عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2015, 12:48 AM   #12
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


2015/01/27
علي ناصر رئيسا لليمن

كثيرة هي الأزمات التي أثبتت مدى عجز وفشل النخبة السياسية في إيجاد الحلول الحقيقية للخروج من أي أزمة يمكن تصنيفها بالأزمة التاريخية التي تعصف بمجتمعاتها، والأنظمة العربية والقوى السياسية العربية باتت في هذا السياق التاريخي الخطير أشبه بمن يدور في حلقة مفرغة ، وفي كثير من الحالات يراهن كل طرف على انهيار الطرف الآخر ، فالسلطة تحكم الخناق على معارضيها وتنتظر منهم في أي لحظة أن يسلموا ويرفعوا الراية البيضاء وبالتالي تقديم البلاد لها على طبق من فضة ، والمعارضة بدورها تأمل في انهيار النظام من خلال تراكم الأخطاء السياسية بالنسبة للسلطة الحاكمة ، وفي كلا الحالتين فإن الانهيار سيكون في اغلب الأحيان خارج السيطرة وسيقود بالتالي الى حالة من الفوضى التي تحتاج فيما بعد الى سنوات وسنوات من العمل لإعادة الأمور الى نصابها وهذا لعمري هو مايحدث تماما في اليمن الآن ، السبب هو غياب وانعدام الشرعية السياسية بمفهومها الدستوري والثوري.

فمنذ ثلاثة عقود واليمن تعيش غياب الشرعية السياسية ففي الجنوب قام الرفاق التقدميون بالانقلاب على الرئيس سالمين وقبلها بعام وتحديدا في الحادي عشر من أكتوبر 1977قامت مجموعة من العسكريين المرتبطين CIAوالموالين للرجعية العربية المعادية للشعب اليمني بتنفيذ أبشع عملية اغتيال سياسي عرفها اليمن حينما أقدمت تلك الفئة المأجورة على اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي والذي يعد باني نهضة اليمن الحديث شطره الشمالي آنذاك ، ومنذ ذلك التاريخ شهدت اليمن الكثير من دورات العنف السياسي الدموي كان أكثرها دموية ماحدث في المناطق الوسطى من حرب بين الجبهة الوطنية الديمقراطية ونظام الرئيس صالح حاكم اليمن الشمالي ،وما شهدته جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من مواجهات دامية بين أجنحة الحزب الاشتراكي اليمني والتي عرفت فيما بعد بأحداث يناير 1986م والتي يعتبرها الكثير من الساسة والمهتمين بالشأن اليمني البداية الفعلية لنهاية دولة الجنوب الاشتراكية ،حيث خسرت الدولة الثورية أكثر من خمسة عشر ألف من خيرة كوادرها الوطنية المؤهلة أيدلوجيا وعلميا ، وانتهت المواجهات بفقدان البلاد لأهم القيادات التاريخية بمافيها القائد المؤسس للحزب الاشتراكي اليمني عبد الفتاح إسماعيل .

وجاءت الوحدة اليمنية في العام 1990وكلا النظامين في الشمال والجنوب يعاني من شرخ كبير في شرعيته المفقودة وكان من الطبيعي أن يحاول شركاء الوحدة الالتجاء الى دستور دولة الوحدة للاحتماء به للحصول على تلك الشرعية المفقودة ودستور دولة الوحدة الذي بدأت مناقشته منذ بداية السبعينات وجرى تجميده أكثر من مرة على خلفية حربين خاضهما نظامي صنعاء وعدن في بداية السبعينات ونهايتها هو من شكل طوق نجاة للنظامين الاشتراكي في الجنوب والعسكري قبلي في الشمال ، وكان من الطبيعي أن يحضى الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في الدولة الجديدة بقبول كبير في الجنوب المتحمس للوحدة والمبادر لها بنسبة تزيد على ال98% ويحضى بأقل من 60% في الشمال الرافض لها والغير متحمس لها آنذاك ويقال ان النسبة كانت اٌقل من ذلك بكثير في الشمال الذي كان ولايزال يعاني كثيرا من الإقطاع والتسلط القبلي وبعد الوحدة وكما قال الشيخ عبد الله الأحمر عضو مجلس النواب في مذكراته أن الرئيس صالح أوعز إليهم الى أن يعمدوا كمشايخ وإقطاع قبلي الى مضايقة الحزب الاشتراكي اليمني وان قرار إشراك حزب الإصلاح الديني بزعامة الأحمر والزنداني جاء بهدف ان تكون المعادلة اثنين ضد واحد أي حزب المؤتمر شمالي النشأة وحزب الإصلاح الديني ضد الحزب الاشتراكي اليمني ، ولم يكتفي بذلك بل واصل جناحى صنعاء الديني والقبلي ضرب الحزب الاشتراكي اليمني تحت الحزام عندما جرت عملية تقليص عدد مقاعد تمثيل الجنوب من 111 مائة وإحدى عشر مقعد الى 58 مقعد فأصبح تمثيل الجنوب برمته مقارب لتمثيل مدينة صنعاء ، وكانت هذه واحدة من محاولات التهميش التي عمد إليها نظام الرئيس صالح الذي بدأ يستفرد تماما بالقرار السياسي دون الاعتراف ولو بالحد الأدنى أن هناك شريك يمني أخر لولاه ما تحققت الوحدة اليمنية وهو اعتراف اعترف به الرئيس صالح في الذكرى الثانية لتحقيق الوحدة في خطابه الشهير بمدينة إب عندما قال بالحرف الواحد " لولا هذا الرجل علي سالم البيض لما قامت الوحدة اليمنية " ووصل الأمر الى أن يعمد الرئيس صالح الى استبدال الحرس الخاص لنائبه البيض بحرس آخر تابع له وهو الأمر الذي جعل البيض يبدو محاصرا في قصره في صنعاء ، وجرت العديد من عمليات الاغتيال التي قام بها مجاميع الجهاد والقاعدة في اليمن وأسفرت عن اغتيال العديد من كوادر الحزب الاشتراكي اليمني وصل العدد الى156 كادر من كوادر الحزب في صنعاء ونجا من ذلك عبد الواسع سلام وزير العدل حينها عن الاشتراكي والدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب السابق أيضا وكان يومها رئيسا لمجلس النواب اليمني وهي دلالة رمزية على رفض القتلة لدسترة الحياة السياسية في اليمن وهو الأمر الذي سيتضح بجلاء تام من خلال الآلية التي تعامل بها نظام صنعاء بعد حرب صيف 1994حيث قام المنتصر الذي تحالف مع التيار الجهادي وحركة الأخوان المسلمين بإفراغ الدستور من محتواه من خلال التعديلات الدستورية التي شملت مايزيد على 170مادة من دستور دولة الوحدة والذي أصبح من خلال ذلك في خبر كان فجميع المواد التي جرى تعديلها جعلت من الدستور لا يختلف كثيرا عن دستور دولة اليمن الشمالي الجمهورية العربية اليمنية الكيان ألشطري السابق ، بعد ذلك شهدت الوحدة اليمنية حالات جديدة من التهميش حيث أصبح السابع من يوليو1994م وهو اليوم الذي سقطت فيه عدن حاضرة الجنوب على أيدي قوات الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد والقوات الشمالية المتجحفلة معها بات يوم السابع من يوليو 1994م أهم من يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م اليوم الذي تحققت فيه الوحدة سلميا وهو الأمر الذي شكل منعطفا تاريخيا خطيرا في تاريخ اليمن ووحدته من ذلك انه قاد الى حرب أخرى عرفت بحرب البقع أي الأراضي حيث استولى المئات من المتنفذين الموالين للرئيس صالح ومن أقربائه وخاصته على أراضي الجنوب ووصل الأمر الى عجز الدولة في الحصول على ارض لبناء ملعب خاص بخليجي 20 التي استضافتها عدن مع العلم بأن مدينة عدن تقع على مساحة شاسعة من الأرض تقدر بما يزيد على الثلاثة في المائة من مساحة الجمهورية البالغة خمسمائة وخمسة وخمسون ألف كيلو متر مربع وهذا مايمكن ان يفسر حجم النهب الذي تعرضت له مدينة مثل مدينة عدن ،، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل وصل الى تهميش من نوع آخر وهو طرد الآلاف من ابناء الجنوب من وظائفهم حيث تم الاستغناء عن الآتي :-

وزارة امن الدولة عدد الموظفين المستغنى عنهم 8000(ثمانية الآف موظف)

جهاز الشرطة العدد 20000 (عشرون ألف جندي )

القوات المسلحة الجيش الجنوبي السابق 50000( خمسون ألف رجل )

ميلشيا الحزب الاشتراكي اليمني 50000(خمسون ألف رجل )

لجان الدفاع الشعبي (20000(عشرون ألف رجل )

تم تصفية عدد 53 ثلاثة وخمسون مؤسسة ومصنع تحت شعار الخصخصة والتخلي كليا عن العمال والموظفين فيها العدد يقدر ب200000(مأتي ألف عنصر مدني )

إلغاء العملة الجنوبية الدينار كانت تساوي عند توقيع اتفاقية الوحدة ثلاثة دولار أمريكي للدينار الواحد ، جرى استبدالها بالريال اليمني الشمالي يساوي حاليا 215ريال للدولار الواحد .

تم إلغاء الشركة اليمنية الوحيدة الخاصة بالطيران المدني المملوكة للدولة بنسبة 100% المعروفة باسم اليمدا لصالح الخطوط الجوية اليمنية المملوكة لحكومتي اليمن الشمالي والمملكة العربية السعودية .

تم الاستغناء عن الدبلوماسية السابقة لجمهورية اليمن الديمقراطية الأمر الذي انعكس سلبا على حياة العديد منهم . هذا بعض مما جرى وليس كل ماجرى ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الى أين تتجه الأمور في اليمن ؟ وماهي سبل الخروج من الأزمة الراهنة التي تهدد الكيان اليمني برمته ؟ من خلال ما سبق ذكره أردنا التأكيد على انتهاء صلاحيات النظام الحالي والسابق والذي لا يزال لم يتغير حتى بعد الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م بل الحقيقة هي أن الحكم يعيد إنتاج نفسه من جديد ولهذا خطابنا ولايزال الى النظام الذي لم يتغير بعد والذي اثبت عدم قدرته على الخروج بالبلاد من الأزمة السياسية الراهنة كونه احد العوامل التي قادت الى وجود الأزمة الحالية بل ولا يخفى على احد انه احد المسببات ومصدر رئيسي لتعكير الصفو العام فهو في حقيقته لم يكن نظام حكم بالمعنى الحقيقي قبيل الوحدة اليمنية كان يحكم نعم هذه حقيقة لكن العوامل الأخرى المفترض أن يتمتمع بها أي نظام حكم لم تكن لتتوفر فيه الشروط وبخاصة تلك المرتبطة بمفهوم الدولة والسيادة فمثلا كانت مرتبات الجيش الشمالي تدفع من السعودية وكانت ميزانية التربية والتعليم تدفع من الكويت وكانت ميزانية المؤسسات الدينية والمعاهد العلمية التعليم الديني تدفع من السعودية ،، وكان هناك مخصصات مالية شهرية لأكثر من 25 ألف شخصية قبلية تدفع من الرياض من اللجنة الخاصة التي يرأسها الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي الراحل ، وبالنظر الى دور المملكة والكويت وبقية دول الخليج العربي وروسيا والصين سوف نجد أن النظام في اليمن الشمالي سابقا لم يقم بأي دور تنموي خلال فترة وجوده في السلطة في الشمال (من يوليو 1978وحتى مايو 1990) لم يقم بدور يذكر على صعيد التنمية فعلى صعيد التربية والتعليم أنجزت الدول الأخرى مانسبته 95% من المشاريع الصحية في تلك الفترة وما يزيد على ال80% من مشاريع التربية والتعليم تمت عبر المساعدات الأجنبية دون أن يكون للنظام أي يد في ذلك ولولا الدعم الأجنبي لجرى تصنيف اليمن ضمن الدول الفاشلة اقتصاديا منذ أكثر من عقدين ونصف من الزمن ، ربما كانت هذه الجزئية ضرورية بالنسبة للقارئ ليتعرف على كينونة النظام الذي كان قائما في شمال اليمن في ذلك الحين والذي يعد ماهو قائم حاليا امتدادا طبيعيا له ، يقول أحد المشايخ وهو من اقرب الناس الى الرئيس اليمني في حوار صحفي مع صحيفة الأهالي اليمنية " أن كل مايقوم به الرئيس صالح هو انه يقوم باللعب على المتناقضات من خلال توتير العلاقات بين القبيلة والأخرى وبين الأخ وأخيه وابن عمه وهكذا" وعندما جاءت الدولة عمد الرئيس صالح الى إتباع هذه السياسة يسمونها في العهد الملكي سياسة الرد والمرد وهي سياسة فرق تسد المتبعة من قبل المستعمر ، ولكي يتمكن من تطبيق وتعميم النهج القبلي الذي لا تستقيم السياسة عند الرئيس صالح إلا من خلاله عمد إلى إعادة النظام المشيخي الى الجنوب والذي تم القضاء عليه نهائيا أثناء مرحلة الحكم اليساري الثوري في جنوب اليمن من العام 1967-1990تاريخ قيام دولة اليمن الموحد فأعاد بالتعاون مع الشيخ عبدا لله الأحمر نظام المشايخ الذي لم تعرفه مدينة مثل عدن منذ أكثر من مائه وخمسون عاما يكفي أن نعرف أن عدن التي عرفت الحياة المدنية من أندية ومنتديات أدبية اعتبار من العشرية الأولى من القرن الماضي باتت مدينة تقليدية يسيطر عليها السلفيون ولديها شيخ مشايخ مثلها في ذلك مثل أكثر القبائل تخلفا في أقصى الشمال اليمني عدن التي شهدت تأسيس أول غرفة تجارة وصناعة في الوطن العربي وأول بث تلفزيوني على مستوى الجزيرة والخليج باتت مدينة متخلفة تسكنها البطالة بنسبة تزيد على ال75% من إجمالي القوى العاملة في عدن .

تلك الحالة التراكمية من التسلط وتجذير الاستبداد وتهميش الآخر هي التي جعلت من السلطة التي حكمت اليمن بصورة منفردة اعتبارا من العام 1994م خصما للجميع الأمر الذي ادخل البلاد في حالة مأساوية على مختلف الأصعدة وأقول تراكم الاستبداد ليست العملية كما يتصورها البعض بأن تراكم الأخطاء هي التي قادتنا الى الوضعية ألراهنه ذلك أن النظام الحاكم في صنعاء منذ مايزيد على ثلاثة عقود هو انعكاس للنظم الموثوقراطية القمعية المتخلفة التي سخرت كل المؤسسات الوهمية لخدمة الحاكم الفرد من ناحية ومن ثم لخدمة النهج القبلي الخالي من مكارم القبيلة . إن الأوضاع الراهنة التي تعيشها اليمن تجعلها بحاجة ماسة الى مشروع إصلاح وطني شامل وتكون البداية أولا وقبل كل شئ في البحث عن قيادة جديدة لقيادة البلاد وهي عملية ليست بالسهلة في ظل وجود نظام يعشق السلطة' الى حد الهستيريا ، ومع ذلك فما على اليمنيين إذا ما أرادوا الخروج من الأزمة إلا البدء فورا في اتخاذ إجراء تاريخي هام واستراتيجي وهذا الإجراء يتمثل في الآتي اولا اختيار شخصية سياسية على درجة عالية من القوة والوعي وتتمتع بعلاقة جيدة مع كافة دول الجوار الإقليمي وبخاصة سوريا وإيران والسعودية وعمان والإمارات العربية وقطر رئيس يرضى عنه الحوثيون ويوافق عليه الحراكيون ويدعمه النظام السابق له حضوره في أوساط المثقفيين ويحضى بالثقة من الجنوبيين قبل الشماليين ليس على عداء لا مع القبيلة ولامع رأس المال يبقي على الوحدة قائمة ويعيد للجنوب كامل حقوقه التي حرم منها منذ حرب 1994م لديه شعبية ويحضى بميزة التسامح صديق للروس والأمريكان في ذات الوقت ويحضى بالتقدير من الأوربيين جميع هذه الصفات لاتتوفر اليوم الا في فخامة الرئيس علي ناصر محمد فهو الشخصية الوحيدة القادرة على إخراج اليمن من أزمتها الراهنة وعليه ان يقبل بتحمل المسؤولية في هذا الظرف التاريخي الخطير الذي تتضح فيه معادن الرجال فالرئيس على ناصر رجل دولة بكل ماتعني الكلمة ،المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد مرحلة استثنائية وتحتاج شخصية استثنائية قادرة على تحويل البوصلة في الاتجاه الصحيح نحو الوحدة والتنمية وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة وروح الوحدة الوطنية .

• رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات الغامة
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس