حديث الخميس (( حضـــرمـــوت )) الحلقة الخامســة..!!!

[أبوعوض الشبامي]

.


تكملة لحديثنا السابق حول ديانة حضرموت قبل ظهور الاسلام نشير أنه كانت بجانب العبادات الشركية الوثنية التي تدين بها حضرموت قبل الاسلام كانت المسيحية منتشرة ، وكما يبدو انها جاءت بعد وجود الاحباش لليمن وجنوب الجزيرة العربية ، أما اليهودية فكانت منتشرة بين قبائل كندة ، قال صاحب كتاب بلوغ الأرب بعد أن ذكر ماكانت عليه قبائل العرب من الدين (( إن اليهودية كانت في بني كتانة وكندة )).
وقال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ج2 ص 166 (( إنما سرت اليهودية والنصرانية في كندة من حمير جارتها باليمن )) .

وكما كانت اليهودية شائعة في حمير فإنها كانت شائعة في قبيلة كندة ، وقد روى الحافظ ابن حجر في ترجمة محمد بن الاشعث الكندي ماروى سليمان بن يسار قوله : (( أن محمد بن الأشعث بن قيس أخبره أن عمة له يهودية ماتت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وسأله أن يرثها )) - تهذيب التهذيب ج9 ص 55.

وجاء في ذكر النسوة الحضرميات اللواتي شمتن بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وكتب سيدنا ابوبكر رضي الله عنه بقطع ايديهن وأرجلهن (( هر بنت يامين اليهودية )) وكانت مع الذين تحصنوا بالنجير حين تحصنت كنده بقيادة الاشعث بن قيس ومن معه من المرتدين .

وكانت وشائج العلاقات بين قبيلة كندة وقبيلة بني قريظة اليهودية وشائج قرابة ومصاهرة وتواصل وهذا ما ذكره العسقلاني صاحب كتاب (( الاصابة في تمييز الصحابة )) قال في ترجمة أبي مالك القرضي والد ثعلبة (( ذكره الواقدي وقال انه قدم من اليمن وهو على دين اليهودية فتزوج إمرأة من بني قريظة فأنتسب فيهم وهو من كندة وقيل اسمه عبدالله )) الاصابة الجزء 6 ص 357.

وكان الملك قيس بن معد يكرب والد الأشعث يهوديا ، وجاء أنه هاجم قبيلة المراديين يوم جمعة ، وكان بينهم هدنة الى اجل ينتهي يوم السبت ، فغزاهم في آخر يوم من الأجل غدرا فقالوا له : لقد بقي من الأجل يوما ولما كان يهوديا قال لهم : لايحل لي القتال غدا .

تلك كانت صورة المجتمع الحضرمي قبل ظهور الاسلام ، ويتضح لنا منها أن المجتمع الحضرمي في حالة فقدان لأشكال الوحدة العقدية ، فكانت الوثنية الجنوبية العربية هي السائدة ، وهي ضمن تراكمات تاريخية وحضارية أرتبطت بالتطور العقدي التي ارتبط بالتطور الحضاري للمالك الحضرمية القديمة . وبجانب تلك الاعتقادات الوثنية الشركية كانت جزءا من كندة من أتباع الديانة اليهودية ، وليس تهود كندة لأسباب عقدية خالصة وصادقة ، بل كانت تقتضيها ظروف الصراع والبحث عن تحالفات قوية مع جارتها حمير ، وكانت ايضا جزءا من حضرموت (( القبيلة )) من اتباع الديانة المسيحية ولتفس الغايات والاهداف السابقة .

وقد أدى الصراع السياسي بين حضرموت وكندة الى تدخل الحميرين في خريف 518م وقد كان الهدف الرئيسي لهذه الحملة الحميرية مدينة الهجرين الواقعة في وادي دوعن ، وقد كانت كما يرجح المؤرخون انها من مراكز الموحدون التصارى (( المونو فيزييون )) وهم القائلين بالطبيعة الإلهية للمسيح .

وكانت هناك علاقة وثيقة بين مسيحيي سوريا ومسيحيي حضرموت وذكرت كتب التاريخ أنه في فترة اضطهاد المسيحيين في حضرموت قتل القسيس النجراني (( مارتونا فوما )) وبعد اجراء التحقيق مع الطفل النجراني ذي الثمان سنوات ، اعلن ذو نواس أن والد هذا الطفل المسيحي اصله من حضرموت (( تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الاسلام )) فرانتسوف ص93....!!


لنا تواصل معكم في حديث قادم من احاديث الخميس .




.