أليس من التناقض الذاتي في الإسلام عندما يحث أتباعه على النظافة واستخدام الماء قبل الصلاة للنظافة ، ثمَّ يطلب منهم استخدام الأرض عندما تكون المياه غير متوفرة؟
الإجابة :
للإسلام حكم عظيمة في العبادات التى يأمر بها قد لا يفهمها الإنسان لأول وهلة ومن جملة ذلك هذه القضية فإن الله عز وجل أمر المسلم عندما يريد الصلاة أن يغتسل بالماء لمعانٍ كثيرة أولها: الطهارة الظاهرة من الأوساخ وثانيها الطهارة الباطنة من الشرك الظاهر والخفي بأن يتذكر عند إغتساله بالماء الأصل الأول الذي تكون منه الإنسان وهو الماء الذي يقول فيه الله تعالى {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ} المرسلات20
وهل الماء المهين يسمع أو يبصر أو يتكلم أو يدرك أو يحيا؟ لا يكون ذلك ، إذاً فمن أين جاءت الإنسان هذه الأوصاف الكريمة من الحياة والنطق والسمع والبصر والقوة والإدراك وغيرها إنها جاءت بلا شك بعد نفخة الروح التى هي من الله عز وجل والتى يقول فيها سبحانه {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} الحجر29
فيدرك صاحب هذا المشهد أن الإنسان في أصله لأنه من الماء مخلوق ضعيف عاجز وأن ما فيه من هذه الكمالات من توفيق الله ورعاية الله وعناية الله فينسب الفضل لله ويشكره حقا عز وجل على ما أعطاه وبذا تتحقق الحكمة العالية من الصلاة
فإذا لم يجد الأصل الأول الذي منه خلق وهو الماء المهين يرجع إلى الأصل الذي قبله وهو التراب الذي يقول فيه الله {خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ} الروم20
فآدم في الأصل تَكّون من تراب الأرض وكذا بنيه تكَّونوا من عناصر غذائية من تراب الأرض ، والتراب كذلك ليس فيه عقل ولا فهم ولا معه قدرة على الحركة أو على السمع والبصر ، فإذا تذكر الإنسان وهو بين يدي مولاه أن أصله من تراب شعر بالعجز والقصور والتقصير وهو مقام العبودية الذي ينبغي دوما أن يكون عليه ونسب كل ما فيه من أوصاف كريمة إلى مُنشئها وبارئها وخالقها ومعطيها وهو الله عز وجل
إذاً القصد من كلا المشهدين الماء والتراب هو تحقق المؤمن بالعبودية لله ولا يكون ذلك إلا بشعوره وإحساسه الداخلي بالعجز والقصور أمام القدرة الإلهية والكمالات الربانية فيشكر الله عز وجل على ما وهبه من تلك الكمالات وما أحاطه عز وجل به من قدرات فيزيده الله عز وجل من عنده أضعافاً مضاعفة من هذه المهارات والقدرات سر قوله سبحانه وتعالى {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} إبراهيم7