عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2015, 01:28 PM   #14
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


هل كان المستعمرون البريطانيون أحرص على مصلحتنا منّا؟

الأربعاء 04 فبراير 2015 08:17 مساءً

حسن يافعي

في الثلاثين من نوفمبر 1967م حققت الجبهة القومية، وهي إحدى الفصائل التي خاضت كفاحاً مسلحاً لإخراج المستعمر البريطاني من على أرض الجنوب، إنجازاً ( بمعايير تلك الفترة ) تمثل في توحيد ثلاثة وعشرين سلطنة ومشيخةً وإمارة في الجنوب العربي في دولة واحدة أطلق عليها في البداية اسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

كانت بعض تلك السلطنات والمشيخات قد ضمتها بريطانيا في اتحاد فيدرالي ( وهي ما أسمتها حينها بمحميات عدن الغربية). وكان البعض الآخر (محميات عدن الشرقية: الواحدي- حضرموت – المهرة وسقطرة) ينتظر دوره لينظم إلى ذلك الاتحاد أو يشكل اتحاده الفيدرالي الخاص بهـا لكن ذلك لم يتحقق بسبب تقديم موعد الاستقلال تحت ضغط الكفاح المسلح الذي خاضته المقاومة الجنوبية لطرد الاحتلال البريطاني.

ظلّ تنظيم الجبهة القومية، وهو الفصيل الذي انفرد بجكم الجنوب بعد الاستقلال، يفاخر بذلك العمل الّذي يعدّ بمعايير ستينات القرن الماضي إنجازاً قومياً رائداّ، وذلك بحكم المد القومي العربي وقتها، واشتعال لهيب الثورات التحررية في مناطق كثيرة في هذا العالم

والسؤال هنا هو: هل ذلك العمل يعدّ فعلاً إنجازا بمعايير اليوم؟ وهل صب في مصلحة أبناء الجنوب، أم أنه مثل تعسفاً للواقع وتجاوزاً لمسائل كثيرة كان ينبغي أن تؤخذ في الحسبان قبل اتخاذ هكذا خطوة ؟

في اعتقادي، ان كل ما شهده الجنوب من صراعات منذ استقلاله عن بريطانيا وحتى اليوم، بما فيها التشظي الحالي الذي يعاني منه الحراك الجنوبي السلمي، الحامل الرئيس للقضية الجنوبية، والذي أدّى إلى إخفاقه في تشكيل قيادة سياسية موحدة لكافة مكوناته، خاصة تلك التي تتبنى هدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية على كامل ترابها الوطني .. كل ذلك يمكن أن يعزوه المرء إلى تلك الشطحة التي ارتكبها ثوار 14 اكتوبر، لأن تلك الخطوة لم تراعي الجغرافيا والإرث الثقافي والتاريخي والثقل الاقتصادي لكل منطقة، ناهيك عن تجاهلها أموراً تعدّ هامة في مجتمعات دول العالم الثالث، كالتعصُّب القبلي والحروب القبلية التي دارت بين أبناء تلك المناطق الجنوبية.

لقد نقل البريطانيون المحميات الغربية إلى طور أرقى من أنظمة الحكم عندما قرروا تشكيل اتحاد فيدرالي يجمع تلك المحميات، ولقد نم قرارهم ذلك عن إدراك جيد للواقع واستيعاب لإفرازاته.، إذ أنه سوف يحدّ من ظهور النزعات المناطقية لأن أبناء المحميات هم من سيديرون مناطقهم باستقلالية تامة، كما أنه سيعمل على تقارب تلك المحميات من خلال مشاركتها في إدارة جهاز الدولة الفيدرالية المركزية.

ولأن الاتحاد الفيدرالي الذي أنشأته بريطانيا في الجنوب العربي لم يدم طويلاً (1959-1967م)، ولكون واقع وظروف منطقة الخليج العربي تتشابه مع واقع وظروف الجنوب العربي فقد دُرست تلك التجربة الاتحادية من قبل الخليجيين ( ربما كان ذلك بناءً على نصيحة من بريطانيا التي ظلت تحتفظ بعلاقات جيدة معهم حتى بعد انسحابها من بلادهم) وطبقوها في منطقتهم، بعد انسحاب بريطانيا العسكري منها.

لقد تأسس اتحاد الإمارات الخليجية من تلك الإمارات التي قبلت الانضمام إليه في ديسمبر من العام 1971م، والذي ما يزال قائماً حتى اليوم، لكنه لم يتّخذ خطوات أخرى (غير محسوبة العواقب) في اتجاه توحيد تلك الإمارات ودمجها في دولة واحدة، كما فعل الثوار الجنوبيون بعد استلامهم لبلادهم بعد استقلالها عن بريطانيا.

ومن المؤسف أن قيادة الحزب الاشتراكي الجنوبية ( وهم بعض ممن تبقى من قيادة الجبهة القومية وآخرون) كررت ذات الخطأ عندما أدخلوا الجنوب في وحدة اندماجية مع دولة أخرى ( الجمهورية العربية اليمنية) يبلغ سكانها ثلاثة أو أربعة أضعاف سكانه، وتركيبتهم الاجتماعية وثقافتهم السائدة تختلفان كثيراً عن تركيبة وثقافة المجتمع الجنوبي.

لقد اتخذ الاشتراكيون الجنوبيون خطوتهم تلك دون دراسة واعية لعواقبها، ودون الرجوع إلى شعبهم لاستفتائه في أمر يتعلق بمستقبله ومصيره، وكذلك دون دراسة للتجارب الوحدوية، سواء في المنطقة العربية أو في العالم، لذا، كانت نتائج تلك الوحدة وخيمة على شعبهم الذي عانى وما يزال يعاني الأمرين بسب ذلك القرار.

تُرى هل سيحتاج الجنوبيون اليوم إلى العودة مرة أخرى إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الاستقلال لكي ينهوا فرقتهم وتمزقهم؟؟


جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس