|
12-10-2013, 11:26 PM | #1 | ||||||
مشرف سقيفة الحوار السياسي
|
لحج : ملكة واحات الجنوب العربي استطلاع مصور لمجلة العربي الكويتي 1965
لحج : ملكة واحات الجنوب العربي استطلاع مصور لمجلة العربي الكويتي 1965
صورة لمدرسة سودانية خلال تعليمها لعدد من الفتيات بحوطة لحج في العام 1965 الأربعاء 06 نوفمبر 2013 12:38 مساءً عن مجلة العربي هذه المادة هي استطلاع مصور اجرته صحيفة "العربي" الشهيرة عن مدينة الحوطة بلحج في العام 1965 ، ووقع هذا الاستطلاع قبل اسابيع بيد الزميل "هشام عطيري" وهو مدير تحرير صحيفة "عدن الغد" الورقية" وقام باعداده للنشر . تعيد صحيفة "عدن الغد" نشر هذا الاستطلاع بعد مرور اكثر من 48 عام على نشره وتترك للقارئ الكريم الحكم حول واقع لحج قبل 48 سنة وواقعها اليوم وايهما الافضل . أعدها للنشر هشام عطيري لحج : ملكة واحات الجنوب العربي هو عنوان لاستطلاع مصور اجرتة مجلة العربي الكويتي شمل مختلف الجوانب التربوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في فترة حكم السلطان فضل بن علي العبدلي أثناء زيارة بعثه صحفيه من المجلة للسلطنة في ذلك الوقت . "عدن الغد" تنشر الاستطلاع لتذكير الحاضر بأمجاد الماضي وما شهدته لحج من التطور والرياده في مختلف المجالات والتي صدر في العدد الذي حمل الرقم 84 الصادر في شهر مايو من العام 1965م كما هو دون جدف أو تعديل ليعلم القارئ حقيقة انجازات الماضي وانتكاسات الحاضر فإلى الاستطلاع . لحج : ملكة وحات الجنوب العربي قام بهذا الاستطلاع سليم زبال وصوره ((اوسكار)) لحج .. اسم تردد على مسامع القراء في السنوات الأخيرة من خلال الأحداث فأصبح مألوفا لدى الكثير ممن لم يسمعوا به من قبل, أو سمعوا به دون ان يعرفوا عن مسماه شيئا . اليوم تقدم ((العربي)) لأول مرة استطلاعا مصورا بالألوان عن ((لحج)) هذه .. انه الاستطلاع الثالث الذي قامت به بعثتنا في جنوب الجزيرة العربية. ولحج هي احد سلطنات الجنوب العربي الخمس والعشرين ... ولكنها ـ طبقا للعرف السياسي ـ لم يعد لها كيانها المستقل ... لقد ذاب في هذا الكيان عام 1959م عندما انضمت الى ما يسمى باتحاد الجنوب لتصبح اكبر ولاية من ولاياته أربع عشر . وسلطنة لحج , او سلطنة العبادل كما تسمى, تقع في الشمال الغربي من عدن .. وعاصمتها "الحوطة" ويسمونها لحج أيضا . وأهميتها تكمن في موقعها الاستراتيجي الهام على الطريق الرئيسي الموصل بين عدن واليمن .. وقد جر عليها هذا الموقع الخراب والدمار في الحرب العالمية الأولى ... اذ كان الأتراك, حلفاء الألمان في تلك الحرب , يحتلون اليمن ,فاخذوا على عاتقهم مهمة مهاجمة الانجليز المتمركزين في عدن, وكتبوا لسلطان لحج , احمد بن علي , يطلبون منه مساعدتهم لطرد الانجليز, فرفض السلطان . وفي عام 1915م انطلقت القوات التركية من قاعدتها في تعز باليمن, وكانت مؤلفة من 2700جندي مزودين بالمدافع ألرشاشه المحملة على ظهور البقال والحمير.. فتصدى لهم سلطان لحج على أمل وصول مدد بريطاني ,ولكن هذا المدد لم يصل منه الى لحج سوى شرذمة صغيرة تقدم أليها سلطان لحج , ولكنة لم يقابلها أبدا,اذ حسبته من طلائع العدو التركي ففتحت علية نيران أسلحتها واردته قتيلا!! واستولى الأتراك على مدينة الحوطة – احج – " فقتلوا عددا كبيرا من أهلها, وانتهبوا أموالها وكل مافيها"... واتجهوا صوب عدن فاحتلوا بلدة "الشيخ عثمان" وظلوا يتقدمون حتى مشارف عدن, ولكنهم لم يدخلوها وإنما عسكروا عند مشارفها ... ولم يجلُ الأتراك عن لحج إلا عام 1918م بعد ان خسروا الحرب مع حلفائهم الألمان .... دلتا لحج وارض لحج منبسطة قرب عدن , ولكنها تأخذ في الارتفاع كلما اتجهنا شمالا صوب اليمن , لتتحول الى جبال مرتفعه تفصل بين اليمن ولحج... وفي شهر أغسطس وسبتمبر من كل عام, تتساقط الأمطار غزيرة على هذه الجبال فتندفع على هيئة سيول في مجرى واحد كبير يعرف بوادي تبن ... وتستمر هذه السيول في اندفاعها حتى رأس الوادي حيث تنقسم الى فرعين : الوادي الكبير ,والوادي الصغير ... الماء .. الماء وعند رأس الدلتا كان يقوم سد ترتبي هزيل ما تكاد السيول تندفع نحوه حتى تجرفه في طريقها .. وفي عام 1995م قامت "لجنة الإنعاش" ببناء سد كبير مكانه كلفتها 55الف جنية, ليتحكم في توزيع مياه السيول على الفرعين, وعلى القوات الثلاث التي تروى وسط الدلتا وجانبيها . وكثيرا ماتقل الأمطار وتتوقف السيول ,ولكن ارض لحج تتميز بمياهها الجوفية الغنية, فما يكاد صاحب الأرض يحفر بئرا حتى يندفع الماء بكميات غزيرة... وقد تم حتى ألان حفر 400 بئر صغيرة, قلبت نظام الري القديم ,الى ري مستديم ... عدن تشرب من لحج مما يذكر ان عدن وضواحيها تشرب من ماء أبار لحج الذي ينساب من 24بئرا ارتوازية, تعمل عليها المضخات بلا توقف ليلا ونهارا لسد حاجة عدن من الماء ,ويبلغ 60 ألف جالون يوميا ,يمتدان بمحاذاة الطريق البري الوحيد الذي كانت تسير عليه قوافل الجمال منذ ألاف السنين ... قصة طريق... وقد ظلت لحج تعيش في عزلة بدون طريق معبد يوصل إليها , حتى الحرب العالمية الأولى, فعندما مد الانجليز خطا حديدا مفردا يربط بين شمال لحج ومدينة عدن , لاستخدامه في أغراضهم الحربية .. واستمر هذا الخط اليتيم يصل حتى عام 1932, وبإزالته أصبح الجنوب العربي خاليا من أي خط للسكة الحديد .. ومرة أخرى, ولإغراض حربيه بحثه بدءوا في مطلع الحرب العالمية الثانية , في رصف جزء من طريق القوافل القديم بالإسفلت والرمل , ولكنة لم يمر طويلا, فقد تحول مع أنتها الحرب الى كومة من الأحجار والفجوات, لرداءة المواد التي استعملت في رصفه. وعندما ازدادت أهمية عدن عام 1958م وكثر عدد سكانها, تزايد طلبهم للمأكولات من خضر وفواكه فعاد التفكير في تعبيد الطريق ليربط بين عدن ولحج حيث تكثر المزارع... وفي عام 1962م انتهى العمل من رصف الطريق على احدث الأساليب, بعد مجهود شاق كلفتة 100الف جنيه. الطريق يقسم الحوطة وكان هذا الطريق بمثابة العصا السحرية التي حولت قوافل الجمال الى قوافل للسيارات, مختلفة الأنواع والإحجام , تسير على الطريق وهي مشحونة بالخضر تنقلها الى عدن, التي تبعد 25ميلا عن لحج , ويرجع من هناك محملة بالمصنوعات التي يعاد تصديرها على ظهر السيارات الى تعز باليمن , وتبعد 100 ميل عن لحج , عبر طريق شاق غير معبد , ان الطريق المعبد يمتد فقط من عدن الى الحوطة عاصمة لحج . وهذا الطريق يقسم مدينة الحوطة الى نصفين, وعلى جانبه تصطف مئات المتاجر الصغيرة المتلاصقة التي تبيع الجلود ,والحقائب المعدنية, والفواكه, والمعلبات , والنعال وغيرها . والى جانب المتاجر تصطف المقاهي التي تنطلق من أجهزة الراديو فيها أغاني مطربي الجنوب العربي ,فتملا الطريق ضوضاء , فوق ألجلبه التي تسببها العربات التي تجرها الجمال , وأصوات بائعي الفل والكاذي الذين يحتلون مداخل أسواق الخضر. الكادي .. والند .. والمعسلة ! ان الفل والكادي , وهو غصن شجرة له رائحة طيبة, من الحاجات الأساسية عند المرأة فهي تتجمل بهما فتضعهما في شعرها وعلى ملابسها .... وقد ورثت المرأة اللحجية من جدتها حبها للتعطر والتطيب بمختلف الطيوب التي تصنعها بنفسها داخل منزلها ... وأشهر الطيوب المنزلية هما الند والمعسله... ويصنع الأول من خلط المسك بقليل من السكر وعود الصندل , تطبخ على النار ثم تجفف وتستعمل في البخور ... أما المعسلة فتصنع بدق السكر مع الصندل والزعفران, وبعد طبخ الخليط على النار يترك ليجف, وبعدها تتبخر به المرأة ! والمراة اللحجية مازالت حتى ألان تعيش على نفس النمط الذي كانت تعيشه جدتها ! فما تكاد الفتاة تبلغ الثانية عشرة من عمرها حتى "تتشرشف" أي تغلف نفسها بالعباءه السوداء وتسمي"شرشف" في لحج وتغطي وجهها بالقناع الأسود , ويسمونه " المقرمة"! وتعيش المرأة اللحجية في فراغ ثقيل قاتل خلف أخشاب نافدتها , تنظر الى الأطفال يلعبون في الأزقة الرملية المحيطة بمنزلها , والى جوارهم مجموعات من الماعز الأسود تلتهم كل ما يصادفها من أوراق أو مهملات ... تعليم الفتاة بدأ بخدعة ! وقد ظلت الفتاة اللحجية بعيدة عن مقاعد التعليم حتى عام 1957م, ففي هذا العام جرى استعراض عام لطلبة المدارس .... الموكب اندست 11فتاة صغيرة بين مجموعات الطلبة, وسرن وكأنهن يمثلن أول مدرسة للبنات ! فقوبلن من المتفرجين بالتصفيق الحاد .... وكانت هذه البداية ,اذ بدا بعدها تعليم الفتاة, الذي ظل يتطور ويتطور حتى أصبح عدد التلميذات اليوم 632 تلميذة. لقد وصل التعليم الى ذروته في لحج خلال العام الماضي اذ تقدم 1700 طالب مستجد للالتحاق بالمدارس ... وقد ترتب على قبول هذا العدد الضخم – نسبيا - ان أصبحت الدراسة تتم على فترتين صباحية , وأخرى مسائية للتغلب على أزمة مباني المدارس . المتعلمون 6% فقط ان عدد سكان لحج 45الف نسمة تقريبا , لا تزيد نسبة المتعلمين عن 6% فقط, يشغلون مختلف الوظائف في السلطنة , اذ ان لحج تتميز عن غيرها من الإمارات والسلطنات بموظفيها المحليين المختارين من أبناء البلاد نفسها ... وقد لاحظ الإباء ان الشباب المتعلم هو الذي يحتل ....... كانوا يرفضون تعليهم في السابق .. وقد أصبح مجموع عدد الطلبة اليوم 5000 طالب يتعلمون في 27 مدرسة ابتدائية ومدرستين متوسطتين ومدرسة ثانوية حديثة بها فصل واحد... وهناك مدرستان مشتركتان بين التلاميذ والتلميذات لضيق الأماكن ... وقد بدا التعليم الحديث في لحج منذ 21عام على المنهاج المصري , ولكنة اليوم يتأرجح بين المنهاج المصري والمنهاج السوداني ...! ضرائب للتعليم أما مشكلته الرئيسية فهي في قلة عدد المدرسين والمدرسات.... والذين يعملون حاليا هم من أبناء لحج والسودان وسوريا ولبنان والأردن .... وقد شعر المسئولون عن التعليم بأسى عميق عندما ألغيت المنح الدراسية التي كانت الكويت والعراق قد خصصناها لأبناء لحج . ولكن كل هذه المصاعب لم تثبط عزيمة الأهالي , الذين مضوا في طريقهم وكونوا مع المسئولين" هيئة التعليم الأهلية اللحجية" لتتولى فتح المدارس والمعاهد الجديدة , وإتاحة الفرصة إمام اكبر عدد من أبناء لحج للدراسة العالية... وميزانية هذه الهيئة تأتي من ضرائب مباشرة على الشعب يؤديها الجميع عن طيب خاطر , فمثلا كل شخص مسافر في سيارة من لحج الى عدن , علية دفع مبلغ 20سنتا , لمساعدة ميزانية الهيئة, فتتجمع من هذه الضريبة حصيلة تصل الى ما قيمته 650 دينار شهريا .... وفي مطلع كل شهر يدفع كل موظف 1% من راتبه للهيئة ومجموع حاصل هذه الضريبة 100 دينار شهريا.... وكذلك كل من يدخل السينما يدفع 10% من ثمن التذكرة كضريبة للتعليم ... وتمد الحكومة الهيئة التعليمية بإعانة قدرها 5000دينار سنويا ... ويجبى على كل قنطار قطن ضريبة مقدارها سنت واحد, وهذه تأتي بريع يتراوح مجموعه بين 5و6الف دينار سنويا , تخصص كلها للتعليم . القطن مكان الذرة وهذا المبلغ الذي يتجمع من ضريبة القطن يبين لنا مدى أهمية هذا المحصول في البلد… لقد احتل القطن مركز الصدارة على سائر المحصولات ابتداء من عام 1955،وأحدثت زراعته تغييرا جذريا في مختلف نواحي الحياة في لحج بعد ان ترك المزارعون الدرة والمحاصيل الفقيرة الأخرى،واتجهوا نحو القطن،حتى وصلت مساحة الأرض المزروعة منة 14 ألف فدان،تعطي 14الف بالة سنويا، تزن أكثر من خمسة ملايين رطل انجليزي،كلها من نوع القطن الطويل التيلة. وتقوم لجنة الإنعاش الزراعي، المكونة من الملاك والمستأجرين برئاسة السلطان، بشراء القطن مع بذرته من المزارعين بسعر66 سنتا للرطل الواحد، وتنقله الى المحلج الذي يضم30 مكنة، وبعد حلجه ينقل بالسيارات الى عدن ومنها يعبر البحر بالبواخر الى انجلترا وهولندا والهند وجنوب افر يقيا حيث يباع بسعر بورصة ليفربول... ويقسم الفرق بين ثمن الشراء والبيع الى ثلاثة أجزاء متساوية: جزء يضاف لرأس مال لجنة الإنعاش، وجزء يعطي للمزارع كأرباح، وجزء يصرف على المشروعات الزراعية... وبهذه الوسيلة تم تغطية ثمن المحلج في عام واحد، وأعطيت القروض للفلاحين فأقاموا400مضخة للماء، كما تم بناء سد رأس الوادي. استصلاح الأراضي ان مساحة الأرض المزروعة في لحج هي 30 ألف فدان اى نصف مساحة الأرض الصالحة للزراعة هناك... وكان الإقطاع هو النظام السائد ، وكان الفلاح يعيش في ظل أوضاع شاده.. ثم بدأ التفتح والوعي ينتشران بين مختلف الفئات، ومعهما بدأت تظهر مشاريع لاستصلاح الأجزاء المهملة من الارضى الزراعية، وفي مقدمتها مشروع منطقة الفيوش الذي سيحيى ألف فدان، سيتم تقسيمها الى قطع مساحة كل منها خمسة أفدنة سوف يتم تأجيرها بإيجار اسمي لمائتي عائلة.. وقد كان الأصل تمليك الفلاح للأرض التي سوف يزرعها... وقد أوشك العمل على الانتهاء من استصلاح هذه الأراضي التي وضعت عليها مضخات كبيرة تستطيع سحب 70 إلف جالون ماء في الساعة من باطن الأرض.. وهناك مشروعا ((الدرب)) و ((جعولة)) لاستصلاح 400 فدان أخرى، وكلها سوف تروى بمياه الآبار الارتوازية التي تعمل بالمحركات الكهربائية.. الآفة الكبرى في لحج وليس معنى هذا ان لحج تخلو من الينابيع الطبيعية ، بل على العكس، فمنطقة بساتين الحسيني ، شمال الحوطة، تزخر بالينابيع التي تتدفق مياهها فتروى أشجار البساتين وتحيل المنطقة الى منتزهات كبيرة ، هي بمثابة رئة يتنفس منها أهل لحج وأهل عدن أيضا، من خلال أوقات فراغهم وعطلة نهاية الأسبوع. ويحلو للكثيرين منهم عقد مجالس القات تحت ظلال الأشجار، مخالفين بذلك الأساليب المتبعة في مجالس القات بالبلاد المجاورة... ففى اليمن تعقد هذه المجالس داخل غرف زجاجية عالية تسمى((المنظر)) ... وفي عدن تعقد في قاعات فسيحة مغلقة تسمى((المبرز)). وقد اخدت قصة القات في لحج شكلا جديدا منذ ان بدأت حركة مقاطعة القات " الهرري" الذي كان يأتي يوميا على متن طائرتين من الحبشة لسد حاجة أهالي لحج وعدن .... لقد استغنى من هذا القات الهرري , الذي يعتبرونه من افخر الأنواع , واستعيض عنه بالقات اليمني المعروف بالقات الصبري, أي المزروع في جبال صبر المطلة على تعز, ومعه القات المزروع في إمارة الضالع ... ان القات هو الآفة الكبرى التي تعاني منها لحج ,ففيه شقاء 80% من سكان البلاد الذين يمضغونه يوميا, مضحين بكل شي في سبيله, حتى ان الموظف الذي يتقاضى 15دينار شهريا ينفق منها ما يقرب من عشرة دنانير لشراء القات ! القات منبه , وليس مخدرا وما يكاد الظهر يحل حتى تصل ثلاث سيارات نقل كبيرة من اليمن محملة بالقات... فيتهافت الناس على شرائه ويحمل الواحد منهم "الزربه" أي اللفة, وتتكون من عشرة عيدان صغيرة ثمنها 6شلنات , يحملها في يده مزهوا وهو يسير في طريقة الى مجلس القات ! ... ان تجارة القات هي التجارة الوحيدة التي لا تبور في لحج ... فما تكاد الساعة تصل للثانية حتى يكون السوق قد انتهى, ووقفت الحركة والبلد, وأقفرت الشوارع... وتحت ظلال أشجار مزارع الحسيني يجلس الناس متكئين على الوسائد , ويخرج كل منهم لفته , وبدا في انتقاء الأوراق الصغيرة الخضراء من أغصانها فيمضغها في فمه ويلوكها, ويضل يضع الأوراق واحدة بعد الأخرى في فمه حتى تصبح على هيئة كرة صغيرة يخزنها بين أسنانه وخده, وبين الفينة والفينة يتناول رشفه من شراب مثلج , ويمر الشراب المثلج على أوراق القات الممضوغة فينتقل عصارتها معه الى داخل جوفه ... فإذا ما استنفدت أغراضها التي بها , وبدا في تخزين أوراق جديدة طازجة ... وهكذا تمر الساعات الطوال والناس يمضغون ويخزنون حتى تغيب الشمس فينتفض المجلس ويتجه كل منهم الى منزلة , وهم منتبه تماما . كيف نقضي على القات؟ وسألنا بعض" المخزنين" عن رأيهم في هذا البلاء, فأجابونا:" نحن اسعد حالا منكم... حقيقة انه مرض ابتلينا به, لكنه اخف مما عندكم من حشيش وافيون وخمور...!" ان الفراغ الكبير الذي يعيشه أبناء لحج هو المجرم الذي يدفع بالناس الى أغصان القات , بالرغم من سخطهم عليه .... وقد حالوا الحد من انتشاره ففرضوا علية ضريبة مرتفعة بلغت جملتها ثلاثة ألف دينار في عام واحد... ولكنها لم نستطع ان نوقف الإقبال الزائد على شرائه ! ويعتقد أهل لحج ان الخطوة الرئيسية للقضاء على القات في الجنوب تستوجب اتفاق بين اليمن وعدن ولحج . وأي صلاح من طرف واحد لن يعطى أي ثمرة او نتيجة . القات ينقد "دار سعد" وقد سبق منذ حوالي عشر سنوات ان منعت سلطات عدن دخول القات الى البلاد ومنعت استيراده .ولكن لحج لم تمنعه . فكانت النتيجة ان اهل عدن اتجهوا بالآلاف الى حدود عدن فعبروها الى قرية "دار سعد" في لحج لمضغ وتخزين القات الممنوع في عدن.. وشهدت "دار سعد"" ازدهارا مصطنعا مفاجئا, وبدأت منازلها تتحول من الخشب والصفيح الى الاسمنت والحديد . وتنبه المسئولون في عدن الى عقم إجرائهم فأعادوا التصريح بدخول القات الى عدن ... وتوقفت السيارات المتجهة الى "دار سعد" وكانت البلدة, التي شهدت هذا الازدهار المؤقت ان تعود الى زوايا النسيان كقرية صغيرة مهملة لولا اهل عدن تنبهوا الى أهمية "دار سعد" كموقع قريب من عدن يصلح لحل أزمة السكن التي يعانونها ... وكانت النتيجة زيادة في الإنشاء والتعمير وازدهارا حقيقا لدار سعد التي كانت قرية صغيرة فأصبحت المدينة الثانية في لحج... ولن يمضي وقت طويل حتى تصبح المدينة الأولى لكثرة العمران وامتداده فيها . مدن وقرى لحج أما بقية مدن لحج فهي شبه معزولة لعدم وجود طرق معبدة توصل بينها , وأشهرها : الوهط , والمجحفة, الحمراء, الخداد, صوبر, جلاجل, الفيوش, الشقعه, الرعارع ,سفيان , القريشي... وتذكر كتب التاريخ ان مدينة الشيخ عثمان , وهي حاليا المدينة الثانية في عدن , كانت ضمن حدود سلطنة لحج حتى عام 1882م عندما باعها السلطان العبدلي بطريقة تجارية بحثه الى سلطات عدن . ويمتد شاطئ لحج حتى باب المندب,وبحارة تزخر بشتى أنواع الأسماك... برميل بارود وسلطان لحج الحالي هو السلطان ابن فضل ابن علي العبدلي , وشغل وظيفة وزير الدفاع في مجلس وزراء اتحاد الجنوبي العربي . اما سلطان لحج السابق فهوا السلطان علي عبد الكريم العبدلي الذي اصطدم مع الانجليز, فكانت النتيجة احتلال الجيش البريطاني لأراضي سلطنة لحج , وإقصاء السلطان علي عبد الكريم عن الحكم ! ان شعب لحج , مثله مثل شعب المنطقة الجنوبية كلها يتطلع الى حياة كريمة يتمتع فيها بخيرات بلادة وقد جاءت قرارات الأمم المتحدة صريحة وواضحة ومؤيدة لرغبته في تقرير مصيره بنفسه . ولكن سياسة بريطانيا التعسفية في عدن تنذر بإحداث جسام في الجنوب العربي كله . |
||||||
12-11-2013, 12:10 PM | #2 | ||||||
مشرف قسم تاريخ وتراث
|
نعم هذا الإستطلاع لدي فعلاً كانت لحج عروس يفوح منها ريح الفل والكادي والياسمين ،رائعة جميلة واحات من الأشجار الباسقة ،والزهور كأنك في الهند بين غابات من الأشجار المورقة ،وبساتين الحسيني تشهد وأشعار الأمير القمندان وغيره ......وبالمناسبة فقد أرتحل عدداً كبيراً من الحضارم خاصة من الأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل كالحرفيين وغيرهم ، بعد وأثناء الحرب العالمية الثانية وقبلها أيضاً إلى لحج نتيجة للمجاعة التي عمت حضرموت خاصة في الأرياف كما يحدثني بعض المعمرين اليوم ،واستقروا هناك وتعلموا في مدارس السلطنة العبدلية وبرزوا هناك كما هو ديدن الحضارمة وتصاهروا واستقروا في الحوطة وبعضهم في مناطق أخرى وذكر لي بعض الأخوة أنه تعرف على بعض من أقاربهم أثناء تأدية الخدمة العسكرية في عقد الثمانينات صدفة أو عن طريق الاسم .
وهكذا أيضا جاء البعض من سكان لحج وأستقروا في حضرموت كجنود في السلطنات وبعد استقلال الجنوب .......ويبقى التواصل والمحبة رمزاً للأوفياء، والدنيا ممر والآخرة مقر لك تحياتي ياوادي عمر. |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|