ديس المكلا تستحم بالنجاسة صباحاً ومساء/بقلم الكاتب صالح الفردي

[صالح البطاطي]

ديس المكلا تستحم بالنجاسة صباحاً ومساء

المكلا اليوم / كتب: صالح حسين الفردي
2009/2/11
نادت الديس ولكن لا حياة لمن تنادي
ما تعاني منه مدينة (ديس المكلا) حي أكتوبر، شيء لا يصدَّق، ووضع بائس لا يبرر، وغفلة فضيعة لا تهضم أو تبلع، فلقد انتهت الجولة الثانية من الأمطار التي شهدتها مدينة المكلا في الأسبوع الأخير من يناير المنصرم

وكانت أقل وطأة وضرراً من سابقتها التي لم يزل صندوقها أخباره في السوق ولا يعلم أسراره إلا الراسخون في تطويل الحبال وهي قصيرة، وعلى الرغم من ذلك صمتت السماء وعاد الشروق يكلل أرجاء حضرموت بالدفء والنسيم العليل
وبقيت (ديس المكلا) تجتاحها أمطار الأرض، لقد اختلطت نجاسات (البلاليع) وهي كثيرة، بمياه العيون العذبة وهي قليلة من بعض الشعاب كـ(شعب البادية ، والبقرين) وغيرها، فانسابت هذه وتلك لتكسو شوارع الحي ، جالبةً معها المرض والموت، ومازال الحال كما هو في مشهد سريالي عبثي طازج أدواته ومواده الخام الأتربة والمياه الآسنة والأحجار والقمامات وجيوش الذباب، مشهد لم تألفه هذه المدينة في تاريخها القريب والبعيد
وقد رفعنا صوتنا مراراً وتكراراً لكل ذي قلب نابض بالعشق لزوايا المكان وذاكرة الزمان، وتعالت أصوات كثيرة منادية بنهاية لهذه المعاناة اليومية للمواطن ، ولكن يا الديس لا حياة لمن تنادي

ديس المكلا جميلة وجذّابة .. والمشكلة بسيطة
الملفت في المواجهة الرسمية لما تعيشه (الديس) من استمرار لأضرار السيول والأمطار، وتحوّل نكبتها إلى قلق يومي وضرر بيئي ونفسي مستمر، هو ما نلمسه من مقاربات عبر إذاعة المكلا من قيادات السلطة المحلية بالمحافظة، فالكل يدعو ويوّجه ويطالب ويتمنى ويعد ويتفقّد في دوامة من الأفعال التي لا تنتج فعلاً حقيقياً على الأرض المكلومة من بنيها الكبار، وجولة قصيرة تأخذها سيراً على الأقدام، تنطلق بها من (شعب البادية) حتى (الجسر الصيني) تكتشف الكارثة البيئية والجمالية التي سقطت في براثنها (ديس المكلا) ولم تجد من يأخذ بيدها لينهض بها دون منٍ أو (بروبوجندا) إعلامية لا تغني من مرض ولا تسمن من أذىً، فبين فينة وأخرى يعرض لهذه الكارثة البشرية في المقام الأول والأخير، بعيداً صولجان الطبيعة التي لم تتعنت ولم تتمنع عن الانسيابية وتقديم فروض الولاء والطّاعة لكل من يصدقها القول والفعل ويعاملها كبشرها بنوايا طيبة وصدق خصال

مجاري.. قمامة.. مطبات.. مخلفات.. مياه آسنة.. وملوثة.. ذباب
هذه الكلمات هي المهيمنة على لغة التخاطب اليومي بين (أهل الديس) ويقتاتون غرائبها وفواجعها وكوارثها وأضرارها – جيئة وذهاباً ، صباحاً ومساء – بين المستشفيات والعيادات وانتهاء بالصيدليات، في ظل تجاذب الجهات المسؤولة وعدم حسمها إشكاليات واقع الحال وما خلفته المشاريع الكرتونية، ومشروع مجاري الديس الغامض، الذي لم يجرُ مجلسنا المحلي على إعطائه شهادة براءة وطنية في أي نافذة إعلامية ، إذاعية ، أو صحفية، على كثرة حضورهم اليومي الملموس وتصريحاتهم النارية في قضايا ومشروعات من الوزن الخفيف

فأكوام القمامة في الشوارع الرئيسية والخلفية حدِّث ولا حرج، وجيوش الذباب تمارس غزواتها الدائبة دون أمل في مقاومة من قبل المعنيين، والإذاعة يتعد، ونحن في الانتظار

يا سلام .. ردموا عيقة واستحدثوا أخرى
في تناقض فاقع الملامح يقف المرء عند ضفتي الجسر الصيني متأملا اليوم ما يحدث من استحداث لعيقة جديدة أكثر بشاعة من سابقتها التي واراها الخور ، ولكن يبدو أن القوم أرادوا تذكير المواطن بما كانت عليه ، فاستنسخوا(دولّي عيقة) تتسع وتكبر يوماً بعد يوم، والكل يمارس (الصمت) وفق قواعدهم التي تشظّت إلى مشكلات لا حصر لها، ومنها هذه الملامح التي تفصل بين ضفتين، لم يعد هناك من تبرير لما يدور فيهما من عبث مع سبق الإضرار والتأذي

المحافظ الخنبشي: هل القوم معك؟
قد يبدو هذا الحديث غريباً، ولكننا نضعه بوصفه شيئاً لافتاً اليوم هذه الرتابة في مواجهة المشكلات الخدماتية التي تعاني منها مدينة المكلا عامة، والديس خاصة، على الرغم من كثرة الجهات الرسمية التي يقع على عاتقها وضع الحلول العاجلة والناجعة دون انتظار تعليمات أو توجيهات من الأخ سالم أحمد الخنبشي محافظ حضرموت، فلقد شدّ انتباهي أنّه في زيارته في اليومين الماضيين إلى المواقع المتضررة في (ديس المكلا) لم يكن بمعيته ، إلا، الأخوان المهندس فهد سعيد المنهالي وكيل المحافظة للشؤون الفنية وصالح عبود العمقي رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس المحلي بالمحافظة ، في غياب تام للأطر الرسمية المعنية بملامسة المشكلات ووضع الحلول، وما يخرج به المتأمل لشفرة الصورة المنشورة في المكلا اليوموما تعبّر عنه من دلالات ، هو أن المحافظ الخنبشي غير راض عن المديرين العامين المعنيين بالأمر لذا لم يشركهم معه في هذا النزول الميداني، كما أنها توحي بجفوة بينه والآخرين، قد نكون مخطئين في تفسيرها، ولكنّها ليست ببعيدة عن الملاحظة والفهم، خاصة ونحن نرى تراخياً كبيراً من تلك الجهات في التفاعل مع المشكلات التي تعاني منها مدينة المكلا، في جوانبها البيئية والطرقات والصرف (المرضي) الصحي وغير ذلك، الأمر الذي يجعلنا نضع التساؤل السابق ، هل القوم معك؟! وكفى

المجلس سيد قراره
ونحن نختم هذه الكلمات التي نتغيا منها إصلاح الحال وفق تكامل مؤسسي حقيقي يلمس صداه وجدواه المواطن البسيط ضمن رؤية خدمية وبيئية وجمالية واضحة المعالم خالية من الرتوش مقصية للوجوه التي عاثت سلبية وتخاذلاً وتهليباً في الفترات الماضية ووجدت نفسها اليوم ، ربما، غير قادرة على الاستمرار وفق فقه الماضي فعمدت إلى (التطنيش) وأبجديات، ( ما سيبي) و( كله غلط) و( يا صاحبي بتصلِّح وآه وبترقّع وآه، الكل يخبط خبيط) هذه السلوكيات التي لم تعد خافية فهي في السوق والمجلس يبدو أنه قابع في الصندوق لم يخرج إلى العلن ، بعد، ليغدو سيد قراره يفعِّل قوانين المساءلة والمحاسبة والإقصاء التي هي من أدواته الفعّالة في إصلاح الاعوجاج في مرافقنا الحكومية وما أكثره
ولأن الصور لا تكذب المواطن.. وتكشف المسؤول ندعكم مع شريطها الملوّن
وكان الله بالسرِّ عليم

[عاشق الوادي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اشكرك اخي صالح على النقل المفيد والله يكون في عون اهلنا في المكلا وحضرموت عامة بصراحه صور ماساه حقيقيه يعيشها اهل المكلا تقبل مروري

[صالح البطاطي]

شكرا على المرور أخي عاشق
تقبل تحياتي