المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الأدب والفن > سقيفة عذب الكلام
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


الوان الحب

سقيفة عذب الكلام


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-28-2012, 11:03 AM   #1
ابوسعدالنشوندلي
شاعر السقيفه

Thumbs up الوان الحب

الوان الحب


كتبه/
ابوسعدالنشوندلي
(الحضرمي السلفي)









بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
هذه بحار من حب متدّفقة,جمعتها لتوأم الروح.وملكة الحب.امي –حفظها الله-,سمّيتها(امي جنتي),
ونثرتُ غيث حب لأجمل عروس في حياتي انها ابتني(عروس حياتي),ثم نظرتُ الى زاوية بيتنا فرأيتُ فيها جدي- المقعد الذي جاوز المائة-فنسجتُ له حباً سمّيته(الحب الكبير),ثم ودّعتُ مدينتي شبام,فسطّرتُ لها بدموع الحب والالم خواطراً جمعت في(شبام عروس الاحلام).
هذه الوان الحب في حياتي جمعتها لاحباب قلبي في كتاب واحد اسميته(الوان الحب).
اسأل الله ان يجمعني بأحبابي في جنات النعيم برفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم..آمين
كتبه:
ابوسعدالنشوندلي
شبام-حضرموت
10/10/1433
[email protected]
رابط التحميل:ط§ظ„ظˆط§ظ† ط§ظ„ط/////ط¨ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„ط¹ظ…ظ„ط§ظ‚ ظ„ط±ظپط¹ ط§ظ„طµظˆط± ظˆط§ظ„ظ…ظ„ظپط§طھ
  رد مع اقتباس
قديم 08-28-2012, 10:57 PM   #2
الزين يفرض نفسه
مشرفة القسم العام
 
الصورة الرمزية الزين يفرض نفسه

افتراضي

الوان الحب / ابوسعدالنشوندلي

امي جنتي

الاهداء

أزفُّ عرائس كلماتي لأعظم امرأة ملكت فؤادي, أحبوها عبارات حب أحلى من العسل ,

وأسطعُ في أنورها من شمس الغزل , سطرّها يراعُ روحي على عجل , قبل أن تستهدفنا سهام الأجل ,

لكِ – يا أمي – سكبتُ روحي في كفيكِ عبارات , وحوّلت أنفاسي في وجهكِ سيلاً من قُبلات ,

أمي أنتِ الوردة الضاحكة التي لا تذبل, أرجوكِ تقبلي هديتي , وتفضلّي بضاعتي ,وسامحيني إن عجزت حروفي , وتداخلت سطوري ,

فأنا مهما تكلّمت ستبقى عباراتي أمامكِ عاجزة , كلّما أطلقتها لساني هربت مسرعة واختبأت خلف عيوني تتدثر بجفون الحياء والخجل.

حفظكِ الله يا أمي وجميع أمهات المسلمين



بسم الله الرحمن الرحيم

امي جنتي

أمي انتِ نبع حناني , وبلسم أحزاني , ونهرمن حب في دمي يجري , وسناء من عطف في روحي يسري

حملتِ حياتي في بطنكِ تسعة أشهر لم تتأففي ,كلّما مرَّ شهر ازدادت دقات قلبكِ شوقاً لي ,حملتيني في بطنكِ صغيراً ,

وتحملي همي اليوم كبيراً , كلّما أشهرتْ النوائب سيوفها في وجهي , تقدّمتِِ بصدرك ِ تستقبلين ضرباتها وتتحملين لسعاتها ,

كلّما لوى المرض ساعدي وفتّت صحتي , وجدتكِ واقفة بجانبي تظللين رأسي , وتمسحين دمعي ,

كلّما تصاعدت زفرات صدري بالأنين ازدادت دقات قلبكِ بالرحمة والحنين


***********
أمي يا أجمل كلمة حب غنّتها لساني وسطّرّتها بناني, يا أكبر قلب ضمني مهما أخطأت وقصّرت,

وجدتُ لكِ صدراً رحيباً لا يعرف الشكوى, كلّما حاصرني الحزن فتحتِ قلبكِ لأسكن فيه ,

أمي أنتِ سحائب جود لا تنقطع , وأمطار حب لا تنضب

حسبكِ أنكِ أعظم امرأة تقف وراء كل عظيم ومبدع , وصدق من قال ( وراء كل عظيم امرأة )


********
أمي انتِ بحر من عطف امتدت شطآنه إلى روحي, وسيل من حنان تدفقت أمواجه فغسلت أتراحي وأصلحت أخطائي .

انت ياامي كالشمس بل انت اجمل ,أنتِ كالقمر بل أنتِ أقمر , أنتِ كالبحر بل أنتِ أغدق ,

أنتِ كالربيع بل أنتِ أزهر, أنتِ كالورد بل أنتِ أعبق , أنتِ كالصبح بل أنتِ أرق

يكفيني طيف خيالكِ يغرّد حولي يسقيني أملاً ويمسح ألماً , يكفيني أن أسبح في سناء أنواركِ كلما ادلهمت حياتي وتكدّرت مياهي,

أنتِ سمائي الفسيحة وأرضي الوسيعة ,كفكِ يا أمي – لم يستطع الزمان أن يجود بمثله,

وقلبكِ لم يستطع الدهر أن يصنع مثله ,
ماءكِ هو أول ماءٍ رشفته شفتيّ ,وحضنكِ هو أول حضن أحسستُ بدفئه ,وقلبكِ هو أول قلب عانقني ,

وصوتكِ هو أول نغمة أطربتني ,ووجهكِ هو أول وجه صافحني, وعينيكِ هي أول عين ضاحكتني


********

أمي غنَّى عن حنانكِ الشعراء وما أنصفوكِ ,وأبحر في فضائلك البلغاء وما وفّوكِ , وتبارى في كرمكِ الحكماء وما بلغوكِ ,

أمي يا صانعة المواهب ومربية العظماء
دعيني أقبُّل قدمكِ عفواً بل سمائكِ , دعيني أشرب من زلاكِ , دعيني أبصر وجهي في مرآة جبينكِ ,

دعيني أمرّغ وجهي في ثرى قدميكِ , لو قبلّتكِ من رأسك إلى أخمص قدميكِ ما وفيتكِ شيء من حقكِ ,

لكِ كل إعجابي وتزكياتي , يا أغلى امرأة أحبها قلبي ... يا أمي


*******
قالها حافظ ( الأم مدرسة ) وأنا أقولها الأم أمة بل هي الحياة باختصار

أمي أنتِ أجمل أنشودة رددها الزمان , وأجمل مقطوعة يشدو بها الإنسان .

أنا كبير أمام كل الناس إلا أمامكِ , كلما كبرتُ صغرت وخرّ كبريائي بين يديكِ حقيرا,ً من غيركِ إذا أسوّدت في وجهي الحياة أقبلّتِ تلونين أيامي ,

وترسمين أمامها ألف ابتسامة , من غيركِ إذا ضاقت بي

الدنيا أقبلتِ كالبحر يفيض بالدرر , كما غرفتُ ازداد نوالكِ , وتتابع نداكِ ,

كلما عبستْ في وجهي الأيام أشرق وجهكِ بابتسامة تنافس الشمس في إشراقها ,

فعندها أنسَ أحزاني وادفن ألآمي .


*******
أمي ياروح الروح وبلسم الجروح , يا بحر الجود , وأرحم امرأة في الوجود

يا طيف أحلامي وشمس خيالي , يا من لم تغبْ طرفة عن بالي ,

كلّما رفعتُ يدي للسماء سألت ربي رضاكِ وأن يجمعني بكِ في الجنة, أمي وجهكِ نجم يسامر ليلي ويغازل همي,

أنتِ أغلى كنز في الدنيا , وأنا أغنى الناس مادمتِ حية وفقير إذا غبتِ عني

أنتِ يا أمي بحرٌ وأنا قطرة , أنتِ قاموس وأنا كلمة, أنتِ بستان وأنا زهرة, أنتِ شمس وأنا شمعة

أراكِ كمجد التفّ في عطفيه الحاضر والماضي

أترنمُ مع نغمات صوتكِ , وأطرب مع تلبية أمركِ , حملتيني في بطنك صغيرا وتحمليني في قلبكِ كبيرا, فأنا طيلة عمري أركض بين حبكِ وقلبكِ وما بلغتُ جميلكِ


******
أمي يا تاج رأسي , يا بدري وشمسي ويومي وأمسي,

أنتِ نهر من رأفة إلى روحي يجري , وغيل من حب إلى قلبي يسري ,

أمي أنتِ القلب الكبير الذي لا يصغر مع الأيام بل يكبر

أمي أنتِ الحب الغزيرالذي لا ينقطع مع الأيام بل يكثر

أمي أنتِ الفؤاد الرحيم الذي لا يقسو مع الأيام بل يغفر

أمي أنتِ الكنز الثمين الذي لا ينقص مع الأيام بل يزيد

مددتُ يديًّ لاغترف من بحر جودكِ المدرار عساني أشبع رحمة وحنانا .


******

أمي يا قصراً من حب تألقًّ في وجداني , كلما تخرّقت أحلامي أسرعتِ ترّقعين أيامي ,

جرّبتُ كل الحب فلم أرَ حباً أصدق من حبكِ , جرّبتُ كل الشوق فلم أرَ شوقاً يسابق شوقكِ

في عينيكِ ألف فضيلة قرأتها ,وفي وجهكِ ألف حكمة تعلّمتها ,

كلما مزقتني الهموم نظرتُ في نور وجهكِ فهانت في عيني , لا أدري كيف ستكون حياتي عند فراقكِ

أمي منحتكِ أغلى ما أملك , خذي قلبي خذي روحي , خذي دمي صيغيه لحناً تعزفه أوتار قلبك وترتلّه أحاسيسكِ

سأصبر على مُرّ الدنيا إلا على فراقكِ

أرجوكِ لا تفارقيني ولا تغادريني , سألتكِ ان لا تغيبي عن بالي ولا تبارحي خيالي, فأنا مهما كبرت محتاج لحبكِ وعطفكِ

مهما بعدتُ عنكِ أشتاق لقربكِ

لو أهديتكِ روحي ما أدّيت شكركِ

لو قسّمتُ عمري في حياتكِ ما وفيتكِ حقكِ

لو طلبتِ عيناً واحدةً لوهبتكِ كلتيهما

لو طلبتِ روحي لوهبتكِ حياتي

بحثتُ عن أكبر قلب فلم أجد أكبر من قلبكِ

لن أنساكِ أبداً ولو فرّقت بيننا الأيام


********

أمي يا بستان زاهر ونجم ساهر , أنتِ ضياء في قلبي يتجدد ,

وبسمة على شفتيّ تتردد ,وشمعة في حياتي تتوقد ,

لم أرَ وجهاً أصدق من وجهكِ , لم أرَ روحاً أسمى من روحكِ , لم أرَ قلباً أنصع من قلبك

أنتِ من سقى بذرة طفولتي , ورعى أغصان شبابي , كل جميل قد ينقطع إلا جميلكِ

كل الصداقات قد تذبل إلا صداقتكِ, كل الألسن قد تهجو إلا لسانكِ ,كل العيون قد تنضب إلا عيونكِ

كل الرايات قد تسقط إلا رايتكِ تبقى مقدّسة, كل الذكريات قد تموت إلا ذكرياتكِ تبقى حية,

كل الأسماء قد تنسى إلا اسمكِ , يكفيكِ فخراً أن اسمكِ عطراً نرتله في آيات القرآن


*******

أمي دعيني أمرغ وجهي الذابل في أحضان يديكِ , دعيني أسكب عبراتي وأنثر آهاتي فوق خدودكِ الخصبة

إذا ضعفت همتي من غيركِ يشجّعني

إذا اشتدت محنتي من غيركِ يصبرني

إذا انكسرت إرادتي من غيركِ ينصرني

إذا انهزمت قوتي من غيرك ِ يساعدني

أتسألين عن حبي ؟ أنتِ حبي كله

أتسألين عن روحي ؟ روحي فداكِ

أتسألين عن حياتي ؟ حياتي نبضاتكِ

سأغرس حبكِ في فسيحات قلبي , سأسقي شجرة أحلامي بزلال عطفكِ

ستبقين راية في قلبي لا تسقط, ستبقين زهراً في فؤادي لا يذبل

ستبقين شمساً في ضلوعي لا تغرب , ستبقين نجماً في سمائي لا يأفل


*************

أمي سيبقى حبكِ في قلبي يكبر مع كل نسمة من نسمات السحر وقطرات المطر ,

مهما حلّقت بعيداً لن أجد أفضل من سماكِ, مهما نقلّتُ فؤادي طليقاً لن أجد أهنأ من صدركِ

مهما متّعتُ بصري لن أجد أفضل من وجهكِ, مهما سافرتُ بخيالي لن أجد أوسع من حضنكِ ,

وددتُ لو أني أسمّر عيناي في صفحة قلبكِ, ليت لي جناحين أطير بهما إلى سمائك

ليت قلبي طائرة تهبط في مطار فضلكِ, ليت ضحكاتي زهراً أنثرها على رأسك الطاهر


*************

أمي أقصر مبنى وأعمق معنى , وأول كلمات الطفولة التي لا تملّها اللسان ,

إنها الكلمة التي لاتهرم ولا تموت لأنها منبع الرحمة والكرم , ومغرس الحنان والأمل

أمي كل شي إذا ضاع في الحياة قد يعوّض إلا أنتِ

كل حب قد يزّور إلا حبك, كل نور قد يخبو إلا نورك , كل كرم قد ينقطع إلا كرمك

أمي أنتِ في الدنيا سعادتي وفي الآخرة جنتي, ابتسمي فكل حزن بفرحكِ ينجلي ,

أضحكي فكل مصيبة بسلامتكِ تنتهي, يا ربِّ لا تحرمني دخول الجنة من باب الوالد


**************

أمي كل حب يمضي ويندثر ويبقى حبك يكبر

كل ضحكة قد تجفُّ أوراقها وتلتوي أغصانها إلا ضحكات قلبكِ كثيرة بمقدار حبكِ ,

كل لحن قد يُمل إلا لحن كلماتكِ ,يبقى صداها يتجول في قلبي كلما أصابه الصدأ

لكِ كل ألحاني أعزفها على أوتار عطفكِ , لكِ كل أشواقي أنثرها في ساحة جودكِ ,

أمي أنا أعظم محروم عند فقدكِ , و أعظم جريح عند رحيلك , وأفجع يتيم عند فراقكِ

أمي صوتكِ كقطر دافئ اعشوشبت به صحراء حياتي ,

أمي لو لعقتُ بلساني صديد جروحكِ ما أدّيت جميلكِ , لو منحتكِ قلبي تعيشين به ما وفيتُ معروفكِ ,

لو وهبتكِ عيناي تبصرين بها ما أدّيت أنملة من بحر فضلكِ

لو ملئتُ الأرض قوافي في مدحكِ ما رددتُ جميلكِ


**********

أمي أنتِ أجمل كلمة تنطقها لساني ,أنت أحلى كلمة تراقصت على صفحاتي

وفوق هذا كله , تبقى حروفي صامتة وكلماتي خاشعة أمام عطفكِ ورحمتكِ

أمي إن تغنّى الزمان فأنتِ أجمل أغنيتة وإن تكلم الدهر فأنتِ أحسن كلماته

وإن شدت الأيام فأنتِ أفضل نغماتها

وقفتُ أمام بحر شمائلكِ أغترف منه لأبصر به في ظلم الحياة , فوجدتُ أعظم شمائلكِ حبكِ للصلاة

حقاً يا أمي – أنتِ جنتي وسلوتي , وريحانتي ومهجتي ,


***********

تعلّمتُ منكِ حب الجد في الحياة ,عندما رأيتكِ سنوات طويلة تجمعين الحطب حتى تزاحمت الندوب في يديكِ وأثرّت في كفيكِ

تعلّمتُ منكِ الصبر عندما أبصرتكِ تسهرين الليل لراحتنا وسعادتنا

تعلّمتُ منكِ العدل عندما رأيتكِ توزعين حبكِ على جميع أخوتي

تعلّمتُ منكِ حب التسامح عندما أبصرتكِ تتجاوزين عن زلاتي , تعلّمتُ منك البذل فكفكِ دائماً مبسوطة ,

تعلّمتُ منكِ الإيثار عندما رأيتكِ تقدّمين لي الطعام وأنتِ جائعة وتسهرين لأنام!!

تعلّمت منكِ التجلّد وقوة العزم عندما رأيتكِ تمسحين دموعي كلما تعثرّت وتقولين لي :

واصل الطريق , تعلّمتُ منك حبًّ الآخرين عندما رأيتكِ تصلين الآقربين

تعلّمتُ منكِ التضحية , عندما رأيتكِ تضحين بالدنيا من أجلي ,

تعلّمتُ منكِ الدعاء عندما أراكِ دائماً تحلّقين بيدكِ في ملكوت السماء , تستمطرين رحمة الله

تعلّمتُ منكِ التفاؤل والأمل عندما رأيتكِ تعلّمتِ القراءة والكتابة وأنتِ في العقد الخامس

تعلمتُ منك انّ الحياة تحلو دائماً بقربكِ


***************

أمي قلبي لقلبكِ توأم , وروحكِ لروحك بلسم , وددت لو أن قلبي واحة غناء تسكنين بداخلها ,

وددت لو أن كلماتي زهراً أهديها, لقلبكِ وددت لو أن كفّي طيور تطير بكِ

إذا ضحكتِِ أبصرتُ الدنيا في يدي, وإذا بكيتِ أبصرتها تنوح لدموعكِ وتحزن لحزنكِ

إذا جلستُ بجانبكِ تخيلّتُ نفسي ملكاً

أشكركِ يا أمي لأنكِ كنتِ لي كل شي في الحياة , بالرغم أنكِ عشتِ طفولتك يتيمة لم تكتحلْ عيناكِ بأبيكِ

يكفيكِ فخراً أنّ الجنة تحت أقدامكِ

يكفيكِ شرفاً أنّ رضَى الرحمن في رضاكِ

يكفيكِ كرماً أنّ حق الرحمن موصول بحقكِ

يكفيكِ رفعة أنّ الرسول أعلى منزلتكِ

يكفيكِ فخراً وشرفاً أنّ الإسلام كرّمكِ كأعظم امرأة في الدنيا ,وقلّد عنقكِ وسام الشرف والفخر


*************

أمي من أين لي شمسٌ؟ وأنت شمس أيامي من أين لي بدرٌ ؟ وأنتِ وحدكِ بدري

يكفيني سعادة أن نظراتكِ زينت خافقي وابتسامتكِ كحّلت خاطري ,

يا أعظم امرأة سكنت في أضلعي , فتضوّعت مسكاً حياتي من حياتها

دعيني أقفُ في هيبة واحترام أقبّلُ رأسكِ ,وأنثر وروداً من شفتيّ أكلل بها تاج رأسكِ الموقر

هل تتذكري -يا أمي – عندما كنتُ صغيراً كنت لا أفارق فسحة صدركِ , وعندما كبرتُ أصبحت لا أفارق ظل نظركِ ,

هل تتذكري في أول يوم من ولادتي : طارت فيها فرحتكِ وزغرّدت فيها ضحكتكِ

هل تتذكري عندما كنت أنام في حضنكِ وأستيقظ في عينيكِ ,

هل تتذكري عندما كنت ألعب بين يديكِ صغيراً كم مرة نمت في حجركِ فتحمليني إلى فراشي ثم تطبعين جبيني بقبلة وردية أحسُّ بدفئها فيهتز جسمي لها طرباً ,

حتى لكأنكِ جعلتِ نومي يقظة , وأحلامي حقيقة ,


**************
أمي أنتِ جعلتِ ثديكِ لي سقاء, وبطنكِ لي وعاء , وحجركِ لي حواء وذراعيكِ أرجوحة

أمي من برّكِ عاش في القمة ومن عقكِ سقط في الهُوة

أمي من كرّمكِ ارتفع ومن أهانكِ انقطع ,أمي مهما تعاظمت كلماتي لن توفي حقكِ ,مهما تكلمت القوافي في مدحكِ تبقى حائرة

أمي يا طيراً من الأشواق غرّد في حياتي , يا بسمة من الأمواج غطّت شطآن ذكرياتي

كيف أضحك؟ وأنتِ حزينة , كيف أسعد ؟ وأنتِ كئيبة ! كيف أسلو ؟ وأنتِ جريحة

مدي يديكِ أقبلهن -والله- لن أذوق غمضا حتى تضحكين أمامي


************

أمي انت ِ أجمل نشيد وأرقُ تغريد , حياتكِ لي عيد , وسعادتكِ تشترى بالطريف والتليد

في صغري غسلّتِ عني الأذى , وفي كبري مسحتِ عن قلبي الأسى ,

لا أنسى أول يوم مشيتُ فيه على أقدامي , كنتِ بجانبي تشجعينني وتصفقين مع كل خطوة , وتباركين كل قفزة ,

واستمرّ تحفيزكِ حتى تخرّجت من المدرسة وصرتُ أباً , كيف أنسى سهركِ وأنا مريض لو كان الأمر بيدكِ لقسّمتِ صحتكِ في صحتي ,

وأرخصتِ عمركِ في عمري لأن منتهى آمالكِ وأغلى أمنياتكِ أن أعيش سعيداً صحيحاً


*************

أمي أنتِ نهار لا يعتريه ليل الهموم , وشمس لا يكدرها خسوف الأحزان , وفجر باسم يحطّم قيود الظلام ,

كلما فتحتُ عيناي وجدتك ِبقربي تلتصقين بجسمي , حتى كأنّ لنا جسماً واحداً ,

أمي نبضات قلبكِ احسبها تتردد في نبضاتي

نظراتكِ ترسم الحياة في عيني , لو استطعتُ لفتحتُ قلبي لك موئلا , ودمي لكِ منهلاً , ورأسي لكِ مقعدا,

يا أكبر قلب ملأته بحار الرحمة , وأوسع صدراً حوّطته أسوار الرأفة

أنتِ غاليتي , يا لوحة من حب رسمتها ريشة أحلامي , يا منظراً من عطف زخرفتها بناني ,

كم مرة ضممتيني إلى حضنكِ وأنا صغير , واليوم أضمكِ إلى قلبي وأنا كبير

أوصاني ربي ببركِ فما عصيتُ ورغبني الرسول بصحبتكِ فما أبيتُ

كل دمعة في عينيكِ أحسها بحاراً تغلي في عينيّ , كل عبرة في صدركِ أحسها طوفان عبرات تحرق خدي

كل جرح في جسدكِ أحسُه جراحاً في قلبي لا تندمل , أمي أنتِ فجر باسم غرّد في مقلتيّ ,

في كفيكِ بحر , في لسانكِ شهد , في عينيكِ فجر, وفي وجهكِ نهر

هذه كلماتي ولدت من رحم حنانكِ المتدفق , أزين بها أبًّهة عرشكِ المتألق ,

فأرى كلماتي كنجوم زاهرة تسبح حول قبة عرشكِ المزهر.

رتلّت حبي في رسائل شوق تطير نحوكِ, صُغت أيامي لحناً يزقزق حول سمعكِ


**********

أمي أنتِ أجمل كلمة عشقتها اللسان , وأغلى هدية يفتخر بها الإنسان , وأرق تحية يتغنى بها بلبل الزمان ,

أغلى ما أتمنى حياتكِ , وأجمل ما أسمع كلماتكِ ,أفضل ما أصبو إليه رضاكِ , وأعظم ما أرنو إليه دعواتكِ .

أمي يا أغلى وسام يضئ على صدري , يا أرق امرأة زينت صفحات قلبي , هذا ميزاب حنانكِ يصب في صهريج قلبي

كلما دخلت البيت بحثتْ عيناي عن أنواركِ , لا أجلس حتى أقبل رأسكِ ويديكِ

لا أنام حتى أرسم خيالكِ في قلبي , لا أخرج من البيت حتى تدعين لي بالسلامة

أحسُّ كأني ملكتُ الدنيا , أسيرُ وتسيرُ معي دعواتكِ , وأطرب كلما رمقتني نظراتكِ

دعيني يا أمي – التقط لكِ صوراً تذكارية انحتها في جدران قلبي , دعيني أطبع قبلة دافئة على خدكِ الزاكي ,

دعيني أقدّم نفسي لكِ خادماً مطيعاً , دعيني أسهر ليلي لتنامي , وانغصُّ نهاري لتسعدي ,

هذه كلماتي حبرّتها لكِ كقلائد المرجان , وهذه خواطري زوّقتها كعرائس حسان ,

وهذه عبارتي أزفها لكِ كالغيد الحسان ,

وأقولها للدنيا بملء فيّ : أنا أسعد رجل في الدنيا لأن أمي حيّة!! .


***************

أمي أنتِ منارة لحياتي وشمعة لظلامي , أمي تغيب الشمس وفضلكِ عليّ لا يغيب

لو قبّلتُ أقدامكِ عدد النجوم ما وفّيت ,ٍ

وددتُ ظهري لكِ مركبا ذلولاً, وددتُ حياتي نهراً تغرفين منها حبا

هذه روحي أقدمها لك هدية فهل رضيتي ؟

أمي كيف اسلو ودمعكِ ينهمر؟ كيف أهنأ بعيش وقلبكِ منكسر ؟ كيف تصفو حياتي وكراديس الهم تحاصركِ

أمي أنتِ جنة تسرح روحي في نعيمها وتغرفُ روحي من سلسبيلها ,

أمي بريشتي الخجولة سطرّتُ لكِ روحاً تخفق , أنتِ أجمل كتاب عشقته , ووجهكِ أسنى وجه قبلّته

أمي عندما تضيق الدنيا وقلبكِ يكبر

أنتِ بدر التمام ودرة الأيام

وعداً يا أمي لن أنساكِ أبداً ما حييت.


*************************

لكل كتاب خاتمة , إلا هذا الكتاب رفضتُ أن تكون له خاتمة ,

فما دامت أمي حية ستبقى حياتي كتاب له فاتحة وليس له خاتمة

وإن كانت الأخرى – لا قدر الله – ستكون حياتي خاتمة تبكي على ذكرياتِ الفاتحة , وتحنُّ صبابة لأيامي أمي الخالية


**************

اللهم اجز أمهاتنا خير الجزاء على ما قدمن , اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا كما ربيانا صغاراً ,

اللهم من كان منهم حياً فمتّعة بالصحة والعافية , ومن كان منهم ميتا فاغفر له واجعل قبره روضة من رياض الجنة

واجمعنا بهم أجمعين في الجنة برفقة خير المرسلين . ..آمين

التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 08-28-2012, 11:22 PM   #3
الزين يفرض نفسه
مشرفة القسم العام
 
الصورة الرمزية الزين يفرض نفسه

افتراضي

الوان الحب / ابوسعدالنشوندلي


عروس حياتي

قال تعالى(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ{49} أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{50}


عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( لا يكون لأحدكم ثلاث بنات فيحسن إليهن إلا دخل دخل الجنة ))


و عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجاباً من النار )) رواه الترمذي .



بسم الله الرحمن الرحيم

الإهـــــــداء

أزفُّ أبكار كلماتي , و عرائس نبضاتي و ترانيم أنفاسي , و شموس أحلامي , إليكِ أنت يا عروس حياتي , و ربيع ذكرياتي.

إليكِ يا فتنة الروح , و حشاشة القلب وشامة الاحلام

إليكِ يا مهبط القلب و مأوى المشاعر و رياض الأحاسيس و مقامات الزمان

إليكِ يا أجمل براءة حلّقت في سمائي, إليكِ هذه المشاعر المتدفقة أرّصعُ بها تاجك .

إليك – يا غاليتي – روحي أسكبها في رشفات من حب , و نبضات من وجدان .

إليكِ – يا ابنتي – كتبتُ عبير حبي و سكبتُ رحيق قلبي

لك باابنتي خاصة و لجميع بنات المسلمين عامة ,أقدّمُ لهن هديتي, وأنثرُ لهن مودتي,

و أصدحُ كالبلبل مغرداً , أحبكِ يا أغلى هدية , أحبكِ أنتِ يا ابنتي .

حماكِ الله يا ابنتي و جميع بنات المسلمين .


**************

ابنتي: أنتِ سعادتي , و أنتِ فرحتي , أنتِ من زرع ابتسامات الحب على شفتي ,

أنت من حلّق بقلبي إلى سماء السعادة , درجتِ في عشِّ قلبي ,

و سقيتكِ من سلسبيل روحي الرقراق , و أطعمتكِ من فؤادي حباً كالترياق .

أملي يا أبنتي أن أرى قدوتكِ في الجهاد نسيبة ,و خولة بنت الأزور في الشجاعة ,

و عائشة بنت الصديق في العلم , و سمية في الشهادة , و أسماء في تحدي الأخطار , و آسية بنت مزاحم في الثبات ,

و مريم بنت عمران في الصبر على المدلهمات , و أم موسى في اليقين, و الخنساء في التضحية , و فاطمة بنت محمد  في الحياء.


*******************

ابنتي: أنتِ ذكرياتي الحلوة , و نسماتي الدافئة , أنتِ تفاحة قلبي , و بهجة عمري ,

و خفقان مشاعري أنتِ الطائر الصغير الذي غرّد في حديقة قلبي لقد اطربني بتغريده الفريد ,

و أضحكني برقصه المثير , لا أستطيع يا ابنتي أن أصفَ فرحتي عند ولادتك ,حمدتُ الله و خررتُ بين يديه شاكراً ,

من اول يوم قدمتِ إلى حياتي , احتفل الأمل في أرجاء قلبي بقدومكِ , و زقزقت أيامي بنزولك ,

و صفّقت أحلامي بوجودكِ , ابنتي كيف لا أحبكِ ؟؟ و هذا الحبيب  حمل أمامة بيديه وهو يصلي, فإذا ركع وضعها و إذا قام رفعها ,

و كان يحب ابنته فاطمة و يقبّلها و يكنيها بأرق كنية تدعى بها إنها ( أم أبيها ) .


*******************

إليكِ – يا ابنتي – وهبتُ أحاسيسي وساماً تتألق على عنقك , امرحي فوق بستان فؤادي, و غرّدي كالبلبل فوق أغصان ذكرياتي ,

ابنتي أنتِ شموس في فؤادي لا تغيب, أنتِ نجم في سمائي لا يأفل .

أنتِ أنوار في وجداني لا تنطفئ .

ابنتي .. كلما نأيتُ عنك ذبتُ حسرة و هماً , أناجي القمر قائلاً : لقد ذكرّتني بأنوار ابنتي, كأن وجهكِ التصق على القمر .

فإذا أبحر في السماء أبحرتْ خلفه نظراتي و تلاحقه ذكرياتي .

فإذا رنَّ جرس الصباح تخيلّته أستعار محياكِ.

ابنتي :كلما انشبت الغربة أظفارها في حلقي بدأت أقلّب صفحاتكِ ,

و أنظر إلى صورتكِ فتنهمر سيول عيني فتغرق معها أحلامي, إلا صورتكِ كالزورق تبحر في لجج آهاتي .

كل ليلة في غربتي لا أنام حتى تطير من قلبي قبلات دافئة تسابق النجوم عساها تعانق جبينكِ ,

فإذا أصبحتُ سكبتُ قبلات غيرها فترقرق مع نسيم الصباح , فتغرّد على خدكِ , فتشعرين بحنانها فتهتزين ضاحكة لدفئها .


*****************

ابنتي :خذي قلبي منبراً لكلماتكِ , خذي قلبي عشاً لأحلامكِ, خذي أنفاسي وصائف لآمالك ِ.

ابنتي :أنتِ لقلبي سناه , أنت لروحي ضياه, أنت بسمة الأمل و ضحكة المستقبل و نغمة الغد,

أنتِ ربيع العمر و أنوار الحياة , أنت بديع زماني , و رياض هنائي ... ابتسمي ياابنتي – فابتسامتك شموس في نفسي , اضحكي فحياتي سرور بقربك .

أُعبري بأقدامكِ الصغيرة فوق جسر حبي لعلّك تصلين إلى سرير قلبي


*************.

هديل صوتكِ يملأ أذني , و يطرب خاطري ... في نفسي ظمأ لا يرويه إلا زلال حبكِ , في قلبي ظلمة لا ينورها إلا سراج وجهكِ ,

في روحي جمر لا يطفئه إلا ضحكات قلبك , في عيني دمع لا يمسحها إلا حرير كلماتك , في أذني وحشة لا يزيلها إلا ترانيم حداكِ, في حياتي فراغ لايملأه إلا قربك

أحبكِ – يا ابنتي – بعدد قطرات المطر و ذرات الرمل .

أنفاسكِ كنسائم هادئة تنعش روحي و تحيي فؤادي ... ليت قلبي مملكة فسيحة فافتح لكِ عرشها لتكوني أنتِ الملكة ,


****************---- --

ابنتي .. إذا كبرتِ غاية ما أتمناه لكِ زوجاً صالحاً , يطير بك الى سماء الأفراح , و يشيّد لك قصراً من السعادة ,

فغداً - يا ابنتي – يبتسم الربيع و تتفتح الزهور و تخضرُّ الأيام .

هنيئاً لكِ بزوج صالح و ذرية طيبة


***********
.ابنتي :عيشي حياتك عزيزة كريمة , و لا ترضين بما دون النجوم , فأنت المسلمة العظيمة القوية الصابرة , و القمة السامية .

أنتِ أخت الشهيد المجاهد , و أم القتيل الثكلى , و سند الأسير المكبّل .

انتِ العظيمة التي يولد منها العظماء , كفكفي طوفان دموعكِ في أعماق قلبكِ الفسيح ,

أميطي الألم و اليأس عن وجهك .. أسرجي من كل دمعة شمعة , و انسجي من كل محنة منحة ..

لا تنظري الى اليل و سواده , و انظري للقمر و بياضه .. علّمي الدنيا أنكِ مسلمة قوية لا تركع إلا لربها و لا تنحني إلا لمولاها .


** *****

ابنتي: يا سلوة الفؤاد و ريحانة الخاطر و حشاشة القلب , أبعثُ إليك روحي ,

و أسطرُ لك مشاعري , و أنسج لك خيوط حبي .

ابنتي: نسيتُ الدنيا و نصبها عندما أراكِ تلعبين بين يدي ..

لوخيّرت بين الدنيا و بين ابتسامتك الحلوة , لأخترتُ بأعلى صوتي: ابتسامتك , فهي كالشمس تعيد الحياة لقلبي و تنير الأمل لدربي .


************

ابنتي - إذا أتيتُ من عملي متعباً , و جدتكِ واقفة عند الباب تنتظرين قدومي و تتلهفين لحضوري ,

فإذا رأيتك قادمة فتحتُ ذراعيّ على مصراعيها لأضمك ضمة إلى قلبي الذابل عساني أشبع حباً و أنساً .

لو استطعت - يا ابنتي – لجعلت حضني مهداً لطفولتك , و يدي أرجوحة لبراءتك .. إذا غبتِ يوماً واحداً عن بيتي ..

أحس أن النور ينطفئ منه , أحس كابوساً يطوّق عنق فرحتي , أحس بيتي سجنا ,

و صرتُ أترقب الحرية من أنوار وجهك , و أشم ريحها من أثوابك , ووضعتُ خدي على كفي أشتاق لمرآك و أنتظر عودتك من جديد إلى بيتي ,

فإذا عدتِ أحسُّ الحياة تسري في أطراف بيتي , و ينعش الربيع المزهر قلبي


*************

عندما قلتُ يوماً " أنا أحب بناتي كثيراً " عيّرني بعض أهلي قائلاً : " إياك و أن تحب البنات كثيراً , فإنا نخاف أن يكون جميع نسلك بنات ,

" فقلت مسرعاً " هنيئاً " , إنّ البنات جنات و البنات بركات .. ليتهم يعلمون !!.

ابنتي .. عندما كنتِ صغيرة تنامين بجانبي , فأحملكِ إلى فراشكِ و كأنني في موكب مهيب , أمشي رويداً رويداً ,

لأني أحمل قلبي في يدي , أخاف مع كل خطوة أن أتعثر فإذا وضعتكِ في فراشكِ .. طبعتُ جبينكِ بقبلات ثم أسدلت الستار على أحلامك .

ابنتي.. إذا ذهبتُ الى عملي أتخيّل وقوفكِ بين يدي تقبلّين رأسي و تضمين فؤادي , و أتخيّل قلبك الصغير يرقص على مسرح كفي .

أقبلي – يا ابنتي – لأضمكِ إلى صدري لأطفئ لهيب الأسى و تطفو أمواج الأمل .


****************

عندما كنتِ صغيرة كنتُ أرقصّك قائلاً : " يا ابنتي يا نور العين ** يا قمرْ غالي يا زين "

عساني أُسمِعُ الدنيا صوتي , فأنتِ أجمل نغماتي و أرق كلماتي , و أعذب ألحاني .

يا ابنتي: أنتِ شرايين تغذّين حياتي .. أنتِ شمس سطعت في أفق ذكرياتي , يطوف حبكِ حول قلبي كل لحظة , و كلما طاف خيالكِ أسرعتُ أقبله و أستلمه .

ابنتي .. في راحتيكِ الصغيرة غرستُ سنابل أحلامي , أنت زهرة عمري و ربيع قلبي,

كلما هبت ريح الصبا حملت شذا عبيركِ فيطرب لها خاطري , و يتراقص على انفاسها قلبي ,واذا أجدبتْ مشاعري ..

نظرتُ إلى سحابة حبكِ فتنعش أمطارها جفاف قلبي , فيهتز فرحاً , حتى غدا قلبي ارضا تهتز ربيعاً و جمالاً إذا غشاها أمطارك .


*** ***********

ابنتي الغالية: بحثتُ عن أجمل حلة أهديها لكِ فلم أجد أجمل من التقوى , بحثتُ عن أفضل حصن يحميكِ فلم أجد أفضل من الحجاب ,

بحثتُ عن أعظم كتاب أهديه لكِ فلم أجد أعظم من كتاب الله , بحثت عن أفضل نساء قدوات لك فلم أجد أفضل من الصحابيات الطاهرات ,

بحثت عن أفضل دواء للقلب فلم أجد أفضل من الذكر , بحثت عن أجمل مطّهر و منظّف فلم أجد أفضل أفضل من العفة ,

بحثت عن أفضل مسكن فلم أجد أفضل من بيتك ,

بحثت عن أغلى هدية في الدنيا فلم أجد أفضل من سجدة أو دمعة تتناثر منكِ في جوف السحر فتكون كنجم مضيء يتلألأ في ليلة ظلامها حالك .


*******************

ابنتي .. يا نبضات الفؤاد و خفقان القلب, يا بسمة ارتسمت على شفاه حياتي , و زورقاً من حب أبحر في شطآن ذكرياتي.

من غيركِ – يا ابنتي – يداوي جراحي إذا تكّدرت المياه و تعكّرت الحياة ؟.

من غيركِ – يا ابنتي – إذا انهمرت الدموع و انطفأت الشموع ..

أقبلتِ كالشمس تشرق أنوارها في حياتي , و تقولين بكل ثقة : أبي لا تحزن لوفقدتُ الدنيا لن أحزنَ أبداً ,

حسبي أن أراكِ أمامي فألصق صدري بدموعكِ فأحس أن كل شيء في هذه الحياة رخيص أمام ابتسامتك .

ابنتي .. تمضي الدنيا و ذكرياتك باقية منحوته على جدران قلبي , تمر الأيام كالبرق تسحب أذيالها و تطوي صفحاتها و حبك باقٍ في قلبي لا يندثر .


******************

ابنتي يا بستان عمري و ألحان قلبي و فردوس حياتي , أنت سعادتي و أنتِ ريحانتي .

أمنيتي أن تكوني متوجة بالسعادة , أكبر أحلامي أن أراكِ من الله قريبة .

إذا رأيتكِ مريضة وددتُ لو أني أقسّم صحتي و أهديكّ نصفها بل كلها فأنتِ كل حياتي .

كلما انطلقتْ نحوكِ سهام المرض أسرعتُ أمامها أقدّم لها صدري عساها تصيبني و لا تصيبكِ .

كلما عسكر الحزن بقلبكِ أقبلتُ كالعاصفة تمزّق جيوشه و تخرّب عروشه .

كلما أمطرتكِ الهموم بقذائف اليأس وقفت كالجبل أنازلها لا أتضعضع .

كلما تسلل الشيطان و رماكِ بشرّه و حاول اخراجكِ كأبيك من الجنة , اعترضتُ طريقه و أطلقتُ عليه قنابل الدعاء فيهرب مذموماً مدحوراً .


*** ************

ابنتي: عندما أفتح عيني في صباح كل يوم أرى صورتكِ أمامي مطبوعة تسبح كالزورق تلعب في بحار عيني ,

كلما اقتربتْ من سواده دفعتها فتطير كالأرجوحة في الهواء , حتى غدوتِ كقنديل الأمل يتراقص أمامي يمنة و يسرة و بصري يرمقه مرة , و يحرّكه إذا توقف

,فأصبحتِ – يا ابنتي – صورة تتجول في حياتي تتحرك و لا تقف .

و إذا أويتُ إلى فراشي أقلّب صفحاتكِ حتى يغلبني النوم ,

فإذا نمتُ أقبل شريط أحلامي يعرض صورتك و قد أضحت كطيور تحلّق في سمائي .

لاأدري – ياابنتي – كل شيء في حياتي يذكّرني بك : ألعابكِ , عرائسكِ , فراشكِ ,......


*****************

ابنتي: أنتِ ضياء في حياتي , أنت حياض ترتوي منها عيوني , أنتِ رياض تمرح فيها جفوني .

ابنتي .. مع كل دقة من دقات قلبي يتدفق شلال ذكرياتكِ , فتسبح صورتك في دمائي .و كلما ابتعدتْ جذبها مغناطيس قلبي ,

فتعودإليه من جديد , فتلتصق بشغاف قلبي حتى لكأن لنا قلباً واحداً يسكن صدراً واحداً , إذا مرض أحداهما تفجرت عيون الآخر حزناً حتى تندمل جراحه ,

بحثتُ يا ابنتي – عن أجمل ابتسامة تعيد لقلبي الحياة فلم اجد افضل من ابتسامة تطير من فمك و يتلّقفها قلبي كالملهوف ,

فتسري الحياة في أوصاله و تنبض بالفرحة أحلامه و تضيء بالآمال أركانه .

دعيني – يا ابنتي – اصنعُ لكِ من روحي طائرة تطيرين بها إذا ضاقت دنياك , دعيني أصنع لك من دنياي قصراً تنعمين بظله .


*** *************

اعلمي – يا ابنتي – أن الحياة قصيرة فاغتنمي فيها كل لحظة و اهتبلي كل فرصة ,

فإني تسابقتُ مع كل شيء في هذه الحياة فسبقتُه إلا الوقت, كلما تسابقتُ معه سبقني و بقيتُ متحسّراً .

- ابنتي – نظرت فيما يخلّفه الناس وراءهم بعد موتهم, فلم أجد أفضل من ذكر حسن و لسان صدق يكون لكِ شاهداً و نافعاً .

فإن عشتِ فازرعي دنياكِ بالمعروف, فإذا رحلتِ صار عند الله ذخراً و بين الناس ذكراً .

ابنتي نظرتُ إلى كنوز الدنيا فلم أجد أغلى و أنفس من كنز العافية ,

و جربتُ كل الصداقات فلم أجد صداقة تفوق صحبة الكتاب ,

و جرّبت كلام الناس فلم أجد أعظم من ذكر الله .


*****************

ابنتي: أنتِ موكب السرور يزُّف إلى روحي ... انتِ غيث المحبة ينهمر في صهريج قلبي ,

أنت نهر الأمل تمتد أمواجه إلى جزيرة نفسي , أنتِ طيف الفرح يشرق أنواره في أعماقي ...

أنتِ أحرفي الغالية ...أنتِ رسالتي الثمينة ...

أنتي قصائدي الجميلة , أنتِ ابداعي و امتاعي ... انتِ راحتي و اسعادي .

ابنتي .. ودّعتُ الحزن منذ ترّبعتِ على قلبي , و سفكت دماء الهم منذ أطلالك على عيني . أنتِ زهر من حنان و جدول من حب تنداح أمواجه إلى سمعي .

أجمل كلماتكِ عندما تقولين : ( أبي يا أغلى ما في حياتي )

هل تذكرين يا ابنتي :عندما كان في قدمي جرحاً أقبلتِ تلثمين جرحي و تلحسينه بكل براءة الطفولة؟ .

هل تذكرين – يا ابنتي – عندما نمتُ يوما وجدتكِ بجانبي و بيدك مِروحة ترّوحين بها عليّ؟.

كم مرة سألتكِ : هل تحبينني ؟

فتشيرين بكل براءة إلى عينيك الجميلة ,( أي أحبكِ مثل عيني ).

عندما كنتِ مريضة كنتُ طول الليل أتردد عليك , نغصّت ليلي لراحتك و زعزعتُ راحتي لسعادتك .

ابنتي .. أنتِ صفحة من صفحات الحب الصادق لو استطعت – يا ابنتي – لفتحتُ قلبي لك جنة تسرحين و تمرحين فيها ,

أنتِ أغلى كنوزي و أجمل طموحي , أنتي قمة من البراءة و مجرّة من الحب .

هيا – يا ابنتي – أقبلي فاجلسي ملكة على عرش قلبي,

هذه حياتي كحديقة غنّاء تنداح بكل جميل فاقتربي فخيّري نفسك من أي أزهارها تفرح قلبك فاقطفيها بيدكِ الصغيرة .

ابنتي ..

كوني كفراشة حالمة تلعب بين أزهار ذكرياتي و تقبّل جبين أحلامي و تعانق صحن خدَّي فإذا تعبتْ من اللعب رمت بنفسها فوق احضان عيني ثم تنام هانئة راضية تزّملها جفون حبي .


*** ***************

ابنتي: أنتِ قصتي الحلوة , و روايتي العذبة ,لا تحزني إن أهانكِ أقوام جهلاً, فقد كرّمك الرحمن .

لا تبكي إن كرهكِ أقوام ,يكفيك أنه أحبك سيد ولد عدنان صلى الله عليه و سلم , لا تأسي إن دفنكِ أقوام فقد أحياكِ الإسلام ,

و قلّدك وسام العطف إن كنت بنتاً , و وسام البر إن كنتِ أماً , و وسام الرحمة إن كنتِ أختاً و وسام المودة إن كنتِ زوجة .

لن تجدي – يا ابنتي – أعدل و لا أنصف من هذا الدين الذي رفعك كنجمة تتلألأ أنوارها في سماء الكرامة و العزة .


**************

ابنتي ... إذا تساقطتْ دموعي بحثتُ عن يدكِ الحانية لتمسح عبرتي , أسعدُ كلما أراكِ تقبلّين رأسي عندما أكون حزيناً , كأنّ قبلاتك طائرة تطير بروحي إلى سماء الأمل .

أشكركِ – يا ابنتي – فأنتِ أكبر سلوة لقلبي , أحس الحياة هينّة و تافهة أمام ابتسامة واحده من ابتسامتكِ .

أتسألين – يا ابنتي – عن أجمل كلمة أحبُ سماعها ؟؟ انها كلمة " يا أبتِ "

, إنها كلمة رقيقة تسري خيوطها فتدغدغ مشاعري و تراقص خواطري , إنها كلمة ساحرة تحرك العواطف و تبعث المشاعر .

أتسألين عن أجمل لمسة ؟؟

إنها لمسات يديك تضّمدين بها جراح أيامي , أحس أن جراحي تندمل بلمسات يديك الرقيقة التي هي أرق من الحرير .

ابنتي ..أنتِ فضاء من حب واسع ليس له حدود . , أنتِ مساحة فسيحة من وجدان ليس لها سدود ,

أنتِ حمامة سلام تحارب الظلم و القيود ,أنتِ راية من حب و حولها ضلوعي كالجنود ,

أنتِ مدرسة من أخلاق تصنع القيم و المبادئ , أنت أكليل من تهاني وورود من أماني أزيّن بها لوحة قلبي .

هذه مشاعري تظلك كخيمة وارفة الضلال .يسكنها الألفة و المحبة و يفوح منها المودة .

هذا شلاّل أحلامي يمتد نحوك يرويكِ بالنمير .


*******************

ابنتي ... لا تحزني على مافات و لا تخافي مما هو آت , تنفّسي برئة التفاؤل , و امشي بأقدام الأمل

ابنتي .. ليست المحاولة و التجربة عيباً مهما لحقها زلل , بل العيب أن تبقين طول حياتك واقفة مكانك حتى تهجم عليك دابة الأرض فتأكل منسأتكِ فتهوين ساقطة .

ابنتي .. امسحي اليأس من قاموس حياتكِ , ارجمي الفشل بأحجار النجاح ,

إذا امتلأت طريقك بالأشواك فلا تتقهقري , فإن أعظم هزيمة: هي الهزيمة النفسية ,

كوني جبلاً أمام الخطوب , لا تتراجعي , تصدّي لها بالثقة و التوكل على الله .


********************

ابنتي .. من تجاربي : أن الغربة ليست غربة البدن إنما الغربة البائسة هي غربة الروح .

ابنتي.. من أراد أن يعيش سعيداً فلا يكثر النواح على الماضي و لا يعاتب الآخرين, فإن الحياة قصيرة لا تستحق عويلاً و ضجيجاً ,

صافحي الحياة بخفة الروح و سلامة القلب و صفاء النفس .

ابنتي .. ليست السعادة في قصر منيف و حسب شريف , إنما السعادة في التمرغ في عتبة العبودية و محراب الطاعة والتوحيد.


***************

ابنتي يا جدول حياتي و غدير ذكرياتي , يا غزل أحلامي و نجوم سمائي.

لم أرَ شيئاً يزيد المرأة جمالاً مثل جمال الحياء . ابنتي .. إياكِ وأن تكوني خرّاجة ولاجه إلى الأسواق ,

فإن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدح إحدى بنات الرجل الصالح في قصة موسى ,

قال الله تعالى عنها ((وجاءته إحداهما تمشي على استحياء..)) قال عنها : جاءت متلثمة بدرعها لم تكن خراجة ولاجة .

ابنتي .. لم أرَ شيئاً في الدنيا لسعادتك مثل: بيتك .

ابنتي أقولها بملء فيّ : بيتكِ ثم بيتك ثم بيتكِ .. إنه مملكتك الكبيرة, و منارة سعادتك الفسيحة .

حسبكِ أن الله أمرك بالقرار فيه, قال تعالى ( و قرن في بيوتكن ... ))


********************

ابنتي .. إنكِ من أرض حضرموت الطيبة التي ضربت نساؤها المؤمنات مضرب المثل في العفة ,

لقد اعتادت الحضرمية المسلمة على سفر زوجها للقمة العيش لسنوات طويلة .

بعضهم هام لعقود و بقيت زوجته تعد أصابع الزمن, وهي صابرة عفيفة تنتظر عودته و أحياناً تمضي العقود و لا يعود, ...

فتذبل زهرة شبابها و يغيب شمس نضارتها و تبقى تحتفظ بذكرياته تقصها على أولادها .

فهل رأتِ الدنيا و فاءً كهذا الوفاء ؟ !

لكِ الله ايتها الحضرمية المسلمة!!! .

كأنَّ لسان حالها يردد قول المسلمة الأولى :

تطاول هذا الليل واسود جانبه و أرّقني إلاّ خليل ألاعـــــــبه
فوالله لولا الله لا شيء غيــره لحرّك من هذا السرير جوانبه
و لكن تقوى الله ذا يصـــدني و خوفي لزوجي أن تنال مراكبه


*** **************

ابنتي يا نورس أحلامي و محفل أيامي و عروس زماني , إياكِ و دعاة التحرير ..

إحذري أن يخدعوكِ فإنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها .

إنهم حسدوكِ على حياءكِ , فطمعوا في إنزالك من العلياء إلى الحضيض , و من الجوزاء إلى الحفر ,

و مثلهم احذري دعاة الموضة و التقليد للغرب .

ابنتي .. أنت نسائم دافئة تراقص شراع سفينتي فتطرب أذني من شوق و فرح .

ابنتي .. خذي راحة يدي فانقشي فيها ذكرياتك الجميلة كما كنتِ و أنتِ صغيرة .

إذا وجدت قلماً اسرعتِ ترسمين خطوطاً في راحتي و تنسجين قصوراً من التفاؤل ,

إذا نظرتُ إلى يدي رأيت خطوطكِ تتراقص على راحتي, فإذا تعبتْ نامت هادئه على سرير راحتي , بل لقد رفضت أغلاق يدي ,

لأني أحب أن أمتّع عيني بالنظر إلى شاشة إبداعاتك , يا لها من ذكريات جميلة احتفظتُ بها في حقيبة يدي!! .


*****************

ابنتي .. كأني أنظر إلى مطبخكِ الصغير و بين يديك عرائسكِ ,

أراكِ تمضين أوقاتاً طويلة مستمتعة و أستمع إلى حواركِ و قصصكِ التي تتحدثين بها نيابة عن ألعابك ,

و أضحك أحياناً عندما أسمعكِ تغنّين و ترّقصين عرائسك .


*******************

ابنتي .. ما أقصر الحياة !! إنها قصة قصيرة كألعابك و نحن فيها شخصيات نمضي للخير أو للشر

ابنتي .. لن أنسَ خيطك الطويل الذي تلعبين به و عمرك سنتين , إني أنظر إلى قفزاتك الصغيرة ,

مرة تتعثرين و مرة تسلمين , و مرة تكاد ان تسقطين .

أتعجبُ من تفاؤلك كلما تعثرتِ قمتِ بإصرار و تحدٍ و ووثبتِ للقفز من جديد, بل كلما أرتفع الخيط ارتفعت همتكِ ,

ليتكِ – يا ابنتي – تأخذين من هذا درساً طول حياتك , فالحياة عقبات كثيرة و منحدرات خطيرة ,

فإياك و أن تيأسي من أول قفزة بل اصمدي إذا كبرتِ كما صمدتِ و أنتِ صغيرة, فأمامك ليس خيطاً واحداً بل خيوط كثيرة أشبه بشباك العنكبوت .


**********************

ابنتي .. ما أجمل جلوسك بين يديّ و أنتِ تقرأين القرآن , لن تجدي في حياتك جليساً يؤّنس وحشتكِ مثل القرآن .

ابنتي ... يا نبضات القلب و بحر الأفراح و بلسم الأرواح و أزكى عطر فوّاح .

احذري من كثرة دخول الأسواق فإنها أماكن يبغضها الله , إياك و اللين في الحديث مع الرجال فإن حبي لك دفعني لأن أكون ناصحاً أميناً .

ابنتي يا فتنة الروح و حبيبة مهجتي , أمكِ أرضعتكِ لبنا و أنا أرضعتكِ حباً ,

سكبتُ بحار حبي على شفتيكِ حتى أخضرّتْ خدوكِ بقبلات الحب ,

و أسرعت نظراتي ترسم بأقلام الحب لوحات الحنان على صحن جبينك .

و لمّا انتهيت .. نظرت إلى سماء خدك فوجدت رسماتي كالنجوم تضيء على جبينك و تزهر كورد الربيع ,

و تضحك مع النسيم كلما راقصها , و يسيل من لعابها قطرات الندى .

ما احلاكِ يا ابنتي ؟ و ما أجملكِ ؟

لكِ حبي و لك تقديري .


**************

ابنتي اسلمي للقلب نبراساً و دفئاً , ابنتي .. أنتِ لروحي مشعلاً قد فاض حباً , ابنتي.. أنتِ لنفسي أنجماً تضيئ سناءً .

أنتِ ألوان طيف زينت خافقي , قد وهبتك حبي و قلبي سرمدياً , إن أنا عشت سيبقى ذكرك كالشمس ضوءها لا يغيب .

ستبقى نبضات قلبي تراقص إسمك .

ابنتي .. لن أنس سجادتك منذ أن كنتِ صغيرة . رأيتك تحبين الصلاة ,

فإذا وقفت أصلي رأيتك تقلدين حركاتي و أبتسم أحياناً عندما أراك تصلين لغير اتجاه القبلة .

فإذا ركعتُ ركعتِ مثلي و إذا سجدتُ خررتِ ساجدة خلفي قد ألصقت يديك بقلبي .

لن أنسَ حجابك الجميل الذي فاض طهراً و غدا في رأسك كالنجم يحيط بوجه القمر .

لن أنسى – يا ابنتي – قبلاتك التي تمطرين بها وجهي و لحيتي حتى غدت كالنجوم تزين سماء وجهي .



***************

ابنتي .. أهديتكِ من شفتيّ نجمة تضيء كلما نظرت إلى مرآة جبينك ,

ابنتي أنتِ ثغري الباسم , أنت ربيعي الحالم , هذا قلبي يرسل أضواءً من الرحمة تلفُ قلبك الصغير .

هذه كلماتي كحلل مزهرة تتساقط أشعة ثمارها إلى فسيحات قلبك .

ابنتي .. هذه الشمس تهديكِ حلة ذهبية نسجتَها اصابعها من حريرأشعتها,

ثم ضمخّتها عطراً من ورسها الأصفر الذي أنتجته من رحيقها ,

ثم قدمته لك في طبق مرصع بالنجوم و اللآلئ التي غدت كألوان الطيف تطير إلى عدسة عينيك ,

و جعلتِ تنظرين إلى الطبيعة بعدسة ملونة تترقرق أهازيج الطيور على شفتيك و أقبلت الورقاء تغني على أغصان خديك و ضج الفضاء حواليك بالنشيد و التغريد .


******************

ابنتي هذا يراعي أمطركِ عبيراً من حبه , و رقيقاً من نثره , و بليغاً من نظمه , لو تكلم يراعي لقال : أنتِ عروس حياتي و سماء ذكرياتي .

ابنتي .. لقد توّجكِ مولاك بعقل رشيد و قلدك برأي سديد , كوني في الحق كالحديد , لا تراعي من الباطل و نقمته , و لا يغرنك خلخاله و رونقه .



*************

ابنتي:إن الجمال ليس جمال الأشكال و الصور , إن الجمال جمال الدين و الخلق

ابنتي .. ابنتي تسلّقي سلم الأمل و أطمعي في الجلوس على النجوم .

ارفعي رأسك بالإسلام عالياً , فاخري الدنيا بإسلامك . ابنتي .. طلقي الكسل ثلاثاً و انزعي طوقه من عنقك , واحرقي أغلاله .

ابنتي كوني كالنخلة ترمى بالحجر فترمي بأطيب الثمر , ابنتي كوني كالنحلة تأكل طيباً و تضع طيباً و إن سقطت لا تكسر شيئاً .


******************

ابنتي .. هذه ضلوعي لحبك شاهدات , هذه نبضاتي لعطفك ناطقات .

ابنتي لوّني الحياة بألوان التفاؤل , اسكبي من رحيق تجاربك في خزانة ذاكرتك ,

وتعلّمي من مواعظ الحياة فإن الحياة أكبر مدرسة .


********************

ابنتي .. عجبتُ و حزنتُ لبعض جهلاء العرب كرهوكِ و أبغضوكِ , و حقداً بعضهم دفنوك .

و إذا بشّر بعضهم حزناً أخفوكِ . فأنتِ إما ميتّه في قبر ظلماً, أو حيّة في سجن كرهاً ,

فصرتِ بينهم بين موتتين و إهانتين : إما وئيدة , و إما من الكرامة بعيدة. و هذا واحد منهم عندما رزق بالبنت الثامنة طاف بالكعبة وأوثانه قائلاً :

يارب حسبي من بنات حسبي *** شيّبن رأسي و أكلن كسبي
إن زدتني أخرى خلعتَ قلبي *** و زدتني هماً يدق صلـــــــبيِ

فرددتُ عليه قائلاً :

يا رب زدني من بنات زدني *** قبّلن رأسي و يزيد كسبي
و آخر منهم يقول عندما خطبت أبنته :
إني و إن سيق إليّ المهر
ألف و عبدان و ذود عشر
أحب أمهاري إليّ القبر

حتى شاع بين أولئك الأقوام في الجاهلية مقولة ظالمة (( دفن البنات من المكرمات ))

وفي حضرموت انتشرت المقولة الظالمة(الخيبة الخيبة من البنات,بهنأ لهن بالموت ولو كنّ عرائس مسندات)

, إنه جانب مظلم يصوّر تعاسة البنت في حياة الجاهلية قبل الإسلام,وعند من جهلوا الاسلام .

غير أن بعضهم أكرمها و أحبها حتى قال :
بنيتّي ريحانة أشمها *** فدتني بنتي و فدتني أمها

و عربي آخر يرّقص أبنته :
كريمة يحبها أبوهــــــــا
مليحة العينين عذبٌ فوها
لا تحسن السب و إن سبوها


*** ***********

ابنتي يا دار قلبي و عشَّ روحي و رئة أملي و كبد حلمي, و نسائم الفؤاد العليلة ,و سماء النفس الفسيحة . أنتِ أيتها الحبيبة ؛

همساتكِ كزقزقة الطيور تقبّل قلبي , و يدك كالصبا تنعش روحي, و أنفاسك كالغيث تلّطف أجوائي ,

يا سواد عيني وضياء دمعي , و حداء قلبي و تراتيل روحي.

ابنتي .. ملأتُ الدنيا أنغاماً في حبك فكأن ّالدنيا تردد صدى مشاعري , ابنتي إن سألتِ عن حبي ؟

أنتِ حبي كله , إن سألتِ عن قلبي ؟ قلبي مرآتكِ . إن سألتِ عن مشاعري ؟ مشاعري جناحك.

إذا صال الحزن في ثغور قلبي ناداه قلبك مهلاً أنا قادمة .

أنتِ صباح ليلي و سلّم أملي , و غيث نفسي ,لن أنسَ حبكِ للعب في الشارع , أناديكِ عودي إلى البيت . فتردين قائلة : دعني يا أبي ألعب , لم أشبع بعدُ من اللعب .

فإذا عدتِ إلى بيتنا المتواضع من الطين

ارتميتِ على سرير صدري متعبة ثم انهالت قبلاتك تدفن وجهي .


*********************

أبنتي .. أنا إنْ عشتُ لن أنساك طول حياتي, فإن متُ فلا تبخل سماؤك عليّ من أمطار الدعوات ,

صبّي على قبري بحاراً من دعائك , فإن الدعاء من الولد الصالح يبقى أجره ينهمر إلى وديان قبري الجافة و صحراء لحدي القاحلة .

عسى الملك الكريم يغفر زلتي و يستر حوبتي .

ابنتي أرجوكِ اجعلي لك في الحياة بصمة تبقى آثارها و تشع أنوارها لتسعدي من حولكِ , و يذكرها من خلفكِ.

ابنتي لا تعيشي لنفسكِ و عيشي للآخرين, فالمسلم كالغيث أينما حل نفع ,و كالماء إذا كثر زادت منفعته ,

أوصيك – يا ابنتي – بالقرآن فإنه أنيس تحلو به الحياة و هو لكِ طوق النجاة .

الخاتمة

كلمّا غرّد الفجر و كبّر, و رقص الزهر و أثمر, و تألقَّ القمر و أسفر , و زقزق الطير و صّفر ,

و تلثمت الشمس بجلباب الغروب تسحب خلفها أشعة ثيابها البراقة و تلّوح بكف قرصها للوداع ,و بدأ يغوص وجهها في أعماق المغيب .

عندها رفعتُ يديّ لربي خاشعاً ووقفت في المحراب داعياً :

اللهم احفظ بناتي و بنات المسلمين
اللهم استر بناتي و بنات المسلمين
اللهم اعصم بناتنا من الشر و أهله
اللهم وفقنا لتربيتهن و أدبهن
و اجعلهن لنا ستراً و حجاباً من النار

الهم آمين
  رد مع اقتباس
قديم 08-28-2012, 11:41 PM   #4
الزين يفرض نفسه
مشرفة القسم العام
 
الصورة الرمزية الزين يفرض نفسه

افتراضي

الوان الحب / ابوسعدالنشوندلي


الحب الكبير





بسم الله الرحمن الرحيم

الإهداء:



لك أيّها القلب الكبير , لك أيّها البحر الخضم , لك أيها الأمل الواسع , لك أيها الحب المتدفق, لك أيها البستان المؤرق .
هذه كلماتي تعجز في وصف مآثرك , وتتعثر في ذكر فضائلك , لستُ أدري من أين أبدأ في تسطير ملاحمك وسرد شمائلك ؟!.
أرجوك يا قلبي ضمني إلى صدرك الذي حرمت منه اليوم ,لن انسَ حبك ابدا,
لن أنسَ دمعك. ,سأطربُ أذن الزمان بنشيد حبنا, سأملأ الدنيا فيك مدحا ونظما ,
سأغرس لك في قلبي رايات معطرة بالأشواق يجري من أعماقها شلال الحب الكبير .
حفظك الله يا جدي وأطال في عمرك على طاعته وأحسن ختامنا والمسلمين .


****************

يا جدي إني أرتل لك الحب شجيّا , إني ابثك الود نديّا , لأنك كنتَ للروح صفيّا , وللقلب خِلا رضيًّا ,
أنت يا جدي حبوري , أنتَ سعادتي وسروري , أنت جنتي وزهوري , أنت ألوان الخيال ترقص في يقظتي ,
أنت أمواج الروح تعانق شواطئ مهجتي . أنت شلال الحب ينهمر إلى صفحتي , يا جدي إني أهديك حبي , إني أهبك قلبي , إني أمنحك فؤادي إني أقدّم مهجتي فدى لك


* * * *

يا جدي أنتَ سحابة حب أغاثت أرضي القاحلة, أنت نبع من كرم يتدفق ماؤه إلى أرجاء قلبي ,
أنتَ شمس من أمل بزغت في صحراء روحي, يا جدي أنت مصباح الحب الذي أسرج ظلمة أحزاني ,
أنت تراتيل الخير لقلبي , أنت طيور الشوق تغنّي فوق أغصان أيامي, نعم يا جدي أنت سراج من امل لا ينطفئ أبدا
أنت غيث من جود لا ينقطع أبدا ,
أنت سحب من كرم لا تبخل أبدا
, أنت قلعة من صمود لا تتزحزح أبدا
أنت بحر من حكمة لا تجفّ أبدا .


* * * *

يا جدي : ها أنا اليوم عطشان احتضرُ في صحراء الحياة فاسقني من رحيق تجاربك ,
وزّودني من بنات افكارك ,أني عليل فقوّي عزمي بالأمل ,
أني كئيب فأرسل إلى قلبي عصافير الحب عساها تزقزق في أذني فتسمعني أعذب ألحانك ,
وأرقَّ أنغامك ,يا جدي إني بمرضك اليوم صرتُ فقيرا إلى تجاربك وعشتُ معدما اشتاق إلى نصائحك ,
أرجوك يا جدي ألا تسمعني , ألا تسمع صراخ قلب صغير كان يحتضن قلبك الكبير, اني اليوم أعضُّ أصابع الندم حزنا لأني لم أكتب جميع كلمات حبك .
يا جدي خذ قلبي مركبا لقلبك , خذ من شبابي غصونا نضرة تجّمل به وجه المشيب .
خذ من كنز قوتي ما يعيد لك الأمل . أرجوك -يا جدي - لقد خيّم العنكبوت على أحلامي وأنا أنتظرك بفارع الصبر لتنعش قلبي من جديد .


* * * *

يا جدي أنت سلاحي الذي أقاتل به اليأس , أنت الرجل الحكيم الذي صبّ عليّ غيث حكمته ,
اني عشتُ يا جدي أنهل من ثروة تجاربك , حتى صرتُ غنيًّا , لقد شربتُ كؤوسا من شهد تجاربك .
يا جدي أنت الأمل أنت يا بحر الندى , أنت يا كنز الوفاء أنت يا نبع العطاء, أنت يا وجه الرضا ,أنت يا صبح السنا .
أنا إن طالت بي الحياة سأكتبُ للدهر غيث حبك, وأنظمُ للزمان كثير عطفك ,
واسرج في سماء المكرمات قمرك ,وأعطّر الأيام من كرمك,
وأسرج للقلوب وشاحا من فضلك وانثر للدنيا نجوما من جودك .


* * * *

يا جدي أنت عنوان الحب , أنت قاموس الوفاء , أنت موسوعة الكرم ,
لقد نظرتُ إلى الحب بين الناس , فرأيتُ بعضه يموت وهو صغير, وبعضه يهرم وهو شاب ,
لكنَّ حبك -يا جدي-هو الحب الكبير الذي يكبر مع الأيام ويحلّق حراً في سماء الأحلام .
يا جدي ها أنت اليوم تجاوزت المائة سنة لكنّ حبك ما زال في ريعان شبابه ,
انه كالدوحة الفيحاء تسبح أغصانها في السماء وتغوص جذورها في أعماق القلب زادتها الأيام بهاء وصفاء وشموخا ولمعانا ,
لم تهزّها رياح المحن بل بقيت صامدة قوية ,هذا خيالي يعزف لك أنغام الحب بين يديك ويغرد كالبلبل حواليك .


* * * *

لقد تعلّمتُ منك الرحمة عند ما رأيتك تعطف على أغنامك,
تعلمتُ منك الحب عندما أهديتني الحب غضا طريا يجري كالبلسم على شفتي ,
لقد تعلمتُ منك الصبر عندما رأيتك تصفح كثيرا عمن أساء إليك ,
ومن رفع صوته عليك فتحتَ لنفسك باب الصمت تعلمتُ منك يا جدي الحلم وعزة النفس فأنت دائما كبير القلب .
تعلمتُ منك حب العبادة , فأنت اليوم طريح الفراش فاقد للذاكرة قد نسيت كل شيء إلا الصلاة !!.
إني أرى سجادتك صارت جارة لك عند رأسك,
تعلمتُ منك حب العلم فقد كنتَ قارئا متعلّما مع أن أكثر أترابك من الأميين .
بل لستُ مبالغا إن قلتُ أن جمال خطِّك يفوق كثيرا على خطي مع أني صاحب شهادة جامعية,
أشكرك يا جدي أنت أول من فتح لي باب الطموح,
أشكرك يا جدي على حبك الكبير لقد عشتُ أسعد رجل في العالم أعطّر قلبي دائما برياحين الحب .
من غيرك يا جدي إذا سقطت أول دمعة من عيني سارعت لمسحها
وغرست بدلها بذرة من غيرك
اذا اهتزت احلامي وتبدّّدت امالي أقبلتَ كالفجر تعيد النور في حياتي.
من غيرك يا جدي إذا تعثرت حركتي أقبلت ترسم أجمل لوحة حب في عيني .
وتقول لي : سِرْ في حفظ الله ورعايته .
أنت الحب الذي لم تذبل أوراقه مع الزمن ,
دعني يا جدي أرسم لك صورة من حب ثم انحتها في جدران قلبي , عساني احتفظ بها ما حييت .


* * * *

يا جدي أنت بحر أمنياتي ,
أنت شمس ذكرياتي أرجوك افتح لي قلبك أعيشُ بداخله ,
افتح لي اليوم يدك أقبّلها كما كنت أقبّلها وأنا صغير,
خذ قلبي الجريح واحفظه في روضة حبك عساه ينمو من جديد .
يا جدي حياتي من دونك أحزان , أيامي من دونك آلام , عيشي بفقدك آهات .
لقد سمعتُ من فمك أحلى الكلمات .
لقد منحتَ قلبي أحلى النبضات لقد وهبتني في شفتيك أحلى القبلات,
حياتك يا جدي زينة العمر وشمس الأمل وبريق الغد , وفجر المستقبل الصاعد .


* * * *

يا جدي إن في قلبي اليوم الكثير من الشجون وأريد أن أبثّها إليك ,
إن في قلبي الكثير من الأحزان وأملي أن تضّمد جراحي ,
وتلملم أوراقي ,أنا محتاج اليوم في شبابي لغزير حبك أرجوك ضمني إلى حضنك الكبير الذي وآسيت من قبل آلامي ,
مدّ يدك لتسحبني من أوحال الأسى ,
وافتح لي صفحة الحب الذي أخاف كل يوم أن تهجم عليها أرضة الشيخوخة فتأكل معها ورقة أحلامنا الحلوة التي كتبناها معا بدموعنا ومزجناها بحبنا


* * * *

لقد أبصرتك اليوم قفزتَ على عتبة المائة سنة وما زلتُ أرى في وجهك تجلّدًا وأملاًً ,
ها هي السنون نحتت آثارها على وجهك ونفشت أحزانها على صدرك , ونشرت تجاعيدها على بدنك .
هذا سمعك ضعف تماما بل أراه اليوم اختفى بريقه وغاب طنينه .
وصار المتكلم يصرخ في أذنك لكن دون جدوى, وهذا بصرك ارتدَّ إلى الوراء كليلا , فصرتَ لا تعرف من هم حواليك .
لكنني يا جدي سأعذرك لأنك صاحب المائة !!.


* * * *

يا جدي لن أنس حبك الكبير الذي غمرتني به,
لن انسَ لك حسن ادبك وتربيتك لي,فقد كنت لي نعم الاب والصديق,
سقيتني تجاربا من عمرك ومزجتَ لي في الكاس الحب بالامل,
اني اذكر ياجدي عندما كنتُ صغيرا احتضن يدك ونمشي سوياً وكنتَ دائما تسبقني,
واليوم عندما هرمتَ صارت يدك المرتعشة في يدي تتقوّى بها على المشي,
آهٍ ياجدي لقد ضعفت قواك وصارت تتهادى بين احلامي,لن انسَ حبك لاغنامك ,
كنتُ استمتع صغيرا وانا اراك بينهن,وكنتُ اتعجبُ من حبِّ اغنامك لك,
حقاً لقد زاحمنني في حبك! اذا سمعن صوتك اقبلن مسرعات بلهفة!
وعندما انادي عليهن بصوتي الصغير::لايعبأن بي!
فصرتُ أتسآل:ماالذي جعل صوت جدي لهن محبّبا؟
وانتزعتُ الاجابة من افواههن:إنها الرحمة التي عطفت قلوب الاغنام على جدي,لقد حسدتُ هذه البهائم على حبك حتى صارت من اعز اصدقائك


****************

لن انسَ دلالك لي حتى قلتَ لي كثيرا : أنا أحبك أكثر من أولادي,
لا أدري يا جدي لماذا أنت اليوم عشقت الصمت الطويل ؟
وإن جلستَ أحيانا من فراشك أقبلتَ على صلاتك لقد كنتُ أراك تصلي جالسا في بيتك الصغير الذي لم تفارقه لسنوات خلت .
عندها حمدتُ ربي على نعمة الشباب الذي اتقلب اليوم بين أحضانه ,
ولعلي سأذكر نعمة الشباب إذا صرتُ مثلك !!
لقد فقدتَ سمعك يا جدي تمامًا غير أني إذا لوّحت بيدي إلى الصلاة وقفتَ مسرعًا تصلي حقًا ما أجمل هذا الثبات ,
نعم أنت صاحب المائة وتحافظ على صلاتك .
وأراك دائمًا تشير بسّبابتك ,
نعم أنها الراية التي تحلّق بها في سماء التوحيد .


* * * *

يا جدي في صدري اليوم الكثير من الأسئلة وانتظر بفارغ الصبر منك الإجابة .
لكن قلبي ينزف دمعًا لأن سمعك أغلق بابه إلى الأبد !!
وكلما طرقتُ الباب مرارا لم يفتح لي فبقيتْ أسئلتي حبيسة في أدراج قلبي يعلوها غبار الأسى
أرقبُ لها فجرًا جديدًا لن أنس لك يا جدي الحب الكبير الذي أمطرتني به أثناء غربة أبي حتى أنسيتني مرارة الغربة .


* * * *

يا جدي الغالي : هل تذكر عندما أصبتُ بالرمد في عينيّ ,
أسرعتَ بي إلى الأطباء حتى سافرتَ بي إلى المكلا عندما علمت وجود أطباء مهرة فيها .
ولكن دون جدوى ,
غير انك لم تيأس وأسرعتَ بي إلى الحجّام وطلبتَ منه أن يحجم لي ولمّا أبصرني صغيرا ورأى طفولتي تلعب بين يديه ,
خاف عليّ من الحجامة ,
وقال : إنه صغير إنّ عمره لم يتجاوز الثاني عشرة سنة لكنكَ بقيتَ مصرًّا حتى حجم لي
لأنك تعلم أنّ في الحجامة الشفاء كما أخبر بذلك خير الخلق 
ودارت رحى الأيام والمرض يخنق عينيّ حتى لا أكاد افتح عيني من شدة المرض وعمّ الاحمرار وطفح على بياض العين .
ولمّا وصفوا لك أطباء في صنعاء عزمتَ مجددًا للسفر إلى صنعاء وعمري ثلاث عشرة سنة عجبا لك يا جدي ,
انك رجل متفاؤل لم تترك لليأس منزلا في قلبك إلا هدمته .
وعندما وصلنا صنعاء ودخلنا غرفتنا أسرعتُ للنوم على السرير,
لأني لم أنم من قبل قط على سرير ,
فحذّرتني من السقوط فقلتُ لك بإصرار وإعجاب الولد المشاكس :لن أسقط أبدا ,
ولمّا أبحرتُ في النوم لم أشعر بنفسي ألا أسقطُ من أعلى السرير متألمًا من وجع في ركبتي ,
فقلتَ لي مواسيا , ألم أقل لك أني أخاف عليك من السقوط ؟!!.
أشكرك يا جدي على حبك ,
لقد تعلمتُ من هذا السقوط المبكر دروسا في حياتي وهي عدم العجلة والتهور في عمل أي شيء قبل بلوغ أدواته وأسبابه .
ودلفناعند الطبيب وأخذتُ الدواء وأشرفتَ على تناول دوائي عند نومي ولما رأيتَ تباشير العافية في عيني حمدتَ الله كثيرا .
وذهبنا من الغد إلى المطار ولمّا دخلنا ذلك المطار الكبير ,
اكتشفنا أننا نسينا جوازاتنا فرجعتَ مسرعا للوراء ولمّا وصلتَ أخبرنا الموظف أنّ الطائرة إلى حضرموت قد غادرت قبل قليل .
رجعنا وعلى وجوهنا الأسى , سامحني يا جدي فأنا ما زلتُ صغيرا وأنت شيخ كبير .
وفي يوم جديد عزمنا على السفر ووصلنا المطار في عجل ورجعنا للأسف للمرة الثانية .
فكدتُ أبكي شوقا إلى بلدي وحبًا في لقاء الأحبة ,ولم تمضِ أيام حتى حطّت قلوبنا في بساط مدينتنا الجميلة انها مدينة شبام.


* * * *

يا جدي هذه كلماتك أقطفها من عنقود التجارب ,
إني تركتُ لقلبي أن يمرح وأن يطير محلّقا في سمائك,
وسمحتُ لأجنحتي أن تعزفَ عند لقائك فمضى قلبي يسمعك أنغاما من وتره ويهديك ألحانا من شجنه .


* * * *

يا جدي إني عشقتُ القصص والحكايات التي رويتها لي فقد اتحفتني بشجاعة صالح بن حبيب بن علي جابر,
وبطولات السلطان القعيطي علي بن صلاح, وأضحكتني بنوادر أحمد بركات الشبامي,
وسمعتُ منك شعر سعد السويني وأضحكتني بأحكام (( قريقوش )) ومن هذه القصص التي علقتْ بذاكرتي ,
قصة ذلك الرجل الحضرمي البسيط وقد نوى الحج وطلب من أمه أن تكثر من هذا الدعاء : (( اللهم نفّق البضاعة في الحج ))
فأكثرت المسكينة من هذا الدعاء ولم تعرف مغزاه , فلما وصل ابنها إلى الحج توفاه الله في ذلك المكان الطاهر محرما ,
فلما علمتِ الأم صرخت فقال لها الناس : لقد استجاب الله دعاءك في ابنك ونفقت البضاعة وتقبلها الله بقبول حسن .
ومن الحكايات الجميلة أيضا :
أنّ رجلا غنيًّا له ابن وحيد فأراد الأب أن يطمئنّ على حياة ولده قبل موته ,
وأراد أن يختار له الزوجة المناسبة التي تكرمه ولا تطمع في ماله ,
فزّوج ابنه الزوجة الأولى: وذات يوم نادى على ابنه , فأقبل الولد مسرعا ,
فقال له الأب : احمل هذا الجذع من الشارع وأدخله بيتنا ,
وكان الجذع ثقيلا فحاول الابن تحريكه فعجز وخارت قواه ,
فلما رأته زوجته ضحكت وسخرت منه , فدعا الأب ابنه وأمره أن يطلّق زوجته , ثم زوّجه بالثانية: وعمل نفس الاختبار ,
دعاه إلى حمل الجذع
فلما رأته الزوجة الثانية : وقفت ضاحكة من زوجها فامره بتطليقها,
ثم زوجه بالثالثة :ودعاه إلى حمل الجذع وحاول الابن فعجز
فصاحت زوجته وخرجت مهرولة من بيتها ومدّت يدها قائلة : سأحمل معك لن أدعك أبدا وحدك تحمل هذا الجذع الثقيل ,
سأطعم المرَّ كما طعمت, فلما رآها أبوه وعلم صادق حبها , قال له : هذه المرأة الحقيقة التي ابحث لك عنهامنذ زمن وقد وجدتها اليوم ,
أنها امرأة مخلصة تكافح مع زوجها وتكون سندا له في الملمات, هذه المرأة الناجحة تستحق أن تكون لك شريكة الحياة !!.


* * * *

لستُ أدري يا جدي من أيِّ الجهات أيممُ ساحلك ؟
وبأيِّ جناح أطير إلى عليائك ؟ وبأي اقدام أهبط إلى ساحتك ؟
جيمك يا جدي جود لا ينقطع , ودالك دواء لآلامي , وياؤك ياسمين الأمل اتضمخُّ به في حياتي .


* * * *

هل تذكر يا جدي عندما كنتُ أمشي معك صغيرا كنتَ دائما تسبقني وأعجزُ عن ملاحقتك واليوم قد انحنى قوس قوتك وأكل الزمان منسأة صحتك
حتى صرت تمشي على ثلاث وتسير الهوينا وتسحب جسما ثقيلا كأنك حملت أثقال السنين كلها على عاتقك .
هل تذكر عندما تصحبني في زياراتك ,
كنتَ تجلسني على فخذيك إذا رأيتَ زحمة الركاب والصقُ ظهري بصدرك ,
ليتكَ اليوم صلباً فاسند لك همي وحزني ,
ليتك اليوم تقرأ عبيري وتسمع أريجي,
فإني انثرُ للدنيا مقامات من أشواقنا وأسطُّر لها ملاحمًا من حبنا.


* * * *

يا جدي يا خير الرفاق , وبحر الأشواق ,
حبك لي كالبلسم الترياق, وأنفاسك رقيقة تعانق مني الأحداق .
يا جدي حبك إلى قلبي يسرى ,
ودمعك في خدي يجري,
وروحك في كفي تسمو ,
وذكرك في أفقي يعلو .
يا جدي لحبك غنّت حروفي ولمدحك انشدت سطوري ,
ولمجدك ترّنم سروري ,أنت أول صفحة من حب ترفرف في قلعة قلبي ,
أنت أول كلمة من عطاء أورقت في سطوري ,
أنت أول دمعة حنان تدفقت من عيني ,
أنت أجمل ضحكة هانئة ابحرت كالزورق في وجداني .
أنت أول لبنة من أمل تبني طموحي,
أنت أجمل نجمة تفاؤل أضاءت في سمائي ,
يا جدي أنت حبي الأول , بل أنت دائما حبي الكبير .


* * * *

يا جدي إني أطرب الزمان من نشيدك وأعطر الآفاق من أريجك ,
وأروي الفلوات من قصصك ,
واسرج الدجى من كرمك ,
وأزفُّ للدنيا شهدا سلسالا من أحلامك .
يا جدي ها أنا اليوم أعيش كالسيف فرداً,ها هي غيوم الأحزان تلّبد سمائي .
ها هي أرضي أغبرت بالأسى وانزعجت بالشجى .
ها هي أحلامي تكّدرت مياهها وتكّسرت آمالها وغاصت أشواقها .


******************

ياجدي:يقولون ان اليتيم من فقد الاب,
لكنني ابأسُ يتيم إن فقدتُ قلبك ,
إني مهيض الجناح ‘إن حرمتُ حبك,يقولون سقيماً من فقد الصحة وأنا السقيم إن غابت شمسك وانمحى ضوءك,
يقولون فقيراً من عدم المال وانا الفقير إن فقدتُ صدرك وحرمتُ وجهك,
يقولون اسيرا من فقد الحرية وانا الاسير إن فقدتُ فجرك وحرمتُ املك



* * * *

حسن الختام

وفي نهاية الأشواق أمسكتُ بزمام القلم واقتلعتُ أشواك الألم ,
ووقفتُ أدعوا الله كثيرا أن يرزقك حسن الختام,
أراك يا جدي -كثيرا إذا جلستَ من فراشك رفعتَ يديك تحلّق بهما في ملكوت الدعاء وتضرّعتَ إلى مولاك بخوف ورجاء ,حقا أنا لا أعرف بماذا تدعو؟؟
لكنني أجزم بأنك تلحّ على الله ألا يحرمك برد الختام .
أنني أتذكّر يا جدي كلمتك وقد هممتُ بالسفر يوما فقلتَ (( لا تسافر حتى تدفنني ))
يا جدي : أنا إن دفنتُ جسدك ,
فلن أدفن أبدا حبك ,
بل سيبقى حبك رفيقا في دربي حتى أصل يوما إلى جدثي لعلّي أسمع غدا لسان الدهر متعجبا : (( لم نرَ حبًا مثل هذا الحب )) .
سيبقى حبك يا جدي نبض قلبي ما حييت يسقيني كلما عطشتُ,
ويقوّيني كلما ضعفت سيبقى حبك خالدا سرمديا في قلبي ما عشت !!
عسى الله أن يجمعنا غدا سويا في جنات النعيم برفقة خير المرسلين.
آمين
.


  رد مع اقتباس
قديم 08-29-2012, 12:18 AM   #5
الزين يفرض نفسه
مشرفة القسم العام
 
الصورة الرمزية الزين يفرض نفسه

افتراضي

الوان الحب / ابوسعدالنشوندلي


شبام عروس الاحلام
هنا شبام ، هنا الجمال ، هنا الإبداع ، هنا التاريخ ، هنا الإنسان والأدب .
هنا شبام عروس الوادي ، وربيع النادي ونشيد الشادي ، وترنيم الحادي ،
هنا شبام تراث الأجداد ، ومسكن الأحفاد ، وأجمل البلاد .
هنا شبام العالية ، أرض الحضارة الراقية، ومحطُّ أنظار الحضر والبادية ،
هنا شبام أرض المآثر ، وقبة المفاخر ، وقصور الكرام الأكابر .
هنا شبام الصفراء قديمة كالبتراء ،عفيفة كالعذراء ، فاتنة كالشقراء ،
أزجي لها ألف تحيّة ، وأهبُّ لها أغلى هدية ، وألثمُّ خدها ألف قبلة وردية.



**********

شبام يا نغمة الماضي ، وأنشودة الحاضرة ، وأرجوزة المستقبل ،
يا لؤلؤة الوادي ، وحداء الحادي ، ونعمة البارئ ، جئتُ إليكِ مشتاقاً ،
ولحسنكِ توّاقاً ، أتأمل ..! أتفكر .. ! أتعجب .. !
قرأت في صفحاتكِ أبياتاً من السحر والجمال ،
جمعت في ديوان الماضي والحاضر يقرؤها كل قريب وبعيد .
فرأيت الماضي والحاضر يتعانقان في لوحة فنية واحدة ،
وقفت ذرات نفسي أمامها تتراقص ،
إنها شبام تراث الأجداد للأحفاد ، وتراث الزمان للإنسان ،
إنها شبام عروس الأحلام ودرة الأيام،
هنا سكن أبي وسكنتُ هنا ، وستبقى لنا بإذن الله شبام



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة




**********


هذه شبام قصة الزمان وحكاية الأيام ورواية الإنسان ،
ألف سنة وتزيد وشبام ما زالت شامخة ،وديارها للسماء معانقة ،
مضت أجيال وجاءت أجيال ، مضت قرون تبعتها قرون ،
وشبام هي شبام لم تزدها الأيام إلا حسناً وجمالاً ، وعلواً وبهاءً.
هذا التاريخ يزّفها عروساً قد عشقها ،
فكم من مدنٍ سقطت من يد الزمن ، وأصبحت في خبر كان ،
غير أن شبام لا تزالُ كآزال تاريخاً يشهد ، وحاضراً يتجدد .



************

ها هي شبام في الصباح الباكر تتململ ضاحكة على فراشها ،
هاهي الشمس تدغدغها برقيق أشعتها ،
فتهتز منها المشاعر ، وترقص الخواطر،
ها هي مواكب العصافير تأتيها كل صباح إلى بلاطها لتغني أعذب الألحان ،
وتعزف بين يديها كما تعزف القيان ،
وشبام متربعة على كرسيها تهتز طرباً وشوقاً .

آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو تمام ،

إذاً لأهداكِ القصيد وحلو الكلام ،

آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو الطيب المتنبي

إذاً لغرف من بحر جمالكِ ينشد ويغني ،

آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو فراس

إذاً لأهداكِ الورود والآس ، وأسكنكِ القلب والراس .




**********

شبام يا أجمل زهرة عشقتُ شذاها يا وردة ضاحكة لم تذبل أوراقها مع مرور الزمن .
شبام يا حديقة خضراء تزّينت بكل قديم وحديث هذا التاريخ يصنع لكِ مأدبة الشرف ويقلدُ عنقكِ وسام الفخر والمجد .
شبام يا أجمل بلد غنّت لي ديارها ، وزقزقت لي حاراتها ،
شبام يا جنة الأصحاب ومسكن الأحباب ،
كلما بعدتُ عنكِ أسرعت إليكِ مشتاقاً ،
وكلما اقتربتُ منكِ ذبتُ فيك صبابة وعناقاً .

أنتِ يا شبام يا بحراً من جمال ،
وشهداً كالزلال ،
يا مربية الأجيال ،
وحاضنة الأيتام ،
أسكب لكِ مداد روحي وفاءً وشكراً وأحبوكِ رقيق كلماتي شعراً ونثراً .



************

إنها شبام شمس لا تغرب ،
ونجم لا يأفل،
وقديم لا يبلى ،
وماضٍ لا يُنسى ،
وكنزٌ لا يفنى ،
ونبعٌ لا ينضب .
عاشت فعاشت معها الأحلام ، وبقيت فبقيت معها الآمال ،
إنها شبام حاضرٌ في ماضٍ وماضٍ في حاضر وقديم في حديث وحديث في قديم ،
وجنة في أرض ، وأرض هي جنة ، ويقظة لا أحلام ،
إنها شبام عروس الأحلام وملكة الحسن والجمال .
أحيّها وأزفُّ لها ألف تحية وسلام .



*****************

إنها شبام مدينة يفوح منها عبق الماضي ، ويتضوع من أرجائها أريج الحاضر ،
إنها مدينة ملأت شغاف الدهر إعجاباً بتاريخها ، وملأت حواسه شغفاً بتراثها ، حتى وقف الدهر لها عاشقاً ومغازلاً .
إنها شبام عروس تجملت وتكحلت وارتدت حلل الجمال ،
إنها لؤلؤة برّاقة ودرة لماعة ، وقلعة من طين سقفها السحاب ، هذه ديارها هيفاء رشيقة تلاصقت صفوفها ، واتحدت جدرانها ،
إنها مدينة تعلّمنا وتعلّم الأجيال أنّ الاتحاد قوة وأن الفرقة مصيرها إلى زوال .


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة




*****************


هذه شبام العالية ، أرمقها من بعيد ، فترتفع عني حياءً ،
فأقترب منهافتزيد ارتفاعاً كلما اقتربتُ منها خطوة زادت ارتفاعاً في ارتفاع ،
حتى وقفتُ أمامها تشرق شمس جمالها في أرجاء قلبي فمددتُ يدي إليها ،
فارتفعت عني وتطاولت حتى تعانقت مع السماء ،
إنها شبام سماءٌ في سماء ، رأيت بيوتها الضاحكة الشامخة ،
قد توّجت رأسها عمامةً بيضاء من النورة كأنها تيجان العرب ،
وقفتُ فرأيت بيوتها تتطاول أمامي كلما ارتفع واحد ارتفع الآخر أكثر منه !!
فلا أدري أيها أطول ؟ ولا أيهما أرفع ؟
هذه ديارها تلاصقت وتشابكت كأصابع اليد كأنها مدينة في بيتٍ واحد ،
إنها شبام جمال باهر وتراث ساحر ، وماضٍ جذاب ،ومنظر خلاب .



*********************

ها هي أمم كثيرة مرّت على بساط شبام ذهبوا فبقيت ،
ها هي قبائل وسلطنات عاشت يوماً هنا ثم رحلت ،
ها هي أجيال كثيرة تذهب وتموت وشبام حية باقية ،
إنها حياة متجددة ، وأصالة متعددة ،
هذا التاريخ وقف يرسمها بريشته الفاتنة ليخزنها في ذاكرته ويهديها للأجيال ،
هذا الزمان أقبل بتاج الفخر يتوجها به ،
ها أنا ذا أبني لها قصراً من حب وسط قلبي،
وأشيّد لها قلعة من وفاءٍ في سويداء قلبي ،وأشعل لها ألف شمعة كالشمس لتضيء في نفسي،
لتبقى في قلبي حية خالدة شبام عروس الحب والأحلام .



*******************

إنها مدن كثيرة في حضرموت تتسابق على وسام المجد والشرف ،
كل مدينة تتمنى أن تتقلد وسام المجد والشرف ، وأن ترتقي سلّم المجد والأبهة ،
فوقفت كل مدينة تستعرض ما لديها ، فمدينة تستعرض جمالها ، ومدينة تستعرض تاريخها ، ومدينة تستعرض حاضرها ،
أما شبام فجمعت من المحاسن أحلاها ، ومن الرتب أعلاها ، فماضيها بالأصالة يشهد ، وحاضرها بالجمال يتفرد ،
فكللت شبام وسام الفخر والمجد واعترفت بفوزها مدن الوادي ، واعترف لها الجميع ، بإنهانغمة الربيع و سيدة مدن الوادي البهيج.



*****************

شبام يا درّة بديعة البناء وجوهرة فاتنة حسناء ،
زادني فخراً أنّ بناتكِ هم عباقرة لم تتشرّف بهم كليات الهندسة والمعمار .
إلا أنهم سادة في الهندسة والبناء ،
إنهم أقوام بسطاء غير أنّ لهم حسّاً مرهفاً في التصميم والبناء .
إنّ هؤلاء العظماء بنوا تحفةً عملاقة بأيديهم وعلى أكتافهم في زمنٍ خالٍ من وسائل البناء المتطور ،
وعندما جاء مهندسوا العالم اليوم من كل مكان ،
وقفت قلوبهم حائرة أمام عظمة البناء والتخطيط ، حتى فازت شبام بجدارة بأول ناطحات سحاب في العالم من الطين .
فلا أدري ممَ أعجب ؟
من عجيب البناء أم من عبقرية أولئك العظماء ،
ماتوا فخلّفوا لنا تراثاً فريداً يفخر به الإنسان مع الزمان،
فلله درُّ أولئك الأقوام العظماء.!!



***************

إنها شبام شينها أشواقٌ معطرة أسبح فيها وأنهل من معانيها ،

وباؤها بهاءٌ يغمر أحلامي ويعطرّ أيامي ،

وألفها أُلفةٌ تطفئ في خاطري لهيب الفراق، وتبعث فيه أمل التلاقِ ،

وميمها ماءُ عيني به أُبصر وبه اطير واغرّد.


إنها شبام ملكة حسناء مترّبعة على عرشها كتربع ملكة سبأ بلقيس .
ها هي شبام تبسطُ يداها لاستقبال الزائرين والقادمين إلى بلاطها من كل مكان ،
إنها مواكب ووفود وجموع وحشود لا تنقطع ،
وقفت مرة هنيهة أنتظر الإذن بالدخول عليها وطائرة الشوق تطير بي شوقاً إليها ،
فدلفتُ إليها ، أحيها بابتساماتي وإعجابي ،
وقفتُ في لهفة ألتقط لها الصور التذكارية لأطبعها في قلبي ،
وأنحتها في جدران حلمي حتى لا أنساها ... فمثلها لا يُنسى .



*****************

لقد قيل في الحكمة ( خير الأمور أوساطها ) ،
فهذه شبام مدينة فذّةٌ عِصامية ، توسطت العقد الثمين لمدن حضرموت .
عندما تعتلي قمة من قممِ بيوتها تخال نفسك تنظر من قلعة علياء ،
وقمة شماء ،
تتراءى لك مدن الوادي شرقاً وغرباً وكأنها تسير أمام عينيك ،
وكلما حرّكتَ عدسة عينيك تحرّكت الصور في ناظريك .
إنها شبام مدينة في قلعة ،
تفتحُ لك صفحة الوادي لتقرأ سطوره من جميع جوانبه إنها شبام جميل هو تاريخها وجميلٌ موقعها ،
إذا أقبلتَ إليها من بعيد ،
رأيت بيوتها تستقبلك وهي واقفة شامخة ،
لم يتعبها القيام على مرور الزمن في استقبال ضيوفها.
إنها مدينة صمدت لقرون طويلة،
والعجيب أنها ما زالت إلى الآن صامدة وستصمد بإذن الله شبام .
فحقيق أن تسمى هذه المدينة مدينة الصمود .



****************
هذه شبام عروس ترّفل في حلل الماضي التليد ،
وتتبختر في وشاح الحاضر البهيج ،
هاتان يداها الناعمتان ، قد خضبتها بزخارف الحناء الجميل ،
وهذا وجهها الوضاء يجري فيه شريان من تراث أصيل ،
وهذا رأسها يشرق فوقه تاج كشمس الأصيل ،
إنها شبام عروس تسر الناظرين وتأسرُ ألباب العاشقين .
إنها شبام عروس غرّني حسنها القديم وبهرني معمارها الأنيق ،
كلما فارقتها ناشدني قلبي : ألا عد إليها ،
وإذا هممتُ بفراقها ثانية صرخ قلبي كالغريق : يا ليتني قبل الفراق أموت ،
شبام كلما نأيتُ عنكِ رأيتكِ أمامي تنادين قلبي تنادين روحي ، متى تعود ؟
إنها شبام عروس تحنّ إليّ وأحنّ إليها ، فمن ليَ مثلكِ يا شبام ؟
والله ما لمحتْ عيني منازلكم
إلا توقّد جمر الشوق في خلدي

ولا تذكرتُ مغناكم وأرضكم
إلا كأنّ فؤادي طار من جسدي



************************

إنها شبام جواهر مرصعة على وشاح التاريخ ، وشامة تتألق على خد الدهر ، وألحان يعزفها الماضي للحاضر والحاضر للدنيا ،
زادتها الأيام شموخاًفوق شموخ، عشقهاالتاريخ وعشقها الإنسان ،
هذه بيوتها الشاهقة كجواهر حسان ، تلاصقت على صدر لوحة حسناء ، تضيء ألوانها وتتراقص خطوطها ،
وهذا سورها الطيني كحزام ذهبي تنطّقت به إمراة حسناء .
وهذا سورها الفضي كخلخال فضي يرقص في أقدام غانية ،
وهذه أزقتها الضيقة كبساط يطير بزائريه يصول بهم هنا وهناك ،
وهذه مداخلها وأبوابها تحتضن الزائرين وتحييّ القادمين ، وهذه مساجدها العتيقة يفوح منها الذكر الحكيم ، فتشفي آياتها العليل وتروي ظمأ الغليل ،
وهذه منائرها العالية اشرأبت أعناقها تقبّل الحرم .
إنها شبام شموخ في شموخ ، وماضٍ صاهر الحاضر فولدت منهما شبام مدينة الأحلام والطموح .


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



*******************

بقيت شبام حية لم تهزها عواصف السنين العاتية ، ولم تزعزعها أمواج الزمن المتوالية ،
وبقيت صامدة كالصخرة تتحطم عليهافلول المحن والفتن .
رفضت أن تموت لأنها تعشق الحياة .
إنها شبام في حضرموت وحضرموت في شبام ،
وجدتها حية باسمة الثغر ، متلألئة الجبين ، أسيلة الخد ، قد تزينت بأكاليل الفخر وتفوّقت على أترابها في كل عصر .
حتى فازت بشهادات الشكر والإعجاب .
إنها شبام المدينة الحضرمية الوحيدة التي تحيط بها السيول من كل ناحية ،
وشبام بينها كجزيرة فيحاء ، أو كأنها سفينة يرفرف شراعها والمياة ترقص حولها وتدور .
كلما مرّ سيل انتصب واقفاً يرفع لها التحية في استعراض مهيب ثم يمر بعدها بسلام .
إنها مواكب وراء مواكب وحشود في حشود ،
فسبحان من أنعم عليكِ بكلِ هذا يا شبام ،
وسبحان من تفضّل علينا وعليكِ بكل هذه المنن .



****************

إنها شبام قمة فوق قمم، ونار فوق علم ،وبيوت من طين كأنها الإبريز ، تسير في أزقتها فيقف قلبك حائراً من عجيب التصميم وبديع التخطيط ،
مدينة كأنما بناها عبقري واحد في زمن واحد ،
يتشابه فيها كل شيء حتى كأنّ بيوتها وُلدت من أم واحدة ، تقاربت ديارها حتى صبغت سكانها بصبغة التراحم ، وكأنهم أسرة واحدة وأرحام متقاربة .
إنها شبام تحفة تراثية فريدة صيغت ثم أودعت في صندوق يحتفظ به التاريخ في صدره ،
رأيت حصنها الأبيض الأنيق ، إنه حصن شبام يصافح الشمس إذا أشرقت ويعانقها إذا غربت ،
دخلته يوماً فرأيت فيه خيول الجمال تركض في جنباته وترتع في أروقته .
ورأيت في شبام جامعها الفريد المسمى هارون الرشيد ، قد توسط بيوت شبام وكأنه لؤلؤة براقة فخمة زينّت واسطة العقد، أو كأنه قارورة عطرٍ تعطر بيوت شبام بالذكر الحكيم ، اقتربتُ من هذا الجامع ، فوجدته قريباً من اي النواحي اتيته، ثم نظرتُ فجأة ،
فرأيت سدتها الضخمة ( سدة شبام ) إنها بوابة من خشب تحكي أخبار من ذهب ، جمعت المآثر والعجب ، إنها بوابة فخمة جعلت من شبام كقصر منيف أجمل من الخورنق والسدير .



http://www.alshibami.com/upload//upl...72e1e54c4c.jpg



*******************

شبام يا مدينة حسناء وواحة فيحاء وأنشودة حلوة يغنيها البلبل الصداح ،
أبثُّ لكِ أشواقي وأرتلّ لكِ أشعاري كلما طرتُ عنكِ بعيداً في السماء ، رجعت إلى حضنكِ في المساء ،
ها هو شعب الخِبّه قد أناخ ركابه حولها وأصبح وكأنه مرآة مضيئة لتجلس أمامها شبام لتسرّح شعرها ، وتجمِّل خدها،
وعلى رأس قمته قلعة بيضاء كأنها شمعة تضيء ليل شبام أو كأنها لوحة تعريفية لمن جاء جواً مكتوبٌ عليها ( هنا شبام عروس الأحلام ) .



***********************

إنها الفاتنة إنها الساحرة إنها أجمل من العذراء في خدرها ،
كل يوم تزداد في عيني رونقاً وجمالاً وسحراً ودلالاً ،
طالما سحرتني بجمال عينيها وبريق ناضريها ولمعان خديها .
هنا الحاضر والماضي يلتقيان ،
هنا الحديث والقديم ، هنا الأصالة والحضارة ، هنا التاريخ التليد ،
هنا بلدي تحدثكَ وتحدثني ، زانها الرحمن برمل ذهبي ، وصانها الرحمن بسورٍ فضي ،
كل يوم تكبر في عيني وتعظم في وجداني، فهل عرفتم من هي ؟؟
إنها شبام الغالية أجمل من رأيت، وأحسن من عرفت .



************************

إنها شبام ماضٍ يترقرق وحاضر يتدفق ،
إنها شبام مهد الحضارات ، وأرض المكرمات ،
إنها شبام قصور من مدر وطين جُمعت في مدينة واحدة ،
تنظر إليها فتراها كقلعة شماء تستعد للطيران لمعانقة السماء ، مدينة علت وارتفعت حتى ظللها السحاب ، فكأنها وكأنه جيران !!
إنها شبام الصفراء عروس تضمخت بالورس فتجللت ثياباً صفراء يفوح منها الجمال والصفاء ،
وهذه الشمس تهديها صفرة من أشعتها لتلون شبام بخطوط صفراء .
تنظر خلف شبام وعلى جانبيها فترى تلك القطع الزراعية الخضراء ،
فتسرّح فيها نظرك، وتحرِّر فيها قلبك ، فيلعبا في رياضها وخضارها كما يلعب الصبيان،
ها هي أشجار النخيل تطوف بشبام وكأنهن وصائف لها ، فتهبُّ عليهن الرياح مداعبة لهن فتصفق أغصانهن وتتمايل من طرب رؤوسهن ، فتطرب وتكركر شبام .



******************

هذه أبواب ديار شبام نُحتت بالنقش، وهذه نوافذها صُبغت بالرقش ، وهذه جدرانها زُوقت بالوشم ، ،
وهذا تاريخها به نعتزّ ونفخر ، وهذه بيوتها نجوم تتألق في سماء اليمن .
إنها مدينة لا تلين لها قناة ولا تنوشها سهام الوشاة ،
إنها مدينة كالترس تتكسر أمام صمودها نبال الغزاة ،
إنها شبام مدينة وقفت وكأنها سد منيع يحمي ما خلفه ويدافع عمّن أمامه !!
إنها مدينة شجاعة ومن شجاعتها أنها رفضت أن تلجأ إلى حماية جبل أو وصاية شعب ،
بل وقفت في العراءعلى طول الزمن تقبّل السيوف ،وتحتضن الحتوف ،وتتبختر بين الصفوف ،
إنها مدينة باسلة شجاعة ، إنها شبام مدينة الكرِّ والإقدام .



******************

إنها تحفة عالمية يحفل بها متحف التاريخ منذ مهدها ،
إنها المدينة الحضرمية التي دوّى اسمها في العالم دويَّاً ،
إنها المدينة التي انتزعت ألقاباً وجوائز عالمية ، إنها المدنية التي عزفت للدهر أجمل مقطوعة فوقف الدهر يشدو بها ويغني ،
إنها شبام تراث لم يندثر وقديم لم يندرس ،
إنها آثار في القلب محفورة وحضارة في الأعماق غير مطمورة ،
إنها مدينة تطاول السحاب ، وتعانق الضباب ، وتقبّل الرباب ،
إنها مدينة الكرم والجود ومن عظيم جودها أنّ أهلها وخلق كثير ينعمون بكرمها وينهلون من جودها ،
حقاً إنها مدينة الكرم والجود على مر العهود.


*****************

إنها شبام المدينة التي إن يممّت جميع جهاتها الأربعة ، وجدت لها وجهاً واحداً يضاهي القمر ، وينافس البدر ،
حتى لكأنها امرأةٌ بدوية غيداء ،
مدينة عمّرت كثيراً غير أنها لم تفند ، ولم تهاجمها جيوش المشيب ،
مدينة طالت بيوتها غير أنها لم تنحني ، وعزيمتها عزيمة فولاذية لم تنثني ، بل بقيت بيوتها الطينية صامدة كزبر الحديد ،
هل تريدون بحراً في شبام ؟
يكفيها بحر الجمال يجري في مآقيها ويسري في مجاريها ،
مدينة كلما نظرتُ إليها ازدادت دقات قلبي لها شوقاً وحنيناً ،
مدينة كلما مرّت أمام خيالي ركض قلبي خلف ظلها ركضاً .


*******************

مهما شطّت بك الدار، اوتناءت بك الأسفار، أو تقطعت بك حبال الوصال ، ثم جئتَ لها يوماً بعد طول اغتراب ، وجدتها ترّحب بك لم تتنكر لك ولم تنسك !
وهل رأيت يوماً أُماً تنكرت لوليدها ؟ !!
إنها شبام أماً رؤوماً وصدراً حنوناً ، رضعنا منها الحب والحنان ، وشربنا من كفها العطف والتحنان ،
مدينة تلاحمت بيوتها كتلاحم زبر الحديد ،
حتى لو جئت تزيل واحداً منها خلت نفسك تزيل جبلاً من محله ،
إذا سرتَ في أزقتها تظلك بيوتها العالية وكأنها مظلة تحمي زوراها من الشمس .
إنها المدينة التي إن أتيت إليها من أيِّ جهة لابد أن تصعد إليها، وكأنّ أقدامك ترتقي بك للعلياء، أو تصعد بك إلى السماء ،
إنها مدينة أبيّة لم ترضَ أن تعيش يوماً واحداً في الحضيض بل سمت إلى الجوزاء .
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً


********************

إنها شبام المدينة التي إذا نظرت إليها من بعيد ، رأيت بيوتها متفاوتة في الطول حتى لكأنها درجات سُلَّم ترتقي بك لتلامس السماء وتعانق الفضاء .
إنا شبام منية القلب ، وسلوة الفؤاد وريحانة الخاطر ،وملعب الخلان ،
ها أنا ذا أخلع لها رداء حبي ، وأتوجها تاج نثري ، وأنثر لها ورود عشقي .
إنها شبام المدينة الصامتة التي وقف التاريخ يتحدّث نيابة عنها ، ويترجم مشاعرها وجمالها للعالم فهو في نقل مباشر عنها ،
مدينة لم تكثر فيها التآليف والتصانيف، لأنها مهما وصفت لن توّفي قدرها ، فوفقت عندها أقلام الكتّاب عاجزة .
وهذا قلمي أراه يتعثر مرات ، ويكبو عشرات ،وينسحب تارة للوراء خطوات ،
غير أني أسلّي نفسي فأقول : لستُ واصفاً لها بل عاشق ، نعم أنا عاشق لها .


********************

إنها شبام مدينة لم تـَمُتْ لأن الجمال يبقى ولا يموت ،
مدينة لم تُنسَ لان التاريخ يحفظ ولا ينسى ، مهما غطّت شطآنة أمواج التغيير والتزويير، أنا لا أقول عنها مدينة تقليدية فحسب ،
بل أقول إنها مدينة جمعت بين الماضي والحاضر في شاشة واحدة ، اندمجت ألوانه واختلطت امواجه ، لتُعرض حلقاته في مسلسل الجمال .
إنها مدينة سمت بيوتها حتى لكأنها منارات منيفة ، إنها مدينة يتحصّن التراث بداخلها فهي مدينة تاريخية حصينة .
إنها شبام معلّقة الحاضر، وقصيدة الماضي، وعنوات كتاب حضرموت فإذا ذكرت حضرموت أشير إلى شبام بالبنان لأنها مدينة الترّنم والألحان والجمال والإنسان .



********************

إنها شبام مدينة امتطت صهوة الماضي التليد وأمسكت بزمام الحاضر الجميل ،
إنها مدينة تضيء بيوتها في الليل وكأنها شموع تتوقد ، إنها مدينة الشروق والضياء ،
مدينة امتلأت جمالاً حتى كاد الجمال فيهاان ينطق ويتكلم ، ها أنا ذا أركض سريعاً كالبرق فأراها أمامي لا تفارق خيالي ،ولا تغيب عن بالي ،
إنها مدينة سطرّت تاريخها في وجداني ونحتت جمالها في جناني .
إنها مدينة كلما نظرتُ إليها استلهمتُ منها الجمال غضّاً طرياً ،
حقاً إنها شبام مدينة الجمال وتحفة الزمان، وتراث الإنسان ،
إنها ماضٍ مزهر، وحاضر مقمر ، وتراث مثمر ، إنها أعذب نشيد وأجمل تغريد .
كأني اراها عروساً على منصة الأفراح، والجميع حولها يشدو وينشد،
أو لكأنها خطيب مصقع اعتلى درجات المنبر وبقية المدن حولها جلوس سكوت .
إنها شبام عروس تسافر إليها الأشواق وتطير إليها الأحلام .



**********************

عندما أزفت ساعة الرحيل، ودقَّ جرس التحويل ،
بعد أن عشتُ ثلاثين سنة من ريعان عمري في شبام ، أشمُّ عبيرها ، وأطعم رحيقها ، وأشرب سلسبيلها ، وألعب في مرابعها ،
وفجأة التفتُ خلفي فإذا شبح الوداع يطاردني، ونار الفراق تلفحني، وأُكرهتُ على فراق شبام وعلى وداعها، وعيني تنزف دمعا ،وقلبي يحترق الماً.

ويمر أمام شاشة أحلامي شريط الذكريات، وأيام الصبا والشباب وهي تبكي بين يدي،
فرجعتُ مسرعاً وارتميت على أحضان شبام،
وأنا أصرخ كما يصرخ الطفل الصغير : لا طاقة لي بفراقكِ يا شبام .
إن لم تقرِّح أدمعي أجفاني
من بعد هجركمُ فما أجفاني

إنسان عيني مذ تناءت داركم
ما راقه نظرٌ إلى إنسان

يا ليتني قد مِتُّ قبل فراقكم
ولساعة التوديع لا أحياني

ما للمنازل أصبحت لا أهلها
أهلي ولا جيرانها جيراني


وأقفُ اليوم أسيراً خلف قضبان الفراق ،وقلبي قد ضرّجته سهام الوداع ، وجسمي قد تآكل من ألم البعاد ، .
لانتم على قرب الديار وبعدها
احبتنا ان غبتم او حضرتمُ

اعلل نفسي بالتلاقي وقربه
واوهمها لكنها تتوهمُ

وكم يصبرالمشتاق عمن يحبه
وفي قلبه نار الاسى تتضرمُ

اسائل عنكم كل غادٍ ورائحٍ
واومي الى اوطانكم واسلمُ


لهفي عليكِ مدينتي ، شوقي إليكِ مُهجتي ، ومن فرطِ حبي أنها تسهر معي في أحلامي، وتسكن في اعماقي ، إنها شبام عروس أحلامي ودرّة أيامي .

اعدُّ الليالي ليلة بعد ليلة
وقدعشتُ دهراًلااعدُّاللياليا

واخرج من بين البيوت لعلّني
احدّثُ عنكِ النفس والليل خاليا


وأنااليوم اكفكفُ دمعي،وامزُّق احزاني، و أحمل خيوط الأمل في يدي ،والشوق في قلبي ، وأنتظر نعم أنتظر، متى نعود ونجتمع في شبام (عروس الحب والأحلام) .




كتبه:
ابوسعد النشوندلي
الصوت المغرد خلف اسوار الغربة

[email protected]

.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas