05-12-2002, 07:38 PM | #1 | |||||
حال جديد
|
شرك الدعاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
معنى الدعاء : ( هو استدعاء العبد ربه عز وجل العناية، واستمداده إياه المعونة، وحقيقة إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة. وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على اللـه عز وجل، وإضافة الجود، والكرم إليه ) نواقض الإيمان، عبد العزيز العبداللطيف ص138 . والدعاء يطلق على عدة معان، منها : العبادة، والتوحيد، والنداء، والاستغاثة، والسؤال، والاستعانة وغيرها . فالدعاء إذاً من أَجَلِّ العبادات التي افترضها اللـه تعالى وأعظمها، لذا فقد ذُكر الدعاء في القرآن الكريم في نحو ثلاثـمائة موضع . وقد توعد اللـه سبحانه وتعالى من ترك دعاءه -استكباراً- بدخول جهنم ذليلاً حقيراً، فقال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ( غافر60 ) فسمّى اللـه تعالى الدعاء " عبادة " في هذه الآية، كما سماه ديناً في قوله : { فإذا ركبوا في الفلك دعوُا الله مخلصين له الدين } ( العنكبوت:65 ) . وقد نهى سبحانه عن دعاء غيره فقال : { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين } ( يونس:106 ). وقال رسول اللـه صلى الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل اللـه )) رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح . وقال أيضاً : (( من لم يسأل اللـه يغضب عليه )) حسن رواه الترمذي . وقال : (( الدعاء هو العبادة )) حسن صحيح رواه الترمذي ، أي أنّ الدعاء هو رأس العبادات . وقد أجمع علماء الأمّة على أن من دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير اللـه تعالى فيما لا يقدر عليه إلاّ اللـه عز وجل، كفر وخرج من الملة، سواءً كان المدعو غير اللـه تعالى نبياً، أو ولياً، أو ملكاً، أو جنياً، أو غيرهم من المخلوقات، وإليك أقوال الأئمة في تقرير ذلك : قال الشيخ صنع اللـه الحنفي : (( من اعتقد أن لغير اللـه من نبي، أو ولي، أو روح، أو غير ذلك في كشف كربة، وغيره على وجه الإمداد منه، أشرك مع اللـه، إذ لا قادر على الدفع غيره ولا خير إلاّ خيره )) فتح المجيد صـ164 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( أن من أعظم الاعتداء والعدوان والذل والهوان، أن يدعى غير اللـه، فإن ذلك من الشرك )) الرد على البكري، صـ95 . وقال أيضاً : (( من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك )) درء التعارض1/228 . وقال : (( من جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافرٌ بإجماع المسلمين )) مجموع الفتاوى1/124 . وقال الإمام ابن قيم الجوزية : (( أن من أنواع الشرك طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم )) مدارج السالكين1/346 . وقال الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف : (( أن من سأل مخلوقاً ما لا يقدر عليه إلاّ اللـه فهو من جنس مشركي العرب الذين يدعون الملائكة والأنبياء والتماثيل، ومن جنس سؤال النصارى للمسيح وأمه )) نواقض الإيمان، صـ147 . وقال الشيخ محمد رشيد رضا : (( أن من جعل بينه وبين اللـه واسطة في العبادة، كالدعاء فقد عبد هذه الواسطة من دون اللـه )) تفسير المنار3/347 . وقال أيضاً : (( أن من الناس من يسمون أنفسهم موحدين، وهم يفعلون مثل ما يفعل جميع المشركين ، ولكنهم يفسدون في اللغة كما يفسدون في الدين، فلا يسمون أعمالهم هذه عبادة، وقد يسمونها توسلاً وشفاعة، ولا يسمون من يدعونهم من دون اللـه أو مع اللـه شركاء، ولكن لا يأبون أن يسموهم أولياء وشفعاء وإنما الحساب والجزاء على الحقائق لا على الأسماء )) تفسير المنار5/421 . فلا يزال العلماء على مرّ العصور ينكرون هذه الأمور الشركية التي عمت بها البلوى، واعتقد جوازَها أهلُ الأهواء، ولو تتبعنا كلام العلماء في إنكار هذه المسألة لاحتجنا إلى مجلدات، ولكن ليس هذا محله فالمقام هنا مقام تذكيرٍ فقط، وكما قيل أن البصير النبيل يدرك الحق من أول دليل، واللـه المستعان وعليه التكلان . نماذج من بعض الضلالات : إنّ مما يدمي القلب ويفطره أنّ أولئك الضالّين المضلّين يدسّون سمّهم هذا في الدسم، فإذا بهم يدخلون في أشعارهم وأدعيتهم، التي يدّعون أنّها تقرّبهم من اللـه تعالى وتثبت حبّهم لرسوله العباراتِ الشركيّةَ التي قد لا يفطن إلى حقيقتها الكثير من المسلمين . ومن ذلك قول القائل منهم مخاطباً الرسول : (( ما لي سواك منقذٌ عند الكروب ! )) أي أنّه ليس له من ينقذه إلاّ الرسول ، فلا اعتبار لأحد سواه ولا حتى للـه سبحانه وتعالى ! ومثال آخر قول القائل : (( وأقول جئتك يا طه، إني مريضٌ فاشفني )) . إلى غير ذلك من الألفاظ الشركية والكفرية، التي تروّجها الفرق الضالة في أشرطتها . ولا يدّعينّ مدّعٍ أنّ هذه الأقوال هي من صِيَغ التوسّل التي أجازها بعض العلماء -وحرّمها جمهورهم- فشتّان بين أن يطلب المرء من اللـه بجاه شخصٍ ما، وبين أن يطلب المرء من ذلك الشخص مباشرة ويوجّه له دعاءه أو يشركه مع اللـه تعالى . واللـه نسأل أن يوفّقنا لإخلاص العبادة له ويجنّبنا ما فيه سخطه والخسران المبين . عبد العزيز أحمد / عن مجلة نداء الإسلام |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|