأمدحه بما يستحقه= وقل مرحبًا إذا ما يجيبك ومسهلا
وبشربهم عما قريب وذريتهم = على رغم من يشنا ومن كان اشهلا
ويطلق أهل حضرموت على نزول الأمطار الرحمة وهي فيض من رحمة الرحمن على الإنسان والحيوان من إجل دوام الحياة في الأرض أما السيول فيطلق عليها - الشرب - وتجمع اشراب ويهنؤن بعضهم البعض بقولهم يهناكم الأشراب ويبشرون بعضهم البعض بالأشراب وسلامة النخل والمال من انجراف السيول وما تحدثه من اضرار وما اكثر ما يحدث ذلك قال الشاعر الشيخ عبدالله معروف باجمال:

شماخ بشرتنا بالخلع لي بشر = الله يزيدكم وتجني طيب اثماره
مع العوافي وطول العمروالمتجر= وذري صالح لكل الناس جباره
والخلع روعه بدّر من روس ليسر= وتبرعه والعقوبيه على آثاره
في سعف ليسر وليمن خير من بدر= منوب ووادي الحبض لي نقف اشجاره
وزاد عقران ماهون ولا قصر= نشرت بيارقه في طاسه ونقاره

وفي ليلة من ليالي المنى والرجاء وعطاء الرحمن دون منه ونقصان يصف الشيخ عبدالله معروف باجمال ماحدث فيها و كيف أن ان السماء تسارعت في ديمها الغيوم وتلبدت وانهالت الأمطار وبسرعة تدفقت السيول بأول الليل ولا زال الناس في بداية سمرهم:

دفرت سيوله وعاد الناس في المسمر= واكسا المخاليع غالي ملبس افخاره
مع المغيرب سعيديه ضرب واحذر= من كان طارف ومن هو في وسط داره
والساقيه قسمها الوافر من الكوثر= تهنى المدينه على ريغان والقاره
ونشرت الدمنه العيطا حرير أخضر= وارادنها مسك من صندوق عطاره

وفي رسم بالكلمات صور الشيخ عبدالله بن معروف باجمال لوحة طبيعية رائعة و كيف ان شبام الدمنه وما حولها قد كساها الله ببساط كأنه حرير اخضر وفاحت من ثناياها عطر ممزوج بالروائح و كانها رائحة المسك من صندوق عطار.
وكعادة أغلب السيول الهميمة التي تدفق على الأودية في حضرموت فإنها ولابد من أن تخلف من بعدها اضرار وخراب في اسوام السواقي ولابد من اصلاح ( الكسر) ويصف الشاعر ما خلفه السيل من ضرر واضرار بصورة مخففة لا تفقد الناس فرحتهم بنزول المطر وتدفق السيول ويخلط ذلك بمزيج من الدعاء والإبتهال الى الله في تخفيف وطأة الضرر والتعجيل بتعويض المتضررين :

في صلح واصلاح والمكسور بايجبر= ويذهب الشر والطاغي من اشراره
آمين رب استجب لي وادرك المضطر= من أهل بحجم وفرج كربت اعساره
وعوض الكل منهم في الذي قد مر= عوض معجل يزيل الهم واكداره


ولنا لقاء آخر مع زخات المطر ورحمة المولى على العباد والبلاد ووقفات لوصف السحاب والمطر والسيول في شعر الشيخ عبدالله بن معروف باجمال الشبامي..!



.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 04-16-2004 الساعة 11:51 AM
  رد مع اقتباس