المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > الســقيفه العـامه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


ياغير مسجل أنـّـةٌ من القلب الدامي ،، لمؤلفه/ الاستاذ سالم بن علي الجرو

الســقيفه العـامه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-2007, 03:16 PM   #41
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

العفو اخي أبو تميم ,, شرفتنا بمرورك العطر عزيزي ....
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكرا لمن اهداني البطاقة الجميلة .
  رد مع اقتباس
قديم 07-08-2007, 07:48 PM   #42
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

الشــــرف الــرفـــيع


أعصاب مشدودة وغضب طلابي عارم وسط أجواء مشحونة بالكراهية تجاه أيد أثيمة لطخت صفحات التاريخ الحضرمي المشرق بفعل شنيع لم يتوقعه سكان حضرموت ، ولم يطرأ على بال الحضرمي المسالم أن ينبري من بينهم أحمق فيقدم على فعل هو من عمل السفاحين . أراقوا دماء زكية أدمعت كل عين وأحزنت كل قلب. إن الطلبة يدافعون عن الشرف الرفيع ، مؤكدين بصوت عال استعدادهم للتضحية ، موقنين بأن سلامته من الأذى تحتاج إلى دم عند الضرورة ، هذا قدرهم وهذا ما أكده التاريخ وقاله الشعر العربي ، وهاهو الدم ضخّ في شارع المكلا الرئيسي ولكن عبر طعنة من الخلف.
جميع الذين هم في عز في أنحاء المعمورة، ومكانتهم عالية والمنزلة رفيعة قدموا تضحيات وسالت دماء من يحبون من خيرة شبابهم على أرض يحبونها ، ما كانت لتقلهم معززين مكرمين أصحاب منزلة رفيعة لولا تلك التضحيات ، فكل غزاة الأرض لم يستقبلوا إلا بالرماح والسيوف والرصاص ، وأن المرء ليعجب من وصف المقاومين للإحتلال بأنهم إرهابيين ، وهل كان الفرنسيون إرهابيين عندما قاوموا قوات الاحتلال النازي ، وبماذا ستجيب فرنسا لو سئلت عن مجازرها في سوريا والجزائر وتونس والمغرب . لم تزل في ذاكرة التاريخ تلك المجزرة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، إذ أباد الفرنسيون خمسة وأربعون ألف جزائري في مذبحة [ سطيف ] الشهيرة . وكذلك الاستعمار الإيطالي في ليبيا قتلت آلياته العسكرية من خلفها جند وضباط قساة العديد من الليبيين.


في حضرموت الشقية سالت دماء في شارع المكلا الرئيسي في سبيل الحفاظ على الشرف الرفيع ،والدم الحضرمي لا يراق إلا في سبيل مجد . هكذا عرفهم التاريخ ... دماء فتية أبرياء سالت فساد الحزن الوسط الطلابي وحضرموت كافة ، وكانت الأجواء مشحونة بالغضب والاحتجاج بين وطنيين ارتبطوا بالبلاد ومصالحها وآخرون يرون في خدمة الشياطين حياة رغد واعدة وضمان البقاء في الساحة حتى وإن قدموا أبنا وطنهم قربانا
.

حظ سيء ونكد دائم أن تعطي ولا تأخذ....
وأسوأ منه أن لا يكترث الكبار بمستقبل الصغار...
لكنها الشموع التي تحترق لتنير الطريق ، وكل لما خلق له.
كان الطلبة وقتئذ يرددون كل أقوالا مأثورة:
•متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار.
•امنح الطفل قليلا من الحب ، يكن ربحك في المقابل عظيما .

إذا الشعب يوما أراد الحياة = فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلـي = ولا بدّ للقيد أن ينكسر


في العنبر الجراحي


1966 كان عام الفداء والتضحية وعام الاحتجاجات والاضطرابات ، فعمت المسيرات الطلابية عموم المدن الحضرمية ، وفي المكلا حيث الازدحام وحيث يوجد المندوب السامي البريطاني حدثت اعتقالات وأعلنت حالة الطوارئ ومنع التجول بعد مجزرة راح ضحيتها عدد من الطلاب.
قال أحدهم: [ إن كنت تطلب غريما في المكلا ، فيمكنك الجلوس وتناول كوب شاي في أحد المقاهي الواقعة على الشارع الرئيسي ، وحتما سيمر غريمك فامسك به ]. إنه الشارع الوحيد في عاصمة السلطان. في هذا الشارع انفجرت قنبلة على الطلاب المتظاهرين أدّت إلى مقتل عدد من الطلبة وجرح آخرين . فالذي رمى القنبلة ، كان مدفوعا من قبل إدارة حزبية أي كانت النية مبيتة والغرض ترويع الطلاب والأهالي ، فجلس بهدوء على كرسي في انتظار مرور المسيرة وهو في غاية الاطمئنان ، كذاك الذي جلس في القهوة منتظر غريمه . الفرق فقط في المكان والهدف ، فالوحش الذي قتل خالد بن هامل بدم بارد كان مختبئا في مكتب يشرف على الشارع ، ضامنا الحماية والصون ، وبتصميم وإصرار سفاح ألقى بالقنبلة على طلاب أبرياء بزيهم المدرسي يهتفون برحيل المستعمر عن ديارهم في مسيرة سليمة ، آمنين مطمئنين إلى أن الذين في البلاد هم أهلها ، وجميعهم يدعون إلى مغادرة الإنجليز بأسرع وقت ممكن .. ولا يتصور أحدا أن يقدم حضرمي على فعل طائش ، وهذا الحدث كان الأول في بلاد السكون والدعة. في الأيام العصيبة هذه كانت الرحلة العلاجية والمفاجآت.


رحلة علاج

في البيت حزن وخرس ، فلقد ااشتدّ مرض شقيقه الأكبر وهبط وزنه إلى الثلث فلا يقوى على المشي ، وجرت العادة في حضرموت حينها بأن يتطببوا بالأعشاب وبالكي فمن كتب له الشفاء نجا ومن لم يكتب له الشفاء وساءت صحته نقلوه إلى المستشفى في وداع تذرف له دموع الأقارب ، لعله الوداع الأخير . قرر الأب سفره إلى المكلا للعلاج والذي سيرافقه ويعتني به شقيقه الطالب المناضل الموكل إليه حمل صورة جمال والصراخ: [ أنّة من القلب الدّامي ...... ] وترديد مقولة الزعيم: [ لا بد وأن ترحل بريطانيا من عدن وتحمل عصاها على كاهلها ] .
ركبا شاحنة صهريج [ Bedford] وسارت بهما في طريق جبلي شاق لأكثر من عشر ساعات ، فسرّ لما بدت له المكلا غير أن سائق الشاحنة أفاده بأن الذي يرى ما هو إلا مركز يسمى [ جول مسحة ] ، ومدينة المكلا تبعد من هنا ستة كيلومترات تقريبا.في هذا المركز أوقفوا الشاحنة ومنعوها من دخول المدينة بحجة منع التجول . شاهد نفرا من الجند مجمعين حول بعضهم وكأنه يوشوشون ، توحي نظراتهم وما ارتسم على وجوههم بأنهم غير راضين عما يجري والواجب العسكري يحتم عليهم الانصياع لأوامر السلطان المبنية على أوامر المندوب السامي ، والواجب الوطني يفرض عليهم الوقوف إلى جانب الطلبة ، أو هكذا كان يراهم . ذهب إليهم وأخذ بيد عسكري ليريه شقيقه المجهد من المرض وغثاء السفر ، فنظر العسكري إلى شقيقه الذي بدا كطفل إفريقي جائع لا يفصله عن الموت إلا ساعات إن لم تكن دقائق . عظام وجهه بارزة وعيناه غائرتان وبين الحين والآخر يفتح عينيه طالبا الاستغاثة أو قطرات ماء. أسرع العسكري إلى الماء ليبلل فمه فكانت لفتة إنسانية خلدت في الذاكرة ، وأسرع ثانية إلى ضابط يطلب منه مساعدة مريض وأخيه الباكي . أتى الضابط ، فتشاورا وجاء الفرج ، فركبا شاحنة عسكرية بعد عصر يوم موحش ، تاركين أمتعتهما في الناقلة الصهريج بعد أن أخذ معلومات عن المكان الذي ستقف فيه في اليوم التالي. توقفت الناقلة في ثكنة عسكرية تعرف بـ [ الرزميت ] فانتقلا إلى سيارة صغيرة وسأله الجند عن المكان الذي يريدانه فأخبرهم ، وسأل البعض البعض حتى اهتدوا إلى المكان في حي السلام ، وهناك استقبلهما الأقارب بكثير من الشفقة والرحمة.
اطمأن إلى شقيقه فهو في عهدة الأقارب الذين سيذهبون به إلى المستشفى ، فانسل من بينهم صباح اليوم التالي قاصدا المكان الذي ستقف فيه الشاحنة لأخذ الأمتعة.عاد ، وتوجه مسرعا نحو المستشفى وبالقرب من البوابة دوّى الانفجار ولم يعد يسمع شيئا ولا يرى غير سواد ، لكنه حس بيد تشده نحو الأرض وصوت آدمي وكأنه في قعر بئر يصرخ كأنه في قعر بئر: انبطح على الأرض فاستلقى ، ودوّى الانفجار الثاني بالقرب منه وهو مستلق ، ولو بقي واقفا أو جالسا لتمزق أشلاء من القنبلة الثانية . كان أحد الجرحى فنقلوه ودماؤه تقطر على الأرض إلى العنبر الجراحي . كانت الإصابة جرح في العضد وشظية في الخد الأيمن استقرت بجانب عصب ، صعب على الجراح إخراجها خوفا من مضاعفات تخرج عن السيطرة ، فعاشت معه وبين الحين والآخر تؤلمه قليلا خاصة عندما تشتد الرطوبة . مكث هنا في العنبر الجراحي خمس وعشرون يوما وبجانبه في العنبر الطبي شقيقه الذي تحسنت صحته وغادر المستشفى إلى القرية . لحق بأخيه معافى سليما ، لكنه لا يقوى على فتح فمه إلا قليلا . أقلع عن تناول الشربة بعد أشهر ليعود الفم إلى حالته الطبيعة مع قليل من الألم والضيق . كثيرا ما يتذكر صاحب اليد الذي سحبه نحو الأرض دون أن يراه ونصيحته القيّمة التي أنقذته من القنبلة الثانية بعد أن علم أن التقليل من أضرار القنبلة هو الانبطاح على الأرض ، ويتذكر زيارة السلطان الشاب للمستشفى لتفقد الجرحى فلا زالت عالقة في ذهنه ، لأنها كانت أمنية منذ أن قرأ عن الجمعدار عمر بن ض والأمراء العرب في حيدر آباد [ الهند ] أن يشاهد ولو استطاع أن يحادث السلطان الذي وقع جده في الهند على المعاهدة البريطانية عام 1888م ، فكان السبب في كل ما جرى في المسيرات ، وما حدث عند بوابة المستشفى . إلا أن تواضع السلطان وبساطته ولغته المهذبة في المواساة والموز الذي قدمه للمرضى بكل سخاء هدية سلطانية لطّفت الأجواء فجرى التصالح النفسي ، ثم إن السلطان فيما بعد كان مرغوبا فيه ولكن بعد فوات الأوان ، وكل الذين قرؤوا التاريخ الحضرمي والذين سيقرؤونه بعين عاقلة ، سيقولون: [ رب يوم بكيت منه ، فلما ذهب بكيت عليه ].
استهدفت القنبلتان مدير البنك الشرقي المحدود ، الإنجليزي الذي كان يركب سيارته الجيب [ اللاندروفر ] ، فأصابت الطالب الثائر المرافق وثلاثة آخرين إصاباتهم خفيفة ، ونجا سعادة المدير .

خلال هذه الفترة كانت الأنباء تتوارد بالتوالي ولكن بكثير من المبالغة ، مفادها أن هناك إنفجارات ومطاردات في مدينة عدن تستهدف الإنجليز ينفذها الثوار الأشاوس ، وأن ضحاياها من الإنجليز بالعشرات ، وبعض من قصص المناضلين التي بلغت حد الأساطير إلا أنها على كل حال ضيقت الخناق على أصحاب الوجه الصفر.
بعد نيل الاستقلال بعام ذهب أبوه إلى المكلا في رحلة سياحية وهناك علم عن لجنة رعاية أسر الشهداء التي تدفع تعويضات إلى من استشهد أو جرح إبان الثورة المسلحة واستفسر عن الموضوع فوجد فيه مكسبا . ذهب إليهم وسرد لهم قصة ابنه مع الموت ، فحصل على مبلغ من المال تكتم عليه إتقاء شر حاسد ، فلقد أفادت المصادر الموثقة التي تابعت إجراءات التعويض التي استمرت أياما ، أفادت بأنه قبض ما يعادل عشرة دولار أمريكي بالشلنات عدّا ونقدا ، هذا بعد أن أثبت بالدليل القاطع الذي لا لبس فيه أن المصاب في حادثة قنبلة بوابة مستشفى باشراحيل هو ابنه الذي كان بصحبة ابنه الآخر.
***

في عام 1967 انتقل إلى ثانوية المكلا الواقعة بحي: [ الشفاء ] ، وهنا بدأت مرحلة جديدة من التعليم والجهاد والبغضاء والمعرفة . مدرسة رقص لها طربا حين رآها لشعوره بأن ساعة الجد استجدت وعليه أن يجتهد داخل هذا المبنى الرائع ليكون طبيبا في المستقبل .
النصر المهم في لائحة الجهاد كان جلاء الإنجليز وإعلان الاستقلال وهو مكسب عظيم في طريق سلامة الشرف الرفيع من الأذى كما هو في الأحلام والتمني ، والجديد الآخر زرع بذور البغضاء وبدء شيوع ثقافة جديدة بكل قوة واندفاع أولها بغيض ووسطها كريه ونتائجها ممقوتة ، فقد بدأ التنميط والتصنيف البغيض ، فكان أن تعملق الملتزم للجبهة القومية وتهمش الغير ملتزم ، والعجيب أن الكل يعلم عن أهم أحد أساليب المحتلين ، وهي سياسة [ فرق تسد ] . والجديد في المعرفة أن جبهة التحرير ما كان لها أن تشتهر لأنها لم تكن الجبهة الشرعية المناضلة ، وإنما هي الجبهة القومية صاحبة الحق الشرعي في التمثيل ، إذ كان الجميع لا يعرفون عن الجبهة القومية شيئا ، وما ظهر على الساحة هي جبهة التحرير غير أن التاريخ والوثائق كما سطر وسجلت يقولان بأن صلاح نصر ، رئيس المخابرات المصرية في عهد الزعيم هو الذي كان يعتم على الجبهة القومية من خلال الإعلام المصري الوحيد ، المؤثر ، الموثوق فيه . وفي الحساب بين الأشقاء ما تبقى وهاتي يا ضغائن وأحقاد ، وآن الأوان لسياسة جديدة ستقود البلاد إلى المجهول ، والويل لكل مبلبل ومعتدي على الثورة ومكتسباتها.
في الثلاثين من نوفمبر 1967 رحل آخر جندي بريطاني وأعلن عن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بقيادة التنظيم السياسي ، الجبهة القومية برئاسة المناضل قحطان محمد الشعبي الذي أقصي في 22يونيو عام 1969م في حركة سميت بالحركة التصحيحية ، وتلاه المناضل سالم ربيع علي الذي اتهم ورفاقه قحطان باليميني وفي عهده تغير اسم الجمهورية إلى [ جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية ] ، غير أن سالم ربيع علي: [سالمين ] هو الآخر أتهم بالرجعية والعمالة فلقي حتفه عام 1978 بعد قتال عنيف في العاصمة عدن بين الأجنحة المتصارعة داخل التنظيم السياسي [ الجبهة القومية ] الذي تأهل ليصبح [ الحزب الاشتراكي اليمني ] .
عاد صراع التصفية الجسدية بين المناضلين عام 1986 بعد قتال أعنف من عنيف راح ضحيته الآلاف ، ويعد الأكثر عنفا والأكثر ضحايا في الساحة العربية قياسا إلى فترة الاقتتال القصيرة . سمي هذا الصراع بـ [ أحداث يناير ] .
قتل الرفاق بعضهم ، بدءا بتصفية فيصل عبد اللطيف الشعبي وعلي عبد العليم وقحطان محمد الشعبي ومجموعة الطائرة ، وما تلاها.لم يتحقق شيء مما تطلع إلى تحقيقه سكان شطر من بلاد كانت تسمى بالسعيدة بعد ربع قرن مضى عدا الحقد الطبقي ، زرعه الثوار القتلى ، الفارون ، الهائمون ، الغائبون الآن وإلى الأبد عن الساحة السياسية لأرض بلقيس ، وإن بقوا فهم بين متخم ومشرد وحالم . على أن الأماني تتجه نحو إعادة الحزب الاشتراكي إلى الساحة ولكن بثوب جديد ، فهو قوي ، جاد ، حازم في كثير من المواقف والمواقع، له من الإيجابيات ما يستحق أن يظل قيادي فاعل ، لكنه وإن سار على نهج الصلاح والإصلاح فلن يجد فرصة كتلك التي سنحت له.
لم تع أو تستوعب الطلائع ، ويا للأسف ، الدروس التاريخية منذ انتهاء النفوذ العثماني على الوطن العربي ، وما تلا ذلك من تقسيم وتمزق ، وظنوا أن مقارعة الاستعمار بالبندقية أو الشظية هي الأسلوب الأنجع في بناء حياة ، فكانت الأسلوب والطريقة الناجحة في خروج المجسم أو القالب أو الشكل ، في مضايقة الاستعمار الذي رحل مكرها كقوة عسكرية ليعود كروح وقلب ومضمون ، قوة اقتصادية مستحوذة على المادة والوسائل . فتلك العسكرة كانت جاثمة على الأرض ويقول البعض على الصدور ، فرحلت بقوة الحديد والنار، وهذه جاثمة على الحناجر والأمعاء والبطون ، ولن ترحل إلا بقوة نفتقدها ـ ويا للأسف . لم تؤد المقارعة الدامية إلى بناء حياة لأن الرصاص يعبر عن الرصاص، لا يعني الدماغ ، فالدماغ يعبر عن الدماغ ولكل أداء ، وأن مقارعة الاستعمار بقوة السلاح لا تعني نهاية مشكلة ، بل عند النصر تكون بدايات لمشاكل تحتاج إلى قوة سلاح ، لكنه سلاح من نوع آخر ، نفتقده ، فهل من استقلال فعلاً؟؟؟ .

***

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 07-09-2007 الساعة 08:04 AM
  رد مع اقتباس
قديم 07-08-2007, 08:35 PM   #43
محمدبن منيف النهدي
حال جديد

افتراضي

الاخ سالم محمد بلفقيه تسلم على الموضوع الجميل

وتحيه للمؤلف الجرو
  رد مع اقتباس
قديم 07-09-2007, 08:40 AM   #44
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي


المسيرة الكبرى


مساء يوم 29 نوفمبر ، الحركة غير عادية بين صفوف بعض الطلاب في بيت الطالب . المناضلون يسكنون في عنبر واحد . إنهم يتهيئون للمسيرة الكبرى التي ستنطلق يوم غد صباحا ، الثلاثين من نوفمبر 1967 من مقر الثانوية إلى قلب المدينة . كان إلى جانب صديقه جعفر ، صاحب الوزن والثقل في لجنة الإتحاد الوطني لطلبة اليمن ، فأطلعه على ما سيجري يوم غد ، وهو بدوره يستعرض أمام من لا يفقه أو لا يريد أن يفقه شيئا عما يدور . الكل مشغول باليافطات والشعارات.
في الصباح الباكر انتظمت الصفوف ، وانتظم حاملي اليافطات وتحركت المسيرة في مظهر مهيب . تعالت الأصوات بالهتافات الجديدة ، واختلط صخب المسيرة مع أصوات الأغاني الحماسية المنبعثة من على أسطح المباني
عبر مكبرات الصوت المشتبكة مع الإذاعة المحلية:

برّعْ يا استعمار برّعْ
من أرض الأحرار برّعْ


تتقدّم المسيرة ببطء ، والكلّ ينظر إلى الكل ، وكأنهم يتساءلون: ماذا سنكسب غدا من هذا التغيير الكبير؟
كلما تقدمت المسيرة كلما انضم إليها نفر من رجال ونساء ، فمن أراد أن يصرخ ويهتف ويقفز فمكانه داخل الصفوف ومن أراد أن يستمع إلى الإذاعة المحلية ويراقب عن قرب فبمحاذاة المسيرة بعيدا عن الاصطدام بمن هاج وتحمّس كثيرا إلى درجة تشعر معها بأنه فاقدا للأعصاب . إن الإذاعة تبث بيانات صادرة عن القيادة العامة للجبهة القومية ذات لهجة حادّة وقوية ، فحواها مصادرة بيوت تعود إلى بعض المسئولين في العهد الإنجلوسلاطيني ، وبعد كل بيان يصفق من سمع فيضيف على المسيرة مسحة من المفاجآت والجدية والشعور بالإستقلالية في اتخاذ القرار .
أعجب بجملة [ العهد الإنجلوسلاطيني ] ، واعتبرها مصطلحا سيستعرض به عندما يحاور الطرف الآخر عن نضالهم ضد العهد الإنجلوسلاطيني . كان حريصا على إقحامها في كلام قد لا يمت بصلة إلى الموضوع الآني ليري الطرف المقابل بأنه لجهل الدهر لا يستسلم .
ظهر شباب وطلبة في هيئة لا تتناسب مع الموقف الذي يحسبه الكثيرون مقدسا ، يحملون على الأكتاف بنادق آلية من نوع كلاشنكوف ، ومسدسات يتباهون بها في الخاصرة ، فرحين بما أوتوا من المنزلة والإعتبار ، فخورين بلفت الأنظار إليهم . تمنى أن يكون له مسدس بارز أمام الناس يتزين به ويظهر فتوّته أمام الثائرات اللاتي ألقين بعضهنّ النقاب جانبا ورحن يزغردن في المسيرة غير مكترثات بما يظهر على الصدور البيضاء الغضة ، العارية في معظمها من نهود صرعت الرّجال. هنا انتابه شعور غريب مقرونا بوعي إلى حد ما ، وبدأ يفكر في ظلامية المستقبل وهو محاصر بين جبال المكلا والبحر من أمامه ومن خلفه الوادي الطويل الذي يحتاج إلى عناية ورعاية من كفؤ وليس من راقص ، وربما لأنه شاهد بعض الشباب إيّاهم الذين تبدو عليهم سمات التشرد والضياع واللهفة إلى الإنتقام من أي شيء ومن أي أحد ، أو لأنه يعرف عن غباء وبلادة بعضهم في الصف وإفلاسهم من النزر اليسير من الصفات الحسنة والخلق القويم . تصور أن هؤلاء أو أمثالهم سيكونون المسئولين غدا عن إدارة البلاد والعباد ، على أنه تأكد جازما من عدم فهم هؤلاء لما تعنيه كلمتي: أشكال وألوان الإستعمار ، وهي المقياس العلمي الدقيق الذي سيحدد الطلائع القادرة على العمل المفيد والإنجاز المنتظر .
لا شيء في المسيرة وفي الأدبيات وما بعدها من ملاحق يدل على أن الشباب ومن خلفهم رجال الثورة الذين ظهروا فجأة غير معروفين ولا يدرون بأنهم لا يدرون ، ملمين بالدور الذي يجب أن يطلعوا به في هذا المرحلة الحساسة والخطيرة ، باستثناء واجهات من النخب التي لا تتعدى أصابع اليد وهذه مستبعدة حكما ، أو أن نفر منهم يسيرون وفق فهم بدائي قبل الفهم الدقيق والعميق لمتطلبات المرحلة وفهم أساليب الاستعمار وما يترتب على ذلك من تحديد إدارة الصراع والطريقة التي سيدار بها ، عدا الصراخ والقفز الغير منتظم والرقصات ، تعبيرا عن الفرحة في هذا اليوم فقط ، وكلمات نارية تهيج العواطف جوفاء من أي مضمون ، وأما الغد الذي تتوقف عليه الحياة ومستقبل أجيال فله شأن آخر . أهو سر في الأمر أم هو سوء فكر وتخطيط؟ . عندما تقدم طلائع بكوادر غير مؤهلة على تسلم حكم بلاد دون برنامج عمل ولا حتى تصور عن متطلبات المرحلة القادمة الخطير والحاسمة.
كان الأساتذة الكرام مع بعضهم يخطون في تؤدة بمحاذاة المسيرة في حشمة ووقار ، يتكلمون إلى بعضهم ، وبين الحين والآخر يقترب منهم ـ الشّقي ـ ليسمع شيئا مما يقولون . بدا عليهم الاستغراب والشعور بالخجل وهم ينظرون إلى طالب ينط وآخر يصرخ في حالة تشبه الهستيريا وثالث يقترب من النساء في حركة استعراضية ، وجميعهم من الذين يدخلون الصف وهم كارهون ، لا يفقهون شيئا ، وفي دفاترهم ملاحظات مكتوبة بالخط الأحمر: [ ضعيف ، ذاكر دروسك] ، والذي لا يفقه شيئا وصورته ليست على ما يرام في نظر الآخرين يكره من له اعتبار لدى الآخرين وله في العلوم والعارف باع طويل .
كان يقترب من الأساتذة الكرام تارة عن اليمين وتارة عن الشمال ليسجل موقف متزن وأخلاقي أمام أساتذته ولكي يسترق السمع وكان يجد في ذلك التحرك صعوبة نظرا للضجيج والصخب . شاهد أحد الأساتذة يبتسم بازدراء معلقا على ما شاهده ولاحظ من سلوك بعض الثوار الجدد الذين ظهروا فجأة من بين صفوف الطلاب ، خاصة أولئك المتخلفين ، الأغبياء ، المسلحين الذين ينتظرون منهم أهلهم أن يعودوا إليهم رجال مزودين بالعلم الذي يحقق المعجزات وليس بالشعارات الفارغة والفتوة الاستعراضية . لكن الأستاذ ومن هو على شاكلته من الذين سهروا الليالي لنيل المعالي فدرسوا واجتهدوا وقرءوا كتب المناهج ومراجع الثقافة العامة ولازمتهم النظارات الطبية قبل الأوان نتيجة القراءة ، وكل الذين تجملوا بأخلاق الآدمي والذين هاموا في أروقة الكليات ومراكز البحوث وجد نفسه في غفلة كيد من زمان المفاجآت تحت حكمهم ووصايتهم ، محتاجا إليهم في كل شأن ، متلقيا تعليماتهم كقوة نفوذ ومصدر قرار لا يقبل المناقشة ، وربما كان من الذين يستمع صاغرا إلى محاضرات بعضهم عن معنى العنف الثوري المنظم ومرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، إذ لم يحن بعد موعد المحاضرات التي تركز على معنى الكادر البشري وأثره في التنمية المعني بها أستاذنا الأكاديمي وزملاؤه ، فالظرف الآني ألغى دورهم التربوي والإنمائي ، فالمرحلة مرحلة عنف ثوري ولكنه منظم ، وهذا العنف لا يحتاج إلى الكادر الأكاديمي ثم أنهم متهمون بتشرب الثقافات الرجعية التي تخدم سياسة الإمبريالية والرجعية المحلية ، هذا إذا لم يصنف الأستاذ الكريم ومن هو على شاكلته من أعداء الثورة ويبقى سليما معافى بين أهله وذويه وعشيرته التي تؤويه .
رغما عن أنفه شاهدهم بأم عينيه وقد أضحوا من كبار المسئولين ومن رجال الحل والربط ، يركبون السيارات الفارهة ، يعتلون المنابر فيرفعون المجرور وينصبون المرفوع ، وهؤلاء الأكاديميون قعود على الأرض واجمون يستمعون إلى الجمل المحفوظة: ( نحن أمام منعطف تاريخي ـ نحن أمام قفزة نوعية ... ) ،وعليهم التصفيق وإلا..... يهابهم كل شارب مهما طال ، ويعود السبب إلى انتمائهم المبكر إلى التنظيم السياسي ـ الجبهة القومية وإخلاصهم واستعدادهم المطلق لتنفيذ ما يطلب منهم ثم الصورة النضالية المبكرة التي أبدوها في الأيام الأول من مراحل الثورة ، في النطنطة والقفز وترديد الشعارات والتغني بها والوشايات ، فكم من بريء آمن غافل ، صادق مع الله ومع نفسه ، ينصف الآخرين من نفسه تسببوا في نكبته وأسرته ومن يعول باعتقاله ظلما والتنكيل به وبعضهم اختفى في ظروف غامضة . أضحوا من كبار المسئولين وهو وليس مهما الإلمام بقواعد اللعبة السياسية والتعامل الإنساني.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



تهم جاهزة

إنها ثلاثة اتهامات جاهزة تودع الأبرياء ، المغضوب عليه السجن ، فمن أراد بآخر سوء أو أراد أن يرفع أسهمه لفق إليه تهمة من ثلاث ، وعند الضرورة تزداد الجرعة ، الأولى: [ يثير البلبلة ] ، والثانية: [ من قوى الثورة المضادة ] ، والثالثة: [ مناصر لجبهة التحرير ] .
عجب من صديقه جعفر الذي ظهر فجأة كأحد القياديين في المسيرة والمشرفين عليها والمنظمين لها والمسئولين عن تحرير الشعارات ، وفرح له بالمركز الذي احتله فجأة فقد رآهم يعودون إليه ويستشيرونه فعلم أنه قيادي رفع القناع ولم يعد خائفا ، فتذكر ما قاله في شبام عن ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 التي انطلقت من على قمم جبال ردفان ، وفي ذات اليوم أكد له أن أفريقيا ستتحرر من قبضة الاستعمار بفعل تلاحم المناضلين الأحرار الشرفاء . ألقى جعفر كلمة خيّل إليه أنه أكثر واحد صفق له بصدق ، وقد نال احترام الأساتذة الكرام ، وصار لبعضهم مؤانسا فيما بعد ، فهو مهذب ، على درجة من الخلق وإن تشبع بالتعاليم الماركسية وتخلخل إيمانه بالعزيز الجبار ، ذي القوة المتين .
أضيف النصف الآخر إلى مسيرة النضال الجديدة فظهرن في المسيرة نسوة متحررات بعض الشيء من القيود والأعراف والتقاليد التي عرفت بها الجهة الحضرمية ، فظهرن على حين غرّة صورة مثيرة لمن ينظر بعين النضال والعدالة أو التساوي في الحقوق ، وهؤلاء قلّة ولمن ينظر بعين أخرى وهم كثرة ، ومنهم من فوجئ بالصورة خاصة أولئك الذين قدموا من الوادي الذين بالكاد يرون ساعد امرأة متزينة داخل كمّ طويل يوم عيد أو يوم عرس ، فقد ظهرن من اعتبرهن المطرب اللبناني فهد بلان دواء كل علّة هنا جريئات ، ضاحكات غير محجبات يستعجلن التحرير [ أي تحرير المرأة ] ، وكنّ لا يبالين بما يظهر من أجسادهن أثناء الرقص والقفز ، وبعضهن يصرعن ذا اللب . كانت العيون هنا تتكلم ، ومن الشباب من ينصت جيدا وباختيار وتركيز. شيء من الجد المتعلق بالمصير وشيء من الترويح والتنفيس عن نفس مكبوتة ولم يعد الظرف حكرا على أبي القسم الشابي: [ إذا الشعب يوما أراد الحياة.........الخ ] ، بل اختلطت الأمور وكان الحضور لجرير في هذه المسيرة:


إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثـم لـم يحيين قتلانا
ولأمير الشعراء:
نظرة فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلـقاء


الطريق طويل من مقر الثانوية إلى قلب المدينة ، والسير كان بطيئا ، والتوقف يتكرر ، ولا هناك شيء بدا جديد غير الصدور العارية لبعض النسوة ، وبعضهن يرقصن بعجز مثير ، فكانت مسيرة وكانت نزهة غير أن نزهة من يقف متأملا على شاطىء البحر تكون أخرى فيها من الهدوء ومن التأمل ما يجلب السرور أو الحزن على الإنسان. لما اقتربوا من البحر أخذ طريقه مع زميل له نحو الشاطئ ليسبح في الفضاء الواسع ، وجلس كل منهما على صخرة ينظران إلى الأمواج المتلاطمة.

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 07-26-2007 الساعة 04:22 PM
  رد مع اقتباس
قديم 07-09-2007, 06:29 PM   #45
فاجوان عباس
حال متالّق
 
الصورة الرمزية فاجوان عباس


الدولة :  الاردن
هواياتي :  الموسيقى والشعر والقصص القصيرة والسياسة
فاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond reputeفاجوان عباس has a reputation beyond repute
فاجوان عباس غير متواجد حالياً
افتراضي

سالم بلفقيه الشرقاوي

ساظل اشكرك ... واشكرك ... واشكرك

الي ان تنتهي من الكتابة وبعدها ساتوقف عن الشكر :el: ( أمزح ) نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
التوقيع :
الصدّيق يهدي صاحبه.اما طريق الاشرار فتضلهم.

يوجد من يتغانى ولا شيء عنده ومن يتفاقر وعنده غنى جزيل.
  رد مع اقتباس
قديم 07-09-2007, 08:05 PM   #46
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدبن منيف النهدي
الاخ سالم محمد بلفقيه تسلم على الموضوع الجميل

وتحيه للمؤلف الجرو

الله يسلمك اخوووي محمد النهدي , الشكر لله ثم للاستاذ سالم الجرو صاحب الموضوع ..........

خالص التحيه لك اخي محمد...
  رد مع اقتباس
قديم 07-09-2007, 08:11 PM   #47
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاجوان عباس
سالم بلفقيه الشرقاوي

ساظل اشكرك ... واشكرك ... واشكرك

الي ان تنتهي من الكتابة وبعدها ساتوقف عن الشكر :el: ( أمزح ) نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فاجواااان عباااااس

تسلمين ........ تسلمين ..... تسلمين ....

لن اتوقف عن الكتابة أبدا لاجل تظلين تشكرينني ........

الله لايحرمنا تواجدك هنا ....نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 07-10-2007, 09:31 AM   #48
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

وجبة حوت


البحر وأمواجه الهادرة تذكره بمأساة ، وما أكثر ضحايا البحر من الحضارمة المهاجرين عبر السفن الشراعية في السابق . قليلون يعرفون عن أجداد ألتهمتهم حيتان البحر. يذكّره البحر بأربعة:

حادثة محزنة
ورحّالين وفتوحات إسلامية


بغرق خاله وبفاسكو ديجاما ، كروستوفر كولومبس ، ابن بطوطة وطارق بن زياد . حادثة خاله هي المحزنة رواها له جدّه: [ عزم نحو سبعون مهاجرا على السفر إلى السواحل ـ شرق أفريقيا ، وكان سعيد ـ جدك من الأم ـ معهم برفقة ولديه الصغار . ركبوا من المكلا في سفينة شراعية وبالقرب من ميناء بربره غرقت فغرق الجميع ، لكن الجد ماهر في السباحة فالتقط ولديه ( صالح وعلي ) من بين أمواج البحر وعام بهما حتى تعب وأدرك أنه سيغرق ويموت الجميع إذا لم يتخلّ عن أحدهما ومن ذا سيغرق في تفكير والأمواج تتقاذفه وهو ممسك بفلذات كبده؟ . رمى بأحدهما والقلب يتقطع ]. ترك خاله صالح ونجا بمعية خاله الثاني علي ، وكلما شاهد البحر تصور جده وهو يقذف بابنه وجبة للحوت . كم تمنى أن يرى جده وخاله الناجيان وخالته وأرض السواحل ، لكنه لم يعد إلى كينيا فقد غادرها بصحبة شقيقه الأصغر عام 1954 ولم يعد بعدها . ثم الصور الخيالية لسفن شراعية أقلت فاسكو ديجاما وابن بطوطة وطارق بن زياد وما خلدوه من اكتشافات وفتوحات يصعب على المرء أن يقارن جهودهم بجهود أقزام في مسار البحار لا يعرفون إلى أين هم ذاهبون.
إلى جانب المتعة في حديث الجد هناك فوائد جمّة يلتقطها الصّغار تؤثر على سلوكهم ، ونقل السلوك المغروس ذو الجذور البعيدة جدا لا يأتي عن طريق التلقين ولكن عن طريق القدوة. من القصص التي رواها هذا الجد ، أنه مكث مع زوجته تسع سنوات دون أن تحمل فشق ذلك على والديه ، فطلبا منه أن يطلّقها ، فأبى . كان ذلك في العام: 1925 ، وفي السنة العاشرة تعرّف إلى رجل من الأشراف ثبت بالمعاينة أنه يستخدم الجن فيأتون بالحلوى وأيّ طلب من مسافات بعيدة تصل إلى أكثر من أربعمائة كيلومتر . هذا السيد الشريف استمع إلى موضوع الجد ومشكلة الإنجاب ، فأعطاه وصفات علاجية تتعلّق بالقرآن وبالدّعاء ، ووعده ـ بإذن الله بمولود ذكر ، سمّاه ـ عليه علامة وقد كان ، ثمّ أكّد له بأن المولود القادم أنثى وحدد اسمها وقد كان .
عندما تتخيل مدينة المكلا ، فإنك بالضرورة تذكر مدخلها الرئيسي ويسمّى: سدّة المكلا ) ، أي بوّابة المكلا ويتذكر عوائل إرستقراطية تسكن في حيّ السلام وفي البلاد ، ويرتسم الصّيادون في خيالك وعمال الميناء ، أغلبهم يسكنون في حيّ العمال ، على أنّ شارع المكلا الرئيسي هو الثابت في الصّورة حيث تنتشر المتاجر والحوانيت ، ولا يمكن للمرء أن يغفل مسجد عمر الذي تجد فيه الهدوء والطمأنينة وأنت تؤدّي فروض الصلوات الخمس خلف إمام هادئ. السوق الذي يلي مسجد عمر من الداخل له طابع آخر ، ولون آخر ، طابعه أنه مخصص للنساء ، تتخلله أزقّة ، ويدعى: ( سوق صلّوا على النّبي ) ، إمّا للتذكير وإبعاد همزات الشياطين أو لضيق الأزقّة التي تستوجب التنبيه باستمرار خوفا من صدام البعض بالبعض أثناء السير العجل.
ابن المكلا بل وأبناء المدن الساحلية بطبيعتهم مرحين ، اجتماعيين ، لكن ابن المكلا بالذّات دائما حاضر البديهة ، له قفشات ونكات تندرج في كوميديا الموقف.
الغناء في المكلا وأجواء الطّرب تذكرك ببغداد في عهود خلت ، وما من ساكن أو ساكنة في المكلا ، طفل أو شيخ كبير إلا ويذكر المطرب: محمد جمعة خان. صاحب مدرسة تخرج منها المطربون المعاصرون.


الابن عزوة الأب


إن
الأسباب التي دعت والده إلى ترحيلهما صغارا ، ليحمل فيما بعد صورة جمال عبد الناصر ويشترك في المسيرات ، كان أولها: وفاة أمّه ، يرحمها الله تعالى ، والسبب الثاني حرص الآباء في المهجر على شحن أولادهم إلى مسقط الرأس كي لا يضيعوا وبالتالي تفوتهم المنافع مستقبلا . كان قرار سفرهما وهما صغارا رحمة من لدن رب كريم ، ذلك أن الذين سافروا وهم كبارا وجدوا صعوبة في التطبيع خاصة أولئك الذين قدموا من جزر الملايو. رأى بعضهم يحدّث نفسه نتيجة انفصام وغربة مشاعر ، وبعضهم من الأذكياء ولكنه وقع في قعر مظلمة ، رغم أنفه ، فعكس ذلك بعقد نفسية أفقدت صاحبها التوازن .
عن أمور كثيرة مخيفة كانت جدته تسرد التاريخ المأساوي للهجرة وشئونها ، هذا ما روته له جدته التي تعلق بها وأحبها حبا شديدا ، ربما لأنها تعتني به وبشقيقه أكثر من أي طفل آخر لإحساسها باليتم وغياب عناية الأب الذي ظل يتاجر خلسة في الذهب بين كينيا وعدن والهند . كانت توقظهما عند الفجر في أيام الشتاء فتعطيهما عسلا في غفلة من الحساد ، ولكنها عندما تغضب تكون شرسة في عقلانية فتعلن غير ما تبطن وتقول ما لا تفعل ، تقول في جدية: [ سأقطعكما إربا إربا..] . أعطت معلم الكتاّب في القرية العم أحمد الصلاحيات الكاملة بما في ذلك الضرب دون الرجوع إليها . كل أهالي القرية يجلون ويحبون المعلم أحمد ، يرحمه الله .
كان سكان القرية يتوادون فيما بينهم حتى لتشعر بأن الفرح الذي يخص بيتا معينا ، فرح يعم الجميع وكذلك الحزن ، ويعود ذلك إلى ارتباطهم الوثيق ببعضهم ، ويحزن الفؤاد ويقطع نياط القلب كثيرا ما آل إليه السكان بعد ذلك من البغضاء والشحناء والكراهية التي غرس بذورها ما يسمى بالصراع الطبقي الذي كان وراءه التنظيم السياسي ـ الجبهة القومية . فجّر الصراع الطبقي ليلحق بالصين الشيوعية في حين كان هو وزملاءه في المتوسطة يحلمون بأن يلحقوا بالولايات المتحدة الأمريكية ، فلا الحزب لحق بالصين ولا الطلبة المجاهدين المناضلين ارتسموا في خيال الأمريكان كبشر قبل أن يلحقوا بهم . الذي تحقق وبقي وتفشى: الكره والبغضاء والفقر والبؤس والتشرد والضياع .

في بيت الطالب


عاد جميع الطلبة بعد انتهاء المسيرة إلى الداخلية [ بيت الطالب ] مرهقين تراودهم أحلام بتغيير الواقع نحو الأفضل ، وكالعادة يجتمعون ليليا بعد المذاكرة وأداء الواجبات المدرسية في حلقات يتسلون بالأحاديث التي تكون أحيانا عبثية ، ولحديث أبناء البدو في النساء والعشق طرب ونشوة . لكن السياسيين والذين ظهروا فجأة يبحثون عن أعضاء جدد لتنظيم ثوري ، يسمى: [ التنظيم السياسي ، الجبهة القومية] وفي ذات الوقت يبحثون عن صيد ليلقوا به في غياهب السجون ، والقليل كان لئيما لا سيّما أولئك الذين قاموا بتصفية حسابات مع خصومهم تمس قضايا شخصية جدا . إنهم يحاولون جرّ الجميع إليهم والجلوس معهم بحجة خدمة الثورة وقضايا الجماهير ، كان الكل يود أن يظهر بمظهر الثوريين ومشاركتهم كل شيء بما فيها حمل المسدسات إلا أنهم كانوا متعالين يظهرون التفوق وهم لا يفقهون من أمور السياسة إلا العناوين العامّة كلفظة: ( الإستعمار والإمبريالية التي يخرجهما من فيه بنبرة غضب ، ومنهم من يقول كلاما غريبا وردفي أدبيات الإشتراكيين . لم يظهر البعض من الثوار الجدد بمظهر رجولي حسب الأعراف الحضرمية ، ولم يخجلوا من الحط من قيمة رجال دخلوا التاريخ باقتدار وليس من الخلق السياسي والعرف الآدمي أن تشطب من التاريخ رجال لهم بصمات مهما كانت درجة الاختلاف معهم ، فكل علم وأثر لا يروق لهم يلصقونه بالعهد البائد كما يصنفون . كانوا يقولون جملا ونصوصا للاستعراض أو هم صادقين ، كقولهم: [ يفترض أن يكون حديثنا دائما في المفيد للثورة والمصالح العليا للجماهير ـ أن نكون يقظين ، حذرين من مؤامرات الأعداء التي تحاك في الظلام لوأد الثورة في مهدها ـ نحن الآن أمام منعطف هام في تاريخ أمتنا وحياة شعبنا......ـ السير بخطى حثيثة من أجل النهوض بأمتنا نحو حياة مزدهرة ـ يجب اليقظة والحذر من أعمال عدائية تهدف إلى سلب إرادتنا وعرقلة مسيرة ثورتنا المجيدة ـ احذروا الطابور الخامس ] . كلها جمل تندرج في إطار الكلام الفضفاض العام ، ولو سئلوا عن المؤامرات التي تحاك ، وما هو المفيد للثورة ، وماذا يعني أن نكون يقظين ، وما هو المنعطف التاريخي لتلعثموا وبان النحاس من القصدير.
قليلون يذهبون وهو أحدهم إلى حلقة أبي داهش ، الطباخ ، الفكاهي ، المرح ، الساخر من السياسيين الجدد فهو الرجل الأول قبل أولياء الأمور يعرف عن سلوك كل طالب وعن نجاحه من فشله في التحصيل الدراسي ، وليس ذلك فحسب بل يعرف عن الذين يدخنون السجائر ولهم من السلوك ما يتنافى مع الأخلاق. في حلقة أبي داهش لا سياسة ولا كلام جاد وإنما ضحك في ضحك ...تعليقات ساخرة ، ونكات معبرة يفهمها العاقل ، الفطن اللبيب.
أن يسخر نفر من نفر في اليوم الأول من الاستقلال يعني أن هناك صور بشعة ظهرت أو أن هناك نشاز في حركة ما ، وذلك ما حدث ، فبعد أن نزع الحزبيين القناع دون خوف ، برز من بينهم الضعفاء السذج وأصحاب السوابق ، ومن لهم نصيب في السوقية المبتذلة. لذلك جاء التندر وجاءت السخرية في حلقة [ أبي داهش ] ..
مثلت ثانوية المكلا الوحيدة في حضرموت الساحل والداخل ، الشق القعيطي المجتمع الحضرمي بكل عاداته وتقاليده وتنوعه وخصائصه. من هؤلاء تكونت الصورة الحضرمية بكامل خصوصيتها وتنوعها ، ولكنهم طلاب علم فقد كانوا الخامة القابلة للتشبع بالتعاليم المراد لها أن ترسخ في الأذهان ، فوزعت منشورات تضم أقوال ماوتسي تونغ وفيدل كاسترو وآرنستوتشي جيفارا وكل من يعتبر مناضل حر شريف. من هذا التجمع المتناغم عرفا وعادة وسلوكا تكونت صداقات ، وقد اكتسب في وقت قصير ما لا يستطيع اكتسابه في سنوات لو أنه تفرغ للتجوال في عموم وديان وسواحل حضرموت ، واستطاع أن ينتقل بنفسه إلى مواقع أمامية في الدراية والفهم ، إلا أنها لا تصفو لشارب ، فلقد حزن لبعض الزملاء الذين واصلوا دراساتهم الجامعية وتوظفوا في غير تخصصاتهم لأنهم لم ينتموا إلى التنظيم السياسي الحاكم ، أحدهم توظف في البريد وتخصصه بترو كيميائيات .
***

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 07-10-2007 الساعة 10:06 AM
  رد مع اقتباس
قديم 07-10-2007, 01:29 PM   #49
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

في الطويلة


بعد سقوط سلاطين المحميات الغربية وسلطتنتي حضرموت ( المحمية الشرقية ) ، وتوحيد البلاد ، أضحت المكلا والشحر وتريم وسيئون تربويا وتعليما في دائرة وزارة واحدة واهتمام إدارة المعارف في المكلا ، فجاء القرار:
قررت إدارة المعارف [ التربية والتعليم ] فتح مدرسة ثانوية في سيئون ، والطويلة: إسم لمدينة سيئون ، عاصمة مؤسس الدولة الكثيرية [ بدر أبو طويرق ] في القرن التاسع الهجري ، فيها الأسر العريقة التي هاجر الكثير من أفرادها إلى جزر الملايو وعادوا بوفرة من المال وبنقوش تلك الديار فرسموها في لوحات رائعة ، في الدور والقصور والأثاث، وفي الحدائق والبساتين . (إلى الطويلة انتقلنا صف ثانية عام 1968] ، عام المسيرات المؤيدة لقرارات التأميم وخفض الرواتب ، والغريب أن الموظفين اشتركوا في المسيرة بحماس لا يدع مجال للشك في أنهم صادقين:


استمرت المسيرات سبعة أيّام متواصلة بحماس منقطع النظير ، تدعو إلى تخفيض الرواتب ، وهو مبلغ زهيد على كل حال غير أن الثوار أرادوا أن يثبتوا لدول الجوار التي لم تلتفت إلى الدولة الفتية بأنهم سيحققون المعجزات بالرغم من الحصار الذي بدا يلوح في الأفق . وبهذا ابتدأ صراع من نوع جديد في الداخل ومع الخارج خاصة دول الجوار في مقدمتهم المملكة العربية السعودية ، كان أكثر خطورة من أي صراع مضى. وجاءت النكات ، منها أن مريضا سأل صيدلاني عن استعمال الدواء ، فأجابه: حبة بعد كل مسيرة ، وملعقتين بعد كل ثلاث مسيرات وبعد كل أربع مسيرات كبسولة . أما مدرس الأحياء ، فلا يدري أن نفر من الطلبة إياهم متمركسين إلى النخاع ، ويستطيعون إسكاته وإذلاله ، فقد شطح وعرّض نفسه للخطر عندما شرح وظائف كريات الدم البيضاء ، فبمنتهى السخرية والتهكم ، قال: [ عندما تقوم الجراثيم والميكروبات بتنظيم مسيرة وتتقدم في الشرايين فإن كريات الدم البيضاء تقف لها بالمرصاد وتقوم بهجوم مضاد تحبط أهداف تلك الجراثيم والميكروبات ] . أخبره جعفر بأن الأستاذ سينال جزاؤه وكل من يحذو حذوه في البلبلة والنيل من ثورة البروليتاريا ومكتسباتها من البرجوازيين والمتضررين من المد الثوري الزاحف بقوة ليسقط رهان الإمبريالية والكومبرادور ، سيضرب بعنف ، وإن الثورة لن ترحم من يقف في طريقها أو يعرقل مسيرتها ، فأخبر هو ثالثا ورابعا وانتشر الخبر وبقي الأستاذ،مواظب على مواعيد عمله إلا أن صوته خفت وتعليقاته الساخرة اختفت . بدأت أسهم الطالب الملتزم للتنظيم ترتفع على حساب حتى مدرسه ، ومن حظه أنه صديق جعفر وصديق الرفيق صديق . كلمة رفيق جديدة وكانت لها رنّة ، أمّا الجمل الطّنّانة فكانت تميّز الثوري من التقليدي ، وحتّى اللبس تميّز به الثوريون ، بدلة سفاري مع سباعيّة وعمامة تغطّي الجبهة ، وعندما يحمل رشّاشا ، فذاك يعرف من بعيد وعلى كل امرىء أن يحفظ نفسه من فلتات اللسان.
تقول إحدى أراجيز [ سعد السّويني ، الخبير الزّراعي التقليدي ] ، ذو المعرفة بالأنواء ومواعيد زراعة الحبوب والخضار ، يقول: ( إذا دخلت الجبهة ما شي زين ) ، والمقصود: نجم ، يسمى [ الجبهة ] ، إلا أن الرفاق حاسبوا من يردد هذه الأرجوزة.
لو علم الطلبة بإمكانيات السعودية ودول الجوار ، ثم إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية في التصدي للثورة الحمراء لسخروا من أنفسهم ، فقد أفرطوا في النّدّية وحتى هو كان يؤمن بأن الثورة الفتية ستعانق ثورات أمريكا اللاتينية وستقرع في يوم ما أبواب لندن وواشنطن وتخيل رجال النفوذ في كل من انجلترا وأمريكا ومنظومة الدول الرأسمالية وهم يحزمون أمتعتهم فارّين بجلودهم من قبضة البروليتاريا ، تاركين مدنهم ومصانعهم والبنوك للسلطة العالمية الجديدة ، لا سيّما وأن العبارة المثبته في المطبوعات والأوراق: ( يا عمّال العالم اتحدوا ) ، تؤكد أن الثورة في اليمن الجنوبية هي أممية بلا منازع مع تفوق قليل للجهات الأخرى ستقضي عليه الإرادة الثورية . كلّ ذلك الخيال والحلم والتصور وهو وزملاؤه بين جبلين في واد ضيّق ، لا يملك أغناهم أكثر من خمسة شلن في جيبه: ريالان ونصف سعودي ، أقل من دولار أمريكي ، غير أن الدراية التي أتت متأخرة ، جعلت الكثيرين منهم يرددون: [ رحم الله امرىء عرف قدر نفسه ].
ومن ذا سيشعر بمجد أو فخر عندما يعلن رئيسه بفخر واعتزاز إن إنتاج مزرعة الدواجن لهذا العام بلغ مليون بيضة ، وهو يسمع أن المشاريع السعودية التي يبلغ حجم تكاليفها مئات الملايين لا يعلن عنها باعتبارها بسيطة لا تستحق الذكر؟ ، فهذا الذي ينفق من سعة سيحمي أمنه بوسائل ومعدات وتجهيزات مكثفة وحديثة لا يمكن مقارنتها مع سيارات وآليات متهالكة وأفراد يعتمد معظمهم في معيشته على تحويلات ذويهم المصرفية من البلاد السعودية ، ناهيك عن مكانة السعودية في العالم الإسلامي وثقلها في الأوساط السياسية وعلاقاتها الدولية.
كانوا يتابعون أول بأول إصدارات دار موسكو وبيانات الحزب الشيوعي في الكرملين ، ومجلة أنباء الصين الجديدة التي تهيؤها لهم حكومة الثورة الفتية، متحفزين إلى اللحاق بالصين الغير دموية مع شعوب الأرض ، والبعض يريد اللحاق بروسيا ، وليس ذلك فحسب بل يتطلعون إلى النصر الساحق القادم الذي سيطيح برؤوس قد أينعت وحان قطافها ، تلك الرؤوس التي تملك وتدير المصانع الحربية وشركات النفط والأوعية المالية الدولية ، هذا طبعا بعد سقوط عواصم الإمبريالية العالمية على أيدي البروليتاريا.
مع كل تلك الإرادة والتطلعات والأحلام ، كان الهم الدائم لطلبة الثانوية عدم وجود الكثير من المراجع والكتب المدرسية.

العم حسن


شخصية هادئة ونموذج من الطراز الأول في كلّ شيء حتى اللبس.
مبانٍ جديدة ، وسكن الطلاب أيضا مبنى جديد ، وكل شيء جديد ، ومدرسة على سفح جبل بتصميم رائع ، وكم كانت فرحته كبيرة عندما ناوله العم حسن ، مسئول بيت الطالب ، بطانية جديدة وأشار إلى السرير الخاص به . الجميع كان مغتبطا ، فمدينة سيئون محفورة في فؤاد كل حضرمي وقصائد حداد بن حسن الكاف محفوظة في الصدور وهي تغنى من قبل مطربين كثر ، يذكر فيها سحر الطويلة ، غير أن العم حسن جعلها رسمية مباشرة فناولهم نسخة من نظام الداخلية ، يقول أحد بنوده: يمنع على جميع الطلبة المقيمين في الداخلية من الذهاب إلى الأسواق أو مغادرة حرم المدرسة إلا بإذن ، وسوف يتعرض للمساءلة والعقاب كل من يحاول الذهاب خلسة . من مهام التربية المحافظة على النشء ومراقبة المراهقين منهم ، وهذه من الحسنات الكثر لآباء كرام .
كانوا يسمعون عن مدينة سيئون وهاهم في جهة الجنوب الشرقي من المدينة بالقرب من حصن: [ الحويرث ] ، مبنى السجن ومبيان ضخمان ، أحدهما للشيخ: سالم عبيد باحبيشي ، رجل أعمال من دوعن ، وادي ليسر: ( حوفة ) ، كان يقيم في أثيوبيا وقدّم لسيئون في وقت الشّحّ ما لم يقدمه إلا من يحب وطنه وأهله حبّا شديد غير مشروط ، وهؤلء ندرة في بلاد العجل.
لا يشاهدون إلا جبال وفضاء واسع ، يبتعدون عن قلب المدينة بنحو ثلاثة كيلومترات ، ورؤيتها بعيدة المنال وسيكون على فترات قصيرة في المستقبل ، عصر يوم الجمعة فقط ويا نفس اصبري . الجميع يتطلع إلى ذرع سيئون والسير فيها شبرا شبرا ومعرفة حي: [ القرن ] الذي تغنى فيه الشاعر الغنائي حداد بن حسن الكاف.
في ليلة شدّه صوت الكمان ونقله إلى بعيد ، إلى أغنية محمد جمعة خان : [ قف معي نشهد جمالا ] ، إنه كمان أحد الطلبة الذي يتعلم العزف ، ولم يتقن في العزف إلا هذه الأغنية . أطفئت الأنوار ونام الزملاء إلا هو فقد عادت به الذاكرة إلى الخلف ، وبينما هو مستغرقا في الخيال داهمه في الظلام شبح آدمي يتحرك . لم يخف عندما رأى جسما أبيضا يتحرك ، فالشياطين لا تظهر إلا في أشكال قبيحة وهذا ملاك يتحرك . عرف من قصص العم سعيد أن الذين يلبسون ثيابا طويلة هم من الملائكة ينزلون إلى الأرض لمساعدة البائس الفقير الذي ضاقت عليه الدنيا . إنه العم حسن يتفحص: هل من سرير فارغ؟ . من الطلبة من يحتال فيترك على سريره ما يشير إلى أن هناك آدمي يغط في سبات عميق ، فيذهب ويطوف في المدينة ،غير أن العم حسن يلقي عليهم القبض بعد أن يكتشفهم من برج المراقبة عندما يعودون .
يسكن في الغرفة الوحيةد الواقعة في السطح فيكشف القادم من جميع الاتجاهات ، ثم انه مرهف السمع ، يخطو بتؤدة وتنصت في ممرات بيت الطالب ، ويقدمهم إلى الأستاذ يحيى للقصاص والمحاكمة . كثيرون أدرجوا في القائمة السوداء. لا أحد من الطلبة الداخليين يرغب في إدراج اسمه في القائمة السوداء ، فالتوبيخ يجلد الضمير عند صغار في الوقت ذاك ، ولا أحد يشعر بضيق من العم حسن إلا من ضاقت أخلاقه وضاقت عليه نفسه ، فلقد كان علي قدر عال من الخلق والالتزام بمسئولياته أمام شباب مراهقين ، والطلبة أيضا على درجة من النضج والإحساس بالمسئولية رغم المراهقة.
يشعر بالغصة والندامة وشعور بالذنب كلما تذكر مسيرات 1968 المطالبة بتخفيض الرواتب، إذ كيف يناشدون بخفض الرواتب وموظفي الدولة في أمس الحاجة إلى الفلس قبل الدرهم ، ثم كم هو الراتب حتى يدعون إلى خفضه ، إنه لا يتجاوز في المتوسط ثلاثين دولارا شهريا ، أليس في ذلك بلاهة وحمق؟ بلى ، والله ، إنها لأكثر من ذلك ، أحس بذلك الشعور بعد أن توظف ، وتذكر مشترياته ومقتنياته من سوق المكلا أيام السلطنة والتي كانت فيها الهدايا الثمينة كملبوسات وبيوت مخدة مطرزة يدويا ، وكل ذلك من فائض مصاريفه الشهرية التي لا تتعدّى الثلاثة دولارات . كذلك يشعر بالخجل كلما تذكر حركة يمكن وصفها بأنها سخيفة ، قاده إليها صديقه جعفر الذي طلب منه ذات مرة مرافقته فسار خلفه ورآه يحوش أغناما من شوارع وأزقة المدينة . فعمل مثله وعمل آخرون مثلهم . ساقوا الأغنام إلى مكان المهرجان الكبير في اللحظة التي اعتلا فيها المحافظ المنصة وراح يخطب والجماهير تصفق . كان لا يدري عن الهدف من وراء تلك الحركة ، لكن صديقه جعفر أخبره في المساء بأن المسئول إيّاه يميني رجعي ، يريد أن يستغل بساطة الشعب فيضمهم إلى صفه فيكون شعبية له . إنه يجهل معنى [ اليميني ، الرجعي ] ، وحتى صديقه جعفر تعتع عندما طلب منه الإيضاح غير أنه في وقت متأخر جاء متسلحا بالمعرفة وأزال الغموض ، وبعدها كان يتهم من لا يروق له باليميني الرجعي حتى تلقى ذات يوم صفعة موجعة أنسته تلك الكلمات إلى حال التاريخ . سيقت الأغنام إلى مكان المهرجان وملأ الغبار جو الساحة وتصدى لها الجنود بالهراوات ، وعم المكان الضحك والصخب ، فكانت صورة ارتاح لها أعداء المحافظ الذي لم يطل به المقام فقد قتل بعد أشهر وصنف من الرجعيين أعداء الثورة .
كثيرة هي المواقف المخجلة التي لا تعبر عن وعي أو إدراك لحقيقة ما يجري أو هو تآكل بين الثوار في ديار المشرق . كانت السمة التقليد الأعمى والتلبية لنداء العواطف ، والانجرار دون تحسب ، منها على سبيل المثال مضايقة صاحب مقهى في المكلا بحجة أن بعض الانتهازيين من الثوار حسب قول الطرف الآخر ، يجلسون بعد مغيب شمس كل يوم فيسقيهم شاي بالحليب . هو لا يدري عنهم ولم يقدم الشاي لهم تكريما بل بمقابل ، وما ذنبه والثوريون يأمرونه بإبعاد الكراسي والدخول بها في مكان ضيق . رافق مجموعة من أفراد يحمل أكثرهم مسدسات وصديقه جعفر في مقدمتهم . طلب منه المشاركة في المهمة وعندما تكون الخدمة نضالية فمن المحال التردد إلا أنه دفع ثمن ذلك فيما بعد ، فقد احتسب من الثوار وأنه تنظيمي ، وكل تنظيمي غير مرغوب فيه من قبل الأهالي ، ينظرون إليه شزرا ويبتعدون عنه ، لا بل ينفرون ويشتمونه كلما أدبر. شارك بهمة عالية فأبعد بانفعال مصطنع أربعة كراسي . أي حرمان أربعة انتهازيين من الجلوس في المقهى. كان يقول بالإنتهازية لكنه لا يعرف معناها بالتحديد ، لكن صديق ترجمها: ( هو من ينتهز الفرص لصالحه ) . لم يشك قط في أنّ الجميع في نهاية المطاف كانوا انتهازيين إلا صديقه المخطوف والغائب إلى حال التاريخ ، وربما هو لو صدقه أحد.

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 07-10-2007 الساعة 02:04 PM
  رد مع اقتباس
قديم 07-10-2007, 03:59 PM   #50
الشبامي
المشرف العام
 
الصورة الرمزية الشبامي

افتراضي

شكرا اخي سالم على هذا الجهد المبذول
وشكرا للأستاذ سالم علي الجرو لتوثيقه هذه الحقبه التأريخيه المهمه
تم تثبيت الموضوع في سقيفة التميّز فهو متميّز بحق !!
التوقيع :
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اسر ضحايا 13 يناير تقدم اسماء ضحاياها لمجلس الامن والمحكمة الدولية؛؛؛؛؛ الخليفي الهلالي سقيفة الحوار السياسي 11 06-02-2011 02:35 PM
سالم الجرو والتحرش بكتابة التراث الشعبي والتاريخ الحضرمي الدموني تاريخ وتراث 10 04-19-2011 10:18 PM
هل نحتاج لانقلاب ليُصلح الحال سالم محمد باعباد الســقيفه العـامه 49 03-01-2011 07:39 PM
الحضارم السلفيون ابوسعدالنشوندلي سقيفة إسلاميات 0 12-12-2010 02:24 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas