01-11-2003, 03:05 PM | #1 | |||||
حال نشيط
|
حرب الأفكار هي أصعب حرب تواجهها الولايات المتحدة:
مما لا شك فيه أن الحادث الذي وقع في اليمن الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن مصرع ثلاثة أطباء أميركيين يعملون في مستشفي تابع لإحدى الإرساليات، يثير في المرء أقصى مشاعر الحزن، لأنه وقع ضد أشخاص ضحوا بحياتهم وهم يقومون بمساعدة الآخرين، ولكنه مع ذلك لا يعتبر أسوأ الحوادث التي يمكن تخيلها، وخصوصا إذا ما عرفنا أننا نعيش في الوقت الحاضر عهد حرب غير تقليدية أصبحت فيها حياة كل أميركي موجود في أي مكان في العالم معرضة للخطر·
إن العمل الذي تم ضد الأطباء الأميركيين في اليمن يمثل جوهر الحرب غير التقليدية· بيد أن الأمر يتطلب منا التريث كي نسأل أنفسنا بعض الأسئلة مثل: ألم يكن الرجل الذي قتل هؤلاء الأطباء، والذي أخفى بندقيته في ثيابه بطريقة بدا معها وكأنه يحمل وليدا، إرهابيا، أو مجرما بمعنى الكلمة؟ كيف يمكن لأحد أن يطلق على ذلك الرجل وصف مجاهد ؟ قد يكون بمقدور الأميركيين القيام بتعريف المجاهدين بأنهم إرهابيون ، ولكن ذلك لا يعني أن كل شخص آخر سيقبل بتعريفنا· بل إن الحقيقة هي أن الكثيرين يعتقدون أن الإرهابيين ليسوا مجاهدين فقط، ولكنهم أبطال أيضا بدليل أن اسم أسامة قد أصبح في الوقت الحاضر أشهر الأسماء التي يتم إطلاقها على المواليد الجدد من الذكور في العالم الإسلامي· وتوضح المعلومات المستمدة من نتائج استقصاءات الرأي التي يتم إجراؤها في مختلف دول العالم، مدى حدة المشاعر المناهضة لأميركا، والتي يستمد منها المقاتلون الإسلاميون قوتهم· ففي استطلاع للرأي أجراه معهد جالوب للبحوث على عينات منتقاة من المسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وتم نشر نتائجه في شهر فبراير من العام الماضي، تبين أن 53 في المئة من الأشخاص الذين استجابوا للاستطلاع، ينظرون إلى الولايات المتحدة نظرة غير إيجابية إذ قاموا بوصفها بأنها دولة عديمة الرحمة، وعدوانية، ومفتونة بنفسها، ومتغطرسة، ومتحيزة، ويسهل استفزازها · وفي استطلاع آخر أجراه مركز بيو للبحوث ، نشر الشهر الماضي فقط، تبين أن عدد الأشخاص الذين يؤمنون بذلك قد ازداد· ففي مصر على سبيل المثال، وهي دولة تحصل على مساعدات أميركية قدرها مليارا دولار أميركي سنويا، منذ ما يزيد على ربع قرن تقريبا، تبين أن نسبة من ينظرون إلى أميركا نظرة إيجابية هي 6 في المئة فقط مقابل 69 في المئة ينظرون إليها بشكل سلبي· والسؤال هنا هو: هل ذلك هو صراع الحضارات الذي نبه إليه صمويل هنتينغتون أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد عام 1993؟ والإجابة هي أن الأمر ربما يكون كذلك بالفعل· يقود هذا إلى سؤال آخر وهو: إذا ما كان الأمر كذلك، فمتى ينتهي هذا الصراع؟ في ذلك التاريخ ( 1993)، اعتقد معظم الأميركيين، ومنهم الرئيس جورج بوش الأب نفسه، أننا قد انتهينا من موضوع العراق ولم يكن ذلك صحيحا، بدليل أننا نقوم الآن، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان، بالتأهب لخوض جولة جديدة من الصراع ضد هذا البلد· وحتى بعد أن ننتهي من مهمتنا في العراق، فمن يستطيع أن يقول لنا إلى أي مدى زمني سنستمر في مناوشاتنا مع رجال حرب العصابات؟ كما يمكننا بالطبع إذا ما ثار بركان الغضب في الشرق الأوسط عقب وقوع الهجوم الأميركي، أن نكتشف أن عملية عاصفة الصحراء الثانية ليست سوى المرحلة الأولى من صراع طويل ينتظرنا في المستقبل· سيكون من الغباء بالنسبة لأولئك الذين يكرهون أميركا، أو الذين يكتفون بمعارضة نفوذها في دولهم، أن يرتدوا زيا عسكريا، وأن يعلنوا رسميا، وعلى الملأ الحرب ضد الولايات المتحدة الأميركية··· لماذا؟ لأن أي أحد يقوم بذلك سيتعرض ببساطة للقتل الفوري بواسطة الأسلحة المزودة بذخائر موجهة بدقة عن بعد، دون أن تتاح له فرصة إطلاق رصاصة واحدة فقط ضد أي أميركي· لقد أثبتت وقائع التاريخ القريب -في الحادي عشر من سبتمبر 2001- أنه حتى بالنسبة للأشخاص المصممين على نمطهم الخاص في الشهادة في سبيل مقاومة أميركا، فإنه سيكون من الأفضل كثيرا بالنسبة لهم أن يذوبوا وسط الجموع، في انتظار تحين الفرصة الملائمة للهجوم· لن تكون أفضل فرص الهجوم بالنسبة لأعدائنا أن يقوموا بارتداء زي عسكري، لأنهم إن فعلوا ذلك فسيصبحون أهدافا صلبة ، في حين أنهم لو ظلوا وسط الجموع سيظلون أهدافا لينة مثلي ومثلك ومثل أي شخص آخر· أزعجتنا هذا الأسبوع أنباء عن قيام السلطات الأميركية بحملة بحث واسعة عن خمسة من الأعداء الغامضين يبدو أنهم تسللوا إلى الولايات المتحدة عن طريق الحدود مع كندا، وهو بحث نرى أنه يشبه البحث عن خمس إبر في كومة من القش· الحقيقة هي أن التكلفة التي تتكبدها السلطات الأمنية الأميركية في مقاومة الإرهاب في تصاعد مستمر، حيث يذكر في هذا الصدد أن الميزانية السنوية لوزارة الأمن الداخلي الأميركية تبلغ 38 مليار دولار في الوقت الحاضر، وأنها تتزايد بشكل مستمر· الأميركيون لا يمانعون في تحمل هذه الأعباء وغيرها، طالما أن ذلك سيؤدي إلى تحقيق النصر على الإرهاب حسب ما تعدهم به قيادتهم· لقد أثبتنا قدرتنا على كسب الحروب في صورتها التقليدية، ولكن الحرب التي نواجهها حاليا هي حرب غير تقليدية، فهي ليست حربا يقوم بها جيش ضد جيش، ولكنها حرب ضد التكتيكات، وضد الكراهية، والمعتقدات، والأفكار، وعلينا أن نثبت أننا قادرون على كسب هذه الحرب أيضا· |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حيدر العطاس: نريد دولة اتحادية بإقليمين تزال فيها آثار حرب صيف 94 | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 1 | 11-10-2011 12:15 AM |
إشتراكي ( شمالي يمني) يهاجم القادة الجنوبيين الرافضين لليمننة والاحتلال | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 1 | 02-08-2011 12:37 AM |
صنعاء"اندلاع حرب التمـديد والتوريث د/ أبوبكر بن عبدالله بابكر | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 0 | 12-18-2010 02:55 AM |
اليمن والسعودية : من حرب (الحدود) الى حرب (الطرود)! | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 1 | 11-02-2010 01:46 PM |
الجنوب الجديد (66 سؤال وجواب) للجنوبي / علي هيثم الغريب، | حد من الوادي | سقيفة الأخبار السياسيه | 0 | 10-29-2010 12:35 AM |
|