10-20-2007, 08:36 AM | #1 | |||||
حال قيادي
|
مسلسل باب الحارة - متابعات ماذا كتبوا عنه
دمشق القدس العربي ـ من أنور بدر:
ربما لا تتفوق دمشق علي باقي عواصم المدن العربية من لبنان إلي فلسطين في متابعتها لمسلسل باب الحارة في جزئه الثاني، كما تشير تقارير الإحصاء التلفزيوني التي اعتمدتها قناة mbc لتبرير شرائها مُسبقاً حقوق بث الجزء الثالث من هذا العمل وللمخرج بسام الملا حصرياً، باعتباره يحتل المركز الأول في المتابعة العربية، بل تضيف هذه التقارير أنّ باب الحارة حتي في منطقة الخليج العربي احتل المركز الثالث في المتابعة بعد مسلسل طاش ما طاش و بيني وبينك .
وربما يكون المسلسل الأول في المتابعة علي الانترنت حيث أثار الكثير من التحزبات الرقمية بين مؤيد لبراءة أبو عصام أو شاك به، وبين ممتدح للعمل أو هجاء له. وكان للصحافة الورقية مساهمتها في هذا السجال، دون أن يغفل أحد حتي من منتقدي العمل كثافة المتابعة الجماهيرية له، والتي وصلت حد التوقف عن العمل، خلو الشوارع من المارة، إغلاق المحال التجارية، الصمت داخل المنازل، بل يعترف الشيخ صلاح كفتارو والذي يدير مجمع أبو النور العلمي بدمشق أنّ المجتمعات الدينية في سورية تنهي صلاة التراويح وتتجه فوراً لمشاهدة باب الحارة مُضيفاً أنه من مشاهدي هذا العمل. بل وصلت المبالغة في المدن الفلسطينية حد اختصار صلاة التراويح للحاق بالمسلسل. وفي بيروت اعترضت سيدة شيعية علي خطاب السيد حسن نصر الله الأخير لتوقيته مع زمن عرض باب الحارة . ولم يتوانَ أحدهم في رام الله من تسمية محله كوفي شوب وانترنت باب الحارة علي ما بين التسمية ونشاط المحل من مفارقة بين التراث والمعاصرة. هذا الشكل من المتابعة يُحيلنا إلي طريقة استقطاب الشارع العربي لمتابعة خطابات عبد الناصر الإذاعية في ستينات القرن الماضي، بصمت واهتمام قلّ نظيرهما فيما بعد. ومع تنافر المثالين في مسلسل باب الحارة وشخصية عبد الناصر إلا أنّ دوافع المتابعة الجماهيرية لكليهما تبدو واحدة في مستوي ما، هو مستوي البحث عن الزعيم، القائد، القيم، الرموز والدلالات التي تغطي علي مظاهر ضعفنا وعجزنا. وهي التعبيرات التي وصلت ذروتها الدرامية في قوة النوستالجيا الباحثة عن ذكورية مفقودة، تؤكد ذاتها في الشوارب، في اضطهاد النساء، في العنف تجاه الآخر، وفي دلالة الباب تجاه هذا الآخر. وإذا كانت لاءات عبد الناصر بعد هزيمة الـ (67) قد عززت من الكاريزما الجماهيرية المتعلقة به، فإنّ عملية تهريب السلاح إلي ثوار فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي لعبت الدور نفسه بالنسبة للمسلسل. مع الاعتراف بوجود غوايات أخري بصرية ودرامية قد تتقاطع أو تتغاير مع ما ذكرناه سابقاً. وأهم هذه الغوايات تكمن في بُنية ومعمار الحارة الشامية، والتي تشكل نموذجاً للعمارة العربية الإسلامية التي انقرضت في الزمن الراهن، وتحولت بقاياها إلي متاحف وبيوت عامة للفن والسياحة أو حتي مطاعم. خاصة وأنّ العمل الدرامي نجح بإيصال رسالة إلي المشاهد تقترن فيها صورة هذه الحارة بجملة من القيم المفقودة في عالمنا المادي كالمروءة والشجاعة والتكافل الاجتماعي، وفق نموذج بافلوف الشهير. لكن السؤال القائم لماذا لم تنجح باقي مسلسلات الحارة الشامية ك جرن الشاويش للمخرج هشام شربتجي و الحصرم الشامي لسيف الدين سبيعي بتحقيق المعادلة السابقة؟ دعونا نعترف أنّ هذه الموجة من مسلسلات الحارة الشامية القديمة بدأت مع المخرج بسام الملا في مسلسل أيام شامية واستمرت معه في ليالي الصالحية ثم باب الحارة ، ومع أنّ هذا العمل الأخير لم يرق لمستوي سابقيه إلا انه نال عليه ذهبية تونس لمهرجان الأعمال الدرامية والإذاعية، بينما لم يحظ بذات الأهمية في مستوي المتابعة بالقياس لباقي الأعمال الدرامية المعاصرة كما حصل مع مسلسل غزلان في غابة الذئاب . فكيف نفسر هذه الظاهرة وقد جاء الجزء الثاني من باب الحارة نسخة كربونية عن الجزء الأول في ديكوراته وشخصياته، بل كثير من المتابعين اعتبروه أسوأ في رسالته المتعلقة بصورة المرأة في ذلك العصر، خاصة وأنه استبدل الحبكة الدرامية للعمل من ضياع بعض شعرات من شوارب أبو محمود الفوال أثناء رهنها مقابل مبلغ من المال، بطلاق أبو عصام الحلاق عباس النوري من زوجته صباح الجزائري لأنها قالت له كلمة فشرت في مشادة عادية ضمن علاقة زوجية، ونلاحظ في كلا العملين أنّ الإشكالية التي يدور حولها العمل يمكن اعتبارها إشكالية شخصية من جهة، وتافهة أو هي خارج سياق العصر والحياة وهموم الناس من جهة ثانية. فكيف استطاعت أن تشد اهتمام الجمهور عبر بناء درامي من ثلاثين حلقة؟! قد يتحدث البعض عن حرفيّة المخرج في التعاطي مع هذه النوعية من المسلسلات، وقد يُشير آخرون إلي إيمانه بقيمة البيئة الشامية واحترامه للقواعد التي تحكمها، مع أننا نري في هذا العمل تقزيماً لتلك البيئة وقيمها في رموز لا تحمل مقومات البطولة إن صح التعبير. فدمشق التي يتحدث عنها العمل في ثلاثينيات القرن الماضي كانت تعج بالمدارس و المعاهد الأكاديمية، ومع ذلك لم نرَ في هذا العمل بجزأيه شخصاً متعلماً واحداً، لم نشاهد رجلاً واحداً يلبس غير اللباس التقليدي، لم نشاهد مطبوعة واحدة كتاباً أو صحيفة ، لم نشاهد أي مؤشر عصري لتلك الحقبة كالفونغراف أو سواه. حتي مسألة الحجاب وأزياء النساء خضعت لمغالطة أيديولوجية، فهناك صور وثائقية لمسيرة نسائية في تلك الحقبة من الزمن لا توجد بينهن أية امرأة محجبة، مع أنّ النساء اللواتي خرجن في هذه المسيرة لا يمثلن عوام المرأة، بل يُمثلن العائلات الدمشقية العريقة. كذلك في صورة أخري لأول وفد نسائي ذهب إلي القاهرة لحضور أول مؤتمر نسائي. وما أهميّة القيمة التي تُشيّء المرأة في عبارة الرّجال ما بيزعل علي شي في منو كثير، وأحسن منو كمان! ، وما أهمية القيمة في مشهد اجتماع الحارة لقتل أحد الأشخاص صعد إلي سطح منزله لتركيب مزراب دون أن يقول يا الله..يا الله أو أنه قالها ولم يسمعه الجيران. حتي في المستوي الفقهي هناك مغالطات: فالطلاق في المرة الأولي والثانية لا يحتاج إلي عقد جديد طالما أنّ المرأة ما زالت في هامش العدة، وحتي مفهوم الطلقة الثالثة. فهناك أحد المذاهب لا يجيز الجمع بين الطلقات الأولي والثانية والثالثة. مع الاعتراف بأنّ أكثرية المسلمين ذهب مع المذهب الحنفي في وجوب الجمع بين هذه الطلقات. أية حارة هذه التي لا يأتيها الباطل إلا من خارج الباب. الأيد عشري في الجزء الأول و صطيف في الجزء الثاني، هما الشر المطلق وسبب كل المشاكل، حتي أنهما مشوهان خلقيا، وبعيدان عن الكمال والجمال الذي ينتشر في الحارة، وأية حارة هذه التي لا تعرف ما يدور خارج أسوارها إلاّ في شخص العكيد أبو شهاب سامر المصري الذي يسافر إلي حلب ويمكث شهرين ريثما تسمح تركيا بوصول دفعة من السلاح يقوم بتهريبها من شمال سورية إلي جنوبها في فلسطين. ويتبرّع كبار التجار بالمال بينما يقعي باقي الرجال خلف نسائهم! مع أننا نشك بأن عكيد الحارة من يقوم عادة بالتهريب، كما نشك بأن التجار هم الأكثر وطنية. أعتقد أنّ متلازمة الخوف من الخارج والتعاضد مع المقاومة الفلسطينية هي التي أعطت لباب الحارة هذه الكاريزما، وهذا الجمهور من المتابعين. وهي التي دفعت الشيخ صلاح كفتارو لتكريم مخرج العمل وأبطاله، لأنّ هذه الأعمال أعادتنا إلي التراث والأصالة التي تواجه العولمة الغازية الهوليودية . وهي التي دفعت قناة المنار لتنظيم برنامج أثناء العيد باسم باب العرب يستضيف فيه العقيد أبو شهاب سامر المصري عبر حلقتين أربع شخصيات من رموز المقاومة في مصر وفلسطين وسورية ولبنان. كثيرة هي المؤشرات التي تنداح من باب الحارة علي دلالات المحتفين به، والمتابعين له، والذين عزّ عليهم استنهاض رمز مقاومة أهم من أبو شهاب، ومطالب إغلاق الحارة بوجه الآخر أياً كان. مع أنّ دمشق تحديداً وفي بدايات القرن العشرين كانت ما تزال مدينة تجارية مفتوحة باتجاه كل قادم إليها، وما أسواقها وخاناتها الباقية حتي الآن إلا دليلاً علي تلك المغالطة التاريخية. |
|||||
10-20-2007, 11:15 PM | #2 | |||||||
حال متالّق
|
مشكور اخي غالي على الموضوع الطيب
لا تحرمنا جديدك |
|||||||
10-21-2007, 01:22 AM | #3 | |||||
حال قيادي
|
شكرا لكِ وعلى مرورك العطر.
|
|||||
11-04-2007, 08:27 PM | #4 | |||||
حال نشيط
|
شكراً لك على الموضوع ...
|
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
وصف من يتمنى هزيمة الجيش باللئيم، وقال: ليس جيش علي عبدالله صالح، ماذا بعد لا سمح الل | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 2 | 09-29-2009 12:41 AM |
|