ماذا يعني لك ميلاد سيد البشر

[dbaras]

يوم الثني عشر من ربيع الأول هو على الصحيح ميلاد سيد هذه الأمة صلى الله عليه وآله وسلم وينبغي على كل مسلم تذكر ذلك لقوله تعالى في علاه وذكرهم بأيام الله ) ففي هذا اليوم ولد النور الذي أخرج البشرية من دياجير الظلام والشرك إلى نور الإسلام والتوحيد ويكون التذكر بأن نحيي سنته في أنفسنا وأهلنا وأن نبتهج ونجتمع لسماع قصة ولادته لأخذ العبر من تلك القصة ثم نعبّر عن ابتهاجنا بتوزيع الحلوى وأصناف من الطعام ألا ترى أن أي شخص إذا رزق بمولود ابتهج ووزع ما طاب ولذ فالابتهاج بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم أولى . ولا نلتفت إلى من يُبدّع ويفسق وينكر نعم إن كان هو يرى أن هذا الأمر غير مشروع يقدّم نصيحته من غير نكير لأن هذا الأمر لم ينكره كبار العلماء .
فالاحتفال حقيقة هو بميلاد هذه الأمة التي أٌخرجت للناس لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، فلا يعني ذلك أننا نتذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك الليلة فقط فإذا انقضت الليلة نسيناه لا وألف لا بل نجدد العهد مع الله على الالتزام بسنته والسير على خطاه واقتفى أثره بأبي هو وأمي صلى الله عليه وآله وسلم . فيا إخواني وأخواتي احيوا ذكرى حبيبكم بإتباع هديه وإحياء سنته في بيوتنا وأسواقنا وتجمعاتنا وفي كل مجالات الحياة فهو الذي أتانا بمنهج حياة متكامل فاحمدوا الله على هذه النعمة والرحمة المهداة وافرحوا بها وابتهجوا (قل بفضل الله ورحمته فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
دعنا نذكر شئ من التوضيح حول هذه المسالة حسب بحثي لها ، يقول المنكر إن هذا الأمر بدعة لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله وأيضا لم يفعله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ونقول إن هذه ليست حجة فنحن نفعل الكثير الذي لم يفعله الرسول ولا الصحابة فمثلا تخصيص يوم التاسع والعشرين من رمضان لختم القرآن العظيم في الحرم المكي هذا لم يفعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا الصحابة والصلاة بالميكروفون وعلى السجاد ونحوها من الأشياء الموجودة في أماكن عبادتنا (المساجد) ولم تكن موجودة في عهد الرسول ووضع النقاط على أحرف القرآن وكذلك أشياء فعلها الصحابة ولم يفعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مثل جمع سيدنا عمر الناس لأداء صلاة التراويح وقوله نعمت البدعة ( وهذا موجود في الصحيح) وزيادة عبدالله بن عمر البسملة في أول التشهد وغيرها من الأشياء.
إذن نستنتج أن الذي لم يفعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفُعل من بعده ليس كله غير جائز فالقاعدة أن كل ما فُعل بعده صلى الله عليه وآله وسلم إما يندرج تحت أصل من أصول الشريعة فهذا ليس بمنكر ( ويسمى بدعة حسنة) وإن لم يندرج تحت أصل من أصول الشريعة فهو البدعة المنكرة ( كبدعة القول بخلق القرآن).
فالمولد له أصل في السنة وهو عندما سئُل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لمّا سئُل عن صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه) ذكر ذلك ضمن أشياء ذكرها صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك عندما دخل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجدهم يصومون يوم العاشر من محرم فلما سألهم عن سبب ذلك قالوا ذاك يوم نجّى الله فيه موسى فنحن نصوم شكرا لله فقال نحن أولى منكم بموسى والشاهد في ذلك أنه وجدهم يعظمون ذلك اليوم فعظمه صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكر عليهم. وذكر ذلك الحافظ ابن حجر في (فتح الباري شرح صحيح البخاري).
أما بالنسبة لتقسيم البدعة إلى قسمين فهذا واضح من السنة، قال صلى الله عليه وآله وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (والحديث في صحيح مسلم)من المعروف أن كل حديث له مفهوم ومنطوق فهذا منطوق الحديث المذكور وأما مفهومه فهو (أن من أحدث في أمرنا (أي ديننا) هذا ما ليس منه فهو رد) أن من أحدث شئ في هذا الأمر وهو منه فهو ليس برد (كما قاله العلماء) فيتضح أن المحدَث نوعان : مردود ( وهو ما لم يندرج تحت أصل من أصول الشريعة) وغير مردود (وهو ما اندرج تحت أصل من أصول الشريعة).
والحديث الآخر الذي في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وآله وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شئ ، و من سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شئ) أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم. فالمعارض للمولد قال معنى سن أي أحيا ، فنقول أنتم أخذتم الشطر الأول من الحديث وتركتم الشطر الثاني وقلتم أي من أحيا سنة اندثرت ومثلتم بالسواك والصدقة وهذا تأويل خاطئ وبشع لأنه لا يوجد له صلى الله عليه وآله وسلم سنة سيئة لنقول من أحياها فهو آثم (نعوذ بالله من ذلك).
فمعنى كلمة ( سنَّ) أي أحدث ( وكل واحد يعود إلى معاجم اللغة فلن يجد أن كلمة سن معناه أحيا وإنما معناها أحدث وأنشأ ) .
فيتبين من ذلك أن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل بدعة ضلالة) معناه كل بدعة ليس لها أصل ، لذلك قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث أن كل عام أُريد به الخصوص) .
كذلك أحب التنويه إلى أن البعض يقول أن هذا الييوم هو نفس وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ونقول الفرح أولى من الحزن ( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) وهو بأبي وأمي الرحمة المهداة.
وعلى كل حال هذه قناعتنا ولا نجبر أحد على الاحتفال وينبغي أنهم لا ينكرون علينا ولا يشنّعون فالأمر فيه سعة وينبغي أن لا تجرّنا هذه المسائل الخلافية إلى الحقد بل بالعكس فهذا فيه سعة للناس وديننا دين مرن.
ولم أفعل ذلك بنية إثارة الفتنة لا والله وإنما لتوضيح رأينا فحسب. وأن اتضح لأحد الحق فليخبرنا عنه ونحن طلاّب حق إنشاء الله وعفوا على الإطالة وسامحوني وادعوا لي وجزاكم الله وإياي خيرا
فارجوا من كل قارئ لهذا الموضوع أن يعبّر عن حبه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولو بكلمات بسيطة