المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


من سلفنا الصالح

سقيفة الحوار الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-24-2006, 10:44 AM   #1
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي من سلفنا الصالح

ابو مسلم الخولاني



هو عبد الله بن ثوب الخولاني من كبراء التابعين ، أصله من اليمن أدرك الجاهلية وأسلم قبل وفاة

النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، وقيل : كان إسلامه عام حنين . قدم المدينة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وهاجر إلى الشام في أيام معاوية ، وقد ذكر شرحبيل بن مسلم أن الأسود العنسي المتنبئ باليمن ألقاه في النار فأنجاه الله منها واليك قصته في ذلك فعن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : تنبأ الأسود بن قيس العنسي باليمن فأرسل إلى ابي مسلم الخولاني فقال : أتشهد ان محمد رسول الله ؟ قال :نعم ،قال فتشهد أني رسول الله ؟ قال :لا أسمع .قال : أتشهد أن محمد رسول الله ؟ قال :نعم ، قال فتشهد أني رسول الله ؟قال :ما أسمع ، قال : أتشهد أن محمد رسول الله ؟ قال :نعم .قال :فتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما أسمع .
قال : فأمر بنار عظيمة فأججت وطرح فيها أبو مسلم فلم تضره ، فقال له أهل مملكته : إن تركت هذا في بلادك أفسدها عليك . فأمر ه بالرحيل فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر . فقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي فبصر به عمر بن الخطاب ، فقال : من أين الرجل ؟ قال :من اليمن ، قال :فما فعل عدو الله بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره ؟قال :ذاك عبد الله بن ثوب .قال :نشدتك بالله عز وجل أنت هو ؟
قال :اللهم نعم قال :فقبل مابين عينيه .ثم جاء به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال :الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ) انتهى ( من كتاب الأتقياء الأخفياء )







. روى رحمه الله عن عمر ومعاذ وأبي عبيدة والكبار، حدث عنه أبو إدريس الخولاني وأبو العالية الرياحي وجبر بن نفير وعطاء وأبو قلابة وطائفة ، قال الذهبي : وثقه ابن معين وغيره ، وله مناقب وكرامات وكان يقال : حكيم هذه الأمة . أكثر المصادر على أنه توفي في دمشق قريباً من اثنتين وسبعين للهجرة ، وقبره في داريا .

حكيم هذه الأمة ... شهد هذه الشهادة بأبي مسلم أكثر من واحد من أعلام الأمة ، ومن حكمته رحمه الله ما كان يقوله في معرض حديثه عن العلم والعمل وما يكون من شأن العالم إذا عمل بعلمه وأفاد الناس من علمه وعمله ، وما إذا كان على حال لم يستطع معها أن يؤثر في الناس .. ثم ما إذا كان على حال يفيد الناس بعلمه ولكنه هو لا يعمل بهذا العلم والعياذ بالله .

قال أبو مسلم في ذلك : العلماء ثلاثة ؟ رجل عاش بعلمه وعاش الناس معه ، ورجل عاش بعلمه ولم يعش الناس معه ، ورجل عاش الناس بعلمه وأهلك نفسه .

وأبو مسلم عندما يصنف العلماء هذا التصنيف ، يلحظ مكانة العالم في حياة المسلمين ، وكيف أنه في موضع الريادة والدلالة على الخير، فإذا انتكس عن الطريق التي أكرمه الله بها كانت الهلكة والخسران ، لقد جعل أبو مسلم مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء إذا ظهرت للناس شاهدوا وإذا غابت عنهم تاهوا .

ولم تقتصر حياة أبي مسلم على العلم والتعليم والزهادة في الدنيا ، بل كان يضم إلى ذلك الجهاد في سبيل الله شأن الرجل الرباني الذي يعمل بما يعلم ، ويسابق الناس ويدعوهم إليه من التزام ما أمر الله به من التقوى والجهاد ؛ فقد عرف عنه أنه اشترك في أكثر من غزوة لأرض الروم هنا على حدود بلاد الشام ، وكانت تظهر على يديه بعض الكرامات التي يكرم الله بها عبده المؤمن المستقيم على طاعته الملتزم لشرع الله في أحكامه وآدابه . فقد روى علماء التراجم عن محمد بن زياد أن أبا مسلم كان إذا غزا أرض الروم فمروا بنهر قال : أجيزوا باسم الله ويمر بين أيديهم قال : فيمرون بالنهر الغمر، فربما لم يبلغ من الدواب إلا إلى الركب أو بعض ذلك ، أو قريب من ذلك ، فإذا جاؤوا قال للناس : هل ذهب لكم شيء ؟ من ذهب له شيء فأنا له ضامن ، قال : فألقى بعضهم مخلاة عمدا ، فلما جازوا قال الرجل مخلاتي وقعت في النهر، قال له اتبعني ، فإذا المخلاة تعلقت ببعض أعواد النهر.

ومن أخباره مع الصحابة وحبه إياهم واستشرافه لما عندهم من الخير يحملونه من فيض النبوة إلى الناس ما ورد من حديثه مع معاذ بن جبل ، فعن عطاء عن أبي مسلم الخولاني قال : دخلت مسجداً فإذا حلقة فيها بضعة وثلاثون رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا فيهم شاب آدم أكحل براق الثنايا محتب ، فإذا تذاكروا أمراً ، فأشكل عليهم سألوه ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : معاذ بن جبل ، قال : فقمنا فصلينا المغرب ، فلما انصرفنا لم أقدر على أحد منهم ، فلما كان من الغد هجرت فإذا أنا بمعاذ قائماً يصلي إلى سارية ، فصليت إلى جانبه ، فظن أن لي إليه حاجة ، فلما انصرف قعدت بينه وبين السارية محتبياً فقلت : والله إني لأحبك من غير قرابة ولا صلة أرجوها منك ، قال : فيم ذلك ؟ قلت في الله ، قال : فأخذ حبوتي ثم قال : أبشر إن كنت صادقاً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ،

قال : فأتيت عبادة بن الصامت فأخبرته فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله عز وجل :

" حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحققت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ ".

هذه نبذة من أخبار هذا التابعي الكبير التي نلمح فيها العلم والعمل وصدق المواقف في الجهاد ، والحكمة البالغة التي يجريها الله تبارك وتعالى على قلوب عباده المتقين وألسنتهم ، وحبهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين من أحبهم فبحب رسول الله أحبهم ...
  رد مع اقتباس
قديم 06-24-2006, 11:12 AM   #2
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي تتمه عن ابو مسلم الخولاني

قال عثمان بن أبي العاتكة : علق أبو مسلم سوطا في المسجد ، فكان يقول : أنا أولى بالسوط من البهائم ، فإذا فتر ، مشق ساقيه سوطا أو سوطين . قال : وكان يقول : لو رأيت الجنة عيانا أو النار عيانا ما كان عندي مُسْتزادٌ .
إسماعيل بن عياش : عن شرحبيل ، أن رجلين أتيا أبا مسلم ، فلم يجداه في منزله ، فأتيا المسجد ، فوجداه يركع ، فانتظراه ، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة .
الوليد بن مسلم : أنبأنا عثمان بن أبي العاتكة ، أن أبا مسلم الخولاني سمع رجلا يقول : سبق اليوم [ فلان] فقال : أنا السابق ، قالوا : وكيف يا أبا مسلم ؟ قال : أدلجتُ من داريّا ، فكنت أول من دخل مسجدكم .
قال أبو بكر بن أبي مريم : عن عطية بن قيس ، قال : دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غازٍ في أرض الروم ، وقد احتفر جُورة في فسطاطه وجعل فيها نِطْعا وأفرغ فيه الماء وهو يتصلَّقُ فيه فقالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر ؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ، ولتهيأت له وتقويت ; إن الخيل لا تجري الغايات وهن بُدَّن ؛ إنما تجري وهن ضُمَّر ؛ ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل .
وقيل : كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع البيان ويقول : اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون .
وروى محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا أرض الروم ، فمروا بنهر فقال : أجيزوا بسم الله ، ويمر بين أيديهم ، فيمرون بالنهر الغمر ، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الرُّكَب ، فإذا جازوا قال : هل ذهب لكم شيء ؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له فألقى بعضهم مِخْلاته عمدا فلما جاوزوا قال الرجل : مِخْلاتي وقعت ، قال : اتبعني فاتبعه ، فإذا بها معلقة بعودٍ في النهر ، قال : خذها .
سليمان بن المغيرة : عن حميد الطويل ، أن أبا مسلم أتى على دجلة وهي ترمي بالخشب من مدِّها فذهب عليها ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ، ثم لهَزَ دابته ، فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوها ، قال : هل فقدتم شيئا من متاعكم فأدعو الله أن يرده عليَّ ؟
عنبسة بن عبد الواحد : عن عبد الملك بن عمير ، قال : كان أبو مسلم الخولاني إذا استسقى سُقي .
وروى بقية عن محمد بن زياد : عن أبي مسلم ، أن امرأة خَبَّبَت عليه امرأته ، فدعا عليها ، فعميت ، فأتته فاعترفت وتابت ، فقال : اللهم إن كانت صادقة ، فاردُدْ بصرها ، فأبصرت .
ضمرة بن ربيعة عن بلال بن كعب ، أن الصبيان قالوا لأبي مسلم الخولاني : ادعُ الله أن يحبس علينا هذا الظبي فنأخذه . فدعا الله ، فحبسه ، فأخذوه .
وعن عطاء الخراساني ، أن امرأة أبي مسلم قالت : ليس لنا دقيق . فقال : هل عندك شيء ؟ قالت : درهم بعنا به غزلا . قال : ابغينيه وهاتي الجراب ، فدخل السوق ، فأتاه سائل ، وألح ، فأعطاه الدرهم ، وملأ الجراب نشارة مع تراب ، وأتى وقلبه مرعوب منها ، وذهب ، ففتحته ، فإذا به دقيق حُوَّارى . فعجنت وخبزت ، فلما جاء ليلا ، وضعته ، فقال : من أين هذا ؟ قالت : من الدقيق ، فأكل وبكى .
أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، أن أبا مسلم استبطأ خبر جيش كان بأرض الروم ، فدخل طائر فوقع ، فقال : أنا رتبابيل مُسْلي الحُزْنَ من صدور المؤمنين ، فأخبره خبر الجيش فقال : ما جئت حتى استبطأتُك ؟.
قال سعيد بن عبد العزيز ، كان أبو مسلم يرتجز يوم صفين ويقول : مــا عِلَّتــي مـا عِلَّتـــي وقـــد لبـِسْتُ دِرْعَتــــي أمـــوتُ عِنْــدَ طاعِتـــي
وقيل : إن أبا مسلم قام إلى معاوية فوعظه وقال : إياك أن تميل على قبيلة فيذهب حَيْفُك بعدلك .
وروى أبو بكر بن أبي مريم : عن عطيه بن قيس ، قال : دخل أبو مسلم على معاوية ، فقام بين السماطين ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقالوا : مه . . قال : دعوه ، فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا أبا مسلم . ثم وعظه ، وحثه على العدل .
وقال شرحبيل بن مسلم : كان الولاة يَتَيَمَّنُون بأبي مسلم ، ويُؤَمِّرُونه على المقدمات .
قال سعيد بن عبد العزيز : مات أبو مسلم بأرض الروم ، وكان شتا مع بسر بن أبي أرطاة ، فأدركه أجلُه ، فعاده بسر ، فقال له أبو مسلم: يا بسر ، اعقد لي على من مات في هذه الغزاة؛ فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم .
قال أحمد بن حنبل : حُدِّثنا عن محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال : أقبلنا من أرض الروم مررنا بالعمير على أربعة أميال من حمص في آخر الليل ، فاطلع راهب من صومعة ، فقال : هل تعرفون أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا : نعم . قال : إذا أتيتموه ، فأقرِئُوه السلام ؛ فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم . أما إنكم لا تجدونه حيا . قال : فلما أشرفنا على الغُوطة ، بلغنا موته .
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر يعني سمعوا ذلك ، وكانت وفاته بأرض الروم .
وروى إسماعيل بن عيَّاش ، عن شُرَحْبيل بن مسلم ، عن سعيد بن هانئ قال ، قال معاوية : إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني ، وكُرَيب بن سيف الأنصاري .
إسناده صالح . فعلى هذا يكون أبو مسلم مات قبل معاوية ، إلا أن يكون هذا هو معاوية بن يزيد .
وقد قال المفضل بن غسان الغلابي : إن علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين . فالله أعلم . وبداريَّا قبرٌ يُزَار ، يقال : إنه قبر أبي مسلم الخولاني ، وذلك محتمل .
  رد مع اقتباس
قديم 06-24-2006, 12:56 PM   #3
اليمني
حال نشيط

افتراضي

جزاك الله خيرا بالتعريف باعلام سلفنا الصالح
  رد مع اقتباس
قديم 06-24-2006, 01:05 PM   #4
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليمني
جزاك الله خيرا بالتعريف باعلام سلفنا الصالح

مشكور اخي اليمني على المرور والتعليق
البركه فيكم ياشباب شد حيلك ياليمني وتحفنا بسير السلف الصالح ولو اكتفينا بكل اسبوع بسيرة علم من اعلام السلف كل يقدم او يحضر ملديه عن هه الشخصية
  رد مع اقتباس
قديم 07-04-2006, 11:47 PM   #5
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي الحسن البصري

نسبه
:
هو أبو سعيد ، الحسن بن أبي الحسن بن يسار ، كان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري ، وكان يسار من سبي حسان ، سكن المدينة ، وأعتق وتزوج في خلافة عمر رضي الله عنه بأم الحسن وأسمها خيرة، كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية .


مولده وحياته العلميه
ولد الحسن البصري في خلافة عمر، وحنّكه عمر رضي الله عنه بيده، وكانت أمّهُ تخدم أمّ المؤمنين أمّ سلمة، وقد أرضعته أمّ سلمة نفسها، وهي من سمّته "الحسن"، وبذلك غدت أُمُّ سلمة أُمَّاً للحسن من جهتين: فهي أُمُّهُ بوصفه أحد المؤمنين، وهي أُمُّهُ من الرَّضاع أيضاً. وقد أتاحت له ظروف ولادته، وقربه من أمّ المؤمنين، أن يظلّ قريباً من بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويتتلمذ على أيدي كبار الصحابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث روى عن عُثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وغيرهم.

ولما بلغ الحسن أربعة عشر ربيعاً من عُمُرِه، انتقل مع أبويه إلى "البصرة" واستقر فيها مع أسرته، ومن هنا نُسِبَ إلى "البصرة"، وعُرف بين الناس بالحسن البصري، وكانت "البصرة" آنذاك مدينة العِلم في دولة الإسلام، وكان مسجدها العظيم يموج بمن ارتحل إليها من كبار الصحابة والتابعين، وكانت حلقات العلم على اختلاف ألوانها ؛ تعمُرُ باحات المسجد ومُصلاه.

وقد لزم الحسن المسجد، وداوم على حلقة عبد الله بن عباس حَبْرِ أُمَّةِ محمد، وأخذ عنه التفسير والحديث والقراءات، كما أَخذ عنه وعن غيره الفقه واللغة والأدب وغيرها، حتى غَدا عالماً جامعاً فقيهاً ثقة.

فأقبل الناس عليه ينهلون من علمه الغزير، وانتشر أمره في البلاد، فجعل الخُلفاء والأُمراء يتساءلون عنه.

زهده
عاش الحسن رضي الله عنه دنياه غير آبه بها ، غير مكترث لها ، لا يشغله زخرفها ولا يغويه مالها ، فكان نعم العبد الصالح ، حليف الخوف والحزن ، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، فقيهـًا زاهدًا، مشمرًا عابدًا، وفي هذا يقول : إن المؤمن يصبح حزينـًا ويمسي حزينـًا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة، الكف من التمر والشربة من الماء، وقال عنه إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدًا أطول حزنـًا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة، وقال عنه علقمة بن مرثد : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فمنهم الحسن .

ولقد شهد له أهل البصرة بذلك، حدث خالد بن صفوان، وكان من فصحاء العرب، فقال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال لي : أخبرني عن حسن البصرة ، فقال خالد : أنا خيرٌ من يخبرك عنه بعلم، فأنا جاره في بيته وجليسه في مجلسه وأعلم أهل البصرة به، إنه امرؤٌ سريرته كعلانيته ، وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له، ولقد رأيته مستغنيـًا عن الناس زاهدًا بما في أيديهم، ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ما عنده، فقال مسلمة : حسبك يا خالد حسبك ‍‍ كيف يضل قوم فيهم مثل هذا ؟‍‍!!
  رد مع اقتباس
قديم 07-04-2006, 11:52 PM   #6
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي تتمة الحسن البصري

قالو عنه
قال أبو بردة : ما رأيت أحدًا أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه
وقال أبو قتادة : ما رأيت أحدًا أشبه رأيـًا بعمر منه .
وقال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى علم أحد من العلماء إلا وجدت له فضلاً عليه ، وما جالست فقيهـًا قط إلا رأيت فضل الحسن .
وقال الأشعث : ما لقيت أحدًا بعد الحسن إلا صغر في عيني .
وقال عطاء : ذاك إمام ضخم يقتدى به .

من كلامه رضي الله عنه :
كان الحسن رضي الله عنه يتكلم بالحكمة ، قال أبو جعفر الباكر : إن كلامه أشبه بكلام الأنبياء ، وقال حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، وكان من كلامه :

- ابن آدم : إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك .
- فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لب فرحـًا .
- ضحك المؤمن غفلة من قلبه .

جراته في الحق

لما كان الحسن رضي الله عنه قد طلّق الدنيا برمتها ، وقد رخصت في عينه، فقد هان عنده كل شيء، فلم يكن يعبأ بحاكم ظالم، ولا أمير غاشم، و لا ذي سلطة متكبر، بل ما كان يخشى في الله لومة لائم، ومن ذلك أن الحجاج كان قد بنى لنفسه قصرًا في " واسط " فلما فرغ منه نادى في الناس أن يخرجوا للفرجة عليه، وللدعاء له، فخرج الحسن، ولكن لا للدعاء، بل انتهازًا للفرصة حتى يذكر الناس بالله ويعظ الحجاج بالآخرة، فكان مما قال : ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه، وأن أهل الأرض غروه، ولما حذره أحد السامعين من بطش الحجاج رد عليه الحسن قائـلاً : لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وفي اليوم التالي وجه الحجاج إلى الحسن بعض شرطه ثم أمر بالسيف والنطع( البساط من الجلد يوضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس)، فلما جاء الحسن أقبل على الحجاج وعليه عزة المسلم، وجلال المسلم، ووقار الداعية إلى الله، وأخذ يحرك شفتيه يدندن بكلام ويتمتم ببعض الحروف، فلما رآه الحجاج هابه أشد الهيبة، وما زال يقربه حتى أجلسه على فراشه، وأخذ يسأله في أمور الدين، ثم قال له : أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم طيبه وودعه، فتعجب الناس من صنيع الحجاج فقالوا : يا أبا سعيد ماذا قلت حتى فعل الحجاج ما فعل؟ وقد كان أحضر السيف والنطع، فقال الحسن : لقد قلت : يا ولي نعمتي وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردًا وسلامـًا علي كما جعلت النار بردًا وسلامـًا على إبراهيم .
وكتب إلى عمر بن عبد العزيز لما ولي كتابـًا جاء فيه : إن الدنيا دار مخيـفة ، إنما أهبط آدم من الجنة إليها عقوبة ، واعلم أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يهن، ولها في كل حين قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء خيفة طول البلاء .

ودعاه يومـًا ابن هبيرة ،وكان يزيد بن عبد الملك قد ولي ابن هبيرة العراق وخراسان ، وكان مع الحسن الشعبي ،فسألهما ابن هبيرة في كتب تصل إليه من أمير المؤمنين فيها ما يغضب الله ؛فتكلم الشعبي فتلطف في الكلام، فلما تكلم الحسن زأر كالأسد ،وانطلق كالسهم ،وانقض كالسيف ، قائلاً : يا ابن هبيرة :خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، واعلم أن الله يمنعك من يزيد، وأن يزيد لا يمنعك من الله، يا ابن هبيرة إنه يوشك أن ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره، فيزيلك عن سريرك هذا، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، حيث لا تجد هناك يزيد، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد، يا ابن هبيرة، إنك إن تك مع الله وفي طاعته، يكفك بائقة ( أذى ) يزيد، واعلم يا ابن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوقٍ كائنـًا من كان في معصية الخالق .
وفاته

ي العام العاشر بعد المائة الأولى وفي غرة رجب ليلة الجمعة وافقت المنية الحسن رضي الله عنه ،فلما شاع الخبر بين الناس ارتجت البصرة كلها رجـًا لموته رضي الله عنه ، فغسل وكفن ، وصلى عليه في الجامع الذي قضى عمره فيه ؛داعيـًا ومعلمـًا وواعظـًا ، ثم تبع الناس جنازته بعد صلاة الجمعة ، فاشتغل الناس في دفنه ولم تقم صلاة العصر في البصرة لانشغال الناس بدفنه .
رحم الله أبا سعيد ، وتقبله في الصالحين ، وجمعنا الله به في دار كرامته .
  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2006, 08:03 PM   #7
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي

يا اخوان ترى الموضوع للجميع نبغا مشاركات ايضا
  رد مع اقتباس
قديم 07-31-2006, 10:44 PM   #8
محب المدينة
حال نشيط

افتراضي

اخي وسيدي وتاج راسي ابو عامر
لقد حركت وجداني بهذه السير الناصعة التي ذكرتني بزمان لم اكن فيه الا وهو زمن الأحبة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وصحبه رضوان الله عليهم 00

فجزاك الله خيرا على جهدك العظيم انت وكل اخ في الله في هذه السقيفة يدلي بدلوه الطيب من سير الصالحين رضوان الله عليهم 00
  رد مع اقتباس
قديم 08-01-2006, 10:28 PM   #9
ابو عامر راعي الابل
حال متالّق

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محب المدينة
اخي وسيدي وتاج راسي ابو عامر
لقد حركت وجداني بهذه السير الناصعة التي ذكرتني بزمان لم اكن فيه الا وهو زمن الأحبة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وصحبه رضوان الله عليهم 00

فجزاك الله خيرا على جهدك العظيم انت وكل اخ في الله في هذه السقيفة يدلي بدلوه الطيب من سير الصالحين رضوان الله عليهم 00


مشكور اخي على المرور
  رد مع اقتباس
قديم 08-02-2006, 01:17 AM   #10
المدني
حال نشيط

افتراضي

اخي ابو عامر رعاك الله وثبتك وجعل الجنه مثواك وطيب الله مثواك وجعل لكل خير ممشاك علي هذا الموضوع المميز وجعله الله في ميزان حسناتك وهدانا الله واياك الي اتباع آثارهم والاقتداء بنهجهم نهج حبيبهم وحبيبنا رسول الله محمد ابن عبد الله ( لقد كان في قصصهم عبره لاولي الالباب)
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ذنوبك يا مغرور تحصى وتحسب وتجمع في لوح حفيظ وتكتب
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas