03-07-2010, 05:36 PM | #1 | |||||
حال جديد
|
اوراق من قبيلة(( نــــهـــــــد قحـــــــــطان الغلابة))
وأطل القرن السابع الهجري، ومابرحت قبيلة نهد تصول وتجول في قرى ومدن حضرموت تارة تنتعش بنشوة الانتصار وتقتسم قرى وبلدان حضرموت فيما بينها البين ، وتذوق مرارة الهزيمة والانكسار تارة أخرى، وكما ذكر المؤرخ الحضرمي محمد بن هاشم في كتابه ( تاريخ الدولة الكثيرية ص23 ) (( في أوائل القرن السابع الهجري أي سنة 601هـ اقتسمت نهد السرير مما أثار حفيظة القبائل الحضرمية حتى ثاروا على نهد وافشلوا هذه القسمة.)).
وفي أثناء تلك الأحداث التي كانت تعصف بحضرموت في القرن السابع الهجري ، خشي الحضارمة من سطوة نهد وتزايد قوتها وأطماعها في أراضيهم وحصونهم وممتلكاتهم، فكاتبوا سلطان ظفار السلطان سالم بن إدريس الحبوظي وعرضوا عليه بيع مدنهم وحصونهم مقابل مولاتهم له والدخول ضمن سلطانه فأشترى منهم مدينة شبام وتريم سنة 683هـ ثم طفق يستولي على حضرموت قرية قرية، وانتهزت قبائل ( آل كثير ) هذه الفرصة فقاموا معه ووالوه وروجوا لسياسته ، نكاية وخشية من قبيلة نهد، وتولى آل كثير إدارة عسكر الحبوظي بعد أن أنخرط عدد كثير منهم في خدمة جيش الحبوظي، وفي ظل تلك الاضطرابات والقلائل والفتن اتجهت نهد إلى جنوب غرب وادي حضرموت وبسطت نفوذها على ( وادي عمد ) وسمته ( وادي قضاعة ) ذلك لأصولها القضاعية القحطانية، إلا إن شحة المصادر الاقتصادية لهذا الوادي جعلهم يصرفون النظر عنه ، وفي سنة 678هـ جهز الملك المظفر الأيوبي حملة على ظفار بحرا وبرا وانضمت نهدا ضمن جيش السلطان الأيوبي وعلى سواحل ظفار دارت معركة فاصلة كان النصر فيها لجيش السلطان المظفر وفتحت ظفار، وقتل السلطان سالم بن إدريس الحبوظي على يد الملك المظفر الأيوبي . فانقضى القرن السابع وأطل القرن الثامن فاستغلت قبيلة ( آل كثير ) فراغ السلطة ووجود سلطنات عشائر ضعيفة في حضرموت فتقربوا من العلماء والرجال الصالحين فأظهروا الوقار لهم ، واستجدوهم على نصرتهم وترويج الدعاية لمشروعهم في إقامة سلطنة لهم على أنقاض سلطنة الحبوظي ولا سيما أنهم كانوا يعدون من قوام جيش السلطان الحبوظي. فكان لآل كثير ما شرعوا يطمحون له فأعلنت سلطنتهم على عدة مدن حضرمية، ولكن نهدا كانت لهم بالمرصاد فتربصت بهذه السلطنة الوليدة، وسعت لإجهاضها ، قال المؤرخ الحضرمي ابن هاشم : (( فظهرت لبني كثير خصم جديد قوي الشكيمة صعب المراس عرقل عليهم مساعيهم طوال القرن ( الثامن) وهو رجال الظلفان ( من نهد) فقد ضاق هؤلاء ذرعا ولم يطيقوا صبرا على ما يمر أمامهم من الجشع الكثيري وفوزه وتطاوله نحوهم وتحككه بمحاسيبهم والمستجيرين بهم. فأخذ الصفو يتعكر بين الفريقين( أي الظلفان وآل كثير) حتى تفاقم الأمر وامتشق الحسام وتأصلت العداوة بينهما وطال أمدها وتوارثها الأحفاد عن الأجداد واستمرت نحو قرن ونصف قرن لا يهدأ للطرفين منها بال ولا يقر لهم قرار..)) ولدت الدولة الكثيرية في أواخرالقرن الثامن حوالي سنة 781هـ وواجه عقبة أمام بسط نفوذها وسلطانها وهي قبيلة نهد ، فتوالت الفتن والاضطرابات بين نهد ( الظلفان ) وبين السلطنة الكثيرية وفي سنة 854هـ انطلق الظلفان يهيجون الناس ضد آل كثير فدارت مناوشات في أنحاء متفرقة من حضرموت وكثير ما خفقت الهدنة والصلح بين الطرفين. واستمر الحال سجالا بين آل كثير كسلطنة ذات نفوذ محصورمن جهة وقبيلة نهد كقبيلة ذات طموح من جهة أخرى، حتى ظهر في حضرموت السلطان بدر بن عبد الله ألكثيري كأقوى سلاطين آل كثير والذي عرف بالشدة والحزم وقوة البأس ، فأختار حوله بطانة من علماء عصره المرموقين في حضرموت وعينهم مستشارين له ، وتمكن من التواصل مع الدولة العثمانية ومكاتبة الأتراك واتفق معهم على تجنيد جيش منهم ليخضع بهم حضرموت ، حينها كان الصراع حول سواحل بحر العرب بين البرتغاليين والأتراك على أشده ، وتذكر مصادر تاريخ حضرموت أنه ( ورد إلى السلطان ألكثيري جنود من الأتراك تحت قيادة ضابط كبير يسمى رجب التركي كان ذلك سنة 926هـ فأقبل بهم السلطان بدر الكثيري إلى حضرموت وظهرت معهم ( البنادق ) وقد زاد الرعب في الناس من هذا الاختراع الغريب ذو الصوت المزعج الذي يصم الآذان خارجا من فم تلك الآلة القاتلة التي تقذف الرصاصة ملتهبة، واعتبر ذلك الاختراع الجهنمي امرأ غير مألوف وغريبا في حضرموت، فكان لظهوره دوي عظيم في أوساط الناس ) ، فاستطاع السلطان بدر بن عبدالله الكثيري أن يوسع رقعة السلطنة الكثيرية فوحد حضرموت واديها وساحلها وامتد سلطانه من ظفار شرقا حتى بلاد العوالق غربا، إلا أن نهدا التي اعتادت الخروج عن طاعة الحكام بقيت تعكر صفو السلطنة الكثيرية تناوشها حينا وتهدأ حينا آخر، وظلت بين كر وفر وحتى هلت سنة 938هـ احتشدت نهد وأعلنت العصيان على سلطة بدر بن عبدالله الكثيري وكان زعيم هذا التمرد والعصيان محمد بن علي بن فارس النهدي فأخذت تستهين بالسلطان بدر قولا وفعلا وأمر السلطان بدر بتجهيز عسكره على نهد والقبض على زعيمها محمد بن علي بن فارس ولم يكن ذلك بالأمر الهين فقد زحف جيش الكثيري على نهد والتحم القتال وكانوا يرتجزون على هذا الرجز: سوارحنـا فـي المفـجـر رواتــع ولا يخرس لنا في الكَسَر موزع نقـاتـل بـــدر كـسّــار الـمـرافع نوَطّـي هـام رأسـه حيـن يـرفـع المفجـِر: موضع الكَسَر: صقع في غرب حضرموت ويعرف تاريخيا بكسر قشاقش ويعد إلى اليوم من أهم مراكز نهد الرئيسية. يقول ابن هاشم في تاريخه (( التحم القتال وسقط زعيم نهد محمد بن علي أسيرا، وعظم أسره على نهد فقامت غاضبة عن بكرة أبيها على قدم وساق وطفقت تعمل ما في وسعها لمناوأة بدر وكيادة وبقي محمد بن علي أسيرا عند السلطان بدر حتى حكمت الظروف مرة بأن يصعد السلطان يريد دوعن فاعترضه في السُّور ( موضع لنهد ) مائة وستون فارسا غضبا لصاحبهم وتوسط المصلحون بين الطرفين ولم تقبل نهد كلاما حتى تم الأمر أولاً بينهم على إطلاقه. ولم تمت جمرات الغضب والحقد من قلوب الطرفين بل دامت المناوشات والاضطرابات تجري تباعا حتى زحف ثابت بن علي بن فارس النهدي على دوعن واستولى على ( القرين ) سنة 940هـ بعد حصار طويل وبعد إطلاق حجر العرادة على البلاد ( آلة حربية أصغر من المنجنيق ) فعز ذلك على السلطان بدر، فضرب نهدا ضربة قاضية زحزحهم بها عما استولوا عليه ثم ازالهم من الكسر نفسه حتى اخذوا يستنجدون ببعض ولاة اليمن فتوسط هذا بينهم في صلح يقضي بعودة نهد إلى مواضعهم )) انتهى ما ذكره بن هاشم في تاريخه. عادت نهد إلى مثاويها في غرب حضرموت ( الكسر ) وهدأت وهادنت أمام متغيرات جديدة وفي ظل عدم تكافؤ القوة بين قبيلة تعتمد على الفرسان والسلاح التقليدي ( سيوف ورماح ) وبين جيش سلطان مسلح بالبنادق والمدافع يتولى الأتراك قيادته وتجهيزه ، فحرصت بعد استقرارها على أن تحتفظ بروابطها القبلية وخصوصيتها، وحافظت على وحدتها القبلية ، في حين كان الحضارمة ينظرون إليها على أنها من القبائل الوافدة على المجتمع الحضرمي وكما وصفها بعض المؤرخين ( نهد الداخلة ). أو ( قبائل القبلة ) والقبلة في المصطلح الحضرمي الاتجاه الغربي من حضرموت ، احتفظت قبيلة نهد بكيانها القبلي و يزعم البعض أن هذا الكيان استوعب قبائل أخرى دخلت في حلف واسع مع نهد ، وعدّ النسابون فيما بعد تلك القبائل نهدا ، ومهما ذهب أصحاب تلك المزاعم في الحديث عن ذلك الحلف القبلي، إلا إن حقيقة ستظل في تاريخ تلك القبيلة إنها من القبائل الداخلة على حضرموت،. ويفتخر أبناء نهد بأصولهم القحطانية وتكاد أن تكون القبيلة الوحيدة في حضرموت التي لا زال أبناءها يعتزون بقحطان ، والعزوة مصطلح قبلي فيها يفتخر القبيلي في نخوة عصبيه الإشادة بأصوله ونهاية سلسلة نسبه وذكره الانتماء والاعتزاز بعزوته لقبيلته ، لذا لاغرابة حين تسمع بني نهد في زواملهم ومعاركهم يعتزون بقحطان على نحو قولهم ( قحطان الغلابه ... شباب الحرب نحن شبابه... كم من قبيلي كسرنا نابه ....ثم يختمونها بقولهم ( واللوم بهم .... واللوم بهم ... واللوم بهم ....) . وفي أجواء القرن العاشر وماتلاه من القرون هدأت صولات نهد وانطفأت جذوة شعلة طموحها بإقامة كيان يحكم باسمها على نحو ( إمارة نهد ) فانكفأت منزوية في مثاويها قاطعة الاتصال أو التعامل مع كيان سلطنة آل كثير، فلم تلجأ إلى حكام تلك السلطنة في الفصل في نزاعاتها ولهذا أجتمع رأيها على أن ينتخبوا من بينهم شيخا يدير شؤونهم ويفصل في نزاعاتهم ويحكم بينهم حسب أحكامهم القبلية والعرفية ، فوجدوا في بيت ( آل عجاج ) ضالتهم فاجتمعوا على أن يكون بن عجَّاج ( حَـكَما ) عليهم وأطلقوا عليه لقب ( الحَكم )، وتعتمد أحكام بن عجاج في فض النزاعات وحلّها حسب المفاهيم والأعراف القبلية الشائعة بين قبائل الجزيرة العربية، وتكتسب أهميتها من حيث أنها تمضي دون اعتراض أو نقض وهو ما يعرف حديثا في مصطلح القضاة ( بالتمييز ). وتعززت مكانة ( الحكم بن عجاج ) من خلال الصبغة التي أحيطت بها أحكامه، فمكنته أن يصبح الزعيم القبلي الأكثر نفوذا في قبيلة نهد، ولهذا عقد الأحلاف والمعاهدات القبلية بين نهد وقبائل حضرموت بل تعداها نحو قبائل ( القبلة ) كعبيدة أبراد ويام وغيرها من القبائل البعيدة عن حدود حضرموت. وسعت تلك القبائل نحوه في الفصل في قضاياها وما أشتكل عليها من الأحكام القبلية والعرفية خاصة قضايا الدم والثارات والعيب. وهناك حكّام آخرون في قبيلة نهد يأتون ايضا في مرتبة مهمة في الفصل والحكم في القضايا والخلافات الثانوية منهم على سبيل المثال ( الحكم بن ثابت ) و ( الحكم بن نهيد ) و ( الحكم بن شرمان ). ويمثلون بيوتا وفخائذ مهمة في نهد. وإن كان هذا المنصب يعد تكليفا في خدمة القبيلة لا تشريفا يتميز به بيت ( الحَكم ) عن سواهم من أبناء القبيلة، إلا إن حتمية وجوده ظلت عبر قرون تقليدا وموروثا قبليا متوارث ويعمل به حتى هذا الي |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|