المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


الحرية تموت .. الفكر يموت ( .... )

تاريخ وتراث


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-17-2006, 10:35 PM   #1
شيخ القبايل.
حال قيادي

افتراضي الحرية تموت .. الفكر يموت ( .... )

الحرية تموت .. الفكر يموت ( 1 )


تَجَـلِّيـَاتُ الحـلاَّج : مَأْسَاةُ صَلاح عبد الصَّبُور
تَمْهِيـدٌ :


للاستلهام التراثى مسيرةٌ طويلةٌ فى تراثنا الأدبى ، اتخذت فيه عمليةُ استلهام النصِّ السابق أشكالاً متنوعة .. منها استلهامُ النصِّ القرآنى ، بمسايرته أو بتضمينه فى النَّصِّ الجديد (وهو ما صار يُعرف اليوم بالتناص) أو بالإشارة المتكرِّرة له ، وهو ما نجده -مثلاً- فى قصة الغربة الغربية للسهروردى ، التى هى فى الوقت ذاته استلهامٌ لقصة حى بن يقظان للشيخ الرئيس أبى على بن سينا ، الذى كان بدوره قد استلهم قصَّته من التراث الفلسفى لمدرسة الإسكندرية القديمة.

وقد يأتى الاستلهامُ التراثى اشتباكاً مباشراً مع النَّصِّ السابق ، بُغيةَ شرحه كما هو الحال فيما يعرف تراثياً باسم الشرح الممزوج الذى يصعب فيه تمييز النَّصِّ الشارح من سابقه المشروح .. أو بُغيةَ معارضته كما هو الحال فى عديد من القصائد المشهورات التى تُعرف فى تراثنا الشعرى بالمعارضات .. وفى أحيان أخرى ، بُغيةَ استكماله والتحليق فى سماواته ؛ كما هو الحال فى التثليث والتخميس والتسبيع ، وكلها من فنون الشعر العربى الملحقة بالبحور الستة عشر ، وفيها يضيف شاعرٌ لاحقٌ على أبيات شاعرٍ سابق أشطراً على قافية صدر البيت الشعرى ، فإن أضاف شطراً واحداً صار : تثليثاً ، وإن كانت ثلاثة أشطر كانت قصيدته : تخميساً ، أو خمسة أشطر مضافة وهو : التسبيع .

وقد صار الاستلهامُ التراثى فى أدبنا الحديث متواتراً، لاتكاد أمثلته تقع تحت الحصر .. غير أن السمة الغالبة فى عمليات الاستلهام الأدبى المعاصر للتراث ، هى (استحضار) شخصيات بعينها من مخزون الذاكرة ، ونفْخُ النَّار فى رمادها لتعود محلِّقة فى سماء الأدب المعاصر بأجنحة عنقاءٍ . وهو ما نراه مثلاً فى (حديث عيسى بن هشام) للمويلحى ، وفى (السائرون نياماً) لسعد مكاوى ، وفى (أقوال جديدة عن حرب البسوس) لأمل دنقل .. وأيضاً: مأساة الحلاج ، لصلاح عبد الصبور .

الحلاَّجُ :

هو أبو المغيث الحسين بن منصور الملقَّب بالحلاج ، ولد فى حدود سنة 244 هجرية بقريةٍ قريبةٍ من بلدة البيضاء الفارسية .. وتوفى مقتولاً ببغداد سنة 309 هجرية ، بعد حياة حافلة بالمعرفة ، والتجلِّيات ، ومغامرات الكتابة ، والمنازعات مع أهل الزمان .

والحلاج من الشخصيات المشكلة الجالبة للحيرة -قديماً وحديثاً- وقد اختلف فى شأنه القدماءُ والمحدثون ، فبعضهم يراه واحداً من أقطاب الصوفية ، وبعضهم يرميه بالزندقة . بعضهم يتنفس الصعداء لمقتله وإخماد فتنته ، وبعضهم ينتظر بعثه ورجوعه على ضفاف أنهار العراق بعد مقتله بعشرات السنين .

وأخبار الحلاج طوالٌ ، جمع ابن باكويه طرفاً منها فى كتابٍ ظلَّ مخطوطاً حتى نَشَره لويس ماسينيون -الذى نشر أيضاً كتاب : الطواسين - وكلها أخبار تشهد بالتجليات المتنوعة لهذه الشخصية الصوفية الفريدة .. التى نرصد فيما يلى بعض تجلياتها :

(أ) العرفانى :

سلك الحلاج فى التصوف مسلكاً وعراً ، إذ ألقى بكليته فى غمار الحضرة الإلهية ، غير هيابٍ مما سيؤول إليه حاله .. بل مشتاق فى قرارة نفسه إلى خاتمة درامية ! فقد نَقل عنه معاصروه أنه قال صبيحة أحد أعياد الأضحى : تُهدى الأَضَاحى ، وأهدى مُهجتى ودمى .. ولما قطعوا يديه يومَ بدأوا قتله (وهو القتل الذى استمر ثلاثة أيام) غسل وجهه بدمائه ، وقال : رَكْعتانِ فى العشق ، لايجوز وُضؤوها إلا بالدَّم !

وكان معاصرو الحلاج قد تنبأوا بمصيره التراجيدى ، فقد صَرَخَ فيه الجنيد ذات يوم قائلاً: أية خشبة ستفسدها (إشارةً إلى أنه يموت مصلوباً) وصاح فيه الوزير علىُّ بن عيسى: كم تكتب ، ويلك ، إلى الناس تبارك ذو النور الشعشعانى ما أحوجك إلى أدب (إشارةً إلى التأديب بالقتل) .. بل صاح هو نفسه ذات يوم بسوق بغداد ، بعدما تملكه وَجْدٌ عظيم : أيها الناس ، اعلموا أنَّ الله قد أباح لكم دمى فاقتلونى ، اقتلونى تُؤجروا واسترح ، اقتلونى تكتبوا عند الله مجاهدين ، وأُكتب أنا شهيد .

فما هى المعرفة التى أدت إلى ذلك كله ، أو بالأحرى : ماهى استحالة المعرفة التى عذَّبت الحلاج وجعلته يتوق إلى الخلاص من دنياه ؟

فى كتاب الطواسين وهو الكتاب الذى استلهم فيه الحلاج لغة القرآن ، فجعل كل فصل من فصوله (طاء ، سين) كما هو الحال فى أوائل السور ! يقول فى طاسين الصفاء ما نصه : الحقيقُة دقيقةُ ، طرقها مضيقةُ ، فيها نيرانٌ شهيقةُ ، ودونها مفازةٌ عميقةُ .

وفى طاسين الفهم يقول الحلاج :

أفهامُ الخلائقِ لاتتعلَّق بالحقيقة ، والحقيقة لاتتعلَّق بالخليقة . الخواطرُ علائقُ ، وعلائقُ الخلائقِ لاتصل إلى الحقائق . والإدراك إلى علم الحقيقة صعبٌ ، فكيف إلى حَقِّ الحقيقة .

وقد أدَّى هذا الاعتقاد باستحالة المعرفة الحقَّة ، إلى يأس الحلاج من الوقوف مع أهل زمانه على أرض العرفان الحق .. فأدرك فى مرحلةٍ ما من مراحل تطوره الروحى ، أن التواصل دربٌ مستحيل ، وأن انبثاق المعارف الإلهية فى مرايا النفوس ، منذرٌ بتفاوت الإدراك . ومن هنا قال فى طاسين النقطة ما نصه :

المنكرُ هو فى دائرة البرانى ، أنكر حالى حين لم يرانى وبالزندقة سمَّانى وبالسوء رمانى . وصاحب الدائرة الثانية ظننَّى العالِمَ الربانى . والذى وصل إلى الثالثة حَسَبَ أنِّى فى الأمانى . والذى وصل إلى دائرة الحقيقة نَسَانى ، وغاب عن عَيَانى .

الغياب ، إذن ، هو منتهى السير فى طريق المعرفة ، وغايةُ السلوك فى غمار التجلِّيات الإلهية التى لاسبيل إلى التعبير عنها .. ذلك هو التجلِّى الأول من تجلِّيات الحلاج ، ومن وراء ذلك تجليات أخرى .

(ب) المتحيِّر

لم يكن الحلاج متردِّداً فى إقدامه على الغوص فى بحار التحقيق الصوفى ، لكنه مالبث أن احتار -هو نفسه - بعدما لاحت له اللآلئ فى قيعان تلك البحار .

وقد تجلَّى الحلاج ، متحيِّراً ، فى كثيرٍ من أقواله وأحواله ..حتى أنه بعدما اشتهى الخروج من الدنيا وصرَّح برغبته فى الموت ، يعود يوم نطقوا بإعدامه بعد المحاكمة (الهزلية) التى عقدت له، ليقول لقضاته : ظهرى حمى ، ودمى حرامٌ ، ولايحق لكم أن تتأوَّلوا علىَّ بما يُبيحه. واعتقادى الإسلام ، ومذهبى السُّنَّة . فالله ، الله ، فى دمى !
ثم يعود ، بعدما تيقَّن من موته ، ليناجى ربه فى آخر أيام مقتله ، فيقول ضمن مناجاته: هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلى تعصُّباً لدينك وتقرُّباً إليك ، فاغفر لهم . فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لى ، لما فعلوا ما فعلوا ؛ ولو سترت عنى ماسترت عنهم ، لما لقيتُ مالقيت.

وهو يصرِّح فى شعره بألفاظ : الحلول ، والمزج .. فيخاطب رَبَّه بقوله :

أَنْتَ بين الشِّغـَافِ والقَلْبِ تجـرى

مثل جَرْى الدُّمُوعِ من أَجْفَانى

وتَحــُلَّ الضَّمــير جوف فـــؤادى

كحلولِ الأرواحِ فى الأَبْـدَان

وبقوله :

مُزِجَتْ روحُك فى روحى كمـــا

تمــزج الخمرةُ بالمـاءِ الــزُّلالِ

لكنه لايلبث بعدها أن ينقض ما أقامه ، ويمحو ما أثبته ، فيقول بعبارة لاتحتمل التأويل: من ظنَّ أن الألوهية تمتزج بالبشرية ، فقد كفر .. ويقول : إن معرفة الله هى توحيده، وتوحيده تميُّزه عن خَلْقه، وكل ما تصوَّر فى الأوهام ، فهو -تعالى- بخلافه كيف يحل به، ما منه بدأ ؟

وقد لفتت حيرةُ الحلاج انتباه كبار الصوفية الذين أتوا من بعده ، أعنى أصحاب المقامات العالية فسكت بعضهم عن سيرته تماماً ، كما فعل القشيرى فى رسالته .. وتعاطف بعضهم مع حيرته ، وتفهَّمها ، وتبنَّى الدفاع عن الحلاج ؛ وهو مانراه فى كلام عبد القادر الجيلانى .. وبعضهم اعتبره من أهل البدايات القلقة ، وهو ما نراه فى كتاب التجليات لمحيى الدين ابن عربى الذى استدعى فيه الصوفية السابقين عليه ، ومنهم الحلاج الذى وجَّه له ابن عربى لوماً شديداً فى حوارٍ تخييلىٍّ منه قول ابن عربى للحلاج : لِمَ تركتَ بيتك يخرب ؟!

على أن الحيرة لن تلبث أن تصير لدى الصوفية حالاً مألوفاً ، بل مطلباً للصوفىِّ المقبل على رحاب الذات الإلهية ، حتى أن صوفياً متأخِّراً عن الحلاج بثلاثة قرون ، صوفياً شهيراً وشاعراً بديعاً هو ابن الفارض سيقول فى مطلع إحدى قصائده الصوفية المشهورات:

زِدْنى بفرطِ الحبِّ فيك تحيُّراً

وارحمْ حشا بلَظَى هواك تَسَعَّرا

(جـ) المجاهد

كان الجهاد بمعنييه المباشر والمجازى ، تجلِّياً من تجلِّيات الحلاج الكثيرة .. فقد جاهد الحلاج فى مراحل من حياته ، وفقاً للمعنى المباشر لمفهوم الجهاد إذ ارتحل فى شبابه إلى الأطراف الشرقية للعالم الإسلامى ، ورابط هناك فى الثغور ؛ وهو لونٌ جهادىٌّ طالما اجتذب أوائل الصوفية -وهو ما تعرَّضنا له تفصيلاً فى بحث سابق، بعنوان : تلقائية الحسِّ الحضارى لدى الصوفية -وقد رابط الحلاج فى ثُغور الإسلام المتاخمة للهند .. كما كان له تجلٍّ جهادىٍّ آخر، تمثَّل فى ميله القلبى ، ومكاتباته ، لعديد من الشخصيات الشيعية التى كانت مناوئةً للحكم العباسى فى بغداد .

وعلى المستوى الأعمق للجهاد ، أو ما يعرف فى الآداب الإسلامية والتقاليد الصوفية بجهاد النفس (وهو الجهاد الأكبر) كان الحلاج مبالغاً فى جهاده . ولنتأمل ما رواه عنه الصوفى الشهير أبو يعقوب النهرجورى :

دخل الحسين بن منصور الحلاج مكة، فجلس فى صحن المسجد لايبرح من موضعه إلا للطهارة أو الطواف، لايبالى بالشمس ولا بالمطر ، فكان يُحمل إليه كل عيشةٍ كوزٌ وقُرْصٌ ، فيعض من جوانبه أربع عضَّاتٍ ويشرب .

* * *

وللحلاج تجلياتٌ أخرى ، فهو يظهر أحياناً فى التراث القديم بمسوح الرافضى ، أو بثياب الرافض للسلطة .. ويظهر لدارسى التراث والأدب الصوفى باعتباره علامةً فارقة فى تاريخ التصوف ، وحلقةً مهمة فى تطوُّر النصِّ الصوفى .. بل يبدو أحياناً كعنوان للزندقة والكفر ، إذ نُظر إليه بعين بعض الفقهاء المتعصبين .

فكيف رأى صلاحُ عبد الصبور الحلاج ؟

الصُّورةُ الشِّعْريةُ :

فى المسرحية التى استلهم فيها صلاح عبد الصبور شخصية الحلاج ، أو بالأحرى : أعاد بعثه فى الأدب المعاصر ، مستحضراً إياه من خلف القرون .. يتجلَّى لنا الحلاجُ فى صورة شديدة الخصوصية ، ترجع خصوصيتها لصلاح عبد الصبور بأكثر مما ترجع للحلاج نفسه ! فقد عاصر صلاح عبد الصبور زمناً مصرياً خاصاً ، لايخلو من مجدٍ وقهرٍ فى الآن ذاته ! زمناً كَسَتْه السلطةُ السياسية بأردية متفاوتة الألوان ، أشدُّها وضوحاً لون الكبت .

وفى زمن الكبت ، يلجأ الأدباء دوماً للرمز والاستخفاء وراء منارات المجاز المراوغة ، والقول عبر الآخر ، والتصريح التخيلى بمكنون الذات .. وذلك ما فعله صلاح عبد الصبور حين كتب مأساة الحلاج التى هى فى واقع الأمر تعبيرٌ عن أزمة صلاح عبد الصبور ومأساته الخاصة ، أكثر من كونها تعبيراً عن الحلاج ذى التجليات التى لاتنتهى .

رأى صلاح عبد الصبور فى الحلاج شاعراً ، لأنه كان يعتقد بشكلٍ خاصٍّ أنَّ الخلاص قد يكون بالشِّعرِ .. والشِّعرُ هو طريق صلاح عبد الصبور ، فليكن الحلاج -إذن- معادلاً للشاعر ، ومعبِّراً عن صوته الشعرى المضطر للتخفِّى .

ولم يكن صلاح عبد الصبور بعيداً عن السلطة السياسية ، ولم يكن راضياً عنها تمام الرضا .. وهى إشكاليةٌ دفينةٌ فى طيَّات نفسه ، جعلته يرى فى الحلاج -وفق الصور التعريفية التى أوردها فى تذييل المسرحية - هو الذى :

عاد إلى بغداد ليعظ ، ويتحدث عن مواجده .. يبث الآراء الإصلاحية ، ويتَّصل ببعض وجوه الدولة .. وهو : المجاهد الروحى العظيم .

ويجتهد صلاح عبد الصبور فى إثبات الصورة الإصلاحية - التى يتمناها هو - للحلاج، فيقول فى تذييله للمسرحية :

وفى مقال ماسينيون إشارةٌ إلى الدور الاجتماعى للحلاج فى محاولته إصلاح واقع عصره .. والإشارة للدور الاجتماعى للحلاج نجدها فى المراجع العربية القديمة .. الحلاج كان مشغولاً بقضايا مجتمعه ، وقد رجَّحتُ أنَّ الدولة لم تقف ضده هذه الوقفة إلا عقاباً على هذا الفكر الاجتماعى .

ولكى تتأكَّد صورة المصلح الاجتماعى التى يتمازج فيها صلاح عبد الصبور مع الحلاج، ويتداخلان ، كان لابد من إلباس الحلاج ثوباً سقراطياً يعكس مزاجَ صلاح عبد الصبور وصورةَ الشاعر / البطل ، عنده .. فسقراط الذى أقبل على الموت راضياً ، حتى تبقى الآراء الفلسفية التى ما فتأ يعبِّر عنها فى سجنه الأخير -وهو ما عبَّر عنه أفلاطون ، بروعةٍ ، فى محاورة : فيدون -هو الذى يفرض نفسه على الصورة الحلاجية المتجلِّية على مرآة صلاح عبد الصبور .. فالحلاج عند عبد الصبور ، يقول :

- مثلى لا يحمل سيفاً .

لا أخشى حمل السيف ولكنى

أخشى أن أمشى به ،

فالسيف إذا حملت مقبضه كفٌّ عمياء

أصبح موتاً أعمى

والعامة ، تقول على لسان صلاح عبد الصبور فى ابتداء المسرحية :

- قل لى ، ماذا كانت تصبح كلماته

لو لم يُستشهد .

ولايستثنى صلاح عبد الصبور المجتمعَ من جريرة مقتل الحلاج ونهايته المفجعة ، فيقول تأكيداً للصورة الاجتماعية ، على لسان المجموعة :

صَفُّونا .. صفّاً .. صفّاً

الأجهرُ صوتاً والأطول

وضعوه فى الصَّفِّ الأول

ذو الصوت الخافت والمتوانى

وضعوه فى الصف الثانى

أعطوا كُلاً منا ديناراً من ذهب قانى

برَّاقا لم تلمسه كفٌ من قبل

قالوا : صيحوا .. زنديقٌ كافر

صحنا : زنديقٌ .. كافر

قالوا : صيحوا ، فليُقتل أنَّا نحمل دمه فى رقبتنا

فليُقتل أنا نحمل دمه فى رقبتنا

قالوا : امضو فمضينا

الأجهرُ صوتاً والأطول

يمضى فى الصَّفِّ الأول

ذو الصوت الخافت والمتوانى

يمضى فى الصَّفِّ الثانى

وكان من الطبيعى لإثبات هذه الصورة (الإصلاحية) للحلاج ، أن يخفِّف صلاح عبد الصبور من التجلِّى الصوفى للحلاج .. فيورد فى مسرحيته ، على لسان أحد الصوفية ، القول الآتى:

- هل أخذوه من أجل حديث الحب ؟

لا ، بل من أجل حديث القحط

أخذوه من أجلكمو أنتم

من أجل الفقراء المرضى ، جزية جيش القحط

وتتوارى كافة تجلِّيات الحلاج ، لتفسح المجال لصورته المبتغاة من منظور صلاح عبد الصبور ، فى ذلك الحوار الذى جرى بين الحلاج وصديقه الشبلى ، وهو حوارٌ بدأ فلسفياً محضاً ، لينتهى عند غاية الإصلاح الاجتماعى التى كان صلاح عبد الصبور يتمناه، ولايملك التصريح به فى زمانه .. فلنتأمل هذه الجملة الحوارية من المنظر الثانى من الجزء الأول من مأساة صلاح عبد الصبور :

- الحلاج : هبنا جانبنا الدنيا ،

مانصنع عندئذٍ بالشر

- الشبلى : الشر ، ماذا تعنى بالشر ؟

- الحلاج : فقر الفقراء

جوع الجوعى ، فى أعينهم تتوهَّج ألفاظٌ لا أوقن معناها

وتمتد من بعد الفقرة الأخيرة كلماتُ الحلاج ، مخبرةً بمكنون فؤاد الشاعر صلاح عبد الصبور الذى وجد فى الحلاج شاعراً ، شاعراً بمشاعره ، وقادراً بحكم انطوائه الزمنى -قبل قرون- على التعبير عما انطوى فى نفس صلاح عبد الصبور (الرجل) فأنطقه صلاح عبد الصبور (الشاعر) لما رآه صالحاً من الحلاج للتعبير عنه .

ولأن صلاح عبد الصبور ، فى زمنه الذى أُرديت فيه الحريات (الخاصة والعامة) يتوق لإشراق الخلاص ، ولو بتثوير العقيدة .. نراه يُنطق (حلاجه) بما نصُّه :

أنوى أن أنزل للناس ،

وأحدِّثهم عن رغبة ربى

الله قوىٌّ يا أبناء الله

الله فعولٌ يا أبناء الله

كونوا مثله

* * *

تُرى ، هل نجح الحلاج فى التعبير عن صلاح عبد الصبور ؟ صلاح عبد الصبور فى التخفِّى وراء أردية الحلاج ؟ وهل كان العنوان الأول للمسرحية : مأساة الحلاج .. أم : مأساة صلاح عبد الصبور ؟
أ.هـ

منقول عن :
http://ziedan.com/default.htm
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 07-17-2006, 10:39 PM   #2
شيخ القبايل.
حال قيادي

افتراضي الحرية تموت .. الفكر يموت ( 2 )

الحرية تموت .. الفكر يموت ( 2 )

الحَــلاَّجُ ومُحَاوَلَةُ تَفْجِيرِ اللُّغَــةِ

تَمْهِيــدٌ

فى كل تاريخٍ ــ عامٍ أو خاص ـ لحظاتٌ حاسمة، تحدثُ فيها التحولات الكبرى؛ وقد كانت سنة 309 هجرية من أعظم السنوات حسماً وتحوُّلاً فى تاريخ التصوف.. ففى هذه السنة، وبالتحديد : يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شهر ذى القعدة، أُخرج الحسين بن منصور الحلاَّج من سجنه، فجُلد، وقُطعت يداه ورجلاه ، وشُوِّه، وصُلب، وقُطعت رأسه ، وأُحرقت جثته .

ولم تكن الأحداثُ التى وقعت فى هذا اليوم، مُفاجئة.. بل كانت مأساة الحلاج متوقَّعة منذ بدأتْ محاكمته ببغداد، قبل قتله ببضعة أشهر تنفيذاً للحكم النهائى، الذى أصدرته هذه المحكمة الفقهية .. تلك المحكمة التى انتهت إلى إلصاق تهمة المروق عن الدين، بهذا الصوفى العارم. بيد أنه يمكن القول، أيضاً ، أن نهاية الحلاج المأسوية، كانت متوقَّعة من قبل ذلك بسنوات طويلة ! فقد سمعه أبو القاسم الجنيد يتكلَّم فى بعض (الحقائق) الصوفية، فانزعج واحتدَّ على الحلاج، وصرخ فيه: أية خشبة سوف تفسدها ... وهى إشارةٌ مبكرة، أنبأت بالمصير الذى ينتظر الحلاج، وبنهايته مصلوباً على خشبة ! ولابد لنا هنا ، من ملاحظة أن هذه النبوءة، ارتبطت .. بل انطلقت ، من كلام قاله الحلاج.

إِشْكَالِيةُ الُّلغَةِ

مع النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى، أخذت مشكلة اللغة تطفو على سطح التصوف. فقد تعمَّقت الأحوال الصوفية ودقَّت المعانى وتفرَّدت، فلم يعد بإمكان اللغة العادية أن تصوِّر الدقائق الصوفية التى يودُّ أهل الطريق البوح بها. وتفاقم ذلك الإشكال التعبيرى، حتى صار بمثابة أزمة تبدَّت فى شطحيات أبى يزيد البسطامى (المتوفى 261 هجرية) التى اشتهر بين الصوفية أنها: عبارات غريبة، ظاهرها مستشفع وباطنها صحيحٌ مستقيم، وهو تعريف أبى نصر السَّرَّاج الطوسى، الذى نقل فى كتابه الشهير (اللمع فى التصوف) العديد من شطحات البسطامى أو عباراته الغريبة / المستشنعة/ الصحيحة ، مثل قول أبى يزيد :

أَشْرَفْتُ عَلَى مَيْدَانِ اللَّيْسِيَّةِ، فَمَا زِلْتُ أَطِيرُ فِيهِ عَشْرَ سِنينَ، حَتَّى صِرْتُ مِنْ لَيْسَ فى لَيْسَ بِلَيْسَ، ثُمَّ أَشرَفتُ على التضييعِ، حَتَّى ضِعْتُ فىِ الضَّيَاعِ ضَيَاعاً، وضَعْتُ ، فِضِعتُ عَنِ التَّضْييع بليْسَ، فىِ لَيْسَ، فىِ ضَيَاعَةِ التضْييعِ، ثُمَّ أشرَفتُ عَلَى التوحِيدِ، فىِ غَيْبُوبَةِ الخَلقِ عَنِ العَارفِ، وغيْبوبَةِ العارِفِ عن الخلْقِ().

والمتأمل فى العبارة، يلمح على الفور ما تشتمل عليه من وُعورةٍ لغوية تشى بتلك الأزمة التعبيرية التى عانى منها الصوفية منذ زمن البسطامى.. بل قبل البسطامى بفترة، وهو الأمر الذى لاحظه د. عبد الرحمن بدوى فى بعض الآثار المروية عن رابعة العدوية، من نوع قولها عن الكعبة الشريفة لما حَجَّت إليها: هَذا الصَّنَمُ المَعْبُودُ فِى الأَرْضِ ، وإِنهُ مَا وَلَجَهُ اللهُ ولاَ خلاَ منْهُ() .

ويمثل الحلاَّج مرحلة متقدمة من مراحل أزمة اللغة عند الصوفية، كما يمثل التضحية الكبرى التى قدَّمها الصوفية، فى طريقهم نحو إقرار القاموس الصوفى الخاص.. فقد قدَّم الحلاَّج حياته ثمناً لمحاولته التعبير عن الأحوال التى، يعاينها ويعانيها، مثلما عاينها وعاناها معاصروه من رجال التصوف. فها هو أبو بكر الشبلى (رفيق الحلاج) يشطح بعبارات لاتقل وُعورة وخطورة عما شطح() به الحلاج ، لكنه حين واجهوه بها، ادَّعى الجنون ودخل البيمارستان ! فعاش بعد مصرع الحلاج إحدى عشرة سنة (توفى سنة 320) وكان يقول: أنا والحلاج شئ واحد، فأهلكه عقله وخلَّصنى جنونى !

حَيَاةُ الحلاَّجِ

وُلد أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج حوالى عام 244هجرية() ، بقرية تابعة لبلدة البيضاء الفارسية، فدرس علوم الدين، ثم سلك طريق الصوفية على يد الشيخ سَهْل بن عبد الله التسترى.. ثم طاف وساح فى البلدان، وصحب جماعة من كبار مشايخ العصر كالجنيد والنورى وابن عطاء وعمرو بن عثمان المكى.. وجرت بين الحلاج وهؤلاء المشايخ وقائع كثيرة، يضيق المقام هنا عن ذكرها، لكنها فى مجملها تشير إلى نأى الحلاج وتفرُّده عن أهل الزمان، وتؤكد شعوره بذاته على أنه : نسيج وحده ..مع أنه يعانى ما يعانيه القوم.

وقد عاش الحلاَّج التجربة الصوفية بكل ما فيها من صدقٍ و روعة، وغرق فى بحر النور الإلهى تمام الغرق. ولسوف نقتصر فيما يلى على ذكر فقرتين شهيرتين من سيرة الحلاج ، تلك السيرة التى أفاض فيها المؤرخون والمترجمون له() .. وهاتان الفقرتان تكشفان عن طبيعة الحياة التى عاشها الحلاَّج ، وطبيعة الموقف الذى تمت فيه إدانته :

الفقرة الأولى قال ابن باكويه : سمعتُ الحسين بن محمد المذارى يقول: سمعتُ أبا يعقوب النهرجورى يقول : دخل الحسين بن منصور الحلاَّج مكة، فجلس فى صحن المسجد لايبرح من موضعه إلا للطهارة أو الطواف، لايبالى بالشمس ولا بالمطر، فكان يُحمل إليه كل عشية كوزٌ وقرص (ماء وخبز) فيعضُّ من جوانبه أربع عضات ويشرب() .

الفقرة الثانية قال ابن زنجى: وحُملت دفاتر من دور أصحاب الحلاج، فأمرنى حامد ــ الوزير ــ أن أقرأها والقاضى أبو عمر حاضر، فمن ذلك قرأتُ: إن الإنسان إذا أراد الحج، أفرد فى داره بيتاً، وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيماً، وكساهم قميصاً قميصاً، وعمل لهم طعاماً طيباً، فأطعمهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكل واحدٍ سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك ، قام له ذلك مقام الحج! فلما قرأت ذلك الفصل، التفت القاضى أبو عمر إلى الحلاج وقال له: من أين لك هذا؟ قال : من كتاب الإخلاص للحسن البصرى. قال : كذبت ياحلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص وما فيه هذا(). فلما قال أبو عمر: كذبت ياحلال الدم قال له حامد: أكتب بهذا ! فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاَّج، فألحَّ عليه حامد، وقدَّم له الدواة ، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده مَنْ حضر المجلس، فقال الحلاج : ظهرى حِمىً، ودمى حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علىَّ، واعتقادى الإسلام، ومذهبى السنة، فالله الله فى دمى ولم يزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم، ثم نهضوا ورُدَّ الحلاج إلى الحبس، وكُتب إلى المقتدر ــ الخليفة ــ بخبر المجلس، فأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، وندم وتخوَّف، فكتب رقعةً إلى المقتدر فى ذلك يقول: إن ماجرى فى المجلس قد شاع، ومتى لم تُتبعه قتل هذا ــ الحلاَّج ــ افتتن به الناس، ولم يختلف عليه اثنان. فعاد الجواب من الغد :" إذا كان القضاة قد أباحوا دمه، فليحضر صاحب الشرطة، ويتقدم بتسليمه وضربه ألف سوط، فإن هلك وإلا ضُربت عنقه.." فسُرَّ حامد() .

ويوم مقتله، وبينما كان الحلاَّجُ مشدوداً على الصليب الخشبى (الخشبة التى أفسدها) وقبيل حَزَّ رقبته؛ نظر إلى السماء مناجياً ربه :

نَحَنُ بشَوَاهِدِكَ نلُوذُ

وبِسَنَا عِزَّتِكَ نَسْتَضِئ

لِتُبْدِى لَنا مَا شِئْتَ مِنْ شَأْنِكَ

وأنْتَ الذِى فِى السَّماءِ عَرْشُكَ

وأَنْتَ الذِى فىِ السَّمَاءِ إلَه

وفِى الأرضِ إِلَه..

تَجَلَّى كَمَا تَشَاء

مِثْلَ تَجَلِّيكَ فىِ مَشِيئتِكَ كأَحْسنِ صُورَةٍ

والصُّورَةُ

هِىَ الرُّوحُ النَّاطِقَةُ

الذِى أفْرَدْتَهُ بالعلمِ (والبيَانِ) والقُدرَةِ

وهَؤَلاءَ عِبَادُكَ

قَدْ اجْتَمَعُوا لِقَتْلِى تَعَصُّباً لدِينكَ

وتَقَرُّباً إليْكَ

فاغْفرْ لَهُمْ !

فإنكَ لَوْ كَشَفْتَ لَهُمْ مَا كَشَفْتَ لِى

لما فَعَلُوا ما فَعلُوا

ولَوْ سَتَرْتَ عَنِّى مَا سَترْتَ عَنْهُمْ

لما لَقِيتُ مَا لَقِيتُ

فَلَكَ التَّقْديرُ فِيما تَفْعَلُ

ولَكَ التَّقْدِيرُ فيِما تُرِيدُ() .

والآن ، لِننظر فيما ذكره الحلاج من (البيَانِ) وعطفه -بالواو- على العلم والقدرة حين قال: وأفردته بالعلم والبيان والقدرة .. بعبارة أخرى: لننظر فيما إذا كان الحلاجُ قد نجح فى (الإبانة) وما هى حدود نجاحه ؟

لُغَةُ الحلاَّجِ

حين أراد الحلاَّج أن يترجم بالألفاظ، ما يمرُّ به من أحوال. لم يكن بإمكانه أن يستعير أساليب تعبيرية من الصوفية السابقين عليه، أو المعاصرين له. فالسابقون كانوا يكتفون بالتعريف الموجز لحقائق الطريق، دون محاولة لتأسيس مفردات لغوية خاصة، وكانوا لايجدون حرجاً فى التعبيرات الشاطحة ، ربما لثقتهم من أنه سيأتى من يتأوَّلها لصالحهم، تأويلاً محمولاً على حسن الظن بهم. والمعاصرون للحلاج من كبار الصوفية، كانوا يراعون العامة والفقهاء، فيكتفون بالإشارات المقتضبة الموجزة ، كأن يجيب الجنيد عن سؤال حول المعرفة والعارف، بقوله : َلَوْنُ الماءِ لَوْنُ إِنَائهِ .." وهى عبارة خطيرة سوف يسهب الصوفية من بعده فى الكلام عليها، لكنها من حيث الصياغة اللغوية ، خالية من أية محاولة لنحت لفظ صوفى متفرِّد .

هكذا لم يكن أمام الحلاَّج سبيلٌ للاستعانة بما سبقه ، وما يعاصره من الـتراث اللغـوى الصـوفـى. ومن ناحية أخرى، لم يكن بإمكانه أن يسكت أمام طوارق الأحوال.. فصار عليه أن يؤسِّس تراثاً لغوياً صوفياً، وأن يجد مخرجاً يتجاوز به أزمة اللغة التى تحول دون التعبير عن حقيقة الحال الذى يعاينه .. بعبارة أخرى، كان على الحلاج أن يجرِّب! خاصةً أنه القائل :

للعلم أهلٌ وللإيمان ترتيــبُ وللعلوم وأهليها تجاريبُ

ولماَّ كان الشعر الموزون هو أحد السبل التعبيرية المتاحة أمام الحلاج، فهو لم ير بأساً فى جعله مجالاً للتجريب . وقد تمخَّضت تجاريبه الشعرية عن قدر لابأس به من المتناثرات الشعرية، التى جمعها الدكتور كامل الشيبى فى مجلد واحد، ونشره محقَّقاً منذ سنوات ببغداد .. فمن تجارب الحلاَّج الشعرية، قوله مبرراً مايلبسه من ثياب رَثَّة (القشر) تخفى تحتها نفساً كريمة (اللُّبّ) ، ومشيراً إلى الأمر الجسيم الذى يشعر أنه مُساقٌ إليه :

لَئِنْ أمسيتُ فى ثوبى عديمٍ لقد بَليا على حُر كريــمِ

فلا يحزنك إن أبصرتَ حالاً مغيرةً عن الحالِ القديـــمِ

فَلِى نفسٌ ستذهبُ أَوْ سَترقى لِعمْرِكَ بى إلى أمرٍ جَسيمِ()

تبدو هذه القطعة الشعرية على المستوى اللغوى، فقيرة بلاغياً، بسيطة التركيب إلى حد السذاجة التى لاتطمح إلا فى الإخبار عن حقيقة الحال. وهى على المستوى الصوفى، تكشف عن مضامين متواضعة، حين تؤكد بقاء الذات وتكتفى بالإشارة إلى إمكانية فنائها.. إذ الفناء درجة عالية فى سلّم الترقِّى الصوفى. وليس هذا فحسب، بل تصف الأبيات صاحبها بأنه الحرّ الكريم وهى مسألة تعدُّ من الوجهة الصوفية : نوعاً من المدح المذموم للنفس.. وكان الصوفية آنذاك قد أدركوا ضرورة ما أسموه كسر حدة النفس كإحدى الرياضات الروحية التى يسعى من خلالها الصوفى ــ مهما بلغت مرتبته ــ إلى السيطرة على نفسه والخلاص من رُعوناتها .. إذن ، لم يستطع الحلاَّج ، هنا، أن يصل بالشعر إلى درجة من النضج اللغوى أو الصوفى، بحيث يبعث برسالة صوفية عميقة، وفى الوقت ذاته يتجاوز أزمة اللغة التى أشرنا اليها .

لكن الحلاَّج لم يقف فى تجاريبه الشعرية عند هذا الحد، وإنما انجرف مع الشعر دون حذر، وترك الإيقاع يقوده نحو دليل إدانته .. فقال فى أبيات أخرى:

أنتَ بـين الشِّغَافِ والقلبُ تجرِى مِثْلُ جَرْىِ الدُّمُوعِ مِنْ أَجْفَانِـى

وتحلُّ الضَّمــيرُ جـَـوْفَ فــؤادى كحُلُــولِ الأرواحِ فـى الأبدانِ

ياهِــــلالاً بـــــدا لأربــعِ عَشْــرٍ لِثمَـــــــانٍ وأَربــعٍ واثنـتـَـــانِ()

وبقطع النظر عن البيت الأخير الذى لايحمل ــ من حيث ظاهر اللفظ ولاباطن المعنى ــ أية دلالات ، ولايمكن اعتباره إلا كدليل على انجراف الحلاَّج مع البحر الشعرى والقافية، من دون هدف محدد.. جاء البيت الأول حانياً، رقيقاً، مشتملاً على صورة فنية جيدة التعبير، فيها سريان المحبوب ( الله) فيما بين القلب وما يغلِّفه (الشغاف) وتشبيه ذلك بانسياب الدمع من الجفن المغلِّف للعين. وهى صورة معبرة ــ صوفياً ــ عن فكرة امتلاء المحبِّ بالمحبوب (الله) الذى هو حقيقة كل شئ... لكن الحلاج يصدمنا فى البيت الثانى بكلمة الحلول الخطيرة، تلك الكلمة التى لم يجربها فى الشعر الصوفى غيره، ثم يعيد ذكرها مرتين، فى كل شطرةٍ مرة، بل هو يؤكد معناها فى أبيات تجريبية أخرى ،يقول فيها، غير هَيَّابٍ ولا متحسبٍ لوقعها على أهل الزمان:

مُـزِجَتْ روحك فى رَوحى كما تُمــزَجُ الخمـرةُ بالمــاءِ الزِّلالِ()

وكأن الحلاج لم يكتف فقط بذكر كلمة الحلول التى كان يمكن تأويلها صوفياً على أى وجه من الوجوه، فإذا به يختم عليها بكلمة أشد خطراً: المزج. ثم يشبِّه هذا المزج بين روحه وروح المحبوب (الله) بمزج الخمر الحسية بالماء! وكانت تلك هى المرة الأولى - فيما نعتقد- التى تستخدم فيها كلمة الخمر فى الشعر الصوفى، ولسوف يعود شعراء الصوفية لاستخدامها على نطاق واسع، بعد إعطائها دلالة رمزية، بحيث تشير إلى النشوة بتجلِّى المحبوب (خمر المحبة) أو إلى تذكر عالم الذر الذى كانت فيه الأرواح، قبل خلق الأجساد، تُقِرُّ بالواحدانية لله (خمر التوحيد ، كأس : ألست بربكم) المهم الآن : أن الشعر جرف الحلاَّج، فأتى بكلمتين من قاموس الممنوع العقائدى .. فهل كان الرجل بالفعل يقصد : الحلول والمزج؟

فى شهادة ــ نثرية ــ للحلاَّج، نراه ينفى بشدة ما أثبته فى شعره! فيقول عن المزج ما نصُّه : مَنْ ظنَّ أَنَّ الأُلُوهِية تَمْتَزِجُ بالبَشَريَّةِ، فقَدْ كَفَر ( ) . وعن الحلول يقول : إِنَّ مَعْرِفَةَ اللهِ هِىَ تَوْحِيدُهُ، وتَوْحِيدُهُ تَميُّزُهُ عَنْ خَلْقِهِ، وكُلُّ مَا تَصَوَّرَ فِى الأَوْهَامِ فَهْوَ ــ تعالى ــ بِخِلاَفِهِ ، كَيْفَ يَحُلُّ بِهَ، مَا مِنْهُ بَدَأ() ..

القضية إذن ، أن الحلاج لم يستطع بالشعر أن يخرج من الأزمة ، مثلما استطاع من بعده شعراء الصوفية الأكثر نضجاً، أمثال ابن الفارض وجلال الدين الــرومــى. بــل وقع فى مأزق جديد عندما استسلم لوقع النظم ، وعندما جلــب كلمات مثل : الحلول ، والمزج ..

وقد أثارت كلمات الحلاَّج حفيظة المعاصرين له، فأدانوه بكلمتى (الحلول ــ المزج) لما فيها من دعاوى نصرانية بحلول الله بالبشر وامتزاجه بهم .. وقد استثقلوا كلامه حول (اللاهوت والناسوت) لنفس السبب. ولم يقتصر الأمر على الفقهاء فحسب، فقد روى المؤرخون أن مشايخ التصوف أنفسهم : كانوا يستثقلون كلامه() .

ومن الألفاظ التى لجأ إليها الحلاج فى محاولاته الأوّليّة هذه ، كلمة شعشعانى التى اعتبرت ــ لغرابتها ــ دليلاً على سوء الأدب .. فقد احتدَّ عليه مرة الوزير علىّ بن عيسى، قائلاً له : كم تكتب ــ ويلك ـ إلى الناس تبارك ذو النور الشعشعانى ما أحوجك إلى أدب !(2)

.. وعلى هذا النحو، فشل الشعرُ الحلاجى فى الوصول لصياغة مقبولة يعبر خلالها المشجون المسجون فى اللغة، عن مكنون ذاته؛ وفشلت الكلمات التجريبية (حلول ــ مزج ــ لاهوت ــ ناسوت ــ شعشعانى ) فى حمل معانيه .. فلم يبق أمامه إلا الصراخ !

* * *

حملت كتب التراجم ، العديد من صرخات الحلاج .. مثل زعقته فى أسواق بغــداد: أيهــــا الـنـاس ، اعلموا أن الله قد أباح لكم دمى فاقتلونى ، اقتلونــى

تؤجروا وأسترح، اقتلونى تكتبوا عند الله مجاهدين وأكتب أنا شهيد() .

وفى غمرة هذا الانفجار الوجدانى ، لاحت للحلاَّج الوسيلةُ المثلى للخروج من المأزق .. وأدرك أن تأسيس اللغة الصوفية، لايكون بالاسترسال مع النظم، ولايكون باستخدام الألفاظ المثقلة بالدلالات القديمة .. وإنما يكون بتفجير اللغة.

مَوْلِدُ الُّلغَةِ الجدِيدَةِ

إن المراد بمحاولة الحلاج تفجير اللغة هو سعيه للتخلُّص التام من أسـاليـب الصياغة اللغوية الشائعة فى عصره، وطموحه الكبير إلى استبدال اللفظ الذى اهترئ من كثرة التداول، بلفظ يتخلَّق بحرية خلال السياق الجديد.. وقد تجلَّى هذا التفجير للُّغة السائدة، كما تجلَّى اكتشاف الحلاَّج لمعدن اللغة الصوفية الجديدة، فى النص الوحيد (الكامل) الذى بقى إلى اليوم من مؤلفاته . وهذا النص ، الذى كتبه الحلاج فى سجنه ــ وهرَّبه تلاميذه ــ والذى يعدُّ واحداً من أروع النصوص الصوفية على الإطلاق؛ هو : كتاب الطواسين .

فى كتاب الطواسين() ، يفجِّر الحلاَّج كل التراكمات اللغوية والدلالية ، ليعود إلى أصل اللغة: الحرف.. وإلى التجلى الأتم لها : القرآن !

أراد الحلاج أن يغوص نحو الحروف، التى هى المادة الأولية فى اللغة، فجعل فصول كتابه (طواسين) أى أن كل فصل منها (طاسين) .. مستفيداً فى ذلك من الدلالة الصوتية العميقة، الناشئة من جمع حرفى الطاء والسين؛ وناسجاً فى الوقت ذاته على منوال النص اللغوى الأقدس (القرآن) باعتباره المجلى الأصلى لصياغة الكلام الإلهى صياغةً عربية.. فقد بدأت بعض سور القرآن بذكر الحروف، ومن بينها الطاء والسين، اللذين بدأ بهما الحلاج .

ثم يأتى الحلاج بما يجلو الحرف، وذلك عن طريق الإضافة ليكشف عن مفهومٍ صوفى، يساوق الجمع اللغوى بين لفظين.. هذا المفهوم الصوفى هو باختصار: إن الحقيقة لاتدرك إلا من حيث النسب والإضافات ، فلا توجد حقيقة إلا من حيث نسبتها وإضافتها. بعبارة أخرى : لن تصير حقائق الوجود قائمة بالفعل، إلا بعد إضافة هذا الوجود لله .

وإضافات الحلاج للطاء والسين، تكشف عن مستوى آخر من مستويات اللغة الصوفية عنده، وهو مستوى الترميز .. فقد أراد الحلاج أن يبين للصوفية أنه لايمكن التحدث عن حقائق الطريق إلا رمزاً. فأضاف للحروف رموزاً، بحيث صارت فصول كتابه كالآتى: طاسين السراج، طاسين النقطة، طاسين الدائرة .. إلخ، والسراج هنا هو محمد r النبى الذى اقتبس كل الأنبياء نورهم من نوره القديم الذى يتلالأ منذ كان آدم بين الطين والماء . أما النقطة والدائرة ، فهما من الاصطلاحات التى سوف تستقر فى اللغة الصوفية ، حتى يأتى ابن عربى ــ فى الفتوحات المكيــة ــ فيجوس فى مفاوزهما ، ويكشف عن دلالاتهما الخاصة بالجدل المعرفى (الابستمولوجى) الكاشف عن العلاقة الوجودية (الانطولوجية) بين الله والإنسان والإنسان الكامل .

ومن الحروف، تتألف الأسماء التى هى الظهور الخاص لحقائق الأشياء ..كُلٌّ على حدة. ولذلك ، فحين أراد الله تعالى أن يتميَّز آدم ، علَّمه الأسماء كلها، ثم أظهره على الملائكة، إلى آخر ما ورد فى الآيات القرآنية .. ولذا، واصل الحلاَّج غوصه، فى محاولةٍ لكشف حقيقة الأسماء، بوصفها مركبة من حروف. وضرب لذلك أمثلة فى سياق كلامه، منها قوله فى (طاسين الأزل والالتباس) ما نصُّه : اشتقَّ اسم إبليس من رسمه ( يقصد : لأنه التبس عليه الأمر فى الأزل) فغيِّر عزازيل، العين لعلق همته (يقصد : لأنه تعلَّق بالله على التجريد فلم يسجد لغيره) والزاى لازدياد الزيادة فى زيادته (يقصد : لأنه أزاد على كونه طاووس الملائكة، كونه الوحيد الذى لم يسجد لغير الله) والألف إزادة فى أُلفته ، والزاى الثانية لزهده فى رتبته، والياء حين يهوى إلى سهيقته، واللام لمجادلته فى بليَّته، قال له : ألا تسجد يا أيها المهين؟ قال : محب ، والمحب مهين، إنك تقول مهين، وأنا قرأت فى كتاب مبين، ما يجر علىَّ ياذا القوة المتين ، كيف أذل له وقد خلقتنى من نار وخلقته من طين..

ثم يقول الحلاَّج : يا أخى ، سُمِىَ عزازيل، لأنه عُزِلَ، وكان معزولاً فى ولايته؛ مارجع من بدايته إلى نهايته، لأنه ماخرج عن نهايته.. والمقصود بالنهاية هنا، إدراك ابليس ــ وهو أعرف العارفين بالله ــ أن الأمر الإلهى له كان ابتلاءً، وأن المعصية مقدرةً عليه فى الأزل ، وأنه لن يخرج عن دائرة المشيئة الإلهية التى اقتضت كل ما جرى!

* * *

وعلى هذا النحو، كان سَعْى الحلاج إلى الرجوع لبكارة اللغة ومادتها الأولى (الحروف) وإلى دلالات المفرد المميز لحقيقة الشئ (الاسم) ليدفع بذلك باباً عظيماً، سوف يُعرف فى التراث العربى بعلم الحروف والأسماء .. وهو علم سوف يستهوى الصوفية بعد الحلاج، فيحاولون الغوص وراء : سر الظرف المودع فى الحرف (وهو عنوان لأحد كتب عبد الكريم الجيلى، المتوفى 826 هجرية)

وبعد ... لقد كانت اللحظة الحاسمة التى قُتل فيها الحلاج، كفيلةً بتغليف التصوف من بعده بجدار الصمت . لكن الرجل فتح أمام اللاحقين عليه باب اللغة الجديدة، التى سوف تتجلى عند النفرى وابن عربى والجيلى، وغيرهم من الصوفية.. ويمكن للباحثين فى التصوف، تبيان ملامح هذه اللغة الجديدة، من خلال استعراض المزيد من الخصائص اللغوية فى كتاب الطواسين ، الذى يُعدُّ علامةً مهمّة على الطريق الطويل الذى قطعته اللغة الصوفية عبر مراحل تطورها.
أ.هـ

منقول عن : المصدر السابق


(( فلم يكن الحكم على الحلاج على اصل افكاره وشطحاته .. بل لانه تعدى على الفكر الاسلامي بطرح بدائل للشرائع كقوله بهتانا على الحسن البصري في كتاب الاخلاص ما هو مشهور عنه في مجلس من العلماء الذين افتوا فورا بقتله .. )) وفي موضع اخر من السقيفة تفصيل لهذا الكلام .. من اخينا ابي اسامة تعليقا على مقالة الاخ صادق المحبة حسن البار .. انظر اليه هنا

http://www.alshibami.net/saqifa/showthread.php?t=464

التعديل الأخير تم بواسطة شيخ القبايل. ; 07-17-2006 الساعة 11:18 PM
  رد مع اقتباس
قديم 08-04-2006, 02:05 PM   #3
عابرة سبيل
حال متالّق
 
الصورة الرمزية عابرة سبيل

افتراضي

السلام عليكم..

فعلا موضوع جميل ورائع اخونا باذيب,,,

قراته منذ اول يوم لكتابته,,,لكن الموضوع دسم جدا,,,,بحيث احتجت لطباعته ومراجعته لاستيعاب كل الافكار والمعطيات الموجوده,,,

وفعلا الحريه تموت,,,الفكر يموت ,,,لان الحريه هي وقود الفكر واسا تطوره,,,

وما اشبه اليوم بالبارحه...فما زال التعتيم الفكري والحجر على حرية الفكر هي اساس التعامل...
واي فكر او توجه يخالف افكار القطيع فانه مرفوض بل معرض هو وصاحبه للاتهام بالزندقه والكفر..

اشكرك لالقاء الضوء على شخصيه غريبه ومثيره للجدل مثل هذه الشخصيه,,,,كنت قد قرات شذرات بسيطه لكن لم اتمكن من فهم الموضوع كاملا الا بعد قراءتي المتانيه لموضوعك الجميل...
الاسوا هو طريقة القتل البشعه لشخص مثل الحلاج,,,اذا كان هناك اتهام له بالكفر والزندقه,,فبالامكان قتله ولكن بدون هذه الطريقه البشعه اللتي تدل على مدى ما يؤدي اليه الحقد على الحريه...
بين العقل والجنون....شعره.
بين الايمان والكفر شعره.
هل يكون الحلاج وخلال فترة معاناته للوصول للحقيقه قد انقطعت هذه الشعره..
ربما..
كلمه اخيره وهي شكر وتقدير لكل ولبعض اعمدتنا المميزين لطرحهم مواضيع وافكار دسمه مثل هذه...وخصوص لمن هم مثلنا بعيدين عن مصادر المعلومات..
وهذه نقطه لصالح السقيفه وهو شئ عرف عنها...

بانتظار المزيد من هذه المواضيع الجميله منك ومن باقي استاذتنا القديرين...

ودمتم بكل الود والتقدير.......................................... ......تحياتي
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 12:02 AM   #4
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي

موضوع يثير الدهشة والتأمل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا واتباعه
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 01:36 AM   #5
شيخ القبايل.
حال قيادي

افتراضي

قبل ان ارد على د. فايزة فان الذي يثير الدهشة هو تعقيب الدكتور احمد الذي يثير كل الدهشة ..

لذا سابدا بالرد عليه

اولا الموضوع كان مدفون ولا واحد عبره .. بس ردت الدكتورة .. تبعها الدكتور

مما يصدق المثل القائل .. ان الطيور على اشكالها تقع ..

وانتم اهل كار واحد

لكن الدكتورة ردت في وقت ان الدكتور يندهش ولا ادري ماسبب الدهشة ..

هذا موضوع لطرح الراي ايا كان .. فاين هو الراي يدكتورنا العزيز

شكرا لكم
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 01:45 AM   #6
شيخ القبايل.
حال قيادي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fouz266
السلام عليكم..

فعلا موضوع جميل ورائع اخونا باذيب,,,

قراته منذ اول يوم لكتابته,,,لكن الموضوع دسم جدا,,,,بحيث احتجت لطباعته ومراجعته لاستيعاب كل الافكار والمعطيات الموجوده,,,

وفعلا الحريه تموت,,,الفكر يموت ,,,لان الحريه هي وقود الفكر واسا تطوره,,,

وما اشبه اليوم بالبارحه...فما زال التعتيم الفكري والحجر على حرية الفكر هي اساس التعامل...
واي فكر او توجه يخالف افكار القطيع فانه مرفوض بل معرض هو وصاحبه للاتهام بالزندقه والكفر..

اشكرك لالقاء الضوء على شخصيه غريبه ومثيره للجدل مثل هذه الشخصيه,,,,كنت قد قرات شذرات بسيطه لكن لم اتمكن من فهم الموضوع كاملا الا بعد قراءتي المتانيه لموضوعك الجميل...
الاسوا هو طريقة القتل البشعه لشخص مثل الحلاج,,,اذا كان هناك اتهام له بالكفر والزندقه,,فبالامكان قتله ولكن بدون هذه الطريقه البشعه اللتي تدل على مدى ما يؤدي اليه الحقد على الحريه...
بين العقل والجنون....شعره.
بين الايمان والكفر شعره.
هل يكون الحلاج وخلال فترة معاناته للوصول للحقيقه قد انقطعت هذه الشعره..
ربما..
كلمه اخيره وهي شكر وتقدير لكل ولبعض اعمدتنا المميزين لطرحهم مواضيع وافكار دسمه مثل هذه...وخصوص لمن هم مثلنا بعيدين عن مصادر المعلومات..
وهذه نقطه لصالح السقيفه وهو شئ عرف عنها...

بانتظار المزيد من هذه المواضيع الجميله منك ومن باقي استاذتنا القديرين...

ودمتم بكل الود والتقدير.......................................... ......تحياتي

تسجيل حضور .. ولنا عودة
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 01:54 AM   #7
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي حياة مليئة بالتناقضات

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد باذيب
قبل ان ارد على د. فايزة فان الذي يثير الدهشة هو تعقيب الدكتور احمد الذي يثير كل الدهشة ..
لذا سابدا بالرد عليه
اولا الموضوع كان مدفون ولا واحد عبره .. بس ردت الدكتورة .. تبعها الدكتور
مما يصدق المثل القائل .. ان الطيور على اشكالها تقع ..
وانتم اهل كار واحد
لكن الدكتورة ردت في وقت ان الدكتور يندهش ولا ادري ماسبب الدهشة ..
اذا موضوع لطرح الراي ايا كان .. فاين هو الراي يدكتورنا العزيز
شكرا لكم


شكرا اخي المبدع محمد على اعطائي اولوية التعقيب
وشكرا لاختنا الدكتورة التي نبهتنا للموضوع الذي لم ننتبه وللاسف الا اليوم

فعلا حياة الحلاج ...... حياة مفعمة بالمواقف التي تثير الدهشة والتأمل ...... الا تتفق معي اخي في ذلك؟؟؟
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2006, 01:23 PM   #8
شيخ القبايل.
حال قيادي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور أحمد باذيب
شكرا اخي المبدع محمد على اعطائي اولوية التعقيب
وشكرا لاختنا الدكتورة التي نبهتنا للموضوع الذي لم ننتبه وللاسف الا اليوم

فعلا حياة الحلاج ...... حياة مفعمة بالمواقف التي تثير الدهشة والتأمل ...... الا تتفق معي اخي في ذلك؟؟؟

لا يسعني الا ان اشيد بسعة صدر الدكتور احمد باذيب .. والذي عقب للمرة الثانية مشكورا ، والحلاج في شخصه قضية تثير الدهشة حقا .. وكان الغرض من الموضوع طرح نماذج من ( شهداء الراي ) .. والعلم .. وقد طرأ على بالي اشخاص كثر من هؤلاء .. الا ان عدم التفاعل مع الموضوع جعلني اتريث في طرح مزيد من النماذج .. مثل الشهيد سيد قطب والعالم جاليلو .. وغيرهما كثير .

لكن تعقيب اهل الطب يدعوني مرة اخرى لطرح نماذج اخرى - باذن الله -

لنؤكد على اننا نسعى بمجتمعاتنا احيانا الى حفرة التجهيل والغمط ، حين نتهم النوايا ونحاكم الافكار .

والشكر ابتداء للدكتورة فايزة النهدي التي ابدت اهتمامها بالموضوع .. وهي كما تقول قد طبعته وقراته مرارا لتستخلص منه (( الدهشة والتأمل )) وتتسائل حتى لو كانت الافكار جريمة .. فهل تستحق هذه العقوبة الشنيعة المنتقمة التي تطفيء رغبة سادية في نفوس المتحجرين .. باسم الغضبة لله !!
لكنني اخالفها الرأي تماما في ان الشخص يمكن قتله بتهمته .. ولكن اذا قتلتم فاحسنوا القتلة

ورايي المتواضع ان عقوبة الاعدام لا تكون الا على الجرائم المماثلة .. لا على الرأي .. الرأي نصده بالرأي .. لكن اقواما سيطروا على تاريخنا الغامض بسلطة دينية ( مغتصبة ) .. ولبسوا العمائم الملفقة .. ثم مارسوا ضدنا الارهاب باسم الله .. والارهاب باسم الطاعة .. في مرحلة من الكهنتة دفعت بالامة بعدها الى حضيض السقوط والانهيار .

ان الفتن والدماء لم تنتشر في تاريخنا الاسلامي الا بعد ان يأتي هؤلاء الى سدة الفتيا ويهدرون دماء المخالفين .. ثم يدبجون حكاياتهم ( المتعفرته ) في كتبهم الصفراء ليصدروا للاجيال المتلاحقة على مدى التاريخ الآتي كله .. ارهابهم الفكري .. ومزاعم اللحوم المسمومة .. ويغرسون في اعماقنا الوجل من التفكير .. والوجل من التأمل .. والوجل من التجديد .. والوجل من التساؤل .. والوجل حتى من الفطرة ونداءاتها ..

ان امة الوسط والخيرية قد تعرضت منذ امد بعيد الى انواع مختلفات من ( النصب الديني ) و ( النصب السياسي ) .. وفي كل مرة يريد السلطان أن ( يتفرعن ) فانه يطلق ( المقاريح ) الفكرية .. مستعينا بالمتفيهقين .. وسدنة المكر .. والمرتزقين بدماء الخلائق .. بعيدا عن اساس القضية :

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرار ..!!

التعديل الأخير تم بواسطة شيخ القبايل. ; 08-05-2006 الساعة 07:13 PM
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نهضة حضرموت (1): إصلاح الفكر.. أولاً حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 10-22-2011 01:31 AM
حرية الفكر العربي المعاصر للدكتور/رفيق حبيب(موضوع مطروح للنقاش) الكوكب سقيفة الحوار الإسلامي 3 06-29-2011 06:37 PM
الجنوب العربي "قضية لا تموت..! حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 05-04-2011 01:43 AM
صنعاء" حاكم يحتضر ونظام يموت بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 01-26-2011 01:22 AM
انشودة لو يموت الشوق في قلوب البشر ما يموت بخافقي شوقي عليك قلب مات سقيفة إسلاميات 0 01-02-2011 10:35 AM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas