02-23-2006, 10:07 PM | #1 | |||||||
حال قيادي
|
الأخلاق مرتبطة بالعقيدة
ان قول القائل: (الأخلاق منفصلة عن العقيدة) -بمعنى أنه لا علاقة للعقيدة بالأخلاق- مقولة باطلة؛ لأن العقيدة الصحيحة تستلزم التحلي بكل خلق فاضل، والتخلي عن كل خلق ذميم، وبيان ذلك: أن الأخلاق ترتبط بثلاثة أركان من أركان الإيمان هي محل إجماع الرسالات الإلهية، وهي الإيمان بالله وبرسله وبالبعث:
1- فمن ناحية الإيمان بالله فإن المسلم عندما يمارس الأخلاق الفاضلة ويجتنب الأخلاق السيئة يعتقد ويؤمن أن الله أمره بذلك، فيمارسها على أنها جزء من إيمانه بالله، أو أنها من لوازم إيمانه بالله، وأن الله فرض عليه ذلك وألزمه به. ومن شواهد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" صحيح البخاري (9)، وصحيح مسلم (35)، فجعل إماطة الأذى عن طريق الناس -وهو من الأخلاق النبيلة- شعبة من شعب الإيمان. وبوّب أهل العلم الذين صنفوا في الإيمان وشعبه وخصاله على كثير من الأخلاق، وعدوها من شعب الإيمان، مثل كتاب البيهقي (شعب الإيمان)، ومختصره للقزويني، وغيرهما، بل إن المصنفين في الحديث بشكل عام يوردون تحت مسمى الإيمان كثيراً من الأخلاق، على سبيل التمثيل أنها من شعب الإيمان وأجزائه.. 2- وأما ارتباط الأخلاق بالعقيدة من جهة الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن المسلم يمارس الأخلاق على أن الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- حثَّ عليها وبلغها عن ربه، فهو لاعتقاده بنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه مبلغ عن ربه -ومما بلّغه الأخلاق- يمارس الأخلاق من هذا الجانب أيضاً، فمقتضى إيمانه برسول الله –صلى الله عليه وسلم- امتثال ما أمر به من الفضائل، والابتعاد عمَّا نهى عنه من الرذائل. بل ويمارس الأخلاق أيضاً على سبيل الاقتداء بنبيه المعصوم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فتممها إذ كان خلقه القرآن صلوات الله وسلامه عليه. 3- وأما ارتباطها بالإيمان باليوم الآخر فمن حيث الجزاء عليها ثواباً أو عقاباً، فيمارس الأخلاق الفاضلة مؤمناً ومعتقداً بأن الله سيثيبه عليها أجراً عظيماً، وأنها سبيل إلى الجنة، ففي الحديث: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.." صحيح البخاري (6134)، وصحيح مسلم (2607). بل إنها سبب للقرب من الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الجنة، ففي الحديث: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا .." أخرجه الترمذي (2018). ويبتعد المؤمن عن كل خلق ذميم ودنيء؛ لأنه سيعاقب عليه يوم القيامة، وقد يكون سبباً لدخول النار والعياذ بالله ، ففي الحديث السابق: "...وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا". كما أن الأخلاق الذميمة سبب للبعد عنه -صلى الله عليه وسلم- ففي حديث الترمذي المتقدم: "وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون...". ولزيادة الإيضاح أسوق بعض النصوص الشرعية الواردة في الأخلاق، وكيف ربطت الأخلاق بالعقيدة. فقد جاء في كتاب الله آيات تخاطب المؤمنين بوصف الإيمان -والإيمان عقيدة وعمل- حاثةً لهم على بعض الأخلاق الفاضلة، أو ناهية لهم عن بعض الأخلاق الذميمة، وأن من صفات المؤمنين الالتزام بهذه الأخلاق فعلاً لحسنها وتركاً لسيئها مما يدل على ارتباط هذه الأخلاق بالإيمان ارتباطاً قوياً. 1. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النور:27]. 2. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الحجرات:11]. 3. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] والآيات في هذا كثيرة. كما جاءت السنة بمثل ذلك: 4. فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء". أخرجه الترمذي (1209). 5. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". صحيح البخاري (6475)، وصحيح مسلم (47). 6. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" صحيح البخاري (13)، وصحيح مسلم (45). 7- ولما سأل هرقل أبا سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بماذا يأمر؟ قال له أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. صحيح البخاري (7)، وصحيح مسلم (1773). إلى غير ذلك من النصوص الشرعية. وبهذا يتبين لنا الرباط الوثيق بين العقيدة وبين الأخلاق، وأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر التحلي بكل خلق فاضل، والتخلي عن كل خلق ذميم. والله أعلم وأحكم. منقول للفائدة |
|||||||
02-25-2006, 08:15 PM | #2 | |||||
حال نشيط
|
جزاك الله خير يا دكتور
وشكرا لك على الفائدة أنا أستفيد من مواضيعك دائماً |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|