خــدعــوك وقــالوا ثلاثمائة ...!!

[أبوعوض الشبامي]

.

بين الحقيقة والخيال مضان ربما تكون متعبة لا يرتقي إليها إلا كل ذي حاسة نقدية تميز الحقيقة عن الخيال ، والصدق والواقعية عن المبالغة والكذب .

اليوم كنت أقرأ في احد الصحف التي تصدر من صنعاء وقرأت موضوعا يتحدث كاتبه عن اختيار تريم عاصمة للثقافة الاسلامية ، وكيف ان هذه المدينة تحتوي على 360 مسجدا بعدد أيام السنة .... !!

هنا توقفت كثيرا وتذكرت أن أول مصدر لهذه المعلومة التاريخية الغير صحيحة ... كانت بعثة (( مجلة العربي )) التي قامت باستطلاع في منتصف الستينيات لمدينة تريم وفي ذلك الاستطلاع جاءت تلك المعلومة المغلوطة ، ولكن الذنب ليس ذنب من قام بكتابة الاستطلاع ، وإنما المسؤولية يتحملها ذلك المرافق الذي رافق البعثة واعطى لها من بنات افكاره رقم (( 360 )) مسجدا دون الاستناذ إلى احصائية دقيقة ، وعلمت أن المرافق لتلك البعثة هو من يعد نفسه الآن من المؤرخين الحضارمة في وادي حضرموت ، ومعروف عنه عدم الدقة في المعلومة التاريخية وقلب الحقائق فمثلا لا تتعجب حين تقرأ له أن قصر السلطان الكثيري في سيئون يحتوي على (( 300 )) حجرة (( غرفة )) وربما أحيانا يقول (( 360 غرفة بأيام السنة )) ...؟؟؟؟

ومثل تلك المعلومات تدحضها الحقائق حين يصدح الباحثون المختصون الذين يتحرون الدقة كأمثال للشيخ العلامة علي سالم بكير باغيثان (( من ابناء تريم )) فقد قرأت له ملخصا لمحاضرة القاها في شهر شعبان الماضي يدعو فيها الى تحري الدقة في كتابة التاريخ ونقل المعلومات الصحيحة عن تريم ، وقال عن عدد مساجد تريم (( الواقع أن عددها بحسب حجمها وعدد سكانها كبير بالنسبة لها كمدينة وحجمها , وذكر أنه قبل ما يقرب من خمسين عام عندما قامت جمعية الأخوة والمعاونة بتعداد سكانها فبلغ 9000نسمه , فنعرف أن عدد المساجد لا يصل إلى المائة وقال : الإحصاء الذي قمت به لسكان تريم سنة 1399هـ كان عددها 67مسجداً .
وما يذاع في الأوساط من أن عددها 360مسجداً لم ادر من أين جاء هذا القول والواقع والمشاهدة يكذّب , ثم نحن لسنا بحاجة إلى مثل هذه المبالغة الكبيرة , وكذالك المعلومات حول منارة مسجد المحضار الشهيرة التي يتداول أن طولها 150متر وهذا مغلوط وبعيد كل البعد عن الحقيقة )) ..!!

لهذا تعجبت حين سألت ايضا موظفا في المتحف في قصر سيئون عن عدد الغرف في القصر فقال لي بين حجرة صغيرة وكبيرة ومستودعات لا تتجاوز عددها الستين ..!!

ولم افهم السبب في اعجاب الحضارم بالرقم (( 300 )) ومافوقه حين يعطون رقما مبالغا فيه كمثال أن نقرأ في بعض الكتب التاريخية (( أن المدينة الفلانية كانت تزخر بالعلماء والفقهاء حتى اجتمع فيها في سنة من السنين ثلاثمائة عالم ...)) ...!!

لهذا أجد نفسي متشككا كلما قرأت معلومة تاريخية لامست الرقم ثلاثمائة ... واخشى أن أنخدع وأصدق ثم بعد حين أكتشف الحقيقة بعد أن استغفلني من يستلق كتابة التاريخ طيلة تلك السنين ...!!



.