المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > الســقيفه العـامه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


ياغير مسجل أنـّـةٌ من القلب الدامي ،، لمؤلفه/ الاستاذ سالم بن علي الجرو

الســقيفه العـامه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-04-2007, 05:19 PM   #91
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

عامل

عامل




الهروب ــ السماسرة ــ إلى مكة المكرمة ــ عبرة لمن أراد ــ في الرياض ــ أطلب العلم من المهد إلى اللحد ــالمشروع الآخر ــ المواطن العدو ــ فتاة جينوة ــ في بلد الزعيم ــ لا إله إلا الله ــ الحواشي


ـ 29 ـ


الهروب

الأمان صار استثناء والقاعدة هي الخوف الدّائم ، ومع الصّمت في المنزل وحال الإكتئاب قرر الرحيل . ركله ابن عمّه في ليلة ظلماء فعلم أنها إشارة تحذير. كعادته ينفذ بجلده من أحد أبواب بيت والده الأربعة عندما يستشعر خطرا ، لكنهم تركوا ابن عمه ليناديه فخرج فإذا بهم خمسة مسلحين وابن عمّه السادس بدون سلاح . طلبوا الركوب معهم لتمشيط جبل ( حويله ) الذي يطل من الجهة الأخرى على قرية ( شعب البئر ) ، وهنا استقبل الرّكلة فعرف السّر . كان رئيس اللجنة الفلاحية مع رئيس لجنة الحي قد قررا اعتقاله واصطحبا معهم الثلاثة وابن عمّه ليقولون شهد شاهد من أهله غير أن قدر الله صرف النظر ففي ذات اللحظة سمع إطلاق نار فاتجهوا صوب مصدر إطلاق النار . أعطيت له بندقية وأبدى تفانيا ، فسرّ منه رئيس الحي وطلب من رفيق دربه تأجيل الموضوع . قاموا بالتمشيط وكان مثالا رائعا للنفاق إذ كان يتقدمهم كأحد الراغبين في الفداء من أجل الثورة وهو في داخله من أشد الكارهين .
قرر الهروب ليدع العظم خلف ظهره والأهم من ذلك أن يجد مخرجا لأب اختفت ابتسامته يعاني من اكتئاب ومن ضيق ذات اليد ، وما يعذّبه أن أباه يتكلّف مسلّيا ، مواسيا الآخرين وهو إلى المواساة أحوج . لقد أرهقته المشاكل التي لا تنتهي ، وفي ذات الوقت آلمه حال والده الذي فارق الابتسامة منذ أن أصبح حبيس داره في مزرعة كانت له تبعد نحو أربعة كيلومتر عن القرية ، ينظر بحرقة من شباك غرفته إلى النخيل التي غرسها قبل ثلاثون عاما وكلما جاء ذكر الليمون تذكر العهد الميمون فسرد قصته مع شتلة الليمون الوحيدة في المزرعة منذ أن اشتراها من سيئون وكيف تم غرسها بواسطة خبير من المدينة الطويلة الذي يأتي مكرما معززا بين الحين والآخر ليرعى الشجرة بأجرة تعادل أجرة طبيب . حال لا يسر الصديق بلغ إليه الأب الذي تجاوز السبعين من العمر ، فبلغ الهم ذروته بعد أن أيقن أن من كان يتاجر في الذهب ، يسلي من حوله ويضحكهم ، هو اليوم مكتئب لم يعد يملك من حطام الدنيا شيئا ، فالمزرعة أممت والحراثة صودرت وآل إلى حال هو أقرب إلى قهر شديد واكتئاب حاد .
عادت به الذاكرة إلى الحقيقة والزيف فيما مضى من عهد الجيرة الزائفة ، جيران يحافظون على صلاة الجماعة في المسجد ، يتزاورون في محبة وإخاء ، فجاءت صور مختلفة من علاقات الود التي كانت سائدة بين سكان القرية والتي غيرتها المصالح فجأة إلى التنكر ، وعادت به الذاكرة إلى ثمود والصورة التي رسمها الشيخ عيضه عن الدسم في مقابل العظم الحولي النخر الذي يدمي اللثة ويقصد بالعظم الدولة الجديدة والواقع المعيشي الضيق الموجه من لدن طليعة أغلب كوادرها لا تقرأ ولا تكتب في بلاد تتغذى من الخارج ، وبين عشية وضحاها أصبحت تحت قبضة ثوار متحمسين للتغيير الغير مدروس والغير مبرمج من خلال سياسة العنف الثوري المنظم الذي لم يستوعب قواده بفهم علمي الواقع المحلي والإقليمي والدولي فحصروا نشاطهم في اعتقالات وتخويف الآمنين وفي مهرجانات واجتماعات دورية لفقراء في الريف والقرية تهدف إلى التثقيف السياسي . أما العظم الحولي فهو ذاك الذي دارت عليه سنة ، والدسم وهبّات الريح ويقصد دول الجوار [ الخليج ] ، وهي بلا شك تعيد الاعتبار إلى من كان عزيزا فأذله الدهر ، وتغري من يريد لنفسه وأهله خيرا. ترف واضح للعيان مع أمان يقابله جوع مع خوف ، والغبي هو الذي يأبى أن يعيش في مأمن . على بعد مائتا متر من قرية ثمود كانوا يشاهدون بعض أمراء آل نهيان الذين قدموا إلى الصحراء في رحلة صيد وهم يردون إلى خزان الماء ، والمدرس الشاب من الذين صافح بعضهم وطلبه أحدهم بأن يصطحبه إلى أبو ظبي فأبى ، غير أن الأوان قد حان الآن ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله.
إنه شعار وشعور العربي أينما كان: العزة أولا ، ويأبى الحر أن يذل أو يذل ، ومن العذاب أن تصمت أمام كل قول ينتقص من قيمتك أو سلوك ينتقص من حقوقك كأن يحقرك أو يزدريك جاهل ، أمّي ، وما كان ليزدريك أو ينتقص من مكانتك لولا أنه عضو لجنة فلاحيه أو رئيس لجنة حي محميان ومحصنان . ومن العذاب الخوف الدائم من المجهول. ثم إن المال والمال وحده هو المطلب الآني الملح لتنقشع الغمّة عن الأب الخجول الكريم . نعم بين عشية وضحاها أصبح كمن سرق في الصحراء فلا ناقة ولا بضاعة . كانت له مزرعة ينظر إلى منافعها مستقبلا أما العطاء الآني فغذاء ودواء وكساء فقط ، يتوقف الأمر عند الخسارة أحيانا هي الآن ملك الفلاحين دون قيمة عدا هتافات وشعارات توجعه وآخرين مثله:
يا إقطاعي يا جبان = هذي أرضي من زمان
وآخر
بغينا حقنا ما بغينا شيء بباطل = مع الفلاح لا هزّ رأسه با نقاتل

من الآن وصاعدا أضحى الأب في تعداد الإقطاعيين ، معرض للاعتقال في أي لحظة يقررها جاهل ، وهو في تعداد اليمينيين تارة وتارة أخرى ينظر إليه كإقطاعي متضرر هو بالضرورة من أعداء الثورة. إنها صور من تنكر لتعاليم الدين الإسلامي الذي كان يتمثل في سلوك التوكل على الواحد الأحد وعدم أكل أموال الغير ، وتنكر للأعراف والقيم التي دأب عليها السكان الطيبين فيما سبق ، مع ظهور صور من الانتهازية وكثير من أحوال النفاق والحمق والجهالة ، جعلته يفكر في المغادرة النهائية لبلاد عذراء يغلب على أهلها النقاء والبراءة وحب الدين ، هي اليوم في قبضة ثوار جدد وأغلب أهلها تنكروا لكل جميل ، فلا نقاء ولا صفاء ولا براءة ، وكأن سكان القرى والأرياف تطبعوا بطباع الأسواق وأهل المدن بدون مدنية ، وأنّى له المغادرة وكل يمني يشعر بالفضيحة والعار إن هو فكر في ترك أهله ومثوى الأجداد. فبين هروب إلى دولة الجوار ومغادرة نهائية إلى بلاد بعيدة كان الهاجس .
وأساب إضافية أخرى:
كانوا في المدرسة وكان التصنيف:
مدرس ينتمي إلى التنظيم السياسي
مدرس في الشبيبة
مدرس مرشح لعضوية الجبهة أو الشبيبة
مدرس ليس له انتماء سياسي
الأخير تحت المنظار والمراقبة أقرب إلى تهمة ما وإن كان كادر تربوي تعليمي على درجة من الكفاءة ، المقياس هنا للالتزام السياسي وليس للكفاءة ، فكيف بمدرس يدعي الكفاءة ونحسبه كذلك يتعرض لإذلال لا يشعر بالضيم؟ . لذلك فكر الهروب إلى الخارج ولو كان فيه حتفه ، فطعم الموت في أمر صغير كطعم الموت في أمر عظيم كما قال أبو الطيب المتنبي . إذن الهروب هو الخلاص من حال لم يعد يحتمل ، فقرر الثلاثة التوجه نحو الصحراء في اتجاه مدينة شروره.
ليس من التسلية أن تفكر في الهروب من اليمن الديمقراطي نحو بلد يراه الثوار عدوا لدودا ، ذلك أن الخوف سيتملكك وهواجس أخرى ، أحدها أن تموت عطشا في الصحراء إذا لم تصطحب بدويا . هذا مجرد التفكير ، أما أن تقرر فتلك مغامرة ، وعندما يكون السر بين ثلاثة فالأمر جدا خطير ، لكنهم قرروا فالمصيبة تجمع المصابين. للبدو في المشرق العربي خصوصية حددتها الطبيعة وظروف السياسية . إنهم بدو رحّل يبحثون عن المراعي دون حساب لحدود الجغرافيا السياسية وهم في اللعبة السياسية ورقة يستخدمها القوي ، الرّابح ، وكان الخاسر هنا التنظيم السياسي ـ الجبهة القومية الذي أدار ظهره للبدو ويسعى للانتقال بنفسه من التنظيم إلى حزب من طراز جديد . سمع بعض البدو وهم يتابعون أخبار: ( المطراز الجديد ) دون عناء ، حسبهم أنه الحزب القاتل لآمال وطوح وتطلعات البدوي . لا يعرفون ما هو الجديد وإنما هم متأكدون من أذى قادم ، لذلك توجّهوا شمالا فحصلوا على الترحيب والتكريم ، ولا ينكر وجودهم أحد وهم في وادي حضرموت يتجولون . مع هولاء ستكون المغامرة .

------------------ اسلم علي الجرو -------------
التوقيع :
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2007, 06:54 AM   #92
السيدة شيخة حسينة
حال جديد
 
الصورة الرمزية السيدة شيخة حسينة

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
انا شفت اسمي ودخلت على طول
لو اني زعلانة والله ما عندي كلام اقوله بس انا احب اتصفح النت وخصوصا شي عن بلادي
حضرموت الهجرين وانا بعيدة عنه واحب الصور
  رد مع اقتباس
قديم 08-06-2007, 02:40 PM   #93
القنّاص
شاعر السقيفه
 
الصورة الرمزية القنّاص

افتراضي

استاذنا الكبير سالم محمد بلفقيه
عذرا على تاخيري
انه لشي عظيم ماتكتبه يستحق التقدير والمتابعه
هنا تاتي القراءه والمتابعه ثمارها
والله انك لجدير باحترام الجميع
دمت لنا منبرا مضيئا
تقبل تحياتي وتقديري
التوقيع :
تجرح ولاهمك شعوري ولحساس *** لاوالذي رسّا الحيود الرواسي
من قدّر القناص حطه على الراس *** ماقد حصل في يوم وطّيت راسي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

[email protected]نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 08-07-2007, 04:41 AM   #94
باهميم
حال جديد

افتراضي

صباح الخير اشكرك علي اهتمامك وفي نفس الوقت اشكر المنتدي بستظافتة لي عضوا لديكم
  رد مع اقتباس
قديم 08-07-2007, 10:10 AM   #95
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 30 ـ

لكن الرحلة الخطيرة تحتاج إلى مال ولا يملك من حطام الدنيا غير خلية ونصف من النحل الذي كان يعلق عليه آمال كبيرة في المستقبل إن سلم النحل من الهلاك.
باع حصته في ثلاث خلايا نحل لشريكه ، ويعد النحل ثروة إذ يعتمد عليه الكثير في معيشتهم ، وتشتهر البلاد بالعسل الصافي ، العالي الجودة . باعه بمبلغ يغطى 30% من تكاليف الرحلة ، واستدان من صديقه الذي أسعده بالحليب المسروق مبلغ يغطي 20% والباقي سيكون أمر واقع لا بد من التعامل معه بشجاعة في حينه وإيجاد مخرج مشرف .
ركبوا سيارة متجهه صوب أعالي وادي سر وعند مدخل وادي يسمى:[ سودف ] يتصل بسلسلة جبال تشرف على الصحراء في أقصى الشمال ، طلبوا من صاحب السيارة التوقف ودفعوا له الأجرة واندفعوا. من هنا ساروا على غير هدى يبحثون عمن سيساعدهم بمال قد استعدوا به ، فأبصروا بدويا راكبا جمله فتشاورا: هل يكشفون أمرهم له ، أم أنه سيكسب سمعة ومنزلة لدى رجال المليشيا المنتشرين في الأودية والجبال يبحثون عن هارب إلى السعودية ، في نظرهم مرتزق يجب أن يدرج في قائمة أعداء الثورة الذين يقادون وهم صاغرين إلى السجون ومنهم من لا يعرف له أثر . لم يكن الدليل إلا عدو لدود للثوار ، فأنسوا إليه واصطحبوه فسلمهم إلى آخر مهرب البشر بأجر خيالي.
دفع إلى الدليل جزء من المبلغ الذي طلبه مقابل أن يهربهم إلى شروره ، وأوعد بدفع الباقي عند وصولهم المدينة ، المشتاقين لبلوغها ، شوق مع خوف ، وكان يفكر في الميتة التي سيميتها إن هم ألقوا القبض عليه ، وهل سيسبقها عذاب؟ .الدليل سلمهم لآخر ودفع للآخر جزء مما تبقى لديه ، واعدا إياه بدفع الباقي في شروره إلى شخص يحدده إنهم وصلوا سالمين ، والثاني سلمهم إلى ثالث وأقسم بالله أنه لا يملك إلا هذه ، وأوعد بدفع الباقي عند وصولهم سالمين. ليت ويلفرد استتنجر يعلم بالذي حصل لهم لغيّر في انطباعاته حول هؤلاء ، ففي كتابه [ رمال العرب ] ، كتب: [ كانوا بدوا وأنا أوروبي ، وكانوا مسلمين وأنا مسيحي ، وعلى الرغم من ذلك كنت زميلهم تربطني وإياهم رابطة قوية لا تنفصم . رابطة مقدسة كتلك التي تربط الضيف بالمضيف ....] . لا تستطيع أن تقاوم أو تساوم ، فالاتجاهات الأربعة أضحت مجهولة بين جبال شاهقة وهنا كان الإبتزاز . فالأخير ، وقبل أن يسلمهم إلى رابع طلب من كل منهم تعهد خطي بدفع الباقي على أن يكتب المبلغ مقابل سلفه وليست أجرة فكتبوا مرغمين، ولكن التحفظ من جانبهم والخوف من كشفهم كمهربين جعله في موقع القوة عندما وصل أطراف السعودية ، وهو الرفض القاطع لدفع أي مبلغ لهم ولسوف يتكلم عنهم بصوت عال لدى السلطات السعودية التي يخافونها . هدده أحدهم بأن يتسبب في عودته بشكوى كيدية تبعده عن النعيم الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق ، وكان هذا التهديد يكفي لبعث القلق والخوف فكتب ما طلبوا ولكن إلى حين ، وعندما قويت الشوكة واتسعت العلاقات في بلاد الواسطة أعلن العصيان والنكران ، لا لأنه يميل إلى مثل هذا السلوك بل لأنهم استغلوا الظرف وضاعفوا المبلغ إلى أربعة أضعاف ، وكل ذلك بين جبال شاهقة تميل إلى السواد .
ازدحمت مدينة شروره باللاجئين ، وبمستقبليهم من الأقرباء القادمين من المدن السعودية ، وكانت الصورة في الواقع مطابقة تماما لما يظهر في الصحف والمجلات من صور للاجئي الحروب والنكبات إلا أن أحدا لم يشر إليهم بأنهم لاجئون. غير أن السلطات السعودية اعتبرتهم لاجئين فكانت على مستوى راق من العمل الإنساني والأخلاقي فاستقبلوهم برضا في حين أنهم يعيدون كل يمني جنوبي لا يحمل ترخيص بالإقامة.


السماسرة

كلّما أنبت الزمان قناة = ركّب المرء في القناة سنانا
أعطت السلطات السعودية للنازحين بطاقات تصريح بالتجول داخل شروره وضواحيها وأيّ ورقة عليها ختم رسمي في البلاد السعودية هي محل تقدير واحترام ويعتبر حاملها من المحظوظين ، غير أن الحيتان أو أسماك القرش وقفت على أبواب الإمارة [ خمسمائة ريال عن كل بطاقة ] . تضاعف المبلغ بالتدريج إلى ألف ثم إلى ألف وخمسمائة.كان يطمح في الحصول على البطاقة لكنه معدم صفر اليدين ، يقتات من هنا وهناك على طريقة الطفيليين ، دائم التفكير في الخلاص من هذه الضائقة حتى اهتدى إلى فكرة . اتصل بجار لهم في القرية يقيم في المدينة المنورة ، وادعى أنه صديقه بمجرد رقصة شعبية لعبها معه في زواج أحد أقاربه ، وكان ذاك شهما ، فقد أرسل له على الفور مبلغ خمسمائة ريال غير أنها لم تكف فالسعر ازداد ليصبح ألف ، فاستلف ثانية من آخر وعندما ذهب إلى الوسيط أخبره بأن المبلغ لا يكفي ، وباستحياء تطفل على مجموعة من النازحين يقدر عددهم بأكثر من سبعين ، وصار من المخلصين في المطبخ يقوم بتقطيع البصل وغسيل الأطباق واقترب أكثر من القدر وغامر ، فأعجبوا بطبخة جاد فيها جاءت بالصدفة فاستحسنوا مذاق الأرز البسمتي ومن حينها خفّ الحرج عليه وطال عنقه وأصبح يأكل بضرس قوي فحمد الله ،إذ ضمن غذاءه بدون مقابل ، الأمر الذي جعله أكثر استقرارا لأنه وسط قوم ولن يخسر شيئا من المبلغ الذي في حوزته حتى يجعل الله له مخرجا .
كان وقريب له يتسكعان في شوارع المدينة الصحراوية ، وفي يوم قابلا من توسما فيه خيرا فتنكر لهما . المتنكر هذا مدان لأبيه بمبلغ كبير حينما كان والده يملك دكان في القرية لبيع المواد الغذائية ، إضافة إلى أجور حراثة وقيمة محروقات كان والده موزعا لها في القرية الزراعية . تنكر لهما فعادا إلى بيت السبعين مثقلين بالهموم . قريبه يحمل الآن الجنسية البريطانية ويمتدح الملكة إليزيبث.
في سرية تامة اختاره من بين الجمع العاطل من أراد له الخير وأخبره بأن هناك عمل سيدر عليه مال يعينه على نوائب الدهر، فتوجه إلى موقع العمل فرحا ، وبرفقة شاب أصغر منه سنا وأكبر خبرة وهمّة في حمل أكياس الإسنت فرّغا شاحنة من حمولتها ، وقبض أجرته ونام في معمل الطوب إلى اليوم التالي ، متحاشيا الحديث عن آلام ظهره كي لا يبدوا ضعيفا في نظر الآخرين . جاءت شاحنة أخرى وجاء رفيقه مبشرا فاعتذر لعدم مقدرته على النهوض ، فاتهمه بالخمول وما ضره ذلك لأنه في مطبخ السبعين موصوف بالحيوية والنشاط والسرعة في الطبخ ، فعاد إليهم ، ووجد وجوها جديدة قدمت وسأل عن أخرى اختفت قيل أنهم سافروا بصحبة أقاربهم إلى العمق ، إلى المدن السعودية حيث الإقامة والعمل المريح . عندما ينتهي من الطبخ ينزوي في غرفة ضعيفة الإنارة ، يفكر في والده الكريم المفلس وفي ولده وابنته وفي حل ينتشله مما هو فيه ، فيتقلب على فراش بالي بدون مخدة حتى يغلبه النوم .
اهتدى إلى فكرة تهريب البشر من اليمن الديمقراطية إلى الأراضي السعودية رغم المخاطر المترتة عل ذلك التهور ، وقبض في الخيال وأحلام اليقظة مبالغ طائلة فابتسم وكان كمن أراد بيع جلد الدّب قبل قنصه ، وفي الصباح قام وبدأ في اتخاذ الخطوات الجادة في المشروع الجديد ، وكان أول عمل قام به هو زيارة من كانوا جيران لهم من البدو في أيام المخمصة سابقا: [ ..... ـ ..... ـ .....] ، هؤلاء كانوا جيران ذات يوم في البلاد الشقية هم اليوم من أعيان المدينة ، مواطنين سعوديين . طرح الفكرة على الثلاثة فسروا بها وتم الاتفاق واشترطوا أن يكون معه بعير خاص به ، فاشترى بعيرا بالآجل وقع من على مرتفع شاهق في الشعاب وتكسر ومات وكان تأثره كذاك الذي غرق مركبه في البحر ، ثم بوغت بالمفاجآت القاتلة ، فالبدو الجيران لم يصدقوا معه ، فقد نكثوا بالعهد ، فتراجعوا عندما اقتربوا من ديار اليمن الجنوبي زاد خوفهم من بطش الثوار فتوقفوا في[ لُقْبُرْ ] ، أعالي وادي سر وطلبوا منه إكمال السير وسينتظرونه في هذا المكان الآمن . رفض مواصلة السير بمفرده واتهمهم بنقض الاتفاق ونكث العهد وهذه ليست من شيم الرجال ، ولما تأكدوا من إصراره على السير سويا أو البقاء سويا تشاوروا فيما بينهم ثم ركب أحدهم جمله وغادر صباحا ليعود ليلا برفقة بدوي يدعى: [ .....] . اصطحبه وهو الآخر تراجع وخاف من قتل محقق إن هم رأوه برفقة هاربين ، وفي غار مكثا فيه أيام ثلاثة بين ترجّي وشجار ، ثم عادا بخفّي حنين.
في طريق عودتهم ألقي عليهم القبض من قبل سلاح الحدود السعودي في صحراء الربع الخالي ، واتفقوا على قول أنهم جاءوا من شروره للبحث عن حشائش للماشية غير أن الزملاء أنكروا معرفتهم به وهو يؤكد في التحقيق غير ذلك . تركوه في السجن يواجه الموقف الصعب بمفرده وهم خرجوا مواطنين صالحين . في غرفة التحقيق وقف ساعات طوال... ساعات كانت صعبة للغاية . من حق السعوديين أن يأخذوا بالحيطة والحذر من كلّ قادم من أرض عقدت حكومتها معاهدة الدفاع المشترك مع الإتحاد السوفيتي الذي يرى في السعودية عدوا لدودا ، لا خطاب معه إلا بالباورد ولغة المحو والإستئصال.
عودة إلى ويلفرد: [ ... كنت سعيدا برفقة هؤلاء الرجال الذين اختاروا المجيء معي . شعرت بالاعتزاز... وبما أني زميلهم على الطرق فهم سيقاتلون لحمايتي ضد كل إنسان حتى لو كان أخا لهم...] ، هكذا عبر ويلفرد عن شهامة البدو ، غير أن الهارب الباحث عن استقرار يعبر ويكتب غير ذلك: [...كنت تعسا، شقيا برفقة هؤلاء..] وفي مكان آخر من كتابه [ رمال العرب ] ، كتب ويلفرد: [ ...لقد كنت وحيدا في أسفاري بين هؤلاء البدو ، بل تحت رحمتهم تماما ، وكان في استطاعتهم أن...ومع هذا فقد كان إيماني بهم مطلقا إلى درجة أن فكرة الخيانة أو الغدر لم تمر في خاطري أبدا...] . ولا هو أيضا تصور الغدر والخيانة .

______________ سالم علي الجرو ________
  رد مع اقتباس
قديم 08-07-2007, 09:09 PM   #96
الهاشمي 2009
حال جديد

افتراضي

شكرا جزيلا يا استاذ سالم على ما قدمته وجزاك الله الف خير
  رد مع اقتباس
قديم 08-08-2007, 10:59 AM   #97
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 31 ـ

وليل كموج البحر أرخى سدوله .......
يأتي المساء وتأتي معه الهموم والمتاعب في غرفة التحقيق . كان يقول كلاما منافيا تماما لما قاله زملاؤه وهو لا يدري ، وكان تمهلا وحلما وصبرا من لدن المحققين ،ذلك أنه يكذب وهم به مشفقون . أولئك يؤكدون بأنهم لا يعرفونه مطلقا ، وهو في الزنزانة لا يدري عن غدرهم والمحققين محقين عندما اعتبروه كاذبا ، فالئك مواطنون وإن كذبوا سينالون العقاب ولكنهم سيظلّون في مأمن وهو وإن صدق فهو إما لاجئ أو مندس ، وهو أقرب إلى الإبعاد وهنا مصدر الخوف والهم والغم .
بعد أيام من المعاناة توسط بعض الوجهاء وأطلق سراحه بكفالة وشعر أنه ولد من جديد .
من الزنزانة إلى [ .... ] زميل دراسة في المتوسطة ، والمذكور عضو فاعل في صفوف المعارضة ورثها عن أبيه. شرح له ما كان من أمره فساعده وتوسط في استخراج بطاقة ذات مهابة عليها صورته بمهنة ملازم إداري . تجول بعد ذلك وهو مرفوع الرأس وغير آبه بالراتب الذي يقبضه زميله ـ الذي اعتبره وفيّا ـ ويسقطه في جيبه ، يكفيه أنه برتبة ملازم إداري وما عند الله خير وأبقى.وباستثناء الذكريات المؤلمة لبعيره فإن الحياة بدأت تصفو ، إذ اصطحب بعض الزملاء ممن لهم اتصال بالمعارضة ساعده وصديقه أحدهم بالتعرف إلى وسيط يستخرج جوازات حج من الشمال اليمني مقابل مبلغ ألفي ريال ، وأكل مما لذ وطاب في خيامهم ودورهم وتعرف على بعض الرموز التي تكتفي فقط ، بشتم وقذف الثوريين في اليمن الديمقراطية ومجاملة المسئول والدعاء له بطول العمر، وهذه سهلة على من تعذب وتمحص هناك وهنا ويجيد التمثيل في الانحناء والتذلل.
لم تكن هناك معارضة بمعنى المعارضة ذات مشروع واضح ، وكم تمنى أن تمتد حياة الدّعة والرّخاء إلى بلاد كتب عليها الشّقاء ، ولكن هيهات فكلّ لما خلق له.
مجموعة تعارض الحكومة الثورية في عدن بصوت عال ، لكن من بعيد مع القيام بأعمال تهدف إلى الاستنزاف وكانت لهم إذاعة تفعل ببرامجها الساخرة أكثر مما يفعله العسكريون والسياسيون والمتطوعون من تفجيرات وزرع للألغام . تقوم الإذاعة بالحرب الإعلامية والنفسية ، وتقدم برامج تشد المستمع وتؤثر فيه تأثير لحظي كبرنامج [ عبود الشحري ] المضحك الساخر. هذا البرنامج يقول بما في الصدور إلا أنه لا يشفي الغليل. المحزن في القضية أن رموز المعارضة يفكرون ببطء أو أنهم مقيدين أو أرادوا الكسب المادي من وراء القضية وفي أغلب الظن أنها حبيسة علاقات إقليمية ودولية واللعبة السياسية التي يعرفها السياسيون . الذين يدفعون الثمن غاليا ، بعيدا عن الأضواء من هو في مثل حاله أو أسوأ ، ومنهم هناك يتجرّعون المرارة.
كثيرة هي الإنفجارات التي حدثت في بقاع شتى من حضرموت وراح ضحيتها أبرياء ، وكثيرة هي المبالغ التي أنفقت على المعارضة ، وصفر إن لم يكن تحت الصفر هو الإنجاز الذي تحقق . كانوا ذات ليلة في إحدى معسكرات المعارضة ولاحظ أن الحديث في السياسة أمر غير مستحب أو محرم وعلى المعارض أن يلعن الثوار ويبالغ في الشتم وكفى!!! . كل الوقت انقضى في مجاملة ومديح لجهة وقذف لأخرى ولهو وغناء ، وأكل مما لذّ وطاب . طلب منه أحدهم الانضمام إلى صفوف المعارضة ، فاعتذر له بحجة أن والده سيتعرض للمساءلة وربما السجن إن هو فعل ، ولا يرى مانع في العمل إذا ما كان هناك ضمان لنجاح المعارضة ، ولكل شيء ثمن أي سيكون الثمن التضحية إذا ما ضمن النجاح ، أمّا أن تذهب روحه سدى فذلك الحزن بعينه ، غير أن محدثه نصحه بأن لا يكرر مثل هذا القول لأنه يضمر الشك في قدرة المعارضة على النصر ، ومثل هذا القول [ سيعرضك للخطر ] . كذلك يمتعضون من أسلوب الخطاب الذي وجد نفسه عليه بدون خيار ، فعندما يرد مصطلح سياسي أو ترد عبارة تكثر في أدبيات الاشتراكيين أو نص تحليلي علمي ، فإن بعض القياديين من المعارضة ينتقدونه وينصحونه بأن لا يتحدث بالخطاب الاشتراكي الشيوعي ، ومنهم من يقول: المنطق البعثي [ حزب البعث ] .
عندما تتناول موضوع بالنقد والتحليل موضّحا بالتاريخ والجغرافيا والبعد السياسي ، فإنك معرض للخطر ، ذلك أن بعض المصطلحات السياسية التي تنطقها تصنفك حسب رأيهم بين بعثي أو شيوعي وكلاهما منبوذان ، فلا تكثر من العبارات والجمل ذات العمق والمسحة الفلسفية .
كلما خلا إلى نفسه تذكر أباه ، المرهف الحس ، الكثير التفكير ، فأحواله لا تسر الصديق بعد أن كان رمزا للكرم ، مضيافا لم يعد يملك شيئا ، فالأرض مؤممة والأفواه مكممة.حال والده والصورة التي رآه فيها كانت مصدر قلقه ، فالأب الكريم كثيرا ما أضحك الناس بنكاته الرصينة الهادفة ، هو الآن لا يعرف البسمة متقوقع في زاوية غرفة شبه مظلمة في بيته الذي تعالت فيه قهقهات الضيوف في زمن العز. كان يسأل عن حال أغنامه الكثيرة فيما مضى ، أما الآن فهو الذي يقوم بنفسه بإطعام عدد قليل من الماعز ومن الضأن يعتبرها كنزه المتبقي من حطام الدنيا.
في أواخر شهر ذي القعدة 1398هـ ، وبعد أربعة شهور من وصولهم شروره زار الأمير سلطان بن عبد العزيزـ وزير الدفاع مدينة شرورة وجاء الفرج.
عمّت الفرحة جموعا من البائسين بعد أن تأكد لهم أنهم سينتشرون في المدن السعودية يبتغون فضلا من الله بموافقة وقبول السلطات الضّاربة لمن يعاديها ، المسالمة ، السّخية لمن يعاديها. كان في غرفة الحجز يدعو الله بأن يظنون به خيرا ولا يعدّونه من العادين.
سمح لهم بالسفر إلى نجران للحصول أولا وقبل كل شيء على تأشيرة الدخول ، ومن ثم السفر إلى جدة ، فعمت الفرحة آلاف المغتمين . سارع إلى أحد رموز المعارضة ليطلع على ما لديه من جديد الأخبار ، فوجد المفاجأة السارة التي كان وراءها زميل الدراسة، فقد طلب منه تسجيل اسمه ومن يعز عليه وسيقوم بصرف تذاكر سفر بالطائرة من شروره إلى نجران ، وفي الحال سجل الأسماء وعلى رأسهم صديقه أحمد . شكره وانصرف ، وفاجأ من يعز عليه . في المطار وقبيل الإقلاع شاهد أحد زملاء رحلة الجبال المشئومة مكبلا بالحديد يحيط به جنود ثلاثة في طريقه إلى سجن نجران متهم بقضية لم يعرف عنها شيئا إلا أنها قضية خطيرة فيما بدا من القيود والحراسة حوله . أشفق عليه عندما علم أن ابنته احترقت قبل أيام قلائل ، وهو مكبل الآن في طريقه إلى سجن نجران . بعد فترة ليست طويلة علم عن حادثة انقلاب سيارة راح ضحيتها الثاني ، فتذكر شعاب [ لُقْبُرْ ] وتواردت أنباء الحزن ذات العظة والعبرة ، فذاك الذي مكث معه أيام ثلاث في الغار وجدوه ميّتا من العطش في الصحراء. تذكّر بعيره والسجن ، وحمد الله حمدا كثيرا على حاله الذي بدأ يتحسن .
هذا إذن مركز الخضراء الذي يتحدثون عنه القادمون برّا من السعودية في سنين خلت، أحدهم عمّـه. علت الوجه الإبتسامات والأصوات ارتفعت ، وكل! يتصرّف وكأنه على موعد مع الثّراء.
  رد مع اقتباس
قديم 08-09-2007, 05:09 AM   #98
زعيم رخيه
حال نشيط
 
الصورة الرمزية زعيم رخيه

افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------

بصراحه موضوع جميل جدا ولك الشكر على هذا الابداع الرائع وتقبل مروري


ابداع يالشرقاوي تسلم يمناك
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 08-10-2007, 04:14 AM   #99
باهميم
حال جديد

افتراضي

[color=666666]شكرا لاستاذنا الكبير سالم بن علي الجرو[/color[/mark]FF0000][mark]
  رد مع اقتباس
قديم 08-10-2007, 04:17 AM   #100
باهميم
حال جديد


شكرا لاستاذنا الكبير سال بن علي الجرو
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اسر ضحايا 13 يناير تقدم اسماء ضحاياها لمجلس الامن والمحكمة الدولية؛؛؛؛؛ الخليفي الهلالي سقيفة الحوار السياسي 11 06-02-2011 02:35 PM
سالم الجرو والتحرش بكتابة التراث الشعبي والتاريخ الحضرمي الدموني تاريخ وتراث 10 04-19-2011 10:18 PM
هل نحتاج لانقلاب ليُصلح الحال سالم محمد باعباد الســقيفه العـامه 49 03-01-2011 07:39 PM
الحضارم السلفيون ابوسعدالنشوندلي سقيفة إسلاميات 0 12-12-2010 02:24 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas