المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الحوار السياسي
سقيفة الحوار السياسي جميع الآراء والأفكار المطروحه هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


السياسه في القران والسنه

سقيفة الحوار السياسي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-01-2008, 02:33 PM   #1
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي السياسه في القران والسنه

أخوتي كل عام وأنتم طيبن شهر مبارك علينا وعليكم جعلنا الله واياكم من صوامه وقوامه.

تعالوا نفند مفهوم كلمة السياسيه في القرآن والسنه,لكي نكون على هدى ونقف عندآيات بينات تامرنا بل توجب علينا الاهتدى بها في أمور حياتنا ولتكون لنا هذه الايات نبراس يدلنا على الدرب الصحيح الذي لا يوجد فيه عوجا ولا أمتى.
وبما أنناجميعا من مستوى ثقافي متقارب وجب علينا البحث والدراسه لكي نرتقي بمفهومنا حول السياسه ,وبما أننا جميعا لسنا من رجالات السياسه وجب علينا التثقف والبحث والمطالعه لكي نرتقي بوعينا الى مصاف من جعل السياسه مهنة له..نحن هنا وفي هذه الصفحة بالذات نخوض في أمور سياسيه ولكل منا وجهة نظر حسب اهواءنا وميولنا,
لا نحكم العقل والمنطق فيما نقول اونحس ونعاني , فالهوى هو الحاكم فلنكن جميعا او لنرتقي جميعا بفهمنا الي مانبتغيه ونأمله تعالوا في وقفات نعرف ألاتي:


مفهوم كلمة (السياسة) في القرآن والسنة
السياسة في اللغة: مصدر ساس يسوس سياسة. فيقال: ساس الدابة أو الفرس: إذا قام على أمرها من العَلَف والسقي، والترويض والتنظيف وغير ذلك.

وأحسب أن هذا المعنى هو الأصل الذي أُخِذ منه سياسة البشر. فكأن الإنسان بعد أن تمرس في سياسة الدواب، ارتقى إلى سياسة الناس، وقيادتهم في تدبير أمورهم. ولذا قال شارح القاموس: ومن المجاز: سُسْتُ الرعية سياسة: أمرتهم ونهيتهم. وساس الأمر سياسة: قام به. والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه.

وتعرِّفها موسوعة العلوم السياسية الصادرة عن جامعة الكويت - نقلا عن معجم (روبير)- بأنها: (فن إدارة المجتمعات الإنسانية).

وحسب معجم (كامل): (تتعلَّق السياسة بالحكم والإدارة في المجتمع المدني).

وتبعا لمعجم العلوم الاجتماعية: تشير السياسة إلى: (أفعال البشر التي تتَّصل بنشوب الصراع أو حسمه حول الصالح العام، والذي يتضمن دائما: استخدام القوة، أو النضال في سبيلها).

ويذهب المعجم القانوني إلى تعريف السياسة أنها: (أصول أو فن إدارة الشؤون العامة).

كلمة (السياسة) في تراثنا الإسلامي

إذا عرفنا مفهوم كلمة (السياسة) لغة واصطلاحا، فينبغي أن نبحث عنها في تراثنا الإسلامي، وفي فقهنا وفكرنا الإسلامي، وفي مصادرنا الإسلامية.

هل نجدها في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وفي فقه المذاهب المتبوعة، أو غيره من الفقه الحر؟ وهل نجدها عند غير الفقهاء من المتكلمين والمتصوفة والحكماء والفلاسفة؟

وكيف تحدث هؤلاء وأولئك عن السياسة؟ وما الموقف الشرعي المستمد من الكتاب والسنة من هذا كله؟

كلمة (السياسة) لم ترد في القرآن:

كلمة (السياسة) لم ترد في القرآن الكريم، لا في مكيِّه، ولا في مدنيِّه، ولا أي لفظة مشتقة منها وصفا أو فعلا. ومن قرأ (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) يتبين له هذا. ولهذا لم يذكرها الراغب في (مفرداته). ولا (معجم ألفاظ القرآن) الذي أصدره مجمع اللغة العربية.

وقد يتخذ بعضهم من هذا دليلا على أن القرآن -أو الإسلام- لا يعني بالسياسة ولا يلتفت إليها.

ولا ريب أن هذا القول ضَرْب من المغالطة، فقد لا يوجد لفظ ما في القرآن الكريم، ولكن معناه ومضمونه مبثوث في القرآن.

أضرب مثلا لذلك بكلمة (العقيدة) فهي لا توجد في القرآن، ومع هذا مضمون العقيدة موجود في القرآن كله، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، بل العقيدة هي المحور الأول الذي تدور عليه آيات القرآن الكريم.

ومثل ذلك كلمة (الفضيلة) فهي لا توجد في القرآن، ولكن القرآن مملوء من أوله إلى آخره بالحثِّ على الفضيلة، واجتناب الرذيلة.

فالقرآن وإن لم يجئ بلفظ (السياسة) جاء بما يدل عليها، ويُنبئ عنها، مثل: كلمة (المُلك) الذي يعني حكم الناس وأمرهم ونهيهم وقيادتهم في أمورهم.

جاء ذلك في القرآن بصيغ وأساليب شتَّى، بعضها مدح، وبعضها ذم. فهناك المُلك العادل، وهناك المُلك الظالم، المُلك الشُورِي، والمُلك المستبد.

ذكر القرآن في المُلك الممدوح: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً} [النساء:54].

وذكر من آل إبراهيم: يوسف الذي ناجى ربه فقال: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} [يوسف:101]، وإنما قال من المُلك، لأنه لم يكن مستقلا بالحكم، بل كان فوقه مَلِك، هو الذي قال له: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54].

وممَّن آتاهم الله المُلك: طالوت، الذي بعثه الله مَلِكا لبني إسرائيل، ليقاتلوا تحت لوائه، {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً} [البقرة:247].

وذكر القرآن من قصته مع جالوت التي أنهاها القرآن بقوله: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة:251].

وكذلك سليمان الذي آتاه الله مُلْكا لا ينبغي لأحد من بعده.

وممَّن ذكره القرآن من الملوك: ذو القرنين الذي مكَّنه الله في الأرض وآتاه الله من كل شيء سببا، واتسع مُلكه من المغرب إلى المشرق، وذكر الله تعالى قصته في سورة الكهف، مثنيا عليه. فقال: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ...}[الكهف:84].

وممَّن ذكره القرآن: مَلِكة سبأ التي قام مُلْكها على الشورى لا على الاستبداد {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ} [النمل:32].

وفي مقابل هذا ذم القرآن المُلك الظالم والمتجبر، المسلط على خَلق الله، مثل: مُلك النمروذ، الذي حاجَّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله المُلك.

ومثل: مُلك فرعون الذي {عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[القصص:4].

وبعض الملوك لم يمدحهم القرآن ولم يذمهم، مثل مَلِك مصر في عهد يوسف، وهو الذي ولَّى يوسف على خزائن الأرض. وإن كان في حديث القرآن عن بعض تصرفاته ما ينبني عن حسن سياسته في مُلكه.

فهذا كله حديث عن السياسة والسياسيين تحت كلمة غير (السياسة).

ومثل ذلك: كلمة (التمكين) كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} [يوسف:56]، وقوله عن بني إسرائيل:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص:5]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }[الحج:41].

ومثل ذلك: كلمة (الاستخلاف)، وما يشتق منها، مثل قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55]. وقوله تعالى: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [لأعراف:129].

ومثل ذلك كلمة (الحُكْم) وما يشتق منها، مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:58]، وهي الآية التي أدار عليها ابن تيمية نصف كتابه "السياسة الشرعية". وقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:49]، وقوله تعالى: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50]، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[المائدة:45]، وفي آية:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47]، وفي آية ثالثة:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].
(منقول بقلم الشيخ القرضاوي)
التوقيع :

الشاعر عبدالسلام امين


عندما يختل ميزان العدالة .. يسقط العقل و تختال الجهالة
يصبح الحلم هروبا و استحالة .. و اعتناق الحق بحمقا و ضلالة
انت يا عشق حياتى .. و مماتى .. و فنائى فيك ميلادى لذاتى
كل هذا الكون محراب صلاة .. فأفق يا قلب و استشعر جلاله
انت يا عشق أيا زاد القلوب .. عندما ذوبتنى ذابت ذنوبى
انت مصباحى تجلى فى دروبى .. يا هلالا لاح لى أرجو إكتماله




التعديل الأخير تم بواسطة جابرعثرات الكرام ; 09-01-2008 الساعة 04:51 PM
  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2008, 02:45 PM   #2
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

ما ورد عن السياسة في السنة:

على أن السنة النبوية قد وجدت فيها حديثا تضمَّن ما اشتقَّ من السياسة، وهو الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة، أن النبي r قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم".

أول استخدام لكلمة سياسة في معنى الولاية والحكم في تراثنا:

وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في مادة (سياسة) قولها: لعل أقدم نص وردت فيه كلمة (السياسة) بالمعنى المتعلِّق بالحكم هو: قول عمرو ابن العاص لأبي موسى الأشعري في وصف معاوية: إني وجدته ولي عثمانَ الخليفة المظلوم، والطالب بدمه، الحسن السياسة، الحسن التدبير.

وهذا مقبول إن كان المقصود كلمة (السياسة) مصدرا. أما المادة نفسها باعتبارها فعلا، فقد وردت كما ذكرناه في الحديث السابق المتفق عليه عن أبي هريرة، وكما وردت بعد ذلك منذ عهد سيدنا عمر رضي الله عنه، بوصفها فعلا مضارعا.

روى ابن أبي شيبة في مصنفه، والحاكم في مستدركه، عن المستظل ابن حصين، قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: قد علمتُ -ورب الكعبة- متى تهلك العرب! فقام إليه رجل من المسلمين، فقال: متى يهلكون يا أمير المؤمنين؟ قال: حين يسوس أمرهم من لم يعالج أمر الجاهلية، ولم يصحب الرسول.

وكذلك رويت نفس الصيغة (صيغة الفعل المضارع) عن سيدنا علي رضي الله عنه. روى ابن أبي شيبة في مصنفه وابن الجعد في مسنده: قال علي: يا أهل الكوفة! والله لَتَجِدُّنَّ في أمر الله، ولتُقاتِلُنَّ على طاعة الله، أو ليَسُوسَنَّكم أقوام أنتم أقرب إلى الحق منهم، فليعذبنكم ثم ليعذبنهم.
  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2008, 05:20 PM   #3
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

التربية السياسية في القرآن الكريم



التربية السياسية في القرآن الكريم تقوم على أسس راسخة , و أصول ثابتة , و قواعد محكمة . و هي تقوم أول ما تقوم على معرفة الله تعالى و خشيته و تقواه , و ردّ الأمر إليه جميعا نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) و انظر إلى هذا التنكير العجيب " من شيء " يعني : ما من شيء يقع فيه تنازع و " إختلاف " إلا كان مرده إلى الله يقضي فيه بكلمته و يفصل فيه بحكمه و يقطع فيه بأمره سبحانه ( و إن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا ) , و هكذا تؤسس السياسة و تبنى ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أمّن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم و الله لا يهدي القوم الظالمين ) . أما من أراد أن يؤسس السياسة و يبين أطرها بعيدا عن نور القرآن و هدى القرآن فإنه إنما يريد أن يقيم بنيانه على أساس شيطاني هش و سيكون بنيانه ريبة في قلبه , و سيأتي الله بنيانه من القواعد و سيخر عليه السقف من فوقه و ذلك لأن هوى الناس مذاهب و مزاجهم متقلب , و علمهم قليل و من أراد أن يحكم بالهوى المستحكم و المزاج المتقلب و العلم القليل فإنه واقع في هاوية سحيقة لا محالة ( و الله يعلم و أنتم لا تعلمون ) ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير) .

لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ** سعي الفتى و هو مخبوء له القدر

و من تلك الأسس الراسخات و الأصول الثوابت و القواعد المحكمات التي يقوم عليها بنيان السياسة الشرعية " العدل " , و العدل صفة ملازمة للذات العلية , و اسم من أسمائه سبحانه تبارك اسمه و تعالى جده لا إله غيره و لا رب سواه . و لا سبيل إلى تحقيق العدالة الحقة إلا عن طريق الشرع الإلهي القويم , و ذلك أن الناس كلهم بشرائحهم المختلفة و مناهجهم المتباينة ... بأعراقهم و أصنافهم , بألوانهم و أجناسهم , بألسنتهم و لغاتهم ... كلهم بلا إستثناء خلق لله و عبيد لله , فلا يحل لأحد أن يشمخ على أحد أو أن يفخر عليه ( و قالت اليهود و النصارى نحن أبناء الله و أحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السموات و الأرض و ما بينهما و إليه المصير ) . الرب واحد و الأصل واحد ( يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) , و هذا ما أكده صلوات الله و سلامه عليه في خطبه و رسائله و أحاديثه و أفعاله ( أيها الناس كلكم لآدم و آدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( لينتهين رجال عن المفاخرة بأقوام هم حطب جهنم أو ليجعلنهم الله اذل من الجعلان ) ( طف الصاع طف الصاع ليس لإبن بيضاء فضل على إبن سوداء إلا بالتقوى إنك امرؤ فيك جاهلية ) ( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه و إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه و أيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ) إنه العدل الذي تحقق مرة و يمكن ان يتحقق مرات ما استقام الناس على الهدي القرآني ذي النور المتوقد الوهاج ... إنها المدرسة التي تخرج فيها أمثال عمر بن الخطاب الذي قال فيه الشماخ بن ضرار الغطفاني يرثيه :

جزى الله خيرا من إمام و باركت ** يد الله في ذاك الأديم الممزق

فمن يسح أو يركب جناحي نعامة ** ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق

أبعد قتيل بالمدينة أظلمت ** له الأرض تهتز العضاة بأسوق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ** بوائق في أكمامها لم تفتق


إنه العدل الذي جعله يقف في الناس خطيبا قائلا ( إن لكم علي ألا أحبس عنكم خراجا و لا فيئا و ألا أحتجب عن صاحب حاجة و لو جاءني طارقا بليل و إن غبتم في البعوث فأنا ابو العيال حتى ترجعوا ) ( أيها الناس : أما أني لا أبعث لكم بالعمال ليأخذوا أموالكم و لا ليضربوا أبشاركم , و إنما ابعثهم ليعلموكم دينكم , و أيم الله لأقتصن من المعتدين , فوثب عمرو بن العاص السهمي و قال له : أرايت يا امير المؤمنين إن أدب احدنا أحد رعاياه أوكنت مقتصا منه ؟ قال بلى و الله ما لي لا أفعل و قد رأيت رسول الله يقتص من نفسه صلوات الله و سلامه عليه ) . إنه العدل الذي جعل عمر بن الخطاب يقول لبعض الأقباط و قد ضربه إبن الحاكم عمرو بن العاص و هو يقول أنا إبن الأكرمين : إضرب إبن الأكرمين ... لقد نفخ القرآن في روح تلك الأمة فدبت فيها الحياة و كتب لها الخلود و ضربت من الأمثلة المشرقة المشرفة ما يزين الإنسانية و يطيب الوجود ... لقد احيا القرآن القلوب بما سكب فيها من نور , و ما أفاض عليها من سلسبيل فما عادت تخشى حاكما , و لا ترهب زعيما , و إنما هي المناصحة القلبية

و القولة النافذة ( لو رأينا فيك إعوجاجاٌ لقومناك بحد سيوفنا ) , و القلوب ما لم تكن ملكا لمن خلقها و عدلها و سواها فإنها تطير شعاعا ممن يملك سلطة أو سطوة أو جاها .

أو لم يقل نابغة بني ذبيان للنعمان :

نبئت أن أبا قابوس أوعدني ** و لا قرار على زأر من الأسد

أو لم يقل له :

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني ** و تلك التي أهتم منها و أنصب

أو ما قال :

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني ** و تلك التي تصطك منها المسامع

أم أنه لم يقل :

و عيرتني بنو ذبيان خشيته** و هل علي بأن أخشاك من عار

بلى , لقد ملأ النعمان أقطار نفسه فامتلأ منها رعبا :

فإنك كالليل الذي هو مدركي** و إن خلت أن المنتأى عنك واسع

و اسمع ما يقوله الفرزدق في زياد و قد تهدده و توعده :

إذا ذكرت نفسي زياداً تكشمت **من الخوف أحشائي و شابت مفارقي

و اسمعه يقول لسعيد في لاميته :

و كوم تنعم الأضياف عنا ** و تصبح في مباركها بقالا

قال :

إليك فررت منك و من زياد** و لم أحسب دمي لكما حلالا

وإن تك في الهجاء تريد قتلي ** فقد قلنا لشاعرهم و قالا

أما لو أن هذه القلوب عرفت طريقها إلى الله تعالى لما تزلزلت من المخلوقين ذلكم الزلزال ... إذن لقالت كما قال السحرة لفرعون ( فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا )

إذن لقالت كما قال شاعرنا العباسي :

لا أكفر الرحمن نعمته فلي** فضل بفضل لساني المفتوق

ما لي اخوف بالعباد و إنما **أمري إلى الخلاق لا المخلوق

ما دمت سباقا فليس بضائري ** أبدا مقال مدفع مسبوق


لقد حرر القرآن بتربيته السياسية القويمة القلوب من اسر الخوف و الرهبة و الخشية إلا من الله رب العالمين ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ) و لن ينصلح حال أمة يخشى افرادها من كلمة حق تقال ( إذا رأى الناس الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) و ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) . و القرآن يسعى ليسود الحق و العدل , و ليقوم الناس بالقسط , و ما أنزل القرآن إلا لتحقيق ذلك الهدف و الوصول إلى تلك الغاية . يريد للناس إذا قالوا أن يعدلوا و لو كان ذا قربى , و إذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل , إنه فرض لازم و واجب محتوم ما هي بنافلة و لا فضلة ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) و في قوله سبحانه ( إن الله كان سميعا بصيرا ) تحذير شديد من النكوص عن أداء هذا الواجب و الإضطلاع بتلك المسئولية . و العدل واجب مفروض على كل حال ... فلا يجوز للكراهة أن تحول بينك و بينه , و لا يجوز للغضب أن يقف سدا يحجبك عنه ( يا ايها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله و لا الشهر الحرام و لا الهدي و لا القلائد و لا آمّين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم و رضوانا و إذا حللتم فاصطادوا و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) أي حق , و أي عدل , و اي سماحة ... في عسرك و يسرك , في منشطك و مكرهك , في غضبك و رضاك .. مع الناس جميعا المخالف منهم و الموافق ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين . إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم و من يتولهم فأولئك هم الظالمون ) ..

(د.الحبريوسف نورالدائم)
  رد مع اقتباس
قديم 09-02-2008, 02:11 PM   #4
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

ماذا تعني السياسة في الإسلام؟
إنَّ السياسة تعني في مفهومنا الإسلاميّ: "رعاية شؤون الأمَّة"... وبهذا يكون للسياسة مفهومٌ رعائيٌّ يشمل كلَّ نواحي الحياة، ويتَّصل بكلِّ جانبٍ من جوانبها المختلفة..
فمن السياسة: رعاية شؤون الأمَّة من الجانب التربويِّ والتعليميّ؛ ومن خلال تطوير وتوجيه السياسات التربويَّة والتعليميَّة، ومن خلال تطوير وسائلها وأساليبها ومناهجها..
ومن السياسة: رعاية شؤون الأمَّة من الجانب الإعلاميّ، من خلال رسم سياساتٍ إعلاميَّةٍ تبني ولا تهدم، وتُصلِح ولا تُفسِد، وترتقي بالإنسان فكراً ونفساً وسلوكا..
ومن السياسة: رعاية شؤون الأمَّة من الجانب الاقتصاديِّ والمعيشيّ، من خلال توفير حاجاتها الضروريَّة، والتي أشار إليها البيان النبويُّ بقوله: "المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ –الطعام-، والنار –الوقود-"رواه أبو داود بسندٍ صحيح..
كما من خلال توفير فرصٍ متكافئةٍ للعمل والإنتاج أمام كلِّ المواطنين، بما في ذلك دعم المشاريع الزراعيَّة والصناعيَّة والتجاريَّة في القطاع الخاص.
ومن السياسة: رعاية شؤون الأمَّة من الجانب البيئيِّ والصحيّ، من خلال وضع مشاريع قوانين لمجَّانيَّة التطبيب، ومن خلال المحافظة على النظافة البيئيَّة، والحيلولة دون تلوُّث الماء والتربة والهواء، بالإضافة إلى إيجاد حلولٍ لمشكلة النفايات الطارئة والدائمة، ووضع ضوابط وشروط لشركات استيراد وتكرير وتوزيع المحروقات المختلفة، والحدِّ من استيراد السيارات والمولِّدات التي باتت لوحدها مُعضِلةً بيئيَّةً خطيرة..
قد يظنُّ البعض أنَّ السياسة تقتصر على شؤون الحكم وسلطاته التشريعيَّة والتنفيذيَّة والعلاقات الداخليَّة والخارجيَّة، وأن لا علاقة للسياسة بالدين والأخلاق والتربية.
إنَّ المفهوم الصحيح للسياسة يشمل كلَّ جوانب الحياة: التشريعيَّة والتنفيذيَّة والتربويَّة والتعليميَّة والإعلاميَّة والأمنيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة والماليَّة والبيئيَّة والعلميَّة والثقافيَّة والفنيَّة... الخ.

إنَّ مفهوم فصل الدين عن السياسة، أو فصل السياسة عن الدين، وأنَّ مقولة: "إنَّ الدين لله والوطن للجميع، وإنَّ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، مفهوم "إكليريّ" كَنَسيّ؛ يمكن أن يكون متوافقاً مع الرسالة التي بُعِث بها سيِّدنا عيسى بن مريم عليه السلام، والتي ركَّزت معالجتها على الأخلاق ومكارمها، وعلى الروح وتزَكيتها، وعلى الهداية والإرشاد، بحسب قوله عليه السلام: "إنَّما جئت لأهدي الخراف الضالَّة من بني إسرائيل".

أمَّا القول: "بأنَّ السياسة لا دين لها"، فهو مفهومٌ من شأنه أن يجرِّد السياسة من القيم والأخلاق، ويجعلها سياسة كذبٍ ونفاقٍ وخداع، كما سياسة منافع ومصالح فرديَّةٍ وشخصيَّةٍ وفئويَّة، فضلاً عن كون هذا المفهوم يجعل الممارسة السياسيَّة ممارسةً "ميكيافيليَّة" تعتمد الخداع والغشَّ وكلَّ ما يبرِّر الوسيلة من أجل الغاية..
إنَّ هذا المفهوم للسياسة مرفوضٌ في الإسلام كدينٍ وكتشريع.. فالإسلام يعتبر أنَّ الدين لله والوطن لله، ويعتبر أنَّ ما لقيصر لله، وأن لا فصل -في الإسلام- بين الدين والدولة، أو بين السياسة والدين.. وأنَّ السياسة يجب أن تُبنَى على الدين، وبذلك تكون "سياسةً متديِّنة" أي سياسةً مبنيَّةً على القيم والمثل والأخلاق..
إنَّ الذين يعتبرون أنَّ السياسة لا يمكن أن تخضع للمبادئ لأنَّها -في نظرهم- تجعل السياسيَّ ضعيفاً غير قادرٍ على ممارسة العمل السياسيِّ بنجاح، إذ السياسة الناجحة في نظر هؤلاء هي التي تُمارَس "بشطارة" أي بدون مبادئ؟
وفي مفهومنا أنَّ "الشطارة" يمكن أن تُمارَس باستقامةٍ وذكاءٍ ودهاء، إذ لا يعني التزامها بالمبادئ أن تُمارَس بغباءٍ كما يظنُّ بعض هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم "شطَّارا" وأذكياء وهم في الحقيقة "منحرفون" وأغبياء.
  رد مع اقتباس
قديم 09-03-2008, 02:10 PM   #5
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

يحتوي القرآن الكريم على مقاصد واهداف عظيمة تتعلق بالحياة والكون والانسان ؛ فهو بالاضافة الى كونه كتاب هداية وارشاد للفرد ، كما ورد في النص المجيد : ( إن القرآن يهدي للتي هي أقوم ) ، الا انه يهدف في النهاية الى تبيان حقائق على درجةٍ عظيمة من الأهمية . فالقرآن يتعامل مع معنى الحياة البشرية بما فيها من قضايا الخلق والتكوين ومعرفة النفس ، والتضامن والتآخي الاجتماعي ، والضبط الاخلاقي الاجتماعي ، والتسلية العاطفية والطمأنينة النفسية للمؤمنين به.
فعلى صعيد معاني الوجود ، فإن القرآن يقدم أفضل الإجابات على أخطر الاسئلة التي تشغل بال الانسان حول الوجود والغيب والحياة الابدية ؛ وفلسفته توضح معنى الوجود الانساني في هذه الحياة ، وتيسر فهم اهداف خلق الكون والحياة وعلاقتها بخالق الوجود .

فعلى صعيد التضامن والتآخي الاجتماعي ، فان القرآن يقوم بتوحيد المؤمنين على محور العبودية لله ، ويجمعهم تحت راية العقيدة المشتركة والمصير الواحد : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ، ويدعوهم الى الارتباط الاجتماعي : ( يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) ، وعدم التنازع : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ، والتعاون على الخير : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان ) ، والتلبس بالخلق الحميد : ( وانك لعلى خلقٍ عظيم ) ، ( ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميم ) ، والتأكيد على صلة الرحم : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ... اولئك لهم عقبى الدار ) ، وإكرام الجار : ( والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب )
وعلى صعيد الضبط الاخلاقي الاجتماعي ، فان القرآن الكريم يرشد الامة الى تنظيم شؤونها الاجتماعية عن طريق تقديم نظام اجتماعي الهي في غاية الكمال ، فيدعوها ـ على النطاق السياسي ـ الى طاعة الولاية الشرعية : ( انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) . وعلى النطاق القضائي ، يدعوها الى العدالة القضائية : ( وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) . وعلى النطاق العائلي ، يدعوها الى حفظ الحقوق الزوجية المادية والمعنوية : ( وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) . وعلى النطاق التعليمي ، يدعوها الى طلب العلم : ( وقل ربي زدني علماً ) وعلى نطاق الانحراف الاجتماعي فإنه يعالج مشكلة الجريمة معالجة صارمة بتشريع القصاص والحدود والديات : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب لعلكم تتقون ) . وعلى نطاق العدالة الاجتماعية ، فانه بعد ان يعلن بأن الأرض بخيراتها الهائلة انما خلقت لجميع الافراد : ( هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعاً ) ، يأمر ـ بعدئذٍ ـ بعدالة توزيع هذه الخيرات عليهم : ( ان الله يأمر بالعدل والاحسان ) ، ( وقد خاب من حمل ظلما ) . وباجتماع هذه العناصر الاساسية للنظام الاجتماعي ، تنشأ الدولة القرآنية بكل مؤسساتها الاجتماعية رافعةً لواء العدالة والمساواة بين جميع افراد المجتمع الانساني.
وعلى صعيد التسلية العاطفية والطمأنينة النفسية للفرد ، فان القرآن
مثلما يسلي الانسان المؤمن وقت المحن بتذكيره بأن الموت انما هو انتقال لعالم لاعناء فيه ولا شقاء : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) ، ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ) ، فانه في الوقت ذاته يعرف الفرد بنفسه مثلما يعرفه بخالقه العظيم . واول اكتشاف يكتشفه الانسان عن طريق القرآن ، هو ان للنفس الانسانية قابلية عظيمة على تنمية الخير أو انشاء الشر ، واستعداداً عظيماً لعمل الطيبات والحسنات أو لفعل السيئات والخبائث : ( ونفسٍ وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها )؛ وما على المكلف الا سلوك الطريق الذي رسمه له القرآن . فالقرآن اذن يمنح الانسان المؤمن بالتوحيد فهماً دقيقاً لمعنى وجوده في الحياة ويعطيه فهماً لاسباب التعاون الاجتماعي ، ويقدم له قاعدة فكرية تعلن ان وجوده في الاصل منبثق عن مبداً الكمال المطلق ، وان حياته الدنيوية بما فيها من اجتماع انساني ونظام يهذب علاقات الافراد انما هي إعداد لمرحلة اخرى ينتفي فيها العناء والشقاء ويتحقق التلبس بالسعادة الابدية.
  رد مع اقتباس
قديم 09-04-2008, 03:21 PM   #6
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

فالدولة ظاهرة اصيلة لحفظ النظام الاجتماعي وحفظ حقوق الانسان ، فان أول من قام بتأسيسها والسهر على بنائها الانبياء والرسل (ع) من اجل تثبيت تلك الحقوق ، واقامة العدالة ، ومحاربة المستكبرين ، ونشر عقيدة التوحيد ، كما جاء في النص المجيد : ( كان الناس أمةً واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه . والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ) (البقرة).
فمقتضى النص القرآني الشريف يدل على ان نشوء الدولة عن طريق الانبياء (ع) انما جاء من خلال الحاجة الى موازين تحدد العلاقة بين الاقوياء والضعفاء والاغنياء والفقراء ، والحاجة الى تنظيم شؤون الاجتماع الانساني عن طريق الالزام والمسؤولية الفردية والاجتماعية . وقد تولى بعض الانبياء (ع) الاشراف على شؤون الدولة كداود وسليمان (ع) ؛ وتحدى اغلبهم النظام الاجتماعي السياسي القائم في زمانهم كنوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام جميعاً . وقام رسول الله محمد (ص) ببناء اكمل الانظمة السياسية ، لان دولته المباركة مثلت تجسيداً رائعاً للرسالة السماوية التي اعلنها الاسلام . والى هذا المعنى يشير القرآن ويؤكد على ان كمال النظام الاجتماعي والروحي يعد من اعظم نعم الله على البشرية : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ) (المائدة).
وقد كان جوهر دعوة الانبياء (ع) على مر التاريخ بالاضافة الى عبادة الله سبحانه ، تحدي النظام الاجتماعي القائم على اساس تعدد الربوبية والظلم ، وسحق الانسان لاخيه الانسان . فقد بين القرآن الكريم في بعض الموارد ان الذين كفروا بمضمون الرسالات السماوية لم يكونوا ينكرون حقيقة وجود الخالق عز وجل ، ولم يكونوا يجهلون النعم التي يبعثها عليهم ، بل كان كفرهم وجحدهم متجسداً بترك تطبيق شريعة الله والايمان برسالته ورسله . فيقول عز من قائل : ( قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون ، سيقولون لله ، قل افلا تذكرون ؟ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، سيقولون لله ، قل افلا تتقون ، قل من بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون ، سيقولون لله ، قل فأنى تسحرون )(المؤمنون) ، ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ... ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فاحيا به الارض من بعد موتها ليقولن الله ) (العنكبوت) ، ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ) (الزخرف).
وحتى ان صراعي موسى وابراهيم عليهما السلام مع فرعون ونمرود ، يصرحان بان الصراع الحقيقي بين الانبياء (ع) والمشركين كان صراعاً سياسياً ، جوهره تحرير الافراد من التسلط السياسي على رقابهم ، واموالهم ، وشؤونهم العامة . ففرعون كان ينادي بكل غرور : ( ... انا ربكم الاعلى ) ، و( يا ايها الملأ ما علمت لكم من آله غيري ) . ونمرود الذي كان يتصرف بنفوس الناس ورقابهم تصرف المحيي والمميت ، فيقطع رقاب بعض ويستحيي رقاب آخرين ، حتى يبقي الملك عضوضاً تحت رحمة نواجذه : ( ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان آتاه الله الملك ، اذ قال ابراهيم ربي الذي يحي ويميت قال انا احيي وأميت ... ) فلم يكن جدال هؤلاء الطواغيت في حقيقة وجود الله ، بل كان في حقيقة من بيده الملك ، وقطع الرقاب ، والموت والحياة . ولذلك كانت مهمة الانبياء (ع) ـ وبالخصوص نبينا وقائدنا محمد (ص) ـ شاقة وعسيرة ، لأن هدفهم كان فك الاغلال التي وضعها المستكبرون ، وقيدوا بها الفقراء والمستضعفين ، فدور الرسول (ص) كان ان يضع عن المستضعفين : ( ... اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ) . ونظرة الى تاريخ فحول قريش واشراف مكة في عهد الجاهلية يغنينا عن الاسهاب ؛ فانبثاق الرسالة الاسلامية كان اكبر تحدٍ لنظامهم الاجتماعي والسياسي الفاسد . وهذا هو السبب الذي ادى الى محاربة الدين الجديد والرسالة الفتية بكل عنف وضراوة.
فقد كان رسول الله (ص) يدير الدولة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، ويتولى شؤون الحكم وتدبير امور الرعية ، فكان يبعث الجباة لجمع الحقوق الشرعية ، وكان يولي القضاة امور القضاء ، وكان يجهز الجيوش للدفاع عن الدولة الفتية ونظامها الاسلامي . وكان (ص) اذا خرج من المدينة لغزوة من الغزوات او حملة من الحملات العسكرية اناب عنه من يتولى امور المسلمين في عاصمته .
  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2008, 02:25 PM   #7
جابرعثرات الكرام
حال قيادي

افتراضي

دعا القرآن الي وجوب صيانة حرية الانسان لانها من الحقوق البشرية الاساسية للمجتمع الانساني فالحرية تتمثل بالعبودية المطلقة للخالق دون سواه من المخلوقات . والحرية تنعدم بالاصل مع وجود الدولة الظالمة أهلها . بمعنى ان القرآن دعا الي الحرية الشخصية للمجتمعات الاسلامية ، فهي مضمونة حتى مع وجود الدولة . . ويؤكد هذا المعنى قوله سبحانه وتعالى في محكم كتابه على لسان موسى (ع) مخاطباً فرعون : ( وتلك نعمة تمنها علي ان عبدت بني اسرائيل )الشعراءوهو تعبير مفهومي بليغ عن ان تعبيد بني اسرائيل بالتسلط عليهم واضطهادهم من قبل السلطة الظالمة يناقض ابسط قواعد احكام الدولة التي ينبغي لها معاملة الرعية معاملة عادلة بغض النظر عن لونهم ومنشأهم واعتقادهم.
فدور الامة الاساسي في المشاركة في النشاط السياسي ، والكشف عن الحاكم ـ وهو رئيس الدولة التنفيذي ـ ورفد الدولة بالاختصاصات اللازمة لما تتطلبه عملية الشورى من جهود علمية لبناء المؤسسات التخصصية ، وطاعة ولي الامر المنتخب بالبيعة الشرعيه بما يمثله من قوة تشريعية . يقول تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) (البقره) ، ( وأمرهم شورى بينهم ) (الشورى).
ولاشك ان السر في كمال تنظيم الحكومة الالهية ـ وهي حكومة الانبياء (ع) بولاياتها التنفيذية والشوروية والقضائية ـ وحكومات الخلفاء من بعد الرسل والحكومات الشرعيه المنتخبه من قبل الشعب وبرضى من الاكثريه.
و في هذه العجالة سلطنا بجزئيه صغيره وبأختصار شديد المفهوم السياسي في القرآن فنقلنا وتصرفنا في بعض الكتابات وذلك لكي نكون على علم بقراننا ونساهم في ماهو مطلوب منا فهمة في حياتنا العامة والله من وراء القصد.....أنتهى
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
احد معجزات القران الكريم (( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)) باحرس1970 سقيفة الحوار الإسلامي 24 05-28-2011 11:40 AM
مخطوطات ونسخ من القران نادرة في معرض ببغداد د محمد علي باوزير مكتبة السقيفه 0 10-23-2009 08:18 PM
انواع المياه في القران الكريم ابوبروج سقيفة إسلاميات 0 10-19-2009 10:49 AM
صور دورات تحفيظ القران تحت رعاية مؤسسة وادي عمد الخيريه عاشق الوادي الكاميرا الحضرميه 3 07-02-2009 09:15 PM
يقولون بلير يقرا القران الهامه الســقيفه العـامه 0 04-16-2009 01:57 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas