02-02-2010, 10:40 PM | #31 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
مآثر تريم الإسلامية.. في انتظار قطار التأهيل والاعمار الثلاثاء, 02 فبراير 2010 16:54 حضرموت اليوم /تريم/عبدالله باخريصه منذ أن أعلن رسميا حصول مدينة تريم على لقب "عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010"، ابيضت وجوه اليمنيين جميعا، وبالأخص أهالي المدينة التي يطلق عليها "الغنّاء"، لأنهم وأخيرا أحسوا بل وأيقنوا أن العالم لم ينس مدينة تراثية تقع في وادي حضرموت تأخذ هذا الاسم، وتكتنز بين جنباتها كثيرا من ملامح التراث والتاريخ العتيق، الضارب بجذوره أعماق التاريخ.. وعليه، سارعت اللجان الثقافية والسياحية والعمرانية المعنية للاستعداد لهذا الحدث الكبير، رغم تأخرها بعض الشيء في العمل، إلا أننا وبحق نرى اليوم أن العمل يمضي بالمدينة على قدم وساق، غير أن هذا الأمر هو من الواجب وليس في الأمر خلاف، لكن المفاجأة كانت كبيرة! حتما كبيرة! ليمتعض بعدها كثير من أهالي مدينة تريم وتتحير عقولهم أمام هذا الأمر! "السياسية" لحقت الموكب واستطلعت في شأن المدينة لتتعرف عن قرب عن هذه الأعمال، وهل هي في مكانها أم لا. تريم.. عاصمة إسلامية تريم الغناء، هي مدينة العلم والعلماء منذ القدم، ولسنا هنا بصدد سرد تاريخها الإسلامي الكبير، حيث هو الآخر لا يحتاج إلى تنويه أو تعريف، وهو أيضا أشهر من نار على علم، ولذا خلّف هذا التراث العلمي الكبير جملة من الآثار والمواقع التاريخية الإسلامية من مساجد ومعالم ودور علم ونهضة، مما جعلها أكبر المدن التاريخية والإسلامية في العالم، وتفوز بلقب "عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2010". ما معنى عاصمة للثقافة الإسلامية؟ إن اختيار تريم كان تنفيذا لقرارات المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة للدول الإسلامية، الذي انعقد بالجزائر في العام 2004، حينما أقرت المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة (إسيسكو) ترشيح ثلاث مدن عربية لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2010، لتفوز بها في الأخير مدينة تريم، لفضلها وتاريخها الإسلامي المشرف في نشر الإسلام إلى ربوع المعمورة شرقا وغربا. والقرار في حد ذاته يخص الجانب الإسلامي أكثر منه العربي؛ لأن بالمقابل هناك احتفالات تقام بعواصم الثقافة العربية، وقد حازت عليه العاصمة صنعاء في العام 2004، حيث يهتم هذا الجانب بكل ما للعروبة من صلة، أما العواصم الثقافية الإسلامية فتهتم ما للمعالم الإسلامية ذات الطابع الثقافي من صلة أخرى. ومن هنا، فالأهالي في مدينة تريم أخذتهم الدهشة والعجب، حينما كانت مدينتهم التي حازت على لقب العاصمة الإسلامية لم تهتم الجهات المعنية بالمآثر والمواقع الإسلامية! بل كان الاهتمام وبكثافة بالطابع العربي. سرعة وإتقان في العمل تتسارع هذه الأيام وتيرة العمل بارتفاع في مدينة تريم، وذلك لقرب إعلان احتفاليتها الإسلامية الكبيرة "تريم عاصمة الثقافة الإسلامية"، وقد أخذت الأعمال تنافس بعضها بعضا بين القصور البارزة في المدينة بتزيينها وتشييدها وإعادة إبراز ألوانها ومعالمها التي أخفتها عوامل الطبيعة، والطرقات التي اكتحلت مساحاتها وجوانبها بالإسفلت والرصف الحجري الجميل، ونتمنى أن تستمر في ذلك العمل الجودة والإتقان، حتى تتجنب المدينة وأهلها كل المخاطر، والقدر المحتوم لله. اطمئنان لنجاح الفعالية استبشرت خيرا عندما قرأت حوارا للأستاذ معاذ الشهابي، مدير المكتب التنفيذي لفعاليات "تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010"، بهذه الصحيفة الطيبة في عددها 20854 ليوم السبت الموافق 30 يناير 2010، وقرأه مجموعة من أبناء تريم واستبشروا خيرا لما فيه من اطمئنان بمستوى العمل في المدينة وتعاون أهلها وقيادة المحافظة، كما يتمنى الأهالي أيضا من كل المعنيين بالأمر أن يكون الاهتمام أكثر بالآثار الإسلامية، التي تحمل من الإرث التاريخي ما يؤهلها لأن تكون وجهة لزوار المدينة والباحثين عن التراث. اهتمام بالقصور.. وتجاهل للآثار الإسلامية وعلى أساس تلك الوتيرة العالية هبت الجهات المسؤولة عن إعادة الإعمار والاستعداد لهذه الاحتفالية بتريم بإعادة هيكلة وتصميم وتشييد القصور التراثية في مدينة تريم، والتي من بينها "قصر الكاف" (عشة) و"دار السلام" و"قصر الرياض" وغيرها، وهي خطوة عظيمة، غير أن الدهشة بالمقابل عظمت عندما وجدت الآثار الإسلامية والمعالم التاريخية نفسها بعيدة عن النظر والاهتمام، فهناك أكثر من 40 مسجدا في مدينة تريم، له من التاريخ والثقافة الإسلامية الشيء الكبير لكن لم تعر تلك الجهات الخاصة بالإعمار أي نظرة أو اهتمام، كما أنها لم تُطلَ لأي منها بقعة.. بهذه المناسبة، رغم اعتبارها الأحق بالعمارة دون غيرها من القصور! من جانب آخر فإن القصور التي أعيد تأهيلها هي قصور مازالت تابعة لأشخاص وليس للدولة، وكثير من أوقاف الدولة الأثرية لم تذكر بعد ولم يكشف عنها وعن الحديث عن تاريخها، فهل نسينا أن تريم عاصمة للثقافة الإسلامية؟ أم اختلطت علينا الأوراق لنسحبها إلى عاصمة للثقافة العربية؟! صحابة وعظماء بحضرموت.. أين هم؟ لقد أكرم تراب حضرموت عامة وتريم بشكل خاص بإقدام وحوافر فرسان كثير من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، بل وطابت تربتها بدفن عدد منهم –كما هو في كتب التاريخ– فبعد اعتناق أهالي تريم دين الإسلام، بعد عودة وفد حضرموت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أول عامل على حضرموت من قبله وهو الصحابي الجليل زياد بن لبيد البياضي الأنصاري، وبعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتولي أبي بكر الصديق رضي الله عنه إمارة المسلمين أرسل كتابه إلى لبيد الأنصاري فقرأه على أهل تريم فبايعوا أبا بكر الصديق، وارتد نفر من كندة فقاتلتهم جيوش المسلمين، كما كان لأهل تريم الثابتين على الإسلام دور كبير في قتال المرتدين، وحدثت معركة فاصلة انتصر فيها جيش المسلمين بـ"حصن النجير" الذي يقع شرقي تريم، وخلفت هذه المعركة جرحى من الصحابة فقدموا تريم للتداوي بها فماتت جماعة منهم ودفنوا بها. وعلى هذه الحادثة الإسلامية العظيمة لم نر إلى الآن كثرة اهتمام بهذه الشواهد والأماكن التي حدثت فيها هذه الأمور، رغم اعتقاد الأهالي في تريم بأن الزوار حين قدومهم أول ما سيسألون عنه هذه الآثار الإسلامية الكبيرة وليس على القصور وتشييدها. "مجاري".. ولا غالب إلا الله ونعود أيضا إلى قصتنا القديمة الجديدة، فقبل أشهر حينما بدأ العمل في مدينة تريم ظن الجميع أن أول ما سيبدأ به هي المجاري التي تسيح في الطرقات والشوارع العامة، والتي يأس منها ومن منظرها أهل المدينة، بل وأصبحت عادة لا بد منها –كما قال أحد العجزة حين وقف أمامها ناظرا متحيرا في حيلة يجتاز بها إلى مقدمة الطريق– إلا أننا وإلى اليوم لم نر تحسنا ملحوظا في هذا المجال، رغم كلام الشارع الذي يتوسم إلى اللحظة رغم اليأس الخير في أصحاب الشأن والمسؤولية، ولذا نطلقها صرخة أخرى للالتفات لهذه النقطة، وإلا فإن القذارة والنجاسة طاغية على الأهالي ولا غالب لها من بعد إلا الله. في الأخير.. حبا لتريم لا كرها لها في نهاية المطاف نبقى مع كلمة بسيطة، هي في الأساس رأي شخصي لي، وهي أنه قد سبق وبينت سابقا في استطلاع بهذه الصحيفة القيّمة بعض القصور والتأخير في العمل بمدينة تريم، وذلك قبل أشهر، مما أثار حفيظة بعض الناس وقوبل الموضوع بالرفض والنكران، رغم أن كل الذي بينته هي وقائع واضحة كعين الشمس لا يمكن إنكارها أو إخفاؤها، لكن الأمر يظل بين وجهات النظر، وها نحن اليوم والحمد نرى كثيرا من التقدم في العمل وهذا ما لمسناه، غير أن هذا العمل لا نريده أن ينخرط في طريق التيه، وما المواضيع التي تناولناها في هذا التحقيق إلا ما يرويه الشارع وأهله بل والعقل والمنطق في مدينة تريم، ولذا وكما سبق أن اتُّهِمنا بأننا بكلامنا لا نحب تريم ولا نريد لها الخير.. فأقول وأتساءل: من يحب تريم أكثر من أبناءها وأهلها؟ أم أن من يبصّر الناس عن أمور واقعة في بلده أو منطقته يعتبر كارها لها؟! فتريم بجهود أبنائها وتعاون محبيها من كل محافظات الجمهورية اليمنية الحبيبة هم من سيبنيها ويستقبل زوارها ويحافظ على ممتلكاتها. |
||||||
02-03-2010, 01:28 AM | #32 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
وزير الثقافة يختزل تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010 م في اربعة مجسمات سيئون / حضرموت برس /خاص التاريخ: الأربعاء 03 فبراير 2010 - 4:06 صباحاًً افاد مصدر إعلامي بمدينة سيئون لـ"حضرموت برس" ان الدكتور محمد أبوبكر المفلحي وزير الثقافة مصر على تجاوز السلطة المحلية بوادي حضرموت من خلال اختيار بعض الكادرات للادارة التنفيذية لفعالية تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010 من خارج المحافظة وهو ماقوبل بالرفض من قبل الأخ عمير مبارك عمير وكيل محافظ حضرموت لشئون مديريات الوادي والصحراء جاء ذلك في اطار لقاء جمع الوزير والمحافظ بمدينة سيئون الاسبوع الماضي لمناقشة فعالية تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م وهو الموقف الذي تفاجئ به الوكيل بوجود نوايا مبيته لدى قيادة وزارة الثقافة في فرض اجندة خارج اطار السلطة المحلية بوادي حضرموت وتمثل ذلك في رؤية الوزير باعتماد تصميم وبناء اربعة مجسمات في مدينة تريم تصل التكلفة الإجمالية لها نحو خمسة وثلاثون مليون ريال في الوقت الذي تحتاج المدينة مشاريع خدمية كمركز ثقافي يليق بمكانتها التاريخية في عمق الثقافة الإسلامية ، مراقبون في وادي حضرموت اعتبروا منحى وزير الثقافة واختزاله تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م في اربعة مجسمات هو تشخيص بغيض للبعد التاريخي والوطني للمكانة التي تحتلها تريم بمحافظة حضرموت ليس على مستوى اليمن فحسب وانما على صعيد الوطن العربي والإسلامي |
||||||
02-03-2010, 03:51 PM | #33 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
حضرموت التاريخ حضرموت الحضارة حضرموت الفن حضرموت الشعرحضرموت العسل حضرموت الأدب حضرموت الأمانة حضرموت الخلق الكريم حضرموت التواضع والعشرة الحسنة؟ فليفخرابناء حضرموت بذالك ويحافظون على مكتسباتهم واصالتهم؟ المحضار الكل في الجزيرة العربية خاصة والوطن العربي عامة يعرفون من هوالمحضارومن اين هوالمحضارواين ولد المحضارواين وطن المحضار؟ واين دفن المحضار؟ في الذكرى العاشرة لوفاتة كتب الكتاب والفت الكتب للابن الباروالشاعرالحضرمي المحضار؟ اترككم ان تعرفوماقيل في المحضارعلى هذا الرابط حضرموت والمحضار متلازمان - سقيفة الشبامي |
||||||
02-05-2010, 01:26 AM | #34 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
الحلقه الاولى من اربع حلقات المهاجرين الحضارم وعلاقتهم بالوطن الاصلي ... ماقبل عام 1967 م 2010/2/4 المكلا اليوم / صالح مبارك بازياد قيل قديما لاتشرق الشمس على ارض الا وفيها حضرميا، فاذا كان ذلك في الماضي البعيد فيجدر بنا الان ان نقول لاتشرق الشمس على ارض ليس بها مئات الحضارم وذلك لاشك يدل على انتشار وهجرة الحضارم في مختلف ارجاء المعمورة منذ وقت مبكر وان كان ذلك قيل في وقت كانت حضرموت تمر بمرحله صعبه في تاريخها حيث كان الفقر والجهل والحروب بين القبائل منتشره مما كان احد الاسباب لحدوث تلك الهجرات القديمه ولكن ذلك لايمثل الحقيقه وحدها، فالهجرة الحضرمية طوال تلك السنين الكثيره وما احدثه الحضارم المهاجرون من نجاح في البلدان التي هاجرو اليها الى جانب التاثير الديني والاجتماعي والسياسي في تلك المجتمعات تجزم بان ثمة مزايا يتمتع بها الحضارم ميزتهم عن غيرهم من مختلف الجاليات في بلدان المهجر فقد تحلى الحضارمه بقدرة كبيرة على الاندماج في مجتمعات المهجر وتكيفوا معها كما انهم تفردوا ايضا بارتباطهم الوثيق بوطنهم الام وتواصلهم الدائم والمستمر مع اهلهم في حضرموت ولقد كان لذلك التواصل بين المهاجرين الحضارم واهلهم في حضرموت الاثر البالغ في اعانة السكان في حضرموت حيث كانت احوال الناس في حضرموت تتحسن باستمرار الدعم الحضرمي الخارجي لهم وتسيئ احوالهم عندما ينقص وحتى تنشأ بعض المجاعات وكانت احوال الناس في حضرموت تتغير بتغير احوال مهاجريهم وماحدث خلال الحرب العالميه الثانيه خير مثال على ذلك.(حدوث مجاعة في حضرموت خلال الحرب العالمية الثانية نتيجة لانقطاع التواصل بين المهاجرين الحضارم واهلهم في الداخل). ولم يكن تاثير المهاجرين الحضارم على وطنهم الاصلي مقتصرا على الجوانب الاقتصاديه والخدماتيه والاجتماعية فقط بل امتد الى الجانب السياسي وهو الذي مهد الطريق للكثيري والقعيطي ليقيموا سلطنتيهما في حضرموت، وعلى مدى سنوات طويلة استطاع الحضارم القيام بتدبير شؤنهم وتحديد خياراتهم الدينيه والاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه برغم حدوث بعض الاختلافات في بعض المراحل ولكن سر قوتهم وتماسكهم يكمن في قوة شبكة الاتصال فيما بينهم في المهجر وكذلك مع اهلهم في وطنهم الام حضرموت حيث كانت الثقة والتعاون باديان للعيان بين مختلف الاسر والفئات الاجتماعية ولقد كان المهاجرين ملتزمين وسباقين لخدمة الوطن الام وحرصهم الدائم على تنميتة وازدهارة مبرهنين على ذلك بالدعم السخي اتجاه الداخل والذي لعب دورا محوريا في بقاء حضرموت كيانا قابلا للحياة كما كان يتمتع المهاجرون الحضارم بروح معنوية عاليه واحساس منقطع النظير بالمسؤلية كما كانوا حريصين ان يبقى اسم حضرموت عاليا ساعين باذلين جهودهم في سبيل ذلك. اتجه الحضارم في بدايات هجراتهم الخارجيه صوب جنوب شرق اسيا (اندونيسيا. ماليزيا.سنغافورة) كما اتجه جزء منهم نحو شبة القارة الهنديه حيث نجحوا في الدعوة الى الاسلام كما حققوا نجاحات متميزة في ميادين التجارة والعلم والسياسة وكان لهم التاثير السياسي الواضح على الداخل الحضرمي وانشأو دولتين انذاك(السلطنه القعيطية والسلطنة الكثيرية) بتاثير مباشر واحيان اخرى غير مباشر من المهاجرين الحضارم. اما الحضارمة المهاجرون في دول الخليج العربي (السعودية والامارات على وجه الخصوص حيث يوجد بهما اكبر الجاليات الحضرمية) فقد حققو نجاحات متميزة في الجوانب التجارية واخذ الكثير منهم جنسيات تلك الدول التي استوطنو فيها كما ان غالبيتهم من اهل وادي دوعن المعروفين بخبراتهم العريقة في عالم الاعمال وتمكنوا من اغتنام فرصة الطفرة النفطية التي شهدتها دول الخليج والسعودية بشكل خاص خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي حيث كونوا ثروات مرموقة على المستوى الاقليمي والدولي . ومنهم بقشان وبن محفوظ والعمودي وبن لادن وغيرهم كثير. وخلال السيتينيات والسبعينيات من القرن الماضي ومابعدها اصبح للمهاجرين الحضارم المغتربون في السعودية التاثير الاكثر على الداخل الحضرمي مع كون ذلك التاثير محدودا دونما اثر سياسي او اقتصادي واضح على المدى الطويل وذلك يرجع للتغيير الذي حصل في حضرموت بعد زوال السلطنتين القعيطية والكثيرية واصبحت محافظة حضرموت جزء من اليمن الجنوبي يحكمها نظام اشتراكي ماركسي لاشبيه له في الوطن العربي. تاثير ذلك على المهاجرين الحضارم وبلدهم الام سيكون محور الجزء الثاني ان شالله تعالى. [email protected] |
||||||
02-06-2010, 04:50 PM | #35 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
أعتمد له 360 مليون ولم يرمم بعد قصر المعين بالمكلا يحتضر !!!!فهل من معين ؟؟؟ ومن قصر معمور سابقاً إلى مرتع للغربان 2010/2/4 المكلا اليوم / ياسر لرضي قصر المعين بالمكلا يندب حاله لما وصل له اليوم من إهمال من قبل الجميع وفي مقدمتهم السلطة المحلية بالمحافظة والمجلس المحلي بالمديرية الذي يمثل أبناء المديرية والمتحدث باسمهم, فيبكي كل من رآه من الخارج ، أما من يدخله فيتحول بكاؤه إلى نحيب لا يتوقف بسبب ما وصل له حال هذه التحفة المميزة والتي سميت بقصر 14 أكتوبر بعد الاستقلال تيمناً بثورة الرابع عشر من اكتوبر عام 1963م ، ومازال أسمه كذلك اليوم ، وقصر السلطان أو القصر السلطاني بحسب التسمية الشعبية أو قصر المعين بحسب تسمية من أسسه وهو السلطان عمر بن عوض القعيطي عام 1925م. وبعد الثورة تحول جزءاً منه إلى متحف يضم مقتنيات السلطان وبعض القطع الأثرية التي أدخلت فيه والجزء الآخر تحول إلى مكاتب حكومية بعد الثورة وأصبح هذا الجزء مغلقاً حالياً ، ولم يبقى من قصر المعين سوى المتحف الذي أصبح في حالة يرثى لها. اعتماد مبلغ (360) مليون ريال يمني لغرض ترميم القصر وعند زيارتنا للقصر السلطاني 14أكتوبر بالمكلا التقينا بنائب مدير الهيئة العامة للآثار الذي قال أن الهيئة تتبع وزارة الثقافة والسياحة والتي تشرف على جزء من القصر السلطاني وأكد أنه تم اعتماد مبلغ (360) مليون ريال يمني لغرض ترميم القصر في عهد المحافظ السابق عبدالقادر هلال وبعد تغيير المحافظ هلال لم نلمس أي ترميم لهذا القصر الذي تابعنا مراراً وتكراراً لترميمه ، وليصبح قبلة للسياح الوافدين لمدينة المكلا مثل قصر السلطان الكثيري بسيئون ،ومعظم زوار المتحف حالياً من طلبة المدارس والذين يدخلون مجاناً ونخاف أن يقع على رؤوسهم ورؤوسنا هذا المبنى في يوم من الأيام . إيرادات المتحف (58ألف ريال يمني ) سنوياً لا نستطيع الترميم هذا ما قاله صراحة نائب مدير الهيئة العامة للآثار من إيرادات المتحف بسبب ضعفها وشحتها حيث بلغت إيرادات المتحف السنوية مبلغ (58ألف ريال يمني ) بسبب ضعف إيرادات المتحف والتي يتم توريد (20%) منها لصندوق التراث الذي لا يقدم لنا شيئاً يذكر ، وبسبب العمليات الإرهابية في اليمن تقلص عدد السواح الأجانب بشكل كبير جداً ومثلما ترى أن القصر خاويا على عروشه بالرغم من أن هذه الشهور تعتبر شهور سياحية وهي نوفمبر وديسمبر ويناير،ومعظم مقتنيات المتحف نهبت بعد حرب صيف 94م. وأضاف أنه في عام 2007م قامت منظمة اليونسكو بوضع ( رفع هندسي ) للقصر بالكامل وهو جاهز ولكنه يحتاج إلى تمويل،وآخر بعثة زارتنا مختصة بالآثار عام 2005م بعثة أمريكية وكانت تنقب في (وادي سنا). وبنبرة حزينة يقول نائب مدير الهيئة العامة للآثار أصبحنا اليوم في حالة يرثى لها ونخاف على أنفسنا من أن ينهار المبنى فوق رؤوسنا ونصبح شهداء الواجب دون واجب يذكر ، حتى مسئولي السلطة المحلية لا يكلفون أنفسهم عناء الزيارة للمتحف أو القصر والذين لاتفصلنا عنهم سوى أقدام معدودة هكذا اختتم صالح سعيد العطاس نائب مدير هيئة الآثار حديثه لنا. إن حال قصر المعين اليوم يرثى لها فتحول من قصر معمور في يوم من الأيام إلى مرتع للغربان،وكأنه ينطبق عليه قول الشاعر(ياحصن محلى ركونك...خيفان بعد الزوامل ينعق عليك الغراب). هذا ما وصل له اليوم حال هذه التحفه الفنية التي إن استغلت سياحياً لذرت الملايين من الريالات سنوياً ، ولكن لا حياة لمن تنادي فهذا حال معظم الآثار في حضرموت التي اندثر الكثير منها والآخر في طريقه إلى الموت. لمشاهدة القصر على الرابط التالي المكلا اليوم | تفاصيل الخبر |
||||||
02-09-2010, 10:04 PM | #36 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
على خلفية تغطيتهما لاحتفائية الذكرى العاشرة لرحيل المحضار الثلاثاء , 9 فبراير 2010 م اتحاد الأدباء بالمكلا يتساءل: لماذا يا ملحق الثورة ويا خيل نت ؟ دمون نت / المكلا / خاص : استهجن أدباء ومثقفون ومتذوقون لإبداع المحضار الطريقة التي تعامل بها ملحق الثورة الثقافي (الحكومي) الصادر في صنعاء، وموقع الخيل نت ( التابع للمؤتمر الشعبي العام بساحل حضرموت ) في تغطية احتفالية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمكلا بالذكرى العاشرة لرحيل المحضار التي دشنت بالحفل الفني والتكريمي مساء الأربعاء:3 فبراير 2010 بمركز بلفقيه الثقافي بالمكلا. وتساءل آخرون عن العلة التي تجعل ملحقاً ثقافياً تابعاً لصحيفة حكومية يميل إلى تلفيق الخبر وتزوير الحقيقة بالنبط العريض في صفحته الأخيرة من عدد الاثنين:8 فبراير2010م، فينسب حفلاً أقامه اتحاد الأدباء بالمكلا إلى فرع الاتحاد في سيئون، في الوقت الذي نقل فيه المادة أصلاً من مواقع إلكترونية كانت أمينة في تغطيتها. وفي اتصال مع د.سعيد الجريري رئيس فرع الاتحاد بالمكلا، قال: ليس لدينا تفسير محدد، لكننا نستغرب أن يُجري المحرر قلمه فيضع سيئون محل المكلا، ثم يترك المادة المكتوبة لتفيد بأن الحدث في المكلا!. وأضاف: لقد حرصنا في سكرتارية الاتحاد أن يكون الاحتفاء باسم الاتحاد في حضرموت وليس المكلا أو سيئون، لأن المحضار لا تحده جغرافيا المكان، أو التقسيم الإداري للفروع، لكننا نستغرب أن يعمد المحرر إلى مثل هذا التزوير المتعمد بالنبط العريض. وقال: يبدو أن حرصنا على الاحتفاء بالذكرى قد أغاظ البعض، ولم يرضهم أن نحتفي بالذكرى العاشرة بهذه الطريقة التي تركت صدى طيباً، وبالمناسبة فليس ملحق الثورة الثقافي وحده هو الذي نسب الفعالية لغير الاتحاد في المكلا، وإنما هناك موقع اسمه الخيل نت ( تابع للمؤتمر الشعبي العام بساحل حضرموت) هو الآخر لم يرضه ما أعده الاتحاد بالمكلا لذكرى المحضار، فأخذ تغطية خبرية من أحد المواقع بالمحافظة، وتعمد حذف الجهة المنظمة للاحتفال وهي اتحاد الأدباء بالمكلا. ولأن الشيء بالشيء يذكر كما يقال فقد نسبت صحيفة 26 سبتمبر إلى مدير الثقافة بالمكلا قوله: ( شكلت وزارة الثقافة والمجلس المحلي بمحافظة حضرموت بالتعاون مع اتحاد الأدباء لجنة تحضيرية لإعداد البرنامج الاحتفالي الخاص بالذكرى العاشرة لرحيل الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار الذي سيقام في 11-12فبراير المقبل). وهنا ينبغي لنا تأكيد أن ليس لاتحاد الأدباء بالمكلا أية صلة بأية لجنة تحضيرية في هذا السياق، وأن برنامج الاتحاد (من 3 إلى 10 فبراير ) مستقل وخاص به ومنسق مع السيد محسن بن علي المحضار الذي دعمه وموّله حباً ووفاءً للشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار. وأضاف رئيس الاتحاد بالمكلا قائلاً:إن ما نقوم به من نشاط ثقافي في إطار الاتحاد لا نبتغي من ورائه جزاءً ولا شكوراً، وكنا نحرص على العمل الثقافي بصمت وجدية طوال المدة الماضية وسنظل كذلك، بتآزر المخلصين والحريصين على الفاعلية الثقافية، ونأمل أن يرتقي المشتغلون في الحقل الإعلامي إلى مستوى أمانة الكلمة، شاكراً الصحف والإذاعات والوكالات التي تواصلت مع الاتحاد بالمكلا لتغطية برنامج الاحتفال بالذكرى العاشرة لرحيل المحضار، منوهاً على وجه الخصوص بإذاعتي عدن و المكلا، ووكالة سبأ ووكالة أنباء الشعر العربي، وصحيفة السياسية والثقافية وملحق فنون الثورة ( الذي قدم تغطية منصفة للحفل على عكس الملحق الثقافي ) والمواقع الإلكترونية ولاسيما المكلا اليوم ودمون نت وحضرموت برس وجدارية وعناوين ثقافية وسقيفة الشبامي ومنتديات الشحر وموقع مدينة الشحر ، والحامي، ووادي عمر، والملتقى الثقافي الحضرمي، وسلامتك...إلخ، مؤكداً أن تفاعلهم الأمين يمثل لحظة وفاء منهم للمحضار وإبداعه الخالد. وعبّر في ختام حديثه عن عدم فهمه لأن تصدر صحيفة المسيلة ( في المكلا ) يوم السبت من دون إشارة خبرية للاحتفال الذي أقيم مساء الأربعاء السابق في المكلا وليس خارجها- وهو سبق لها في العرف الصحفي لو أرادت- بالرغم من دعوة محرريها بالاسم وحضورهم الفعلي لوقائع الحفل!!، في حين نشرت خبراً عن فعالية خميسية في غيل باوزير!! وأكد : إن برنامج الاتحاد المتمثل في الحفل الفني والتكريمي للفنانين الذين عاصروا المحضار وترنموا بأغانيه، والكتاب التذكاري ( المحضار بأقلام عشاقه ) ، وأمسية الدان الخاصة بمساجِلي المحضار وكذا المحاضرات في المدارس والاتحاد ، إنما هو جهد المقِل على أية حال، لكنه في ظل غياب الآخرين عن الاحتفال بالمناسبة بدا مزعجاً للبعض - أراحهم الله جميعاً- فعبروا عن شعورهم بتلك الطريقة التي لا تليق إلا بهم، وكل إناء بما فيه ينضح. قال تعالى:أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. روابط: الخيل نت - الرئيسية option=com_content&task=view& id=3007&Itemid=1 http://www.26september.info/ home/index.php?option=com_ content&task=blogcategory&id= 3046&Itemid=148 404 Not Found. php?action=showDetails&id=2780 302 Found. php?name=News&file=article& sid=31319 موقع الحامي - - - www.al-hami.com showthread.php?t=12106 الجمهورية نت - الرئيسية atach.php?id=27795 المكلا اليوم | الصفحة الرئيسية Details.aspx?ID=7057 جدارية.. مجلة ثقافية إليكترونية تصدر من مدينة عدن http://www.salamtk.org//////////// showthread.php?t=7011 مرحبا بكم في موقع الملتقى الثقافي الحضرمي موقع الشبامي saqifa/showthread.php?t=63258 ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ط´ط/////ط± |
||||||
02-15-2010, 12:24 AM | #37 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
الشحر وأسمائها الكاتب عبد الله صالح حداد الثلاثاء, 21 أكتوبر/تشرين أول 2008 10:31 اعتاد أهالي حضرموت ومنهم أهالي الشحر أن يطلقوا أسماء وألقاب لمدنهم وقراهم فمدينة تريم يطلقون عليها ( الغناء ) ومدينة سيؤون يطلقون عليها ( الطويلة ) ، ومدينة شبام ( الصفراء ) ، والديس الشرقية ( وادي عمر ) ، والمكلا ( الخيصة ) ، والبعض من هذه المدن لها أكثر عدد من التسميات ، ولعلنا هنا نحاول أن نأتي على أغلب أسماء الشحر التي اشتهرت بها بين الناس مع ذكر أسبابها إن وجدت ، ومراجعنا في ذالك كتاب الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف المتوفى سنة 1988 م الشحر : و الشحر في الواقع هي المنطقة الساحلية الممتدة بين عمان وأبين ، وينطقا أهالي الشحر بضم الشين وسكون الحاء ، ( شحرة ) وعناها مسيل الماء الجاف ، وذالك لكثرة المساييل الجافة بها ، ولكن بامخرمة في تاريخه يقول : (سميت الشحر لان سكانها جيلا من مهرة يسمون الشحرا ) . ففي فترة من الزمن أستطاع المهرة إخضاع هذه المنطقة الساحلية وأقاموا لأنفسهم على الضفة الشرقية لـمسيال ( دفـيقـة ) سوقا إلى جانب مـن جـبل ( ظبظب ) ، المطل على الشحر من الشمال الشرقي لمنافسة السوق القديمة التي تقام هناك ، وأطلق العرب الذين كانوا يرتادون هذه المنطقة للتجارة اسم ( سوق المهرة ) . ولكنها فشلت ولم تستطع المضي قدما في منافسة السوق القديمة ، ولا نعرف كم عمرت هذه السوق ثم أنهم سيطروا على السوق القديمة واطلقوا عليها أسم الشحر ــ بامطرف (( الشحر )) ــ ولكننا يجب أن نعيد للأذهان أن قبيلة الشحارة تسكن جبال ظفار ، وتتكلم لغة تعرف بالشحرية ، وهي والمهرية والسقطرية تعود إلى أصل واحد ، وهي اللغة اليمنية القديمة ــ بامطرف (( ملاحظات على الهمداني )) ــ فهل كانت قبائل الشحارة تجوب أو تسكن منطقة الشحر وتسمت بالمنطقة التي تسكنها ؟ ربما : أن القبائل كثيرة التنقل ، وان قبيلة غراب التي كانت تسكن حصن الغراب ( بئر علي حاليا ) انتقلت في وقت مضى إلى منطقة شرمة في شرق حضرموت . السوق : وهي أحد الأسواق العربية العشرة الشهيرة في الجزيرة العربية ، كسوق عكاظ بالحجاز ، وسوق صحار بعمان ، وسوق المشقر بالبحرين ، وسوق دومة الجندل بشمال الجزيرة وغيرها ، وكانت سوق قنطرة طليعة للتبادل التجاري بين الهند والخليج العربي ومصر وشرق أفريقيا من جهة وبين المناطق الحضرمية في الداخل ، وكانت تجارة هذه السوق ذات طابع اقتصادي متنوع ، إضافة إلى كونها ميناء مرور ، ولعبة دورا هاما في تجارة اللبان ــ (( السبعة )) أن لفظ السوق ظل لاصقا بمدينة الشحر إلى اليوم ، فأهالي القرى المجاورة والبادية الساكنون حول المدينة يطلقون هذه اللفظة إلى الآن . لقد قال الشاعر الشعبي سالم بن عوض بامساطر بيتيه المشهورين في السلطان عوض بن عمر القعيطي ، حين ما أراد غزو منطقة وادي حجر وضمها إلى سلطته عام 1320 هـ قال الشاعر بامساطر : قل للقعيطي ما كفتك ( السوق ) عادك تبا جحر الزبينة قل له بعد من أرضنا مر فوق هندي ولا نفهم رطينة وياتي ذكر السوق في كثير من الأشعار الشعبية ويصفونها بأنها : سوق سمعون ( سوق الكحيلة ) : وكانت هذه السوق تقام ومخيمات التجار والتجمعات الحرفية تنتشر في المواسم التجارية على طول الساحة الواقعة ما بين مسيال ( دفيقة ) شرقي هذه السهل ، ومسيال ( سمعون ) الواقع غربي هذا السهل ، وعلى ساحل هذه المنطقة يقع مرسى السفن وها هو حالها إلى اليوم . ولما كانت هذا الوادي أو المسيال الجاف المعروف بسمعون التي تقع على دلته حيث يخترقها ويقسمها إلى ثلاثة أقسام ، فقد أطلق الأهالي على مدينتهم أسم ( سمعون ) ، وقيل إن سمعون أسم لملكة قضاعية حكمت قبيلتها الساكنة في المدينة وحولها قبل الإسلام ، بل وقبل أن تفيء كندة إلى حضرموت ، ومنها مدينة الشحر ، وهي بهذا المعنى تكون ( سوق الملكة سمعون ) ولم يكن لفظ الكحيلة ألا نعتا لتلك الملكة التي عرفت بجمالها ، ورد ذلك في كثير من الأشعار الشعبية ومنها على سبيل المثال أبيات قصيدة الشاعر أحمد عبدالله باحميد ( الشحر ت 1327 هـ ) وجهها لصديقه الشاعر الشعبي فرج أحمد بلسود ( الشحر ت 1350 هــ ) ذكر فيها النزاع الذي حدث بين أفراد الأسرة القعيطية الحاكمة ما بين ( 1896 ــ 1902 ) حيث قال : وادخل إلى الشحر ذي منها الشرف ينبع سعاد لي شيد للمولى مبانيها سوق الكحيلة عليها النور يتلمع لي يبست فتنة القعطة مراعيها وقع لها يا رفيقي حال ما ينفع وين المربي الذي هو بايربيه من كثر جور المشقة عينها تدمع ولعاد لحقت مداوي لي يداويها وقال الشاعر الشعبي الشاب ثابت عبد الله السعدي وكان حينها بالمعلا : هنا جسمي وقلبي في الزبية بلا مرصان فيها راصينه كحيلة أسمها والكحل زينه وكل الناس بالزينه يفرحون سمعون : ويحلو للبعض أن يسمي المدينة سمعون فقط ، والأهالي إلى الأن يطلقون على محلاتهم التاجرية والخدمية هذه اللفظة ، فنجد كازينو سمعون ، وأستوديو سمعون وصالون سمعون ومطعم سمعون ونادي سمعون بدلا من نادي الشحر ، وعندما رثى الشاعر الشيخ الأخضر باهرمز السلطان عبد الله بن جعفر الكثيري المعروف بالسلطان العادل المتوفى بالشحر عام 950 هــ قال : رحمة الله على من حل في حصن سمعون رحمة واسعة والعفو مرجو ومسهون وسوف نجد الكثير من ديوان شعر المحضار حول هذه التسمية ومنها الغنائية التي قالها وهو مغترب : لولا علائم شوق تبدى نورها ما اختفى يظهر علي من قدى ( سمعون ) في الليل وقت المنام ويقال أنها سوق الأحقاف : جاء في (( سبائك الذهب )) قوله : وللعرب سوق كانوا يقصدونها في السنة . إلى أن قال ثم يرتحلون نحو عمان فيقوم سوقهم ، ثم نحو قرى الشحر فيقوم سوقهم بها . ولهذا قال الشاعر الصوفي المشهور عمر عبد الله بامخرمة المتوفى بسيؤون ( 952 هـ ) والذي مكث بالشحر تحث الإقامة الجبرية ، قال بعد أن أطلق سراحة وتوجه إلى سيؤون : فانشرح وأذكر أحباب القلوب التي ثم في البلاد التي في سوقها كل مغنم ذي في أطرافها وأوساطها الصفو خيم بين روكب وباغشوة إذا كنت تفهم ( سوق لحقاف ) لي يحوي على كل مغنم قول ما مثلها شي في القرى والله أعلم فان فيها وحق الله من الزين شيء جم كلما قاله القائل في وصفها تم ــ (( تاريخ باحسن )) ــ وجاء هذا الاسم أيضاء في أحد منظومتي الربان باطايع ، وهي الخاصة بالأرشادات الملاحية من مسقط إلى بندر المخا ، والتي نظمها في عام 1220 هـ ( 1805 م ) يقول في الرباعية الثامنة والثلاثون : في ( سوق لحقاف ) العدل فيها والأنصاف أمان منخاف بأهل السلف محتمية ــ (( الرفيق النافع )) ــ لبا مطرف ــ . ولربما كانت كذلك لأن السوق تقام في منطقة رملية أو لأنها الميناء الأساسي الممول للمناطق الحضرمية الواقعة بين وادي عرمة في داخل حضرموت ، ومدينة ديحوث شرق حضرموت ، ولذلك قيل عنها إنها : سدة الوادي : وينفرد أهالي حضرموت الداخل بأطلاق هذا الاسم عليها ، ولقد كانت كذلك منذ فجر التاريخ ، ولهذا سعت كل الدويلات التي قامت في مدن ونواحي تلك المنطقة على الحرص على أن يكون لهم منفذ بحري يسيطرون عليه في ساحل حضرموت ، ويرون أن مدينة الشحر هي المنفذ الطبيعي لذلك الجزء من حضرموت ، والذي يسيطرون عليه . أو أن منطقة الشحر هي أرض الأحقاف . رغم أن الحضارمة في تاريخ وسيط أطلقوا على وادي حضرموت الأحقاف . لكن أهالي الشحر يتمسكون بذلك ، وجاء في أشعارهم أن مدينتهم هي : مدينة آل عاد : وهذا الاسم وارد إلى الساعة ، ففي إحدى قصائد المحضار الأخيرة ما يؤكد ذلك . قال المحضار : يا مدينة آل عاد الأثر والرسم عاده جل خلاق العباد لي جعل حبك عباده وقد تسرب هذا الاسم من رؤية قديمة تنسب إلى قتادة بن دعامه البصري ، وكان مفسرا وملما بأيام العرب وأنبائهم (( أنظر ترجمته في مراتب النحويين )) حيث يزعم أهالي الشحر أن مدينة الشحر هي مدينة عاد ، وأن منطقة الشحر هي أرض الأحقاف . وهو زعم لا يقوى على الوقوف أمام النقد العلمي ( بامطرف ((ملاحظات على الهمداني )) ) . الأسعاء : الاسم القديم للمدينة ويرد في كثير من المؤلفات التاريخية للحضارمة والأجانب كــ (( تاريح حضرموت )) للحامد و (( العدة المفيدة )) لابن حميد ، و (( جواهر تاريخ الأحقاف )) لبا حنان و (( تاريخ ثغر عدن )) لبا مخرمة و (( أحسن التقاسيم )) للبشاري إلى أخره ، ونعتقد أنه جاء من أسم ملكها (العزيلط ) أو ( العز اليازوس ) كما يطلق عليه البطالسة ، ولعل هذا هو أشهر الأحوال وأرجحها ، فقد وضع الرحالة بطليوس سنة 140 ميلادية خريطة ذكر فيها أسم مدينة الأسعاء المركز التجاري على الموقع الذي تقوم فيه مدينة الشحر ــ بامطرف (( ملاحظات على الهمداني )) ــ وليرجع من أراد الأطلاع عليها إلى الجزء الثالث من كتاب (( تاريخ العرب قبل الإسلام )) للدكتور جواد علي وهي مثبتة أمام الصفحة ( 535 ) . وقد جاء في ترجمة أبي حنيفة أحمد النقيب العدني الشاعر أن له ديوان ومعظمه في مدح السلطان عبد الرحمن بن راشد بن أقبال صاحب الشحر ، الذي أستولى عليها في عام 638 هجرية ، وكان نقيبا لفقراء جوهر بعدن وأن أشعاره مستحسنة ، غالبها في البال بال . ومن جيد شعره قوله ردا على من عاتبه من عدن على اختيار الشحر : عنفوني وقالوا أطلت التغرب وأوحشت الوطن وتعوضت عن صيرة بصيغت وأعتضت الأسعاء عن عدن وبسمعون والصرحة وتناسيت حقات والخات والخان والحسن ولاتدري هل كان لفظة الأشغا من فعل النساخ ، وعلى أي حال فإننا نحيل القارئ إلى تاريخ بامخرمة (( تاريخ ثغر عدن )) حول الأس وأسماء أخرى للمدينة أوردها المؤلف . ولكن أشهر الأسماء والذي يتردد اليوم هو : سعاد : ولا يعرف في أي وقت من الأوقات تحول أسمها من الأسعاءإلى سعاد ، ففي وثائق ال أبن أسماعيل الشحريين ، انه مع مرور الزمن تحول أسمها السعة وذالك شدة حرارة هذه المنطقة ذات الكثبان الشديدة الحرارة من فعل حرارة الشمس ، ثم حرفت إلى ( سعاد ) وهو الأسم المشهور من بين كل الأسماء إلى اليوم . قال المحضار : قابليني ياسعاد وألبسي توب السعاده عدت لك والخير عاد عود الله كل عاده بعد ماطال البعاد بيننا والشوق زاد أجتمعنا والتقينا واللقاء كان بالأحضان وقال في غناءة أخرى : باشل حبك معي بالقيه زادي ومرافقي في السفر وباتلذذ بذكرك في بلادي في مقيلي والسمر وانت عسى عاد با تذكر ودادي وان قد تناسيت ياما ناس جم مثلك تناسوا الوداد في خير أنت ونا با نلتقي في سعاد قال الشاعر عبد الله محمد باحسن ( الشحر ت 1347 هــ ) : ما خترت الإقامة في ( سعاد ) غير حبك وان كانت وطن وفي أخر يقول : ما بهند فتنت بل بسعاد مد سبتني بحسنها الوقادي غير أن أهالي مدينة الشحر يقولون أيضا أن مدينتهم هي : أم اليتامى : ويدعي بعضهم أن هذا الأسم أنما لكونها أدت فروض تجاه أبنائها ومن لاذ بها في المجاعات التي حدثت في حضرموت أكثر من مرة فقد توجه إليها من أرغمه الجوع والفاقة ، فكفلته ووفرت له ما يسد رمقه . وفضل بعضهم الإقامة بها ، وقيل لكونها أكبر وأعظم مدن المنطقة الحضرمية في ذالك العهد ، وقيل لأن هذا دأبها منذ ان عرفت ، وتؤكد ذالك الموروثات الشعبية خاصة الأشعار فقال الشيخ عبود باوزير الذي أستوطن الشحر وتوفي عام 1969 م ، وذالك بعد أن أنتهى مشروع كهرباء الشحر وتم توزيع أنابيب المياه إلى أربعة مواقع في المدينة في الستينات قال : صارت مدينتنا كما عين الحياة تملأ شوارعها أنابينب المياه ونورها يزداد من بعد الغروب سعاد يا أم اليتامى ياخيرة البلدان في أرض الجنوب ويقولون بما أنها مدينة كبيرة ومركز تجاري هام في المنطقة ، فلا تسال عن الوارد إليها ، ولا المنصرف عنها ويجد المسكين والفقير واليتيم والقاصضر والمعتوه والمتخلف عقليا ،عيشه بسلام ووداعة ، إضافة إلى كرم أهلها وسماحتهم ، وقال الشعر سعيد سالم زحفان الشحر المتوفي ( 1389 هـ ) . دا خرج فصل والثاني ورا الأم ركت قل لبنها عويلتها في البخص والهون ربت الكل في الأوال وهي ماتمنت عاد حد بايعبرها من الخوف للمان . وعلى أي حال فإن أهالي الشحر يتمسكون بما جاء من الأخباريين بأن العرب السابقين لم تكن تسمى أحد تُبعا حتى يملك اليمن مع حضرموت والشحر . بقلم الأستاذ والباحث / عبد الله صالح حداد |
||||||
02-15-2010, 12:58 AM | #38 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
الشحر في تاريخ بامطرف الكاتب محمد عبدالقادر بامطرف الثلاثاء, 21 أكتوبر/تشرين أول 2008 10:55 المختصر في تاريخ حضرموت العام للاستاذ / محمد عبدالقادر بامطرف الفصل الاول : لمحة من تاريخ اليمن القديمة . لابد من الاشارة هنا الى ان الكثيرين من العرب والمسلمين الذين ارخو لممالك اليمن القديمة انما كانوا منطلقين غاليا من معلومات اسطورية ، او مما رواه بعض مفسري القران الكريم الذين اقحموا على تفسير بعض ايات الله البينات امورا ماانزل الله بها من سلطان ، او انهم كانوا مندفعين بعوامل عاطفية . ولذلك تجنب بعض المؤرخين الخوض في تاريخ اليمن القديمة . وعلى العموم كانت التواريخ اليمنية القديمة عشوائية في تعاملها مع الاخبار التي كانت سائدة في اليمن ،ولذلك كاد ان يكون تاريخ اليمن الحقيقي قد اهمل في اكثر جوانبه وخاصة من قبل ابناء اليمن انفسهم . ولم يظهر بعض تاريخ اليمن القديم الصحيح الا من خلال الاكنشافات الاثارية على ايدي المستشرقين من امثال ادوارد جلازر Edward Glazar وكارستين نيبور C.Nibur ويوسف هاليفي J.Halevy وغيرهم . ان الآثار المطمورة والنقوش التي لا تزال مستورة تحت الرمال والانقاض لهي المصادر يؤمل ان تميط اللثام عن الكثير والكثير مما ظل خافيا الى اليوم من تاريخ اليمن القديم ، وان لمن المؤسف القول بأن المصادر الآثارية اليمنية القديمة ، وخاصة الواح النقوش ، اما قد تعرضت للطمس او التحطيم او التشويه او بادخالها في عمارة بعض الحصون او المساجد في العصور الوسطى داخل اليمن ، لكن الواجب من القول ان حكومتي ثورتي اليمن المجيدتين في جنوب اليمن وشماله ، لهما الفضل الاكبر في فتح الابواب المغلقة امام العلماء النزهاء للبحث والتنقيب عن اثار اليمن والاهتمام الكبير بالموجود منها على سطح الارض ، ليستدل بها على تاريخ عهد او عهود من تاريخ اليمن القديمة ظلت مجهولة الهوية والمعالم في معظم جوانبها الى اليوم . أقسام اليمن الطبيعية النصوص الآثارية المكتشفة لممالك العربية الجنوبية لم تثبت لليمن حدودا، ولكن المؤرخين على أي حال تعارفوا على تقسيم اليمن طبيعيا الى ثلاثة اقسام ، وهي كما يلي:ـ 1ـ منطقة تهامــة : ذات المناخ الحار، وتمتد من باب المندب جنوباالى منطقة حرض شمالا (حاليا) وتمتاز بأن بعض مناطقها خصبة وبها مياه جوفية وسطحية ذات غزارة. 2ـ المنطقة الجبيلة : أو مايسميها بعضهم (الهضبة الوسطى) وهي ذات مناخ معتدل ، وتمتد من سلسلة جبال(السروات) التي تبتدى من منطقة المعافر (اليمن الأسفل أو الحجرية) جنوبا الى عسير ثم الطائف شمالا ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر من 1000 الى 3600 متر، وهي من أهم مناطق اليمن الزراعية انتاجا للبن وأنواع الحبوب وأنواع الفاكهة ، وتهطل على بعض اجزاء هذه المنطقة أمطار غزيرة في الصيف وفي الشتاء ، الا أن امطار الشتاء أقل غزارة. 3ـ المنطقة الصحراوية الشرقية : وتمتد من محافظة حضرموت جنوبا، وأطراف الربع الخالي شمالا، وعمان شرقا. وفي هذه المنطقة توجد آثار مملكة معين ، وممالك حضرموت ، وسبا، وقتبان ، وحمير، وقد حظيت هذه المنطقة في الماضي بازدهار عظيم في المجالات التجارية والزراعية والعمرانية والسياسية، وتعد من أقدم المناطق في العالم التي عرفت اساليب الري المتطورة التي كانت تعتمد على السدود ، وكان بها العديد من بقايا القصور والمحافد (الحصون والمعسكرات) والمعابد مما يرجع انشاء بعض منها الى ماقبل (3500)عام تقريبا. ان اعلى قمة في الهضبة الوسطى اليمنية لهي قمة جبل حضور (ويسمى ايضا جبل النبي شعيب) غرب مدينة صنعاء وارتفاعها حوالي (3700) متر عن سطح البحر ، وفي محافظة حضرموت فأن اعلى قمة لهي (كورسيبان)، وارتفاعها حوالي 1900 متر عن سطح البحر. مملكة معين: لقد جهل المؤرخون الاسلاميون القدامى هذه المملكة لعدم ذكر اسمها في القران الكريم . ولقد ظل تاريخ هذه المملكة مجهولا حتى عام 1174 هـ (1760) م حينما عثر مستشرقون على نقوش معينية مكنتهم من معرفة بدء قيام هذه المملكة واستمرار بقائها، ثم تاريخ اندثارها على وجه التقريب ، وذلك لعدم العثور على مايكفي من المستندات الزمنية، وقد برهنت الاثار المكتشفة ان مدينة (قرناو) كانت العاصمة الأولى لمملكة معين ، وأن مدينة (معين ) صارت في وقت لاحق العاصمة الثانية لها. وتقع العاصمتان المذكورتان في المنطقة الشرقية مما يلي الجوف كما اسلفنا . ودلت الاثار المكتشفة ان هذه المنطقة (الجوف) من اغنى البقاع بالاثار في اليمن ، وبالمملكة هذه مدن أخرى منها، على سبيل المثال ، مدينة (براقش) وقد تذكر في الاثار باسم (يشل) ايضا وكانت مركزا للثقافة المعينية ومركزا هاما من مراكز القوافل البرية القديمة، وقد زرتها في شهر يوليو من عام 1980م فوجدت اغلب اجزاء سورها القديم قائما وكذا الحوائط الخارجية لبعض معابدها وقصورها. أما ملوك هذه المملكة فيقال أن عددهم اثنان وعشرون ملكا يكونون خمس أسر هي :ـ أسرة أليفع ، وهم أربعة ملوك أسرة وقه ، وهم أربعة ملوك أسرة أب يدع ، وهم ثلاثة ملوك أسرة يثع آل صديق ، وهما ملكان أسرة كرب ، وعم تسعة ملوك من أراد الاطلاع على قوائم اسماء هولاء الملوك فليرجع الى المطولات التاريخية وهي على أي حال قوائم غير متفقه لا على الاسماء ولا على عدد وأزمان هؤلاء الملوك . هذه المملكة هي أول من تفنن في اليمن القديمة في بناء القصور والهياكل (المعابد) ووضع نظام الضرائب على التجارة والزراعة وسن توزيع الايرادات العامة على الدولة والخاصة الملكية وعلى المشائخ والاعيان ، وقررت أن تصرف الدولة من حصتها على بناء الابراج والحصون ، وحفر الخنادق ، والجيش ، وتعبيد الطرقات وما شابه ذلك من المرافق والمؤسسات العامة . وكانت دولة معين هي أول من وضع قاعدة الضرائب على اساس العشر نقدا او عيننا وهي التي جعلت للذكر مثل حظ الانثيين في المواريث وقد اخذ الاسلام بهاتين القاعدتين في الخروج والارث. واليمنيون القدامى هم اول من سن انظمة المجالس التشريعية في بلاد العرب وكانوا يسمونها (المزاود) مفردها مزود او(مساود) مفردها (مسود) . وكانت لدولة (معين) صلات تجارية باليونان ومصر وفارس والهند والصين ، وهذه الدولة هي التي انشأت مواني (غزة) و(عسقلان) بفلسطين وميناء (صور) في لبنان ، منافذ لصادراتها الى اقطار حوض البحر الابيض المتوسط ، وكانت هذه المواني همزة وصل بين القوافل البرية والتي تأتي من الاسعاء (الشحر) والقنا (بئر علي) وأدونوم عدن . ويزعم بعض المؤرخين ان حدود هذه المملكة امتدت الى اعالي الحجاز وجنوب وغرب فلسطين وغرب لبنان ، وربما اماطت اللثام أثار قد يتم اكتشافها في المستقبل عن تأكيد هذه المزعم. مملكة حـضرمـــوت: حضرموت هي المنطقة اليمنية القديمة الوحيدة التي لاتزال تفتخر الى اليوم بأحتفاظها باسمها وحدودها ومدنها منذ ثلاثة الاف سنة وأكثر. أما بقية الممالك اليمنية القديمة فلا تعرف الى الآ على وجه التحديد مناطقها ولا أهلها ولا حدودها باستثناء عواصمها أو بعض المدن في بعض منها. ويروق لبعض الاخباريين تسمية حضرموت بالاحقاف وذلك لأن كلمة الاحقاف ذكرت في القران الكريم عند ذكر آل عاد. ولكن القران لم يحدد مكان الأحقاف ولا مكان آل عاد. ولم تدل النقوش الآثارية المكتشفة على مكان سمي الاحقاف . ولذلك نرى بعض واضعي الخرائط يطلقون أسم الأحقاف على مواقع عديدة في الجزيرة العربية ، وقد تناولنا هذا الموضوع بالتصحيح في ملاحظتنا على الهمداني (نشرها المركز اليمني للأبحاث في شهر أكتوبر1982 بمناسبة عيد الاستقلال) . ولقد ذكرت بعض النقوش أسماء مدن حضرموت مثل (شبام) و(سيئون) و(تريم) واتفق الاثاريون على ان مدينة (شبوة) ليس غيرها كانت عاصمة مملكة حضرموت القديمة ومركز هاما للقوافل ، وقد ظلت مركزا للقوافل الى عهد السلطان (بدر بو طويرق) في القرن التاسع الهجري (السادس عشر الميلادي) . وفي صفحة سابقة ذكرنا ان مملكة حضرموت كانت سنة 1020قبل الميلاد ، ولكن هناك من المؤرخين من ذكر انها قامت سنة 1500 قبل الميلاد أي انها كانت موجودة في اليمن قبل قيام دولة معين وأن قدوم الحضارم الى اليمن كان من شمال الجزيرة العربية وجنوب فلسطين ، ولذلك عدت أول الممالك اليمنية القديمة في التاريخ. وتدل النقوش الآثارية أن مملكة حضرموت دخلت في حرب طاحنة مع جاراتها الممالك اليمنيات المعاصرات لها الى ان انتهى ألأمر بالجزء الاكبر منها الى الاضمحلال سنة 115قبل الميلاد بعد أن تغلبت عليها مملكة حمير ، واصبحت سنة 275 بعد الميلاد تعرف كجزء من مملكة سباء وريدان وحضرموت ويمنات . أن كلمة ( يمنات) أو ( يمنت) كانت تطلق على المنطقة الساحلية الواقعة شرق باب المندب الى ظفار ، وهي مقابلة لكلمة تهامة التي سبق ذكرها ، والتي تطلق على الساحل الغربي لبلاد العرب كانت حدود حضرموت الشرقية تشمل المهرة وظفار ، وكان يطلق على ملوكها أسم ملوك أرض اللبان ، لأن اكثر واردات اللبان والمر ولأفاوية (أي اشجار الطيب )كانت تنتج في ظفار وفي وسقطرى ، وكانت جزيرة سقطرى جزاءا من أراضي ملوك اللبان كما تدل على ذلك النقوش الفرعونية المكتشفة في (الدير البحري) في منطقة الأقصر جنوب مصر ، الذي أنشأته الملكة الفرعونية (حتشبسوت) التي كان اسطولها التجاري البحري يشتري اللبان والمر والآفاوية من جزية سقطرى قبل ثلاثة الاف عام. وأختلف المؤرخون حول عدد ملوك حضرموت وأسمائهم ومدد حكمهم ، فمنهم من جعلهم ثمانية عشر ملك ومنهم من جعلهم سبعة عشر ملك ، والمامؤل أن يحسم هذا الاختلاف باكتشافات اثارية جديدة ، ومن أشهر ملوك حضرموت الذين ذكرهم المستشرقون، رغم اختلافهم في مابينهم : 1. معدي كرب بن اليفع يثع الذي بدأ حكمه حوالي سنة 980 قبل الميلاد، وقد ألحقت حضرموت بعد موته بمملكة معين الى حوالي 650 قبل الميلاد. 2. يدع آل بيين بن سمة يفع ، وبعده دخلت حضرموت ضمن مملكة سبأ الى سنة 180 قبل الميلاد. 3. يدع أل بيين رب شمس ، وهو مؤسس أسرة جديدة في العاصمة شبوة ، ولا يعرف زمن حكمه. 4. العزيلط بن عم ذخر بن العز ، وهو الذي أسره في الحرب شعر أوتر ملك سبأ وريدان الذي حكم بين عام 80 و50 قبل الميلاد. 5. العزيلط يثع الذي انفرد بالجزء من منطقة حضرموت التي لم تستطع التغلب عليها سبأ ، وكانت في الساحل ، وعاصمته (الشحر) ولا يعرف أين موقع هذه الشحر، وهو الذي دام حكمه الى سنة 65 بعد الميلاد كما ذكرنا من قبل . اما الشحر الحديثة فقد تحدثت عنها بما فيه الكفاية في كتابي ( الشهداء السبعة) . مملكة ســبأ: أختلف المؤرخون حول أصل السبئيين ، فقال بعضهم انهم جاؤا من شمال الجزيرة العربية الى اليمن حوالي عام 1200 قبل الميلاد أي بعد قدوم حضرموت ومعين الى اليمن ، وقال اخرون انهم اصلا من اليمن . هذه الاختلافات لم تحسم بعد لكننا سوف نسير في هذا الكتاب على رأي من قال أن اصلهم من اليمن وان هذه المملكة بدأت عام 850 قبل الميلاد وانتهت عام 115 قبل الميلاد ، وذلك لكي لا يتشعب بنا الحديث وتذكر التواريخ أن السبئيين غزوا وأخضعوا أغلب مناطق ـ جنوب اليمن ـ (حول المحافظتين أبين ولحج) وعلى الرغم من ان اخبار غزوهم هذا جاء في نقوش ، الا انها أخبار ، كما يبدو مبالغ فيها ، وهذا يدل على ان المعلومات الواردة في بعض النقوش اما مزيفة أو مبالغ فيها، وكان من العادت السيئة عند اليمنيين القدامى انهم اذا تغلبوا على اعدائهم اليمنيين الآخرين حطموا نقوشهم أو زيفوها . وهذا العبث بالاثار كان معملا به عند الفراعنة كما كان معملا به في العصر الاسلامي الاول أيام العداء المستحكم بين الأمويين والعباسيين . والسبئييون كان اول من بدل اسماء ملوكهم من مكاربة (أي ملوك كهنوتيين ) الى ملوك (أي اصحاب سلطة زمنية لا علاقة لهم بالمعابد والطقوس الدينية ) . سـد مـارب : وأهم حدث في تاريخ سبأ هو أنشأ سد مارب الشهير، وكان من اعظم اعمال هندسة الري في اليمن القديمة، ويقع هذا السد على بعد 192 كيلو متر الى الشرق من صنعاء وقد بني بين جبلين يقال لاحدهما جبل البلق الايمن، ويقال للاخر جبل البلق الايسر، ولم يتفق المؤرخون على من بنى هذا السد وان كان بعضهم يرجعون بناءه الى ماقبل 2700عام تقريبا. وأهم عمل هندسي في السد هي مصارف الماء الواقعة على يمين السد وشماله . وأما السد ذاته ويسمى(العرم) فهو حاجز ماء ترابي مطعم بالحجارة ، ولذلك فهو كثيرا ماحطمه ضغط ماء السيول فيعيد السبئييون بناءه . اما المصارف والسواقي الرئسية والفرعية فهي باقية منذ ان انشائها اليمنيون لاول مرة الى يومنا هذا وقد زرت منطقة عام 1980م بترتيب من حكومة الشمال التي سهلت لي الرحلة الى منطقة (مارب ) ولقد بهرني ماشاهدنه من آثار اولئك العمال المهندسين اليمنيين القدامي الذين كانوا يتمتعون بقدرة وكفائة فائقتين في التعامل مع الاحجار الصلدة الكبيرة فيحيلونها الى كتل حجرية تكاد تكون مصولة ثم يرصونها (بدون مؤنة) بعضها على بعض في اشكال هندسية تسر الناظرين والواقع ان من ينظر الى تشييد تلك الاحجار المنحوتة ( لا يعرف الى الان الادوات التي كانوا ينحتون الحجارة بها) لا يشك في ان العمال المهرة فرغوا بالامس من صنعها وبنائها انها من مفاخر اليمن . ومن اعظم الجاذبيات السياحية ، وهي في نظري اكثر ابداعا من بعض اعمال الري المصرية التي شاهدتها في منطقة الاقصر في مصر . ويقدر بعض المؤرخين المعاصرين مساحة ( الجنتين) أي الارض الشمالية والارض اليمينية اللتين كانتا مصارف في السد تسقيها بحوالي 30 ميل مربع ، وبما ان الميل المربع يساوي 640فدانا ، فان مساحة الجنتين ينبغي ان تكون ( 192) الف فدان ، وهذا التقدير تخميني لان الخراب في أي مرفق ، حيثما وجد ، لا يعطي صورة حقيقية لما كان عليه ذلك المرفق ايام ازدهاره . كان ملوك سبأ ياخذون اتاوة من محاصيل ارض السد تقدر بحوالي 30% هذا اضافة الى ماتاخذه المعابد والكهنة والدولة والاقطاعيون والمرابون من المحاصيل ، وليت شعري ماهو الذي يتبقى للعامل المظلوم من جهده في هذه الارض ، وقد قدرت مايحصل عليه العامل (الفلاح) في اليوم (صاحب الاسرة المكونة من 5 افراد) فهو يحصل على ثلاثة ارطال من الدقيق وعلى ثلاث اوقيات من الدبس والسمن وعلى اوقية ونصف من اللحم ، هذا بالاضافة الى ماقد يحصل عليه يوميا هو واسرته من التمر والبقول والثمار الاخرى من الارض التي يفلحها . ، وهذا مجرد احتمال . وقد استنتجت هذه المقادير من نقش كتب ايام ابرهة بن الصباح الحبشي حاكم اليمن (ايام الغزو الحبشي الثاني باليمن وساتحدث عنه في صفحة قادمة ) الذي اعاد بناء السد الترابي عام 542 ميلادية . والترميم الذي قام به ابرهة لم يعمر طويلا ، لان السد كان قد تهدم قبل البعثة النبوية عام 610ميلادية وبعد ذلك لم يهتم احد باعادة بناء السد كما سنذكر الاسباب لذلك في صفحة قادمة . ويقدر بعضهم طول سد العرم في الساحة الواقعة بين جبلي البلق سالفي الذكر ، بحوالي 800 قدم ، وارتفاعة حوالي 250 قدم وعرضه في قمته حوالي 60 قدما اما عرضه عند القاعدة تصوره الان ، وقد شاهدت جزءا بسيطا من السد مازال قائما ، ولكن هذا الجزء لا يدل على حقيقة ماكان عليه السد عند القاعدة من عرض . مملكة سبأ وريدان وحضرموت ويمنات: هذه المملكة تسمى ايضا المملكة الحميرية ، وبعضهم يسمونها مملكة التبابعة وانما اسم (المملكة الحميرية) غالب عليها وهي أخر المماليك اليمنية حكمت جنوب الجزيرة العربية ، واوضح الممالك اليمنية القديمة تاريخا ، وقد دامت بين عام 115 قبل الميلاد وعام 535 بعد الميلاد ويتكون ملوك هذه المملكة من طبقتيتن : الطبقة الاولى : وهي التي حكمت اليمن من عام 115 قبل الميلاد الى عام 275 بعد الميلاد ، وعدد ملوكها ثمانية عشر ملكا اولهم ( علهان نهفان بن يرم ايمن ) الذي حكم من 115 قبل الميلاد الى عام 80 قبل الميلاد ، واخرهم (غمدان يهقبض) الذي حكم عدة سنين ( غير معروفة بالضبط ) الى عام 275 بعد الميلاد على وجه التقريب . الطبقة الثانية : هم ملوك التبابعة . ان تسمية ( التبابعة) تسمية اسلامية لان ملوك هذه الطبقة لم يكونوا يعرفون هكذا في القديم . وفي عهد هؤلا انحط الحكم في اليمن وتمزقت البلاد الى مناطق صغيرة تسيطر عليها العشائر الضعيفة وهم الذين يطلقون عليهم أسماء ( الاذواء ) و(المشامنة) الى اخره.وكانوا سببا في تلاشي القوة اليمنية ، وعدد ملوك هذه الطبقة اربعة عشر ملكا أولهم شمر يهرعش الذي حكم بين 275 بعد الميلاد تقريبا الى 300 بعد الميلاد ، واخرهم ذو يزن الذي حكم بين عام 525 بعد الميلاد الى عام 533 بعد الميلاد. ويزعم بعض المؤرخون أن بلقيس بنت الهدهاد التي حكمت بين عام 330 و345 بعد الميلاد كانت ملكة بين ملوك هذه الطبقة الثانية، وأن الاحباش غزو اليمن للمرة الاولى (سيأتي تفصيل ذلك في صفحة قادمة) في عهدها. ويرى مؤرخون اخرون أن بلقيس هذه كانت ملكة بين ملوك مملكة سبأ الاولى. (وقد مر بنا ذكر أخبارها) وأنماهي التي عناها القران الكريم في سورة النمل وقص اتصالها مع النبي سليمان الذي يرجع تاريخه الى مابين 961ـ 922 قبل الميلاد . وكما قد مر بنا في هذا الكتاب فان مملكة سبأ الاولى بدأت عام 850 قبل الميلاد .وان هذا الخلط في التواريخ من اليمنيين المعاصرين ، لذلك فلا باس ان يطلع القاري على هذه التناقضات التي يحتمل ان توضحها وتحققها مكتشفات آثارية في المستقبل. أما ماكان يسمى ( محرم بلقيس) في مأرب ، فان علماء الاثار يذكرون أنه (محرم المقه) ومعناه (معبدالقمر) وليس محرم بلقيس ، ويذهب اثاريون اخرون الى ان (المقه) بكسر الميم وفتح القاف معناه اله الحرب أو اله الخصب والنماء ، وليس معناه (القمر). وأهم مدن هذه المملكة (ظفار حمير) و (صرواح) و(وذمار) و(صنعاء) ، وفي سبيل تمجيد ملوك هذه المملكة وخاصة التبابعة منهم تمجيدا وهميا ومزيفا ، ودخلت الكثير من الاساطير والخرافات في التاريخ اليمني القديم . ويحتمل أن تكشف الاثار المطمورة صورا حقيقة لما كانت عليه هذه المملكة اليمنية. الرومان يغزون اليمن: في أواخر عهد الطبقة الاولى من هذه المملكة غزا الرومان اليمن بغية السيطرة على تجارتها، وكان قائد الحملة حاكم مصر اليوناني اليوس جاليوس ، وهناك اختلاف كبير بين المستشرقين حول المحلات التي نزلت فيها هذه الحملة اة اتجهت اليها في الجزيرة العربية والذي يترجح عندنا أن الحملة الرومانية أتت من راس بناس في جنوب مصر الشرقي على الساحل الغربي للبحر الاحمر ، ونزلت في ميناء ينبع في الحجاز ، ثم اتجهت صوب الجنوب الى نجران ومنها الى منطقة (براقش) والملاحظ أن الكتابات اليونانية والرومانية أنهم يكتبون أسماء المواقع العربية بصورة غريبة جدا من ذلك انهم على سبيل المثال يكتبون (شبوة) سوبوتا ، ويكتبون (رأس فرتك) سيارجورس ، والاسمان الوحيدان في نظرنا ، اللذان كتبهما اليونان والرومان كتابة صحيحة هم قرية (بروم) وثغر (شرمة) . هذا الخلط في كتابة الاسماء جعل المؤرخون العرب في حيرة من أمرهم ، ولسنا ندري هل مااستنتجه العرب من القراءات اليونانية والرومانية كان كله صحيحا ؟ هذا مانشك فيه. على كل حال اتجهت الحملة الرومانية سالفة الذكر من براقش الى مأرب وهنا لم يكن في مقدور الجيش الروماني ، الذي كان عدد رجاله حوالي عشرة آلاف ، أن يخطوا خلف مارب بالنظر الى ماكان قد اصاب هذا الجيش من أمراض، وما كان قد تعرض له من قتل على ايدي بعض القبائل اليمنية المقاومة له . فعاد الجيش الروماني الى مصر ، ولم يتحقق حلم الامبراطور الروماني أوغسطس (حكم بين عام 31 قبل الميلاد الى عام 14 قبل الميلاد) الذي أمر بتجريد هذه الحملة الى بلاد العرب . ولا تذكر السجلات الرومانية الطريق التي سلكها هذا الجيش في عودته الى مصر. والغريب في الامر أن كل الموارد الاسلامية لم تذكر هذه الحملة الرومانية ، كما ان المكتشفات الاثارية التي عثر الى اليوم لم تذكر هذه الحملة الخائبة. تجارة اليمن القديمة كانت اليمن منذ عصر مملكة معين الى القرن الاول بعد الميلاد همزة وصل تجارية بين الشرق والغرب . فقد كانت الصادرات اليمينة مثل اللبان والمر وأشجار الطيب ، وكذا البضائع التي تستوردها اليمن من الهند وكمبوديا والملايو وجاوة والصين ، تنتقل بوساطة القوافل البرية اليمنية الى فلسطين وجنوب لبنان ومنها الى اليونان وروما. وقد حافظت الدول اليمنية على مركزها التجاري ببقاء البحر الاحمر مغاقا في وجوه الملاحين الاخرين ، على ان يبقى لها نفوذها المطلق على المواني البحرية فيه . وفي القرن الأول بعد الميلاد اهتدى أحد البحارة اليونان وأسمه هيبالوس ( Hipalus) (بين عام 275و300بعد الميلاد) الى معرفة اتجاهات الرياح الموسمية في المحيط الهندي ، واكتشف أن هبوب هذه الرياح نحو الغرب ونحو الشرق لا يكون الا في فصول معينة من السنة ، وكان لهذا الاكتشاف الخطير أثره البالغ في تحويل الطريق البحرية حينما أخذت السفن اليونانية تشق طريقها عنوة في البحر الاحمر ومنه الى بحر العرب ثم الى المحيط الهندي متجاوزة المواني اليمنية ، وفي تلك الاثناء يزعم بعض المؤرخون أن اليونان احتلوا عدن ليجعلوا منها مصدر توزيع (ترانزيت) لتجارة الشرق وخزنها، فتحولت التجارة الشرقية من الشرق رأسا او عن طريق عدن الى مواني البحر الابيض المتوسط دون ان تمر على مواني اليمن ، فكان ذلك التحول التجاري ضربة قاضية على اليمنيين وخاصة من يسمونهم التبابعة الذين كانوا منهمكين في الحروب الداخلية والتطاحن فيما بينهم ، فاهملوا التجارة وبسبب ذلك تهدمت سدودهم الزراعية ومن بينها سد مارب ، وفترت حركة القوافل اليمنية فدخل اليمنيون ، ولكن اليمنيون كانوا اكثر كفاءة في أساطيلهم التجارية فلم تستطع السفن اليمنية مجاراتها في هذا المضمار، زد على ذلك ان نقل البضائع بالقوافل البرية كان يكلف اكثر من نقلها على طريق البحر ، ولم يحاول اليمنيون تطوير انفسهم... وقبل أن يتهدم سد مارب اخذت احوال اليمن الداخلية تسير من سيء الى اسواء ، فضاقت سبل العيش باليمنيين في بلادهم ، فاخذوا يهاجرون الى عمان والى سواحل الخليج وسواحل فارس ، والسواحل الافريقية ، زرافات ووحدانا، بحثا عن كسب عيش لهم ولأهليهم الذين خلفوهم وراءهم في اليمن . هجرة اليهود الى اليمن: في عام 70 ميلادية وفد من فلسطين ، وفرار من حكم الامبراطور الروماني تيتوس (Titus) كثير من اليهود الي اليمن ووجدوا قطرا امنا يأوون اليه ، ومكانا حصينا يقيمون فيه ، وبعد مضي فترة قصيرة من الزمن تمكنوا من السيطرة على مرافق اليمن التجارية، وكان اليمنيون في شغل شاغل بأنفسهم وبحروبهم الداخلية وتدمير بعضهم بعضا. وكان اول من اعتنق اليهودية من ملوك اليمن المتأخرين الملك أسعد الكامل الذي حكم اليمن بين عام 385 الي 415 بعد الميلاد ، وتبعه جماعة من اصحابه في اعتناق اليهودية. ثم اعتنق اليهودية ملك آخر من ملوك التبابعة وهو يوسف ذو نواس الذي حكم اليمن عام 515 وعام 524 بعد الميلاد ، وقد ادى تعصب ذي نواس للدين اليهودي الى ايقاعه بنصارى نجران في حادثة (الاخدود) المذكورة في القران الكريم ، سنة 523 ميلادية. وسبب تلك الحادثة انه ثار نزاع بين يهود ونصارى نجران فهب ذو نواس بجيشه الى نجران وهناك حفر اخدودا ملأه بالنار وخير نصارى نجران بين اعتناقهم اليهودية أو القائهم في النار ، فأبى كثير من نصارى نجران الرجوع عن دينهم فأحرقهم . ولقد كان هذا الفعل الشنيع مثارا لا ستنكار النصارى في أوربا والحبشة اصبحت بعده اليمن مسرحا للنزاع والحروب بين اليهودية وعلى راسها ذو نواس وبين المسيحية ومن ورائها قيصر الروم ونجاشي الحبشة وبايعاز من ملك الروم جرد نجاشي الحبشة ( وهذا كان الغزو الحبشي الثاني لليمن) حملة عسكرية من جهته مكونة من اربعة الاف مقاتل للقضاء على (ذي نواس ) وأتباعه اليهود ، وجرت بين الفريقين معارك دامية كانت الغلبة فيها للاحباش مما اضطر ذا نواس الى الانتحار ، وذلك بأن القى نفسه في البحر كما يقال. وهكذا انتهت دولة الحميريين واستولى الاحباش على اليمن عام 525 ميلادية . وبعد صراع بين القادة الاحباش انفسهم استطاع احد قادة الجيش الحبشي وأسمه ابرهة بن الصباح الأشرم (وقد تقدم ذكره لدى حجيثنا عن ترميم سد مارب) بتنصيب نفسه ملكا على اليمن . وقد عمل ابرهة على تنصير المزيد من اليمنيين . ومن أعماله انه ارغم العرب على الحج الى كنيسة بناها في صنعاء (تعرف الآن بغرفة القليس) بدلا عن الحج الى البيت الحرام في مكة، وهو صاحب قصة الفيل المذكورة في القران الكريم، وكان عام الفيل سنة 571 ميلادية . المسيحية في اليمن: لا يعرف متى كانت النصرانية قد تفشت بين بعض القبائل العربية حتى وصلت الى نجران في اليمن ، ولكن المعروف ان بعض أهالي اليمن اعتنقوا المسيحية عند احتلال الاحباش لليمن في المرة الاولى بين عام 340وعام 374 ميلادية . والحقيقة أن اتصال اليمنيين بالحبشة كان اتصالا اقتصاديا واجتماعيا قديما جدا. ومن المؤرخين من يؤكد أن الخط الاثيوبي المستعمل الان في اثيوبيا ماهو الا صورة معدلة من الخط المسند اليمني القديم، ويزعمون ان كلمة (الحبشة) مأخوذة من اسم قبيلة (حبشية ) الحضرمية الاصل ذات المنطقة التي تعرف باسمها الي اليوم وهي (جبل حبشية) جنوب منطقة ثمود في محافظة حضرموت. ويذكر مؤرخون ان اتصال اليمن بالحبشة كان على عهد مملكة اوسان وقد كونوا لهم في الحبشة مستعمرة تعرف بأسم (أكسوم) كما قد ذكرنا ذلك. وبحكم الاقتراب بين الشاطئين اليمني والحبشي في أسفل البحر الاحمر كان الاحباش واليمنيون يتبادلون الاتصالات التجارية. وكان الغزو الحبشي الاول لليمن الذي اشرنا اليه غزوا اقتصاديا لكنه لم يدم طويلا. اما الغزو الحبشي الثاني فقد كان غزوا تأديبيا جزاء ماقام به ذو نواس ضد نصارى نجران ، وفي سنة 599 ميلادية قام سيف بن ذي يزن بثورته ضد الغزو الحبشي الثاني ، وبذلك انتهى هذا الاحتلال الذي دام 74 عاما بمساعدة الفرس الذين استقدمهم سيف بن ذي يزن الى اليمن بمساعدة أحد أكاسرة الفرس. وقد تولى سيف بن ذي يزن بعد طرده الاحباش من اليمن ، أمر اليمن من قبل كسرى فارس ووفدت اليه الوفود العربية وكان من بينهم عبدالمطلب بن هاشم جد النبي (صلى الله عليه وسلم) (وكان ذلك قبل البعثة النبوية بما يقرب من عشرين عاما، اذ كانت أول سنة للهجرة في 16يوليو عام 622 ميلادية). وبعد موت سيف بن ذي يزن ، تولى المرزبان بن وهرز الفارسي حكم اليمن ، عاملا من قبل كسرى ، ثم تولى بعده التيجان بن الرزبان ، ثم خسرو بن التيجان ، ثم باذان ، وقد بقي باذان واليا على اليمن حتى الهجرة النبوية عام 622 ميلادية ودخل في الاسلام مع اهل اليمن ، ومع باذان هذا جرت حكاية الاسود العنسي لمحة من تاريخ حضرموت العام (من السنة الاولى للهجرة الى السنة الحادية عشرـ 622ـ632م) عندما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، (610م) كانت اقاليم اليمن مشتتة وغير خاضعة لحكم مركزي واحد، وكان اهل كل ناحية قد ملكوا عليهم رجلا منهم. وكذلك كان الحال في مختلف المناطق الحضرمية ، وكانت هجرته الى المدينة المنورة سنة 622م . وكان الفرس يحكمون اليمن الاعلى ، وكان عاملهم على صنعاء ونواحيها (باذان) الفارسي ،فدعاه الرسول الكريم الى الاسلام فامتثل بدون تردد وأسلم معه من كان بصنعاء من الفرس. وكان ذلك سنة عشر للهجرة . وابقى النبي صلى الله عليه وسلم (باذان) اميرا عنه على جميع اليمن ومخاليفه وهي كثيرة .وكانت اشهر مخاليف اليمن (أي أقسامها الادارية) مخلاف عسير ومخلاف صنعاء ومخلاف الجند (اليمن الاسفل) ومخلاف تهامة ومخلاف حضرموت. ومات باذان في هذه السنة ، فقسم النبي صلى الله عليه وسلم مخاليف اليمن على عمال من قبله ، وجعل صنعاء لشهر بن باذان . وبعث النبي (صلى الله عليه وسلم) خالد بن الوليد الى قبائل اليمن يدعوهم الى الاسلام فبقى بها ستة اشهر ولم ينجح في مهمته، فبعث النبي علي بن ابي طالب وأمره ان يرد خالدا ومن معه الا من رغب في البقاء معه . فلما انتهى الى انتهى الى اوائل اليمن قراء علي بن ابي طالب عليهم كتاب الرسول فأسلمت همدان ثم تتابع أهل اليمن على الاسلام وكان ذلك سنة عشر للهجرة . ولما بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) اسلامهم سجد لله شكرا على ذلك. وفي تلك السنة بعث النبي (صلى) معاذ بن جبل ، وكان من شباب الانصار ، قاضيا أو واليا على اليمن ومعلما، بقي معاذ بن جبل باليمن الى ان توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاته عام 11هجرية ، 632ميلادية. وقد حاول باذان ، بعد اسلامه ، الاتصال بالرسول ولكن الاسود العنسي تعقبه وقتله . ثم استفحل شأن الأسود وكثر جمعه حتى اخرج عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) من التهائم. ثم زحف على صنعاء واستولى عليها وقتل شهر بن باذان وتزوج امراته . فامر النبي (صلى الله عليه وسلم) الى من بقى من عماله أن يتلافوا الامر بالقضاء على الاسود العنسي ، فانتدب لذلك (فيروز الديلمي) ابن عم أمراة شهر بن باذان التي غدت زوجة للاسود العنسي ، ووضعت خطة لقتله بمساعدة هذه الزوجة ، فقتلوه. وعاد عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) الى اعمالهم ، وكان ذلك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وورد الخبر بمقتل الاسود الى المدينة قبل وفاة الرسول صلى الله وسلم ، بليلة او ليلتين ، وكانت وفاته عام 11 هجرية = 632ميلادية. وحدث أن قام بصنعاء متمرد آخر اسمه (قيس بن مكشوح) وجمع فلول جند الاسود العنسي اليه وذلك بعد أن ولي الخليفة ابو بكر أمر المسلمين. فولى ابو بكر (فيروز الديلمي) وأمر الناس بطاعته . فاجتمع لديه من المسلمين عدد غير قليل قاتل بهم قيس بن مكشوح حتى هزمه. واستقر اليمن تحت ظل الخلافة الاسلامية . كتب النبي صلى الله عليه وسلم الى أهل اليمن وحضرموت وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب الى ملوك اليمن ـ وكانوا في واقع الأمر رؤساء قبال وأصحاب مخاليف ـ كتابا عاما في الوقت الذي كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) كتبه الى عموم ملوك العرب ومن جاورهم من ملوك العجم. وكان كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الى اليمن موجها الى الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل بن ذي رعين، وهمدان والمعافر(1) أنبأهم فيه أنه حمد الله على دخولهم الاسلام، وحثهم على اطاعة الله ورسوله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة ، وأمرهم بما بجمع ماعندهم من الصدقة والجزية وتبليغها اليه . وكان دعاة الرسول صلى الله عليه وسلم قد اوضحوا لليمنيين وغيرهم مايلزمهم من زكاة وغيرها من الواجبات الاخرى . وكان كتاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام اليهم قد اشتمل عليها. وذكر لهم في كتابه أن رسله اليهم هم معاذ بن جبل ، وعبدالله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعتبة بن نمر ، ومالك بن مرة وأصحابهم . أما كتاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) الى قبيلة حضرموت فقد وجهها الى وائل بن حجر وسائر أقيال حضرموت ، وذكر فيه ماعليهم دفعه من الزكاة ، وبعث بكتاب مماثل الى أبناء معشر وأبناء ضمعج أهل شبوة ، وبكتاب الى الجعفيين أهل وادي جردان ، ولم تثبت المراجع التاريخية كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) الاول لجميع سكان حضرموت ، وكان قد ارسله اليهم بيد يسلم بن عمرو الانصاري ، بيد أن اليعقوبي (2) ذكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب لهم بمثل ماكتب الى كسرى ، وفيما يلي نص الكتاب الموجه الى كسرى:ـ ـ*(من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له أن محمدا عبده ورسوله الى الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فان أبيت فان عليك اثم المجوس.)ـ* . وفادة أهل حضرموت على النبي (صلى الله عليه وسلم) تسمى سنة عشر من الهجرة سنة الوفود، اذ وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها وفود من بقى من العرب ممن لم يسلم بعد. ولم تكن وفادة العرب على الرسول صلى الله عليه وسلم كلها رغبة في اعتناق الاسلام وانقيادا لدعوته ـ وان كان اغلبها كذلك ـ بل كانت بعض الوفادات لنيل الرفد والاحسان، وبعضها لترشيح انفسهم للرئاسة على اقوامهم ، ومن ذلك ان بني تميم وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهم :ـ ( اقبلوا البشرى يابني تميم) ففسر بنو تميم كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرا ماديا بحتا وقالوا له بشرتنا فأعطنا ، فكررها لهم ، وهم يقولون : بشرتنا فأعطنا ، ولم يكتفوا بذلك ، بل صاروا يلحون عليه لذلك وينادونه من وراء حجرات ازواجه حتى شق عليه ذلك ، وفي ذلك قوله تعالى *( ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعلمون)* وقوله تعالى *( الأعراب أشد كفرا ونفاقا)* . وقد جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفد بني عامر وعليهم عامر بن الطفيل ، واربد بن قيس ، وماكان في نيتهم الاسلام ، بل ازدادوا بعد وفادتهم اصرار على كفرهم ، حتى انهم تآمروا على قتل النبي (صلى) فلم يقدروا . وقال عامر ابن الطفيل مخاطبا النبي (صلى الله عليه وسلم) (لأ ملانها عليك خيلا ورجلا ) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطاوعه على اعطائه طلبه الرفد والميرة من تمر المدينة. ويروي التاريخ حكايات كثيرة عن حرص بعض الوافدين من اجلاف العرب على الرئاسة والمال والطعام ، ولم يكن غرضهم الدخول في الاسلام . وربما عتنقت قبيلة الاسلام عنادا واغاضة لقبيلة اخرى لم تعتنقه كما كان الحال بين كندة ومراد. وذلك لما كان بين هاتين القبيلتين من خصوصية جاهلية . على أن كندة دخلت الاسلام في تاريخ متأخر . وفد قبيلة حضرموت: يذكر التاريخ أن وائل بن حجر بن ربيعة وكان ابوه من اقيال اليمن ، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فادناه النبي اليه وبسط له رداءه وأجلسه معه ، ثم صعد النبي (صلى ) المنبر وقال، :ـ ( ايها الناس هذا وائل بن حجر سيد الاقيال ، أتاكم من أرض بعيدة ـ يعني حضرموت ـ راغبا في الاسلام . فقام وائل وقال : ( يارسول الله بلغني ظهورك وأنا في ملك عظيم ، فتركته واخترت دين الله : فقال النبي : صدقت ، اللهم بارك في وائل وولده . وفد كندة : وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، الاشعث بن قيس في عدد من اصحابه . وفد تجيب : وقدم على النبي وفد تجيب (وهم من قبيلة السكون) وقد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرضها الله عليهم ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأكرم نزلهم ، وقالوا يارسول الله سقنا اليك حق الله عزوجل في أموالنا ، فقال رسول الله : ردوها فاقسموها على فقرائكم ، فقالوا ما قدمنا الابما فضل من فقرائنا . فقال ابوبكر رضي الله عنه : ماوفد علينا وفد من العرب بمثل ماوفد هؤلاء الحي من تجيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ان الهدى بيدالله عز وجل ، فمن أراد به خيرا شرح صدره للاسلام.). وفد الصدف والجعفيين : وقدمت على النبي قبيلة الصدف ، كما قدم عليه وفد الجعفيين وهم سكان وادي جردان من حضرموت . ويدل تعدد الوفود اليمنية الى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن اليمن كانت ممزقة تحت العديد من الرئاسات العشائرية ولم تكن تحكمها حكومات مركزية موحدة . عمال النبي صلى الله عليه وسلم على حضرموت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بأمرائه وعماله على الصدقات الى كل بلد دخل أهله الاسلام . ومن أولئك العمال الذين عينوا بحضرموت :ـ المهاجر بن أبي أمية المخزومي ........ وهو شقيق أم سلمة (رضي الله عنها) زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان أسمه (الوليد) فسماه النبي صلى الله عليه وسلم (المهاجر). زياد بن لبيد الانصاري ................ وهو أشهر رجل ولي بلاد حضرموت من الصحابة . كان عاملا للنبي على حضرموت ومنها بلاد كندة واسكون والصدف . ولما ولي ابو بكر رضي الله عنه ولاه قتال أهل الردة من كندة حتى ظفر بالاشعث بن قيس ، فبعث به اسيرا الى ابي بكر كما سياتي تفصيل ذلك . عكاشة بن ثور ...................... كان واليا على السكاسك ومعاوية من كندة ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان عماله على بلاد حضرموت :1ـ المهاجر على كندة زياد على قبيلة حضرموت عكاشة على السكاسك والسكون. حضرموت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان استقر الاسلام بحضرموت في السنة العاشرة من الهجرة (631م) رضخت له القبائل القاطنة بحضرموت من كندة والسكاسك والسكون والصدف وتجيب وحضرموت والجعفيين وغيرها من سكان تلك الناحية اليمنية تحت رئاسة من رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم ، عليهم ومنهم الاشعث بن قيس على كندة ، ووائل بن حجر على حضرموت ، وقيس بن سلمة بن شرحبيل على الجعفيين . وكان لهذه القبائل ملولك ورؤساء عديدون أصبحوا بالاسلام في عداد سائر الناس مروؤسين لاولئك النفر الذين عينهم انبي صلى الله عليه وسلم ، عليهم .، والظاهر ان بعضا من أولئك الملوك والرؤساء انما سكت على مضض واستكان على ضغينة لما سلبه من الرئاسة الجاهلية كما دلت على ذلك الحوادث .لذلك لما قام الاسود العنسي باليمن واعلن الردة واستولى على صنعاء في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يتوان بعض رؤساء سكان حضرموت ، ولاسيما كندة ـ ومنهم بني وليعة من بني عمرو بن معاوية ـ عن اغتنام الفرصة بتلبية دعوة الاسود العنسي ، بل سرعان مااعلنوا الردة وناصبوا عمال النبي (صلى ) العداوة ، وذلك في آخريات ايام حياته (ولما بلغ الخبر الى المدينة بردة بني وليعة وملوكهم لعنهم النبي ) ، ولم تدم فتنة العنسي طويلا اذ قتله المسلمون الذين باليمن ، وقد وردت البشرى بمقتله الى النبي وقد اشتد به المرض فلم يبق بعدها سوى ليلة واحدة حتى لحق بالرفيق الاعلى ، وكان ذلك في ربيع الاول في السنة الحادية عشرة للهجرة . صدى وفاة النبي بحضرموت وعندما بلغ خبر وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) الى حضرموت الى عامله عليها زياد بن لبيد الانصاري ، وكان حينها في مدينة تريم مع اقرار ابي بكر رضي الله عنه له على عمله ، لم يلبث حتى خطب الناس معلنا لهم خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وداعيا للبيعة لابي بكر ، فلبى نداءه بعض الحضارم ، وامتنع عن البيعة من في قلبه مرض ومن لم يطمئن قلبه بالايمان كالاشعث بن قيس الكندي ومن انحاز الى جانبه من كندة ومنهم ـ كما ذكرناــ بنو وليعة من بني عمرو بن معاوية ومن مال اليهم . وبما أن الاشعث بن قيس كان احد ملوك كندة ، وكان صاحب (مرباع)(3) حضرموت فقد كتب زياد الى البي بكر رضي الله عنه بالموقف في حضرموت وطلب منه المدد ، فبادر ابو بكر لاجابته وقال له في رسالته اليه تلك الجملة المشهورة عن الصديق( استعن بمن أقبل على من أدبر) . ردة أهل حضــرمــوت كانوا المرتدون الحضارمة أربعة أصناف :ـ 1ـ صنف عادوا الى عبادة الاوثان . 2ـ وصنف تبعوا مسيلمة والاسود العنسي ، وكان كل منهم قد ادعى النبوة قبل موت النبي (صلى الله عليه وسلم) فصدق مسيلمة أهل اليمامة وجماعة غيرهم ، وصدق الاسود أهل صنعاء وجماعة غيرهم ومنهم ملوك بني وليعة الذين سوف يأتي ذكرهم .. فقتل الاسود قبيل موت النبي ، وبقي بعض من آمن به فقتلهم عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) في خلافة ابي بكر ، واما مسيلمة فجهز اليه ابو بكر جيشا بقيادة خالد بن الوليد فقتلوه. 3ـ وصنف ثالث استمروا على الاسلام ولكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي ، وهم الذين ناظر عمر بن الخطاب ابابكر في قتالهم . والى هذه الفئة ينسب البيتان المشهوران :ـ أطعنا رسول الله مادام بيننا **** فيا قوم ماشأني وشأن أبي بكر أيورثها بكرا اذا كان بعده **** فتلك لعمر الله قاصمة الظهـــر 4 ـ وصنف توقف ولم يطع احدا من الطوائف الثلاث وتربص لمن تكون الغلبة . ويستطاع القول ان هذه الاصناف الاربعة تمثل كافة المرتدين العرب لا الحضارم وحدهم ، وكان المرتدون الحضارمة متمثلين أصلا في كندة ، وكانت رئاسة كندة في بني وليعة بالذات وهؤلاء فرعان : الفرع الاول بنو عمرو بن معاوية ، ولهم ملوك أربعة هم : جمد ، ومخوس ، ومشرح ، وأبضعة ، تشاركهم في الذكر والرئاسة أختهم العمردة . الفرع الثاني : بنو الحارث بن معاوية ، ولهم ملكان هما : السمط بن الاسود ، والاشعث بن قيس وهو آخر ملوكهم . ولقد كانت ردة كندة حركة رجعية دفعت اليها عدة عوامل أظهرها:ـ 1. الحنين الى ظلم الجاهلية وبطشها وجبروتها وانانيتها. 2. عجز رؤسا المرتدين عن مزاحمة المتنورين بتعاليم الاسلام . 3. قعود جهلهم بهم عن التأهيل لاحتلال المراكز المهمة والوظائف الاسلامية العالية ، بعد أن سلبوا الرئاسة الوراثية التقليدية ، وغدا الاسلام يأبى أن يتبوأها الا من كان كفوا لها بعلمه وقوة ايمانه وسابقته من الاسلام . وبالنظر الى العداء القديم المستحكم ، بين قبيلتي حضرموت وكندة فقد انحازت حضرموت الى جانب زياد وناصروه على كندة وبقية المرتدين ، على انه انحاز الى المرتدين افراد اشقياء من قبيلة حضرموت ومن السبيع الهمدانية وقبيلتي السكون والسكاسك . ودارت رحى الحرب بين المسلمين والمرتدين في موضع ، لا يعرف مكانه اليوم ، يقال له (محشر الزرقان) فهزمت كندة وانسحبت الى موطن اعوانها من قبيلة حضرموت ولاذت بحصن (النجير) الواقع شرقي مدينة تريم (4) وهو حصن لقبيلة حضرموت استولى عليه اولئك الافراد من قبيلة حضرموت الذين انحازوا الى المرتدين . وداهم المسلمون حصن النجير وحدثت به معركة تاريخية مشهورة كانت نتجتها أن انهز م المرتدون هزيمة منكرة وكانت نصرا عظيما للمسلمين ، وكان بين قتلى المرتدين ملوك بنو عمرو بن معاوية الاربعة واختهم العمردة ، والسمط بن الاسود أحد ملكي بني الحارث بن معاوية . اما الملك الاخر وهو الاشعث بن قيس رأس الفتنة فكان بين الاسرى . ويذكر ان زيادا بعث بالاسرى ومنهم الاشعث الى ابي بكر فمن عليهم بالحياة بعد تجديد اسلامهم . المرتدون من المهرة : اما المرتدون من منطقة المهرة الحضرمية ، فقد سار اليهم عكرمة بن ابي جهل في جيش من المسلمين الذين كانوا يقاتلون المرتدين في عمان ، ودارت بين المهرة وبين المسلمين معركة فاصلة في مكان سماه المؤرخون ( جيروت) ولعله (حبروت) كسر فيه المهرة المرتدون واسر قائدهم (شخريث) وبعث به عكرمة الي ابي بكر مع جمع من اسرى المهرة ، وانتهت فتنة الردة الحضرمية /المهرية . واستقرت حضرموت تحت ظل الخلافة الاسلامية . العمال على حضرموت في عهد الراشدين توفي الخليفة ابوبكر (رضي الله عنه) لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة ، فكانت ولايته سنتين وثلاثة اشهر وعشر ليال . وولي بعده عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وبقيت حضرموت جزءا لاينفصل عن اليمن ، وقطعة من الدولة الاسلامية الفتية . كانت حضرموت على عهد الخلفاء الثلاثة في أغلب الاحوال تحت حكم من يتولى على اليمن ، بيد ان ولاة اليمن ربما جعلوا عليها نوابا ، ويذكر أن احد الخلفاء استعمل في حضرموت عاملا من قبله . يعلي بن منية : ولما توفي ابو بكر وولي عمر استعمل على اليمن يعلي بن منية (نسبة الى امه ) اما ابوه فهو أمية بن ابي عبيدة بن همام التميمي حليف قريش . واتهم يعلي باستغلال مركزه فعزله الخليفة عمر (5) . ولما بويع عثمان (6) استعمل يعلي على اليمن ، ويقال انه عاد الى استغلال مركزه من جديد ، ويقال ايضا انه مات ولديه ثروة قدرت بستمائة الف دينار. عدي بن نوفل : وعلى الرغم أن يعلي كان مستقلا بالامارة على اليمن ، فان أمر حضرموت لم يكن اليه بل ان الخليفة بالمدينة استعمل عليها عاملا خاصا من قبله وهو عدي بن نوفل ، اذ استعمله عمر بن الخطاب على حضرموت ، ثم عمل لعثمان بعده ايضا ، وعدي هذا هو اخو ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها. أما في عهد الخليفة علي فقد كان عامله على اليمن عبدالله بن العباس ابن عبدالمطلب ، وقد بقي في منصبه حتى وفاة الامام الامام علي كرم الله وجهه (7) وكانت حضرموت ابان عمالته تابعة لليمن الاعلى من الناحية الادارية. وينبغي ان يلاحظ ان الحضارم كانوا في كل مناطق حضرموت ، مستقلين بشؤونهم الداخلية يديرونها بوساطة رؤساء عنهم وفق عاداتهم وتقاليدهم وعقيدتهم الجديدة ، وكانت واجبات عمال النبي صلى الله عليه وسلم وعمال الخلفاء الراشدين من بعده منحصرة في الاشراف على اداء الزكاة واقامة الفرائض الدينية الاخرى . الهجرة الحضرمية في عهد الفتوح الاسلامية كانت حرب الردة في عهد ابي بكر ، والفتوح في عهد عمر من بعده ، من بواعث هجرة القبائل الساكنة بحضرموت ، شانهم في ذلك شأن بقية القبائل الذين هاجروا من جهات اخرى من جزيرة العرب ، صوب الحجاز اولا حيث تعبأ الجيوش وتجهز البعوث الى شتى نواحي الارض ، ثم ذهابهم ثانيا الى الثغور ،في سبيل نشر الدين الاسلامي والقضاء على مناوئيه . فهب رجال بلاد حضرموت وعليهم اقيالهم وملوكهم ورؤساؤهم أمثال وائل بن حجر ، والاشعث بن قيس وغيرهم من زعماء قبائل حضرموت وكندة والصدف والسكون والجعفيين . وكان عمر بن الخطاب قد استنفر من اهل اليمن رجالهم وذوي الشان والنجدة لتلبية صوت الجهاد ونفير الاسلام ، فرجل جمع غفير من أهل جهة حضرموت بأسرهم وذراريهم ــ كسائر العرب ـــ لاداء واجبهم نحو دينهم وعروبتهم ، ثم توطنوا فيما بعد ثغور الاسلام ، فنزحت قبائل من حضرموت عن وطنها الاصلي الى غير رجعة ، فاستبدلوا لهم في البلدان الخصبة اهلا بأهل وجيرانا بجيران . فأثرت هذه الهجرة على بلاد حضرموت ، اذ نقص عدد سكانها نقصا كبيرا. ونزح الحضارم والى الكوفة (العراق) والى الشام والى مصر في اعداد كبيرة ، واشتركوا في جيوش الفتح الاسلامي قادة وجنودا ومنهم من تولى بتلك الاقاليم الاسلامية وغيرها ـــ ملك شمال افريقيا والاندلس ــ الرئاسة والحكم والقضاء والافتاء وشاركوا ــ كما شارك ابناؤهم واحفادهم من بعدهم ـ في مختلف نواحي النشاط العسكري والاداري والفكري . وبرز منهم رجال تحدث عنهم التاريخ حديث اجلال واكبار (راجع كتاب (الجامع) للمؤلف) . فبالاضافة الى ابادة حروب الردة ، كانت الهجرة ضربة على حضرموت افقتدها اكثر سكانها . وقد اصيبت حضرموت بضربات عنيفة وقاسية في العهدين الاموي والعباسي كما سياتي ذكره . ونتج عن ذلك خواء بعض النواحي الحضرمية من اهلها . وخراب بعض بلدانها وقراها. وتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية بها. لذلك لم يعد لبلاد حضرموت من الشان مايجعل الولاية عليها أمرا يستحق الذكر . فلم يحفظ التاريخ اسم أحد المتوليين عليها الا نادرا ، واكتفى المؤرخون بما عرف من أنها قطعة من اليمن مضافة الى عمالة من يتولى صنعاء من قبل الدولة . حضرموت في العهد الأموي لما ولي معاوية بن ابي سفيان ولي على صنعاء ــ قاعدة اليمن ــ فيروز الديلمي ، احد الفرس الذين كانوا باليمن ، وقد سبق ذكر فيروز هذا بمناسبة مشاركته في قتل الاسود العنسي الكذاب ، وبقي باليمن حتى توفي سنة53 هـ (672م) في عهد معاوية . وفي عهد عبدالله بن الزبير، تولى على حضرموت من قبله عمارة بن عمرو بن حزم ، ويحتمل انه كان نائبا لعامل صنعاء عبدالله بن عبدالرحمن بن مخزوم وكان عاملا لعبدالله بن الزبير على اليمن . ولما أضيفت اليمن الى ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 72هـ (691م) ولى الحجاج على حضرموت الحكم بن مولى الثقفي . وتذكر روايات تاريخية أن الولاة الأمويين الحقوا بأهل اليمن وحضرموت من الجور والعسف ماأثار الحفائظ واضرم الصدور غيظا عليهم ، الامر الذي ادى الى ثورة عبدالله بن يحيى الكندي ، والملقب بـ (طالب الحق) وانضمام جانب كبير من الحضارم تحت رايته مما سياتي ذكره ، وكان على حضرموت حينئذ من قبل الامويين ابراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي . ثورة عبدالله بن يحيى الكندي بحضرموت شاخت الدولة الاموية ، وبداء التصدع في جوانبها من عهد الوليد بن يزيد ، ولم يكن اليمانية ــ وهو أعظم جند الشام ــ راضيين عنه .ومن المعروف أن جند الشام هم الذين ارتكزت على اسنتهم وحرابهم الدولة الاموية . فجرؤت النفوس على الخروج على الملك الاموي ، ونجمت قرون الفتن والاحزاب والمؤامرات السرية ضد الدولة ، وانتشرت المناوشات الدامية في شتى انحاء المملكة الاموية ، وغدت بها اوصال الدولة اشلاء مقطعة بايدي الطامعين والثائرين والحاقدين مما اوقع في النفوس يقينا انهيارها وقرب اضمحلالها. هذه الحالة التي كانت عليها الدولة الاموية جرأت أبا حمزة الحروري الاباضي على التآمر مع عبدالله بن يحيى الكندي للقيام بثورة في حضرموت وعموم اليمن ضد الحكم الاموي ، لاسيما ان عبدالله بن يحيى كان في طليعة المتذمرين من الحالة السيئة التي عمت اليمن وحضرموت على ايدي الامويين. وكان ابو حمزة المختار بن عوف الازدي السلمي (واحيانا يسمى الحروري الاباضي) أحد أهل البصرة ممن لبى دعوة عبدالله بن اباض التميمي الخارجي . وتتلخص دعوة عبدالله بن اباض في ان (أهل القبلة) أي المسلمين ، هم غير كفار ، ولكنهم غير مشركين ، فمناكحتهم وموارثتهم جائزة الا ان أموالهم من السلاح والعتاد عند الحرب حلالان ، وأن مرتكبي الكبائر ليسوا بمؤمنين ، ولكنهم موحدون ، وان مرتكب الكبيرة كافر كفر النعمة لا كفر الملة ، وانهم لا يتولون من الخلفاء الاربعة غير الخليفتين ابي بكر وعمر وان الخليفتين عليا وعثمان قد خالفا ــ حسب زعمهم ــ سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الى غير ذلك (9) . وقد سميت هذه الفرقة بالاباضية نسبة الى عبدالله بن اباض المذكور ، وهي احد فرق الخوارج. والحقيقة ان وجود الخوارج بحضرموت كان قديما، وأول اتصالهم بحضرموت كان في بداية النصف الثاني من القرن الاول من الهجرة ، (685م ) فقد بعث اتباع نجدة بن عامرالحنفي الخارجي ، المتغلب على اليمامة والبحرين ، بأنصارهم الى حضرموت سنة (66هـ) (685م) وولوا ابا فديك لقبض الصدقة باسم الفرقة النجدية (نسبة الى نجدة بن عامر المذكور) ، وكان هذا أول اتصال الخوارج بحضرموت ، وقد أحدث ذلك جوا صالحا لتلقي نحلة الاباضية بالقبول والاذعان . وكان اباحمزة المختار يتردد على مكة كل عام ويدعوا الى الثورة ضد مروان بن محمد الاموي ، والى اعتناق المذهب الاباضي . وفي سنة 128هــ (745م) اتصل ابو حمزة في مكة بعبد الله بن يحيى الكندي من اهل حضرموت وشرح له فكرته الثورية ومذهبه الاباضي ، فاستحسن عبدالله بن يحيى ماقاله ابو حمزة وخرج ابو حمزة وعبدالله بن يحيى وجماعة من انصار ابي حمزة الى حضرموت وهنا اعلنوا الثورة على مروان بن محمد ودعوا البيعية لعبدالله بن يحيى ولقبوه (( طالب الحق)) . كان ذلك سنة 129هـ (746م) وكان هذا أول وجود المذهب الاباضي بحضرموت . فكثر انصار (طالب الحق) لا سيما ان الناس قد برموا بالحالة في حضرموت من عمال بني امية وظلمهم وعسفهم كما تذكر الروايات التاريخية . وكان على حضرموت من قبل الامويين ابراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي ، (10) فاعتقله انصار (طالب الحق ) ردحا من الزمن ثم اخلوا سبيله . وكتب عبدالله بن بحيى الى من كان على مذهبه في صنعاء في الفين من رجاله الحضارم واستولى عليها ثم بسط سلطانه على اليمن , وأقام عبدالله بن يحيى بصنعاء شهرا كان الخوارج (الشراة) يأتون خلاله اليه من كل مكان حتى كثر جمعه ، الامر الذي شجعه على الاستيلاء على مكة والمدينة ، وكان ذلك سنة 130هــ (747م) اذ انه فعلا وجه الى تلك المدينتين الشريفتين اباحمزة المختار واخرين من انصاره على راس جيش كثيف واستولى ابو حمزة على مكة والمدينة . ولما بلغ مروان بن محمد الاموي (11) خبر استيلاء ابو حمزة على مكة والمدينة جرد له من الشام حملة عسكرية قوية بقيادة عبدالملك بن عطية السعدي . فكانت معركة بين الامويين والاباضيين في مكة قتل فيها ابو حمزة وأكثر انصاره . أما الباقون من انصار ابي حمزة فقد لاذوا بالفرار الى صنعاء. وتحرك عندئذ عبدالله بن يحيى (طالب الحق ) بجيش من صنعاء ضم فلول جيش ابو حمزة . والتقى بجيش ابن عطية السعدي في الطائف ودارت بين الفريقين معركة في الطائف قتل فيها (طالب الحق ) وجمع كبير من انصاره وتوجه ابن عطية الى صنعاء لمقاتلة من بقى فيها من الخوارج وتمكن من قمع ثورتهم وكسر شوكتهم . عند ذلك فر من بقى من الاباضيين على قيد الحياة الى حضرموت فتعقبهم ابن عطية وقضى عليهم واحتل مدينة شبام وكانت مركزا هاما لهم . ثم أتى ابن عطية كتاب من مروان ابن محمد يأمره بالذهاب على عجل الى مكة ليحج بالناس ، فصالح ابن عطية اهل حضرموت ، وذهب الى مكة ومعه جماعة من الحضارم فلما كان ببلاد مراد قتله الاباضية . فلما علم ابن اخي عبدالله بن عطية (12) وهو بصنعاء خبر قتل عمه ، أرسل شعيبا البارقي على راس جيش الى حضرموت ، فاوقع بالاباضية الذين كانوا بها . الا ان قسوته تجاوزت الحدود فقد قتل صبيانهم وبقر بطون نسائهم وأتلف اموالهم واخرب ونهب قراهم . واخمدت ثورة الاباضية بحضرموت سنة 130هـ ( 747م) ، وللمؤرخين الحضارم وغيرهم عن شخصية (طالب الحق ) وعن ثورته وأهدافها احاديث مطولة ومتضاربة لونتها الاهواء بأصباغها. حضرموت في العهد العباسي كانت الدولة الاموية تلفظ أنفاسها الاخيرة في عهد مروان بن محمد الجعدي . فكتب اليه نصر بن يسار رسالة يعلمه فيها عن مغزى دعوة ابي مسلم الخراساني وضمها الابيات التالية وهي مشهورة في التاريخ الاموي ، والابيات لأبي مريم البجلي :ـ أرى خلل الرماد وميض نار ** ويوشك أن يكون لها ضرام فان النار بالعودين تذكــــــى ** وأن الحر اولها الكــــــــلام لئن لم يطفها عقلاء قـــــــوم ** يكون وقودها جثث وهــــام أقول من التعجب ليت شعري** أأيقاظ أمية أم نــــــــــــــيام فأن كانوا لحينهم نيامـــــــــا ** فقل قوموا فقد حان القـــــيام . وفي سنة 133هـ (750م) انهزم مروان بن محمد الجعدي عسكريا امام طليعة الحركة العباسية الصاعدة ، ففر بفلول جيشه الى مصر وقتل في قرية (بوصير) المصرية . وتولى الحكم ابو العباس السفاح ، أول خلفاء بني العباس ، فولى على اليمن عمه داوؤد بن علي فتوفي في السنة نفسها. فعين مكانه ابن خاله محمد بن يزيد بن عبد المدان الحارثي ، وفي سنة 134 هـ (753م) عين السفاح على اليمن علي بن الربيع بن عبدالمدانالحارثي . وتوفي السفاح سنة 136هـ ( 753م) وتولى بعده ابو جعفر المنصور ، فاستعمل على اليمن عبدالله بن الربيع بن عبدالمدان الحارثي ، فثار اهل اليمن سنة 142هـ (759م) فعزله المنصور وولى مكانه معن بن زائدة ولما قدم معن اليمن قتل اهلها قتلا فاحشا ، وقد استعمل على بعض مخاليفه ، ومنها حضرموت ، بعض اقربائه . وكان بعض اقرابته فسقة ظالمين ، فقتل اهل المعافر (13) أحدهم وقتل الحضارمة آخر منهم ، فشدد معن بن زائدة في الانتقام من أهل المعافر ومن الحضارم الا ان القتل في الحضارم كان فظيعا حتى بلغ عدد القتلى خمسة عشر الفا كما يذكر المؤرخ الديبع (14) وذلك لأن الحضارم حاربوه وقاوموه .، وذكر الديبع ايضا ان معن بن زائدة عاقب اهل اليمن بأمور اخرى غير القتل وذلك بأن البسهم السواد وقد مدح الشاعر مروان بن ابي حفصة معن بن زائدة بقصيدة على ماصنع بأهل حضرموت ، ومن تلك القصيدة الاربعة الابيات المشهورة التالية:ـ لقد اصبحت في كل شرق ومغرب ** بسيفك اعناق المريبين خضعا وطئت خدود الحضرميين وطا ة ** لها انهد ركن منهم فتضعضعــا فأقعوا على الاذناب اقعاء معشــــر** يرون لزوم السلم أبقى وأنفعـــا فلو مدت الايدي الى الحرب كلهــا ** لكفوا ومامدوا الى الحرب اصبعا وبقى معن واليا على اليمن تسع سنين حتى ولاه المهدي العباسي (158ــ 169هـ‘) (774ـ 785م) سجستان بأرض العجم ، واستخلف على اليمن ابنه زائدة بن معن ، فمكث واليا بها ثلاث سنين (15). بيد ان الحضارم بعثوا الى معن بن زائدة من يغتاله في مستقر حكمه ببيست (سجستان) . وهكذا توالى خلفاء بني العباس على الحكم في بغداد ، وتوالى عمالهم على اليمن ، وكانت اليمن تموج بالفتن والاضطرابات والاطماع السياسية . وكانت الحالة العام بحضرموت ليست باحسن ولا بأهداء مما هي عليه في مخاليف اليمن الاخرى . ثم تولى الحكم الخليفة المأمون سنة 198هـ (813م) . وعلى اثر تولي الحكم الخليفة المامؤن سنة 198هـ (813م) . وعلى اثر تمرد قبيلة اشاعر باليمن عين المامؤن عاملا له على تهامة هو محمد بن عبدالله بن زياد سنة 202هـ (817م) . دولة بني زياد فأخضع ابن زياد الاشاعر واعاد الامور الى نصابها وجعل مدينة زبيد عاصمة حكمه سنة 204هـ (819م) وفي سنة (205هـ) (820م) أنشاء محمد بن زياد هذا (دولة بني زياد) باليمن ، وقد سماها المؤرخ بها ء الدين الجندي (صدر الدولة اليمنية الحديثة ) اذ كانت أول دولة تقام في اليمن مستقلة عن النفوذ العباسي . وحكم محمد بن زياد اليمن زهاء اربعين سنة حتى توفي ، وخلفه على الحكم أبنه ابراهيم سنة 242هـ (856م) . وقد دامت دولة بني زياد مايقرب من مئة وسبع وتسعين سنة ، كان آخر حكامها الحسين بن سلامة ( 391ـ 402هـ ) (1000ـ 1011م ) وهو مولى بني زياد ، وقد تولى الحكم حيث لم يبق من بني زياد غير طفل صغير اسمه ابو الجيش . دولة بني يعفر وخلال حكم بني زياد في تهامة ، قامت سنة 225 هـ (839م) دولة بني يعفر في شبام (16) اولا ثم في (صنعاء) . وقد أنشاها ابراهيم بن يعفر ، وكان والده يعفر بن عبدالرحيم الحوالي الحميري قد عين عاملا على صنعاء سنة 262هـ (876م) من قبل الخليفة العباسي المعتمد بن المتوكل 256ــ 279هـ (869 ــ 892م) وتلاشت دولة بني يعفر سنة 393هـ وكان اخر حكامها اسعد بن عبدالله ( 387 ـ 393 هـ ) ( 997 ــ 1002م) ، وفي عهد هذه الدولة غزاء القرامطة اليمن سنة 292 هـ (905م) بزعامة علي بن الفضل القرمطي . وعلي بن الفضل هذا يمني وهوشخصية شاذة برزت على مسرح الاحداث اليمنية في اليمن الاعلى ، وكان اول ظهوره في يافع بصفته داعيا لعبيد الله المهدي من ذرية عقيل بن ابي طالب . وقد تمكن ابن الفضل من الظهور بالزهد والصلاح فالتف حوله اناس كثيرون . ثم استطاع جمع اموال طائلة سخرها في الفتن والاطماع السياسية ، فراح يغزو الاقاليم اليمنية . وفي (المذيخرة) (17) التي جعلها قصبة ملكه نشر مذهبه الاباحي الذي أجمله في قصيدة مشهورة ، منها قوله :ـ خذي الدف ياهذه واقــــــربي ** وغني هذاديك (18) ثم اطـــــربي تولى نبي بني هاشـــــــــــــم ** وهذا نبي بني يعــــــــــــــــــــــرب لكل نبي مضى شــــرعـــــــة ** وهاتا شريعة هذا النـــــــــــــــــبي فقد حط عنا فروض الصــــلاة ** وفرض الصيام فلم نتعـــــــــــــــب اذا الناس صلوا فلا تنهضي ** وان صاموا فكلي واشــــــــــــربي ولا تطلبي السعي عند الصفا ** ولا زورة القبر في يثــــــــــــــرب ولا تمنعي نفسك المعرســين ** من الاقربين او الاجنـــــــــــــــبي بماذا حللت لهذا الغريـــــــب ** وصـــــــرت محـــــرمـــــــة للاب اليس الــــــــغراس لمن ربه ** وأسقاه في الزمـــــــــــن المجــدب وما الخمــر الاكماء السمــاء ** يحل فقد ســـت من المــــذهــــــــب (19) وقد هاجم القرامطة حضرموت في بداية القرن التاسع الهجري ( 913م) وبقى لهم نفوذ بها فترة من الزمن ، وكان المذهب القرمطي ، الذي أول ماظهر في العراق ، قد انتشر في بعض انحاء العالم العربي . ولم تدم الحركة القرمطية اكثر من ثلاثين عاما على وجه التقريب . الامامة في اليمن وفي سنة 284هـ (897م) بويع الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم (من ذرية الحسن بن علي بن ابي طالب ) أول امام في اليمن ، وكان مستقره (صعدة) . وكان بعض أهل شمال اليمن الاعلى قد استدعاه من المدينة المنورة حيث عرف بالعلم والعبادة والتقوى والصلاح . وله مؤلفات منها (الاحكام) وقد نهج فيه نهج الامام مالك في (الموطا) وكذا (المنتخب ) و(الفنون) في الفقه. ومعظم ائمة اليمن قد انفصلت عن الحكم العباسي . ودارت بين الامام الهادي وبني يعفر وغيرهم من ذوي السلطة السياسية في اليمن معارك عديدة ، كما أن اصطدامات دموية جرت بينه وبين علي بن الفضل القرمطي . حالة حضرموت بين 402ـ 662 هـ (750ـ 1010م) في خلال هذه الفترة التاريخية ظلت حضرموت تحت حكم اليمن الاعلى اسميا . فكان أهله في واقع الامر ، هم الحكام الفعليون لها، وكانت البلاد الحضرمية مجزأة الى مناطق عشائرية يتحكم في كل منطقة منها رئيس عشائري من ذوي القوة والمنعة . ومن المؤسف له أن المؤرخين أهملوا تاريخ حضرموت عن تلك الفترة . وكلما يعرفهم عنها هو قولهم (ان الحاكم الزيادي أو اليعفري بسط حكمه على حضرموت ) ولا اكثر من ذلك . والحقيقة ان استقلال حضرموت بشئونها كان متسقا مع طبيعة الاشياء ذلك ان الحكام في شمال اليمن كانوا في شاغل بفتنهم المستعرة فيما بينهم ، بل انهم في الواقع كانوا حكام قرى ومدن او مناطق قبلية محدودة ، ولم يكن أحد منهم من ذوي الشوكة والنفوذ الواسعين ، ومنهم من كان (يعدل) (21) بلاده للحكام الاجانب . قدوم المهاجر أحمد بن عيسى الى حضرموت ومن أهم ماحدث في حضرموت ابان العهد الزيادي قدوم السيد احمد بن عيسى جد العلويين بحضرموت . وكان قد قدم من البصرة سنة 318هـ (930م) يرافقه ابنه عبيد الله وحفيده بصري بن عبيدالله وجماعة من عائلته وأتباعه. قدم المهاجر اولا الى قرية (الجبيل) بوادي دوعن ، ولم تطل اقامته بها ، فغادرها الى مدينة الهجرين، ثم اتجه منها الى قارة (بني جشير) وهي احدى قرى كندة القديمة . وتقع هذه القرية بالقرب من قرية (بور) . وكان لقدوم المهاجر الى حضرموت ولاحفاده من بعده أثر عظيم في تاريخ حضرموت السياسي والاجتماعي والمذهبي ، وقد غدا أحفاد المهاجر الى اليوم من أهم مصادر التصوف في حضرموت. فقد كانت الاضطرابات الثورية في جنوب العراق خلال الحكم العباسي وهذا السبب نفسه هو الذي دفع من قبل بأئمة اليمن الى الفرار من العراق الى المدينة المنورة . كما دفع بجد آل باوزير الى الفرار من العراق الى المكلا. أما سبب قدوم المهاجر الى حضرموت واختياره لها دارا بعد ان طاف بالحجاز واليمن الاعلى بعد مغادرته وطنه الاصلي العراق ، وكذا قبره ومذهبه ونواح أخرى من نشاطه وتاريخ حياته بصورة عامة فقد كتب عن كل ذلك المهتمون بتاريخ هذا السيد الجليل الصفحات العديدة ، وهي ممتعة ومفيدة لمن يهمه الاطلاع عليها، وقد توفي المهاجر بالحسيسة سنة 345هـ (956م) ودفن بها . ويعرف احفاد المهاجر في حضرموت بالعلوين نسبة الى جدهم الاعلي علوي بن عبيدالله بن احمد بن عيسى المهاجر. وفي رأينا أن احدا من الذين تديروا حضرموت ، في تاريخها المعروف ، حكاما او محكومين ، قادة او اتباعا ، لم يترك من المعالم البارزة في هذه البلاد ماتركه السيد المهاجر وبعض الاكابر من احفاده (22) فقد كان تأثيرهم على سير الاحداث بحضرموت أقوى من تاثير مشائخ حضرموت ،على ما للمشائخ من نفوذ وسمو مقام عند الحضارم. ومما وقفنا عليه من تاريخ حياة المهاجر وبعض من احفاده أن ابرز ما تميزت به عهودهم أنهم لم يسعوا الى ملك او سيطرة سياسية في حضرموت ولكنهم انما كان بعضهم بحق ، ورغم كل المكاره التي صادفتهم ، دعاة خير الى الطرائق السوية ، وكان مشهورهم تغمره بركة مستورهم كما قد قيل قديما عنهم . دولة بني نجاح بعد وفاة الامير الحسن بن سلامة ،آخر ولاة بني زياد ، استولى على الحكم نجاح الحبشي ، احد موالي بني زياد، واستقل بالسلطة في تهامة وجعل مقر حكمه مدينة زبيد. واستمرت دولة بني نجاح في خضم من الفتن والصراع على السلطة ، مع الصليحيين وغيرهم من عام 403ــ 555 هـ (1012ــ1160م) الا انها دولة كانت منحصرة في تهامة . ومن أمراء بني نجاح ( جياش بن نجاح) وكان يلقب بالعادل بن الطامي ، وهو مؤلف كتاب (المفيد عن اخبار زبيد) . وقد حكم الامير جياش من سنة (486ـ 498 هـ) (1090 ــ 1104م) ، وآخر امراء بني نجاح الامير فاتك بن محمد بن فاتك (540ــ 555 هـ) (1145 ــ 1160م) . دولة الصليحيين أنشاء هذه الدولة الامير علي بن محمد الصليحي (439ــ 458هـ ) (1047ـ 1065م) وكان مقره الاول جبل مسار ثم تمركز بصنعاء . ويقال ان ملك الصليحيين امتد الى حضرموت ساحلها وداخلها . الا اننا لانعلم شياء عن طبيعة ذلك الحكم ولا عن كيفية استيلاء الصليحيين على حضرموت . على انه من المعروف ان الحكام الصليحيين بوصفهم حكام من الشيعة ، قد ساعدوا على توطين مركز العلويين في درجة الاباضيين الذين كانوا مناوئين لهم في حضرموت ، وساعدوا على تقليص النفوذ الاباضي (23). وكانت عدن حين برز الصليحيون على مسرح الاحداث ، تحت حكم بني معن (علاقة لهم بمعن بن زائدة الشيباني) حين كانوا عمالا عليها من قبل بني يعفر. وعندما استولى الصليحيون على عدن أبقوا بني معن نوابا عليها تحت اشراف الامير احمد بن جعفر بن موسى الصليحي والد السيدة ( التي عرفت منذ صغرها بلقب أروى وهو لقب يعني الظبية وقد غلب على اسمها) وبقي الامير احمد بعدن حتى مات في حادثة انهدام منزله عليه . وكانوا بني معن يدفعون للصليحيين جزءا من ايرادات عدن السنوية . وكانت لبني معن علاقات تجارية قوية مع الساحل الحضرمي ، وهي العلاقات التقليدية القديمة بين عدن والشحر . فلما استولى الصليحيون على عدن امتد نفوذهم عن طريق بني معن الى حضرموت ساحلها وداخلها. وقد جعل الصليحيون لهم نوابا على حضرموت ، هم ، كما يقال محليا، آل فارس على الشحر ، وال الدغار على شبام ، وآل قحطان على تريم، وهؤلا جميعهم من الحضارم ، وكانوا من ذوي السلطة في مناطقهم ، ولما زوج الاكير علي بن محمد الصليحي ابنه المكرم بالسيدة أروى بنت أحمد الصليحية ، جعل صداقها جزءا من ايرادات عدن ، فاستمر بنو معن يدفعون هذا الخراج المقرر عليهم . وعندما امتنع بنو معن عن دفع الخراج ، داهم المكرم بن علي الصليحي وطردهم من عدن ، وولاها بعض اقاربه ، وهم العباس والمسعود أبناء المكرم الهمداني ، بعد ان قسم (عدن) الى قسمين بينهما، اذ جعل للعباس حصن التعكر (24) ومايأتي من البر، وللمسعود حصن الخضراء (25) ومايليه من البحر . واستخلفهما للسيدة أروى على ان يسوق كل منهما اليها خمسين الف دينار كل عام . وقد استمرا على ذلك ، كما استمر من جاء بعدهما من اولادهما الى وفاة السيدة أروى. ومن حكام الصليحيين المشهورين السيدة أروى بنت أحمد سالفة الذكر وقد حكمت معظم البلاد اليمنية بعد أن شاركت زوجها المكرم في تدبير شؤون الدولة منذ قيامه حتى مات ، وقبضت على ازمة الامور في البلاد من سنة 484ـ 532 هـ ( 1091ــ 1137م) . ويذكر التاريخ السيدة أروى بالفضل والدهاء ، وسمو التفكير وسداد الرأي ، ولها محاسن في اليمن كثيرة ، منها بناء جامع (ذي جبلة) وعمارة الجناح الشرقي للجامع الكبير بصنعاء ، وغير ذلك من المساجد ومعاهد العلم والوقفيات الكبيرة ، والصدقات ورواتب العلماء والمرشدين والمدرسين ، وقد توفيت السيدة أروى بمدينة (ذي جبلة) (26) سنة 532هـ (1137م) ودفنت بجامعها الشهير بعد ان اسندت ويتها الى آل زريع حيث تولى أمر سباء بن أبي السعود بن زريع الملقب بـــ (الداعي). دولة بني زريع وبني حاتم وبني مهدي لما توفي العباس بن المكرم الهمداني خلفه ابنه زريع بن العباس على ماكان متوليا عليه من عدن ، وقد سميت الدولة الزريعية بأسمه ، وامتد حكم بني زريع من سنة 470ــ 569 هــ ( 1077ــ 1173م) . وقد اشترك بنو زريع الى جانب الصليحيين في صراعهم ضد بني نجاح وحققوا انتصارات لها شان في التاريخ ، وبعد ان ضعف شأن الصليحيين بوفاة السيدة أروى بنت أحمد امتد نفوذ بني زريع الى خارج عدن ، فاستولوا على المعافر وتهامة في حياة الداعي سباء ابن ابي السعود . وقد توفي الداعي سنة 533هــ (1138م) بحصن الملوة. وكان اخر أمراء بني زريع أبو الدر جوهر العظمي ، وقد حكم بين سنة 560و569هـ (1164ــ 1173م) ومنه انتزع الايوبيون ملك اليمن . وخلال عهد الصليحيين والزريعيين قامت في اليمن الاعلى دولتان هما دولة بني حاتم (492ــ569م) (1098ــ 1173م) ودولة بني مهدي ( 553ــ 569هـ ) 1158ــ 1173م) ولم يكن لهما أية علاقة بحضرموت . وقد جرف التيار الايوبي هذه الدول الثلاث كما سيأتي ذكر ذلك في الفصول القائمة . الايوبيين في اليمن قامت دولة الايوبيين في مصر على انقاض الحكم الفاطمي ، الذي انتهى سنة 566 هـ (1170م) . وقد اسس هذه الدولة صلاح الدين بن نجم الدين ابو الشكر ايوب ، وباسمه سميت الدولة ، ومن طموحات الايوبيين في الحكم القضاء على الشيعة في مصر ، واحلال السنة محلها واشعال الحرب ضد الصليبيين . وقد تمكن صلاح الدين الايوبي من قهر الصليبيين في عدة وقائع شهيرة ، منها وقعة (حطين) ، كما تمكن من فتح القدس الشريف ، ومن الحاق الهزيمة بالحملات العسكرية الصليبية التي كان يقودها رتشارد (قلب الاسد) ملك بريطانيا. وقد انتشر نفوذ الايوبيين الى العراق وسوريا والحجاز واليمن ، ومن مآثر صلاح الدين الايوبي الخالدة بناؤه مدرسة الازهر الشريف ، لتدريس المذاهب الاربعة ، اما الازهر فقد كان بناؤه في عهد الفاطميين . وقد انتهت دولة الايويين سنة 650هـ (1252م) بقيام دولة المماليك في مصر التي بدأت بالملكة شجرة الدر سنة 648هـ (1250م) . أما قدوم الايوبيين الى اليمن فكان سببه أن الفوضى العشائرية استبدت باليمن ، فاستنجد اهلها بالخليفة الفاطمي بمصر ( وذلك قبل قيام دولة الايوبيين) فأمر وزيره صلاح الدين الايوبي بنجدة اليمنيين ، فبعث صلاح الدين أخاه توران شاه على رأس جيش كبير الى اليمن، فوصل (زبيد) في شهر شوال سنة 569هـ (1974م) وقضى على الفوضويين ، وانهى من تبقى من حكام الصليحيين وبني حاتم وبني مهدي . وهكذا كان قدوم الايوبيين الى اليمن خاتمة كل الدويلات التي كانت قائمة في اليمن الاعلى ، .. ثم اتجه الايوبيون نحو عدن فازالوا عنها وعن نواحيها حكم بني زريع . حضرموت تستقل بأمرها عن اليمن الأعلى وبأنتهاء حكم الصليبيين في اليمن حضرموت تحت ولاتها السابقين المحليين مستقلة بأمرها في بداية النصف الثاني من القرن الخامس عشر الهجري (1059م) . وتقسم حضرموت الى ثلاث امارات او اكثر ، أحداها أمارة آل قحطان ، ومركزها مدينة تريم ، والثانية أكارة آل الدغار ومركزها شبام ، والثالثة امارة ال فارس ومركزها مدينة الشحر. وقد مكثت حضرموت بين هذه الامارات الثلاث تتخبط في ظلام الفوضى والتطاحن بينها، كما تعرضت لاتفاضات الثائرين وغارات القبائل مدة من الزمن ، واستمرت كذلك الى ان استولى عليها عثمان الزنجيلي ، نائب الايوبيين على عدن ونواحيها، سنة 576هـ ( 1180م) ، وقد بقيت هذه الامارات تحت سلطة الزنجيلي ردحا من الزمن ثم انتفضت عليه ، وعادت من جديد تصارع الاقدار ، وكأن لم يكن لاهلها الا الاقتتال فيما بينهم والاقتتال مع الاخرين ، وليس ذلك بمستغرب من حكام عشائريين ينظم علاقاتهم الداخلية والخارجية قول عشائري ماثور وهو ( من عز بز). امارة بني قحطان أول أمراء هذه الامارة هو قحطان بن العوام بن أحمد القحطاني ، ويرجع بنسبه الى فهد بن القيل بن يعفر بن مرة بن حضرموت بن سباء الاصغر . ولا يعرف بالضبط التاريخ الذي أقيمت فيه هذه الامارة أو لعهدها والاحتمال القوي أنها أقيمت في النصف الثاني من القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي) . ومن سلاطين هذه الامارة السلطان عبدالله بن راشد بن شجعنة القحطاني ، وهو الامير المشهور الذي ينسب وادي حضرموت الرئيسي اليه ، فيقال وادي ابن راشد ، وكان هذا فقيها عادلا ، وكان مولده بتريم سنة 553هــ (1158م) . وقد توفي سنة 616هـ ( 1219م) . وأخر سلاطينها، فهد بن عبدالله ، وقد تولى الحكم في حياة ابيه سنة 603هـ (1206م) . امارة بني الدغار أول أمراء هذه الامارة الدغار بن أحمد الهزيلي . والهزيليون أمراء شبام يلتقون في النسب في آل قحطان عند فهد بن القيل يعفر بن مرة بن حضرموت بن سباء الاصغر . وفيهم قال نشوان بن سعيد الحميري :ـ وبني الهزيل وآل فهد منهم *** من كل هش للندى مرتاح وقد قامت هذه الدولة في شبام ، بعد زوال السلطة الاباضية منها وكان آخر سلاطينها راشد بن احمد النعمان ، وفي عهده استولى آل يماني على شبام وكانت نهاية امارة بني الدغار ، وذلك سنة 605هـ (1208م) وبعد طردهم من شبام اقام آل الدغار امارة صغيرة لهم في وادي حجر في العام نفسه . امارة آل فارس بن اقبال لا يعرف الأمير الاول الذي أنشاء هذه الامارة ، ولكن عبدالباقي بن فارس بن اقبال كان اول أمير ذكرته التواريخ ، وقد توفي بمارب سنة 547هـ (1152م) ومن أمراء آل اقبال الأمير عبدالرحمن بن راشد بن اقبال سلطان الشحر واختلف المؤرخون حول نسبه ، فبعضهم يزعم انه من آل فارس بن اقبال وبعضهم الاخر يزعم انه من آل قحطان ، ويبدو لنا انه من آل قحطان الذين استولوا على الشحر بعد أن انتزعوها من آل فارس . وفيها يقول الشاعر الشعبي العدني ابو حنيفة النقيب :ـ أنت أنت الذي ان عادلوا بك ملوك الورى لم يعـــــــــدلوك أنت في البر وهاب القرى ، أنت في البحر وهاب الفلـــوك ان مدح بالكرم معطي المية ، فبما يمتدح موطي اللكـــــوك كل ملاك (قحطان) الورى بكفالة ملكهم قــد كفلـــــــــــــوك (28) وقد استولى على عدد من مدن وقرى وادي حضرموت بالشراء من ولاتها سنة 633هـ (1235م) ولكنها ــ وذلك مايحدث دائماــ خرجت من يده بعد ثلاث سنين من شرائها. وشراء البلدان عادة نقليدية في حضرموت ــ كما كانت في نواحي اخرى من العالم ــ واستمرت الى القرن الثالث عشر الهجري (29). وقد توفي عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالرحمن بن راشد سنة 664هـ (1265م) ودفن بالشحر ، وقيل انه مدفون بناخية أخرى من حضرموت، أن تواريخ قيام وزوال هذه الامارات غير محققة ، اما من الناحية السياسية فلعل اصدق واوجز وصف اطلعنا عليه لهذه الامارات ماقاله الشاطري عنها وهو: ( ان دولة كل من هؤلا الأسر التي توارثت السلطنة على حضرموت لها مد وجزر وابساط وانكماش وقد يعتريها الضعف حتى يكاد يقضي عليها ، ثم تنبعث مرة اخرى من جديد ويتجدد شبابها ، كما ان نهاية زمن السابقة يكون بداية زمن اللاحقة ، وقد يطول هذا الزمن المشترك بينهما يتنازعان فيهما البقاء حتى تتغلب القوية على الضعيفة ، كما يقع هذا كثيرا في التاريخ (وخاصة في تاريخ الدولة اليمنية الشمالية التي مر ذكرها في الفصول السابقة ) . كل هذا مع عدم خلو المطاف دوما بحضرموت من أشخاص وأسر وقبائل وأخرى تتجاذب الحبل أيضا مع هذه السلطنات في عهودها (30) واذا كانت هذه الامارات تتنازع السلطة فيما بينها ومع الطامعين والفوضويين الآخرين في شرقي حضرموت وساحلها، فأن غربي حضرموت ظل مسرحا للصراع العشائري بين قبائل أخرى أهمها قبيلة خيثمة (نهد) ، التي كانت شوكة في جنب الامارات الثلاث سالفة الذكر . عثمان الزنجيلي يغزو حضرموت ( 31) السبب الذي دفع بعثمان الزنجيلي الى غزو حضرموت غير معروف ، فمن المؤرخين من يقرر أن السبب كان (الطمع في الاستيلاء على حضرموت)(32) ومنهم من يرى متأكدا (أن الخوارج هم الذين جاؤوا بالغز(33) الى حضرموت للقضاء على الشيعة وعلى أنصارهم كما يبدو. وفي سنة 575هــ ( 1179م) جهز الايوبيين جيشا من اليمنيين والشماليين ومن الاكراد والاتراك الذين عرفوا في التاريخ الحضرمي بـ (الغز) تحت قيادة عثمان الزنجيلي فأحتل الزنجيلي الشحر ، وبعدها احتل تريم وشبام، فازال بهذا الاحتلال عن هذه المدن سلطان آل قحطان وآل فارس وآل دغار . وفي غزوه هذا ارتكب الزنجيلي بعض الفظائع منها قتل بعض الفقهاء الحضارم. وعاد الزنجيلي الى عدن بعد ان ترك اخاه (الاسود) او (السويد) (24) الزنجيلي واليا على حضرموت . وثارت قبائل حضرموت في عهد السويد الزنجيلي ولم يستطع كبح جماحها وعادت أمارات آل قحطان وآل اقبال وآل الدغار الى الظهور . ولا يعرف ماذا كان مصير (السويد) فأرسل الايوبيين الى حضرموت جيشا كثيفا بقيادة عمرو بن مهدي اليمني لاخضاع الامارات الثلاث . فاستولى ابن مهدي على الشحر وتريم وشبام بعد مجازر رهيبة . وفي سنة 621هـ (1224م) ثارت قبيلة نهد على ابن مهدي في وادي شحوح وهاجمت ابن مهدي في شبام وقتلته . وكان في ذلك نهاية وجود الايوبيين بحضرموت . دولــــــة آل يمــــــــــاني أنشاء هذه الدولة الأمير مسعود بن يماني بن لبيد الضني سنة 621هـ (1224م) على اثر اندحار الايوبيين من حضرموت ، واستولى على معظم مدن وقرى حضرموت الداخل بعد أن طرد منها حكامها الصغار . وقد حاول مسعود الاستيلاء على الشحر ، ولكن حكامها آل اقبال استعصوا عليه فصالحهم على الصداقة المتبادلة وعاد ادراجه الى الداخل . وبما ان (بني ضنه) و(نهد) يرجعون بنسبهم الى رابطة واحدة هي عشيرة بني حرام بن ملكان بن كنانة من قضاعة ، فان (نهد) ساعدوا آل يماني في توطيد دعائم دولتهم أو انهم في الاقل ، لم يعرقلوا نموها وتوسعها. وفي بداية هذه الدولة بدأ شان آل كثير يظهر كقبيلة قوية في حضرموت يرجع اصلها ايضا الى (بني حرام) ، وكان آل كثير قد عمروا مدينة (عينات) سنة 629هـ (1231م) في وادي برح (وهي عينات القديمة لا الجديدة التي اختطها الشيخ أبو بكر بن سالم العلوي ). دولة الرسوليين باليمن الأعلى في سنة 626هــ (1228م) قامت دولة بني رسول ، وينتهي نسبهم الى محمد بن هارون احد وزراء الايوبيين بمصر (وهو من الاكراد) وكان لمحمد هذا حضوة عند الخليفة العباسي ، وكان قد ارسله الى مصر والشام في عدة مناسبات وبهذا اطلق عليه اسم رسول ، وكان أمراء هذه الدولة المنصور بن عمر بن علي بن رسول . وقد انابه المسعود الايوبي ( آخر أمراء بني أيوب) في اليمن (612ـ 626هـ) (1215ــ 1228م) عندما توجه الى مصر سنة 615هـ (1218م) . وقد ظلت دولة بني رسول في حروب مستمرة مع ائمة اليمن رغم تمكن الرسوليين من الاستيلاء على تعز واب وصنعاء وجانب من المقاطعات الشمالية اليمنية . وبالنظر الى الصعوبات التي صادفها مسعود بن يماني في ارساء قواعد دولته ، فقد استعان بالمنصور الرسولي . وقدم الرسولي المدد العسكري لابن يماني ولكنه لم يكن مددا بما فيه الكفاية . ومات مسعود بن يماني سنة 648هـ (1250م) وبنيت على قبره أول قبه تقام بمقبرة الفريط بتريم . وتولى عمر بن مسعود بن يماني الحكم بعد أبيه ، وظلت صلاته ببني رسول مستمرة ، وتولى بعد عمر بن مسعود أمراء عديدون من آل يماني كانت عهودهم كلها صراعا مع الحوادث الدامية . ســـــالم بن ادريس الحــــــبوضي في سنة 673هـ (1274م) ظهر على مسرح الاحداث الحضرمية سالم بن أدريس الحبوضي الظفاري المولد الاحضرمي الاصل . وهو سالم بن أدريس محمد بن أحمد بن محمد بنأحمد الحبوضي نسبة الى قرية حبوضه الواقعة شمال غرب سيئون أو شرقي تريم . كان جده الاكبر محمد بن أحمد عاملا للسلطان محمد بن أحمد الاكحل المنجوي (35) أمير مرباط . فلما مات الاكحل ولم يترك عقبا تولى أمارته بعد محمد بن أحمد البوضي . فلما مات محمد تولى بعده أبنه أحمد الذي بناء مدينة ظفار سنة 625هـ (1227م) وأمر أهل مرباط أن ينتقلوا اليها . وبعد وفاة أحمد تولى بعده ابنه محمد ثم ادريس ثم سالم بن ادريس موضوع حديثنا. وعلى أساس الفتن الضاربة اطنابها في بحضرموت حاول سالم بن ادريس توسيع امارته ، فقدم الى حضرموت سنة 673هـ (1274م) واشترى مدينة شبام واستعمل اخاه موسى عليها. ثم هاجم واحتل مدينة سيئون ودمون . وحاصر مدينة تريم وكانت يومها تحت حكم الامير عمر بن مسعود بن يماني . وحاول ابن يماني الاستعانة ببني رسول ولكنه لم يفز منهم بطائل . ومع ذلك صمد آل يماني في وجه الحصار الحبوضي الذي دام عدة أشهر .. وطال صمود ابن يماني فيئس الحبوضي من الاستيلاء على مدينة تريم وعاد الى مدينة شبام، ثم غادر حضرموت الى ظفار تاركا آل كثير عمالا على ممتلكاته الحضرمية . ويذكر التاريخ ان سالم بن ادريس الحبوضي ، خلال تملكه بحضرموت أوقف الكثير من الاراضي والنخيل في مقاطعات وادي عمد وحريضة وهينن وحورة والهجرين ودوعن ورخية وغيرها على المحتاجين من الغرباء المنقطعين وأبناء السبيل ولا تزال هذه الصدقة الخالدة الى الان معروفة بين الحضارم بـ ( صدقة الحبوضي) الا انها مع الاسف اشبه بالصدقة الضائعة أو هي ضائعة فعلا. وعندما احتل بنو رسول الشحر سنة 677هـ (1278م) وأرغموا حاكمها راشد بن شجعنة بن اقبال على الفرار منها. جهز الحبوضي حملة بحرية وبرية ضدهم لاستعادة الشحر ولكنه لم يفلح في محاولته . ثم جرى بين الرسوليين والحبوضي ماجعل الرسوليين يجهزون على الحبوضي حملة عسكرية الى ظفار . ودارت بين بني رسول والحبوضي معركة في قرية ريسوت القريبة من بلدة ظفار حيث قتل سالم بن ادريس الحبوضي وانهزم جيشه . فاحتل الرسوليين ظفار سنة 678هـ (1279م) وظل بنو رسول يحكمون ظفار حتى سنة 807هـ (1404م) حين اخرجهم منها آل كثير (26). اما حكم الرسوليين للشحر فقد استمر حتى سنة 836هـ (1432م) حين انتزع الشحر منهم الامير محمد بن سعيد أبو دجانة الكندي الذي سيأتي ذكره . وانتهت دولة بني رسول في اليمن الاعلى بالامير مسعود أبي القاسم سنة 858هـ (1454م) . الدولــــة الكــــــثيرية الأولى كان آل كثير ، بعد ان اقاموا مستقرا لهم في عينات قد شرعوا يتناجون فيما بينهم للقضاء على جميع السلطات الفوضوية في البلاد الحضرمية وتشييد (دولة كثيرية) على انقاضها، وطفقوا يجمعون حولهم الانصار ويستعينون بشتى الوسائل للوصول الى هدفهم . ولما قدم الحبوضي الى حضرموت انتهزوا هذه الفرصة فاظهروا له الولاء والطاعة وقاموا بالدعاية له وترويج سياسته ، وتولوا اعماله العسكرية ، فلما عاد الى ظفار مقر مملكته أناب عنه في الديار الحضرمية آل كثير يحكمون بأسمه ، كما تقدم ، وكان ذلك سنة 675هـ (1276م) . وبعد قتل الحبوضي في ظفار تشبث آل كثير بما في ايديهم من البلدان التي كانوا يحكمونها بأسم الحبوضي ، وضاعفوا من جهودهم بالقرب من رجال الدين من علويين ومشائخ فقام هؤلاء بنصرة آل كثير والدعاية لهم بين الجماهير . واستولى آل كثير على معظم المدن والقرى الحضرمية في بداية القرن الثامن الهجري ، واستطاعوا مع الزمن أن يقلصوا امارة آل يماني حتى حصروها في تريم وكان حاكمها محمد بن أحمد بن سلطان آخر أمراء آل يماني . وفي سنة 926هـ (1519م) استولى السلطان بدر بن عبدالله (بو طويرق) على تريم فخلصت حضرموت ــ ساحلها وداخلها ــ لآل كثير وتقوضت دعامة دولة آل يماني بعد ان دامت اكثر من ثلاثمائة سنة بين قوة وضعف ومد وجزر ، حتى خارت قواها والت الى ماآلت اليه ، بعد ان كان قد سرى فيها سوس الانشقاق والتناحر الداخلي . لكن آل يماني وفصائلهم الاخرى كآل تميم والمناهيل أصبحوا في تاريخ متأخر ، من اقوى العوامل في تدمير الدولة الكثيرية عند بزوغ فجر الدولة القعيطية ، كما سيأتي تفصيل ذلك . وفي الثمانينيات في القرن الثامن الهجري (حوالي 1380م) ولد علي بن عمر بن جعفر الكثيري ، وهو أول رئيس يحول الرابطة الكثيرية من قبيلة الى دولة ، وهو أول من نودي به سلطانا (37) من آل كثير على حضرموت ، وقد توفي علي بن عمر الكثيري سنة 825هـ ( 1421م) . دولـــــــة أبي دجــــــــــانة(38) هو الامير محمد بن سعيد بن فارس الكندي المكنى أبو دجانة . وهو كندي الاصل وأمه ابنة معاشر المهري ، وكان مقر دولته مدينة (حيريج) بالاقليم المهري .. ولا يعرف كيف نشأت هذه الدولة . وفي سنة 736هـ (1432م) هاجم أبو دجانة الشحر بمساعدة أخواله المهرة فانتزعها من حكامها الرسوليين ، وبقي الحاكم بها قرابة ربع قرن من الزمن . وفي سنة 858هـ (1454م) التجأ الى الشحر عدد كثير من يافع برئاسة الشيخ مبارك الكلدي ، وكان الطاهريون قد طردوهم من عدن بعد ان استولوا عليها . وحسن اليافعيون لابي دجانة الاستيلاء على عدن ووعدوه بالمساندة وكان هو يخشى ان يداهم الطاهريون الشحر طمعا في الاستيلاء عليها كما قد فعل من سبقهم من حكام عدن من امثال الايوبيين والرسوليين . فهاجم عدن بحملة عسكرية مكونة من المهرة والحموم ويافع وكلد . لكن عاصفة بحرية شتت اسطوله الغازي حول عدن فهزمه الطاهريون واسروه ، وكان ذلك سنة 862هـ (1457م) . ثم أرسل الطاهريون كما قد توقع أبو دجانة ــ جيشا لاحتلال الشحر فاحتلوا جانبها الشرقي وبقيت والدة ابي دجانة تدافع مع من عندها من جنود ابي دجانة من جانب الشحر الغربي . فصالحها الطاهريون على اطلاق سراح ابنها من الأسر على أن تغادر الشحر هي وجماعتها الى حيريج حيث سيصل ابنها رأسا من عدن . فقبلت ولم تغادر الشحر الا بعد أن جاءها نبأ بوصول ابنها الى حيريج . واحتل الطاهريون كل الشحر سنة 862هـ (1457م). دولــــــــــــة بني طاهـــــــــر كان علي بن طاهر تاج الدين بن معوضة الاموي القرشي وأخوه عامر بن طاهر واليين على عدن من قبل السلاطين بني رسول . وعند انتهاء الدولة الرسولية باليمن 858هـ (1454م) احتل الطاهريون عدن احتلالا رسميا وطردوا منها بعض الفصائل اليافعية التي كانت مسيطرة بها كآل أحمد وآل كلد فالتجا آل كلد الى الشحر عند أميرها أبي دجانة . وفي سنة 864هـ ( 1456م) تمكن الطاهريون من الاستيلاء على الشحر ودحر ابي دجانة عنها. فبادر آل كثير وذلك على عهد سلطانهم بدر بن محمد بن عبدالله الكثيري (توفي سنة 868هـ ــ 1462م) وأنشاوا مع الطاهريين علاقات ودية . وبالنظر الى الفتن التي ثارت على الطاهريين في اليمن ، أقام الطاهريون السلطان بدر بن محمد بن عبدالله الكثيري عاملا لهم على الشحر سنة 868هـ ( 1462م) . وكان هذا أول اتصال لآل كثير بالشحر. وفي سنة 886هـ (1478م) جاء سعد بن مبارك أبي دجانة ( ابن اخي محمد بن سعيد) وانتزع الشحر من يد السلطان بدر بن محمد الكثيري . وكانت تلك نهاية سيطرة الطاهريين على الشحر . وفي سنة 901هـ (1495م) هاجم الكثيريون الشحر بقيادة السلطان جعفر بن عبدالله بن علي الكثيري وطردوا أبا دجانة منها ، وكانت هذه نهاية حكم آل ابي دجانة بالشحر . وظلت العلاقات الحسنة قائمة بين آل كثير والطاهريين وكان الكثيريون يدفعون خراجا ــ رمزا للولاء ـ للطاهرين قدره اربعة آلاف اشرفي ذهبا (من ذوات الثمان قطع) وعشرين رطلا من العنبر الاصلي وكميات من المواد الغذائية . ومنبين عمال الطاهريين على عدن الامير مرجان الظافري الذي استطاع بحنكته ودهائه أن يجنب عدن العديد من النكبات ، وفي مقدمتها صد الغزو البرتغالي (39) عنها سنة 923هـ (1517م) وكان هذا الامير على علاقات طيبة جدا مع الحضارم عموما ، حكاما ومحكومين . السلطان بدر بو طويرق الكثيري (40) هو بدر بن عبدالله بن علي بن عمر الكثيري ، وكنيته المحلية (بوطويرق). وهو أشهر سلاطين آل كثير على الاطلاق ، ولد سنة 905هـ ـ (1496م) أي بعد أن احتل جده جعفر الشحر بعام واحد . وكان أخوه محمد ( هو جد الأمراء آل عبدالودود حلان الريدة الشرقية التي كانت تسمى ريدة آل عبدالودود بالمشقاص ) قد تولى السلطنة بعد ابيه سنة 910هـ (1504م) لكن طموح اخيه بدر لم يترك له مجالا للتحرك . فما ان وافت سنة 927هـ (1520م) حتى كان ابو طويرق الحاكم الفعلي لحضرموت ، وبقى اخوه محمدا حاكما على ظفار . لكن ابو طويرق انتزع ظفار من أخيه سنة 947هـ ـــ( 1540م) واستقل بأمر الدولة الكثيرية كلها بعد أن جعل أخاه محمدا حاكما على مدينة الشحر . وفي عهد ابي طويرق هاجم البرتغاليون مدينة الشحر 929 هـ (1522م) في سلسلة غاراتهم الانتقامية الموجهة ضد الحامي والشحر وعدن . وكانت لابي طويرق علاقات ودية مع الدولة التركية التي عبرت عن صداقاتها له بأن ارسلت له ثلة من الجنود الاتراك الى الشحر لمساعدته تحت قيادة رجب التركي . ورغم اصلاحات اجتماعية لها شان أقامها ابو طويرق في عهده ، فقد كان ميالا لفتح ابواب الفتن بينه وبين رؤساء المقاطعات الحضرمية حتى المسالمين منهم ، لذلك كانت المشاحنات الدموية مشتعلة بينه وبين الحضارم طيلة أيام حكمه . وكان موقفه من اعيان الحضارم وبعض الزعماء الدينيين ــ كالشيخ معروف بن عبدالله باجمال والشيخ عمر بن عبدالله بامخرمة ــ موقفا اتسم بالتعسف وقص النظر ، الأمر الذي افسد علاقاته حتى بأفراد اسرته الذين ضاقوا ذرعا في النهاية بتصرفاته الهوجاء فخلعوه عن الحكم وألقوا به في سجن سيئون حيث مات سنة 977هـ 1569م). الشهـــداء السبعــــة والغــــزو البرتـغال من ابرز معالم التاريخ الوطني بحضرموت تلك المقاومة الباسلة التي أبداها أهل الشحر العزل من السلاح في وجه الحملة الانتقامية التي شنها البرتغاليون على مدينتهم . بعد ان انهزم البرتغاليون المستعمرون أمام الامير مرجان الظافري في عدن سنة 923هـ (1517م) أدركوا ان الشحر هي احد الروافد الرئيسية التي تمد عدن بجانب من قوتها ومنعتها. وبما ان البرتغاليين رغم هزيمتهم أمام الامير مرجان ظلوا طامعين في الاستيلاء على عدن ، فقد قرروا ان يدمروا اولا امكانيات الشحر المادية والبشرية حتى لا تتمكن في المستقبل من تقديم أي عون مادي لعدن ، وذلك لكي تصبح عدن سهلة السقوط في ايديهم .فوصل من الهند البرتغالية الى الشحر صباح يوم الخميس التاسع من شهر ربيع الاول سنة 929هـ (1523م) أسطول برتغالي مكون من ثماني سفن حربية واتصل قائده البرتغالي . (لويز دي متريس) بحاكم الشحر الامير مطران بن منصور مطالبا السلطان بدر الكثيري ( بوطويرق) بممتلكات شخص برتغالي زعم انه مات بالشحر وأن السلطان المذكور استولى على تركته . وطلب القائد البرتغالي تسليم المتوفي اليه في الحال والا فانه سوف ياخذها بالقوة. وكان هذا الطلب سببا مفتعلا لغزو الشحر.. فنفى الامير مطران علمه بالشخص المتوفي وبتركته واخبر القائد ان السلطان بدرا في حضرموت الداخل وانه سوف يعود الى الشحر بعد ايام قليلة وانه سوف يعرض الامر عليه . فأصر القائد على تلبية طلبه فاتضح للامير مطران ولاهل الشحر أن البرتغاليون يبيتون أمرا لهم ، وكان من جملة ماقرروه ، أن استعدوا لمنازلة البرتغاليين مهما كلفهم الامر ، وبعثوا برسالة مستعجلة للسلطان بدر أحطاوه فيها علما بالموقف ، كما وجهوا رسالة اخرى الى الامير عطيف بن علي بن دحدح ، قائد منطقة المشقاص ، بطلب النجدة العسكرية السريعة لان حامية الشحر كانت قد ذهبت الى حضرموت الداخل بصحبة السلطان بدر ولم يبق من الجند بالشحر الا بعض المسنين حراسا على بعض المؤسسات الرسمية .وفي بكرة يوم الجمعة العشر من شهر ربيع الاول سنة 929هـ (1523م) نزل الى الشحر سبعمائة من المقاتلين البرتغاليين والهنود ومعهم كل مااستطاعوا توفيره لأنفسهم من آلات التدمير والقتل ، وأبتدأوا يطلقون النار على كل من يصادفونه ، ويضرمون النار في المنازل والمستودعات والاكواخ ،وامتدت أيديهم بالنهب في المحلات التجارية .ودارت معارك في الشحر ثلاثة أيام متوالية استشهد فيها المئات من أبناء الشحر وأحرقت مئات المنازل والاكواخ . وكان قادة المقاومة سبع اشخاص هم :ــ 1. الفقيه العلامة الشيخ يعقوب بن صالح الحريضي . 2. الفقيه الشيخ أحمد بن عبدالله بلحاج بافضل 3. الشيخ سالم بن صالح باعوين . 4. الشيخ حسين بن عبدالله الجمحي (الملقب بــ العيدروس) 5. الشيخ أحمد بن رضوان بافضل 6. الشيخ فضل بن رضوان بافضل . 7. الامير مطران بن منصور حاكم مدينة الشحر . وقد استشهد هؤلاء السبعة في معارك (الايام الثلاثة) ، ودفن ستة منهم في قبر واحد بالشحر يعرف الى اليوم بأسم (قبر السبعة) . أما الشهيد السابع فهو الشيخ أحمد بن عبدالله بافضل فقد دفن في قبة والده الشيخ عبدالله بلحاج بافضل . وفي صباح ثالث أيام المعركة (أي الاحد الثاني عشر من ربيع الاول ) جاء جيش المشقاص بقيادة عطيف بن دحدح لنجدة أهل الشحر فلاذ البرتغاليون بالفرار في سفنهم . فكانت هذه المعركة أول مقاومة تهب في وجه الاطماع الاستعمارية الاوربية في اليمن أو ربما في العالم العربي بأسره عام 1523م. وظلت ذكرى هذه البطولة الوطنية نبراسا يضيء سبيل الفداء والشرف والكرامة عبر صفحات التاريخ الحضرمي . وقد أراد الله أن تسير الحوادث على غير ماأراد البرتغاليون المعتدون فلم يتمكنوا على عدن بعد هذه الحادثة . الدولـة الكثيريـة بعـد أبي طـويرق انقسم سلاطين آل كثير على أنفسهم بعد وفاة أبي طويرق ودخلوا في تطاحن لا نهاية له على السلطة ،حتى كان عام 1024هـ (1615م) عندما استولى على السلطة بدر بن عمر بن بدر بن أبي طويرق . فاستعان هذا الامير بالامام المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم. فاشاع عنه منافسوه انه اعتنق المذهب الزيدي فأدت هذه الاشاعة الى أنقسام الناس بين مؤيد له ومؤيد بين ابن أخيه السلطان بدر بن عبدالله بن عمر ابن بدر أبي طويرق .والى السلطان عبدالله بن عمر هذا تنسب (دولة آل عبدالله) وهي الدولة الكثيرية الثانية التي سوف نتحدث عنها في فصل قادم . وفبي سنة 1070هـ (1659م) تدخل امام اليمن بجيش جرار تحت قيادة القاضي الصفي أحمد بن حسين الحيمي لنصرة السلطان بدر بن عمر ضد مناوئه ابن أخيه بدر بن عبدالله . وكانت النتيجة ، في آخر الامر ، أن تلاشت سلطة آل كثير جميعهم ، واصبح النهي والأمر في حضرموت لزعماء الجيش الامامي الذين ارغموا أئمة المساجد أن يزيدوا في الاذان جملة (حي على خير العمل) فأمتثل بعض الائمة ورفض الآخرون . وفي سنة 1113هـ (1701م) على عهد السلطان بدر بن محمد المعروف انقسم الزيود ويافع (جند الجيش الامامي) ، وعمت البلاد موجات من الجور والاقتتال بين الزيود ويافع ومن كان في صف كل جانب منهما. وفي سنة 1117هـ (1705م) وذهب السلطان بدر الى يافع وبتأييد من العلويين لاستقدام مجندين يافعيين (لانقاد من بها من أهل السنة) (42) وعاد بسته الاف مقاتل وطرد الزيود من حضرموت . لكن يافع مالبثوا ان استبدوا بالامر ، واستولوا على املاك الدولة الكثيرية واقتسموها بين عشائرهم . فصارت (سيئون) لال الضبي و(تريم) لال اللبعوس و(تريس) لآل النقيب و(شبام) لآل الموسطة ..... واستقلت قبائل آل تميم بسلطة في قراهم ، ووصعوا أيديهم في ايدي يافع ضد البقية الباقية من الأمراء الكثيريين ، اذ لم ينس آل تميم أن آل كثير هم الذين قوضوا دولتهم ــ دولة آل يماني ــ بني ضنه . وأخذت الدولة الكثيرية تترنح تحت هذه الضربات المتلاحقة ، ثم أنكفأت على نفسها تلفظ انفاسها الاخيرة رغم محاولات بذلها بعض سلاطين آل كثير لبث الحياة في جسمها المتداعي . وانتهت الدولة الكثيرية الاولى في بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري (1738م) على عهد السلطان جعفر بن عمر بن جعفر الكثيري. وكان آل كثير قد فقدوا ظفار سنة 1135 هـ (1722م) . حكم الطوائف اليافعية بساحل حضـرموت بعد ان تضعضع حال الدولة الكثيرية الاولى ، استولت كل حامية كثيرية ، (وكانت مؤلفة بصورة رئيسية من الجند اليافعيين) متمركزة في ساحل حضرموت ، على السلطة في المكان التي كانت متمركزة فيه وانفردت بالحكم فيه . وكانت تلك الحاميات اليافعية تعرف بـ (المكاتب السبعة) ، ويقصد بالمكتب (الحامية) وهي :ــ 1. مكتب آل كساد في قريتي الديس والحامي ويرجع آل كساد وآل بريك بنسبهم الى ذي ناخب اليافعيين . 2. مكتب آل النشادي في قرية عرف. 3. مكتب آل بريك في حصن خرد وفي القسم الشرقي من مدينة الشحر المعروف بـ (رباط بن جوبان) . 4. مكتب آل البطاطي في حارة الرملة في مدينة الشحر. 5. مكتب ابن عاطف جابر في حارة الجزيرة في مدينة الشحر . 6. مكتب ابن معوضة في حارة الخور من مدينة الشحر وفي منطقة حرير الواقعة غربي الشحر. 7. مكتب آل الشيخ علي بن هرهرة في قرية تبالة . وبعد زوال حكم السلطان بدر بن عمر الكثيري أستأثرت هذه الطوائف اليافعية بحكم المناطق التي كانت تحميها، على ان بعض هذه (المكاتب) كان يظهر ولاء لسلاطين آل كثير الذين تعاقبوا على حكم الساحل الحضرمي أملا منهم في احياء الامجاد الكثيرية الماضية . امــــــارة آل بــريــك وفي عام 1081هـ (1670م) اصبح (مكتب) آل بريك قوة نامية طغت على بقية (المكاتب) اليافعية الموجودة بالشحر واخضعتها لسيطرتها . وفي سنة 1129هـ (1716م) استولى السلطان جعفر بن عمر بن بدر الكثيري على الشحر فارعن له آل بريك بالشحر لكن ملك السلطان جعفر هذا مالبث ان تدهور ، وهنا اعلن ال بريك امارتهم بالشحر سنة 1165هـ (1751م) . وكانت الاسرة البريكية الاقوى تكمن بين الاسر البريكية المتعددة ، اسر الشيخ عمر بن عبدالرب بن بريك متمثلة في ابنائه السبعة هم : ناجي ، وسعيد ، وعبود ، ومرعي ، واحمد ، وجابر ، وشيخان . ومن هنا كان اول حاكم بريكي على الشحر ونواحيها الامير ناجي ابن عمر بن عبدالرب بن بريك وذلك سنة 1165هـ (1751م). امارة آل كســــــاد وفي قرية الديس والحامي ، قام آل كساد يشيدوا لهم امارة . وكان الكساديين مكونين من اسرتين ، احداهما اسرة النقيب حسن بن صلاح الكسادي وكان مقرها قرية الديس ، والثانية أسرة النقيب أحمد بن على الكسادي وكان مقرها في الحامي . ومن الكساديين حلان الديس برز سالم بن صلاح ، ربان سفينة شراعية ، وكان يتردد للتجارة على ميناء المكلا ، ثم طابت به الاقامة بها فجعلها مستقره وكان محبوبا بين الناس وجاء بعده ابنه أحمد فأنشاء الامارة الكسادية بالمكلا سنة 1115هـ (1702م) وهي أول امارة يافعية تقام بحضرموت . غزو الوهابيين لوادي حضرموت الوهابيون هم اتباع الداعية الاسلامي الشهير محمد بن عبدالوهاب النجدي ، وقد تأسس هذا المذهب في اواسط القرن الثامن عشر الميلادي ، في حوالي عام 1221هـ (1806م) على عهد السلطان الكثيري جعفر علي بن عمر بن بدر (ينطقه الحضارم امبدر) ، جاء الوهابيون عن طريق العبر الى وادي حضرموت في حملة استطلاعية عسكرية ، ثم عادوا ادراجهم الى نجران . وفي سنة 1224هـ (1809م) جاء الوهابيون للمرة الثانية غزاة لحضرموت ، وفي هذه المرة ناصرتهم جماعات كبيرة حضرمية من قبائل نهد ويافع والنفر الناقمين على الخرافات الصوفية في حضرموت . وتعرف هذه الحملة العسكرية بحملة (ابن قملا) وهو أحد رؤساء قبيلة دهم اليمانية ، وكان مرشد للجيش الوهابي في توجيهه الى حضرموت ، كان ذلك على عهد السلطان الكثيري علي بن عمر بن جعفر بن بدر. وبما أن عقائد الوهابيين تستنكر ماتعود عليه الحضارم من التبرك بقبور الموتى ، واقامة القباب عليها ، وتقديم النذور ، واقامة الزيارات لها ، فقد هدم الوهابيون كل قباب القبور الموجودة في تريم . واحرقوا بعض الكتب المتداولة في الاوساط الصوفية في مدينة تريم ، اذ ان الوهابيين يعتقدون انها مخالفة لعقيدة التوحيد الاسلامية وخاصة تلك الكتب المليئة بحكايات الكرامات المنسوبة الى بعض العلويين والمشائخ المعتقد فيهم عند الحضارم . ومنع الوهابيون قراءة الراوتب واقامة الحضرات والزيارات للقبور ، وقد مكثوا في حضرموت زهاء اربعين يوما ، ويذكر بعض المؤرخين ، ان فرقة من الجيش الوهابي توجهت الى الشحر لما بلغهم عن ان بالشحر من الخرافات التي التي يلصقها بعضهم بالدين مايشابه ماكان موجودا في تريم ، واقامت هذه الفرقة العسكرية معسكرا لها في منطقة الخور ، ولكنهم كما يقال ـ لم يهدموا شيئا من القباب في الشحر ، وكان ذلك في عهد السلاطين آل بريك . ثم عاد الوهابيون الى نجران مارين بالعبر ، والوهابيون هم الذين حفروا بئر عساكر المشهورة في الاطراف الشرقية لرملة السبعين. وهم الذين مهدوا الطريق المعروفة بدرب الامير ( قائد الجيش الوهابي ) الواقعة في منطقتي قبيلتي الصيعر ودهم في اطراف الصحراء . الغــــــــزو العثمــــــــاني في عام 945هـ (1538م) كانت الامبراطورية العثمانية قد بلغت الذروة في القوة والنفوذ الواسع ، وكان قد خضع لها الكثير من اقطار الشرق الاوسط وافريقيا وبعض البلدان في شرق اوروبا، وكانت اليمن احدى امنيات السلاطين الاتراك لاهميتها من الناحية العسكرية وموقعها الاستراتيجي المهمين على شواطي البحرين العربي والاحمر بحيث يمكن الاتراك من غزو منطقة الشرق الاقصى بما فيها (الهند) . كان الاحتلال التركي لليمن يمثل ثلاث مراحل : الاولى : غزو الاتراك لليمن سنة 1538م وقد قاومتها قوات الامام شرف الدين ثم ابنه المطهر ، وانهزم الاتراك سنة 1568م ، ولم يبق منهم سوى نقطة ارتكاز واحدة في زبيد . وعاد الاتراك ليحتلوا اليمن سنة 976هـ ( 1569م) وانزلوا قواتهم في زبيد ، وبعد مقاومة دامية بقيادة الائمة انهزموا عام 1045هـ ( 1636م) وبذلك انتهت المرحلة الثانية . وفي النصف الاول من القرن التاسع عشر حاول الاتراك اقامة مركز نفوذ لهم في الساحل الحضرمي وخاصة في الشحر وشرمة ، بوساطة آل كثير ومساعي بعض العلويين ولكن قوة يافع المتحدة (آل كساد وآل بريك) انزلوا الهزيمة بالقوة البحرية التي ارسلوها الى الساحل الحضرمي . وبعد ان احتل الانجليز عدن في عام1839م عاد الاتراك فاحتلوا اليمن سنة 1265هـ (1849م) ولكن الصراعات استمرت معخم داخل اليمن واشتدت مقاومة اليمنيين لهم بقيادة الائمة حتى كانت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الاولى عام 1918م ، وكانت هذه اخر هزيمة للاتراك في اليمن . دولة آل عبدالله (أو) الدولة الكثيرية الثانية آل عيسى بن بدر : بعد مضي فترة من الزمن انزوى فيها آل كثير في وادي تاربة كأفراد عاديين بعد ان فقدوا دولتهم التي كانت اعظم دولة قامت في حضرموت واطولها امدا، استطاع السلطان جعفر بن علي بن عمر الكثيري ، بعد عودته من الى حضرموت من اندونسيا طرد يافع الموسطة من شبام والاستيلاء عليها سنة 1218هـ (1803م) . لكن آل كثير مالبثوا أن تنازعوا السلطة بينهم في شبام الى ان انتهى بهذه المدينة العريقة الصابرة الى السقوط سنة 1239هـ (1823م) في يد آل عيسى بن بدر (ينطقها الحضارم عيسى آمبدر) آل كثير، وكان اول سلاطينها عمر بن جعفر بن عيسى بن بدر الكثيري . وتوفي السلطان هذا سنة 1244هـ (1828م) فتولى امر شبام بعده ابنه منصور بن عمر الذي كان بطشه واستفزازه ليافع (43) ، أحد اسباب قيام الدولة القعيطية . وفي سنة 1249هـ ( 1833م) شن يافع الموسطة حملة على شبام واحتلوا نصفها ثم قام الصلح بينهم وبين حاكمها الكثيري السلطان منصور بن عمر ، وهدأت الحالة بعض الشيء ، وفي سنة 1250هـ (1834م) هجم آل كثير على تريس واستولوا عليها وكان بها ابن النقيب السعيد اليافعي وطردوه منها . آل عبدالله :ـ وفي سنة 1261هـ (1845م) ظهر السلطان غالب بن محسن الكثيري على المسرح السياسي الحضرمي ، فاشترى قرية الغرف من آل تميم فكانت هذه القرية نواة دولة آل عبدالله ، وكان مولد غالب بن محسن سنة 1223هـ (1808م) . وفي سنتي 4/5 1226هـ (7/1848م) استطاع غالب بن محسن القضاء على السلطة اليافعية في مدينتي تريم وسيئون. وفي سنة 1283هـ (1866م) طرد آل كثير الامير علي بن ناجي الثاني من الشحر واحتلوها وأنهوا بهذا الاحتلال الاماراة البريكية . وفي السنة نفسها حاول آل كثير الاستيلاء على المكلا وانها دولة الكسادي بها ولكنهم فشلوا . وفي السنة نفسها استطاع التحالف الكسادي/القعيطي انتزاع الشحر من آل كثير ، وبذلك اصبحت الشحر جزاء من املاك القعيطي كما اتفق على ذلك مسبقا بين الكسادي والقعيطي ، وفي سنة 1284هـ (1867م) حاول آل كثير استعادة الشحر من القعيطي ولكنهم فشلوا . وفي سنة 1285هـ (1868م) حاول القعيطي والكسادي القضاء على دولة آل عبدالله في تريم وسيئون ونواحيها ولكنهم فشلوا ، ومات السلطان غالب بن محسن سنة 1287هـ (1870م) . وفي سنة 1336هـ (1918م) خضعت الدولة الكثيرية ، في عهد السلطان منصور بن غالب ، لمعاهدة الحماية البريطانية التي كان قد ابرمها الانجليز مع القعيطي سنة 1306هـ (1888م). وفي سنة 1358هـ (1939م) في عهد السلطان جعفر بن منصور أبرم آل كثير معاهدة الاستشارة مع الانجليز. وفي اكتوبر سنة 1387هـ (1967م) انتهت الدولة الكثيرية بالانتفاضة المحلية التي سبقت استقلال الجنوب اليمني كله في نهاية نوفمبر سنة (1967م) 1387هـ ، وكان اخر سلاطينها حسين بن علي بن منصور الكثيري. الـــــــدولة القعــيطــية نشأت هذه الدولة بشراء عمر بن عوض القعيطي قرية (الريضة) بالقطن من آل العيدروس سنة 1255هـ (1939م) . وفي سنة 1275هـ (1858م) اشترى القعيطي نصف مدينة شبام من حاكمها السلطان منصور بن عمر الكثيري . وفي السنة نفسها قتل القعيطيون السلطان منصور في شبام (44) وأصبحت المدينة خالصة لآل القعيطي . وفي سنة 1282هـ (1865م) توفي عمر بن عوض القعيطي مؤسس الدولة القعيطية وخلفه على الحكم ابناؤه الخمسة محمد وصالح وعبدالله وعوض وعلي ، وكان عوض ابرزهم. وفي سنة 1283هـ ( 1866م) آل حكم الشحر الى القعيطي على أثر الحملة المشتركة التي شنها آل القعيطي بمساندة النقيب صلاح بن محمد الكسادي حاكم المكلا . وفي سنة 1299هـ (1881م) استولى القعيطي على المكلا وبروم وبذلك تم القضاء على الامارة الكسادية بمساعدة الانجليز في عهد الامير عمر بن صلاح الكسادي . وابرمت بين القعيطي والانجليز معاهدة صداقة سنة 1300هـ 1883م) . وفي سنة 1356هـ ( 1937م) ابرم السلطان صالح بن غالب القعيطي معاهدة الاستشارة مع الانجليز . وفي سبتمبر 1387هـ (1967م) انتهت الدولة القعيطية بالانتفاضة المحلية التي سبقت الجنوب اليمني كله في نهاية نوفمبر 30/11/1967م ــ 28/8/1387هـ . وكان آخر سلاطينها غالب بن عوض بن صالح القعيطي . دولة آل العمودي تميزت هذه الدولة ، دون اية دولة أخر قامت على حضرموت بأنها قامت بالدمع بين السلطتين الروحية والزمنية . ولد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ، الذي ينتسب اليه المشائخ آل العمودي سنة 600هـ (1203م) في مدينة (قيدون) بدوعن ، وكان أميا لايعرف القراءة والكتابة ، ولكنه كان ذكي الفؤاد وقد وهبه الله قدرة على الرياضة وسلوك طريق الصوفية ، وقد استطاع هذا الامي ، بفضل قوة شخصيته أن يخلق له مكانة مرموقة بين رجال الدين والتصوف في عصره ، وأن يجمع حوله الانصار والمريدين ، وأن يصبح أحد مشاهير الدعاة الى الله بين البادية والحضر ، وأن يؤسس له في دوعن نفوذا روحيا تطور على مدى الزمن حتى اصبح نفوذا سياسيا لعب دورا هاما في تاريخ حضرموت . وقد سماه معاصروه من رجال التصوف في حضرموت (عمود الدين) . وتوفي الشيخ سعيد بن عيسى بقيدون سنة 671هـ (1272م) ودفن بها، وقد خلف من بعده أبنه محمد فثبت مكان أبيه في نفوس الناس . وتوارث هذا المنصب اولاده واحفاده ، والتف حولهم رؤسا القبائل وكثير من حملة السلاح، وقد بلغت درجة النفوذ الروحي عند آل العمودي حدا جعلهم بفضلها لا يشعرون بالولاء والطاعة لاية سلطة سياسية في البلاد ، ولهذا فكروا في الاستقلال السياسي وبسط نفوذهم المادي الى جانب نفوذهم الروحي . ثم ألت السلطة الى الشيخ عبدالله بن عثمان بن سعيد العمودي ، وكان أول من استعمل نفوذه السياسي على بلدة الخريبة في دوعن سنة 838هـ (1433م). وخلفه الشيخ عثمان بن أحمد العمودي في النصف الاول من القرن العاشر الهجري . وقد عاصر الشيخ عثمان السلطان بدر ابا طويرق الكثيري ، ونشأت بين هاتين الشخصيتين خصومة ولدتها القوة الذاتية الكامنة في كل منهما. وقد تسلح آل العمودي (بالبنادق) ربما قبل الوقت الذي تسلح به جنود ابي طويرق . لذلك كان العمودي ينازل ابا طويرق على قدم المساواة في السلاح . وعندما عقد أبو طويرق علاقات ودية مع الاتراك ، أعلن العمودي عدم موافقته على تصرفات بدر وانحاز الى أمام الزيدية في اليمن وكون في اليمن جبهة سياسية معارضة لسياسة ابي طويرق . وفي الوقت الذي كان ابو طويرق يتودد فيه الى البرتغاليين ويسكت عن قرصنتهم ضد السفن الحضرمية في أعالي البحار ، كان العمودي ينادي بالجهاد ضد البرتغاليين المعتدين . وامعانا في احراج ابي طويرق وأظهاره بمظهر السلطان المتخاذل الممالي للافرنج القراصنة ، شن العمودي سنة 930هـ (1531م) غارة على بلدة تبالة بالشحر ، وكان تجار الشحر يخزنون بها أموالهم خيفة مهاجمة البرتغاليين الشحر وعدم قدرة ابي طويرق الدفاع عنهم وعن أموالهم ، ونهب العمودي تلك الاموال . ثم استولى على وادي دوعن (الأيمن) ثم على وادي دوعن (الأيسر) وكانا تابعين لابي طويرق . وكان رد الفعل من أبي طويرق أن هاجم مدينة آل العمودي المقدسة (قيدون) ، التي بها قبر الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ، ونهبها وهدم خزان المياه الذي بها واذاق جند أهلها صنوفا من التعذيب والعسف . وتخت أغراء المال أنحاز رئيس جند العمودي الى أبي طويرق ، وقد حاول ابو طويرق أن يحيل (قيدون) الى قرية صغيرة حيث انه أمر تجارها وأعيانها بالانتقال الى المدن المجاورة ، وفي سنة 949هـ (1542م) هاجم ابو طويرق مدينة (بضة) مقر السلطة العمودية ، ولكنه لم يستطع التغلب عليها . وفي سنة 955هـ (1548م) حاصر ابو طويرق (بضة) للمرة الثانية بجيش يحت قيادة الامير يوسف التركي والامير علي بن عمر الكثيري . وأخذ الكثيريون يرمون (بضة) بالمدافع .. لكن هذا الحصار انحسر عن (بضة) بسبب انتفاضات قامت ضد أبي طويرق في مناطق أخرى من سلطنته الحضرمية ، وبمساندة القبيلة النهدية هاجم العمودي (شبوة) التي كانت من املاك ابي طويرق وقد حاول الامير علي بن عمر الكثيري ــ عامل بدر في شبوة ــ فك الحصار فلم يفلح ، فدخل جنود العمودي شبوة ونهبوا ماكان بها من أموال . وفي سنة 956هـ (1549م) عقد السلطان بدر صلحا مع العمودي بعد ان بأت بالفشل محاولاته للقضاء على سلطة العمودي ، وقد دام هذا الصلح الى ان القى ابناء ابي طويرق القبض على ابيهم والزج به في السجن . وفي اجواء سنة 1014هـ (1605م) شبت الفتنة من جديد بين آل كثير وآل العمودي . وظل آل العمودي موالين لأئمة اليمن مدة حكمهم السياسي في دوعن ، ففي سنة 1070هـ (1659م) عقد الامام في صنعاء ولاية رسمية للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العمودي ، بناء على طلب الأخير. ولما غزا الزيود حضرموت في العام نفسه ، بقيادة الصفي أحمد بن حسن الحيمي ، في عهد الامام المتوكل اسماعيل بن القاسم ، قدم الشيخ عبدالله العمودي ، بوساطة ابنه محمد ، المواد الغذائية ووسائل النقل من جمال وحمير للجيش الزيدي الزاحف على آل كثير. ودارت الايام دورتها ، وقد توسعت شقة الخلاف بين رؤساء آل العمودي في أواخر القرن الثاني عشر الهجري (1784م) . وقد ادى هذا التناحر فيما بينهم الى لجوء بعضهم الى الكسادي أمير المكلا مستنصرا به على منافسيه من أبناء عمومته ، فارسل الكسادي سنة 1286هـ (1869م) جنودا بقيادة مجحم بن علي الكسادي فاستولى على اكثر وادي دوعن . لكن آل العمودي ،بعد أن تضايقوا من تصرفات جنود الكسادي عادوا فتضامنوا للتخلص من هذا الاحتلال ودارت بينهم وبين الكسادي معارك انتهت بجلاء الكسادي عن دوعن . والممتع في الأمر ان آل كثير اعداء العمودي القدامى وقفوا ال جانبهم ضد الكسادي اليافعي ، نصيرهم بالامس ، كما وقف الى جانبهم خصم جديد للكسادي هو القعيطي اليافعي ، والايام تلد العجائب !! لكن التطاحن بين آل العمودي ظل مشتعلا ، وقد اكتوى به سكان الوادي العزل من السلاح فالتجأوا الى القعيطي وطالبوه بأنقاذهم . فاستقدم القعيطي الى المكلا الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عبدالكريم العمودي أحد رؤساء آل مطهر ، واتفق معه على أن تكون السلطة القعيطية هي المسؤولة الاولى في منطقته عن الامن وقرر له مرتبا شهريا على ان ينحصر نفوذ العمودي في داخل منطقته ، فكان ذلك بداية التدخل القعيطي وبداية النهاية لحكم آل العمودي . لكن الشيخ عبدالرحمن ظل مرها الرعايا بالضرائب الفادحة لاشباع حاجته الى المال الذي يقدمه وقودا للفتن والدسائس ضد الرؤساء والاخرين من آل العمودي. فاضطر القعيطي الى حرب الشيخ عبدالرحمن ، ففر العمودي الى جهة الوديان الغربية (القبلة) حيث جمع عسكرا من البادية وهاجم بلدة الخريبة واستولى عليها وأكثر النهب والسلب في الوادي . فهاجمه القعيطي مرة اخرى ، مستعينا بقبائل الوادي ، وانتهى الأمر بهزيمة العمودي سنة 1317هـ (1899م) . واحتل القعيطي الخريبة والقرى والقرى التي كانت تحت نفوذ ( ابن عبدالكريم العمودي) . واسند القعيطي حكم وادي دوعن ( أيمنه وايسره) الى المقدم عمر بن احمد باصرة الخامعي السيباني الذي قدم للجيش القعيطي مساعدة فعالة في حربه ضد العمودي . دولـــــة نهــــــــــد كانت قبيلة (خيثمة) أشهر قبائل (نهد) وأكثرها عددا واصعبها مراسا، وهي التي كانت تترأس الحركات التي تقوم بها القبائل المنسوبة حقيقة أو اسما الى نهد. وفي القديم ، كانت القبائل الوافدة الى اليمن او من عمان الى حضرموت يقال لها (نهد) وذلك لانطواء تلك القبائل النازحة عن اوطانها تحت لواء خيثمة . وفي القرن السابع الهجري (حوالي 1252م) آلت رعاية خيثمة الى عامر بن شماخ ، واخيه فضالة بن شماخ ، وابنه عمر بن عامر بن شماخ ، وعمر هذا هو جد آل عامر المعروفين منذ ذلك العهد الى اليوم . اما فضالة بن شماخ فهو ابو عامر بن فضالة بن شماخ جد آل عبدالله وآل بشر المتوفي سنة 681هـ (1282م) ببلدة عمد وقبره بها معروف وفي سنة 636هـ (1238م) تجمعت خيثمة ومن تبعها من نهد تحت رائيسها عامر بن شماخ المذكور فاجتاحت حضرموت واستولت على شبام وسيئون وتريم . وقد تشجع (نهد) على هذا العمل قتلهم عمر بن مهدي اليمني ــ قائد جيش الايوبيين ــ سنة 621هـ (1224م) ، فكانوا يرون ان دولة آل يماني في شرقي حضرموت ماقامت الا على كواهلهم . وعندما احتل الرسوليون جانبا من حضرموت سنة 637هـ (1239م) هادنتهم نهد ، وبذلك ضمنوا تاييد الرسوليين لهم لكن نهد عادت وانقلبت على الرسوليين عندما احست بضعفهم واقامت (دولة نهد) في مناطق حضرموت الغربية جاعلت بلدة (السور) قاعدة لها. وصارت الزعامة على هذه الدولة حينئذ لآل عامر نسل عمر بن عامر بن شماخ بن عبيدالله بن عمر الروضاني النهدي . وسميت بلدة (السور) لذلك ( سور آل عامر) . وعندما بزغ نجم الدولة الكثيرية دخل رجالها في صراع مرير مع (نهد) ، وانتزع علي بن عمر جعفر الكثيري مدينة شبام منهم سنة 824هـ (1421م) وبعد ذلك حصر (نهد) اهتمامهم بمنطقتهم الواقعة غربي حضرموت ، وظلوا مسيطرين على مناطق الكسر والهجرين ووادي عمد حتى هاجمهم ابو طويرق سنة 937هـ (1530م) وضم هذه المناطق ، وماجاورها غربا الى شبوة ، الى الدولة الكثيرية ، باستثناء وادي عمد. وفي سنة 947هـ (1540م) استولى ابو طويرق على منطقة وادي عمد ونواحيها وقتل المتولي بها وهو فارس بن عبدالله بن علي العامري النهدي . لكن نهد لم يهداء لها بال فراحت تشن الغارات التي يسيطر عليها آل كثير في شرقي وغربي حضرموت . وبعد وفاة ابي طويرق سنة 977هـ (1569م) عاد رجال نهد وفرضوا سيطرتهم على مناطقعه القديمة في غربي حضرموت وخاصة على منطقة الكسر وبحران ، وظل حالهم على ذلك المنوال حتى قيام الدولة القعيطية التي عقدت صلحا مع (نهد) على ان تكون لها السيطرة الداخلية في شؤونهم. وعندما ابرم القعيطي معاهدة الاستشارة مع الحكومة البريطانية سنة 1356هـ (1937م) اخضع الانجليز نهدا للقعيطي ، فصاروا من جملة رعايا الدولة القعيطية . ومما هو جدير بالذكر فانه الى حكام (نهد) يرجع حكام قبائل حضرموت لا ستئناف احكامهم حسب العوائد والسوالف العشائرية ، كما يرجع الى حكام نهد القول الفصل في الاختلاف الذي ينشاء بين القبائل الحضرمية حول قضايا (العيب) . دولة ابن مقيص بالنظر الى اليأس الذي استقر في نفوس الدعاة الى الاصلاح من تصرفات السلطات اليافعية والكثيرية القائمة حينذاك في تريم وسيئون وشبام ونواحيها ، وبالنظر الى اضطرابات الأمن وتفشي الظلم والجور والقتل في وادي حضرموت في النصف الاول من القرن الثالث عشر الهجري (1786م). فقد أجمع بعض العلويين ، من دعاة الاصلاح ، وفي مقدمتهم أحمد بن عمر ابن سميط ، وعبدالله بن حسين بن طاهر ، وحسن بن صالح البحر الجفري ، على محاولة انشاء دولة تعيد الحق الى نصابه ، وتبث الاطمئنان الى النفوس ، وتوطد دعائم الامن والاستقرار في ربوع الوادي الذي بحكامه وقبائله. ووقع اختيار اولئك العاملين على نصرة الحق على الشيخ عبدالله بن عمر بن مقيص الاحمدي اليافعي ، أحد سكان قرية (بيت جبير) ليكون أميرا لدولتهم المرجوة . وكان اولئك العلويين شانهم شان الغريق الذي يتشبث بالقشة رغبة منه في النجاة ، فقد راوا ان ابن مقيص ، وجماعته الصغيرة من آل الاحمدي جديرون بالنهوض بمهام الدولة المنتظرة . فعرضوا الخطوط العريضة للفكرة على ابن مقيص ورهطه ، فأبدى استعداده للعمل أميرا يؤيد الشرع الشريف ، وانه سوف يعمل بما يشير عليه العلويين وعلماؤهم شريطة ان يمدوه بالمال ويعضدوه بنفوذهم . ثم فكر العلويين في (قاعدة حربية) لهذه الدولة تكون منطلقا لحركتها العسكرية ، ونرسانة لمهام الغزو والفتح ، فاشترى العلويون لابن مقيص (حصن مطهر) من آل مطهر اليافعيين ، ويقع هذا الحصن في سفح تل صغير يقال له (حيد قاسم) جنوب مدينة تريم ، ووضعوا فيه مدفعا باروديا توكيدا منهم لهيبة الدولة المرتقبة ، وبعدها فكر العلويون في وزير كفء للامير المنتظر ، فتم الاختيار على عبدالله بن ابي بكر عيديد ليكون وزيرا ومشيرا للامير . وفي شهر ربيع الثاني سنة 1243هـ (1827م) اعلن قيام دولة ابن مقيص الفتية بقرية بيت جبير وكأن عناصر الملك الهامة قد اكتملت لها بنظر بناتها. وتعثرت الدولة منذ اليوم الاول لقيامها ، وحاول القوم جهدهم أن يدفعوا بأميرها المستجد الى الامام ، الى الغزو الى الفتح ، الى قهر الظالمين ، الى ايقاف الباطل عند حده ، الى رفع لواء العدل ، الى ، الى ، الى آخره ، ولكن مجهوداتهم ذهبت سدى . ولسنا ندري السبب الحقيقي خلف الاحجام الفاضح ، ولكن التاريخ يذكر ان هذا التعثر وذلك الاحجام كان سبب ( ماحل بقلب الامير ابن مقيص من التردد والاضطراب وماحل بقلوب قبيلته من التردد والخور ) (45) . وانهارت الدولة ولما تمض على انشائها سنتان . وتحطمت آمال العلويين ومن كان يشاطرهم تلك الامال من الحضارم ، في استتباب الامن ونشر العدل بين الناس على يد ابن مقيص . وفي هذه الدولة وفي اميرها قال وزيرها السيد عبدالله بن ابي بكر عيديد من قصيدة طويلة :ـ ولما رأيت لهاة الهياج ** حسبتك فحلا وأنت خصـــــي تبرقع فانك مثل النساء ** وصغ لك عقدين من بصبص لقد هانها الله من دولة ** تربت على الدجـــر والحنبص الى قوله :ـ فخلوا البنادق لاربابها ** وشلوا بديل البنادق عصـــــــي وقولوا على الله ينصف لنا** ويرجم أعدائنا بالحصــــــي . ومات السيد عيديد ، تغمده الله برحمته ، ولم تذكر لنا مصادر هل كان يعني ببيتيه الاخرين العلويين بناة الدولة ، أم كان يعني أميرها ابن مقيص ورجاله ! ويبدو أن الشاعر كان ذا روح فكاهية باسمة تضحك في وجه المكاره وعندما يرين الفشل على النفوس . لقد كان له على أي حال ، نصيب من (دولة الدجر والحنبص ) بحكم وزارته لها. مشروع الدولة العولقية بحضرموت في الجيش العربي التابع لنظام حيدر اباد بالهند كانت تتنازع السلطة والنفوذ ثلاث شخصيات هي :ـ الحاج عمر بن عوض القعيطي وكانت رتبته العسكرية (شمشير الملك) وعبدالله بن علي العولقي وكانت رتبته العسكرية (سيف الدولة) وغالب بن محسن الكثيري ، وكانت رتبته العسكرية (غالب الدولة) . وكانت هذه الشخصيات الثلاث مقربة من نظام حيدر اباد ، وكان لكل منها أتباعه وانصاره في اوساط المهاجرين اليمنيين بالهند ، الا ان القعيطي كان اكثرهم انصارا مالا واوسعهم نفوذا . وكانوا هؤلاء الثلاثة يملكون الاقطاعيات الواسعة في ولاية حيدر اباد ، وكان التنافس بينهم شديدا ، وبسبب الحسد السائد بينهم ، كون العولقي والكثيري جبهة ضد القعيطي الذي كان اكثر طموحا في التسلط والرئاسة من منافسيه ، وقد بلغ به التهور درجة جعلته يتطاول حتى على النظام نفسه . وفي سنة 1274هـ (1857م) عندما كان تمرد الجيش الهندي ........... (I NDIAN MUTINY) على اشده ضد الانجليز في الهند ، خطط القعيطي بانقلاب عسكري في حيدر اباد . لاسقاط حكم النظام والاستيلاء على مملكته واقامة دولة ( حضرمية) في الهند ، وكادت الخطة ان تنجح لولا ان خبرا عن المؤامرة القعيطية تسرب الى خصمه العولقي الذي كشف اسرار الخطة للنظام ، وفشلت المؤامرة . وقد اعدم النظام مئات من المتآمرين ولكنه لم يستطع ان ينال القعيطي بسوء نظرا للعصبية العربية والهندية القوية التي كانت تسنده ، وعلى أي حال فان افتضاح أمر القعيطي على يد العولقي زاد نار الخصومة اشتعالا بين القعيطي من جهة ومنافسيه العولقي والكثيري من جهة أخرى ، وقد فكر الكثيري في الانسحاب من هذه المعركة ، وكان يخشى ان يطرده النظام من حيدر اباد ويستولى على اقطاعياته بسبب المؤامرة القعيطية التي جعلت النظام يتوجس خيفة حتى من اقرب المقربين اليه من الرؤساء الحضارم ، وبادر الكثيري وباع جانبا كبيرا من اقطاعياته بأثمان بخسة ووظف الحصيلة في احياء الدولة الكثيرية ، وفي ذلك يقول المعلم عبد الحق ساخرا من القعيطي والكثيري معا ومن تنكر الحضارم لافضال النظام عليهم قال المعلم من قصيدة طويلة :ـ ولا سبب غالب سوى حيلة عمر ** خرجته من الولاية خـــالي أحوال صارت منهم يخشى الحليم** منها وتضحك الجهــــــالي لم تكن هذه الشخصيات الثلاث قائمة بالخدمة العسكرية بحيدر اباد وامتلاك الضياع الواسعة بها في كتف النظام فحسب ، بل ان كل واحد من هؤلاء الثلاثة كان يحلم ايضا بالملك وكان يسعى سعيا حثيثا الى انشاء دولة له في حضرموت ولسنا نعلم لماذا فكر العولقي في انشاء دولة في حضرموت ولم يحاول اقامتها في البلاد العولقية . وعندما اشترى الحاج عمر بن عوض القعيطي قرية (الريضة) في القطن سنة 1255هـ (1839م) تمهيدا لانشاء الدولة القعيطية ، واشترى غالب بن محسن الكثيري قرية (الغرف) سنة 1261هـ (1845م) تمهيدا لاحياء الدولة الكثيرية ، قام العولقي بشراء قرية (الصداع) وهي من ضواحي بلدة غيل باوزير ، من آل بريك حكام الشحر ونواحيها سنة 1280هـ (1863م) واقام بها حصنا متين البناء عالي الاركان توطئة منه للاستيلاء على الغيل واقامة دولته العولقية بها . ومات الحاج عمر بن عوض القعيطي سنة 1282هـ (1865م) وخلفه ابناؤه الخمسة وعلى راسهم الجمعدار عوض بن عمر القعيطي وكان هو الآخر ضابطا كبيرا بجيش النظام العربي ، وكانت رتبته العسكرية به (نواز جنج) . ثم مات عبدالله بن علي العولقي سنة 1284هـ (1867م) وخلفه ابنه محسن الضابط بجيش النظام العربي برتبة (مقدم جنج) . ولم يكن العولقي متسترا على عدائه للقعيطي ، بل انه كان يجاهره بأنه سوف يعمل لاجلاء يافع عن حضرموت ساحلها وداخلها ، وكان القعيطي يتوعد العولقي بانه سوف يحطم آماله في الحكم ، وأنه سوف يدمر حصنه الكائن بالصداع وسيأتي ببعض تراب انقاضه الى حيدر اباد لينثره في وجهه . وراح كل جانب يغزل الدسائس والمؤمرات ضد الجانب الآخر . واستطاع العولقي كسب صداقة قبيلة آل عمر العوابثة التي كانت قوة مسلحة لها شأنها في غيل باوزير . وعندما جرى النزاع بين النقيب عمر بن صلاح الكسادي والجمعدار عوض بن عمر القعيطي على اتفاقية مناصفة مدينة المكلا ، كان محسن العولقي اول من حرض الكسادي على نقض هذه الاتفاقية (المفروضة) وأمده بستين الف ريال في السنة ليمكنه من الصمود في وجه الاطماع القعيطية . وقد دخل العولقي في تحالف عسكري مع الكسادي والكثيري لزحزحة القعيطي عن مدينة الشحر . وقد قام هذا التحالف سنة 1291هـ (1874م) بغزو الشحر ولكن القعيطي هزمهم في وقعة (المشراف) المشهورة (46). وابتداء القعيطي يتحرك بسرعة ضد (المشروع) العولقي . فهو بعد ان وطد نفسه في الشحر راح واحتل شحير . ثم داهم غيل باوزير واحتلها بعد ان طرد آل عمر باعمر منها،ثم داهم حصن العولقي بقرية الصداع ، ولكن الحصن قاوم الهجوم القعيطي فاكتفى القعيطي بضرب حصار حوله دام عدة اشهر اضطرت حامية من رجال العوالق البواسل خلال مدة الحصار الى اكل الجلود وشرب دماء الحيوان ، ثم اضطرت الحامية الى التسليم . وعندها نسف الجمعدار عوض حصن العولقي بالبارود وحاله الى كوم من التراب ،كماهو مشاهد اليوم، وأخذ بعض ترابه وحثاه في وجه محسن بن عبدالله العولقي في حيدر اباد. وتبخرت أحلام العولقي في تكوين دولة عولقية بحضرموت ، وكان ذلك سنة 1293هـ (1876م) ، وبذلك انتهى الوجود العولقي بحضرموت . تاريخ ماأهمله التاريخ دولة آل الأعلم في شبام: هؤلاء لا ينتمون الى بني ضنه . وقد أقاموا دولة لهم في مدينة شبام سنة 605هـ (1208م) . وترأس هذه الدولة راشد بن الاعلم وخلف راشد على السلطة يماني بن الأعلم . وبعد موته سنة 613هـ (1216م) تولى الحكم اخوه عبدالعزيز بن الاعلم. وظل عبدالعزيز في صراع مع قبائل الوادي المحيطة بشبام حتى زالت سلطته عنها سنة 616هـ (1219م) عندما قدم جيش الايوبين الى حضرموت بقيادة عمر بن المهدي . وامعانا في الكيد لآل الأعلم ، ناصرت قبائل الوادي وفي مقدمتها (نهد) عمر بن مهدي ضد آل الأعلم ، فاحتل بن مهدي شبام واستنصر عبدالعزيز الاعلم ببعض القبائل املا منه في معونتها له ليستعيد ولاية آبائه ولكنها خذلته . وفي سنة 619هـ (1222م) قتل عبدالعزيز بناحية بيحان وانتهت هذه الدولة . دولة بني سعد في شبام : بنو سعد قبيلة حضرمية اختلف المؤرخون في نسبتها . فقيل انها من بني ضنه ، وقيل انها من نهد بالانتساب ، وقيل انها من آل قحطان . وعندما اشتدت الفتن ضد بني يماني في منطقة شبام سلم بني يماني أمر المدينة لبني سعد سنة 623هـ (1226م) فملكوها حتى انتزعها جيش الرسوليين منهم سنة 637هـ (1239م) . ثم استعاد نصار بن جميل السعدي شبام من الرسوليين سنة 644هـ ونصار السعدي هذا هو الذي بنى حصن العذ الواقع جنوبي تريم سنة 655هـ (1257م) . وبقيت شبام تحت حكم بني سعد حتى اشتراها سالم بن ادريس الحبوظي سنة 673هـ (1274م) . وبذلك استدل الستار على تاريخ هذه الدولة . دولة الأسداس في شبام : بعد قتل سالم بن ادريس الجبوظي في ظفار تولى على شبام من قبل الرسوليين ، محمد بن محمد بن ناجي سنة 673هـ (1274م) . وبعد محمد بن محمد بن ناجي تولى ابنه حسن . وبعد وفاة حسن تولى بعد أبناؤه الستة . وقد سميت هذه الدولة بـ (دولة الاسداس ) لاشتراك ابناء حسن الستة في السيطرة على المدينة ، اذ كان لكل واحد منهم سدس من أجزاء البلدة ومن ايراداتها يتصرف فيه كما شاء . وفي سنة 734هـ (1333م) انتزع آل جميل شبام من آل ناجي ، وبذلك انتهت دولة الاسداس . دولة آل جميل في شبام : وتسمى هذه الدولة ايضا (دولة آل حسن ، وآل جميل) وهما قبيلتان من بني سعد السابق ذكرهم ، كلهم أبناء عمومة تولوا السلطة في شبام بعد أن ازالوا منها دولة الاسداس . بيد أن التنافس بين أبناء العمومة هؤلاء أدى الى تدخل الاجانب في شئونهم ، ولقد فضل آل جميل الرضوخ لآل عامر (نهد) في حكم شبام تشفيا في بني عمهم الاقوياء آل حسن ، واستمر حالهم على هذا المنوال اجلالهم آل كثير عن شبام ، عما بقى بأيديهم من قرى (سواد بني ضنه) . والمقصود بسواد بني ضنه المنطقة التي يسكنها آل كثير اليوم بين تريس وشبام، وقد انتزع آل كثير من آل جميل سنة 824هـ (1421م) . وبذلك انتهت هذه الدولة . مــــــشائـــــخ حضـــــــرمــــوت المشائخ بحضرموت يشكلون كالعلويين طبقة اجتماعية عرف بعض رؤسائها بالصلاح والتفقه في الدين والتصوف والنفوذ السياسي ، وكانوا موضع تجلة واحترام الحكام ورؤساء القبائل الذين منحوا بعضهم امتيازات خاصة كالاعفاء من العوائد ، وقبول شفاعاتهم واعتبار قراهم مناطق مأمونة ، وبالمقابل كان المشائخ وخاصة آل عباد وآل باوزير وآل العمودي يقفون الى جانب القبائل . وينظر العوام الى المشائخ نظرة تقدير ويتبركون بقبور الصالحين من اجدادهم كتبركهم من بقبور الصالحين من العلويين ، ويقيمون لها الزيارات الموسمية وكان الحكام ورؤسا العشائر يستعينون بالمشائخ ، كما يستعينون بالعلويين ، لنشر الدعاية لهم ، ولتثبيت نفوذهم بين الناس وللسعي في اصلاح ذات البين بينهم ، وللقيام بخفارة القوافل والمسافرين على السبل العامة ايام الفتن بين الحكام والقبائل . ومن المشائخ و كذلك كان العلويون من يحمل السلاح وخاصة أولئك الذين يسكنون المناطق البدوية وفي نظام الطبقات (47) السائد بحضرموت يعد المشائخ في الدرجة الثانية ، بعد العلويين ، في السلم الاجتماعي . وفي مجال التمايز الطبقي الرجعي ، فان المشائخ ، على أي حال ، أقل تزمتا من العلويين من حيث التزاوج (رجالا ونساء) مع القبائل وغيرهم من طبقات المجتمع الحضرمي الأخرى . ومن المشائخ وهذا هو شان القبائل ـ من يترك بنفسه بسبب الفقر أو الضعف الى طبقة الفلاحين أو الحرفيين أو العمال المساكين . وعندما قدم جد العلويين ـ المهاجرـ الى حضرموت كان المشائخ في طليعة المرحبين به والمناصرين له ،كما كانوا من المؤيدين لأحفاد المهاجر عندما طلبهم بعض الحضارهم باثبات نسبتهم الى البيت النبوي (48) ، وكان ذلك بحوالي قرنين ونصف من السنين بعد وفاة المهاجر . ومن أظهر مشائخ حضرموت آل بافضل وآل باوزير وآل العمودي وآل باعباد وآل الخطيب وآل باهرمز وآل باسهل وآل بامخرمة وآل جابر وآل الزبيدي وآل باجمال وغيرهم كثيرون ذوي الجاه والذين لا يغض من قدرهم عدم ذكرهم في هذا (المختصر) . والمشائخ الذين لعبوا ادوار هامة وخطيرة في تاريخ حضرموت السياسي ينتمون الى اسر ثلاث هي :ـ أسرة آل العمودي ( وقد سبق ذكرهم ، وآل باعباد ، وآل باوزير . آل باعـــباد يرجع نسب هذه الاسرة الى الشيخ عبدالله بن محمد باعباد المشهور بـ (القديم) ولد الشيخ القديم بمدينة شبام وتوفي بالمحلة (الغرفة) ودفن بمقبرة شبام سنة 687هـ (1288م) ، اما والده فقد توفي بالشحر سنة 622هـ (1225م) ودفن بمقبرة الشيخ عمرو بن احمد بالشحر . وكان الشيخ القديم يتمتع ، في كثير من جهات حضرموت وما جاورها ، بالجاه الواسع والكلمة النافذة والمريدين الكثيرين . وقد اعتاد القديم قضاء ايام الخريف (خريف التمر والرطب) خارج شبام في مكان بمنطقة (الحول) يطلق عليه اسم المحلة وكلمة المحلة يستعملها حضارمة الداخل الى اليوم على المكان الذي يقضون فيه فصل الخريف ، واقام القديم بمحلته مسجده المعروف . ثم تحول القديم من شبام الى قرية (الغريب) على اثر نزاع ثار بينه وبين والي شبام حينئذ الامير محمد بن محمد ناجي . فانشاء دار له بالمحلة سماها (الغرفة) وتديرها طيلة ايام السنة . وبعد وفاة القديم جاء خلفه الشيخ محمد بن عمر بن عبدالرحمن باعباد وبنى دار الى جوار (الغرفة) سنة 701هـ (1301م) فتكاثرت الديار من حولها وكانت النتجة ان قامت مدينة سميت (الغرفة) أي الجنة نسبة الى الدار الاولى التي بناها في محلته الصيفية الشيخ القديم ، وأصبحت (الغرفة) المقر الرئيسي لمشائخ آل عباد. ومن هذه المدينة المباركة انتشر آل باعباد في الربوع الحضرمية ، ولهم في بعض نواحيها مشاهد واضرحة مشهورة . آل باوزيـــــــــــر في بداية القرن السادس الهجري (1107م) ولد في مدينة (بغداد) يعقوب بن يوسف بن علي بن طراد . توفي والد يعقوب وهو صبي صغير فكفله جده علي بن طراد وكان وزيرا ( ومن هنا جاءت تسمية آل باوزير) لأحد الخلفاء العباسيين . ومات جده سنة 538هـ (1143م) . وهاجر يعقوب بن يوسف هو وابناؤه عمر ، عبدالله ، ويوسف، وحفيده سالم بن عبدالله الى حضرموت ، ونزلوا بقرية (المكلا) وكانت هذه القرية حين قدوم آل الوزير ( أو آل باوزير) اليها مكونة من عدة اكواخ للصيادين مقيمين بها ، وتقع القرية الى جنوب كثيب ابيض ، يطوق المنطقة المعروفة بحي الشهيد خالد ، ومات يعقوب بالمكلا سنة 553هـ (1158م) ودفن بكثيبها الابيض ( الذي يعرف اليوم بتربة يعقوب) واقيمت على قبره ، في تاريخ متأخر غير معروف قبته المشهورة القائمة الى يومنا هذا . وقد اقام احد سلاطين آل كساد مقبرة لتكون مدفنا لامواته بجوار قبر الشيخ يعقوب . ولم تطب الاقامة لابناء يعقوب بن يوسف بقرية المكلا فارتحلوا الى مدينة الشحر وكانت حينئذ مدينة عامرة على الساحل الحضرمي ، ومن الشحر ودفن بمنطقة الخور . ولم يخلف عقبا . ومات عبدالله (وكان يلقب بالشيرازي) (49) بالشحر . وهو المعروف (بمولى المحطة) وقبره معروف وقائم الى اليوم . وخلف عبدالله ابنا اسمه (محمد) ، وهو الجد الأول لآل باوزير جميعهم وهو ايضا المعروف بـ ( مولى عرف) (50) وخلف محمد ثلاثة ابناء هم :ـ 1. أبو بكر ، وهو جد آل باوزير بمنطقة حورة والنقعة المجاورة لها، وصاحب المسجد الجامع بحورة والصدقات والاوقاف التي بتلك المنطقة . 2. سعيد ، وهو جد آل باوزير سكان قرية (النقعة) المجاورة لمدينة (غيل باوزير) وقد خلف سعيد ابنا اسمة احمد وهو صاحب القبر الذي تقام له زيارة النقعة المشهورة عند البدو والحضر . 3. عمر ، وهو المدفون بالغيل الاسفل سنة (712هـ) (1312م) والذي عرف فيما بعد بأسم (غيل عمر) بوادي عدم . ومات عمر بالغيل الاسفل ودفن بها وقبره يزار الى اليوم . وخلف عمر ابنا اسمه عبدالرحيم وهو المدفون بمدينة الغيل والتي عرفت فيما بعد بغيل باوزير سنة 706هـ ( 1306م) . وقد توفي عبدالرحيم بغيل باوزير سنة 747هـ (1346م) والى هؤلاء المشائخ ينتمي بقية المشائخ آل باوزير المنتشرون في الجهات الحضرمية وخارجها . ومما اشتهر به المشائخ آل باوزير ويذكر لهم بكل خير ، ديار الصدقة لعابري السبيل في ارجاء متعددة من أودية حضرموت ، وكانوا يوقفون النخيل والاراضي الزراعية على هذه الديار لتصرف ايراداتها في ايواء المسافرين والغرباء واطعامهم مجانا ولوجه الله ويعينون على نفقة الوقف رجالا معروفين بلامانة والنزاهة (ليقوموا بواجب الضيافة لعابري السبيل). الهوامـــــش: 1. انظر الهامش رقم 13 2. هو المؤرخ احمد ابن ابي المعروف بابن واضح الاخباري والمشهور بلقب اليعقوبي له تاريخ اسلامي في ثلاثة مجلدات . 3. المراد بصاحب مرباع حضرموت الرئاسة العامة على قبيلة حضرموت وغيرها من القبائل وهو مايعرف اليوم (بالأب الطائلة) وكان من حقه الحصول على ربع الفيء والغنيمة ، قال الشاعر:ـ لك المرباع (أ) منها والصفايا (ب) وحكمك والنشيطة (ج) والفضول (د) (أ) ربع الغنيمة .....(ب) مايصطفيه الرئيس لنفسه من القسيمة (ج) مااصاب الرئيس في الطريق قبل ان يصل الى مقر القوم ......... (د) مافضل من القسمة مما لايصح قسمته على الغزاة كالبعير والفرس . 4. موقع الحصن بين قرية خباية ومسيال عدم شرقي تريم ، ومن المسلمين المشهورين الذين قتلهم المرتدون عباد بن بشر الاوسي جد المشائخ آل الخطيب هكذا لتوارثهم الخطابة الى اليوم. 5. قتل عمر بن الخطاب ليلة الاربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة 23هـ (644م). 6. قتل عثمان سنة 35هـ (655م) 7. قتل علي بن ابي طالب ليلة 17رمضان سنة 40هـ (660م). 8. للمزيد من المعرفة عن الهجرة انظر كتابنا (الهجرة اليمنية). 9. ص 161ج1 تاريخ حضرموت للحامد، وللشهرستاني كلام مماثل ومطول عن الاباضية بصفحتي 141ـ 142 من الجزء الاول من كتابه (الملل والنحل) . 10. كان مقره مدينة دمون. 11. كان الناس يلقبونه بالجعدي لانه تعلم من الجعد بن درهم مذهبه في القول بخلق القران . وبويع له بالخلافة في دمشق سنة 127هـ . 12. وهو عبدالرحمن بن يزيد بن عطية السعدي . 13. اقليم المعافر هو مايعرف اليوم بالحجرية في اليمن الاسفل ،وقديما كانت عاصمته (جبا) ثم (الدلموة) . 14. عبدالرحمن بن علي الديبع الزبيدي صاحب كتاب (الفضل المزيد في أخبار زبيد) وغيره. 15. جاء ان معن بن زائدة قضى على سطوة الاباضية في حضرموت ، ومابقي منها ودمرها محمد بن ابي يعفر الحوالي (الحداد في جني المشاريخ ). 16. شبام باليمن الاعلى ويقال لها شبام حمير ، وهي غير شبام حضرموت . 17. المذيخرة مدينة قديمة في تهامة . 18. هذاديك أي مرة بعد أخرى. 19. لعل تصوير المذهب القرطمي بهذه الصورة فيه مبالغة من وضع أعداء القرامطة ، وعلى أي حال فان هذه الابيات ينبغي ان تؤخذ بتحفظ شديد ويجب الا ينظر اليها كقضية مسلمة والجدل يطول في هذا المجال. 20. كان آخر أئمة اليمن البدر بن أحمد بن يحي وقد اطاحت به الثورة اليمنية في 26/9/1962م. 21. (عدل المدينة الفلانية) تعني حيث تذكر في التواريخ الحضرمية أن حاكمها جعلها وثيقة على الوفاء لحاكم آخر بالسمع والطاعة او عدم الاعتداء. 22. أشهر أحفاد المهاجر محمد بن علي بن محمد العلوي (574 ـ 653هـ ـ 1178ــ 1254م) الملقب بـ ( الامام الفقيه المقدم) . لم يكن أول متصوفة حضرموت ولكن التصوف غلب على حضرموت منذ عهده ، وله سيرة من الخير الاطلاع عليها. 23. الحامد: في تاريخ حضرموت . أنظر الهامش رقم 15 24. التعكر هو جبل حديد المطل على المعلا وفيه باب عدن الرئيسي . 25. الخضراء هو الجبل ال الذي تمر بأسفله ألآن الطريق البحرية من خور مكسر الى كريتر . والجبل المواجه لجبل صيرة يقال له جبل المنظر وهو مفصول عن جبل صيرة بفج صغير . 26. هذه المدينة لم يبق منها اليوم الا بعض خرائبها. 27. بعض التواريخ تستعمل (الدعار) بالعين المهملة ولعله تصحيف. 28. (ثغر عدن) لابي مخرمة 29. اشترى آل باحميد قرية مدودة من آل كثير 886هـ ــ 1481م. ،أشترى آل كثير قرية الغرف من آل تميم سنة 1262هـ ـ 1858م. ... ، اشترى العوالق قرية (الحزم) الصداع من آل بريك سنة 1280هـ 1863م. ....، أشترى القعيطي نصف المكلا من آل كساد سنة 1290هـ ــ 1873م. ...، كل هذا على سبيل المثال لا الحصر. 30. ص 165 من كتابه (أدوار التاريخ الحضرمي) جزء (1). 31. نسبة الى قرية (زنجيلة ) بسوريا. 32. ص 81 من (صفحات من التاريخ الحضرمي) لباوزير. 33. عقود الالماس لعلوي بن طاهر الحداد. 34. من أسم هذا الوالي جاء المثل الشهبي الحضرمي ( قبضها سويد ونم ) أي (أي دع الامور في يدي السويد زاطمئن) وهو مثل يقال في مقام التهكم. 35. من آل المنجوي الامير حارثة الذي مدحه الشاعر التكريتي العدني بقصيدته المشهورة بالتكريتية سنة 593هـ (1196م) والتي مطلعها:ـ عج برسم الدار فالطل ** فالكثيب الفرد فـــــالأثل فبمأوى الشادن الغزل ** بين ظل الضال والجبل ومنها:ـ الهزبر المنجوي اذا ** ألقت الحرب العوان أذل هو تاج الملوك حذا ** بل حضيض وهو كالقلل والبيت الأخير أثار الامير طغتكين الايوبي على الشاعر في حكاية معروفة في التاريخ . 1. 36.زار ابن بطوطة ظفار (في رحلته التي بتدأها سنة 725هـ ـ (1324م) أيام ملكها المغيث الرسولي المتولي عليها من قبل اخيه المظفر الذي قتل سنة 775هـ (1373م) . 36. 37. سنة 814هـ (1411م). 38. بعض التواريخ تذكر أنه من (نهد) وليس من كندة . 39. راجع كتابنا (السبعة الشهداء). 40. كلمة طويرق تصغير طارق وهو الشخص الذي يجوب طرقات الارض . وكان ذلك شأن بدر في غزواته ضد رؤساء المقاطعات الحضرمية . فكناه الحضارم (ابو طويرق) تهكما به . 41. من الذين رفضوا عبدالله بن عمر بارضوان بافضل المؤذن في مسجد باعلوي بتريم. 42. هدية الزمن لأحمد فضل العبدلي. 43. من ذلك نسفه دار ابن معمر الخلاقي على سكانه ، وكان من بينهم عمات عمر بن عوض القعيطي بالقطن ، ومحاصرته اخواله آل علي جابر بخشامر ، ومحاولته اغتيال عوض بن عمر القعيطي ، بأن وضع كيس بارود تحت البساط الذي أقام عليه وليمة له ، ولكنه لم يحضر. 44. دعاه أحد اتباع عوض بن عمر القعيطي الى وليمة غداء وعندما قدم اليها مع اعوانه أمسك بيده سالم بن علي بن هرهرة مصافحا وأجهز عليه يافع فقتلوه هو ومعيته من آل عيسى بن بدر . 45. عبارة محمد بن هاشم مؤلف كتاب (تاريخ الدولة الكثيرية) . 46. راجع كتابنا (في سبيل الحكم) . 47. للمزيد من نظام الطبقات بحضرموت اقرأ كتابنا (نظام الطبقات بحضرموت). 48. سار حفيد المهاجر علي بن أحمد بن جديد (توفي بمكة سنة 620هـ (1223م) . الى البصرة وأثبت نسبهم عند قاضيها وأشهد القاضي نحو مائة شاهد ممن يريد السفر الى الحج ورقب بمكة حجاج حضرموت على أولئك الشهود . وممن أيد صحة نسبتهم من المشائخ محمد بن أبي الحب (توفي سنة 611هـ ) وفضل بن عبدالله بافضل. 49. لأنه كان قد سافر من بغداد الى شيراز وتزوج بها أم ابنه سالم. 50. لأنه ولد وتوفي بها. |
||||||
02-15-2010, 12:58 AM | #39 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
الشحر في تاريخ بامطرف الكاتب محمد عبدالقادر بامطرف الثلاثاء, 21 أكتوبر/تشرين أول 2008 10:55 المختصر في تاريخ حضرموت العام للاستاذ / محمد عبدالقادر بامطرف الفصل الاول : لمحة من تاريخ اليمن القديمة . لابد من الاشارة هنا الى ان الكثيرين من العرب والمسلمين الذين ارخو لممالك اليمن القديمة انما كانوا منطلقين غاليا من معلومات اسطورية ، او مما رواه بعض مفسري القران الكريم الذين اقحموا على تفسير بعض ايات الله البينات امورا ماانزل الله بها من سلطان ، او انهم كانوا مندفعين بعوامل عاطفية . ولذلك تجنب بعض المؤرخين الخوض في تاريخ اليمن القديمة . وعلى العموم كانت التواريخ اليمنية القديمة عشوائية في تعاملها مع الاخبار التي كانت سائدة في اليمن ،ولذلك كاد ان يكون تاريخ اليمن الحقيقي قد اهمل في اكثر جوانبه وخاصة من قبل ابناء اليمن انفسهم . ولم يظهر بعض تاريخ اليمن القديم الصحيح الا من خلال الاكنشافات الاثارية على ايدي المستشرقين من امثال ادوارد جلازر Edward Glazar وكارستين نيبور C.Nibur ويوسف هاليفي J.Halevy وغيرهم . ان الآثار المطمورة والنقوش التي لا تزال مستورة تحت الرمال والانقاض لهي المصادر يؤمل ان تميط اللثام عن الكثير والكثير مما ظل خافيا الى اليوم من تاريخ اليمن القديم ، وان لمن المؤسف القول بأن المصادر الآثارية اليمنية القديمة ، وخاصة الواح النقوش ، اما قد تعرضت للطمس او التحطيم او التشويه او بادخالها في عمارة بعض الحصون او المساجد في العصور الوسطى داخل اليمن ، لكن الواجب من القول ان حكومتي ثورتي اليمن المجيدتين في جنوب اليمن وشماله ، لهما الفضل الاكبر في فتح الابواب المغلقة امام العلماء النزهاء للبحث والتنقيب عن اثار اليمن والاهتمام الكبير بالموجود منها على سطح الارض ، ليستدل بها على تاريخ عهد او عهود من تاريخ اليمن القديمة ظلت مجهولة الهوية والمعالم في معظم جوانبها الى اليوم . أقسام اليمن الطبيعية النصوص الآثارية المكتشفة لممالك العربية الجنوبية لم تثبت لليمن حدودا، ولكن المؤرخين على أي حال تعارفوا على تقسيم اليمن طبيعيا الى ثلاثة اقسام ، وهي كما يلي:ـ 1ـ منطقة تهامــة : ذات المناخ الحار، وتمتد من باب المندب جنوباالى منطقة حرض شمالا (حاليا) وتمتاز بأن بعض مناطقها خصبة وبها مياه جوفية وسطحية ذات غزارة. 2ـ المنطقة الجبيلة : أو مايسميها بعضهم (الهضبة الوسطى) وهي ذات مناخ معتدل ، وتمتد من سلسلة جبال(السروات) التي تبتدى من منطقة المعافر (اليمن الأسفل أو الحجرية) جنوبا الى عسير ثم الطائف شمالا ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر من 1000 الى 3600 متر، وهي من أهم مناطق اليمن الزراعية انتاجا للبن وأنواع الحبوب وأنواع الفاكهة ، وتهطل على بعض اجزاء هذه المنطقة أمطار غزيرة في الصيف وفي الشتاء ، الا أن امطار الشتاء أقل غزارة. 3ـ المنطقة الصحراوية الشرقية : وتمتد من محافظة حضرموت جنوبا، وأطراف الربع الخالي شمالا، وعمان شرقا. وفي هذه المنطقة توجد آثار مملكة معين ، وممالك حضرموت ، وسبا، وقتبان ، وحمير، وقد حظيت هذه المنطقة في الماضي بازدهار عظيم في المجالات التجارية والزراعية والعمرانية والسياسية، وتعد من أقدم المناطق في العالم التي عرفت اساليب الري المتطورة التي كانت تعتمد على السدود ، وكان بها العديد من بقايا القصور والمحافد (الحصون والمعسكرات) والمعابد مما يرجع انشاء بعض منها الى ماقبل (3500)عام تقريبا. ان اعلى قمة في الهضبة الوسطى اليمنية لهي قمة جبل حضور (ويسمى ايضا جبل النبي شعيب) غرب مدينة صنعاء وارتفاعها حوالي (3700) متر عن سطح البحر ، وفي محافظة حضرموت فأن اعلى قمة لهي (كورسيبان)، وارتفاعها حوالي 1900 متر عن سطح البحر. مملكة معين: لقد جهل المؤرخون الاسلاميون القدامى هذه المملكة لعدم ذكر اسمها في القران الكريم . ولقد ظل تاريخ هذه المملكة مجهولا حتى عام 1174 هـ (1760) م حينما عثر مستشرقون على نقوش معينية مكنتهم من معرفة بدء قيام هذه المملكة واستمرار بقائها، ثم تاريخ اندثارها على وجه التقريب ، وذلك لعدم العثور على مايكفي من المستندات الزمنية، وقد برهنت الاثار المكتشفة ان مدينة (قرناو) كانت العاصمة الأولى لمملكة معين ، وأن مدينة (معين ) صارت في وقت لاحق العاصمة الثانية لها. وتقع العاصمتان المذكورتان في المنطقة الشرقية مما يلي الجوف كما اسلفنا . ودلت الاثار المكتشفة ان هذه المنطقة (الجوف) من اغنى البقاع بالاثار في اليمن ، وبالمملكة هذه مدن أخرى منها، على سبيل المثال ، مدينة (براقش) وقد تذكر في الاثار باسم (يشل) ايضا وكانت مركزا للثقافة المعينية ومركزا هاما من مراكز القوافل البرية القديمة، وقد زرتها في شهر يوليو من عام 1980م فوجدت اغلب اجزاء سورها القديم قائما وكذا الحوائط الخارجية لبعض معابدها وقصورها. أما ملوك هذه المملكة فيقال أن عددهم اثنان وعشرون ملكا يكونون خمس أسر هي :ـ أسرة أليفع ، وهم أربعة ملوك أسرة وقه ، وهم أربعة ملوك أسرة أب يدع ، وهم ثلاثة ملوك أسرة يثع آل صديق ، وهما ملكان أسرة كرب ، وعم تسعة ملوك من أراد الاطلاع على قوائم اسماء هولاء الملوك فليرجع الى المطولات التاريخية وهي على أي حال قوائم غير متفقه لا على الاسماء ولا على عدد وأزمان هؤلاء الملوك . هذه المملكة هي أول من تفنن في اليمن القديمة في بناء القصور والهياكل (المعابد) ووضع نظام الضرائب على التجارة والزراعة وسن توزيع الايرادات العامة على الدولة والخاصة الملكية وعلى المشائخ والاعيان ، وقررت أن تصرف الدولة من حصتها على بناء الابراج والحصون ، وحفر الخنادق ، والجيش ، وتعبيد الطرقات وما شابه ذلك من المرافق والمؤسسات العامة . وكانت دولة معين هي أول من وضع قاعدة الضرائب على اساس العشر نقدا او عيننا وهي التي جعلت للذكر مثل حظ الانثيين في المواريث وقد اخذ الاسلام بهاتين القاعدتين في الخروج والارث. واليمنيون القدامى هم اول من سن انظمة المجالس التشريعية في بلاد العرب وكانوا يسمونها (المزاود) مفردها مزود او(مساود) مفردها (مسود) . وكانت لدولة (معين) صلات تجارية باليونان ومصر وفارس والهند والصين ، وهذه الدولة هي التي انشأت مواني (غزة) و(عسقلان) بفلسطين وميناء (صور) في لبنان ، منافذ لصادراتها الى اقطار حوض البحر الابيض المتوسط ، وكانت هذه المواني همزة وصل بين القوافل البرية والتي تأتي من الاسعاء (الشحر) والقنا (بئر علي) وأدونوم عدن . ويزعم بعض المؤرخين ان حدود هذه المملكة امتدت الى اعالي الحجاز وجنوب وغرب فلسطين وغرب لبنان ، وربما اماطت اللثام أثار قد يتم اكتشافها في المستقبل عن تأكيد هذه المزعم. مملكة حـضرمـــوت: حضرموت هي المنطقة اليمنية القديمة الوحيدة التي لاتزال تفتخر الى اليوم بأحتفاظها باسمها وحدودها ومدنها منذ ثلاثة الاف سنة وأكثر. أما بقية الممالك اليمنية القديمة فلا تعرف الى الآ على وجه التحديد مناطقها ولا أهلها ولا حدودها باستثناء عواصمها أو بعض المدن في بعض منها. ويروق لبعض الاخباريين تسمية حضرموت بالاحقاف وذلك لأن كلمة الاحقاف ذكرت في القران الكريم عند ذكر آل عاد. ولكن القران لم يحدد مكان الأحقاف ولا مكان آل عاد. ولم تدل النقوش الآثارية المكتشفة على مكان سمي الاحقاف . ولذلك نرى بعض واضعي الخرائط يطلقون أسم الأحقاف على مواقع عديدة في الجزيرة العربية ، وقد تناولنا هذا الموضوع بالتصحيح في ملاحظتنا على الهمداني (نشرها المركز اليمني للأبحاث في شهر أكتوبر1982 بمناسبة عيد الاستقلال) . ولقد ذكرت بعض النقوش أسماء مدن حضرموت مثل (شبام) و(سيئون) و(تريم) واتفق الاثاريون على ان مدينة (شبوة) ليس غيرها كانت عاصمة مملكة حضرموت القديمة ومركز هاما للقوافل ، وقد ظلت مركزا للقوافل الى عهد السلطان (بدر بو طويرق) في القرن التاسع الهجري (السادس عشر الميلادي) . وفي صفحة سابقة ذكرنا ان مملكة حضرموت كانت سنة 1020قبل الميلاد ، ولكن هناك من المؤرخين من ذكر انها قامت سنة 1500 قبل الميلاد أي انها كانت موجودة في اليمن قبل قيام دولة معين وأن قدوم الحضارم الى اليمن كان من شمال الجزيرة العربية وجنوب فلسطين ، ولذلك عدت أول الممالك اليمنية القديمة في التاريخ. وتدل النقوش الآثارية أن مملكة حضرموت دخلت في حرب طاحنة مع جاراتها الممالك اليمنيات المعاصرات لها الى ان انتهى ألأمر بالجزء الاكبر منها الى الاضمحلال سنة 115قبل الميلاد بعد أن تغلبت عليها مملكة حمير ، واصبحت سنة 275 بعد الميلاد تعرف كجزء من مملكة سباء وريدان وحضرموت ويمنات . أن كلمة ( يمنات) أو ( يمنت) كانت تطلق على المنطقة الساحلية الواقعة شرق باب المندب الى ظفار ، وهي مقابلة لكلمة تهامة التي سبق ذكرها ، والتي تطلق على الساحل الغربي لبلاد العرب كانت حدود حضرموت الشرقية تشمل المهرة وظفار ، وكان يطلق على ملوكها أسم ملوك أرض اللبان ، لأن اكثر واردات اللبان والمر ولأفاوية (أي اشجار الطيب )كانت تنتج في ظفار وفي وسقطرى ، وكانت جزيرة سقطرى جزاءا من أراضي ملوك اللبان كما تدل على ذلك النقوش الفرعونية المكتشفة في (الدير البحري) في منطقة الأقصر جنوب مصر ، الذي أنشأته الملكة الفرعونية (حتشبسوت) التي كان اسطولها التجاري البحري يشتري اللبان والمر والآفاوية من جزية سقطرى قبل ثلاثة الاف عام. وأختلف المؤرخون حول عدد ملوك حضرموت وأسمائهم ومدد حكمهم ، فمنهم من جعلهم ثمانية عشر ملك ومنهم من جعلهم سبعة عشر ملك ، والمامؤل أن يحسم هذا الاختلاف باكتشافات اثارية جديدة ، ومن أشهر ملوك حضرموت الذين ذكرهم المستشرقون، رغم اختلافهم في مابينهم : 1. معدي كرب بن اليفع يثع الذي بدأ حكمه حوالي سنة 980 قبل الميلاد، وقد ألحقت حضرموت بعد موته بمملكة معين الى حوالي 650 قبل الميلاد. 2. يدع آل بيين بن سمة يفع ، وبعده دخلت حضرموت ضمن مملكة سبأ الى سنة 180 قبل الميلاد. 3. يدع أل بيين رب شمس ، وهو مؤسس أسرة جديدة في العاصمة شبوة ، ولا يعرف زمن حكمه. 4. العزيلط بن عم ذخر بن العز ، وهو الذي أسره في الحرب شعر أوتر ملك سبأ وريدان الذي حكم بين عام 80 و50 قبل الميلاد. 5. العزيلط يثع الذي انفرد بالجزء من منطقة حضرموت التي لم تستطع التغلب عليها سبأ ، وكانت في الساحل ، وعاصمته (الشحر) ولا يعرف أين موقع هذه الشحر، وهو الذي دام حكمه الى سنة 65 بعد الميلاد كما ذكرنا من قبل . اما الشحر الحديثة فقد تحدثت عنها بما فيه الكفاية في كتابي ( الشهداء السبعة) . مملكة ســبأ: أختلف المؤرخون حول أصل السبئيين ، فقال بعضهم انهم جاؤا من شمال الجزيرة العربية الى اليمن حوالي عام 1200 قبل الميلاد أي بعد قدوم حضرموت ومعين الى اليمن ، وقال اخرون انهم اصلا من اليمن . هذه الاختلافات لم تحسم بعد لكننا سوف نسير في هذا الكتاب على رأي من قال أن اصلهم من اليمن وان هذه المملكة بدأت عام 850 قبل الميلاد وانتهت عام 115 قبل الميلاد ، وذلك لكي لا يتشعب بنا الحديث وتذكر التواريخ أن السبئيين غزوا وأخضعوا أغلب مناطق ـ جنوب اليمن ـ (حول المحافظتين أبين ولحج) وعلى الرغم من ان اخبار غزوهم هذا جاء في نقوش ، الا انها أخبار ، كما يبدو مبالغ فيها ، وهذا يدل على ان المعلومات الواردة في بعض النقوش اما مزيفة أو مبالغ فيها، وكان من العادت السيئة عند اليمنيين القدامى انهم اذا تغلبوا على اعدائهم اليمنيين الآخرين حطموا نقوشهم أو زيفوها . وهذا العبث بالاثار كان معملا به عند الفراعنة كما كان معملا به في العصر الاسلامي الاول أيام العداء المستحكم بين الأمويين والعباسيين . والسبئييون كان اول من بدل اسماء ملوكهم من مكاربة (أي ملوك كهنوتيين ) الى ملوك (أي اصحاب سلطة زمنية لا علاقة لهم بالمعابد والطقوس الدينية ) . سـد مـارب : وأهم حدث في تاريخ سبأ هو أنشأ سد مارب الشهير، وكان من اعظم اعمال هندسة الري في اليمن القديمة، ويقع هذا السد على بعد 192 كيلو متر الى الشرق من صنعاء وقد بني بين جبلين يقال لاحدهما جبل البلق الايمن، ويقال للاخر جبل البلق الايسر، ولم يتفق المؤرخون على من بنى هذا السد وان كان بعضهم يرجعون بناءه الى ماقبل 2700عام تقريبا. وأهم عمل هندسي في السد هي مصارف الماء الواقعة على يمين السد وشماله . وأما السد ذاته ويسمى(العرم) فهو حاجز ماء ترابي مطعم بالحجارة ، ولذلك فهو كثيرا ماحطمه ضغط ماء السيول فيعيد السبئييون بناءه . اما المصارف والسواقي الرئسية والفرعية فهي باقية منذ ان انشائها اليمنيون لاول مرة الى يومنا هذا وقد زرت منطقة عام 1980م بترتيب من حكومة الشمال التي سهلت لي الرحلة الى منطقة (مارب ) ولقد بهرني ماشاهدنه من آثار اولئك العمال المهندسين اليمنيين القدامي الذين كانوا يتمتعون بقدرة وكفائة فائقتين في التعامل مع الاحجار الصلدة الكبيرة فيحيلونها الى كتل حجرية تكاد تكون مصولة ثم يرصونها (بدون مؤنة) بعضها على بعض في اشكال هندسية تسر الناظرين والواقع ان من ينظر الى تشييد تلك الاحجار المنحوتة ( لا يعرف الى الان الادوات التي كانوا ينحتون الحجارة بها) لا يشك في ان العمال المهرة فرغوا بالامس من صنعها وبنائها انها من مفاخر اليمن . ومن اعظم الجاذبيات السياحية ، وهي في نظري اكثر ابداعا من بعض اعمال الري المصرية التي شاهدتها في منطقة الاقصر في مصر . ويقدر بعض المؤرخين المعاصرين مساحة ( الجنتين) أي الارض الشمالية والارض اليمينية اللتين كانتا مصارف في السد تسقيها بحوالي 30 ميل مربع ، وبما ان الميل المربع يساوي 640فدانا ، فان مساحة الجنتين ينبغي ان تكون ( 192) الف فدان ، وهذا التقدير تخميني لان الخراب في أي مرفق ، حيثما وجد ، لا يعطي صورة حقيقية لما كان عليه ذلك المرفق ايام ازدهاره . كان ملوك سبأ ياخذون اتاوة من محاصيل ارض السد تقدر بحوالي 30% هذا اضافة الى ماتاخذه المعابد والكهنة والدولة والاقطاعيون والمرابون من المحاصيل ، وليت شعري ماهو الذي يتبقى للعامل المظلوم من جهده في هذه الارض ، وقد قدرت مايحصل عليه العامل (الفلاح) في اليوم (صاحب الاسرة المكونة من 5 افراد) فهو يحصل على ثلاثة ارطال من الدقيق وعلى ثلاث اوقيات من الدبس والسمن وعلى اوقية ونصف من اللحم ، هذا بالاضافة الى ماقد يحصل عليه يوميا هو واسرته من التمر والبقول والثمار الاخرى من الارض التي يفلحها . ، وهذا مجرد احتمال . وقد استنتجت هذه المقادير من نقش كتب ايام ابرهة بن الصباح الحبشي حاكم اليمن (ايام الغزو الحبشي الثاني باليمن وساتحدث عنه في صفحة قادمة ) الذي اعاد بناء السد الترابي عام 542 ميلادية . والترميم الذي قام به ابرهة لم يعمر طويلا ، لان السد كان قد تهدم قبل البعثة النبوية عام 610ميلادية وبعد ذلك لم يهتم احد باعادة بناء السد كما سنذكر الاسباب لذلك في صفحة قادمة . ويقدر بعضهم طول سد العرم في الساحة الواقعة بين جبلي البلق سالفي الذكر ، بحوالي 800 قدم ، وارتفاعة حوالي 250 قدم وعرضه في قمته حوالي 60 قدما اما عرضه عند القاعدة تصوره الان ، وقد شاهدت جزءا بسيطا من السد مازال قائما ، ولكن هذا الجزء لا يدل على حقيقة ماكان عليه السد عند القاعدة من عرض . مملكة سبأ وريدان وحضرموت ويمنات: هذه المملكة تسمى ايضا المملكة الحميرية ، وبعضهم يسمونها مملكة التبابعة وانما اسم (المملكة الحميرية) غالب عليها وهي أخر المماليك اليمنية حكمت جنوب الجزيرة العربية ، واوضح الممالك اليمنية القديمة تاريخا ، وقد دامت بين عام 115 قبل الميلاد وعام 535 بعد الميلاد ويتكون ملوك هذه المملكة من طبقتيتن : الطبقة الاولى : وهي التي حكمت اليمن من عام 115 قبل الميلاد الى عام 275 بعد الميلاد ، وعدد ملوكها ثمانية عشر ملكا اولهم ( علهان نهفان بن يرم ايمن ) الذي حكم من 115 قبل الميلاد الى عام 80 قبل الميلاد ، واخرهم (غمدان يهقبض) الذي حكم عدة سنين ( غير معروفة بالضبط ) الى عام 275 بعد الميلاد على وجه التقريب . الطبقة الثانية : هم ملوك التبابعة . ان تسمية ( التبابعة) تسمية اسلامية لان ملوك هذه الطبقة لم يكونوا يعرفون هكذا في القديم . وفي عهد هؤلا انحط الحكم في اليمن وتمزقت البلاد الى مناطق صغيرة تسيطر عليها العشائر الضعيفة وهم الذين يطلقون عليهم أسماء ( الاذواء ) و(المشامنة) الى اخره.وكانوا سببا في تلاشي القوة اليمنية ، وعدد ملوك هذه الطبقة اربعة عشر ملكا أولهم شمر يهرعش الذي حكم بين 275 بعد الميلاد تقريبا الى 300 بعد الميلاد ، واخرهم ذو يزن الذي حكم بين عام 525 بعد الميلاد الى عام 533 بعد الميلاد. ويزعم بعض المؤرخون أن بلقيس بنت الهدهاد التي حكمت بين عام 330 و345 بعد الميلاد كانت ملكة بين ملوك هذه الطبقة الثانية، وأن الاحباش غزو اليمن للمرة الاولى (سيأتي تفصيل ذلك في صفحة قادمة) في عهدها. ويرى مؤرخون اخرون أن بلقيس هذه كانت ملكة بين ملوك مملكة سبأ الاولى. (وقد مر بنا ذكر أخبارها) وأنماهي التي عناها القران الكريم في سورة النمل وقص اتصالها مع النبي سليمان الذي يرجع تاريخه الى مابين 961ـ 922 قبل الميلاد . وكما قد مر بنا في هذا الكتاب فان مملكة سبأ الاولى بدأت عام 850 قبل الميلاد .وان هذا الخلط في التواريخ من اليمنيين المعاصرين ، لذلك فلا باس ان يطلع القاري على هذه التناقضات التي يحتمل ان توضحها وتحققها مكتشفات آثارية في المستقبل. أما ماكان يسمى ( محرم بلقيس) في مأرب ، فان علماء الاثار يذكرون أنه (محرم المقه) ومعناه (معبدالقمر) وليس محرم بلقيس ، ويذهب اثاريون اخرون الى ان (المقه) بكسر الميم وفتح القاف معناه اله الحرب أو اله الخصب والنماء ، وليس معناه (القمر). وأهم مدن هذه المملكة (ظفار حمير) و (صرواح) و(وذمار) و(صنعاء) ، وفي سبيل تمجيد ملوك هذه المملكة وخاصة التبابعة منهم تمجيدا وهميا ومزيفا ، ودخلت الكثير من الاساطير والخرافات في التاريخ اليمني القديم . ويحتمل أن تكشف الاثار المطمورة صورا حقيقة لما كانت عليه هذه المملكة اليمنية. الرومان يغزون اليمن: في أواخر عهد الطبقة الاولى من هذه المملكة غزا الرومان اليمن بغية السيطرة على تجارتها، وكان قائد الحملة حاكم مصر اليوناني اليوس جاليوس ، وهناك اختلاف كبير بين المستشرقين حول المحلات التي نزلت فيها هذه الحملة اة اتجهت اليها في الجزيرة العربية والذي يترجح عندنا أن الحملة الرومانية أتت من راس بناس في جنوب مصر الشرقي على الساحل الغربي للبحر الاحمر ، ونزلت في ميناء ينبع في الحجاز ، ثم اتجهت صوب الجنوب الى نجران ومنها الى منطقة (براقش) والملاحظ أن الكتابات اليونانية والرومانية أنهم يكتبون أسماء المواقع العربية بصورة غريبة جدا من ذلك انهم على سبيل المثال يكتبون (شبوة) سوبوتا ، ويكتبون (رأس فرتك) سيارجورس ، والاسمان الوحيدان في نظرنا ، اللذان كتبهما اليونان والرومان كتابة صحيحة هم قرية (بروم) وثغر (شرمة) . هذا الخلط في كتابة الاسماء جعل المؤرخون العرب في حيرة من أمرهم ، ولسنا ندري هل مااستنتجه العرب من القراءات اليونانية والرومانية كان كله صحيحا ؟ هذا مانشك فيه. على كل حال اتجهت الحملة الرومانية سالفة الذكر من براقش الى مأرب وهنا لم يكن في مقدور الجيش الروماني ، الذي كان عدد رجاله حوالي عشرة آلاف ، أن يخطوا خلف مارب بالنظر الى ماكان قد اصاب هذا الجيش من أمراض، وما كان قد تعرض له من قتل على ايدي بعض القبائل اليمنية المقاومة له . فعاد الجيش الروماني الى مصر ، ولم يتحقق حلم الامبراطور الروماني أوغسطس (حكم بين عام 31 قبل الميلاد الى عام 14 قبل الميلاد) الذي أمر بتجريد هذه الحملة الى بلاد العرب . ولا تذكر السجلات الرومانية الطريق التي سلكها هذا الجيش في عودته الى مصر. والغريب في الامر أن كل الموارد الاسلامية لم تذكر هذه الحملة الرومانية ، كما ان المكتشفات الاثارية التي عثر الى اليوم لم تذكر هذه الحملة الخائبة. تجارة اليمن القديمة كانت اليمن منذ عصر مملكة معين الى القرن الاول بعد الميلاد همزة وصل تجارية بين الشرق والغرب . فقد كانت الصادرات اليمينة مثل اللبان والمر وأشجار الطيب ، وكذا البضائع التي تستوردها اليمن من الهند وكمبوديا والملايو وجاوة والصين ، تنتقل بوساطة القوافل البرية اليمنية الى فلسطين وجنوب لبنان ومنها الى اليونان وروما. وقد حافظت الدول اليمنية على مركزها التجاري ببقاء البحر الاحمر مغاقا في وجوه الملاحين الاخرين ، على ان يبقى لها نفوذها المطلق على المواني البحرية فيه . وفي القرن الأول بعد الميلاد اهتدى أحد البحارة اليونان وأسمه هيبالوس ( Hipalus) (بين عام 275و300بعد الميلاد) الى معرفة اتجاهات الرياح الموسمية في المحيط الهندي ، واكتشف أن هبوب هذه الرياح نحو الغرب ونحو الشرق لا يكون الا في فصول معينة من السنة ، وكان لهذا الاكتشاف الخطير أثره البالغ في تحويل الطريق البحرية حينما أخذت السفن اليونانية تشق طريقها عنوة في البحر الاحمر ومنه الى بحر العرب ثم الى المحيط الهندي متجاوزة المواني اليمنية ، وفي تلك الاثناء يزعم بعض المؤرخون أن اليونان احتلوا عدن ليجعلوا منها مصدر توزيع (ترانزيت) لتجارة الشرق وخزنها، فتحولت التجارة الشرقية من الشرق رأسا او عن طريق عدن الى مواني البحر الابيض المتوسط دون ان تمر على مواني اليمن ، فكان ذلك التحول التجاري ضربة قاضية على اليمنيين وخاصة من يسمونهم التبابعة الذين كانوا منهمكين في الحروب الداخلية والتطاحن فيما بينهم ، فاهملوا التجارة وبسبب ذلك تهدمت سدودهم الزراعية ومن بينها سد مارب ، وفترت حركة القوافل اليمنية فدخل اليمنيون ، ولكن اليمنيون كانوا اكثر كفاءة في أساطيلهم التجارية فلم تستطع السفن اليمنية مجاراتها في هذا المضمار، زد على ذلك ان نقل البضائع بالقوافل البرية كان يكلف اكثر من نقلها على طريق البحر ، ولم يحاول اليمنيون تطوير انفسهم... وقبل أن يتهدم سد مارب اخذت احوال اليمن الداخلية تسير من سيء الى اسواء ، فضاقت سبل العيش باليمنيين في بلادهم ، فاخذوا يهاجرون الى عمان والى سواحل الخليج وسواحل فارس ، والسواحل الافريقية ، زرافات ووحدانا، بحثا عن كسب عيش لهم ولأهليهم الذين خلفوهم وراءهم في اليمن . هجرة اليهود الى اليمن: في عام 70 ميلادية وفد من فلسطين ، وفرار من حكم الامبراطور الروماني تيتوس (Titus) كثير من اليهود الي اليمن ووجدوا قطرا امنا يأوون اليه ، ومكانا حصينا يقيمون فيه ، وبعد مضي فترة قصيرة من الزمن تمكنوا من السيطرة على مرافق اليمن التجارية، وكان اليمنيون في شغل شاغل بأنفسهم وبحروبهم الداخلية وتدمير بعضهم بعضا. وكان اول من اعتنق اليهودية من ملوك اليمن المتأخرين الملك أسعد الكامل الذي حكم اليمن بين عام 385 الي 415 بعد الميلاد ، وتبعه جماعة من اصحابه في اعتناق اليهودية. ثم اعتنق اليهودية ملك آخر من ملوك التبابعة وهو يوسف ذو نواس الذي حكم اليمن عام 515 وعام 524 بعد الميلاد ، وقد ادى تعصب ذي نواس للدين اليهودي الى ايقاعه بنصارى نجران في حادثة (الاخدود) المذكورة في القران الكريم ، سنة 523 ميلادية. وسبب تلك الحادثة انه ثار نزاع بين يهود ونصارى نجران فهب ذو نواس بجيشه الى نجران وهناك حفر اخدودا ملأه بالنار وخير نصارى نجران بين اعتناقهم اليهودية أو القائهم في النار ، فأبى كثير من نصارى نجران الرجوع عن دينهم فأحرقهم . ولقد كان هذا الفعل الشنيع مثارا لا ستنكار النصارى في أوربا والحبشة اصبحت بعده اليمن مسرحا للنزاع والحروب بين اليهودية وعلى راسها ذو نواس وبين المسيحية ومن ورائها قيصر الروم ونجاشي الحبشة وبايعاز من ملك الروم جرد نجاشي الحبشة ( وهذا كان الغزو الحبشي الثاني لليمن) حملة عسكرية من جهته مكونة من اربعة الاف مقاتل للقضاء على (ذي نواس ) وأتباعه اليهود ، وجرت بين الفريقين معارك دامية كانت الغلبة فيها للاحباش مما اضطر ذا نواس الى الانتحار ، وذلك بأن القى نفسه في البحر كما يقال. وهكذا انتهت دولة الحميريين واستولى الاحباش على اليمن عام 525 ميلادية . وبعد صراع بين القادة الاحباش انفسهم استطاع احد قادة الجيش الحبشي وأسمه ابرهة بن الصباح الأشرم (وقد تقدم ذكره لدى حجيثنا عن ترميم سد مارب) بتنصيب نفسه ملكا على اليمن . وقد عمل ابرهة على تنصير المزيد من اليمنيين . ومن أعماله انه ارغم العرب على الحج الى كنيسة بناها في صنعاء (تعرف الآن بغرفة القليس) بدلا عن الحج الى البيت الحرام في مكة، وهو صاحب قصة الفيل المذكورة في القران الكريم، وكان عام الفيل سنة 571 ميلادية . المسيحية في اليمن: لا يعرف متى كانت النصرانية قد تفشت بين بعض القبائل العربية حتى وصلت الى نجران في اليمن ، ولكن المعروف ان بعض أهالي اليمن اعتنقوا المسيحية عند احتلال الاحباش لليمن في المرة الاولى بين عام 340وعام 374 ميلادية . والحقيقة أن اتصال اليمنيين بالحبشة كان اتصالا اقتصاديا واجتماعيا قديما جدا. ومن المؤرخين من يؤكد أن الخط الاثيوبي المستعمل الان في اثيوبيا ماهو الا صورة معدلة من الخط المسند اليمني القديم، ويزعمون ان كلمة (الحبشة) مأخوذة من اسم قبيلة (حبشية ) الحضرمية الاصل ذات المنطقة التي تعرف باسمها الي اليوم وهي (جبل حبشية) جنوب منطقة ثمود في محافظة حضرموت. ويذكر مؤرخون ان اتصال اليمن بالحبشة كان على عهد مملكة اوسان وقد كونوا لهم في الحبشة مستعمرة تعرف بأسم (أكسوم) كما قد ذكرنا ذلك. وبحكم الاقتراب بين الشاطئين اليمني والحبشي في أسفل البحر الاحمر كان الاحباش واليمنيون يتبادلون الاتصالات التجارية. وكان الغزو الحبشي الاول لليمن الذي اشرنا اليه غزوا اقتصاديا لكنه لم يدم طويلا. اما الغزو الحبشي الثاني فقد كان غزوا تأديبيا جزاء ماقام به ذو نواس ضد نصارى نجران ، وفي سنة 599 ميلادية قام سيف بن ذي يزن بثورته ضد الغزو الحبشي الثاني ، وبذلك انتهى هذا الاحتلال الذي دام 74 عاما بمساعدة الفرس الذين استقدمهم سيف بن ذي يزن الى اليمن بمساعدة أحد أكاسرة الفرس. وقد تولى سيف بن ذي يزن بعد طرده الاحباش من اليمن ، أمر اليمن من قبل كسرى فارس ووفدت اليه الوفود العربية وكان من بينهم عبدالمطلب بن هاشم جد النبي (صلى الله عليه وسلم) (وكان ذلك قبل البعثة النبوية بما يقرب من عشرين عاما، اذ كانت أول سنة للهجرة في 16يوليو عام 622 ميلادية). وبعد موت سيف بن ذي يزن ، تولى المرزبان بن وهرز الفارسي حكم اليمن ، عاملا من قبل كسرى ، ثم تولى بعده التيجان بن الرزبان ، ثم خسرو بن التيجان ، ثم باذان ، وقد بقي باذان واليا على اليمن حتى الهجرة النبوية عام 622 ميلادية ودخل في الاسلام مع اهل اليمن ، ومع باذان هذا جرت حكاية الاسود العنسي لمحة من تاريخ حضرموت العام (من السنة الاولى للهجرة الى السنة الحادية عشرـ 622ـ632م) عندما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، (610م) كانت اقاليم اليمن مشتتة وغير خاضعة لحكم مركزي واحد، وكان اهل كل ناحية قد ملكوا عليهم رجلا منهم. وكذلك كان الحال في مختلف المناطق الحضرمية ، وكانت هجرته الى المدينة المنورة سنة 622م . وكان الفرس يحكمون اليمن الاعلى ، وكان عاملهم على صنعاء ونواحيها (باذان) الفارسي ،فدعاه الرسول الكريم الى الاسلام فامتثل بدون تردد وأسلم معه من كان بصنعاء من الفرس. وكان ذلك سنة عشر للهجرة . وابقى النبي صلى الله عليه وسلم (باذان) اميرا عنه على جميع اليمن ومخاليفه وهي كثيرة .وكانت اشهر مخاليف اليمن (أي أقسامها الادارية) مخلاف عسير ومخلاف صنعاء ومخلاف الجند (اليمن الاسفل) ومخلاف تهامة ومخلاف حضرموت. ومات باذان في هذه السنة ، فقسم النبي صلى الله عليه وسلم مخاليف اليمن على عمال من قبله ، وجعل صنعاء لشهر بن باذان . وبعث النبي (صلى الله عليه وسلم) خالد بن الوليد الى قبائل اليمن يدعوهم الى الاسلام فبقى بها ستة اشهر ولم ينجح في مهمته، فبعث النبي علي بن ابي طالب وأمره ان يرد خالدا ومن معه الا من رغب في البقاء معه . فلما انتهى الى انتهى الى اوائل اليمن قراء علي بن ابي طالب عليهم كتاب الرسول فأسلمت همدان ثم تتابع أهل اليمن على الاسلام وكان ذلك سنة عشر للهجرة . ولما بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) اسلامهم سجد لله شكرا على ذلك. وفي تلك السنة بعث النبي (صلى) معاذ بن جبل ، وكان من شباب الانصار ، قاضيا أو واليا على اليمن ومعلما، بقي معاذ بن جبل باليمن الى ان توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاته عام 11هجرية ، 632ميلادية. وقد حاول باذان ، بعد اسلامه ، الاتصال بالرسول ولكن الاسود العنسي تعقبه وقتله . ثم استفحل شأن الأسود وكثر جمعه حتى اخرج عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) من التهائم. ثم زحف على صنعاء واستولى عليها وقتل شهر بن باذان وتزوج امراته . فامر النبي (صلى الله عليه وسلم) الى من بقى من عماله أن يتلافوا الامر بالقضاء على الاسود العنسي ، فانتدب لذلك (فيروز الديلمي) ابن عم أمراة شهر بن باذان التي غدت زوجة للاسود العنسي ، ووضعت خطة لقتله بمساعدة هذه الزوجة ، فقتلوه. وعاد عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) الى اعمالهم ، وكان ذلك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وورد الخبر بمقتل الاسود الى المدينة قبل وفاة الرسول صلى الله وسلم ، بليلة او ليلتين ، وكانت وفاته عام 11 هجرية = 632ميلادية. وحدث أن قام بصنعاء متمرد آخر اسمه (قيس بن مكشوح) وجمع فلول جند الاسود العنسي اليه وذلك بعد أن ولي الخليفة ابو بكر أمر المسلمين. فولى ابو بكر (فيروز الديلمي) وأمر الناس بطاعته . فاجتمع لديه من المسلمين عدد غير قليل قاتل بهم قيس بن مكشوح حتى هزمه. واستقر اليمن تحت ظل الخلافة الاسلامية . كتب النبي صلى الله عليه وسلم الى أهل اليمن وحضرموت وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب الى ملوك اليمن ـ وكانوا في واقع الأمر رؤساء قبال وأصحاب مخاليف ـ كتابا عاما في الوقت الذي كتب النبي (صلى الله عليه وسلم) كتبه الى عموم ملوك العرب ومن جاورهم من ملوك العجم. وكان كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الى اليمن موجها الى الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل بن ذي رعين، وهمدان والمعافر(1) أنبأهم فيه أنه حمد الله على دخولهم الاسلام، وحثهم على اطاعة الله ورسوله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة ، وأمرهم بما بجمع ماعندهم من الصدقة والجزية وتبليغها اليه . وكان دعاة الرسول صلى الله عليه وسلم قد اوضحوا لليمنيين وغيرهم مايلزمهم من زكاة وغيرها من الواجبات الاخرى . وكان كتاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام اليهم قد اشتمل عليها. وذكر لهم في كتابه أن رسله اليهم هم معاذ بن جبل ، وعبدالله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعتبة بن نمر ، ومالك بن مرة وأصحابهم . أما كتاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) الى قبيلة حضرموت فقد وجهها الى وائل بن حجر وسائر أقيال حضرموت ، وذكر فيه ماعليهم دفعه من الزكاة ، وبعث بكتاب مماثل الى أبناء معشر وأبناء ضمعج أهل شبوة ، وبكتاب الى الجعفيين أهل وادي جردان ، ولم تثبت المراجع التاريخية كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) الاول لجميع سكان حضرموت ، وكان قد ارسله اليهم بيد يسلم بن عمرو الانصاري ، بيد أن اليعقوبي (2) ذكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كتب لهم بمثل ماكتب الى كسرى ، وفيما يلي نص الكتاب الموجه الى كسرى:ـ ـ*(من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له أن محمدا عبده ورسوله الى الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فان أبيت فان عليك اثم المجوس.)ـ* . وفادة أهل حضرموت على النبي (صلى الله عليه وسلم) تسمى سنة عشر من الهجرة سنة الوفود، اذ وفد على النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها وفود من بقى من العرب ممن لم يسلم بعد. ولم تكن وفادة العرب على الرسول صلى الله عليه وسلم كلها رغبة في اعتناق الاسلام وانقيادا لدعوته ـ وان كان اغلبها كذلك ـ بل كانت بعض الوفادات لنيل الرفد والاحسان، وبعضها لترشيح انفسهم للرئاسة على اقوامهم ، ومن ذلك ان بني تميم وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهم :ـ ( اقبلوا البشرى يابني تميم) ففسر بنو تميم كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرا ماديا بحتا وقالوا له بشرتنا فأعطنا ، فكررها لهم ، وهم يقولون : بشرتنا فأعطنا ، ولم يكتفوا بذلك ، بل صاروا يلحون عليه لذلك وينادونه من وراء حجرات ازواجه حتى شق عليه ذلك ، وفي ذلك قوله تعالى *( ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعلمون)* وقوله تعالى *( الأعراب أشد كفرا ونفاقا)* . وقد جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفد بني عامر وعليهم عامر بن الطفيل ، واربد بن قيس ، وماكان في نيتهم الاسلام ، بل ازدادوا بعد وفادتهم اصرار على كفرهم ، حتى انهم تآمروا على قتل النبي (صلى) فلم يقدروا . وقال عامر ابن الطفيل مخاطبا النبي (صلى الله عليه وسلم) (لأ ملانها عليك خيلا ورجلا ) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطاوعه على اعطائه طلبه الرفد والميرة من تمر المدينة. ويروي التاريخ حكايات كثيرة عن حرص بعض الوافدين من اجلاف العرب على الرئاسة والمال والطعام ، ولم يكن غرضهم الدخول في الاسلام . وربما عتنقت قبيلة الاسلام عنادا واغاضة لقبيلة اخرى لم تعتنقه كما كان الحال بين كندة ومراد. وذلك لما كان بين هاتين القبيلتين من خصوصية جاهلية . على أن كندة دخلت الاسلام في تاريخ متأخر . وفد قبيلة حضرموت: يذكر التاريخ أن وائل بن حجر بن ربيعة وكان ابوه من اقيال اليمن ، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فادناه النبي اليه وبسط له رداءه وأجلسه معه ، ثم صعد النبي (صلى ) المنبر وقال، :ـ ( ايها الناس هذا وائل بن حجر سيد الاقيال ، أتاكم من أرض بعيدة ـ يعني حضرموت ـ راغبا في الاسلام . فقام وائل وقال : ( يارسول الله بلغني ظهورك وأنا في ملك عظيم ، فتركته واخترت دين الله : فقال النبي : صدقت ، اللهم بارك في وائل وولده . وفد كندة : وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، الاشعث بن قيس في عدد من اصحابه . وفد تجيب : وقدم على النبي وفد تجيب (وهم من قبيلة السكون) وقد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرضها الله عليهم ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأكرم نزلهم ، وقالوا يارسول الله سقنا اليك حق الله عزوجل في أموالنا ، فقال رسول الله : ردوها فاقسموها على فقرائكم ، فقالوا ما قدمنا الابما فضل من فقرائنا . فقال ابوبكر رضي الله عنه : ماوفد علينا وفد من العرب بمثل ماوفد هؤلاء الحي من تجيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ان الهدى بيدالله عز وجل ، فمن أراد به خيرا شرح صدره للاسلام.). وفد الصدف والجعفيين : وقدمت على النبي قبيلة الصدف ، كما قدم عليه وفد الجعفيين وهم سكان وادي جردان من حضرموت . ويدل تعدد الوفود اليمنية الى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن اليمن كانت ممزقة تحت العديد من الرئاسات العشائرية ولم تكن تحكمها حكومات مركزية موحدة . عمال النبي صلى الله عليه وسلم على حضرموت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بأمرائه وعماله على الصدقات الى كل بلد دخل أهله الاسلام . ومن أولئك العمال الذين عينوا بحضرموت :ـ المهاجر بن أبي أمية المخزومي ........ وهو شقيق أم سلمة (رضي الله عنها) زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان أسمه (الوليد) فسماه النبي صلى الله عليه وسلم (المهاجر). زياد بن لبيد الانصاري ................ وهو أشهر رجل ولي بلاد حضرموت من الصحابة . كان عاملا للنبي على حضرموت ومنها بلاد كندة واسكون والصدف . ولما ولي ابو بكر رضي الله عنه ولاه قتال أهل الردة من كندة حتى ظفر بالاشعث بن قيس ، فبعث به اسيرا الى ابي بكر كما سياتي تفصيل ذلك . عكاشة بن ثور ...................... كان واليا على السكاسك ومعاوية من كندة ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان عماله على بلاد حضرموت :1ـ المهاجر على كندة زياد على قبيلة حضرموت عكاشة على السكاسك والسكون. حضرموت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان استقر الاسلام بحضرموت في السنة العاشرة من الهجرة (631م) رضخت له القبائل القاطنة بحضرموت من كندة والسكاسك والسكون والصدف وتجيب وحضرموت والجعفيين وغيرها من سكان تلك الناحية اليمنية تحت رئاسة من رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم ، عليهم ومنهم الاشعث بن قيس على كندة ، ووائل بن حجر على حضرموت ، وقيس بن سلمة بن شرحبيل على الجعفيين . وكان لهذه القبائل ملولك ورؤساء عديدون أصبحوا بالاسلام في عداد سائر الناس مروؤسين لاولئك النفر الذين عينهم انبي صلى الله عليه وسلم ، عليهم .، والظاهر ان بعضا من أولئك الملوك والرؤساء انما سكت على مضض واستكان على ضغينة لما سلبه من الرئاسة الجاهلية كما دلت على ذلك الحوادث .لذلك لما قام الاسود العنسي باليمن واعلن الردة واستولى على صنعاء في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يتوان بعض رؤساء سكان حضرموت ، ولاسيما كندة ـ ومنهم بني وليعة من بني عمرو بن معاوية ـ عن اغتنام الفرصة بتلبية دعوة الاسود العنسي ، بل سرعان مااعلنوا الردة وناصبوا عمال النبي (صلى ) العداوة ، وذلك في آخريات ايام حياته (ولما بلغ الخبر الى المدينة بردة بني وليعة وملوكهم لعنهم النبي ) ، ولم تدم فتنة العنسي طويلا اذ قتله المسلمون الذين باليمن ، وقد وردت البشرى بمقتله الى النبي وقد اشتد به المرض فلم يبق بعدها سوى ليلة واحدة حتى لحق بالرفيق الاعلى ، وكان ذلك في ربيع الاول في السنة الحادية عشرة للهجرة . صدى وفاة النبي بحضرموت وعندما بلغ خبر وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) الى حضرموت الى عامله عليها زياد بن لبيد الانصاري ، وكان حينها في مدينة تريم مع اقرار ابي بكر رضي الله عنه له على عمله ، لم يلبث حتى خطب الناس معلنا لهم خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وداعيا للبيعة لابي بكر ، فلبى نداءه بعض الحضارم ، وامتنع عن البيعة من في قلبه مرض ومن لم يطمئن قلبه بالايمان كالاشعث بن قيس الكندي ومن انحاز الى جانبه من كندة ومنهم ـ كما ذكرناــ بنو وليعة من بني عمرو بن معاوية ومن مال اليهم . وبما أن الاشعث بن قيس كان احد ملوك كندة ، وكان صاحب (مرباع)(3) حضرموت فقد كتب زياد الى البي بكر رضي الله عنه بالموقف في حضرموت وطلب منه المدد ، فبادر ابو بكر لاجابته وقال له في رسالته اليه تلك الجملة المشهورة عن الصديق( استعن بمن أقبل على من أدبر) . ردة أهل حضــرمــوت كانوا المرتدون الحضارمة أربعة أصناف :ـ 1ـ صنف عادوا الى عبادة الاوثان . 2ـ وصنف تبعوا مسيلمة والاسود العنسي ، وكان كل منهم قد ادعى النبوة قبل موت النبي (صلى الله عليه وسلم) فصدق مسيلمة أهل اليمامة وجماعة غيرهم ، وصدق الاسود أهل صنعاء وجماعة غيرهم ومنهم ملوك بني وليعة الذين سوف يأتي ذكرهم .. فقتل الاسود قبيل موت النبي ، وبقي بعض من آمن به فقتلهم عمال النبي (صلى الله عليه وسلم) في خلافة ابي بكر ، واما مسيلمة فجهز اليه ابو بكر جيشا بقيادة خالد بن الوليد فقتلوه. 3ـ وصنف ثالث استمروا على الاسلام ولكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي ، وهم الذين ناظر عمر بن الخطاب ابابكر في قتالهم . والى هذه الفئة ينسب البيتان المشهوران :ـ أطعنا رسول الله مادام بيننا **** فيا قوم ماشأني وشأن أبي بكر أيورثها بكرا اذا كان بعده **** فتلك لعمر الله قاصمة الظهـــر 4 ـ وصنف توقف ولم يطع احدا من الطوائف الثلاث وتربص لمن تكون الغلبة . ويستطاع القول ان هذه الاصناف الاربعة تمثل كافة المرتدين العرب لا الحضارم وحدهم ، وكان المرتدون الحضارمة متمثلين أصلا في كندة ، وكانت رئاسة كندة في بني وليعة بالذات وهؤلاء فرعان : الفرع الاول بنو عمرو بن معاوية ، ولهم ملوك أربعة هم : جمد ، ومخوس ، ومشرح ، وأبضعة ، تشاركهم في الذكر والرئاسة أختهم العمردة . الفرع الثاني : بنو الحارث بن معاوية ، ولهم ملكان هما : السمط بن الاسود ، والاشعث بن قيس وهو آخر ملوكهم . ولقد كانت ردة كندة حركة رجعية دفعت اليها عدة عوامل أظهرها:ـ 1. الحنين الى ظلم الجاهلية وبطشها وجبروتها وانانيتها. 2. عجز رؤسا المرتدين عن مزاحمة المتنورين بتعاليم الاسلام . 3. قعود جهلهم بهم عن التأهيل لاحتلال المراكز المهمة والوظائف الاسلامية العالية ، بعد أن سلبوا الرئاسة الوراثية التقليدية ، وغدا الاسلام يأبى أن يتبوأها الا من كان كفوا لها بعلمه وقوة ايمانه وسابقته من الاسلام . وبالنظر الى العداء القديم المستحكم ، بين قبيلتي حضرموت وكندة فقد انحازت حضرموت الى جانب زياد وناصروه على كندة وبقية المرتدين ، على انه انحاز الى المرتدين افراد اشقياء من قبيلة حضرموت ومن السبيع الهمدانية وقبيلتي السكون والسكاسك . ودارت رحى الحرب بين المسلمين والمرتدين في موضع ، لا يعرف مكانه اليوم ، يقال له (محشر الزرقان) فهزمت كندة وانسحبت الى موطن اعوانها من قبيلة حضرموت ولاذت بحصن (النجير) الواقع شرقي مدينة تريم (4) وهو حصن لقبيلة حضرموت استولى عليه اولئك الافراد من قبيلة حضرموت الذين انحازوا الى المرتدين . وداهم المسلمون حصن النجير وحدثت به معركة تاريخية مشهورة كانت نتجتها أن انهز م المرتدون هزيمة منكرة وكانت نصرا عظيما للمسلمين ، وكان بين قتلى المرتدين ملوك بنو عمرو بن معاوية الاربعة واختهم العمردة ، والسمط بن الاسود أحد ملكي بني الحارث بن معاوية . اما الملك الاخر وهو الاشعث بن قيس رأس الفتنة فكان بين الاسرى . ويذكر ان زيادا بعث بالاسرى ومنهم الاشعث الى ابي بكر فمن عليهم بالحياة بعد تجديد اسلامهم . المرتدون من المهرة : اما المرتدون من منطقة المهرة الحضرمية ، فقد سار اليهم عكرمة بن ابي جهل في جيش من المسلمين الذين كانوا يقاتلون المرتدين في عمان ، ودارت بين المهرة وبين المسلمين معركة فاصلة في مكان سماه المؤرخون ( جيروت) ولعله (حبروت) كسر فيه المهرة المرتدون واسر قائدهم (شخريث) وبعث به عكرمة الي ابي بكر مع جمع من اسرى المهرة ، وانتهت فتنة الردة الحضرمية /المهرية . واستقرت حضرموت تحت ظل الخلافة الاسلامية . العمال على حضرموت في عهد الراشدين توفي الخليفة ابوبكر (رضي الله عنه) لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة ، فكانت ولايته سنتين وثلاثة اشهر وعشر ليال . وولي بعده عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وبقيت حضرموت جزءا لاينفصل عن اليمن ، وقطعة من الدولة الاسلامية الفتية . كانت حضرموت على عهد الخلفاء الثلاثة في أغلب الاحوال تحت حكم من يتولى على اليمن ، بيد ان ولاة اليمن ربما جعلوا عليها نوابا ، ويذكر أن احد الخلفاء استعمل في حضرموت عاملا من قبله . يعلي بن منية : ولما توفي ابو بكر وولي عمر استعمل على اليمن يعلي بن منية (نسبة الى امه ) اما ابوه فهو أمية بن ابي عبيدة بن همام التميمي حليف قريش . واتهم يعلي باستغلال مركزه فعزله الخليفة عمر (5) . ولما بويع عثمان (6) استعمل يعلي على اليمن ، ويقال انه عاد الى استغلال مركزه من جديد ، ويقال ايضا انه مات ولديه ثروة قدرت بستمائة الف دينار. عدي بن نوفل : وعلى الرغم أن يعلي كان مستقلا بالامارة على اليمن ، فان أمر حضرموت لم يكن اليه بل ان الخليفة بالمدينة استعمل عليها عاملا خاصا من قبله وهو عدي بن نوفل ، اذ استعمله عمر بن الخطاب على حضرموت ، ثم عمل لعثمان بعده ايضا ، وعدي هذا هو اخو ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها. أما في عهد الخليفة علي فقد كان عامله على اليمن عبدالله بن العباس ابن عبدالمطلب ، وقد بقي في منصبه حتى وفاة الامام الامام علي كرم الله وجهه (7) وكانت حضرموت ابان عمالته تابعة لليمن الاعلى من الناحية الادارية. وينبغي ان يلاحظ ان الحضارم كانوا في كل مناطق حضرموت ، مستقلين بشؤونهم الداخلية يديرونها بوساطة رؤساء عنهم وفق عاداتهم وتقاليدهم وعقيدتهم الجديدة ، وكانت واجبات عمال النبي صلى الله عليه وسلم وعمال الخلفاء الراشدين من بعده منحصرة في الاشراف على اداء الزكاة واقامة الفرائض الدينية الاخرى . الهجرة الحضرمية في عهد الفتوح الاسلامية كانت حرب الردة في عهد ابي بكر ، والفتوح في عهد عمر من بعده ، من بواعث هجرة القبائل الساكنة بحضرموت ، شانهم في ذلك شأن بقية القبائل الذين هاجروا من جهات اخرى من جزيرة العرب ، صوب الحجاز اولا حيث تعبأ الجيوش وتجهز البعوث الى شتى نواحي الارض ، ثم ذهابهم ثانيا الى الثغور ،في سبيل نشر الدين الاسلامي والقضاء على مناوئيه . فهب رجال بلاد حضرموت وعليهم اقيالهم وملوكهم ورؤساؤهم أمثال وائل بن حجر ، والاشعث بن قيس وغيرهم من زعماء قبائل حضرموت وكندة والصدف والسكون والجعفيين . وكان عمر بن الخطاب قد استنفر من اهل اليمن رجالهم وذوي الشان والنجدة لتلبية صوت الجهاد ونفير الاسلام ، فرجل جمع غفير من أهل جهة حضرموت بأسرهم وذراريهم ــ كسائر العرب ـــ لاداء واجبهم نحو دينهم وعروبتهم ، ثم توطنوا فيما بعد ثغور الاسلام ، فنزحت قبائل من حضرموت عن وطنها الاصلي الى غير رجعة ، فاستبدلوا لهم في البلدان الخصبة اهلا بأهل وجيرانا بجيران . فأثرت هذه الهجرة على بلاد حضرموت ، اذ نقص عدد سكانها نقصا كبيرا. ونزح الحضارم والى الكوفة (العراق) والى الشام والى مصر في اعداد كبيرة ، واشتركوا في جيوش الفتح الاسلامي قادة وجنودا ومنهم من تولى بتلك الاقاليم الاسلامية وغيرها ـــ ملك شمال افريقيا والاندلس ــ الرئاسة والحكم والقضاء والافتاء وشاركوا ــ كما شارك ابناؤهم واحفادهم من بعدهم ـ في مختلف نواحي النشاط العسكري والاداري والفكري . وبرز منهم رجال تحدث عنهم التاريخ حديث اجلال واكبار (راجع كتاب (الجامع) للمؤلف) . فبالاضافة الى ابادة حروب الردة ، كانت الهجرة ضربة على حضرموت افقتدها اكثر سكانها . وقد اصيبت حضرموت بضربات عنيفة وقاسية في العهدين الاموي والعباسي كما سياتي ذكره . ونتج عن ذلك خواء بعض النواحي الحضرمية من اهلها . وخراب بعض بلدانها وقراها. وتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية بها. لذلك لم يعد لبلاد حضرموت من الشان مايجعل الولاية عليها أمرا يستحق الذكر . فلم يحفظ التاريخ اسم أحد المتوليين عليها الا نادرا ، واكتفى المؤرخون بما عرف من أنها قطعة من اليمن مضافة الى عمالة من يتولى صنعاء من قبل الدولة . حضرموت في العهد الأموي لما ولي معاوية بن ابي سفيان ولي على صنعاء ــ قاعدة اليمن ــ فيروز الديلمي ، احد الفرس الذين كانوا باليمن ، وقد سبق ذكر فيروز هذا بمناسبة مشاركته في قتل الاسود العنسي الكذاب ، وبقي باليمن حتى توفي سنة53 هـ (672م) في عهد معاوية . وفي عهد عبدالله بن الزبير، تولى على حضرموت من قبله عمارة بن عمرو بن حزم ، ويحتمل انه كان نائبا لعامل صنعاء عبدالله بن عبدالرحمن بن مخزوم وكان عاملا لعبدالله بن الزبير على اليمن . ولما أضيفت اليمن الى ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 72هـ (691م) ولى الحجاج على حضرموت الحكم بن مولى الثقفي . وتذكر روايات تاريخية أن الولاة الأمويين الحقوا بأهل اليمن وحضرموت من الجور والعسف ماأثار الحفائظ واضرم الصدور غيظا عليهم ، الامر الذي ادى الى ثورة عبدالله بن يحيى الكندي ، والملقب بـ (طالب الحق) وانضمام جانب كبير من الحضارم تحت رايته مما سياتي ذكره ، وكان على حضرموت حينئذ من قبل الامويين ابراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي . ثورة عبدالله بن يحيى الكندي بحضرموت شاخت الدولة الاموية ، وبداء التصدع في جوانبها من عهد الوليد بن يزيد ، ولم يكن اليمانية ــ وهو أعظم جند الشام ــ راضيين عنه .ومن المعروف أن جند الشام هم الذين ارتكزت على اسنتهم وحرابهم الدولة الاموية . فجرؤت النفوس على الخروج على الملك الاموي ، ونجمت قرون الفتن والاحزاب والمؤامرات السرية ضد الدولة ، وانتشرت المناوشات الدامية في شتى انحاء المملكة الاموية ، وغدت بها اوصال الدولة اشلاء مقطعة بايدي الطامعين والثائرين والحاقدين مما اوقع في النفوس يقينا انهيارها وقرب اضمحلالها. هذه الحالة التي كانت عليها الدولة الاموية جرأت أبا حمزة الحروري الاباضي على التآمر مع عبدالله بن يحيى الكندي للقيام بثورة في حضرموت وعموم اليمن ضد الحكم الاموي ، لاسيما ان عبدالله بن يحيى كان في طليعة المتذمرين من الحالة السيئة التي عمت اليمن وحضرموت على ايدي الامويين. وكان ابو حمزة المختار بن عوف الازدي السلمي (واحيانا يسمى الحروري الاباضي) أحد أهل البصرة ممن لبى دعوة عبدالله بن اباض التميمي الخارجي . وتتلخص دعوة عبدالله بن اباض في ان (أهل القبلة) أي المسلمين ، هم غير كفار ، ولكنهم غير مشركين ، فمناكحتهم وموارثتهم جائزة الا ان أموالهم من السلاح والعتاد عند الحرب حلالان ، وأن مرتكبي الكبائر ليسوا بمؤمنين ، ولكنهم موحدون ، وان مرتكب الكبيرة كافر كفر النعمة لا كفر الملة ، وانهم لا يتولون من الخلفاء الاربعة غير الخليفتين ابي بكر وعمر وان الخليفتين عليا وعثمان قد خالفا ــ حسب زعمهم ــ سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الى غير ذلك (9) . وقد سميت هذه الفرقة بالاباضية نسبة الى عبدالله بن اباض المذكور ، وهي احد فرق الخوارج. والحقيقة ان وجود الخوارج بحضرموت كان قديما، وأول اتصالهم بحضرموت كان في بداية النصف الثاني من القرن الاول من الهجرة ، (685م ) فقد بعث اتباع نجدة بن عامرالحنفي الخارجي ، المتغلب على اليمامة والبحرين ، بأنصارهم الى حضرموت سنة (66هـ) (685م) وولوا ابا فديك لقبض الصدقة باسم الفرقة النجدية (نسبة الى نجدة بن عامر المذكور) ، وكان هذا أول اتصال الخوارج بحضرموت ، وقد أحدث ذلك جوا صالحا لتلقي نحلة الاباضية بالقبول والاذعان . وكان اباحمزة المختار يتردد على مكة كل عام ويدعوا الى الثورة ضد مروان بن محمد الاموي ، والى اعتناق المذهب الاباضي . وفي سنة 128هــ (745م) اتصل ابو حمزة في مكة بعبد الله بن يحيى الكندي من اهل حضرموت وشرح له فكرته الثورية ومذهبه الاباضي ، فاستحسن عبدالله بن يحيى ماقاله ابو حمزة وخرج ابو حمزة وعبدالله بن يحيى وجماعة من انصار ابي حمزة الى حضرموت وهنا اعلنوا الثورة على مروان بن محمد ودعوا البيعية لعبدالله بن يحيى ولقبوه (( طالب الحق)) . كان ذلك سنة 129هـ (746م) وكان هذا أول وجود المذهب الاباضي بحضرموت . فكثر انصار (طالب الحق) لا سيما ان الناس قد برموا بالحالة في حضرموت من عمال بني امية وظلمهم وعسفهم كما تذكر الروايات التاريخية . وكان على حضرموت من قبل الامويين ابراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي ، (10) فاعتقله انصار (طالب الحق ) ردحا من الزمن ثم اخلوا سبيله . وكتب عبدالله بن بحيى الى من كان على مذهبه في صنعاء في الفين من رجاله الحضارم واستولى عليها ثم بسط سلطانه على اليمن , وأقام عبدالله بن يحيى بصنعاء شهرا كان الخوارج (الشراة) يأتون خلاله اليه من كل مكان حتى كثر جمعه ، الامر الذي شجعه على الاستيلاء على مكة والمدينة ، وكان ذلك سنة 130هــ (747م) اذ انه فعلا وجه الى تلك المدينتين الشريفتين اباحمزة المختار واخرين من انصاره على راس جيش كثيف واستولى ابو حمزة على مكة والمدينة . ولما بلغ مروان بن محمد الاموي (11) خبر استيلاء ابو حمزة على مكة والمدينة جرد له من الشام حملة عسكرية قوية بقيادة عبدالملك بن عطية السعدي . فكانت معركة بين الامويين والاباضيين في مكة قتل فيها ابو حمزة وأكثر انصاره . أما الباقون من انصار ابي حمزة فقد لاذوا بالفرار الى صنعاء. وتحرك عندئذ عبدالله بن يحيى (طالب الحق ) بجيش من صنعاء ضم فلول جيش ابو حمزة . والتقى بجيش ابن عطية السعدي في الطائف ودارت بين الفريقين معركة في الطائف قتل فيها (طالب الحق ) وجمع كبير من انصاره وتوجه ابن عطية الى صنعاء لمقاتلة من بقى فيها من الخوارج وتمكن من قمع ثورتهم وكسر شوكتهم . عند ذلك فر من بقى من الاباضيين على قيد الحياة الى حضرموت فتعقبهم ابن عطية وقضى عليهم واحتل مدينة شبام وكانت مركزا هاما لهم . ثم أتى ابن عطية كتاب من مروان ابن محمد يأمره بالذهاب على عجل الى مكة ليحج بالناس ، فصالح ابن عطية اهل حضرموت ، وذهب الى مكة ومعه جماعة من الحضارم فلما كان ببلاد مراد قتله الاباضية . فلما علم ابن اخي عبدالله بن عطية (12) وهو بصنعاء خبر قتل عمه ، أرسل شعيبا البارقي على راس جيش الى حضرموت ، فاوقع بالاباضية الذين كانوا بها . الا ان قسوته تجاوزت الحدود فقد قتل صبيانهم وبقر بطون نسائهم وأتلف اموالهم واخرب ونهب قراهم . واخمدت ثورة الاباضية بحضرموت سنة 130هـ ( 747م) ، وللمؤرخين الحضارم وغيرهم عن شخصية (طالب الحق ) وعن ثورته وأهدافها احاديث مطولة ومتضاربة لونتها الاهواء بأصباغها. حضرموت في العهد العباسي كانت الدولة الاموية تلفظ أنفاسها الاخيرة في عهد مروان بن محمد الجعدي . فكتب اليه نصر بن يسار رسالة يعلمه فيها عن مغزى دعوة ابي مسلم الخراساني وضمها الابيات التالية وهي مشهورة في التاريخ الاموي ، والابيات لأبي مريم البجلي :ـ أرى خلل الرماد وميض نار ** ويوشك أن يكون لها ضرام فان النار بالعودين تذكــــــى ** وأن الحر اولها الكــــــــلام لئن لم يطفها عقلاء قـــــــوم ** يكون وقودها جثث وهــــام أقول من التعجب ليت شعري** أأيقاظ أمية أم نــــــــــــــيام فأن كانوا لحينهم نيامـــــــــا ** فقل قوموا فقد حان القـــــيام . وفي سنة 133هـ (750م) انهزم مروان بن محمد الجعدي عسكريا امام طليعة الحركة العباسية الصاعدة ، ففر بفلول جيشه الى مصر وقتل في قرية (بوصير) المصرية . وتولى الحكم ابو العباس السفاح ، أول خلفاء بني العباس ، فولى على اليمن عمه داوؤد بن علي فتوفي في السنة نفسها. فعين مكانه ابن خاله محمد بن يزيد بن عبد المدان الحارثي ، وفي سنة 134 هـ (753م) عين السفاح على اليمن علي بن الربيع بن عبدالمدانالحارثي . وتوفي السفاح سنة 136هـ ( 753م) وتولى بعده ابو جعفر المنصور ، فاستعمل على اليمن عبدالله بن الربيع بن عبدالمدان الحارثي ، فثار اهل اليمن سنة 142هـ (759م) فعزله المنصور وولى مكانه معن بن زائدة ولما قدم معن اليمن قتل اهلها قتلا فاحشا ، وقد استعمل على بعض مخاليفه ، ومنها حضرموت ، بعض اقربائه . وكان بعض اقرابته فسقة ظالمين ، فقتل اهل المعافر (13) أحدهم وقتل الحضارمة آخر منهم ، فشدد معن بن زائدة في الانتقام من أهل المعافر ومن الحضارم الا ان القتل في الحضارم كان فظيعا حتى بلغ عدد القتلى خمسة عشر الفا كما يذكر المؤرخ الديبع (14) وذلك لأن الحضارم حاربوه وقاوموه .، وذكر الديبع ايضا ان معن بن زائدة عاقب اهل اليمن بأمور اخرى غير القتل وذلك بأن البسهم السواد وقد مدح الشاعر مروان بن ابي حفصة معن بن زائدة بقصيدة على ماصنع بأهل حضرموت ، ومن تلك القصيدة الاربعة الابيات المشهورة التالية:ـ لقد اصبحت في كل شرق ومغرب ** بسيفك اعناق المريبين خضعا وطئت خدود الحضرميين وطا ة ** لها انهد ركن منهم فتضعضعــا فأقعوا على الاذناب اقعاء معشــــر** يرون لزوم السلم أبقى وأنفعـــا فلو مدت الايدي الى الحرب كلهــا ** لكفوا ومامدوا الى الحرب اصبعا وبقى معن واليا على اليمن تسع سنين حتى ولاه المهدي العباسي (158ــ 169هـ‘) (774ـ 785م) سجستان بأرض العجم ، واستخلف على اليمن ابنه زائدة بن معن ، فمكث واليا بها ثلاث سنين (15). بيد ان الحضارم بعثوا الى معن بن زائدة من يغتاله في مستقر حكمه ببيست (سجستان) . وهكذا توالى خلفاء بني العباس على الحكم في بغداد ، وتوالى عمالهم على اليمن ، وكانت اليمن تموج بالفتن والاضطرابات والاطماع السياسية . وكانت الحالة العام بحضرموت ليست باحسن ولا بأهداء مما هي عليه في مخاليف اليمن الاخرى . ثم تولى الحكم الخليفة المأمون سنة 198هـ (813م) . وعلى اثر تولي الحكم الخليفة المامؤن سنة 198هـ (813م) . وعلى اثر تمرد قبيلة اشاعر باليمن عين المامؤن عاملا له على تهامة هو محمد بن عبدالله بن زياد سنة 202هـ (817م) . دولة بني زياد فأخضع ابن زياد الاشاعر واعاد الامور الى نصابها وجعل مدينة زبيد عاصمة حكمه سنة 204هـ (819م) وفي سنة (205هـ) (820م) أنشاء محمد بن زياد هذا (دولة بني زياد) باليمن ، وقد سماها المؤرخ بها ء الدين الجندي (صدر الدولة اليمنية الحديثة ) اذ كانت أول دولة تقام في اليمن مستقلة عن النفوذ العباسي . وحكم محمد بن زياد اليمن زهاء اربعين سنة حتى توفي ، وخلفه على الحكم أبنه ابراهيم سنة 242هـ (856م) . وقد دامت دولة بني زياد مايقرب من مئة وسبع وتسعين سنة ، كان آخر حكامها الحسين بن سلامة ( 391ـ 402هـ ) (1000ـ 1011م ) وهو مولى بني زياد ، وقد تولى الحكم حيث لم يبق من بني زياد غير طفل صغير اسمه ابو الجيش . دولة بني يعفر وخلال حكم بني زياد في تهامة ، قامت سنة 225 هـ (839م) دولة بني يعفر في شبام (16) اولا ثم في (صنعاء) . وقد أنشاها ابراهيم بن يعفر ، وكان والده يعفر بن عبدالرحيم الحوالي الحميري قد عين عاملا على صنعاء سنة 262هـ (876م) من قبل الخليفة العباسي المعتمد بن المتوكل 256ــ 279هـ (869 ــ 892م) وتلاشت دولة بني يعفر سنة 393هـ وكان اخر حكامها اسعد بن عبدالله ( 387 ـ 393 هـ ) ( 997 ــ 1002م) ، وفي عهد هذه الدولة غزاء القرامطة اليمن سنة 292 هـ (905م) بزعامة علي بن الفضل القرمطي . وعلي بن الفضل هذا يمني وهوشخصية شاذة برزت على مسرح الاحداث اليمنية في اليمن الاعلى ، وكان اول ظهوره في يافع بصفته داعيا لعبيد الله المهدي من ذرية عقيل بن ابي طالب . وقد تمكن ابن الفضل من الظهور بالزهد والصلاح فالتف حوله اناس كثيرون . ثم استطاع جمع اموال طائلة سخرها في الفتن والاطماع السياسية ، فراح يغزو الاقاليم اليمنية . وفي (المذيخرة) (17) التي جعلها قصبة ملكه نشر مذهبه الاباحي الذي أجمله في قصيدة مشهورة ، منها قوله :ـ خذي الدف ياهذه واقــــــربي ** وغني هذاديك (18) ثم اطـــــربي تولى نبي بني هاشـــــــــــــم ** وهذا نبي بني يعــــــــــــــــــــــرب لكل نبي مضى شــــرعـــــــة ** وهاتا شريعة هذا النـــــــــــــــــبي فقد حط عنا فروض الصــــلاة ** وفرض الصيام فلم نتعـــــــــــــــب اذا الناس صلوا فلا تنهضي ** وان صاموا فكلي واشــــــــــــربي ولا تطلبي السعي عند الصفا ** ولا زورة القبر في يثــــــــــــــرب ولا تمنعي نفسك المعرســين ** من الاقربين او الاجنـــــــــــــــبي بماذا حللت لهذا الغريـــــــب ** وصـــــــرت محـــــرمـــــــة للاب اليس الــــــــغراس لمن ربه ** وأسقاه في الزمـــــــــــن المجــدب وما الخمــر الاكماء السمــاء ** يحل فقد ســـت من المــــذهــــــــب (19) وقد هاجم القرامطة حضرموت في بداية القرن التاسع الهجري ( 913م) وبقى لهم نفوذ بها فترة من الزمن ، وكان المذهب القرمطي ، الذي أول ماظهر في العراق ، قد انتشر في بعض انحاء العالم العربي . ولم تدم الحركة القرمطية اكثر من ثلاثين عاما على وجه التقريب . الامامة في اليمن وفي سنة 284هـ (897م) بويع الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم (من ذرية الحسن بن علي بن ابي طالب ) أول امام في اليمن ، وكان مستقره (صعدة) . وكان بعض أهل شمال اليمن الاعلى قد استدعاه من المدينة المنورة حيث عرف بالعلم والعبادة والتقوى والصلاح . وله مؤلفات منها (الاحكام) وقد نهج فيه نهج الامام مالك في (الموطا) وكذا (المنتخب ) و(الفنون) في الفقه. ومعظم ائمة اليمن قد انفصلت عن الحكم العباسي . ودارت بين الامام الهادي وبني يعفر وغيرهم من ذوي السلطة السياسية في اليمن معارك عديدة ، كما أن اصطدامات دموية جرت بينه وبين علي بن الفضل القرمطي . حالة حضرموت بين 402ـ 662 هـ (750ـ 1010م) في خلال هذه الفترة التاريخية ظلت حضرموت تحت حكم اليمن الاعلى اسميا . فكان أهله في واقع الامر ، هم الحكام الفعليون لها، وكانت البلاد الحضرمية مجزأة الى مناطق عشائرية يتحكم في كل منطقة منها رئيس عشائري من ذوي القوة والمنعة . ومن المؤسف له أن المؤرخين أهملوا تاريخ حضرموت عن تلك الفترة . وكلما يعرفهم عنها هو قولهم (ان الحاكم الزيادي أو اليعفري بسط حكمه على حضرموت ) ولا اكثر من ذلك . والحقيقة ان استقلال حضرموت بشئونها كان متسقا مع طبيعة الاشياء ذلك ان الحكام في شمال اليمن كانوا في شاغل بفتنهم المستعرة فيما بينهم ، بل انهم في الواقع كانوا حكام قرى ومدن او مناطق قبلية محدودة ، ولم يكن أحد منهم من ذوي الشوكة والنفوذ الواسعين ، ومنهم من كان (يعدل) (21) بلاده للحكام الاجانب . قدوم المهاجر أحمد بن عيسى الى حضرموت ومن أهم ماحدث في حضرموت ابان العهد الزيادي قدوم السيد احمد بن عيسى جد العلويين بحضرموت . وكان قد قدم من البصرة سنة 318هـ (930م) يرافقه ابنه عبيد الله وحفيده بصري بن عبيدالله وجماعة من عائلته وأتباعه. قدم المهاجر اولا الى قرية (الجبيل) بوادي دوعن ، ولم تطل اقامته بها ، فغادرها الى مدينة الهجرين، ثم اتجه منها الى قارة (بني جشير) وهي احدى قرى كندة القديمة . وتقع هذه القرية بالقرب من قرية (بور) . وكان لقدوم المهاجر الى حضرموت ولاحفاده من بعده أثر عظيم في تاريخ حضرموت السياسي والاجتماعي والمذهبي ، وقد غدا أحفاد المهاجر الى اليوم من أهم مصادر التصوف في حضرموت. فقد كانت الاضطرابات الثورية في جنوب العراق خلال الحكم العباسي وهذا السبب نفسه هو الذي دفع من قبل بأئمة اليمن الى الفرار من العراق الى المدينة المنورة . كما دفع بجد آل باوزير الى الفرار من العراق الى المكلا. أما سبب قدوم المهاجر الى حضرموت واختياره لها دارا بعد ان طاف بالحجاز واليمن الاعلى بعد مغادرته وطنه الاصلي العراق ، وكذا قبره ومذهبه ونواح أخرى من نشاطه وتاريخ حياته بصورة عامة فقد كتب عن كل ذلك المهتمون بتاريخ هذا السيد الجليل الصفحات العديدة ، وهي ممتعة ومفيدة لمن يهمه الاطلاع عليها، وقد توفي المهاجر بالحسيسة سنة 345هـ (956م) ودفن بها . ويعرف احفاد المهاجر في حضرموت بالعلوين نسبة الى جدهم الاعلي علوي بن عبيدالله بن احمد بن عيسى المهاجر. وفي رأينا أن احدا من الذين تديروا حضرموت ، في تاريخها المعروف ، حكاما او محكومين ، قادة او اتباعا ، لم يترك من المعالم البارزة في هذه البلاد ماتركه السيد المهاجر وبعض الاكابر من احفاده (22) فقد كان تأثيرهم على سير الاحداث بحضرموت أقوى من تاثير مشائخ حضرموت ،على ما للمشائخ من نفوذ وسمو مقام عند الحضارم. ومما وقفنا عليه من تاريخ حياة المهاجر وبعض من احفاده أن ابرز ما تميزت به عهودهم أنهم لم يسعوا الى ملك او سيطرة سياسية في حضرموت ولكنهم انما كان بعضهم بحق ، ورغم كل المكاره التي صادفتهم ، دعاة خير الى الطرائق السوية ، وكان مشهورهم تغمره بركة مستورهم كما قد قيل قديما عنهم . دولة بني نجاح بعد وفاة الامير الحسن بن سلامة ،آخر ولاة بني زياد ، استولى على الحكم نجاح الحبشي ، احد موالي بني زياد، واستقل بالسلطة في تهامة وجعل مقر حكمه مدينة زبيد. واستمرت دولة بني نجاح في خضم من الفتن والصراع على السلطة ، مع الصليحيين وغيرهم من عام 403ــ 555 هـ (1012ــ1160م) الا انها دولة كانت منحصرة في تهامة . ومن أمراء بني نجاح ( جياش بن نجاح) وكان يلقب بالعادل بن الطامي ، وهو مؤلف كتاب (المفيد عن اخبار زبيد) . وقد حكم الامير جياش من سنة (486ـ 498 هـ) (1090 ــ 1104م) ، وآخر امراء بني نجاح الامير فاتك بن محمد بن فاتك (540ــ 555 هـ) (1145 ــ 1160م) . دولة الصليحيين أنشاء هذه الدولة الامير علي بن محمد الصليحي (439ــ 458هـ ) (1047ـ 1065م) وكان مقره الاول جبل مسار ثم تمركز بصنعاء . ويقال ان ملك الصليحيين امتد الى حضرموت ساحلها وداخلها . الا اننا لانعلم شياء عن طبيعة ذلك الحكم ولا عن كيفية استيلاء الصليحيين على حضرموت . على انه من المعروف ان الحكام الصليحيين بوصفهم حكام من الشيعة ، قد ساعدوا على توطين مركز العلويين في درجة الاباضيين الذين كانوا مناوئين لهم في حضرموت ، وساعدوا على تقليص النفوذ الاباضي (23). وكانت عدن حين برز الصليحيون على مسرح الاحداث ، تحت حكم بني معن (علاقة لهم بمعن بن زائدة الشيباني) حين كانوا عمالا عليها من قبل بني يعفر. وعندما استولى الصليحيون على عدن أبقوا بني معن نوابا عليها تحت اشراف الامير احمد بن جعفر بن موسى الصليحي والد السيدة ( التي عرفت منذ صغرها بلقب أروى وهو لقب يعني الظبية وقد غلب على اسمها) وبقي الامير احمد بعدن حتى مات في حادثة انهدام منزله عليه . وكانوا بني معن يدفعون للصليحيين جزءا من ايرادات عدن السنوية . وكانت لبني معن علاقات تجارية قوية مع الساحل الحضرمي ، وهي العلاقات التقليدية القديمة بين عدن والشحر . فلما استولى الصليحيون على عدن امتد نفوذهم عن طريق بني معن الى حضرموت ساحلها وداخلها. وقد جعل الصليحيون لهم نوابا على حضرموت ، هم ، كما يقال محليا، آل فارس على الشحر ، وال الدغار على شبام ، وآل قحطان على تريم، وهؤلا جميعهم من الحضارم ، وكانوا من ذوي السلطة في مناطقهم ، ولما زوج الاكير علي بن محمد الصليحي ابنه المكرم بالسيدة أروى بنت أحمد الصليحية ، جعل صداقها جزءا من ايرادات عدن ، فاستمر بنو معن يدفعون هذا الخراج المقرر عليهم . وعندما امتنع بنو معن عن دفع الخراج ، داهم المكرم بن علي الصليحي وطردهم من عدن ، وولاها بعض اقاربه ، وهم العباس والمسعود أبناء المكرم الهمداني ، بعد ان قسم (عدن) الى قسمين بينهما، اذ جعل للعباس حصن التعكر (24) ومايأتي من البر، وللمسعود حصن الخضراء (25) ومايليه من البحر . واستخلفهما للسيدة أروى على ان يسوق كل منهما اليها خمسين الف دينار كل عام . وقد استمرا على ذلك ، كما استمر من جاء بعدهما من اولادهما الى وفاة السيدة أروى. ومن حكام الصليحيين المشهورين السيدة أروى بنت أحمد سالفة الذكر وقد حكمت معظم البلاد اليمنية بعد أن شاركت زوجها المكرم في تدبير شؤون الدولة منذ قيامه حتى مات ، وقبضت على ازمة الامور في البلاد من سنة 484ـ 532 هـ ( 1091ــ 1137م) . ويذكر التاريخ السيدة أروى بالفضل والدهاء ، وسمو التفكير وسداد الرأي ، ولها محاسن في اليمن كثيرة ، منها بناء جامع (ذي جبلة) وعمارة الجناح الشرقي للجامع الكبير بصنعاء ، وغير ذلك من المساجد ومعاهد العلم والوقفيات الكبيرة ، والصدقات ورواتب العلماء والمرشدين والمدرسين ، وقد توفيت السيدة أروى بمدينة (ذي جبلة) (26) سنة 532هـ (1137م) ودفنت بجامعها الشهير بعد ان اسندت ويتها الى آل زريع حيث تولى أمر سباء بن أبي السعود بن زريع الملقب بـــ (الداعي). دولة بني زريع وبني حاتم وبني مهدي لما توفي العباس بن المكرم الهمداني خلفه ابنه زريع بن العباس على ماكان متوليا عليه من عدن ، وقد سميت الدولة الزريعية بأسمه ، وامتد حكم بني زريع من سنة 470ــ 569 هــ ( 1077ــ 1173م) . وقد اشترك بنو زريع الى جانب الصليحيين في صراعهم ضد بني نجاح وحققوا انتصارات لها شان في التاريخ ، وبعد ان ضعف شأن الصليحيين بوفاة السيدة أروى بنت أحمد امتد نفوذ بني زريع الى خارج عدن ، فاستولوا على المعافر وتهامة في حياة الداعي سباء ابن ابي السعود . وقد توفي الداعي سنة 533هــ (1138م) بحصن الملوة. وكان اخر أمراء بني زريع أبو الدر جوهر العظمي ، وقد حكم بين سنة 560و569هـ (1164ــ 1173م) ومنه انتزع الايوبيون ملك اليمن . وخلال عهد الصليحيين والزريعيين قامت في اليمن الاعلى دولتان هما دولة بني حاتم (492ــ569م) (1098ــ 1173م) ودولة بني مهدي ( 553ــ 569هـ ) 1158ــ 1173م) ولم يكن لهما أية علاقة بحضرموت . وقد جرف التيار الايوبي هذه الدول الثلاث كما سيأتي ذكر ذلك في الفصول القائمة . الايوبيين في اليمن قامت دولة الايوبيين في مصر على انقاض الحكم الفاطمي ، الذي انتهى سنة 566 هـ (1170م) . وقد اسس هذه الدولة صلاح الدين بن نجم الدين ابو الشكر ايوب ، وباسمه سميت الدولة ، ومن طموحات الايوبيين في الحكم القضاء على الشيعة في مصر ، واحلال السنة محلها واشعال الحرب ضد الصليبيين . وقد تمكن صلاح الدين الايوبي من قهر الصليبيين في عدة وقائع شهيرة ، منها وقعة (حطين) ، كما تمكن من فتح القدس الشريف ، ومن الحاق الهزيمة بالحملات العسكرية الصليبية التي كان يقودها رتشارد (قلب الاسد) ملك بريطانيا. وقد انتشر نفوذ الايوبيين الى العراق وسوريا والحجاز واليمن ، ومن مآثر صلاح الدين الايوبي الخالدة بناؤه مدرسة الازهر الشريف ، لتدريس المذاهب الاربعة ، اما الازهر فقد كان بناؤه في عهد الفاطميين . وقد انتهت دولة الايويين سنة 650هـ (1252م) بقيام دولة المماليك في مصر التي بدأت بالملكة شجرة الدر سنة 648هـ (1250م) . أما قدوم الايوبيين الى اليمن فكان سببه أن الفوضى العشائرية استبدت باليمن ، فاستنجد اهلها بالخليفة الفاطمي بمصر ( وذلك قبل قيام دولة الايوبيين) فأمر وزيره صلاح الدين الايوبي بنجدة اليمنيين ، فبعث صلاح الدين أخاه توران شاه على رأس جيش كبير الى اليمن، فوصل (زبيد) في شهر شوال سنة 569هـ (1974م) وقضى على الفوضويين ، وانهى من تبقى من حكام الصليحيين وبني حاتم وبني مهدي . وهكذا كان قدوم الايوبيين الى اليمن خاتمة كل الدويلات التي كانت قائمة في اليمن الاعلى ، .. ثم اتجه الايوبيون نحو عدن فازالوا عنها وعن نواحيها حكم بني زريع . حضرموت تستقل بأمرها عن اليمن الأعلى وبأنتهاء حكم الصليبيين في اليمن حضرموت تحت ولاتها السابقين المحليين مستقلة بأمرها في بداية النصف الثاني من القرن الخامس عشر الهجري (1059م) . وتقسم حضرموت الى ثلاث امارات او اكثر ، أحداها أمارة آل قحطان ، ومركزها مدينة تريم ، والثانية أكارة آل الدغار ومركزها شبام ، والثالثة امارة ال فارس ومركزها مدينة الشحر. وقد مكثت حضرموت بين هذه الامارات الثلاث تتخبط في ظلام الفوضى والتطاحن بينها، كما تعرضت لاتفاضات الثائرين وغارات القبائل مدة من الزمن ، واستمرت كذلك الى ان استولى عليها عثمان الزنجيلي ، نائب الايوبيين على عدن ونواحيها، سنة 576هـ ( 1180م) ، وقد بقيت هذه الامارات تحت سلطة الزنجيلي ردحا من الزمن ثم انتفضت عليه ، وعادت من جديد تصارع الاقدار ، وكأن لم يكن لاهلها الا الاقتتال فيما بينهم والاقتتال مع الاخرين ، وليس ذلك بمستغرب من حكام عشائريين ينظم علاقاتهم الداخلية والخارجية قول عشائري ماثور وهو ( من عز بز). امارة بني قحطان أول أمراء هذه الامارة هو قحطان بن العوام بن أحمد القحطاني ، ويرجع بنسبه الى فهد بن القيل بن يعفر بن مرة بن حضرموت بن سباء الاصغر . ولا يعرف بالضبط التاريخ الذي أقيمت فيه هذه الامارة أو لعهدها والاحتمال القوي أنها أقيمت في النصف الثاني من القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي) . ومن سلاطين هذه الامارة السلطان عبدالله بن راشد بن شجعنة القحطاني ، وهو الامير المشهور الذي ينسب وادي حضرموت الرئيسي اليه ، فيقال وادي ابن راشد ، وكان هذا فقيها عادلا ، وكان مولده بتريم سنة 553هــ (1158م) . وقد توفي سنة 616هـ ( 1219م) . وأخر سلاطينها، فهد بن عبدالله ، وقد تولى الحكم في حياة ابيه سنة 603هـ (1206م) . امارة بني الدغار أول أمراء هذه الامارة الدغار بن أحمد الهزيلي . والهزيليون أمراء شبام يلتقون في النسب في آل قحطان عند فهد بن القيل يعفر بن مرة بن حضرموت بن سباء الاصغر . وفيهم قال نشوان بن سعيد الحميري :ـ وبني الهزيل وآل فهد منهم *** من كل هش للندى مرتاح وقد قامت هذه الدولة في شبام ، بعد زوال السلطة الاباضية منها وكان آخر سلاطينها راشد بن احمد النعمان ، وفي عهده استولى آل يماني على شبام وكانت نهاية امارة بني الدغار ، وذلك سنة 605هـ (1208م) وبعد طردهم من شبام اقام آل الدغار امارة صغيرة لهم في وادي حجر في العام نفسه . امارة آل فارس بن اقبال لا يعرف الأمير الاول الذي أنشاء هذه الامارة ، ولكن عبدالباقي بن فارس بن اقبال كان اول أمير ذكرته التواريخ ، وقد توفي بمارب سنة 547هـ (1152م) ومن أمراء آل اقبال الأمير عبدالرحمن بن راشد بن اقبال سلطان الشحر واختلف المؤرخون حول نسبه ، فبعضهم يزعم انه من آل فارس بن اقبال وبعضهم الاخر يزعم انه من آل قحطان ، ويبدو لنا انه من آل قحطان الذين استولوا على الشحر بعد أن انتزعوها من آل فارس . وفيها يقول الشاعر الشعبي العدني ابو حنيفة النقيب :ـ أنت أنت الذي ان عادلوا بك ملوك الورى لم يعـــــــــدلوك أنت في البر وهاب القرى ، أنت في البحر وهاب الفلـــوك ان مدح بالكرم معطي المية ، فبما يمتدح موطي اللكـــــوك كل ملاك (قحطان) الورى بكفالة ملكهم قــد كفلـــــــــــــوك (28) وقد استولى على عدد من مدن وقرى وادي حضرموت بالشراء من ولاتها سنة 633هـ (1235م) ولكنها ــ وذلك مايحدث دائماــ خرجت من يده بعد ثلاث سنين من شرائها. وشراء البلدان عادة نقليدية في حضرموت ــ كما كانت في نواحي اخرى من العالم ــ واستمرت الى القرن الثالث عشر الهجري (29). وقد توفي عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالرحمن بن راشد سنة 664هـ (1265م) ودفن بالشحر ، وقيل انه مدفون بناخية أخرى من حضرموت، أن تواريخ قيام وزوال هذه الامارات غير محققة ، اما من الناحية السياسية فلعل اصدق واوجز وصف اطلعنا عليه لهذه الامارات ماقاله الشاطري عنها وهو: ( ان دولة كل من هؤلا الأسر التي توارثت السلطنة على حضرموت لها مد وجزر وابساط وانكماش وقد يعتريها الضعف حتى يكاد يقضي عليها ، ثم تنبعث مرة اخرى من جديد ويتجدد شبابها ، كما ان نهاية زمن السابقة يكون بداية زمن اللاحقة ، وقد يطول هذا الزمن المشترك بينهما يتنازعان فيهما البقاء حتى تتغلب القوية على الضعيفة ، كما يقع هذا كثيرا في التاريخ (وخاصة في تاريخ الدولة اليمنية الشمالية التي مر ذكرها في الفصول السابقة ) . كل هذا مع عدم خلو المطاف دوما بحضرموت من أشخاص وأسر وقبائل وأخرى تتجاذب الحبل أيضا مع هذه السلطنات في عهودها (30) واذا كانت هذه الامارات تتنازع السلطة فيما بينها ومع الطامعين والفوضويين الآخرين في شرقي حضرموت وساحلها، فأن غربي حضرموت ظل مسرحا للصراع العشائري بين قبائل أخرى أهمها قبيلة خيثمة (نهد) ، التي كانت شوكة في جنب الامارات الثلاث سالفة الذكر . عثمان الزنجيلي يغزو حضرموت ( 31) السبب الذي دفع بعثمان الزنجيلي الى غزو حضرموت غير معروف ، فمن المؤرخين من يقرر أن السبب كان (الطمع في الاستيلاء على حضرموت)(32) ومنهم من يرى متأكدا (أن الخوارج هم الذين جاؤوا بالغز(33) الى حضرموت للقضاء على الشيعة وعلى أنصارهم كما يبدو. وفي سنة 575هــ ( 1179م) جهز الايوبيين جيشا من اليمنيين والشماليين ومن الاكراد والاتراك الذين عرفوا في التاريخ الحضرمي بـ (الغز) تحت قيادة عثمان الزنجيلي فأحتل الزنجيلي الشحر ، وبعدها احتل تريم وشبام، فازال بهذا الاحتلال عن هذه المدن سلطان آل قحطان وآل فارس وآل دغار . وفي غزوه هذا ارتكب الزنجيلي بعض الفظائع منها قتل بعض الفقهاء الحضارم. وعاد الزنجيلي الى عدن بعد ان ترك اخاه (الاسود) او (السويد) (24) الزنجيلي واليا على حضرموت . وثارت قبائل حضرموت في عهد السويد الزنجيلي ولم يستطع كبح جماحها وعادت أمارات آل قحطان وآل اقبال وآل الدغار الى الظهور . ولا يعرف ماذا كان مصير (السويد) فأرسل الايوبيين الى حضرموت جيشا كثيفا بقيادة عمرو بن مهدي اليمني لاخضاع الامارات الثلاث . فاستولى ابن مهدي على الشحر وتريم وشبام بعد مجازر رهيبة . وفي سنة 621هـ (1224م) ثارت قبيلة نهد على ابن مهدي في وادي شحوح وهاجمت ابن مهدي في شبام وقتلته . وكان في ذلك نهاية وجود الايوبيين بحضرموت . دولــــــة آل يمــــــــــاني أنشاء هذه الدولة الأمير مسعود بن يماني بن لبيد الضني سنة 621هـ (1224م) على اثر اندحار الايوبيين من حضرموت ، واستولى على معظم مدن وقرى حضرموت الداخل بعد أن طرد منها حكامها الصغار . وقد حاول مسعود الاستيلاء على الشحر ، ولكن حكامها آل اقبال استعصوا عليه فصالحهم على الصداقة المتبادلة وعاد ادراجه الى الداخل . وبما ان (بني ضنه) و(نهد) يرجعون بنسبهم الى رابطة واحدة هي عشيرة بني حرام بن ملكان بن كنانة من قضاعة ، فان (نهد) ساعدوا آل يماني في توطيد دعائم دولتهم أو انهم في الاقل ، لم يعرقلوا نموها وتوسعها. وفي بداية هذه الدولة بدأ شان آل كثير يظهر كقبيلة قوية في حضرموت يرجع اصلها ايضا الى (بني حرام) ، وكان آل كثير قد عمروا مدينة (عينات) سنة 629هـ (1231م) في وادي برح (وهي عينات القديمة لا الجديدة التي اختطها الشيخ أبو بكر بن سالم العلوي ). دولة الرسوليين باليمن الأعلى في سنة 626هــ (1228م) قامت دولة بني رسول ، وينتهي نسبهم الى محمد بن هارون احد وزراء الايوبيين بمصر (وهو من الاكراد) وكان لمحمد هذا حضوة عند الخليفة العباسي ، وكان قد ارسله الى مصر والشام في عدة مناسبات وبهذا اطلق عليه اسم رسول ، وكان أمراء هذه الدولة المنصور بن عمر بن علي بن رسول . وقد انابه المسعود الايوبي ( آخر أمراء بني أيوب) في اليمن (612ـ 626هـ) (1215ــ 1228م) عندما توجه الى مصر سنة 615هـ (1218م) . وقد ظلت دولة بني رسول في حروب مستمرة مع ائمة اليمن رغم تمكن الرسوليين من الاستيلاء على تعز واب وصنعاء وجانب من المقاطعات الشمالية اليمنية . وبالنظر الى الصعوبات التي صادفها مسعود بن يماني في ارساء قواعد دولته ، فقد استعان بالمنصور الرسولي . وقدم الرسولي المدد العسكري لابن يماني ولكنه لم يكن مددا بما فيه الكفاية . ومات مسعود بن يماني سنة 648هـ (1250م) وبنيت على قبره أول قبه تقام بمقبرة الفريط بتريم . وتولى عمر بن مسعود بن يماني الحكم بعد أبيه ، وظلت صلاته ببني رسول مستمرة ، وتولى بعد عمر بن مسعود أمراء عديدون من آل يماني كانت عهودهم كلها صراعا مع الحوادث الدامية . ســـــالم بن ادريس الحــــــبوضي في سنة 673هـ (1274م) ظهر على مسرح الاحداث الحضرمية سالم بن أدريس الحبوضي الظفاري المولد الاحضرمي الاصل . وهو سالم بن أدريس محمد بن أحمد بن محمد بنأحمد الحبوضي نسبة الى قرية حبوضه الواقعة شمال غرب سيئون أو شرقي تريم . كان جده الاكبر محمد بن أحمد عاملا للسلطان محمد بن أحمد الاكحل المنجوي (35) أمير مرباط . فلما مات الاكحل ولم يترك عقبا تولى أمارته بعد محمد بن أحمد البوضي . فلما مات محمد تولى بعده أبنه أحمد الذي بناء مدينة ظفار سنة 625هـ (1227م) وأمر أهل مرباط أن ينتقلوا اليها . وبعد وفاة أحمد تولى بعده ابنه محمد ثم ادريس ثم سالم بن ادريس موضوع حديثنا. وعلى أساس الفتن الضاربة اطنابها في بحضرموت حاول سالم بن ادريس توسيع امارته ، فقدم الى حضرموت سنة 673هـ (1274م) واشترى مدينة شبام واستعمل اخاه موسى عليها. ثم هاجم واحتل مدينة سيئون ودمون . وحاصر مدينة تريم وكانت يومها تحت حكم الامير عمر بن مسعود بن يماني . وحاول ابن يماني الاستعانة ببني رسول ولكنه لم يفز منهم بطائل . ومع ذلك صمد آل يماني في وجه الحصار الحبوضي الذي دام عدة أشهر .. وطال صمود ابن يماني فيئس الحبوضي من الاستيلاء على مدينة تريم وعاد الى مدينة شبام، ثم غادر حضرموت الى ظفار تاركا آل كثير عمالا على ممتلكاته الحضرمية . ويذكر التاريخ ان سالم بن ادريس الحبوضي ، خلال تملكه بحضرموت أوقف الكثير من الاراضي والنخيل في مقاطعات وادي عمد وحريضة وهينن وحورة والهجرين ودوعن ورخية وغيرها على المحتاجين من الغرباء المنقطعين وأبناء السبيل ولا تزال هذه الصدقة الخالدة الى الان معروفة بين الحضارم بـ ( صدقة الحبوضي) الا انها مع الاسف اشبه بالصدقة الضائعة أو هي ضائعة فعلا. وعندما احتل بنو رسول الشحر سنة 677هـ (1278م) وأرغموا حاكمها راشد بن شجعنة بن اقبال على الفرار منها. جهز الحبوضي حملة بحرية وبرية ضدهم لاستعادة الشحر ولكنه لم يفلح في محاولته . ثم جرى بين الرسوليين والحبوضي ماجعل الرسوليين يجهزون على الحبوضي حملة عسكرية الى ظفار . ودارت بين بني رسول والحبوضي معركة في قرية ريسوت القريبة من بلدة ظفار حيث قتل سالم بن ادريس الحبوضي وانهزم جيشه . فاحتل الرسوليين ظفار سنة 678هـ (1279م) وظل بنو رسول يحكمون ظفار حتى سنة 807هـ (1404م) حين اخرجهم منها آل كثير (26). اما حكم الرسوليين للشحر فقد استمر حتى سنة 836هـ (1432م) حين انتزع الشحر منهم الامير محمد بن سعيد أبو دجانة الكندي الذي سيأتي ذكره . وانتهت دولة بني رسول في اليمن الاعلى بالامير مسعود أبي القاسم سنة 858هـ (1454م) . الدولــــة الكــــــثيرية الأولى كان آل كثير ، بعد ان اقاموا مستقرا لهم في عينات قد شرعوا يتناجون فيما بينهم للقضاء على جميع السلطات الفوضوية في البلاد الحضرمية وتشييد (دولة كثيرية) على انقاضها، وطفقوا يجمعون حولهم الانصار ويستعينون بشتى الوسائل للوصول الى هدفهم . ولما قدم الحبوضي الى حضرموت انتهزوا هذه الفرصة فاظهروا له الولاء والطاعة وقاموا بالدعاية له وترويج سياسته ، وتولوا اعماله العسكرية ، فلما عاد الى ظفار مقر مملكته أناب عنه في الديار الحضرمية آل كثير يحكمون بأسمه ، كما تقدم ، وكان ذلك سنة 675هـ (1276م) . وبعد قتل الحبوضي في ظفار تشبث آل كثير بما في ايديهم من البلدان التي كانوا يحكمونها بأسم الحبوضي ، وضاعفوا من جهودهم بالقرب من رجال الدين من علويين ومشائخ فقام هؤلاء بنصرة آل كثير والدعاية لهم بين الجماهير . واستولى آل كثير على معظم المدن والقرى الحضرمية في بداية القرن الثامن الهجري ، واستطاعوا مع الزمن أن يقلصوا امارة آل يماني حتى حصروها في تريم وكان حاكمها محمد بن أحمد بن سلطان آخر أمراء آل يماني . وفي سنة 926هـ (1519م) استولى السلطان بدر بن عبدالله (بو طويرق) على تريم فخلصت حضرموت ــ ساحلها وداخلها ــ لآل كثير وتقوضت دعامة دولة آل يماني بعد ان دامت اكثر من ثلاثمائة سنة بين قوة وضعف ومد وجزر ، حتى خارت قواها والت الى ماآلت اليه ، بعد ان كان قد سرى فيها سوس الانشقاق والتناحر الداخلي . لكن آل يماني وفصائلهم الاخرى كآل تميم والمناهيل أصبحوا في تاريخ متأخر ، من اقوى العوامل في تدمير الدولة الكثيرية عند بزوغ فجر الدولة القعيطية ، كما سيأتي تفصيل ذلك . وفي الثمانينيات في القرن الثامن الهجري (حوالي 1380م) ولد علي بن عمر بن جعفر الكثيري ، وهو أول رئيس يحول الرابطة الكثيرية من قبيلة الى دولة ، وهو أول من نودي به سلطانا (37) من آل كثير على حضرموت ، وقد توفي علي بن عمر الكثيري سنة 825هـ ( 1421م) . دولـــــــة أبي دجــــــــــانة(38) هو الامير محمد بن سعيد بن فارس الكندي المكنى أبو دجانة . وهو كندي الاصل وأمه ابنة معاشر المهري ، وكان مقر دولته مدينة (حيريج) بالاقليم المهري .. ولا يعرف كيف نشأت هذه الدولة . وفي سنة 736هـ (1432م) هاجم أبو دجانة الشحر بمساعدة أخواله المهرة فانتزعها من حكامها الرسوليين ، وبقي الحاكم بها قرابة ربع قرن من الزمن . وفي سنة 858هـ (1454م) التجأ الى الشحر عدد كثير من يافع برئاسة الشيخ مبارك الكلدي ، وكان الطاهريون قد طردوهم من عدن بعد ان استولوا عليها . وحسن اليافعيون لابي دجانة الاستيلاء على عدن ووعدوه بالمساندة وكان هو يخشى ان يداهم الطاهريون الشحر طمعا في الاستيلاء عليها كما قد فعل من سبقهم من حكام عدن من امثال الايوبيين والرسوليين . فهاجم عدن بحملة عسكرية مكونة من المهرة والحموم ويافع وكلد . لكن عاصفة بحرية شتت اسطوله الغازي حول عدن فهزمه الطاهريون واسروه ، وكان ذلك سنة 862هـ (1457م) . ثم أرسل الطاهريون كما قد توقع أبو دجانة ــ جيشا لاحتلال الشحر فاحتلوا جانبها الشرقي وبقيت والدة ابي دجانة تدافع مع من عندها من جنود ابي دجانة من جانب الشحر الغربي . فصالحها الطاهريون على اطلاق سراح ابنها من الأسر على أن تغادر الشحر هي وجماعتها الى حيريج حيث سيصل ابنها رأسا من عدن . فقبلت ولم تغادر الشحر الا بعد أن جاءها نبأ بوصول ابنها الى حيريج . واحتل الطاهريون كل الشحر سنة 862هـ (1457م). دولــــــــــــة بني طاهـــــــــر كان علي بن طاهر تاج الدين بن معوضة الاموي القرشي وأخوه عامر بن طاهر واليين على عدن من قبل السلاطين بني رسول . وعند انتهاء الدولة الرسولية باليمن 858هـ (1454م) احتل الطاهريون عدن احتلالا رسميا وطردوا منها بعض الفصائل اليافعية التي كانت مسيطرة بها كآل أحمد وآل كلد فالتجا آل كلد الى الشحر عند أميرها أبي دجانة . وفي سنة 864هـ ( 1456م) تمكن الطاهريون من الاستيلاء على الشحر ودحر ابي دجانة عنها. فبادر آل كثير وذلك على عهد سلطانهم بدر بن محمد بن عبدالله الكثيري (توفي سنة 868هـ ــ 1462م) وأنشاوا مع الطاهريين علاقات ودية . وبالنظر الى الفتن التي ثارت على الطاهريين في اليمن ، أقام الطاهريون السلطان بدر بن محمد بن عبدالله الكثيري عاملا لهم على الشحر سنة 868هـ ( 1462م) . وكان هذا أول اتصال لآل كثير بالشحر. وفي سنة 886هـ (1478م) جاء سعد بن مبارك أبي دجانة ( ابن اخي محمد بن سعيد) وانتزع الشحر من يد السلطان بدر بن محمد الكثيري . وكانت تلك نهاية سيطرة الطاهريين على الشحر . وفي سنة 901هـ (1495م) هاجم الكثيريون الشحر بقيادة السلطان جعفر بن عبدالله بن علي الكثيري وطردوا أبا دجانة منها ، وكانت هذه نهاية حكم آل ابي دجانة بالشحر . وظلت العلاقات الحسنة قائمة بين آل كثير والطاهريين وكان الكثيريون يدفعون خراجا ــ رمزا للولاء ـ للطاهرين قدره اربعة آلاف اشرفي ذهبا (من ذوات الثمان قطع) وعشرين رطلا من العنبر الاصلي وكميات من المواد الغذائية . ومنبين عمال الطاهريين على عدن الامير مرجان الظافري الذي استطاع بحنكته ودهائه أن يجنب عدن العديد من النكبات ، وفي مقدمتها صد الغزو البرتغالي (39) عنها سنة 923هـ (1517م) وكان هذا الامير على علاقات طيبة جدا مع الحضارم عموما ، حكاما ومحكومين . السلطان بدر بو طويرق الكثيري (40) هو بدر بن عبدالله بن علي بن عمر الكثيري ، وكنيته المحلية (بوطويرق). وهو أشهر سلاطين آل كثير على الاطلاق ، ولد سنة 905هـ ـ (1496م) أي بعد أن احتل جده جعفر الشحر بعام واحد . وكان أخوه محمد ( هو جد الأمراء آل عبدالودود حلان الريدة الشرقية التي كانت تسمى ريدة آل عبدالودود بالمشقاص ) قد تولى السلطنة بعد ابيه سنة 910هـ (1504م) لكن طموح اخيه بدر لم يترك له مجالا للتحرك . فما ان وافت سنة 927هـ (1520م) حتى كان ابو طويرق الحاكم الفعلي لحضرموت ، وبقى اخوه محمدا حاكما على ظفار . لكن ابو طويرق انتزع ظفار من أخيه سنة 947هـ ـــ( 1540م) واستقل بأمر الدولة الكثيرية كلها بعد أن جعل أخاه محمدا حاكما على مدينة الشحر . وفي عهد ابي طويرق هاجم البرتغاليون مدينة الشحر 929 هـ (1522م) في سلسلة غاراتهم الانتقامية الموجهة ضد الحامي والشحر وعدن . وكانت لابي طويرق علاقات ودية مع الدولة التركية التي عبرت عن صداقاتها له بأن ارسلت له ثلة من الجنود الاتراك الى الشحر لمساعدته تحت قيادة رجب التركي . ورغم اصلاحات اجتماعية لها شان أقامها ابو طويرق في عهده ، فقد كان ميالا لفتح ابواب الفتن بينه وبين رؤساء المقاطعات الحضرمية حتى المسالمين منهم ، لذلك كانت المشاحنات الدموية مشتعلة بينه وبين الحضارم طيلة أيام حكمه . وكان موقفه من اعيان الحضارم وبعض الزعماء الدينيين ــ كالشيخ معروف بن عبدالله باجمال والشيخ عمر بن عبدالله بامخرمة ــ موقفا اتسم بالتعسف وقص النظر ، الأمر الذي افسد علاقاته حتى بأفراد اسرته الذين ضاقوا ذرعا في النهاية بتصرفاته الهوجاء فخلعوه عن الحكم وألقوا به في سجن سيئون حيث مات سنة 977هـ 1569م). الشهـــداء السبعــــة والغــــزو البرتـغال من ابرز معالم التاريخ الوطني بحضرموت تلك المقاومة الباسلة التي أبداها أهل الشحر العزل من السلاح في وجه الحملة الانتقامية التي شنها البرتغاليون على مدينتهم . بعد ان انهزم البرتغاليون المستعمرون أمام الامير مرجان الظافري في عدن سنة 923هـ (1517م) أدركوا ان الشحر هي احد الروافد الرئيسية التي تمد عدن بجانب من قوتها ومنعتها. وبما ان البرتغاليين رغم هزيمتهم أمام الامير مرجان ظلوا طامعين في الاستيلاء على عدن ، فقد قرروا ان يدمروا اولا امكانيات الشحر المادية والبشرية حتى لا تتمكن في المستقبل من تقديم أي عون مادي لعدن ، وذلك لكي تصبح عدن سهلة السقوط في ايديهم .فوصل من الهند البرتغالية الى الشحر صباح يوم الخميس التاسع من شهر ربيع الاول سنة 929هـ (1523م) أسطول برتغالي مكون من ثماني سفن حربية واتصل قائده البرتغالي . (لويز دي متريس) بحاكم الشحر الامير مطران بن منصور مطالبا السلطان بدر الكثيري ( بوطويرق) بممتلكات شخص برتغالي زعم انه مات بالشحر وأن السلطان المذكور استولى على تركته . وطلب القائد البرتغالي تسليم المتوفي اليه في الحال والا فانه سوف ياخذها بالقوة. وكان هذا الطلب سببا مفتعلا لغزو الشحر.. فنفى الامير مطران علمه بالشخص المتوفي وبتركته واخبر القائد ان السلطان بدرا في حضرموت الداخل وانه سوف يعود الى الشحر بعد ايام قليلة وانه سوف يعرض الامر عليه . فأصر القائد على تلبية طلبه فاتضح للامير مطران ولاهل الشحر أن البرتغاليون يبيتون أمرا لهم ، وكان من جملة ماقرروه ، أن استعدوا لمنازلة البرتغاليين مهما كلفهم الامر ، وبعثوا برسالة مستعجلة للسلطان بدر أحطاوه فيها علما بالموقف ، كما وجهوا رسالة اخرى الى الامير عطيف بن علي بن دحدح ، قائد منطقة المشقاص ، بطلب النجدة العسكرية السريعة لان حامية الشحر كانت قد ذهبت الى حضرموت الداخل بصحبة السلطان بدر ولم يبق من الجند بالشحر الا بعض المسنين حراسا على بعض المؤسسات الرسمية .وفي بكرة يوم الجمعة العشر من شهر ربيع الاول سنة 929هـ (1523م) نزل الى الشحر سبعمائة من المقاتلين البرتغاليين والهنود ومعهم كل مااستطاعوا توفيره لأنفسهم من آلات التدمير والقتل ، وأبتدأوا يطلقون النار على كل من يصادفونه ، ويضرمون النار في المنازل والمستودعات والاكواخ ،وامتدت أيديهم بالنهب في المحلات التجارية .ودارت معارك في الشحر ثلاثة أيام متوالية استشهد فيها المئات من أبناء الشحر وأحرقت مئات المنازل والاكواخ . وكان قادة المقاومة سبع اشخاص هم :ــ 1. الفقيه العلامة الشيخ يعقوب بن صالح الحريضي . 2. الفقيه الشيخ أحمد بن عبدالله بلحاج بافضل 3. الشيخ سالم بن صالح باعوين . 4. الشيخ حسين بن عبدالله الجمحي (الملقب بــ العيدروس) 5. الشيخ أحمد بن رضوان بافضل 6. الشيخ فضل بن رضوان بافضل . 7. الامير مطران بن منصور حاكم مدينة الشحر . وقد استشهد هؤلاء السبعة في معارك (الايام الثلاثة) ، ودفن ستة منهم في قبر واحد بالشحر يعرف الى اليوم بأسم (قبر السبعة) . أما الشهيد السابع فهو الشيخ أحمد بن عبدالله بافضل فقد دفن في قبة والده الشيخ عبدالله بلحاج بافضل . وفي صباح ثالث أيام المعركة (أي الاحد الثاني عشر من ربيع الاول ) جاء جيش المشقاص بقيادة عطيف بن دحدح لنجدة أهل الشحر فلاذ البرتغاليون بالفرار في سفنهم . فكانت هذه المعركة أول مقاومة تهب في وجه الاطماع الاستعمارية الاوربية في اليمن أو ربما في العالم العربي بأسره عام 1523م. وظلت ذكرى هذه البطولة الوطنية نبراسا يضيء سبيل الفداء والشرف والكرامة عبر صفحات التاريخ الحضرمي . وقد أراد الله أن تسير الحوادث على غير ماأراد البرتغاليون المعتدون فلم يتمكنوا على عدن بعد هذه الحادثة . الدولـة الكثيريـة بعـد أبي طـويرق انقسم سلاطين آل كثير على أنفسهم بعد وفاة أبي طويرق ودخلوا في تطاحن لا نهاية له على السلطة ،حتى كان عام 1024هـ (1615م) عندما استولى على السلطة بدر بن عمر بن بدر بن أبي طويرق . فاستعان هذا الامير بالامام المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم. فاشاع عنه منافسوه انه اعتنق المذهب الزيدي فأدت هذه الاشاعة الى أنقسام الناس بين مؤيد له ومؤيد بين ابن أخيه السلطان بدر بن عبدالله بن عمر ابن بدر أبي طويرق .والى السلطان عبدالله بن عمر هذا تنسب (دولة آل عبدالله) وهي الدولة الكثيرية الثانية التي سوف نتحدث عنها في فصل قادم . وفبي سنة 1070هـ (1659م) تدخل امام اليمن بجيش جرار تحت قيادة القاضي الصفي أحمد بن حسين الحيمي لنصرة السلطان بدر بن عمر ضد مناوئه ابن أخيه بدر بن عبدالله . وكانت النتيجة ، في آخر الامر ، أن تلاشت سلطة آل كثير جميعهم ، واصبح النهي والأمر في حضرموت لزعماء الجيش الامامي الذين ارغموا أئمة المساجد أن يزيدوا في الاذان جملة (حي على خير العمل) فأمتثل بعض الائمة ورفض الآخرون . وفي سنة 1113هـ (1701م) على عهد السلطان بدر بن محمد المعروف انقسم الزيود ويافع (جند الجيش الامامي) ، وعمت البلاد موجات من الجور والاقتتال بين الزيود ويافع ومن كان في صف كل جانب منهما. وفي سنة 1117هـ (1705م) وذهب السلطان بدر الى يافع وبتأييد من العلويين لاستقدام مجندين يافعيين (لانقاد من بها من أهل السنة) (42) وعاد بسته الاف مقاتل وطرد الزيود من حضرموت . لكن يافع مالبثوا ان استبدوا بالامر ، واستولوا على املاك الدولة الكثيرية واقتسموها بين عشائرهم . فصارت (سيئون) لال الضبي و(تريم) لال اللبعوس و(تريس) لآل النقيب و(شبام) لآل الموسطة ..... واستقلت قبائل آل تميم بسلطة في قراهم ، ووصعوا أيديهم في ايدي يافع ضد البقية الباقية من الأمراء الكثيريين ، اذ لم ينس آل تميم أن آل كثير هم الذين قوضوا دولتهم ــ دولة آل يماني ــ بني ضنه . وأخذت الدولة الكثيرية تترنح تحت هذه الضربات المتلاحقة ، ثم أنكفأت على نفسها تلفظ انفاسها الاخيرة رغم محاولات بذلها بعض سلاطين آل كثير لبث الحياة في جسمها المتداعي . وانتهت الدولة الكثيرية الاولى في بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري (1738م) على عهد السلطان جعفر بن عمر بن جعفر الكثيري. وكان آل كثير قد فقدوا ظفار سنة 1135 هـ (1722م) . حكم الطوائف اليافعية بساحل حضـرموت بعد ان تضعضع حال الدولة الكثيرية الاولى ، استولت كل حامية كثيرية ، (وكانت مؤلفة بصورة رئيسية من الجند اليافعيين) متمركزة في ساحل حضرموت ، على السلطة في المكان التي كانت متمركزة فيه وانفردت بالحكم فيه . وكانت تلك الحاميات اليافعية تعرف بـ (المكاتب السبعة) ، ويقصد بالمكتب (الحامية) وهي :ــ 1. مكتب آل كساد في قريتي الديس والحامي ويرجع آل كساد وآل بريك بنسبهم الى ذي ناخب اليافعيين . 2. مكتب آل النشادي في قرية عرف. 3. مكتب آل بريك في حصن خرد وفي القسم الشرقي من مدينة الشحر المعروف بـ (رباط بن جوبان) . 4. مكتب آل البطاطي في حارة الرملة في مدينة الشحر. 5. مكتب ابن عاطف جابر في حارة الجزيرة في مدينة الشحر . 6. مكتب ابن معوضة في حارة الخور من مدينة الشحر وفي منطقة حرير الواقعة غربي الشحر. 7. مكتب آل الشيخ علي بن هرهرة في قرية تبالة . وبعد زوال حكم السلطان بدر بن عمر الكثيري أستأثرت هذه الطوائف اليافعية بحكم المناطق التي كانت تحميها، على ان بعض هذه (المكاتب) كان يظهر ولاء لسلاطين آل كثير الذين تعاقبوا على حكم الساحل الحضرمي أملا منهم في احياء الامجاد الكثيرية الماضية . امــــــارة آل بــريــك وفي عام 1081هـ (1670م) اصبح (مكتب) آل بريك قوة نامية طغت على بقية (المكاتب) اليافعية الموجودة بالشحر واخضعتها لسيطرتها . وفي سنة 1129هـ (1716م) استولى السلطان جعفر بن عمر بن بدر الكثيري على الشحر فارعن له آل بريك بالشحر لكن ملك السلطان جعفر هذا مالبث ان تدهور ، وهنا اعلن ال بريك امارتهم بالشحر سنة 1165هـ (1751م) . وكانت الاسرة البريكية الاقوى تكمن بين الاسر البريكية المتعددة ، اسر الشيخ عمر بن عبدالرب بن بريك متمثلة في ابنائه السبعة هم : ناجي ، وسعيد ، وعبود ، ومرعي ، واحمد ، وجابر ، وشيخان . ومن هنا كان اول حاكم بريكي على الشحر ونواحيها الامير ناجي ابن عمر بن عبدالرب بن بريك وذلك سنة 1165هـ (1751م). امارة آل كســــــاد وفي قرية الديس والحامي ، قام آل كساد يشيدوا لهم امارة . وكان الكساديين مكونين من اسرتين ، احداهما اسرة النقيب حسن بن صلاح الكسادي وكان مقرها قرية الديس ، والثانية أسرة النقيب أحمد بن على الكسادي وكان مقرها في الحامي . ومن الكساديين حلان الديس برز سالم بن صلاح ، ربان سفينة شراعية ، وكان يتردد للتجارة على ميناء المكلا ، ثم طابت به الاقامة بها فجعلها مستقره وكان محبوبا بين الناس وجاء بعده ابنه أحمد فأنشاء الامارة الكسادية بالمكلا سنة 1115هـ (1702م) وهي أول امارة يافعية تقام بحضرموت . غزو الوهابيين لوادي حضرموت الوهابيون هم اتباع الداعية الاسلامي الشهير محمد بن عبدالوهاب النجدي ، وقد تأسس هذا المذهب في اواسط القرن الثامن عشر الميلادي ، في حوالي عام 1221هـ (1806م) على عهد السلطان الكثيري جعفر علي بن عمر بن بدر (ينطقه الحضارم امبدر) ، جاء الوهابيون عن طريق العبر الى وادي حضرموت في حملة استطلاعية عسكرية ، ثم عادوا ادراجهم الى نجران . وفي سنة 1224هـ (1809م) جاء الوهابيون للمرة الثانية غزاة لحضرموت ، وفي هذه المرة ناصرتهم جماعات كبيرة حضرمية من قبائل نهد ويافع والنفر الناقمين على الخرافات الصوفية في حضرموت . وتعرف هذه الحملة العسكرية بحملة (ابن قملا) وهو أحد رؤساء قبيلة دهم اليمانية ، وكان مرشد للجيش الوهابي في توجيهه الى حضرموت ، كان ذلك على عهد السلطان الكثيري علي بن عمر بن جعفر بن بدر. وبما أن عقائد الوهابيين تستنكر ماتعود عليه الحضارم من التبرك بقبور الموتى ، واقامة القباب عليها ، وتقديم النذور ، واقامة الزيارات لها ، فقد هدم الوهابيون كل قباب القبور الموجودة في تريم . واحرقوا بعض الكتب المتداولة في الاوساط الصوفية في مدينة تريم ، اذ ان الوهابيين يعتقدون انها مخالفة لعقيدة التوحيد الاسلامية وخاصة تلك الكتب المليئة بحكايات الكرامات المنسوبة الى بعض العلويين والمشائخ المعتقد فيهم عند الحضارم . ومنع الوهابيون قراءة الراوتب واقامة الحضرات والزيارات للقبور ، وقد مكثوا في حضرموت زهاء اربعين يوما ، ويذكر بعض المؤرخين ، ان فرقة من الجيش الوهابي توجهت الى الشحر لما بلغهم عن ان بالشحر من الخرافات التي التي يلصقها بعضهم بالدين مايشابه ماكان موجودا في تريم ، واقامت هذه الفرقة العسكرية معسكرا لها في منطقة الخور ، ولكنهم كما يقال ـ لم يهدموا شيئا من القباب في الشحر ، وكان ذلك في عهد السلاطين آل بريك . ثم عاد الوهابيون الى نجران مارين بالعبر ، والوهابيون هم الذين حفروا بئر عساكر المشهورة في الاطراف الشرقية لرملة السبعين. وهم الذين مهدوا الطريق المعروفة بدرب الامير ( قائد الجيش الوهابي ) الواقعة في منطقتي قبيلتي الصيعر ودهم في اطراف الصحراء . الغــــــــزو العثمــــــــاني في عام 945هـ (1538م) كانت الامبراطورية العثمانية قد بلغت الذروة في القوة والنفوذ الواسع ، وكان قد خضع لها الكثير من اقطار الشرق الاوسط وافريقيا وبعض البلدان في شرق اوروبا، وكانت اليمن احدى امنيات السلاطين الاتراك لاهميتها من الناحية العسكرية وموقعها الاستراتيجي المهمين على شواطي البحرين العربي والاحمر بحيث يمكن الاتراك من غزو منطقة الشرق الاقصى بما فيها (الهند) . كان الاحتلال التركي لليمن يمثل ثلاث مراحل : الاولى : غزو الاتراك لليمن سنة 1538م وقد قاومتها قوات الامام شرف الدين ثم ابنه المطهر ، وانهزم الاتراك سنة 1568م ، ولم يبق منهم سوى نقطة ارتكاز واحدة في زبيد . وعاد الاتراك ليحتلوا اليمن سنة 976هـ ( 1569م) وانزلوا قواتهم في زبيد ، وبعد مقاومة دامية بقيادة الائمة انهزموا عام 1045هـ ( 1636م) وبذلك انتهت المرحلة الثانية . وفي النصف الاول من القرن التاسع عشر حاول الاتراك اقامة مركز نفوذ لهم في الساحل الحضرمي وخاصة في الشحر وشرمة ، بوساطة آل كثير ومساعي بعض العلويين ولكن قوة يافع المتحدة (آل كساد وآل بريك) انزلوا الهزيمة بالقوة البحرية التي ارسلوها الى الساحل الحضرمي . وبعد ان احتل الانجليز عدن في عام1839م عاد الاتراك فاحتلوا اليمن سنة 1265هـ (1849م) ولكن الصراعات استمرت معخم داخل اليمن واشتدت مقاومة اليمنيين لهم بقيادة الائمة حتى كانت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الاولى عام 1918م ، وكانت هذه اخر هزيمة للاتراك في اليمن . دولة آل عبدالله (أو) الدولة الكثيرية الثانية آل عيسى بن بدر : بعد مضي فترة من الزمن انزوى فيها آل كثير في وادي تاربة كأفراد عاديين بعد ان فقدوا دولتهم التي كانت اعظم دولة قامت في حضرموت واطولها امدا، استطاع السلطان جعفر بن علي بن عمر الكثيري ، بعد عودته من الى حضرموت من اندونسيا طرد يافع الموسطة من شبام والاستيلاء عليها سنة 1218هـ (1803م) . لكن آل كثير مالبثوا أن تنازعوا السلطة بينهم في شبام الى ان انتهى بهذه المدينة العريقة الصابرة الى السقوط سنة 1239هـ (1823م) في يد آل عيسى بن بدر (ينطقها الحضارم عيسى آمبدر) آل كثير، وكان اول سلاطينها عمر بن جعفر بن عيسى بن بدر الكثيري . وتوفي السلطان هذا سنة 1244هـ (1828م) فتولى امر شبام بعده ابنه منصور بن عمر الذي كان بطشه واستفزازه ليافع (43) ، أحد اسباب قيام الدولة القعيطية . وفي سنة 1249هـ ( 1833م) شن يافع الموسطة حملة على شبام واحتلوا نصفها ثم قام الصلح بينهم وبين حاكمها الكثيري السلطان منصور بن عمر ، وهدأت الحالة بعض الشيء ، وفي سنة 1250هـ (1834م) هجم آل كثير على تريس واستولوا عليها وكان بها ابن النقيب السعيد اليافعي وطردوه منها . آل عبدالله :ـ وفي سنة 1261هـ (1845م) ظهر السلطان غالب بن محسن الكثيري على المسرح السياسي الحضرمي ، فاشترى قرية الغرف من آل تميم فكانت هذه القرية نواة دولة آل عبدالله ، وكان مولد غالب بن محسن سنة 1223هـ (1808م) . وفي سنتي 4/5 1226هـ (7/1848م) استطاع غالب بن محسن القضاء على السلطة اليافعية في مدينتي تريم وسيئون. وفي سنة 1283هـ (1866م) طرد آل كثير الامير علي بن ناجي الثاني من الشحر واحتلوها وأنهوا بهذا الاحتلال الاماراة البريكية . وفي السنة نفسها حاول آل كثير الاستيلاء على المكلا وانها دولة الكسادي بها ولكنهم فشلوا . وفي السنة نفسها استطاع التحالف الكسادي/القعيطي انتزاع الشحر من آل كثير ، وبذلك اصبحت الشحر جزاء من املاك القعيطي كما اتفق على ذلك مسبقا بين الكسادي والقعيطي ، وفي سنة 1284هـ (1867م) حاول آل كثير استعادة الشحر من القعيطي ولكنهم فشلوا . وفي سنة 1285هـ (1868م) حاول القعيطي والكسادي القضاء على دولة آل عبدالله في تريم وسيئون ونواحيها ولكنهم فشلوا ، ومات السلطان غالب بن محسن سنة 1287هـ (1870م) . وفي سنة 1336هـ (1918م) خضعت الدولة الكثيرية ، في عهد السلطان منصور بن غالب ، لمعاهدة الحماية البريطانية التي كان قد ابرمها الانجليز مع القعيطي سنة 1306هـ (1888م). وفي سنة 1358هـ (1939م) في عهد السلطان جعفر بن منصور أبرم آل كثير معاهدة الاستشارة مع الانجليز. وفي اكتوبر سنة 1387هـ (1967م) انتهت الدولة الكثيرية بالانتفاضة المحلية التي سبقت استقلال الجنوب اليمني كله في نهاية نوفمبر سنة (1967م) 1387هـ ، وكان اخر سلاطينها حسين بن علي بن منصور الكثيري. الـــــــدولة القعــيطــية نشأت هذه الدولة بشراء عمر بن عوض القعيطي قرية (الريضة) بالقطن من آل العيدروس سنة 1255هـ (1939م) . وفي سنة 1275هـ (1858م) اشترى القعيطي نصف مدينة شبام من حاكمها السلطان منصور بن عمر الكثيري . وفي السنة نفسها قتل القعيطيون السلطان منصور في شبام (44) وأصبحت المدينة خالصة لآل القعيطي . وفي سنة 1282هـ (1865م) توفي عمر بن عوض القعيطي مؤسس الدولة القعيطية وخلفه على الحكم ابناؤه الخمسة محمد وصالح وعبدالله وعوض وعلي ، وكان عوض ابرزهم. وفي سنة 1283هـ ( 1866م) آل حكم الشحر الى القعيطي على أثر الحملة المشتركة التي شنها آل القعيطي بمساندة النقيب صلاح بن محمد الكسادي حاكم المكلا . وفي سنة 1299هـ (1881م) استولى القعيطي على المكلا وبروم وبذلك تم القضاء على الامارة الكسادية بمساعدة الانجليز في عهد الامير عمر بن صلاح الكسادي . وابرمت بين القعيطي والانجليز معاهدة صداقة سنة 1300هـ 1883م) . وفي سنة 1356هـ ( 1937م) ابرم السلطان صالح بن غالب القعيطي معاهدة الاستشارة مع الانجليز . وفي سبتمبر 1387هـ (1967م) انتهت الدولة القعيطية بالانتفاضة المحلية التي سبقت الجنوب اليمني كله في نهاية نوفمبر 30/11/1967م ــ 28/8/1387هـ . وكان آخر سلاطينها غالب بن عوض بن صالح القعيطي . دولة آل العمودي تميزت هذه الدولة ، دون اية دولة أخر قامت على حضرموت بأنها قامت بالدمع بين السلطتين الروحية والزمنية . ولد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ، الذي ينتسب اليه المشائخ آل العمودي سنة 600هـ (1203م) في مدينة (قيدون) بدوعن ، وكان أميا لايعرف القراءة والكتابة ، ولكنه كان ذكي الفؤاد وقد وهبه الله قدرة على الرياضة وسلوك طريق الصوفية ، وقد استطاع هذا الامي ، بفضل قوة شخصيته أن يخلق له مكانة مرموقة بين رجال الدين والتصوف في عصره ، وأن يجمع حوله الانصار والمريدين ، وأن يصبح أحد مشاهير الدعاة الى الله بين البادية والحضر ، وأن يؤسس له في دوعن نفوذا روحيا تطور على مدى الزمن حتى اصبح نفوذا سياسيا لعب دورا هاما في تاريخ حضرموت . وقد سماه معاصروه من رجال التصوف في حضرموت (عمود الدين) . وتوفي الشيخ سعيد بن عيسى بقيدون سنة 671هـ (1272م) ودفن بها، وقد خلف من بعده أبنه محمد فثبت مكان أبيه في نفوس الناس . وتوارث هذا المنصب اولاده واحفاده ، والتف حولهم رؤسا القبائل وكثير من حملة السلاح، وقد بلغت درجة النفوذ الروحي عند آل العمودي حدا جعلهم بفضلها لا يشعرون بالولاء والطاعة لاية سلطة سياسية في البلاد ، ولهذا فكروا في الاستقلال السياسي وبسط نفوذهم المادي الى جانب نفوذهم الروحي . ثم ألت السلطة الى الشيخ عبدالله بن عثمان بن سعيد العمودي ، وكان أول من استعمل نفوذه السياسي على بلدة الخريبة في دوعن سنة 838هـ (1433م). وخلفه الشيخ عثمان بن أحمد العمودي في النصف الاول من القرن العاشر الهجري . وقد عاصر الشيخ عثمان السلطان بدر ابا طويرق الكثيري ، ونشأت بين هاتين الشخصيتين خصومة ولدتها القوة الذاتية الكامنة في كل منهما. وقد تسلح آل العمودي (بالبنادق) ربما قبل الوقت الذي تسلح به جنود ابي طويرق . لذلك كان العمودي ينازل ابا طويرق على قدم المساواة في السلاح . وعندما عقد أبو طويرق علاقات ودية مع الاتراك ، أعلن العمودي عدم موافقته على تصرفات بدر وانحاز الى أمام الزيدية في اليمن وكون في اليمن جبهة سياسية معارضة لسياسة ابي طويرق . وفي الوقت الذي كان ابو طويرق يتودد فيه الى البرتغاليين ويسكت عن قرصنتهم ضد السفن الحضرمية في أعالي البحار ، كان العمودي ينادي بالجهاد ضد البرتغاليين المعتدين . وامعانا في احراج ابي طويرق وأظهاره بمظهر السلطان المتخاذل الممالي للافرنج القراصنة ، شن العمودي سنة 930هـ (1531م) غارة على بلدة تبالة بالشحر ، وكان تجار الشحر يخزنون بها أموالهم خيفة مهاجمة البرتغاليين الشحر وعدم قدرة ابي طويرق الدفاع عنهم وعن أموالهم ، ونهب العمودي تلك الاموال . ثم استولى على وادي دوعن (الأيمن) ثم على وادي دوعن (الأيسر) وكانا تابعين لابي طويرق . وكان رد الفعل من أبي طويرق أن هاجم مدينة آل العمودي المقدسة (قيدون) ، التي بها قبر الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ، ونهبها وهدم خزان المياه الذي بها واذاق جند أهلها صنوفا من التعذيب والعسف . وتخت أغراء المال أنحاز رئيس جند العمودي الى أبي طويرق ، وقد حاول ابو طويرق أن يحيل (قيدون) الى قرية صغيرة حيث انه أمر تجارها وأعيانها بالانتقال الى المدن المجاورة ، وفي سنة 949هـ (1542م) هاجم ابو طويرق مدينة (بضة) مقر السلطة العمودية ، ولكنه لم يستطع التغلب عليها . وفي سنة 955هـ (1548م) حاصر ابو طويرق (بضة) للمرة الثانية بجيش يحت قيادة الامير يوسف التركي والامير علي بن عمر الكثيري . وأخذ الكثيريون يرمون (بضة) بالمدافع .. لكن هذا الحصار انحسر عن (بضة) بسبب انتفاضات قامت ضد أبي طويرق في مناطق أخرى من سلطنته الحضرمية ، وبمساندة القبيلة النهدية هاجم العمودي (شبوة) التي كانت من املاك ابي طويرق وقد حاول الامير علي بن عمر الكثيري ــ عامل بدر في شبوة ــ فك الحصار فلم يفلح ، فدخل جنود العمودي شبوة ونهبوا ماكان بها من أموال . وفي سنة 956هـ (1549م) عقد السلطان بدر صلحا مع العمودي بعد ان بأت بالفشل محاولاته للقضاء على سلطة العمودي ، وقد دام هذا الصلح الى ان القى ابناء ابي طويرق القبض على ابيهم والزج به في السجن . وفي اجواء سنة 1014هـ (1605م) شبت الفتنة من جديد بين آل كثير وآل العمودي . وظل آل العمودي موالين لأئمة اليمن مدة حكمهم السياسي في دوعن ، ففي سنة 1070هـ (1659م) عقد الامام في صنعاء ولاية رسمية للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العمودي ، بناء على طلب الأخير. ولما غزا الزيود حضرموت في العام نفسه ، بقيادة الصفي أحمد بن حسن الحيمي ، في عهد الامام المتوكل اسماعيل بن القاسم ، قدم الشيخ عبدالله العمودي ، بوساطة ابنه محمد ، المواد الغذائية ووسائل النقل من جمال وحمير للجيش الزيدي الزاحف على آل كثير. ودارت الايام دورتها ، وقد توسعت شقة الخلاف بين رؤساء آل العمودي في أواخر القرن الثاني عشر الهجري (1784م) . وقد ادى هذا التناحر فيما بينهم الى لجوء بعضهم الى الكسادي أمير المكلا مستنصرا به على منافسيه من أبناء عمومته ، فارسل الكسادي سنة 1286هـ (1869م) جنودا بقيادة مجحم بن علي الكسادي فاستولى على اكثر وادي دوعن . لكن آل العمودي ،بعد أن تضايقوا من تصرفات جنود الكسادي عادوا فتضامنوا للتخلص من هذا الاحتلال ودارت بينهم وبين الكسادي معارك انتهت بجلاء الكسادي عن دوعن . والممتع في الأمر ان آل كثير اعداء العمودي القدامى وقفوا ال جانبهم ضد الكسادي اليافعي ، نصيرهم بالامس ، كما وقف الى جانبهم خصم جديد للكسادي هو القعيطي اليافعي ، والايام تلد العجائب !! لكن التطاحن بين آل العمودي ظل مشتعلا ، وقد اكتوى به سكان الوادي العزل من السلاح فالتجأوا الى القعيطي وطالبوه بأنقاذهم . فاستقدم القعيطي الى المكلا الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عبدالكريم العمودي أحد رؤساء آل مطهر ، واتفق معه على أن تكون السلطة القعيطية هي المسؤولة الاولى في منطقته عن الامن وقرر له مرتبا شهريا على ان ينحصر نفوذ العمودي في داخل منطقته ، فكان ذلك بداية التدخل القعيطي وبداية النهاية لحكم آل العمودي . لكن الشيخ عبدالرحمن ظل مرها الرعايا بالضرائب الفادحة لاشباع حاجته الى المال الذي يقدمه وقودا للفتن والدسائس ضد الرؤساء والاخرين من آل العمودي. فاضطر القعيطي الى حرب الشيخ عبدالرحمن ، ففر العمودي الى جهة الوديان الغربية (القبلة) حيث جمع عسكرا من البادية وهاجم بلدة الخريبة واستولى عليها وأكثر النهب والسلب في الوادي . فهاجمه القعيطي مرة اخرى ، مستعينا بقبائل الوادي ، وانتهى الأمر بهزيمة العمودي سنة 1317هـ (1899م) . واحتل القعيطي الخريبة والقرى والقرى التي كانت تحت نفوذ ( ابن عبدالكريم العمودي) . واسند القعيطي حكم وادي دوعن ( أيمنه وايسره) الى المقدم عمر بن احمد باصرة الخامعي السيباني الذي قدم للجيش القعيطي مساعدة فعالة في حربه ضد العمودي . دولـــــة نهــــــــــد كانت قبيلة (خيثمة) أشهر قبائل (نهد) وأكثرها عددا واصعبها مراسا، وهي التي كانت تترأس الحركات التي تقوم بها القبائل المنسوبة حقيقة أو اسما الى نهد. وفي القديم ، كانت القبائل الوافدة الى اليمن او من عمان الى حضرموت يقال لها (نهد) وذلك لانطواء تلك القبائل النازحة عن اوطانها تحت لواء خيثمة . وفي القرن السابع الهجري (حوالي 1252م) آلت رعاية خيثمة الى عامر بن شماخ ، واخيه فضالة بن شماخ ، وابنه عمر بن عامر بن شماخ ، وعمر هذا هو جد آل عامر المعروفين منذ ذلك العهد الى اليوم . اما فضالة بن شماخ فهو ابو عامر بن فضالة بن شماخ جد آل عبدالله وآل بشر المتوفي سنة 681هـ (1282م) ببلدة عمد وقبره بها معروف وفي سنة 636هـ (1238م) تجمعت خيثمة ومن تبعها من نهد تحت رائيسها عامر بن شماخ المذكور فاجتاحت حضرموت واستولت على شبام وسيئون وتريم . وقد تشجع (نهد) على هذا العمل قتلهم عمر بن مهدي اليمني ــ قائد جيش الايوبيين ــ سنة 621هـ (1224م) ، فكانوا يرون ان دولة آل يماني في شرقي حضرموت ماقامت الا على كواهلهم . وعندما احتل الرسوليون جانبا من حضرموت سنة 637هـ (1239م) هادنتهم نهد ، وبذلك ضمنوا تاييد الرسوليين لهم لكن نهد عادت وانقلبت على الرسوليين عندما احست بضعفهم واقامت (دولة نهد) في مناطق حضرموت الغربية جاعلت بلدة (السور) قاعدة لها. وصارت الزعامة على هذه الدولة حينئذ لآل عامر نسل عمر بن عامر بن شماخ بن عبيدالله بن عمر الروضاني النهدي . وسميت بلدة (السور) لذلك ( سور آل عامر) . وعندما بزغ نجم الدولة الكثيرية دخل رجالها في صراع مرير مع (نهد) ، وانتزع علي بن عمر جعفر الكثيري مدينة شبام منهم سنة 824هـ (1421م) وبعد ذلك حصر (نهد) اهتمامهم بمنطقتهم الواقعة غربي حضرموت ، وظلوا مسيطرين على مناطق الكسر والهجرين ووادي عمد حتى هاجمهم ابو طويرق سنة 937هـ (1530م) وضم هذه المناطق ، وماجاورها غربا الى شبوة ، الى الدولة الكثيرية ، باستثناء وادي عمد. وفي سنة 947هـ (1540م) استولى ابو طويرق على منطقة وادي عمد ونواحيها وقتل المتولي بها وهو فارس بن عبدالله بن علي العامري النهدي . لكن نهد لم يهداء لها بال فراحت تشن الغارات التي يسيطر عليها آل كثير في شرقي وغربي حضرموت . وبعد وفاة ابي طويرق سنة 977هـ (1569م) عاد رجال نهد وفرضوا سيطرتهم على مناطقعه القديمة في غربي حضرموت وخاصة على منطقة الكسر وبحران ، وظل حالهم على ذلك المنوال حتى قيام الدولة القعيطية التي عقدت صلحا مع (نهد) على ان تكون لها السيطرة الداخلية في شؤونهم. وعندما ابرم القعيطي معاهدة الاستشارة مع الحكومة البريطانية سنة 1356هـ (1937م) اخضع الانجليز نهدا للقعيطي ، فصاروا من جملة رعايا الدولة القعيطية . ومما هو جدير بالذكر فانه الى حكام (نهد) يرجع حكام قبائل حضرموت لا ستئناف احكامهم حسب العوائد والسوالف العشائرية ، كما يرجع الى حكام نهد القول الفصل في الاختلاف الذي ينشاء بين القبائل الحضرمية حول قضايا (العيب) . دولة ابن مقيص بالنظر الى اليأس الذي استقر في نفوس الدعاة الى الاصلاح من تصرفات السلطات اليافعية والكثيرية القائمة حينذاك في تريم وسيئون وشبام ونواحيها ، وبالنظر الى اضطرابات الأمن وتفشي الظلم والجور والقتل في وادي حضرموت في النصف الاول من القرن الثالث عشر الهجري (1786م). فقد أجمع بعض العلويين ، من دعاة الاصلاح ، وفي مقدمتهم أحمد بن عمر ابن سميط ، وعبدالله بن حسين بن طاهر ، وحسن بن صالح البحر الجفري ، على محاولة انشاء دولة تعيد الحق الى نصابه ، وتبث الاطمئنان الى النفوس ، وتوطد دعائم الامن والاستقرار في ربوع الوادي الذي بحكامه وقبائله. ووقع اختيار اولئك العاملين على نصرة الحق على الشيخ عبدالله بن عمر بن مقيص الاحمدي اليافعي ، أحد سكان قرية (بيت جبير) ليكون أميرا لدولتهم المرجوة . وكان اولئك العلويين شانهم شان الغريق الذي يتشبث بالقشة رغبة منه في النجاة ، فقد راوا ان ابن مقيص ، وجماعته الصغيرة من آل الاحمدي جديرون بالنهوض بمهام الدولة المنتظرة . فعرضوا الخطوط العريضة للفكرة على ابن مقيص ورهطه ، فأبدى استعداده للعمل أميرا يؤيد الشرع الشريف ، وانه سوف يعمل بما يشير عليه العلويين وعلماؤهم شريطة ان يمدوه بالمال ويعضدوه بنفوذهم . ثم فكر العلويين في (قاعدة حربية) لهذه الدولة تكون منطلقا لحركتها العسكرية ، ونرسانة لمهام الغزو والفتح ، فاشترى العلويون لابن مقيص (حصن مطهر) من آل مطهر اليافعيين ، ويقع هذا الحصن في سفح تل صغير يقال له (حيد قاسم) جنوب مدينة تريم ، ووضعوا فيه مدفعا باروديا توكيدا منهم لهيبة الدولة المرتقبة ، وبعدها فكر العلويون في وزير كفء للامير المنتظر ، فتم الاختيار على عبدالله بن ابي بكر عيديد ليكون وزيرا ومشيرا للامير . وفي شهر ربيع الثاني سنة 1243هـ (1827م) اعلن قيام دولة ابن مقيص الفتية بقرية بيت جبير وكأن عناصر الملك الهامة قد اكتملت لها بنظر بناتها. وتعثرت الدولة منذ اليوم الاول لقيامها ، وحاول القوم جهدهم أن يدفعوا بأميرها المستجد الى الامام ، الى الغزو الى الفتح ، الى قهر الظالمين ، الى ايقاف الباطل عند حده ، الى رفع لواء العدل ، الى ، الى ، الى آخره ، ولكن مجهوداتهم ذهبت سدى . ولسنا ندري السبب الحقيقي خلف الاحجام الفاضح ، ولكن التاريخ يذكر ان هذا التعثر وذلك الاحجام كان سبب ( ماحل بقلب الامير ابن مقيص من التردد والاضطراب وماحل بقلوب قبيلته من التردد والخور ) (45) . وانهارت الدولة ولما تمض على انشائها سنتان . وتحطمت آمال العلويين ومن كان يشاطرهم تلك الامال من الحضارم ، في استتباب الامن ونشر العدل بين الناس على يد ابن مقيص . وفي هذه الدولة وفي اميرها قال وزيرها السيد عبدالله بن ابي بكر عيديد من قصيدة طويلة :ـ ولما رأيت لهاة الهياج ** حسبتك فحلا وأنت خصـــــي تبرقع فانك مثل النساء ** وصغ لك عقدين من بصبص لقد هانها الله من دولة ** تربت على الدجـــر والحنبص الى قوله :ـ فخلوا البنادق لاربابها ** وشلوا بديل البنادق عصـــــــي وقولوا على الله ينصف لنا** ويرجم أعدائنا بالحصــــــي . ومات السيد عيديد ، تغمده الله برحمته ، ولم تذكر لنا مصادر هل كان يعني ببيتيه الاخرين العلويين بناة الدولة ، أم كان يعني أميرها ابن مقيص ورجاله ! ويبدو أن الشاعر كان ذا روح فكاهية باسمة تضحك في وجه المكاره وعندما يرين الفشل على النفوس . لقد كان له على أي حال ، نصيب من (دولة الدجر والحنبص ) بحكم وزارته لها. مشروع الدولة العولقية بحضرموت في الجيش العربي التابع لنظام حيدر اباد بالهند كانت تتنازع السلطة والنفوذ ثلاث شخصيات هي :ـ الحاج عمر بن عوض القعيطي وكانت رتبته العسكرية (شمشير الملك) وعبدالله بن علي العولقي وكانت رتبته العسكرية (سيف الدولة) وغالب بن محسن الكثيري ، وكانت رتبته العسكرية (غالب الدولة) . وكانت هذه الشخصيات الثلاث مقربة من نظام حيدر اباد ، وكان لكل منها أتباعه وانصاره في اوساط المهاجرين اليمنيين بالهند ، الا ان القعيطي كان اكثرهم انصارا مالا واوسعهم نفوذا . وكانوا هؤلاء الثلاثة يملكون الاقطاعيات الواسعة في ولاية حيدر اباد ، وكان التنافس بينهم شديدا ، وبسبب الحسد السائد بينهم ، كون العولقي والكثيري جبهة ضد القعيطي الذي كان اكثر طموحا في التسلط والرئاسة من منافسيه ، وقد بلغ به التهور درجة جعلته يتطاول حتى على النظام نفسه . وفي سنة 1274هـ (1857م) عندما كان تمرد الجيش الهندي ........... (I NDIAN MUTINY) على اشده ضد الانجليز في الهند ، خطط القعيطي بانقلاب عسكري في حيدر اباد . لاسقاط حكم النظام والاستيلاء على مملكته واقامة دولة ( حضرمية) في الهند ، وكادت الخطة ان تنجح لولا ان خبرا عن المؤامرة القعيطية تسرب الى خصمه العولقي الذي كشف اسرار الخطة للنظام ، وفشلت المؤامرة . وقد اعدم النظام مئات من المتآمرين ولكنه لم يستطع ان ينال القعيطي بسوء نظرا للعصبية العربية والهندية القوية التي كانت تسنده ، وعلى أي حال فان افتضاح أمر القعيطي على يد العولقي زاد نار الخصومة اشتعالا بين القعيطي من جهة ومنافسيه العولقي والكثيري من جهة أخرى ، وقد فكر الكثيري في الانسحاب من هذه المعركة ، وكان يخشى ان يطرده النظام من حيدر اباد ويستولى على اقطاعياته بسبب المؤامرة القعيطية التي جعلت النظام يتوجس خيفة حتى من اقرب المقربين اليه من الرؤساء الحضارم ، وبادر الكثيري وباع جانبا كبيرا من اقطاعياته بأثمان بخسة ووظف الحصيلة في احياء الدولة الكثيرية ، وفي ذلك يقول المعلم عبد الحق ساخرا من القعيطي والكثيري معا ومن تنكر الحضارم لافضال النظام عليهم قال المعلم من قصيدة طويلة :ـ ولا سبب غالب سوى حيلة عمر ** خرجته من الولاية خـــالي أحوال صارت منهم يخشى الحليم** منها وتضحك الجهــــــالي لم تكن هذه الشخصيات الثلاث قائمة بالخدمة العسكرية بحيدر اباد وامتلاك الضياع الواسعة بها في كتف النظام فحسب ، بل ان كل واحد من هؤلاء الثلاثة كان يحلم ايضا بالملك وكان يسعى سعيا حثيثا الى انشاء دولة له في حضرموت ولسنا نعلم لماذا فكر العولقي في انشاء دولة في حضرموت ولم يحاول اقامتها في البلاد العولقية . وعندما اشترى الحاج عمر بن عوض القعيطي قرية (الريضة) في القطن سنة 1255هـ (1839م) تمهيدا لانشاء الدولة القعيطية ، واشترى غالب بن محسن الكثيري قرية (الغرف) سنة 1261هـ (1845م) تمهيدا لاحياء الدولة الكثيرية ، قام العولقي بشراء قرية (الصداع) وهي من ضواحي بلدة غيل باوزير ، من آل بريك حكام الشحر ونواحيها سنة 1280هـ (1863م) واقام بها حصنا متين البناء عالي الاركان توطئة منه للاستيلاء على الغيل واقامة دولته العولقية بها . ومات الحاج عمر بن عوض القعيطي سنة 1282هـ (1865م) وخلفه ابناؤه الخمسة وعلى راسهم الجمعدار عوض بن عمر القعيطي وكان هو الآخر ضابطا كبيرا بجيش النظام العربي ، وكانت رتبته العسكرية به (نواز جنج) . ثم مات عبدالله بن علي العولقي سنة 1284هـ (1867م) وخلفه ابنه محسن الضابط بجيش النظام العربي برتبة (مقدم جنج) . ولم يكن العولقي متسترا على عدائه للقعيطي ، بل انه كان يجاهره بأنه سوف يعمل لاجلاء يافع عن حضرموت ساحلها وداخلها ، وكان القعيطي يتوعد العولقي بانه سوف يحطم آماله في الحكم ، وأنه سوف يدمر حصنه الكائن بالصداع وسيأتي ببعض تراب انقاضه الى حيدر اباد لينثره في وجهه . وراح كل جانب يغزل الدسائس والمؤمرات ضد الجانب الآخر . واستطاع العولقي كسب صداقة قبيلة آل عمر العوابثة التي كانت قوة مسلحة لها شأنها في غيل باوزير . وعندما جرى النزاع بين النقيب عمر بن صلاح الكسادي والجمعدار عوض بن عمر القعيطي على اتفاقية مناصفة مدينة المكلا ، كان محسن العولقي اول من حرض الكسادي على نقض هذه الاتفاقية (المفروضة) وأمده بستين الف ريال في السنة ليمكنه من الصمود في وجه الاطماع القعيطية . وقد دخل العولقي في تحالف عسكري مع الكسادي والكثيري لزحزحة القعيطي عن مدينة الشحر . وقد قام هذا التحالف سنة 1291هـ (1874م) بغزو الشحر ولكن القعيطي هزمهم في وقعة (المشراف) المشهورة (46). وابتداء القعيطي يتحرك بسرعة ضد (المشروع) العولقي . فهو بعد ان وطد نفسه في الشحر راح واحتل شحير . ثم داهم غيل باوزير واحتلها بعد ان طرد آل عمر باعمر منها،ثم داهم حصن العولقي بقرية الصداع ، ولكن الحصن قاوم الهجوم القعيطي فاكتفى القعيطي بضرب حصار حوله دام عدة اشهر اضطرت حامية من رجال العوالق البواسل خلال مدة الحصار الى اكل الجلود وشرب دماء الحيوان ، ثم اضطرت الحامية الى التسليم . وعندها نسف الجمعدار عوض حصن العولقي بالبارود وحاله الى كوم من التراب ،كماهو مشاهد اليوم، وأخذ بعض ترابه وحثاه في وجه محسن بن عبدالله العولقي في حيدر اباد. وتبخرت أحلام العولقي في تكوين دولة عولقية بحضرموت ، وكان ذلك سنة 1293هـ (1876م) ، وبذلك انتهى الوجود العولقي بحضرموت . تاريخ ماأهمله التاريخ دولة آل الأعلم في شبام: هؤلاء لا ينتمون الى بني ضنه . وقد أقاموا دولة لهم في مدينة شبام سنة 605هـ (1208م) . وترأس هذه الدولة راشد بن الاعلم وخلف راشد على السلطة يماني بن الأعلم . وبعد موته سنة 613هـ (1216م) تولى الحكم اخوه عبدالعزيز بن الاعلم. وظل عبدالعزيز في صراع مع قبائل الوادي المحيطة بشبام حتى زالت سلطته عنها سنة 616هـ (1219م) عندما قدم جيش الايوبين الى حضرموت بقيادة عمر بن المهدي . وامعانا في الكيد لآل الأعلم ، ناصرت قبائل الوادي وفي مقدمتها (نهد) عمر بن مهدي ضد آل الأعلم ، فاحتل بن مهدي شبام واستنصر عبدالعزيز الاعلم ببعض القبائل املا منه في معونتها له ليستعيد ولاية آبائه ولكنها خذلته . وفي سنة 619هـ (1222م) قتل عبدالعزيز بناحية بيحان وانتهت هذه الدولة . دولة بني سعد في شبام : بنو سعد قبيلة حضرمية اختلف المؤرخون في نسبتها . فقيل انها من بني ضنه ، وقيل انها من نهد بالانتساب ، وقيل انها من آل قحطان . وعندما اشتدت الفتن ضد بني يماني في منطقة شبام سلم بني يماني أمر المدينة لبني سعد سنة 623هـ (1226م) فملكوها حتى انتزعها جيش الرسوليين منهم سنة 637هـ (1239م) . ثم استعاد نصار بن جميل السعدي شبام من الرسوليين سنة 644هـ ونصار السعدي هذا هو الذي بنى حصن العذ الواقع جنوبي تريم سنة 655هـ (1257م) . وبقيت شبام تحت حكم بني سعد حتى اشتراها سالم بن ادريس الحبوظي سنة 673هـ (1274م) . وبذلك استدل الستار على تاريخ هذه الدولة . دولة الأسداس في شبام : بعد قتل سالم بن ادريس الجبوظي في ظفار تولى على شبام من قبل الرسوليين ، محمد بن محمد بن ناجي سنة 673هـ (1274م) . وبعد محمد بن محمد بن ناجي تولى ابنه حسن . وبعد وفاة حسن تولى بعد أبناؤه الستة . وقد سميت هذه الدولة بـ (دولة الاسداس ) لاشتراك ابناء حسن الستة في السيطرة على المدينة ، اذ كان لكل واحد منهم سدس من أجزاء البلدة ومن ايراداتها يتصرف فيه كما شاء . وفي سنة 734هـ (1333م) انتزع آل جميل شبام من آل ناجي ، وبذلك انتهت دولة الاسداس . دولة آل جميل في شبام : وتسمى هذه الدولة ايضا (دولة آل حسن ، وآل جميل) وهما قبيلتان من بني سعد السابق ذكرهم ، كلهم أبناء عمومة تولوا السلطة في شبام بعد أن ازالوا منها دولة الاسداس . بيد أن التنافس بين أبناء العمومة هؤلاء أدى الى تدخل الاجانب في شئونهم ، ولقد فضل آل جميل الرضوخ لآل عامر (نهد) في حكم شبام تشفيا في بني عمهم الاقوياء آل حسن ، واستمر حالهم على هذا المنوال اجلالهم آل كثير عن شبام ، عما بقى بأيديهم من قرى (سواد بني ضنه) . والمقصود بسواد بني ضنه المنطقة التي يسكنها آل كثير اليوم بين تريس وشبام، وقد انتزع آل كثير من آل جميل سنة 824هـ (1421م) . وبذلك انتهت هذه الدولة . مــــــشائـــــخ حضـــــــرمــــوت المشائخ بحضرموت يشكلون كالعلويين طبقة اجتماعية عرف بعض رؤسائها بالصلاح والتفقه في الدين والتصوف والنفوذ السياسي ، وكانوا موضع تجلة واحترام الحكام ورؤساء القبائل الذين منحوا بعضهم امتيازات خاصة كالاعفاء من العوائد ، وقبول شفاعاتهم واعتبار قراهم مناطق مأمونة ، وبالمقابل كان المشائخ وخاصة آل عباد وآل باوزير وآل العمودي يقفون الى جانب القبائل . وينظر العوام الى المشائخ نظرة تقدير ويتبركون بقبور الصالحين من اجدادهم كتبركهم من بقبور الصالحين من العلويين ، ويقيمون لها الزيارات الموسمية وكان الحكام ورؤسا العشائر يستعينون بالمشائخ ، كما يستعينون بالعلويين ، لنشر الدعاية لهم ، ولتثبيت نفوذهم بين الناس وللسعي في اصلاح ذات البين بينهم ، وللقيام بخفارة القوافل والمسافرين على السبل العامة ايام الفتن بين الحكام والقبائل . ومن المشائخ و كذلك كان العلويون من يحمل السلاح وخاصة أولئك الذين يسكنون المناطق البدوية وفي نظام الطبقات (47) السائد بحضرموت يعد المشائخ في الدرجة الثانية ، بعد العلويين ، في السلم الاجتماعي . وفي مجال التمايز الطبقي الرجعي ، فان المشائخ ، على أي حال ، أقل تزمتا من العلويين من حيث التزاوج (رجالا ونساء) مع القبائل وغيرهم من طبقات المجتمع الحضرمي الأخرى . ومن المشائخ وهذا هو شان القبائل ـ من يترك بنفسه بسبب الفقر أو الضعف الى طبقة الفلاحين أو الحرفيين أو العمال المساكين . وعندما قدم جد العلويين ـ المهاجرـ الى حضرموت كان المشائخ في طليعة المرحبين به والمناصرين له ،كما كانوا من المؤيدين لأحفاد المهاجر عندما طلبهم بعض الحضارهم باثبات نسبتهم الى البيت النبوي (48) ، وكان ذلك بحوالي قرنين ونصف من السنين بعد وفاة المهاجر . ومن أظهر مشائخ حضرموت آل بافضل وآل باوزير وآل العمودي وآل باعباد وآل الخطيب وآل باهرمز وآل باسهل وآل بامخرمة وآل جابر وآل الزبيدي وآل باجمال وغيرهم كثيرون ذوي الجاه والذين لا يغض من قدرهم عدم ذكرهم في هذا (المختصر) . والمشائخ الذين لعبوا ادوار هامة وخطيرة في تاريخ حضرموت السياسي ينتمون الى اسر ثلاث هي :ـ أسرة آل العمودي ( وقد سبق ذكرهم ، وآل باعباد ، وآل باوزير . آل باعـــباد يرجع نسب هذه الاسرة الى الشيخ عبدالله بن محمد باعباد المشهور بـ (القديم) ولد الشيخ القديم بمدينة شبام وتوفي بالمحلة (الغرفة) ودفن بمقبرة شبام سنة 687هـ (1288م) ، اما والده فقد توفي بالشحر سنة 622هـ (1225م) ودفن بمقبرة الشيخ عمرو بن احمد بالشحر . وكان الشيخ القديم يتمتع ، في كثير من جهات حضرموت وما جاورها ، بالجاه الواسع والكلمة النافذة والمريدين الكثيرين . وقد اعتاد القديم قضاء ايام الخريف (خريف التمر والرطب) خارج شبام في مكان بمنطقة (الحول) يطلق عليه اسم المحلة وكلمة المحلة يستعملها حضارمة الداخل الى اليوم على المكان الذي يقضون فيه فصل الخريف ، واقام القديم بمحلته مسجده المعروف . ثم تحول القديم من شبام الى قرية (الغريب) على اثر نزاع ثار بينه وبين والي شبام حينئذ الامير محمد بن محمد ناجي . فانشاء دار له بالمحلة سماها (الغرفة) وتديرها طيلة ايام السنة . وبعد وفاة القديم جاء خلفه الشيخ محمد بن عمر بن عبدالرحمن باعباد وبنى دار الى جوار (الغرفة) سنة 701هـ (1301م) فتكاثرت الديار من حولها وكانت النتجة ان قامت مدينة سميت (الغرفة) أي الجنة نسبة الى الدار الاولى التي بناها في محلته الصيفية الشيخ القديم ، وأصبحت (الغرفة) المقر الرئيسي لمشائخ آل عباد. ومن هذه المدينة المباركة انتشر آل باعباد في الربوع الحضرمية ، ولهم في بعض نواحيها مشاهد واضرحة مشهورة . آل باوزيـــــــــــر في بداية القرن السادس الهجري (1107م) ولد في مدينة (بغداد) يعقوب بن يوسف بن علي بن طراد . توفي والد يعقوب وهو صبي صغير فكفله جده علي بن طراد وكان وزيرا ( ومن هنا جاءت تسمية آل باوزير) لأحد الخلفاء العباسيين . ومات جده سنة 538هـ (1143م) . وهاجر يعقوب بن يوسف هو وابناؤه عمر ، عبدالله ، ويوسف، وحفيده سالم بن عبدالله الى حضرموت ، ونزلوا بقرية (المكلا) وكانت هذه القرية حين قدوم آل الوزير ( أو آل باوزير) اليها مكونة من عدة اكواخ للصيادين مقيمين بها ، وتقع القرية الى جنوب كثيب ابيض ، يطوق المنطقة المعروفة بحي الشهيد خالد ، ومات يعقوب بالمكلا سنة 553هـ (1158م) ودفن بكثيبها الابيض ( الذي يعرف اليوم بتربة يعقوب) واقيمت على قبره ، في تاريخ متأخر غير معروف قبته المشهورة القائمة الى يومنا هذا . وقد اقام احد سلاطين آل كساد مقبرة لتكون مدفنا لامواته بجوار قبر الشيخ يعقوب . ولم تطب الاقامة لابناء يعقوب بن يوسف بقرية المكلا فارتحلوا الى مدينة الشحر وكانت حينئذ مدينة عامرة على الساحل الحضرمي ، ومن الشحر ودفن بمنطقة الخور . ولم يخلف عقبا . ومات عبدالله (وكان يلقب بالشيرازي) (49) بالشحر . وهو المعروف (بمولى المحطة) وقبره معروف وقائم الى اليوم . وخلف عبدالله ابنا اسمه (محمد) ، وهو الجد الأول لآل باوزير جميعهم وهو ايضا المعروف بـ ( مولى عرف) (50) وخلف محمد ثلاثة ابناء هم :ـ 1. أبو بكر ، وهو جد آل باوزير بمنطقة حورة والنقعة المجاورة لها، وصاحب المسجد الجامع بحورة والصدقات والاوقاف التي بتلك المنطقة . 2. سعيد ، وهو جد آل باوزير سكان قرية (النقعة) المجاورة لمدينة (غيل باوزير) وقد خلف سعيد ابنا اسمة احمد وهو صاحب القبر الذي تقام له زيارة النقعة المشهورة عند البدو والحضر . 3. عمر ، وهو المدفون بالغيل الاسفل سنة (712هـ) (1312م) والذي عرف فيما بعد بأسم (غيل عمر) بوادي عدم . ومات عمر بالغيل الاسفل ودفن بها وقبره يزار الى اليوم . وخلف عمر ابنا اسمه عبدالرحيم وهو المدفون بمدينة الغيل والتي عرفت فيما بعد بغيل باوزير سنة 706هـ ( 1306م) . وقد توفي عبدالرحيم بغيل باوزير سنة 747هـ (1346م) والى هؤلاء المشائخ ينتمي بقية المشائخ آل باوزير المنتشرون في الجهات الحضرمية وخارجها . ومما اشتهر به المشائخ آل باوزير ويذكر لهم بكل خير ، ديار الصدقة لعابري السبيل في ارجاء متعددة من أودية حضرموت ، وكانوا يوقفون النخيل والاراضي الزراعية على هذه الديار لتصرف ايراداتها في ايواء المسافرين والغرباء واطعامهم مجانا ولوجه الله ويعينون على نفقة الوقف رجالا معروفين بلامانة والنزاهة (ليقوموا بواجب الضيافة لعابري السبيل). الهوامـــــش: 1. انظر الهامش رقم 13 2. هو المؤرخ احمد ابن ابي المعروف بابن واضح الاخباري والمشهور بلقب اليعقوبي له تاريخ اسلامي في ثلاثة مجلدات . 3. المراد بصاحب مرباع حضرموت الرئاسة العامة على قبيلة حضرموت وغيرها من القبائل وهو مايعرف اليوم (بالأب الطائلة) وكان من حقه الحصول على ربع الفيء والغنيمة ، قال الشاعر:ـ لك المرباع (أ) منها والصفايا (ب) وحكمك والنشيطة (ج) والفضول (د) (أ) ربع الغنيمة .....(ب) مايصطفيه الرئيس لنفسه من القسيمة (ج) مااصاب الرئيس في الطريق قبل ان يصل الى مقر القوم ......... (د) مافضل من القسمة مما لايصح قسمته على الغزاة كالبعير والفرس . 4. موقع الحصن بين قرية خباية ومسيال عدم شرقي تريم ، ومن المسلمين المشهورين الذين قتلهم المرتدون عباد بن بشر الاوسي جد المشائخ آل الخطيب هكذا لتوارثهم الخطابة الى اليوم. 5. قتل عمر بن الخطاب ليلة الاربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة 23هـ (644م). 6. قتل عثمان سنة 35هـ (655م) 7. قتل علي بن ابي طالب ليلة 17رمضان سنة 40هـ (660م). 8. للمزيد من المعرفة عن الهجرة انظر كتابنا (الهجرة اليمنية). 9. ص 161ج1 تاريخ حضرموت للحامد، وللشهرستاني كلام مماثل ومطول عن الاباضية بصفحتي 141ـ 142 من الجزء الاول من كتابه (الملل والنحل) . 10. كان مقره مدينة دمون. 11. كان الناس يلقبونه بالجعدي لانه تعلم من الجعد بن درهم مذهبه في القول بخلق القران . وبويع له بالخلافة في دمشق سنة 127هـ . 12. وهو عبدالرحمن بن يزيد بن عطية السعدي . 13. اقليم المعافر هو مايعرف اليوم بالحجرية في اليمن الاسفل ،وقديما كانت عاصمته (جبا) ثم (الدلموة) . 14. عبدالرحمن بن علي الديبع الزبيدي صاحب كتاب (الفضل المزيد في أخبار زبيد) وغيره. 15. جاء ان معن بن زائدة قضى على سطوة الاباضية في حضرموت ، ومابقي منها ودمرها محمد بن ابي يعفر الحوالي (الحداد في جني المشاريخ ). 16. شبام باليمن الاعلى ويقال لها شبام حمير ، وهي غير شبام حضرموت . 17. المذيخرة مدينة قديمة في تهامة . 18. هذاديك أي مرة بعد أخرى. 19. لعل تصوير المذهب القرطمي بهذه الصورة فيه مبالغة من وضع أعداء القرامطة ، وعلى أي حال فان هذه الابيات ينبغي ان تؤخذ بتحفظ شديد ويجب الا ينظر اليها كقضية مسلمة والجدل يطول في هذا المجال. 20. كان آخر أئمة اليمن البدر بن أحمد بن يحي وقد اطاحت به الثورة اليمنية في 26/9/1962م. 21. (عدل المدينة الفلانية) تعني حيث تذكر في التواريخ الحضرمية أن حاكمها جعلها وثيقة على الوفاء لحاكم آخر بالسمع والطاعة او عدم الاعتداء. 22. أشهر أحفاد المهاجر محمد بن علي بن محمد العلوي (574 ـ 653هـ ـ 1178ــ 1254م) الملقب بـ ( الامام الفقيه المقدم) . لم يكن أول متصوفة حضرموت ولكن التصوف غلب على حضرموت منذ عهده ، وله سيرة من الخير الاطلاع عليها. 23. الحامد: في تاريخ حضرموت . أنظر الهامش رقم 15 24. التعكر هو جبل حديد المطل على المعلا وفيه باب عدن الرئيسي . 25. الخضراء هو الجبل ال الذي تمر بأسفله ألآن الطريق البحرية من خور مكسر الى كريتر . والجبل المواجه لجبل صيرة يقال له جبل المنظر وهو مفصول عن جبل صيرة بفج صغير . 26. هذه المدينة لم يبق منها اليوم الا بعض خرائبها. 27. بعض التواريخ تستعمل (الدعار) بالعين المهملة ولعله تصحيف. 28. (ثغر عدن) لابي مخرمة 29. اشترى آل باحميد قرية مدودة من آل كثير 886هـ ــ 1481م. ،أشترى آل كثير قرية الغرف من آل تميم سنة 1262هـ ـ 1858م. ... ، اشترى العوالق قرية (الحزم) الصداع من آل بريك سنة 1280هـ 1863م. ....، أشترى القعيطي نصف المكلا من آل كساد سنة 1290هـ ــ 1873م. ...، كل هذا على سبيل المثال لا الحصر. 30. ص 165 من كتابه (أدوار التاريخ الحضرمي) جزء (1). 31. نسبة الى قرية (زنجيلة ) بسوريا. 32. ص 81 من (صفحات من التاريخ الحضرمي) لباوزير. 33. عقود الالماس لعلوي بن طاهر الحداد. 34. من أسم هذا الوالي جاء المثل الشهبي الحضرمي ( قبضها سويد ونم ) أي (أي دع الامور في يدي السويد زاطمئن) وهو مثل يقال في مقام التهكم. 35. من آل المنجوي الامير حارثة الذي مدحه الشاعر التكريتي العدني بقصيدته المشهورة بالتكريتية سنة 593هـ (1196م) والتي مطلعها:ـ عج برسم الدار فالطل ** فالكثيب الفرد فـــــالأثل فبمأوى الشادن الغزل ** بين ظل الضال والجبل ومنها:ـ الهزبر المنجوي اذا ** ألقت الحرب العوان أذل هو تاج الملوك حذا ** بل حضيض وهو كالقلل والبيت الأخير أثار الامير طغتكين الايوبي على الشاعر في حكاية معروفة في التاريخ . 1. 36.زار ابن بطوطة ظفار (في رحلته التي بتدأها سنة 725هـ ـ (1324م) أيام ملكها المغيث الرسولي المتولي عليها من قبل اخيه المظفر الذي قتل سنة 775هـ (1373م) . 36. 37. سنة 814هـ (1411م). 38. بعض التواريخ تذكر أنه من (نهد) وليس من كندة . 39. راجع كتابنا (السبعة الشهداء). 40. كلمة طويرق تصغير طارق وهو الشخص الذي يجوب طرقات الارض . وكان ذلك شأن بدر في غزواته ضد رؤساء المقاطعات الحضرمية . فكناه الحضارم (ابو طويرق) تهكما به . 41. من الذين رفضوا عبدالله بن عمر بارضوان بافضل المؤذن في مسجد باعلوي بتريم. 42. هدية الزمن لأحمد فضل العبدلي. 43. من ذلك نسفه دار ابن معمر الخلاقي على سكانه ، وكان من بينهم عمات عمر بن عوض القعيطي بالقطن ، ومحاصرته اخواله آل علي جابر بخشامر ، ومحاولته اغتيال عوض بن عمر القعيطي ، بأن وضع كيس بارود تحت البساط الذي أقام عليه وليمة له ، ولكنه لم يحضر. 44. دعاه أحد اتباع عوض بن عمر القعيطي الى وليمة غداء وعندما قدم اليها مع اعوانه أمسك بيده سالم بن علي بن هرهرة مصافحا وأجهز عليه يافع فقتلوه هو ومعيته من آل عيسى بن بدر . 45. عبارة محمد بن هاشم مؤلف كتاب (تاريخ الدولة الكثيرية) . 46. راجع كتابنا (في سبيل الحكم) . 47. للمزيد من نظام الطبقات بحضرموت اقرأ كتابنا (نظام الطبقات بحضرموت). 48. سار حفيد المهاجر علي بن أحمد بن جديد (توفي بمكة سنة 620هـ (1223م) . الى البصرة وأثبت نسبهم عند قاضيها وأشهد القاضي نحو مائة شاهد ممن يريد السفر الى الحج ورقب بمكة حجاج حضرموت على أولئك الشهود . وممن أيد صحة نسبتهم من المشائخ محمد بن أبي الحب (توفي سنة 611هـ ) وفضل بن عبدالله بافضل. 49. لأنه كان قد سافر من بغداد الى شيراز وتزوج بها أم ابنه سالم. 50. لأنه ولد وتوفي بها. |
||||||
02-16-2010, 12:36 AM | #40 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
احتفاء بتريم عاصمة للثقافة الإسلامية تحويل قصر الرناد ودار باكثير بحضرموت إلى مراكز للتنمية الثقافية حضرموت برس\خاص التاريخ: الثلاثاء 16 فبراير 2010 - 2:35 صباحاًً قال الأخ معاذ الشهابي مدير المكتب التفيذي ل (تريم عاضمة الثقافة الإسلامية 2010م ) ل(حضرموت برس ) أن كل الجهود لإنجاح هذه الفعالية والأرتقاء بها ليس على مستوى الصعيد المحلي بل كعاصمة عالمية ، مؤكدا انه سيبدا الأسبوع القادم بعقد مؤتمرا صحافياً حول الاستعدادات الجارية لتدشين هذه التظاهرة الإسلامية والثقافية الكبيرة ,وسينظم المكتب بهذه المناسبة جولة استطلاعية لمندوبي وسائل الإعلام للاطلاع على معالم تريم التاريخية والحضارية.. كما سيتم تدشين حملة نظافة للمدينة وإعلان جائزة لأجمل حي. وأكد الأخ معاذ الشهابي مدير المكتب التنفيذي ل «تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م» إن العمل جار حالياً لإعادة تأهيل قصر الرناد بتريم ليصبح احد اكبر مراكز التنمية الثقافية في اليمن..مشيراً إلى أن تأهيل مكونات القصر ستستكمل في نهاية ابريل ليكون جاهزاً لإقامة جزء كبير من الفعاليات التي ستقام بهذه المناسبة..وأضاف الأخ معاذ الشهابي بأن كماً هائلاً من أمهات الكتب الإسلامية والتراثية والتاريخية والأدبية ستنقل من مكتبة المطبوعات قصر الرناد لتكون في متناول الباحثين والمهتمين..وقال: أن دار الأديب الراحل علي احمد باكثير بمدينة سيئون والذي يشارف العمل في إعادة تأهيله على الانتهاء سيصبح ضمن مراكز التنمية الثقافية إلى جانب تخصيص جزء منه متحفا لمقتنيات وأعمال الأديب الراحل باكثير ..ونوه الشهابي إلى أن المكتب قام بتأثيث وتجهيز عدد من المراكز المشابهة للتنمية الثقافية في مدينة شبام حضرموت وذلك في إطار تهيئة البنية التحتية للاحتفاء بتريم عاصمة للثقافة الإسلامية |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|