امراض اجتماعية تحتاج الى علاج

[كلام في محله]

بقلم/ نورباعباد/ جريدة الجمهورية
لا أحب حقيقة إثارة النعرات الطائفية والعرقية والدينية كإنسان تؤمن بأن الله خلق الناس سواسية وأن تعددية الأديان والأعراق والانتماء ينبغي أن تكون في إطار التنوع الثقافي والسياسي والإنساني بما يحقق ثراء إنسانياً يكسب أفراده السعي للتعاون وخلق روح المساواة والعدل وتحقيق تواصل حضاري يخفف على الإنسان متاعب الحياة ويمد جسور التواصل والمحبة بين أفراد الأسرة والمجتمع والوطن، الذي تجمعه تجمعات مختلفة قد يكون عرساً أو مجلس عزاء أو مناسبة اجتماعية كقدوم مولود، عودة من رحلة علاجية ،السفر والحج وغيرها من المناسبات.
هذه التجمعات تحدث في العالم أجمع ولنا أن نتخيل أناساً يلتقون وينفض اللقاء وكل يعود إلى حياته بعد شرب كوب من القهوة أو الشاي وشيء من الكعك والحلويات.
أما نحن في اليمن فحالنا غريب ووقتنا عجيب لا قيمة له عندنا ولو أحصينا قضاء الوقت لوجدنا أن جزءاً كبيراً من العمر يذهب «للشوهة والمجابرة الطويلة» ومايتبعه من ضياع للمال والصحة.. فما إن يكن هناك مناسبة اجتماعية إلا وظلت هاجساً اجتماعياً لكيفية استقبالها.. المهم وسيلة تحقيق وللأسف مكلفة للاحتفاء بهذه المناسبة عبر دواوين القات وماعلى صاحب المناسبة إلا أن يستعد، وهنا الطامة.
أكوام من القات و«مصائب قوم عند قوم فوائد» وخاصة الطبقة الغنية من مجتمعنا حين تحجز مزارع بأكملها لصالح أسرة لعرس ابنها، أو وفاة أحد أفرادها.. أما المصيبة الكبرى فهي مصيبة صاحب الدعوة وخاصة إذا كان ضيق الحال وقليل المال بينما الفوائد عند من ينتهز الفرصة سواء كان يعرف أهل المناسبة أم لا، أما كيف يعرف فإن وسائل الاتصال متاحة منها الأصدقاء، قاعات الحفل، إعلانات الصحف والتلفزيون والإذاعة حيث يمكنه أن يبرمج وقته ويضع في برنامجه أن يضمن قاتاً معتبراً وحضوراً بل ويستطيع أخذ مكان بارز في الديوان ولتحسبه أنه مدعو !!! وقد يكون رجلاً أو امرأة.
هذه صورة من صور الإسراف والمباهاة ولم يستطع مجتمعنا التخلص من أمراضه الاجتماعية بل يؤصلها ويؤسلمها بحجة التواصل والتراحم و...و...و.. وكأنها هي الشكل الثابت لهذه القيم والعبادات مع أنه بالامكان أن يتقرب الإنسان لربه من خلال هذه المناسبات الاجتماعية لتخفيف الذنوب، واحلال البركة.
صحيح أنه لا بأس من دعوة الناس لمشاركتهم فرحة ولكن ليس بهذا البذخ ويمكن انفاق هذه المبالغ في مشاريع خيرية واجتماعية كثيرة والأمثلة عديدة هنا منها:
يتبرع بقيمة القات لصالح ترميم مسجد، مدرسة، بئر...
يتبرع بقيمة وجبة من وجبات الغداء لصالح دعم مشاريع أو شراء معدات لأسر فقيرة تقيم بها مشروعاً تقيها كارثة التشرد أو التسول ويوفر لها مصدر دخل ثابتاً.
هذا غيض من فيض ترى فيه الأغنياء يتباهون والغالب أنه من غير قصد وكونهم أيضاً أسرى المباهاة والعادات والعرف بينما إخوانهم أبناء وطنهم يتضورون جوعاً.. فهل بالامكان تخفيف تلك الفروق التي تولد الحقد والكراهية بدلاً عن تحقيق التقارب والتراحم.. فنحن بشر ومواطنون، صورة الفقر في بلدنا نحن نرسمها وبإمكاننا أن نغيرها وبخير ماننفقه ببذخ لصالح تنمية الوطن، تنمية بشره، رفع رؤوسهم وشحذ هممهم للعمل بدلاً عن توسيع مساحة الفقر وتوسيع الهوة بين أفراد الوطن الواحد.
لنا أن نتخيل ألفاً أو عشرة آلاف مناسبة في السنة كم ستكون تكاليفها!! وهنا على الجميع من قيادات الدولة والأحزاب وعلماء الدين والشخصيات الاجتماعية أن يعملوا على نصح الناس وإقناعهم برفض البذخ وأن تبدأ قيادات الدولة وكبار قيادات القطاع الخاص بذلك لننظر كم ستزرع بسمة فرح وكم ستحفظ أسر من التشرد ونحميها من الضياع وكم هي مقدار المحبة والمودة التي ستسود بين الناس وكم هي الذنوب التي ستخفف عنا.