الأحزاب اليمنية وتمثيل الجنوب في التسوية السياسية
عبدالله باكرمان أثبتت الأحزاب اليمنية، في الحالة اليمنية الراهنة، أنها عبارة عن أحزاب أشخاص وعائلات وأنها ليست أحزابا سياسية وطنية حسب المفهوم الحزبي السياسي، بل أنها لا تكاد أن تكون منظمات أو حتى جمعيات، إلي جانب أن هذه الكيانات التي يدعونها أحزابا مجازا، هي عبارة عن استنساخ مصغر لحزبي المؤتمر والإصلاح، وذلك لإرباك اللعبة السياسية واستحواذها على الساحة من قبل هذين الحزبين، بعد أن تم تفكيك ومسخ الاشتراكي وتدجينه لصالح الشمال، رغم أنه الحزب الوحيد الذي يمكن أن نطلق عليه حزبا سياسيا وطنيا والمنطلق من تاريخه العريق، والذي تم إقصاءه وتهميشه بعد هزيمة الجنوب في حرب 1994م، حيث كان قادة الجنوب هم أنفسهم قادة الاشتراكي حينها، ولقد حاول الحزب البقاء في الساحة اليمنية مقاوما محاولات وأده والقضاء عليه ، ولكنه لم يستطع المقاومة كحزب فاعل، فلجأ على مضض إلى تحالفات مع كيانات حزبية أخرى للحفاظ على كيانه التنظيمي، ولكنه أصبح تابعا لا حول له ولا قوة، وعليه فإننا نستطيع القول بأن جميع هذه الأحزاب تمثل الشمال فقط، ونستطيع الجزم بأنها ليس لديها أية رؤيا وطنية، بما فيها الأحزاب التي تدّعي تبنيها التوجهات الإسلامية والقومية، بل أن مناطق اليمن الأخرى وخاصة مناطق الوسط يتم تمثيلها داخل هذه الأحزاب بشكل ديكوري فقط، ناهيك عن الجنوب الذي كان دولة ودخل الوحدة كشريك فأصبح لا صوت له سوى أصوات أعضاء هذه الأحزاب المنتمين مناطقيا للجنوب ولكنهم عبارة عن ديكورات داخل أحزابهم يمررون سياسات هذه الكيانات ألمسماه أحزابا والتي تنتهج رؤيا مناطقية بل شخصية لصالح قيادات هذه الأحزاب العائلية والتي تسعى جاهدة لصهر الجنوب ومسخ هويته وتوظيفها لخدمة هذه القيادات، ومن خلال مايعتمل اليوم على الساحة اليمنية، والحرب الظالمة التي شنها تحالف الشمال الجديد على الجنوب ومحاولة احتلاله مرة أخري من قبل هذا التحالف على الجنوب، ومقاومة أبناء الجنوب لهذا الاحتلال ودحره وخروجه مهزوما من المحافظات الجنوبية، فإن الجنوب اليوم سيرفض أي حلول ترقيعية تحاول أحزاب الشمال تمريرها، بأسم الشرعية وبناء الدولة الجديدة، وأن أي تسوية سياسية يجب أن تنطلق من أن الجنوب كيان مستقل بذاته كدولة، والذي على أساسه من الممكن أن يأتي الحديث عن حل القضية الجنوبية، وكذلك التسوية السياسية في اليمن من خلال ما سوف يتم طرحه على طاولة حوار بين الأطراف اليمنية، ككيانين جنوبي وشمالي، وبلورة شكل الدولة المستقبلية لليمن، تحت مسمى الدولة الاتحادية، أو أي مسميات أخرى.